الأقوال في مسألة حكم الصيام إذا اختلفت المطالع. حفظ
الشيخ : وقال بعض أهل العلم لا يجب إلا على من رءاه أو كان في حُكْمهم، ومن هو الذي في حكمهم؟ من وافقت مطالع الهلال عنده مطالع الهلال عند من رءاه فإذا اتفقت المطالع فإنه يجب الصوم وإذا اختلفت لم يجب قال شيخ الإسلام رحمه الله " تختلف مطالع الهلال باتفاق أهل المعرفة " أي معرفة بالفلك وجريان الشمس والقمر فإن اتفقت لزِم الصوم وإلا فلا، إن اتفقت لزِم الصوم وإلا فلا وهذا القول أقوى من الأول وأصحّ لدلالة الأثر والنظر الصحيح عليه، أما الأثر فلقوله تعالى (( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) والقوم الأخرون الذين لا يُوافقون من شهده في المطالع لا يقال إنهم شهدوه لا حقيقة ولا حُكْما والله عز وجل إنما أوْجب الصوم على من شهِده ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) فعلّل الأمر بالصوم بالرؤية ومن يُخالف من رءاه في المطالع لا يقال إنه رءاه لا حقيقة ولا حُكْما.
وأما القياس فإن التوقيت اليومي يختلف فيه المسلمون بالنص والإجماع، التوقيت اليومي إمساكا وإفطارا يختلف فيه المسلمون بالنص والإجماع فإذا طلع الفجر في المشرق فهل يلزم أهل المغرب أن يُمسكوا؟ كيف؟
السائل : ... .
الشيخ : (( كلوا واشربوا )) الخطاب للأمة (( حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) تبيّن لنا في المشرق، نقول لأهل المغرب، نعم، أمسكوا، طيب، غابت الشمس في المشرق وأهل المغرب صائمون والوقت عندهم أول النهار نقول غربت الشمس فأفطروا، طيب، ليش ما نقول؟ أليس إذا دخل هلال شوال ورئي هلال شوال وهو وقت الفطر على هذا القول اللي هو المذهب يُفطر الناس جميعا وإذا رئي هلال رمضان أمسك الناس جميعا يعني صاموا، أليس كذلك؟ إذًا ما الفرق؟ الخطاب واحد موجّه للعموم معلّق بالرؤية، الخطاب واحد موجّه للعموم معلّق بطلوع الفجر وبغروب الشمس.
إذًا القياس الصحيح أنه كما يختلف المسلمون في الإمساك والإفطار اليومي يجب أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري إذا اختلفت المطالع وبناءً على هذا القول لو رءاه أهل المغرب أي الهلال ولم يره أهل المشرق لم يلزمهم الصوم ولو رءاه أهل المشرق ولم يراه أهل المغرب لزْمهم الصوم.
السائل : ما يصل.
الشيخ : كيف ما يصل؟ نعم، هو حقيقة ما يصل، متى رءاه أهل المشرق والخط واحد فلا بد أن يراه أهل المغرب لأنه إذا رئي متأخّرا عن الشمس في المشرق فإنه لا يزداد في مسير الشمس إلا تأخّرا وإذا رئي خفيا في المشرق فسوف يرى في المغرب ظاهرا قويا ولا يمكن أن يرى في المشرق ثم يقول أهل المغرب ما رأيناه أبدا بل إحدى الدعويين كاذبة إما أن المشرق لم يروه وإما أن المغرب قد حُجِب عنهم أما أن يقول أهل المشرق رأيناه ثم يقول أهل المغرب ما رأيناه فهذا لا يُمكن، أليس كذلك؟ لكن لو قال أهل المغرب رأيناه وقال أهل المشرق لم نره، صحيح هذا يمكن.
إذًا القول الراجح على هذا أنه إذا اختلفت مطالع الهلال لم يلزم من خالفت مطالعهم مطالع الرائين أن يصوموا أو أن يُفطروا.
القول الثالث في المسألة أن الناس تبع للإمام لإمامهم إذا صام صاموا وإذا أفطر أفطروا فإذا كان يعني تبَع المملكة أو الإمارة، إذا ثبت في بلد الأمير رؤية الهلال لزِم جميع من ينتسب لهذا الأمير أن يصوم وعلى هذا فلو كانت الخلافة عامّة لجميع المسلمين فرءاه الناس في بلد الخليفة ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم جميع من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها أن يصوم أو يفطر لئلا تختلف الأمة وهي تحت ولاية واحدة فيحصل التنازع والتفرّق وعمُل الناس اليوم على هذا أنه إذا ثبت عند ولي الأمر لزِم جميع من تحت ولايته أن يتّبعوا ما ثبت عنده من صوم أو فطر وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي وحتى لو صحّحنا القول الثاني الذي نحكم فيه باختلاف المطالع فينبغي لمن رأى أن المسألة مبنية على اختلاف المطالع ألا يُظهر مخالفةً لما كان عليه الناس لأن ( الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس ) ، طيب، إذا كان على هذا القول، إذا كانت الحدود بين الدولتين الحد بين الدولتين يعني فاصل فقط كالمراسيم بين الأرضين، أهل القرية الذين في هذا الحكم يلزمهم الصوم وأهل القرية التي ليس بينها وبينها إلا ذراع واحد، نعم، لا يلزمهم الصوم بناءً على أن المرجع الولاية لكن الذي تدُلّ عليه الأدلّة ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن المسألة مبنية على إيش؟ على اختلاف المطالع.
وذهب بعض أهل العلم ولا سيما المتأخّرون إلى أنه يلزم حُكْم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه في الليلة، نعم، وهذا في الحقيقة يُشابه المذهب في وقتنا الحاضر لأنه يمكن وصول الخبر لجميع أقطار الدنيا في.
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم، في أقل من ليلة، هذا القول في الحقيقة إنما يختلف عن المذهب فيما لو كانت وسائل الاتصالات مفقودة فيقولون ما يصِل إلى الخبر في الليلة يجب أن يصوم وما لا يصل الخبر إليه إلا بعد يوم لا يجب، فالأن باعتبار المواصلات والاتصالات يمكن أن يصل الخبر، نعم، في دقيقة، نعم، في دقيقة إذا أعلن مثلا في الإذاعة هنا في المملكة يسمع الإذاعة الذي في المملكة والذي في خارج المملكة، كل من يصل إليه صوت الإذاعة.
قال " وإذا رءاه أهل بلد لزِم الناس كلَّهم الصوم " أو لزم الناس كلُّهم الصوم؟
السائل : ... .
الشيخ : هل الناس يلزمون الصوم وإلا الصوم يلزمهم؟
السائل : ... .
الشيخ : الصوم يلزمهم؟
السائل : ... .
الشيخ : لكن ما اللازم؟ هل الناس يلزمون الصوم وإلا الصوم يلزمهم؟
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم، الصوم يلزمهم، صحيح، كما نقول يجب الصوم يعني يلزم الصوم، نعم؟