قال المؤلف :" ويصام برؤية عدل ولو أنثى " حفظ
الشيخ : يقول " ويُصام برئية عدل ولو أنثى " "يُصام" نائب الفاعل يعود إلى رمضان أي يصوم الناس على التفصيل السابق يُصام برؤية عدل ولو أنثى وبعضهم يُعبّر برؤية ثقة وهو أعَمّ "برؤية عدل" من العدل؟ العدل في اللغة المستقيم ضد المعوجّ وفي الشرع من لم يفعل كبيرة، " من قام بالواجب ولم يفعل كبيرة ولم يُصر على صغيرة " هذا العدل، انتبه، "من قام بالواجب" يعني أدى الفرائض كالصلوات الخمس "ولم يفعل كبيرة ولم يُصرّ على صغيرة" وحينئذ نحتاج في هذا التعريف إلى معرفة ما هي الكبائر؟ لأن الكبيرة بمجرّد ما يفعلها الإنسان يخرج عن العدالة ما لم يتُب والصغيرة لا يخرج بمجرّد فعلها ما لم يُصرّ عليها، طيب، فما هي الكبيرة؟ من الكبائر النميمة وهي نقل كلام الناس بعضِهم لبعض لقصد الإفساد بينهم فيأتي إلى شخص ويقول قال فيك فلان كذا وكذا مما يؤدي إلى العداوة والبغضاء، هذه النميمة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال ( لا يدخل الجنّة قتّات ) أي نمّام وثبت أنه كُشِف له عن رجل يُعذّب في قبره بالنميمة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقبرين فقال ( إنهما ليُعذّبان وما يُعذّبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة ) فإذا نمّ الإنسان مرة واحدة ولم يتب فليس بعدل.
من الكبائر أيضا الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره من عيْب خِلقي أو خُلقي أو ديني هذه الغيبة، خِلقي كأن تقول هذا الرجل أعْور، نعم، هذا أنفه مائل، هذا فمه واسع وما أشبه ذلك، هذا عيب خِلقي، خُلقي مثل أن تقول هذا أحمق سريع الغضب عصبي وما أشبه ذلك.
ديني مثل أن تقول متهاون بالصلاة، لا يصل رحمه لا يبر بوالديه وما أشبهها، هذه الغيبة "ذكرك أخاك بما يكره" في غيبته وإلا في حضوره؟ في غيبته، ولهذا تُسمّى غيبة فعلة من الغيب أما في حضرته فلا تُسمّى غيبة وإنما تُسمّى سبا وشتما ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إن امرؤ سابّه ) يعني الصائم ( سابّه أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ) طيب.
رجل اغتاب شخصا في مجلس نقول إنه خرج عن العدالة ما لم يتُب من ذلك، هذا هو العدل، يقول الفقهاء أيضا يزيدون على ذلك " ولم يُخالف المروءة " فإن خالف المروءة فإنه ليس بعدْل ومثّلوا لذلك بمن يأكل في السوق ومثّلوا لذلك أيضا بمن يتمسخر بالناس يُقلّد أصواتهم وما أشبه ذلك، قالوا هذا ساقط المروءة فيكون ساقط العدالة وظاهر كلام أحمد فيمن ترك الوتر أنه رجل سوء لا ينبغي أن تُقبل له شهادة أن من ترك عبادة مؤكّدة فإنه تسقُط عدالته ولكن ينبغي أن يُقال إن الشهادة في الأموال ليست كالشهادة في الأخبار الدينية، في الأموال ينبغي أن نُشدّد لا سيما في وقتنا هذا فما أكثر الذين يشهدون زورا لكن في الأخبار الدينية يبعد أن الإنسان يكذب فيها إلا أن يكون هناك مغريات توجب أن يكذب مثل ما يُقال إنه في بعض الدول إذا شهِد شخص بدخول رمضان أعطَوْه مكافأة أو بشهادة شوّال أعطوْه مكافأة هذه ربما تغري ضعيف الإيمان فيشهد بما لم يرى، طيب.
