قال المؤلف :" وإن جامع دون الفرج فأنزل أو كانت المرأة معذورة " حفظ
الشيخ : قال " وإن جامع دون الفرج فأنزل " فالجواب قوله " أفطر ولا كفارة " إن جامع دون الفرج كما لو جامع بين فخذيها أو ما أشبه ذلك فأنزل فعليه القضاء ولا كفارة، كذلك إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فإنه ليس عليها كفارة وعليها القضاء.
وعُلِم من قوله "أو كانت المرأة معذورة" إلى أخره أنه لو كانت مطاوعة فعليها القضاء والكفارة فإن قال قائل ما هو الدليل على وجوب الكفارة؟ قلنا الدليل على ذلك حديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين ( أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم فقال هلكت قال ما أهلكك؟ قال وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم فسأله النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم هل يجد رقبة فقال لا قال هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال لا ) فالرجل فقير وعاجز عن الصوم ثم جلس الرجل ( فجيء إلى النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم بتمر فقال خذ هذا تصدّق به قال أعلى أفقر مني يا رسول الله والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني فضحك النبي صلى الله عليه وعلى أله سلم ثم قال أطعمه أهلك فرجع إلى أهله بتمر ) فإن قال قائل هذا الرجل عرفنا الدليل لكن ما هو الدليل على وجوب الكفارة على المرأة والنبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم لم يذكر في هذا الحديث أن على المرأة كفارة مع أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يُمكن يعني لا يمكن أن يؤخّر النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم بيان الحكم مع دعاء الحاجة إليه.
فالجواب عن هذا أن يقال إن هذا الرجل استفتى عن فعل نفسه والمرأة لم تستفتي وحالها تحتمل أن تكون معذورة ومكرهة وتحتمل أن تكون مطاوعة فلما لم تأتي وتستفتي سكت عنها النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم ولم يذكر أن عليها كفارة والاستفتاء لا يشترط فيه البحث عن حال الشخص الأخر ولهذا لما جاءت امرأة أبي سفيان إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم تشتكيه بأنه لا ينفق لم يطلب أبا سفيان ليسأله بل أذِن لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي ولدها، فإذا قال قائل ما الدليل على الوجوب أليس الأصل براءة الذمة؟ قلنا الدليل على ذلك أن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام إلا بدليل ولهذا لو أن رجلا قذف رجلا بالزنى لجُلِد ثمانين جلدة إذا لم يأتي بالشهود مع أن الأية في النساء (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة )) فالأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا بدليل، طيب.
فإذا قال قائل ظاهر كلام المؤلف أنه لو كان الرجل هو المعذور بجهل أو نسيان فإن الكفارة لا تسقط عنه؟ قلنا نعم، هذا ظاهره لقوله "أو كانت المرأة معذورة" ففهم منه أنه لو كان الرجل هو المعذور فإن الكفارة لا تسقط عنه، نعم، وهذا هو المشهور من المذهب والصحيح أن الرجل إذا كان معذورا بجهل أو نسيان أو إكراه فإنه ليس عليه قضاء وليس عليه كفارة وأن المرأة كذلك إذا كانت معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فليس عليها قضاء ولا كفارة، المذهب أن عليها القضاء وليس عليها الكفارة والصحيح أنه لا قضاء عليها ولا كفارة وكذلك بالنسبة للرجل فلو كان الرجل جاهلا لا يعلم أن الجماع بدون إنزال حرام على الصائم قلنا له ليس عليك قضاء وليس عليك كفارة للجهل وقد سبقت الأدلة على ذلك وكذلك لو قال أنا نسيت، نسيت أني صائم قلنا لا قضاء عليك ولا كفارة وإن كان النسيان في مثل هذا الحال بعيدا لأن الناس في رمضان والنسيان يكون بعيدا لكن نقول ربما يحصل ولو قال قائل إذا نسي هو لم تنسى الزوجة قلنا يمكن أن تنسى الزوجة أو تُداهن، ربما تُداهن وتسكت وتقول ما نقدر نذكّره كما يقول بعض العامة إذا رأيت الرجل يشرب وهو صائم أو يأكل وهو صائم فلا تذكّره لأن الله هو الذي أطعمه وسقاه فنقول هذا قد يكون، قد يكون هي داهنت وسكتت وقالت هذا ناسِ ولا أذكّره فعلى كل حال إذا وُجِد الجهل أو النسيان أو الإكراه من الزوج أو الزوجة فالقول الراجح أنه ليس عليهما قضاء ولا كفارة.
بقِيَ أن ننبّه على مسألة مهمة وهي أن الفقهاء رحمهم الله قالوا لا يمكن الإكراه على الجماع من الرجل يعني لا يمكن أن يُكره الرجل على الجماع لأن الجماع لا بد فيه من انتشار وانتصاب الذكر والمُكره لا يمكن أن يكون منه ذلك فيقال هذا غير صحيح لأن الإنسان إذا هُدّد مثلا بالقتل أو بالحبس أو ما أشبه ذلك ثم دنا من المرأة فلا يسلم من الانتشار وكونهم يقولون هذا غير ممكن نقول هذا ممكن فإن قال قائل الرجل الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وعلى أله سلم أليس جاهلا كما استشكله الأخ سليم؟ نقول هو جاهل ما يجب عليه وليس جاهلا أنه حرام ولهذا يقول هلكت فهو عارف عالم لكن لا يدري ماذا عليه ونحن إذا قلنا إن الجهل عذر فليس مرادنا أن الجهل بما يترتب على هذا الفعل المحرّم ولكن مرادنا الجهل بهذا الفعل هل هو حرام أو ليس بحرام، انتبهوا، ولهذا لو أن أحدا زنا جاهلا بالتحريم وهو ممن عاش في غير البلاد الإسلامية، رجل حديث عهد بإسلام أو عاش في بلاد بعيدة لا يعلمون أن الزنا محرّم فزنا فإنه لا حدّ عليه لكن لو كان يعلم أن الزنا حرام لكن لا يعلم أن حدّه الرجم أو أن حدّه الجلد والتغريب فإنه يُحَد لأنه انتهك الحرمة فصار الجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس إيش؟ ليس بعذر والجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام هذا عذر.