شرح قول المصنف : " ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب ". حفظ
الشيخ : ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى المسألة الثانية وهي قوله " ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب " "لا زكاة" أي لا زكاة واجبة في مال من عليه دين ينقص النصاب يعني إذا كان عند الإنسان نصاب من الذهب أو من الفضة أو من الحبوب أو من الثمار أو من المواشي ولكن عليه ديْنا ينقص النصاب فلا زكاة فيما عنده، مثال ذلك رجل بيده مائة ألف وعليه تسعة وتسعون ألفا وتسعمائة فالذي عنده الأن الزائد مائة، المائة دون النصاب ليس عليها زكاة، لماذا؟ لأن الزكاة إنما تجب مواساة ليواسي الغني الفقير ومن عليه دين فهو فقير، من عليه دين فهو الفقير ولأنه رُوِيَ عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يخطب فيقول " إن هذا شهر زكاة أموالكم فمن كان عليه دين فليقْضه ثم ليزكه " وعثمان أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم فالمسألة إذًا فيها أثر وفيها نظر يعني دليل أثري ودليل نظري، الدليل الأثري أثر عثمان رضي الله عنه والدليل النظري أن الزكاة إنما تجب مواساةً للفقير والمدين كالفقير هو يحتاج إلى أحد أن يعطيه ليوفي دينه ولا فرق بين الدين المؤجّل والدين الحال، كله سواء يعني إذا كان عليه دين ولو لم يحل إلا بعد عشر سنوات وبيده مال ينقصه الدين عن النصاب فلا زكاة عليه، مثاله رجل عليه عشرة ألاف درهم تحِلّ بعد عشر سنوات وبيده الأن عشرة ألاف درهم نقول لا زكاة عليه وهذا هو المشهور من المذهب وعرفتم ما تمسّكوا به من الأدلة.
الدليل الأول على أنه لا زكاة في من عليه دين ينقُصُ النصاب، لا زكاة في ماله؟
السائل : ... .
الشيخ : ما هو؟
السائل : ... .
الشيخ : والمدين كالفقير، طيب، والثاني الأثري؟
السائل : ... .
الشيخ : عمر وإلا عثمان؟
السائل : عثمان.
الشيخ : نعم، أنه كان يقول " إن هذا شهر زكاة أموالكم فمن كان عليه دين فليؤدّه ثم ليزكّه " وهذا أحد الأقوال في المسألة، القول الثاني أنه لا أثر للدين في منع الزكاة وأن من كان عنده نصاب فليُزكّه ولو كان عليه دين ينقُصُ النصاب أو يستغرق النصاب أو يزيد على النصاب واستدل هؤلاء بالعمومات الدالة على وجوب الزكاة في كل ما بلغ نصابا مثل حديث أنس بن مالك في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر " وفي الرقة، في كل مائتي درهم ربع العشر " الرقة هي الفضة في كل مائتي درهم ربع العشر وكذلك ذكر في سائمة بهيمة الأنعام " في كل خمس من الإبل شاة وفي كل أربعين شاة شاة " وهكذا واستدلوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يبعث العمال الذين يقبضون الزكاة من أهل المواشي ومن أهل الثمار ولا يأمرهم بالإستفصال هل عليهم دين أم لا، مع أن الغالب أن أهل الثمار عليهم ديون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لأن من عادتهم أنهم يُسلفون في الثمار، السنة والسنتين فيكون على صاحب البستان دين سلم ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يخرص عليهم ثمارهم ويزكونها.
واستدلوا بدليل ثالث أن الزكاة تجب في المال (( خذ من أموالهم صدقة )) وبعث النبي صلى الله عليه وأله وسلم معاذا إلى اليمن وقال ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) والدين يجب في الذّمّة ما هو في المال ولذلك لو تلف المال الذي بيده كله لم يسقط عنه شيء من الدين لو استقرض مالا واشترى به سلعا للبيع والشراء والإتجار ثم هلك المال، هلك، هل يسقط الدين؟
السائل : ... .
