قال المؤلف :" ويقول إذا زارها أو مر بها: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم " حفظ
الشيخ : قال " تسن زيارة القبور إلا للنساء ويقول إذا زارها " نقول يقولُ أو ويقولَ إن جعلنا الواو للاستئناف قلنا بالرفع يقول وإن جعلناها عطفا على زيارة قلنا ويقولَ لأن المضارع إذا عطف على اسم خالص نصب قال ابن مالك " وإن علا اسم خالص فعل عطف تنصبه أن ثابتا أو منحذف " وإن علا اسم خالص فعل عطف يعني المضارع تنصبه أن ثابتا يعني ثابتة أو منحذف محذوفة واستشهدوا لذلك بقول الشاعر " ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليّ من لبس الشفوف " قوله لبس عباءة وتقر بالنصب لأنها معطوفة على إيش؟ على لبس على اسم خالص مصدر طيب هنا ويقول عطفا على زيارة فعليه يكون المعنى ويسن أن يقول يسن أن يقول أما إذا جعلناها بالرفع فهي مستأنفة " ويقول إذا زارها أو مر بها " إذا زارها يعني قصد زيارتها وخرج إليها أو مر بها مرورا قاصدا غيرها " السلام عليكم دار قوم مؤمنين " السلام، السلام اسم من أسماء الله كما في آخر سورة الحشر (( السلام المؤمن )) لكنه في التحية لا يراد به اسم الله وإنما يراد به التسليم فهو اسم مصدر كالكلام بمعنى إيش التكليم والمعنى التسليم عليكم أي الدعاء بالسلامة عليكم والسلامة بالنسبة لأهل القبور قد يصعب على الإنسان تصورها يسلمون من إيش من المرض؟ لا، لكن من العذاب من العذاب قد يكون الإنسان في قبره معذبا ولو عذابا خفيفا فإذا سألت الله له السلامة سلم ثم أنت الآن تسلم على عموم القبور السلام عليكم وقوله السلام عليكم أتى بكاف الخطاب فهل الكاف هذه تدل على أنهم يسمعون لأنه لا يخاطب إلا من يسمع ما لم يقم دليل ظاهر على أن المخاطب لا يسمع وإنما قلت ما لم يقم دليل ظاهر لئلا يورد علينا مورد قول عمر رضي الله عنه في الحجر الأسود " إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك " فهنا خاطبه وهو حجر لكن أهل القبور هل هم يخاطبون مخاطبة الحجر أو مخاطبة السامع، الظاهر الثاني الظاهر الثاني وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن أن من سلم على قبر وهو يعرفه في الدنيا ردّ الله على صاحب القبر روحه فرد عليه السلام فلا يبعد أن يكون أهل المقبرة عموما إذا سلم عليهم يسمعون ولا نقيسهم بالحجر الأسود لأن الحجر الأسود عندنا دلالة حسية ملموسة وهي أنه حجر، أنه حجر وإن كان حجرا يسمع أيضا حتى لو كان حجر فإنه يسمع قال الله تعالى عن الأرض عموما (( يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها )) تحدث أخبارها أي ما عمل عليها من خير أو شر سواء كان قولا مسموعا أو فعلا مرئيا تحدث به يوم القيامة الجلود تنطق أنطقها الله الذي أنطق كل شيء فلا تستبعد هذه الأمور لأن قدرة الله عز وجل لا يمكن أن يدركها العقل فلا يبعد أنك إذا قلت لأهل المقبرة السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنهم يسمعون وقوله " دار قوم مؤمنين " دار قوم يعني يا دار قوم والمراد بالدار هنا أهلها كما في قوله تعالى (( واسأل القرية )) والمراد أهلها " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، لاحقون على إيش بالموت يعني إذا قلنا لاحقون بالموت ورد علينا إشكال وهو تعليق ذلك بمشيئة الله مع أنه محقق تعليقه بمشيئة الله مع أنه محقق والمحقق لا يحتاج إلى تعليق بالمشيئة التعليق بالمشيئة لأمر لا يدرى لا يدرى عنه فيوكل إلى الله عز وجل أما هذا مافيه شك كيف تعلقه بالمشيئة وأنت تعلم أنه حاصل ولابد (( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم )) ليس لاحقا لكم شوف الآية فإنه ملاقيكم ولم يقل فإنه ملاحقكم لأن اللاحق قد يدرك وقد لا يدرك لكن اللاقي؟ مدرك لا محالة نسأل الله أن يميتنا وإياكم على الحق المهم أنه يرد إشكال تعليق الشيء المحقق بالمشيئة غير وارد ولا مشروع فقيل في التخلص من هذا الإيراد وإنا إن شاء الله بكم لاحقون على الإيمان فيكون اللحوق معنويا لا حسيا بدليل قوله دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون على الإيمان أعرفتم؟ وحينئذ إذا كان المقصود لاحقون على الإيمان فالمشيئة مشروعة تعليق ذلك بالمشيئة مشروع ولكن يمكن أن نقول لاحقون على الإيمان وعلى الموت مع أن الذي يتبادر لزائر القبور الذي يقول وإنا إن شاء الله بكم لاحقون؟ الموت، هذا المتبادر فنقول أما إذا فسرنا اللحاق باللحاق على الإيمان فلا إشكال وإذا فسرنا اللحاق باللحاق على الموت فالجواب عن ذلك أن نقول إن التعليق هنا تعليل وليس تعليقا تعليل أي أن لحوقنا إياكم سيكون بمشيئة الله أو يكون التعليق هنا ليس على أصل الموت ولكن على وقت الموت فرق وإلا ما فيه فرق؟ ليس على أصل الموت لأنه محقق لكن على وقت الموت كأنه قال وإنا إذا شاء الله يعني متى ما شاء الله لحقنا بكم فيكون التعليق على إيش على وقت الموت يعني سنلحق بكم في الوقت الذي يشاء الله أن نلحق وتعليق هذا بالمشيئة واضح أننا لن نموت إلا إذا شاء الله موتنا في أي وقت فهذه ثلاثة أجوبة الأول أن المراد اللحاق على الإيمان، الثاني أن المراد باللحاق أصل الموت لكن التعليق للتعليل، الثالث أن المراد بالتعليق تعليق وقت يعني وقت الموت كأنه قال وإنا متى شاء الله أن نلحق بكم لحقنا بكم والمقصود من هذا من هذه الجملة المقصود توطين النفس على ما صار إليه هؤلاء من أجل تحقيق التذكر ثم قال " يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين " جملة خبرية لكنها خبرية لفظا إنشائية معنى يعني نسأل الله أن يرحم المستقدمين منكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية نسأل الله لنا ولكم العافية العافية من إيش؟ أما بالنسبة لنا فإن عافيتنا عافية حسية كعافية البدن وعافية معنوية من الذنوب والمعاصي أما العافية لأهل القبور فهي العافية من العذاب من عذاب القبر.