شرح قول المصنف : " باب زكاة الحبوب والثمار : تجب في الحبوب كلها ولو لم تكن قوتا وفي كل ثمر يكال ويدخر كتمر وزبيب ". حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب زكاة الحبوب والثّمار " قال المؤلف " تجب في الحبوب كلّها ولو لم تكن قوتا " الأصل في وجوبها قوله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض )) ومن هنا للتبعيض، التبعيض باعتبار الجنس وباعتبار الفرد يعني لا كل المُخْرج ولا كل ما يخرج وقوله تعالى (( وهو الذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنخل والزّرع مختلفا أكله والزّيتون والرّمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حقّه يوم حصاده )) وقوله صلى الله عليه وسلّم ( فيما سقت السّماء العُشْر وفيما سقي بالنّضح نصف العشر ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) كل هذه النّصوص تدل على وجوب الزّكاة فيما يخرج من الأرض لكن لا في كل شيء ولا في كل نوع بل هو مخصوص نوعا ومقدّر كمّا يعني ما له مقدار معيّن ونوع معيّن مما يخرج من الأرض، فما هو الضابط في هذا؟
اختلف العلماء في ذلك اختلافا غير قليل فالمشهور من مذهب الإمام أحمد ما ذكره المؤلف في قوله " تجب في الحبوب كلّها ولو لم تكن قوتا وفي كل ثمر يُكال ويدّخر " ، الحبوب ما يخرج من الزّروع والبقول وما أشبه ذلك مثل البر، الشّعير، الرّز، الذّرة، الدُّخْن وغيرها وقوله " ولو لم تكن قوتا " هذه إشارة خلاف مثل حبّ الرّشاد والكُسبرة والحبّة السّوداء وما أشبهها، هذه غير قوتا لكنها حبّ يخرج من الزّروع.
" وفي كل ثمر يُكال ويدّخر " الثّمر ما يخرج من الأشجار فكل ثمر يُكال ويدّخر تجب فيه الزّكاة والثّمر الذي لا يُكال ولا يُدّخر لا تجب فيه الزّكاة ولو كان يؤكل إذا كان لا يدّخر مثل الفواكه والخضروات بجميع أنواعها ليس فيها زكاة لأنها لا تُكال ولا تدّخر، مثال الذي يُكال ويدّخر قال " كتمر وزبيب " التّمر يُكال والزبيب يُكال ويُدّخر ولا عبرة باختلاف الكيل والوزن فإن التمر عندنا في عرفنا يوزن وكذلك الزّبيب لكن لا عبرة بذلك، العبرة بما كان في عهد الرّسول صلى الله عليه وأله وسلّم وهذا التّمر والزّبيب مما يُكال ويُدّخر، عندي في الشّرح زيادة لوز وفستق وبندق وما أشبه ذلك.
المهم المؤلف ذكر ضابطا في الحبوب كل الحبوب وإن لم تكن قوتا، في الثّمار، كل ثَمَر يُكال ويدّخر فخرج ما لا يكال وما لا يدّخر، طيب.
وإذا كان يدّخر ولا يُكال فلا زكاة فيه، وإذا كان يُكال ولا يدّخر فلا زكاة فيه لأن المؤلف اشترط شرطين أن يُكال وأن يُدّخر والمراد بالإدّخار أن يكون عامّة الناس يدّخرونه لأن من الناس من لا يدّخر التّمر قد يأكله رطبا وكذلك العنب قد يؤكل رطْبا لكن العبرة بما عليه عامّة الناس في هذا النوع.
وعن أحمد رواية أنه لا تجب إلا في أربعة أشياء، في الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب فقط لحديث ورد في ذلك لكن لو صح هذا الحديث لكان فاصلا للنزاع إلا أنه ضعيف وقال بعض العلماء تجب في الزّيتون لأن الله قال (( وهو الذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنّخل والزّرع مختلفا أكله والزّيتون والرّمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حقّه يوم حصاده )) ولكن يَلزم على هذا القول أن تجب الزّكاة في الرّمان وهي لا تجب فيه على قولهم لأنهم سلّموا أنها تجب في الزّيتون ولم يُسلّموا أنها تجب في الرّمان، وقال بعض العلماء تجب في كل ما يخرج من الأرض إلا ما يُنبته الله فكل شيء يخرج مما يزرعه الآدمي من فواكه وغير فواكه تجب، لكن أقرب ما يكون من الأقوال هو ما ذهب إليه المؤلف والدّليل على هذا قول الرّسول عليه السلام ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) فدل هذا على اعتبار التّوسيق والتّوسيق يعني التّحميل يعني الوسق هو الحمل وهو معروف عندهم أن الوسق ستّون صاعا بصاع النّبي صلى الله عليه وأله وسلّم فتكون الخمسة أوساق ثلاثمائة صاع بصاع النّبي صلى الله عليه وسلم وهي بأصواعنا حسب ما ذكر لنا مشايخنا مائتين وثلاثين صاع وزيادة صاع نبوي وعلى حسب ما اعتبرناه في الوزن إذا جعلنا الصاع كيلوين وأربعين غراما، ثلائمائة صاع؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم، ستّمائة واثني عشر، تكون ستّمائة كيلو واثنا عشر بالبر الرّزين الجيد، فيُتّخذ إناء يسع مثل هذا الوزن ثم يُقاس عليه.
الخلاصة الأن الحبوب والثّمار تجب فيها الزّكاة بشرط أن تكون مكيلة مدّخرة فإن لم تكن كذلك فلا زكاة فيها هذا هو أقرب الأقوال وعليه المعتمد إن شاء الله.
قال " كتمر وزبيب " التّمر ثمر النّخل والزّبيب ثمر العنب واختلف العلماء رحمهم الله في العنب الذي لا يُزبّب لأن بعض العنب لا يكون زبيبا مهما يبّسته لا يكون زبيبا فقال بعضهم إنه لا زكاة فيه لأنه مُلْحق بالفواكه يؤكل فاكهة لا يدّخر، وقال بعضهم بل تجب فيه الزّكاة وإن لم يُزبّب كما لو كان بعض التمر لا يؤكل إلا رُطَبا وهذا هو الذي عليه عمل الناس اليوم أنهم يأخذون الزكاة من العنب وإن لم يُزبّب.
يقول المؤلف رحمه الله " ويُعتبر بلوغ نصاب " يُعتبر يعني يشترط لوجوب الزّكاة بلُوغُ نصاب قدره ألف وستّمائة رِطْل عراقي، لكن بأي شيء يُعتبر هذا الوزن؟ هناك شيء خفيف وهناك شيء ثقيل اعتبره العلماء بالبّر الرّزين يعني الجيّد الدّجِن فتتّخذ إناءً يسع هذا الوزن من البر.