الشيخ : لماذا؟
الحضور : ... .
الشيخ : لأنه يتعلق بالذمة والزكاة تجب في عين المال فالجهة منفكّة وحينئذ لا يحصل تصادم أو تعارض، وأما أثر عثمان رضي الله عنه فإننا نُسلّم أنه إذا كان على الإنسان دين حال وقام بالواجب وهو أداؤه فليس عليه زكاة لأنه سيؤدي من ماله وسبْق الدين يقتضي أن يُقدّم في الوفاء، سبق الدين على الزكاة لأن الزكاة متى تجب؟ إذا تَمّ الحول والدين سابق فكان لسبقه أحق بالتقديم من الزكاة ونحن نقول لمن اتقى الله وأوفى ما عليه لا زكاة عليك إلا في ما بقى أما شخص لا يوفي ما عليه ويُماطل وينتفع بالمال ثم نقول هذا الدين الذي عليك يسقط الزكاة فهذا لا يتطابق مع الأثر.
وأما الدليل النظري أن الزكاة وجبت مواساة فنحن أولا نمانع في هذا الشيء، أهم شيء في الزكاة ما ذكره الله عز وجلّ (( خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها )) أنها عبادة يَطْهر بها الإنسان من الذنوب فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وتزكو بها النفوس ويشعر الإنسان فيها إذا بذلها بانشراح صدر واطمئنان قلب فليس المقصود من الزكاة هو المادة فقط ثم على فرض أن من أهدافها المواساة فإن هذا لا يقتضي تخصيص العمومات لأن تخصيص العمومات معناه إبطال جانب منها وهو الذي أخرجناه بالتخصيص وإبطال جانب من مدلول النص ليس بالأمر الهيّن الذي يقوى عليه علّة مستنبطة قد تكون عليلة وقد تكون سليمة وقد تكون حية وقد تكون ميّتة، نعم لو نص الشارع على هذا لكان للإنسان مجال أن يقول إن المدين ليس أهلا للمواساة، هو يحتاج من يواسيه وأما حاجة المدين فحاجة المدين على العين والرأس وعلى الرحب والسّعة هو أحد الأصناف الذين تُدفع إليهم الزكاة لقضاء حاجتهم، في أي صنف؟ في الغارمين، ونقول نحن نقضي دينك من الزكاة، أنت تعبّد الله بأداء الزكاة ونحن نقضي دينك منها فإن قال قائل كيف يمكن هذا أن يكون الإنسان مزَكٍّ ومزكًّى عليه؟ هذا ليس فيه غرابة، لو كان عند الإنسان نصاب أو نصابان لا يكفيانه للمؤونة لكنهما يبقيان عنده إلى الحول فهنا نقول نُعطيه للمؤونة ونأمره بالزكاة ولا تناقض.
هذان قولان متقابلان، القول الأول لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب ولو كان لا يحل إلا بعد عشرين سنة وبناءً على ذلك يمكن أن نقول كل من عليه دين لصندوق التنمية العقاري لا زكاة عليه ولو كان عنده خمسين ألف مادام عليه مائة ألف ما عليه زكاة وهذه مشكلة.
القول الثاني عكس هذا أن الزكاة واجبة ولو كان عليه دين يستغرق وذكرنا الأدلة على ذلك وأجبنا عن أدلة القائلين بسقوط الزكاة.
