تتمة شرح قول المؤلف :" مسنون " حفظ
الشيخ : وقوله " مسنون " عندي في الشرح يقول إجماعا يعني أن العلماء أجمعوا على سنّيّته وقد دل عليه الكتاب والسنّة الإجماع فيكون فيه الأدلة الثلاثة، أما الكتاب فإن الله تعالى قال لإبراهيم (( طهّرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )) ومن هذه الأية نعرف أن الاعتكاف مشروع حتى في الأمم السابقة وقال تعالى (( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد )) وأما السنّة فواضحة مشهورة مستفيضة أن الرسول عليه الصلاة والسلام اعتكف واعتكف أصحابه معه واعتكف أزواجه من بعده، طيب.
يقول رحمه الله " ويصح بلا صوم " بقِيَ علينا أن نقول إنه مسنون في كل وقت، هكذا يقول المؤلف رحمه الله وغيره من أهل العلم أنه مسنون كل وقت حتى لو أردت الأن ونحن في شهر جمادى أن تعتكف غدا أو الليلة وغدا فلا بأس يكون ذلك مسنونا وهذه المسألة فيها نظر لأننا نقول الأحكام الشرعية تُتلقّى من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان إلا قضاءً وكذلك ما علِمنا أن أحدا من أصحابه اعتكفوا في غير رمضان اللهم إلا قضاءً لكن لما استفتاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه نذر أن يعتكف ليلة أو يوما أو يوما وليلة في المسجد الحرام قال له أوْفي بنذرك ولكن الرسول لم يشرع ذلك لأمته شرعا عاما بحيث يُقال للناس اعتكفوا في المساجد في رمضان وفي غير رمضان فإن ذلك سنّة فالذي يظهر لي أن الإنسان لو اعتكف في غير رمضان فإنه لايُنكر عليه بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام أذن لمن؟ لعمر أن يوفِيَ بنذره ولو كان هذا النذر مكروها أو حراما لم يأذن له بوفائه بنذره لكننا لا نطلب من كل واحد أن يعتكف في كل وقت، نقول خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى أله وسلم ولو كان الرسول يعلم أن في الاعتكاف في غير رمضان بل وفي غير العشر الأواخر منه سنّة وأجرا لبيّنه للأمة حتى تعمل به لأنه قد قيل له (( يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالتك )) وانظر الأن كما في حديث أبي سعيد اعتكف الرسول عليه الصلاة والسلام العشر الأول ثم الأوسط ثم قيل له إن ليلة القدر في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر ولم يعتكف في السنة الثانية العشر الأول ولا الأوسط مع أنه كان زمنا للاعتكاف من قبل والشهر، رمضان شهر اعتكاف فالذي يظهر لي أنه لا يُسنّ الاعتكاف إلا أي لا يُطلب من الناس أن يعتكفوا إلا في العشر الأواخر فقط لكن من تطوّع وأراد أن يعتكف في غير ذلك فإنه استئناسا بحديث عمر لا ننهاه عن ذلك ولا نقول إن فعله بدعة لكن نقول الأفضل أن تقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا نظائر منها قصة الرجل الذي كان يقرؤ لأصحابه فيختم ب (( قل هو الله أحد )) لم يُنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام لكنه لم يَشرع ذلك لأمته فلا يُشرع للإنسان كلما قرأ في الصلاة أن يختم ب (( قل هو الله أحد )) كما فعل هذا الرجل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرعه لأمته لا بفعله ولا بقوله وكذلك سعد بن عبادة استأذنه في أن يجعل مِخرافه في المدينة صدقة لأمه فأذِن له لكن لم يقل للناس تصدّقوا عن أمهاتكم بعد موتها حتى يكون سنّة يعني مشروعة ففرق بين هذا وهذا.