قال المؤلف :" فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم وإن مات ولو بعد رمضان آخر " حفظ
الشيخ : يقول " فإن فعل " يعني إن فعل أي أخّره إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر " فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم " لو أخّر إلى ما بعد رمضان الثاني كان ءاثما وعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم أما وجوب القضاء فواضح لأنه ديْن في ذمّته لم يقضه فلزِمه قضاؤه وأما الإطعام فجبْرا لما أخلّ به من تفويت الوقت المحدّد فيكون هذا الإطعام جبْرا للتأخير يُطعم عن كل يوم مسكينا يعني مع كل يوم يقضيه يُطعم مسكينا فإذا قدّرنا أن عليه ستة أيام فيُطعم معها ستة مساكين وقد رُوِي في هذا حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم أنه أمر بالإطعام مع القضاء فيمن أخّر إلى ما بعد رمضان لكنه حديث هالك الإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجّة ولا تُشغل به الذمة ورُوِيَ أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبي هريرة أنه يلزمه الإطعام وما ذكر عنهما فإنه ليس بحجة وذلك لأن الحجة لا تثبت إلا بالكتاب والسنّة وأما أقوال الصحابة فإن في ثبوتها نظر إذا خالفت ظاهر القرأن وهنا إيجاب الطعام مخالف لظاهر القرأن لأن الله لم يوجب إلا عدّة من أيام أخر، لم يوجب أكثر من ذلك وإذا لم يوجب إلا عدّة من أيام أخر فإننا لا نلزم عباد الله بما لم يُلزمهم الله به إلا بدليل تبرأ به الذمة على أن ما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن أبي هريرة يمكن أن يُحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب فالصحيح في هذه المسألة أنه لا يلزمه أكثر من الصيام إلا أنه يأثم بالتأخير وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أخّره إلى ما بعد رمضان الثاني وجب عليه الإطعام فقط ولا يصح منه الصيام بناءً على أنه عمل عملا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون بذلك، فيكون عمله باطلا أن يكون القضاء في غير وقته كما لو صلى الصلاة في غير وقتها فإنها لا تُقبل منه إذا لم يكن هناك عذر يبيح تأخيرها.
فالأقوال إذًا ثلاثة، إطعامٌ فقط أو صيامٌ فقط أو الجمع بينهما وأصحّ الأقوال أنه يلزمه الصيام فقط القضاء.
ثم قال " فعليه إطعام وإن مات ولو بعد رمضان أخر " يعني إن مات بعد أن أخّره، إن مات من عليه القضاء بعد أن أخّره فإنه ليس عليه إلا إطعام مسكين لأن القضاء في حقه تعذّر يعني رجل أخّر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني ثم مات فعليه إطعام والقضاء تعذّر لأنه مات قبل أن يتمكّن منه بعد رمضان الثاني وقيل يلزمه إطعامان إطعام عن القضاء وإطعام عن التأخير وهذا لا شك أنه أقْيَس إذا قلنا بأنه يجب الإطعام إذا أخّر الصيام إلى ما بعد رمضان فالأقْيَس أنه يلزمه إطعامان، إطعام عن القضاء وإطعام عن التأخير.