القول الثالث قول وسط يقول الأموال الظاهرة تجب فيها الزكاة ولو كان عليه دين ينقص النّصاب والأموال الباطنة لا تجب فيها الزكاة إذا كان عليه دين ينقص النصاب، الأموال الظاهرة ما هي؟ الحبوب والثمار والمواشي، هذه أموال ظاهرة والأموال الباطنة الذهب والفضة والعروض، هؤلاء قالوا إن لدينا دليلا وهو أولا العمومات ( في كل أربعين شاة شاة ) عام، ثانيا أن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يبعث العمال لقبض الزكاة من الأموال الظاهرة دون أن يأمرهم بالإستفصال مع أن الغالب على أهل الثمار الغالب عليهم أن تكون عليهم ديون، ثالثا أن الأموال الظاهرة تتعلق بها أطماع الفقراء لأنهم يُشاهدونها فإذا لم يؤدّ زكاتها بحجّة أن عليه ديْنا والدين من الأمور الباطنة لأن المدين ليس يكتب على سيارته وعلى ظاهر بيته أنه مدين فهو من الأمور الباطنة فإذا رأى الناس أنه لم يؤد الزكاة عن هذه الأموال الظاهرة فإن ذلك فيه إساءة ظن به وفيه إيغال للصدور، صدور من؟ الفقراء، فلهذا نقول الأموال الباطنة لا زكاة في من عليه دين ينقص النصاب فيها والأموال الظاهرة عليها الزكاة ولكن هذا القول وإن كان يبدو في بادئ الرأي أنه قوي لكنه عند التأمّل ضعيف لأن استدلالهم بالعمومات يشمل الأموال الباطنة لا شك ولأن كون الرسول عليه الصلاة والسلام يبعث العمال ولا يستفصلون يدل على أن الزكاة تتعلق بالمال تتعلق بالمال ولا علاقة للذمة فيها وهذا لا فرق فيه بين المال الظاهر والمال الباطن ولأن الدين أمر باطن يستوي فيه الأموال الظاهرة والأموال الباطنة وإذا قلنا أنها مواساة فلا فرق بين هذا وهذا ولأن ما زعموا أنه أموال باطنة فيه نظر فالتاجر عند الناس تاجر ومعروف قد يكون عنده مثلا معارض سيارات ومخازن أدوات، نعم، وأنواع عظيمة من الأقمشة ودكاكين كثيرة من المجوهرات، أيهما أظهر هذا أو غنيمات في نقرة بين رمال عند بدوي لا يُعرف في السوق ولا مرة؟ قولوا؟
الحضور : الأول.
الشيخ : الأول، فالبطون والظهور أمر نسبي قد يكون الظاهر باطنا وقد يكون الباطن ظاهرا والذي أنا أرجّحه أن الزكاة واجبة مطلقا ولو كان عليه دين ينقص النصاب إلا ديْنا وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده وبذلك تبرأ الذمة ونحُث إذا قلنا بهذا القول فإننا نحثّ أهل المدينين على إيش؟ على الوفاء إذا قلنا يا أخي أنت عند الأن، عليك مائة ألف وعندك مائة وخمسين ألف والدين حال، أدّ الدّين وإلا أوجبنا عليك الزكاة في المائة ألف فهنا يقول أؤدي الدين لأن الدين لن أؤديه مرتين فأؤدي الدين.
وهذا الذي اخترناه اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز والأول الذي يُفرّق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمان بن سعدي فلنا شيخان في هذه المسألة، شيخ يقول بالتوفيق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة وشيخ يقول لا فرق، كلها لا يمنعها الدين لا يمنع الزكاة وجوب الدين ولو كان ينقص النصاب وهذا القول الأخير هو الذي أنا أرجّحه وأرى أنه أحْوَط وأبرأ للذمة والحمد لله ما نقصت صدقة من مال، من يقوله؟ المعصوم عليه الصلاة والسلام، رسول الله عليه الصلاة والسلام ( ما نقصت صدقة من مال ) وكم من إنسان يُوقّي ماله ما أوجب الله عليه ثم يبتليه الله بشيء يُنفذ ماله، كذا؟ كم من إنسان يمنع الزكاة ثم تأتيه آفات في ماله احتراق، ضياع، أمراض تعتريه أو تعتري أهله، تستنفذ أموالا كثيرة وكم من إنسان يُبتلى ويبقى المال عنده مع قصوره في الواجب ولكنه يكون من باب البلوى.
