قال المؤلف :" فصل: تسن زيارة القبور إلا لنساء " حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف رحمه الله تعالى " فصل تسن زيارة القبور " تسن والسنة عند الفقهاء ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه فهي في مرتبة بين المباح والواجب وسينتها ثابتة بالسنة والإجماع كما نقله النووي رحمه الله أما السنة فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله قال صلى الله عليه وسلم ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكركم الآخرة ) وأما فعله فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يخرج إلى البقيع فيسلم عليهم يقول " تسن زيارة القبور إلا للنساء ) فليست بسنة فقيل تكره وقيل تباح وقيل تحرم وقيل من الكبائر أربعة أقوال: تباح، تكره، تحرم، كبيرة، والمشهور من المذهب عند الحنابلة أنها تكره والكراهة عندهم للتنزيه يعني فلو زارت المرأة القبور فإنه لا إثم عليها والصحيح أنها من كبائر الذنوب زيارة المرأة للقبور ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن زائرات القبور واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب لأن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا وعيد شديد أما من جهة النظر فلأن المرأة ضعيفة التحمل قوية العاطفة سريعة الانفعال لا تتحمل أن تزور القبر وإذا زارته حصل لها من البكاء والعويل وربما شق الجيوب ولطم الخدود ونتف الشعور وما أشبه ذلك ثم إذا ذهبت وحدها إلى المقابر فالغالب أن المقابر تكون في مكان خال في أطراف البلد يخشى عليها من الفتنة أو العدوان عليها فكان القياس وهو النظر الصحيح موافقا للأثر وهو منعها من زيارة القبور ولعنها استثنى الأصحاب يعني الفقهاء والحنابلة استثنوا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبري صاحبيه وقالوا إن زيارة النساء لهذه القبور الثلاثة لا بأس بها وعللوا ذلك بأن زيارتهن لهذه القبور الثلاثة لا يصدق عليها أنها زيارة لأن بينها وبين هذه القبور ثلاثة جدر لأن بينها وبين هذه القبور ثلاثة جدر كما قال ابن القيم " فأجاب رب العالمين دعاءه *** وأحاطه بثلاثة الجدران " فهن وإن وقفن على الحجرة لم يصلن إلى القبر فلا تكون زيارتهن زيارة حقيقية وعلى هذا فيستثنى من قوله إلا للنساء قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبري صاحبيه والذي يترجح عندي أنه لا استثناء لأن وصولهن إلى محل القبور إما أن يكون زيارة أو لا يكون فإن كان زيارة وقعن في هذا في الكبيرة وإن لم تكن زيارة فلا فرق بين أن يحضرن إلى مكان القبر أو أن يسلمن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعيد وحينئذ يكون مجيئهن إلى القبور لغوا لا فائدة منه بل في زمننا هذا قد يكون هناك مزاحمة للرجال وأعمال لا تليق بالمرأة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن قال قائل ما تقولون في حديث عائشة رضي الله عنها أنها زارت قبر أخيها قلنا إن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يعارض بقول أحد كائنا من كان وهاهي عائشة تقول " شبهتمونا بالحمير والكلاب " يعني في قطع الصلاة إذا مرت المرأة من بين يدي المصلي مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صرح بأن هذه الثلاثة الكلب الأسود والحمار والمرأة تقطع الصلاة فهي رضي الله عنها غير معصومة ولا يمكن أن يستدل بفعلها على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن قيل ما تقولون في حديثها الثابت في صحيح مسلم حينما فقدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة وطلبته ثم أدركته في البقيع خرج في البقيع يسلم عليهم ثم رجع من البقيع ورجعت هي قبله حتى أدركها في البيت ثم سألها مالها حشة رابية يعني قد ثار نفسها فأخبرته وقالت يا رسول الله أرأيت يعني إن خرجت ماذا أقول؟ قال ( قولي السلام عليكم دار قوم مؤمنين ) إلى آخره فالجواب عن ذلك أن نقول يفرق بين المرأة إذا خرجت لقصد الزيارة وإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج أن تسلم على أهل القبور وأن تدعو لهم بما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة وأما إذا خرجت لقصد الزيارة فهذه زائرة للمقبرة فيصدق عليها اللعن.