يُشترط مع العدالة وهي قد فاتت المؤلف رحمه الله أن يكون قويّ البصر بحيث تصدق دعوى أنه رءاه، حطوا بالكم يا جماعة، قوي البصر فإن كان ضعيف البصر فإنه وإن كان عدْلا لا تُقبل لأنه إذا ضعيف البصر وهو عدل فإننا نعلم أنه متوهّم لكن لعدالته خاف أن يتعلّق بذمته شيء فشهد بما هو متوهّم فيه، أليس كذلك؟ - يرحمك الله - لهذا لا بد مع العدالة من قوة البصر بحيث يحتمل صدقه فيما ادّعاه وإلا فلا. فلو جاءنا رجل أعمش ضعيف البصر لكنه عدْل في دينه لا يُخِل بواجب ولا ينتهك محرّما وقال لقد رأيت الهلال قلنا هات غيرك، قال تقدح في ديني؟ ماذا أقول له؟ لا، إذًا صوْم الناس، خاف ربك يقول للقاضي، خاف الله فيقول له أنا أشكّ في إدراكك لهذا، أقدح في رؤيتك ولا مانع وإن شاء أن يختبره اختبره فيضع له علامة في الجدار يكون بينه وبينه كما بيني وبين الجدار، كم؟ ثلاثة متر، علامة كبيرة علامة استفهام، يقول ما هذه؟ فيقول هذا رقم تسعة، نعم، هل يكون هذا ثقة؟ لا، ما هو ثقة فلا نقبله وإن كان عدْلا في دينه وعندنا في ذلك دليل من القرأن وهو أن الله عز وجل جعل القوّة والأمانة من مسوّغات إجراء ما يترتّب على العمل ففي قصة موسى مع صاحب مدين قالت إحدى ابنتيه (( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )) وقال العفريت من الجن الذي التزم أن يأتي بعرْش ملكة سبأ قال (( وإني عليه لقوي أمين )) فهذان الوصفان رُكْنان في كل عمل ومنه الشهادة، طيب.
إذًا نقول برؤية عدل فات المؤلف أن يقول قوي البصر لكن لو أراد شخصٌ أن يعتذر عن المؤلف ويقول إن العدل إذا كان ضعيف البصر فلا يُمكن أن يشهد بما لم يره، ما تقولون؟ نقول لا هذا ليس بعذر لأن العدل إذا توهّم وتخيّل أنه رأى الهلال فسوف يُصرّ على أنه رءاه لما عنده من الدين الذي يرى أنه من الواجب عليه أن يُبلّغ لأجل أن يصوم الناس أو يُفطر الناس فلا بد من إضافة قوي البصر، طيب.
قال " ولو أنثى " قوله " ولو "، -ما فيه سؤال يا أخي، السؤال بعد الإنتهاء- " ولو أنثى " "لو" غالبا ما تأتي إشارةً للخلاف والمسألة كذلك في هذا.
قوله "ولو أنثى" إشارة خلاف فإن بعض العلماء يقول الأنثى لا تُقبل شهادتها في رؤية الهلال، لا رمضان ولا غيره لأن الذي رأى الهلال في عهد الرسول صلى الله عليه وأله وسلم رجل فلا يُقبل إلا الرجال ولأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قال ( فإن شهِد شاهدان فصوموا وأفطروا ) شاهدان، والمرأة شاهدة وليس شاهدا ولكن الفقهاء رحمهم الله، فقهاء المذهب يقولون إن هذا خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث كما استوت الذكور والإناث في الرواية والرواية خبر ديني فكذلك الخبر برؤية الهلال ولهذا لم يشترطوا لرؤية هلال رمضان، لم يشترطوا ثبوت ذلك عند الحاكم ولا لفظ الشهادة بل قالوا لو سمِع شخصا ثقة يقول، يُحدّث الناس في مجلسه إنه رأى الهلال فإنه يلزمه أن يصوم بخبره وهذه المسألة تحتاج إلى تحرير أعني كوْن الإنسان إذا سمِع شخصا يُخبر بأنه رأى الهلال، رأى هلال رمضان فإنه يلزمه الصوم هذه تحتاج إلى نظر لأنه لا بد أن تُضبط الأمور ويُقال لا بد أن يذهب هذا الشاهد إلى الحاكم ليحكم برؤيته.