إذًا فالأقوال في الدين الذي على الإنسان إذا كان يمنع الزكاة ثلاثة، الأول من يعرف؟ خالد؟
السائل : ظاهرا وباطنا.
الشيخ : أنه يمنع الزكاة في المال الظاهر والباطن، طيب، الثاني يا خالد؟
السائل : ... لا في الظاهر وفي الباطن.
الشيخ : أنه لا يمنع الزكاة لا في الظاهر ولا في الباطن.
السائل : ... .
الشيخ : أنه لا يمنعها في الأموال الظاهرة ويمنعها في الأموال الباطنة، وعرفتم دليل كل قول وتعليله وعرفتم الراجح في هذه المسألة.
يقول رحمه الله " ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب " وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون الدين من جنس ما عنده أو من غير جنسه فإذا كان عليه دين من الذهب وعنده فضة فلا زكاة فيها، دين من الفضة وعنده مواشي فلا زكاة فيها، كل هذا على كلام المؤلف.
الدليل الأول على أنه لا زكاة في من عليه دين ينقُصُ النصاب، لا زكاة في ماله؟
السائل : ... .
الشيخ : ما هو؟
السائل : ... .
الشيخ : والمدين كالفقير، طيب، والثاني الأثري؟
السائل : ... .
الشيخ : عمر وإلا عثمان؟
السائل : عثمان.
الشيخ : نعم، أنه كان يقول " إن هذا شهر زكاة أموالكم فمن كان عليه دين فليؤدّه ثم ليزكّه " وهذا أحد الأقوال في المسألة، القول الثاني أنه لا أثر للدين في منع الزكاة وأن من كان عنده نصاب فليُزكّه ولو كان عليه دين ينقُصُ النصاب أو يستغرق النصاب أو يزيد على النصاب واستدل هؤلاء بالعمومات الدالة على وجوب الزكاة في كل ما بلغ نصابا مثل حديث أنس بن مالك في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر " وفي الرقة، في كل مائتي درهم ربع العشر " الرقة هي الفضة في كل مائتي درهم ربع العشر وكذلك ذكر في سائمة بهيمة الأنعام " في كل خمس من الإبل شاة وفي كل أربعين شاة شاة " وهكذا واستدلوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يبعث العمال الذين يقبضون الزكاة من أهل المواشي ومن أهل الثمار ولا يأمرهم بالإستفصال هل عليهم دين أم لا، مع أن الغالب أن أهل الثمار عليهم ديون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لأن من عادتهم أنهم يُسلفون في الثمار، السنة والسنتين فيكون على صاحب البستان دين سلم ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يخرص عليهم ثمارهم ويزكونها.
واستدلوا بدليل ثالث أن الزكاة تجب في المال (( خذ من أموالهم صدقة )) وبعث النبي صلى الله عليه وأله وسلم معاذا إلى اليمن وقال ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) والدين يجب في الذّمّة ما هو في المال ولذلك لو تلف المال الذي بيده كله لم يسقط عنه شيء من الدين لو استقرض مالا واشترى به سلعا للبيع والشراء والإتجار ثم هلك المال، هلك، هل يسقط الدين؟
السائل : ... .
الشيخ : لماذا؟
الحضور : ... .
الشيخ : لأنه يتعلق بالذمة والزكاة تجب في عين المال فالجهة منفكّة وحينئذ لا يحصل تصادم أو تعارض، وأما أثر عثمان رضي الله عنه فإننا نُسلّم أنه إذا كان على الإنسان دين حال وقام بالواجب وهو أداؤه فليس عليه زكاة لأنه سيؤدي من ماله وسبْق الدين يقتضي أن يُقدّم في الوفاء، سبق الدين على الزكاة لأن الزكاة متى تجب؟ إذا تَمّ الحول والدين سابق فكان لسبقه أحق بالتقديم من الزكاة ونحن نقول لمن اتقى الله وأوفى ما عليه لا زكاة عليك إلا في ما بقى أما شخص لا يوفي ما عليه ويُماطل وينتفع بالمال ثم نقول هذا الدين الذي عليك يسقط الزكاة فهذا لا يتطابق مع الأثر.
