الشرط الثالث: أن يكون عالما. حفظ
الشيخ : بقِيَ علينا أننا نزيد نحن هنا شرطا ثالثا دل عليه الكتاب والسنّة وهو أن يكون عالما فتكون شروط المفطّرات ثلاثة، العلم والذكر والعمد فإن كان ضد العلم الجهل والجهل ينقسم إلى قسمين، جهل بالحكم وجهل بالحال. الجهل ينقسم إلى قسمين، جهل بالحكم الشرعي يعني لا يدري أن هذا حرام مثلا وجهل بالحال لا يدري أنه في حالٍ يحرم عليه الأكل والشرب وكلاهما عذر، الدليل لذلك قوله تعالى (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وإذا انتفت المؤاخذة انتفى ما يترتب عليها وهذا عام وهناك دليل خاص في هذه المسألة للنوعين من الجهل أما الجهل بالحكم فدليله حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه أراد أن يصوم ويقرأ قول الله تعالى (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) فماذا صنع؟ أتى بعقال أسود، عقال البعير اللي عنده، حبل تُربط به يد البعير أتى بعقال أسود وعقال أبيض وجعلهما تحت وسادته وجعل يأكل يأكل وينظر إلى الخيطين حتى تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فتوقّف، هذا أخطأ في إيش؟ في الحكم في فهم الأية وهذا خطأ في الحكم، الحكم أن الخيط الأبيض بياض النهار والأسود سواد الليل فلما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام أخبره قال له ( إن وسادَك لعريض أن وسِع الخيْط الأبيض والأسود ) صحيح وإلا لا؟ صار وساده مدّ الأفق الخيط الأبيض يمتد من الشمال إلى الجنوب فقال ( إن وسادك لعريض أن وسِع الخيط الأبيض والأسود ) ولم يأمره بالإعادة، لماذا؟ لأنه جاهل ما قصَد ولا تعمّد مخالفة الله ورسوله بل رأى أن هذا هو حكم الله ورسوله فعُذِر بهذا ولم يأمره النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم بالقضاء وأما الجهل بالحال فقد ثبت في الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت " أفطرنا في يوم غيْم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم ثم طلعت الشمس " هؤلاء أفطروا في النهار وأكلوا في النهار بناءً على إيش؟ على أن الشمس قد غربت فهم جاهلون لا بالحكم الشرعي ولكن بالحال لم يظنوا أن الوقت في النهار ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم بالقضاء ولو كان القضاء واجبا لكان من شريعة الله ولكان محفوظا فلما لم يُحفظ ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم أنه أمرهم بالقضاء فالأصل براءة الذمة وعدم القضاء إذًا نزيد في الشروط شرطا ثالثا وهو العلم وضده الجهل سواءٌ كان الجهل بالحكم الشرعي أو بالحال فإنه لا يفطّر ولكن هؤلاء الذين أفطروا قبل أن تغيب الشمس إذا تبيّن أن الشمس لم تغرب، هل يقولون نحن أفطرنا الأن أو لا؟
السائل : ... .
الشيخ : لا يجب عليهم الإمساك، يجب عليهم أن يُمسكوا لأنهم أفطروا بناء على سبب تبيّن عدمه وهذا يجُرّنا إلى مسألة مهمة وهو أن من بنى قوله على سبب تبيّن أنه لم يوجد فلا حكم لقوله وهذا له يعني مسائل كثيرة من أهمها ما يقع لبعض الناس في مسألة الطلاق يقول لزوجته مثلا إن دخلت لدار فلان فأنت طالق بناءً على أن عنده ألات محرمة كالتلفزيون أو غيره ثم يتبيّن أنه ليس عنده شيء من ذلك فهل إذا دخلت تطلق أو لا؟ لا، لا تطلق لأنه مبنيّ على سبب تبيّن زواله وهذا هو القياس شرعا وواقعا.
نعود إلى قضية عدي بن حاتم استدل بها البلاغيون على مسألة دعوها والله أعلم بصحتها يقولون كلما كان الإنسان طويل الرقبة كان غبيا، إذا كان طويل الرقبة كان غبيا لماذا؟ لتباعد ما بين الدماغ والقلب فيضعف فهمه ولهذا قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( إن وسادك لعريض ) لأن عرض الوساد يدل على طول الرقبة وطول الرقبة يدل على البلاهة وهذا قول باطل من أبطل الأقوال، كيف يصف الرسول عليه الصلاة والسلام رجلا مجتهدا بأنه أبله، هذا لا يقع من أدنى واحد فكيف بالرسول.