الكلام على حكم تارك الزكاة وهل هو كحكم تارك الصلاة. حفظ
الشيخ : وقد ثبت عن الإمام أحمد رحمه الله في إحدى الرواياتان عنه أن تاركها بخلا يكفر كتارك الصلاة ولكن الصحيح أن تاركها لا يكفر والذين كفروا تاركها أو كفروا مانعها بخلا قالوا إن الله تعالى قال (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) فرتب ثبوت الأخوة على هذه الأوصاف الثلاثة إن تابوا من الشرك وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ولا يمكن أن تنتفي الأخوة في الدين إلا إذا خرج الإنسان من الدين أما إذا فعل الكبائر فهو أخ لنا وإن فعل الكثير فها هو القاتل عمدا قال الله فيه (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف )) من أخيه من أخوه؟ فما نفعه من أخيه أخوه المقتول والضمير يعود على القاتل فجعل الله المقتول أخا أخا للقاتل وقال الله تعالى في المقتتلين من المؤمنين (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) مع أن قتل المؤمن وقتاله من كبائر الذنوب فلا يمكن أن تنتفي الإخوة في الدين إلا بالكفر فقال هؤلاء العلماء إن الله تعالى رتب الأخوة في الدين على هذه الأوصاف الثلاثة إن تابوا يعني من الشرك وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ولا شك أن هذا القول له وجه جيد في الاستدلال بهذه الآية لكن هذه الآية دل حديث أبي هريرة الثابت في صحيح مسلم على أن الزكاة ليس حكمها حكم الصلاة حيث ذكر النبي عليه الصلاة والسلام مانع زكاة الذهب والفضة وذكر عقوبته ثم قال ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) فقال يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ولو كان كافرا لم يكن له سبيل إلى الجنة فإن قال قائل إذا قلتم هكذا أدخلتم التخصيص على الآية آية التوبة فلماذا لا تقولون ذلك في تارك الصلاة؟ لأن الحكم واحد إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين فالجواب عن ذلك أن تارك الصلاة وردت فيه نصوص تدل على كفره فمن أجل ذلك حكمنا بكفره لأن هذه النصوص الواردة في كفر تارك الصلاة نصوص قائمة وليس لها معارض يقاومه كل ما قيل في المعارضات فإنها لا تقاومه لا صحة ولا دلالة يعني ولا ثبوتا ولا دلالة وغاية ما يعارضون به النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة إما إجمال أو عموم أو شيء مقيد بحالة مخصوصة أما أن يوجد دليل يقول من ترك الصلاة فهو مؤمن أو من ترك الصلاة فله الجنة أو من لم يصل فهو مؤمن أو من لم يصلّ فهو في الجنة فهذا لم يوجد أبدا فإذا كان كذلك فلماذا نحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على الكفر الأصغر مع أنه لا دليل على هذا الحمل؟ أما لو جاءت الأدلة تقول من لم يصل فهو مؤمن أو من لم يصل فهو في الجنة لقلنا يجب أن نحمل النصوص المطلقة للكفر على تارك الصلاة على إيش؟ على الكفر الأصغر لكن مافيه دليل أبدا الأدلة قسمناها إلى خمسة أقسام إما أنه لا دليل فيها أصلا مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) لأننا نقول إن ترك الصلاة شرك كما في حديث جابر في مسلم ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وإما أنها عامة ومعلوم أن العام يخصص بالخاص هذه طريقة أهل العلم مثل ( من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) هذا عام يخصص بتارك الصلاة ويخصص أيضا بجاحد بعض الأشياء لو جحد آية من القرآن آية من القرآن جحدها كفر وهو يقول لا إله إلا الله أو أنها مقيدة بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة مثل حديث عتبان يقول ( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) وهل من المعقول أن رجلا يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله أن يحافظ على ترك الصلاة؟ أبدا لو كان صادقا في ابتغاء وجه الله ما حافظ على ترك الصلاة يقول لا إله إلا الله أبتغي بذلك وجه الله ولا أصلي هذا مو معقول أو يكون مقيدا بحال يعذر فيها كحديث حذيفة في قوم اندرس الإسلام فيهم ولم يعرفوا عن الإسلام شيئا إلا قول لا إله إلا الله فهؤلاء لا شك أنهم ما داموا ينتمون إلى الإسلام ولكن لم يعرفوا من الإسلام إلا هذه الكلمة العظيمة فهم معذورون ومستحقون لدخول الجنة لأن هذا غاية ما يمكنهم وقد قال الله تعالى (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) وأما حديث الشفاعة في أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط فإن من العجب أن يستدل به هؤلاء على أن تارك الصلاة لا يكفر وهم لا يستدلون به على أن تارك كلمة التوحيد لا يكفر أعظم الخير وأخير الخير قول لا إله إلا الله وهم لا يقولون بأن من ترك لا إله إلا الله يخرج من النار فنقول إذا أخذتم بعموم هذا الحديث فخذوا به في حق أنفسكم وفي حق غيركم قولوا لم يعمل خيرا قط ومن الخير قول لا إله إلا الله أخرجوا من لم يقل لا إله إلا الله من النار على كلامكم فإذا كان عندنا دليل يدل على كفر تارك الصلاة فنقول هذا كافر أصلا والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين سواء عمل خيرا أم لم يعمل خيرا والمسألة واضحة جدا ولكن كما قلت وأكرر وأسأل الله أن يعينني أيضا على تنفيذ ما أقول أن الإنسان يستدل قبل أن يفهم يعني بعض العلماء تعاظم أن نقول لرجل يقول أشهد ألا إله إلا الله وأن الله رب العالمين وهو الواحد ولا أشرك به شيئا وبيده ملكوت السماوات والأرض ولكن لا أصلي تعاظم أن يقول لهذا إنه كافر وما لنا لا نقول كافر وقد كفره الرسول عليه الصلاة والسلام أرحم الخلق بالخلق رسول الله وقال ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وقال ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ثم كلام الرب العالمين (( إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) نحن لا نحكم على أحد لا بإيمان ولا بكفر ولا بفجور ولا ببر ولا على عمل أنه حلال أو حرام أو واجب إلا بكتاب الله وسنة رسوله ليس الحكم إلينا الحكم إلى الله ورسوله فإذا حكم الله على شخص بالكفر فإننا لا نتهيب أن نقول هو كافر لا نتهيب فالمسألة عند التأمل واضحة لكن الإنسان يستكبرها ويستعظمها ثم يحاول أن يؤول النصوص أو يستدل بنصوص لا دلالة فيها بقي عندنا القسم الخامس من الأدلة التي عارضوا بها الأدلة القائمة أحاديث ضعيفة ومعلوم أن الضعيف لا يقاوم الصحيح هذا أمر متفق عليه فإذا كان لدينا أحاديث ضعيفة وأحاديث صحيحة فالواجب علينا أن نأخذ بالأحاديث الصحيحة نعم.