وأما الدليل النظري أن الزكاة وجبت مواساة فنحن أولا نمانع في هذا الشيء، أهم شيء في الزكاة ما ذكره الله عز وجلّ (( خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها )) أنها عبادة يَطْهر بها الإنسان من الذنوب فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وتزكو بها النفوس ويشعر الإنسان فيها إذا بذلها بانشراح صدر واطمئنان قلب فليس المقصود من الزكاة هو المادة فقط ثم على فرض أن من أهدافها المواساة فإن هذا لا يقتضي تخصيص العمومات لأن تخصيص العمومات معناه إبطال جانب منها وهو الذي أخرجناه بالتخصيص وإبطال جانب من مدلول النص ليس بالأمر الهيّن الذي يقوى عليه علّة مستنبطة قد تكون عليلة وقد تكون سليمة وقد تكون حية وقد تكون ميّتة، نعم لو نص الشارع على هذا لكان للإنسان مجال أن يقول إن المدين ليس أهلا للمواساة، هو يحتاج من يواسيه وأما حاجة المدين فحاجة المدين على العين والرأس وعلى الرحب والسّعة هو أحد الأصناف الذين تُدفع إليهم الزكاة لقضاء حاجتهم، في أي صنف؟ في الغارمين، ونقول نحن نقضي دينك من الزكاة، أنت تعبّد الله بأداء الزكاة ونحن نقضي دينك منها فإن قال قائل كيف يمكن هذا أن يكون الإنسان مزَكٍّ ومزكًّى عليه؟ هذا ليس فيه غرابة، لو كان عند الإنسان نصاب أو نصابان لا يكفيانه للمؤونة لكنهما يبقيان عنده إلى الحول فهنا نقول نُعطيه للمؤونة ونأمره بالزكاة ولا تناقض.
هذان قولان متقابلان، القول الأول لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب ولو كان لا يحل إلا بعد عشرين سنة وبناءً على ذلك يمكن أن نقول كل من عليه دين لصندوق التنمية العقاري لا زكاة عليه ولو كان عنده خمسين ألف مادام عليه مائة ألف ما عليه زكاة وهذه مشكلة.
القول الثاني عكس هذا أن الزكاة واجبة ولو كان عليه دين يستغرق وذكرنا الأدلة على ذلك وأجبنا عن أدلة القائلين بسقوط الزكاة.
القول الثالث قول وسط يقول الأموال الظاهرة تجب فيها الزكاة ولو كان عليه دين ينقص النّصاب والأموال الباطنة لا تجب فيها الزكاة إذا كان عليه دين ينقص النصاب، الأموال الظاهرة ما هي؟ الحبوب والثمار والمواشي، هذه أموال ظاهرة والأموال الباطنة الذهب والفضة والعروض، هؤلاء قالوا إن لدينا دليلا وهو أولا العمومات ( في كل أربعين شاة شاة ) عام، ثانيا أن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يبعث العمال لقبض الزكاة من الأموال الظاهرة دون أن يأمرهم بالإستفصال مع أن الغالب على أهل الثمار الغالب عليهم أن تكون عليهم ديون، ثالثا أن الأموال الظاهرة تتعلق بها أطماع الفقراء لأنهم يُشاهدونها فإذا لم يؤدّ زكاتها بحجّة أن عليه ديْنا والدين من الأمور الباطنة لأن المدين ليس يكتب على سيارته وعلى ظاهر بيته أنه مدين فهو من الأمور الباطنة فإذا رأى الناس أنه لم يؤد الزكاة عن هذه الأموال الظاهرة فإن ذلك فيه إساءة ظن به وفيه إيغال للصدور، صدور من؟ الفقراء، فلهذا نقول الأموال الباطنة لا زكاة في من عليه دين ينقص النصاب فيها والأموال الظاهرة عليها الزكاة ولكن هذا القول وإن كان يبدو في بادئ الرأي أنه قوي لكنه عند التأمّل ضعيف لأن استدلالهم بالعمومات يشمل الأموال الباطنة لا شك ولأن كون الرسول عليه الصلاة والسلام يبعث العمال ولا يستفصلون يدل على أن الزكاة تتعلق بالمال تتعلق بالمال ولا علاقة للذمة فيها وهذا لا فرق فيه بين المال الظاهر والمال الباطن ولأن الدين أمر باطن يستوي فيه الأموال الظاهرة والأموال الباطنة وإذا قلنا أنها مواساة فلا فرق بين هذا وهذا ولأن ما زعموا أنه أموال باطنة فيه نظر فالتاجر عند الناس تاجر ومعروف قد يكون عنده مثلا معارض سيارات ومخازن أدوات، نعم، وأنواع عظيمة من الأقمشة ودكاكين كثيرة من المجوهرات، أيهما أظهر هذا أو غنيمات في نقرة بين رمال عند بدوي لا يُعرف في السوق ولا مرة؟ قولوا؟
الحضور : الأول.
