قال المؤلف :" ويجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " ويجب تعيين النية " هذا مبتدأ درس الليلة " ويجب تعيين النيّة من الليل " ، النية والإرادة والقصد معناها واحد يعني قصد الشيء يعني نيته، إرادة الشيء يعني نيته والنية لا يمكن أن تتخلف عن عمل اختياري يعني أن كل عمل يعمله الإنسان مختارا فإنه لا بد فيه من النية ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إنما الأعمال بالنيات ) ما في عمل بلا نية حتى قال بعض العلماء " لو كلفَنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يُطاق " يعني لو قال الله لنا توضؤوا بلا نية صلوا بلا نية صوموا بلا نية حجوا بلا نية لكان هذا من تكليف ما لا يطاق، من يطيق أن يفعل فعلا مُختارٌ فعله ولا ينوي، هذا لا يمكن ولذلك أو وبذلك نعرف أن ما يحصل لبعض الناس من الوسواس حيث يقول أنا ما نويت أنه وهْمٌ لا حقيقة له وكيف يصح أنك لم تنوي وأنت قد فعلت وذكروا عن ابن عقيل رحمه الله وهو من الفقهاء ومتكلمي الحنابلة يعني هو من المتكلمين ومن الفقهاء أنه جاءه رجل يقول له يا شيخ أغتسل في نهر دجلة ثم أخرج وأرى أنني لم أتطهر أو لم أطهر فقال له بن عقيل لا تصلي فقال كيف؟ قال نعم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( رُفِع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يُفيق وأنت تذهب إلى دجلة نهر تنغمس فيه تغتسل عن الجنابة ثم تخرج وترى أن ما اطهرت هذا جنون فارتدع الرجل عن هذا فالحاصل أن النبية مصاحبة لكل عمل إيش؟ اختياري، لا بد، ثم عاد ما هي النية تختلف ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) وبهذا التقريب يتبيّن أن الجملتين في الحديث ليس معناهما واحدا.
المهم المؤلف يقول " يجب تعيين النية " أفادنا بهذه العبارة أنه تجب النية ويجب تعيينها، النيبة وتعيينها، أنوي الصيام عن رمضان، أنوي الصيام عن كفارة أنوي الصيام عن نذر أو ما أشبه ذلك.
يقول لصوم، نعم، " من الليل لصوم كل يوم واجب " "من الليل" المراد بقوله "من الليل" ما قبل طلوع الفجر فيشمل ما كان قبل الفجر بدقيقة واحدة وإنما وجب ذلك لأن صوم اليوم كاملا لا يتحقق إلا بهذا فمن نوى بعد طلوع الفجر هل يُقال إنه صام يوما؟ لا، فلذلك يجب لصوم كل يوم واجب أن ينويه قبل طلوع الفجر وهذا معنى قول المؤلف "من الليل" يعني ليس بلازم أن تُبيّت النية قبل أن تنام، الواجب أن لا يطلع الفجر إلا وقد نويت لأجل أن تشمل النية جميع أجزاء النهار إذ أنه قد فُرِض عليك أن تصوم يوما فإذا كان قد فُرِص عليه أن تصوم يوما فلا بد أن تنويه متى؟ قبل الفجر إلى الغروب ولهذا قال النية من الفجر وهذا التعليل الذي ذكرت لكم يؤيده الحديث الذي ذكره في الشرح عن عائشة مرفوعا ( من لم يُبيّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له ) والمراد صيام الفرض أما النفل فسيأتي.
يقول " لصوم كل يوم واجب " يعني يجب أن ينوي كل يوم بيوم " لصوم كل يوم واجب " فمثلا في رمضان كم يحتاج إلى نية؟
السائل : ثلاثين.
الشيخ : ثلاثين نية، كل يوم لا بد أن ينوي له نية مستقلة، من ليلته أيضا "من ليلته" وبناءً على ذلك لو أن رجلا نام بعد العصر في رمضان ولم يستيقض من الغد إلا بعد طلوع الفجر فهل يصح صومه اليوم الثاني؟
السائل : لا يصح.
الشيخ : لا، لماذا؟ لأنه لم ينوي صوم هذا اليوم من ليلته، طيب، هذا الذي ذكره المؤلف هو الذي المشهور من المذهب وعللوا ذلك بأن كل يوم عبادة مستقلة ولذلك لا ... صيام يوم الأحد فساد يوم الإثنين مثلا وهذا يدل على أن كل يوم عبادة مستقلة فيجب أن ينوي لكل يوم نية مستقلة وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يُشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله فإنه يجزئه عن الشهر كله ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع كما لو سافر في أثناء رمضان فإنه إذا عاد للصوم يجب عليه أن يُجدّد النية وهذا هو الأصح لأن المسلمين جميعهم لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا ناوٍ الصوم إيش؟ من أول الشهر إلى أخره وعلى هذا فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي متحققة حكما لأن الأصل عدم القطع ولهذا قلنا إذا انقطع التتابع لسبب يُبيحه ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وهو الذي لا يسع الناس العمل إلا عليه، طيب.