قال المؤلف :" ويجوز البكاء على الميت " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى " ويجوز البكاء على الميت " يجوز البكاء على الميت لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكى على ابنه إبراهيم وقال ( العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ) أو قال الرب ( وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) وبكى عند قبر إحدى بناته وهي تدفن ولكن هذا في البكاء الذي تمليه الطبيعة ولا يتكلفه الإنسان فأما الدعاء المتكلف فأخشى أن يكون من النياحة التي يحمل عليها قول النبي عليه الصلاة والسلام ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) إن الميت ليعذب يعني في قبره ببكاء أهله عليه فإن هذا الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد اختلف العلماء في تخريج هذا الحديث وقالوا كيف يعذب الإنسان على عمل غيره وقد قال الله تعالى (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ولأن تعذيب الإنسان بعمل غيره ظلم له فإنه عقوبة لغير الظالم بفعل الظالم وهذا ينافي عدل الله وحكمة الله عز وجل فكيف يكون هذا الأمر وأجيب بأجوبة منها أن هذا في حق من أوصى به أي قال لأهله إذا مت فابكوني وقيل هذا في حق من كانت عادتهم أي من كان في قوم عادتهم البكاء ولم ينه أهله عنه فيكون كأنه أقرهم على ما اعتاده الناس من هذا الأمر وقيل إن هذا في الكافر يعذّب ببكاء أهله عليه، وقيل إن التعذيب ليس تعذيب عقوبة ولكنه تعذيب ملل وشبهه ولا يلزم من التعذيب الذي من هذا النوع أن يكون عقوبة ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( السفر قطعة من العذاب ) قطعة من العذاب مع أن المسافر لا يعاقب لكنه يهتم للشيء ويتألم به فهكذا الميت يُعلم ببكاء أهله عليه فيتألم ويتعذب رحمة بهم وكونهم يبكون عليه وليس هذا من باب العقوبة وهذا الجواب هو أحسن الأجوبة أحسن الأجوبة أن يقال إن العذاب لا يلزم منه العقوبة ولا يراد به العقوبة ويؤتى بالشاهد أن السفر قطعة من العذاب ولكن هذا في غير البكاء الذي تمليه الطبيعة ويحصل للإنسان بدون اختيار فإن مثل هذا لا يؤلم أحدا لأنه مما جرت به العادة حتى الإنسان لا يتألم إذا رأى المصاب يبكي هذا البكاء المعتاد وإنما يتألم إذا بكى بكاء متكلفا أو زائدا عن العادة فإنه يتألم ويرحم هذا الباكي إذا البكاء على الميت حكمه الجواز إذا كان مما أملته الطبيعة لا متكلفا فإن كان متكلفا فإني أخشى أن يكون من النياحة ثم قال المؤلف رحمه الله وشق نعم ويحرم الندب.