الشيخ : الأول، فالبطون والظهور أمر نسبي قد يكون الظاهر باطنا وقد يكون الباطن ظاهرا والذي أنا أرجّحه أن الزكاة واجبة مطلقا ولو كان عليه دين ينقص النصاب إلا ديْنا وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده وبذلك تبرأ الذمة ونحُث إذا قلنا بهذا القول فإننا نحثّ أهل المدينين على إيش؟ على الوفاء إذا قلنا يا أخي أنت عند الأن، عليك مائة ألف وعندك مائة وخمسين ألف والدين حال، أدّ الدّين وإلا أوجبنا عليك الزكاة في المائة ألف فهنا يقول أؤدي الدين لأن الدين لن أؤديه مرتين فأؤدي الدين.
وهذا الذي اخترناه اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز والأول الذي يُفرّق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمان بن سعدي فلنا شيخان في هذه المسألة، شيخ يقول بالتوفيق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة وشيخ يقول لا فرق، كلها لا يمنعها الدين لا يمنع الزكاة وجوب الدين ولو كان ينقص النصاب وهذا القول الأخير هو الذي أنا أرجّحه وأرى أنه أحْوَط وأبرأ للذمة والحمد لله ما نقصت صدقة من مال، من يقوله؟ المعصوم عليه الصلاة والسلام، رسول الله عليه الصلاة والسلام ( ما نقصت صدقة من مال ) وكم من إنسان يُوقّي ماله ما أوجب الله عليه ثم يبتليه الله بشيء يُنفذ ماله، كذا؟ كم من إنسان يمنع الزكاة ثم تأتيه آفات في ماله احتراق، ضياع، أمراض تعتريه أو تعتري أهله، تستنفذ أموالا كثيرة وكم من إنسان يُبتلى ويبقى المال عنده مع قصوره في الواجب ولكنه يكون من باب البلوى.
إذًا فالأقوال في الدين الذي على الإنسان إذا كان يمنع الزكاة ثلاثة، الأول من يعرف؟ خالد؟
السائل : ظاهرا وباطنا.
الشيخ : أنه يمنع الزكاة في المال الظاهر والباطن، طيب، الثاني يا خالد؟
السائل : ... لا في الظاهر وفي الباطن.
الشيخ : أنه لا يمنع الزكاة لا في الظاهر ولا في الباطن.
السائل : ... .
الشيخ : أنه لا يمنعها في الأموال الظاهرة ويمنعها في الأموال الباطنة، وعرفتم دليل كل قول وتعليله وعرفتم الراجح في هذه المسألة.
يقول رحمه الله " ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب " وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون الدين من جنس ما عنده أو من غير جنسه فإذا كان عليه دين من الذهب وعنده فضة فلا زكاة فيها، دين من الفضة وعنده مواشي فلا زكاة فيها، كل هذا على كلام المؤلف.