قال المؤلف :" هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى " حفظ
الشيخ : الاعتكاف الأن هو لغة لزوم الشيء لكن شرعا لزوم مسجد لطاعة الله تعالى هذا الاعتكاف لزوم مسجد لطاعة الله فقوله لزوم مسجد خرج به لزوم الدار، لو أن الإنسان اعتكف في بيته وقال أنا لا أخرج إلى الناس فأفتَتِن في الدنيا ولكني أبقى في بيتي عاكف قلنا هذا ليس اعتكافا شرعيا، هذا يسمى عزلة ولا يُسمّى اعتكافا وهل العزلة عن الناس أفضل أو لا؟ في هذا تفصيل، من كان اجتماعه بالناس خير فترك العزلة أولى ومن لا يؤثّر اختلاطه بالناس وبقاؤه في بيته خير لأنه رجل سريع الافتتان يخشى على نفسه من الفتنة فبقاؤه في بيته خير ( والمؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يُخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) فالمسألة فيها تفصيل.
إذًا لزوم مسجد خرج به إيش؟ لزوم البيت، وخرج به لزوم المدرسة وخرج به لزوم الرباط لو كان هناك رُبُط لطلبة العلم يسكنونها ويبقوْن فيها فإن لزومها لا يُعتبر اعتكافا شرعا وخرج به لزوم المصلى لو أن قوما في عَمارة ولهم مصلى وليس بمسجد فإن لزوم هذا المصلى لا يُعتبر اعتكافا لأنه لا بد أن يكون لزوم مسجد.
وما هو الدليل على ذلك؟ قوله تعالى (( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد )) فجعل محل الاعتكاف هو المسجد.
" لزوم مسجد لطاعة الله " اللام هنا للتعليل يعني أنه لزِمه لطاعة الله لا للانعزال عن الناس ولا من أجل أن يأتيَه أصحابه ورفقاؤه يتحدّثون عنده قال فلان وقيل لفلان وقالت الدولة الفلانية وقالت الدولة الفلانية، لا، هو لطاعة الله، فأنت تلزم المسجد للتفرّغ لطاعة الله عز وجل، هذا الاعتكاف، طيب، وبهذا نعرف أن أولئك الذين يعتكفون في المساجد ثم يأتي إليهم أصحابهم من يمين وشمال ومن جوانب المسجد ثم يجلسون يتحدّثون بأحاديث لا فائدة منها، نقول هؤلاء لم يأتوا بروح الاعتكاف لأن روح الاعتكاف أن تمكث في المسجد لأي شيء؟ لطاعة الله عز وجل، طيب، وهل يُنافي ذلك أي هل يُنافي روح الاعتكاف أن تعتكف في المسجد لطلب العلم؟ نقول لا شك أن طلب العلم من طاعة الله لكن الاعتكاف يكون للطاعات الخاصة كالصلاة والذكر وقراءة القرأن وما أشبه ذلك ولا بأس أن تحضر درسا أو درسين في يوم أو ليلة ولو أنت معتكف لأن هذا لا يؤثّر على الاعتكاف فمجالس العلم إن دامت وصار الإنسان بس في هذا المسجد يُطالع دروسه ويحضر الجلسات الكثيرة التي تشغله عن العبادة الخاصة فهذا لا شك أنه فيه نقص لكن الشيء العارض أو القليل من الكثير لا بأس به ولست أقول إن هذا يُنافي الاعتكاف كما قلت بالأول، الذين يجلسون ويتحدّثون بعضهم إلى بعض هؤلاء لا شك أنهم فعلوا ما يُفوّت عليهم روح الاعتكاف.