قال المؤلف :" وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حله " حفظ
الشيخ : قال " وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حِلّه " الحدود وهي العقوبات المقدّرة شرعا في معصية يجب إقامتها كما مر علينا أليس كذلك؟ مر علينا في "بلوغ المرام" أن إقامة الحدود واجبة فرض كفاية والمطالب بها الإمام فهؤلاء الذمّيّون إذا فعلوا ما يوجب الحد إن كانوا يعتقدون التحريم أقمنا عليهم الحد وإن كانوا لا يعتقدونه فإننا لا نقيم عليهم الحد فالزنا مثلا يُقام عليهم الحد فيه لأنهم إيش؟ يعتقدون تحريمه فإذا ترافعوا إلينا في قضية في الزنا فإنه يجب علينا أن نحكم عليهم بمقتضى الإسلام إذا كانوا محصنين فالرجم وإن كانوا غير محصنين فالجلد والتغريب، إذا قدرنا أنهم يعتقدون التحريم لكن لا يعتقدون إقامة الحد فهؤلاء نقول إن ترافعوا إلينا ألزمناهم بحكم الإسلام وإن لم يترافعوا إلينا تركناهم وشأنهم مع أن حد الزنا ثابت حتى في التوراة والإنجيل ودليل ذلك ما ورد في قصة عبد الله بن صوريا الذي زنا بامرأة يهودية وترافع إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم وجيء بالتوراة فإذا فيها أيات الرجم.
وقوله " دون ما يعتقدون حله " مثل الخمر، الخمر يعتقد أهل الكتاب أنه حلال فإذا جيء إلينا بسكران من أهل الذمة فإننا لا نقيم عليه حد الخمر حتى وإن قلنا إن عقوبة شارب الخمر حد فإننا لا نقيم عليه الحد، لماذا؟ لأنه يعتقد حِلّه لأن يعتقد حله والذي يعتقد حل الشيء كيف يُعاقب عليه؟ لا يُعاقب لكن سيأتي أنهم يُمنعون من إظهار شرب الخمر فإن أظهروا ذلك فإننا نعزّرهم بما يردعهم ويؤخذ من هذا الحكم الذي أقرّه الفقهاء رحمهم الله أن من اعتقد حِلّ شيء مختلفا فيه فإنه لا يُلزم بحكم من يرى تحريمه مثل الدخان، الدخان ليس مجمعا على تحريمه، من العلماء من خالف فيه لا سيما في أول ما ظهر فإذا رأينا شخصا يشرب الدخان وهو يرى أنه حلال فإننا لا نُعزّره وإن كان يعتقد أنه حرام فإننا نُعزّره لأن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفّارة وهل نُقِرّه؟ بمعنى هل يجوز أن أجلس إلى جنب واحد يدخّن لكن يعتقد حل الدخان؟ لا تتعجلوا يا جماعة؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، ما في واحد يقول ... ، طيب، لو رأيت واحدا أكل لحم إبل ولم يتوضأ وقام يصلي وهو لا يعتقد وجوب الوضوء من لحم الإبل هل تُنكر عليه؟
السائل : لا.
الشيخ : هل تصلي معه؟
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا إقرار وإلا إنكار؟
السائل : إقرار.
الشيخ : نعم؟
السائل : إقرار.
الشيخ : هذا إقرار، إذًا أي فرق بين ترك الواجب وفعل المحرم؟ لا فرق لكن لا ينبغي لذوي المروءة أن يجلسوا مع الذين يشربون الدخان ولو كانوا يعتقدون حله لأن هذا دناءة يعني وفي ظني أن الذين يعتقدون حله من العلماء لا يرون أنه من فعل ذوي المروءة كما أننا مثلا نرى أن تنسيم الفصفص لا بأس به وإلا لا؟ نعم، لكن لو يجي واحد معلم يعلّم الطلبة وعنده كيس فصفص يأخذ من هالفصفص وينقّب وش يعتبر هذا؟ هذا مخالف للمروءة وإن كان ليس حراما لكن الإنسان يجب أن يكون عنده أدب.
فيؤخذ من كلام الفقهاء رحمهم الله في هذا أن ما يعتقده الإنسان حلالا ولو كان كافرا فإنه لا يُلزم بحكم الإسلام فيه وإذا كان ذلك في حق الكفار ففي حق المسلمين من باب أولى فيما ذهبوا إليه بتأويل سائغ أما من عاند مثلا إنسان يأكل خنزير، مسلم يأكل الخنزير ويقول أنا أعتقد أنه حلال، هل تقره؟
السائل : لا.
الشيخ : لماذا؟ لأنه مجمع عليه ولا يمكن لأي إنسان أن يُحلّل لحم الخنزير بأي مسوّغ ففرق بين هذا وهذا.
يقول " دون ما يعتقدون حله " .