قال المؤلف :" فصل: فإن أبى الذمي بذل الجزية أو التزام حكم الإسلام أو تعدى على مسلم بقتل أو زنا أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس أو ذكر الله أو رسوله أو كتابه بسوء " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " فصل " وهذا الفصل ذكر فيه المؤلف رحمه الله ما ينتقض به العهد والمعاهدون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول من غدَر والقسم الثاني من استقاموا والقسم الثالث من خيف منهم أن يغدروا، أما من غدروا فإنهم قد انتقض عهدهم ولا عهد لهم كما قال الله عز وجل (( فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم )) وأما من استقام فإننا نستقيم له ويبقى على عهده لقوله تعالى (( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم )) وأما من خيف منه الغدر فإننا ننبذ إليه العهد ونُخبره بأنه لا عهد بيننا وبينه لنكون نحن وإياه على سواء كما قال تعالى (( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء )) أي انبذ إليهم عهدهم لتكون أنت وإياهم سواءً.
الذمي داخل في هذا إذا خرج عن ما يلزمه من أحكام الإسلام فإنه ينتقض عهده لأن العهد الذي بيننا وبينه أن يلتزم أحكام الإسلام ومنها أن يبذل الجزية، يقول " فإن أبى بذل الجزية " قال إنه لا يُسلّم الجزية فإن عهده إيش؟ ينتقض ويحل دمه وماله كذلك إذا أبى التزام حكم الإسلام بأن صار يجهر بالخمر ويُعلنه ولا يلتزم بإقامة الحدود عليه فيما يعتقد تحريمه ولا يتورّع عن نكاح ذوات المحارم في غير المجوسي، المجوسي يرى أن نكاح ذوات المحارم جائز لكن اليهودي والنصراني لا يرى ذلك فإذا أبى التزام أحكام الإسلام انتقض عهده.
" أو تعدّى على مسلم بقتل أو زنا أو قطع طريق " تعدّى على مسلم بقتل بأن قتل مسلما فإن عهده ينتقض حتى لو عفى أولياء المقتول فإن عهده ينتقض لأن أولياء المقتول إن طالبوا بالقصاص اقتص منه وإلا لم يُقتص منه لكن بالنسبة للعهد ينتقض لأنه إذا قَتَل هذا يمكن أن يقتل أخر كذلك إذا اعتدى على مسلم بزنا، زنا بمسلمة ولو برضاها فإنه ينتقض عهده لأن الواجب عليه أن يلتزم أحكام الإسلام ومثل ذلك لو اعتدى على غلام بلواط فإنه ينتقض عهده.
وقول المؤلف رحمه الله " تعدّى على مسلم بقتل أو زنا " عُلِم منه أنه لو تعدّى على كافر مثله بقتل أو زنا فإن عهده لا ينتقض ولكن ماذا نصنع به؟ إذا تمّت شروط القصاص في القتل قتل قصاصا وفي الزنا إذا تحاكم إلينا أقمنا عليه الحد وقد سبق أن الزنا محرّم بجميع الشرائع وأن حدّه في التوراة كحده في القرأن.
قال " أو قطْع طريق " يعني تعدّى بقطع الطريق بأن كان يعرض للناس في الطرقات فيغصبهم المال مجاهرة ومعه السلاح مسلح صار يجلس على الطرقات ومعه سلاحه ومن جاء قال يلا سلّم المال وقاتله فإن هذا قاطع طريق ويُعتبر فعله هذا نقْضًا للعهد.
" أو تجسّس " وهذا من أشرّ ما يكون إذا تعدّى على المسلمين بالتجسّس فصار ينقل أخبار المسلمين إلى العدو فإن عهده ينتقض ولا إشكال فيه بل إن الجاسوس وإن كان مسلما يجب أن يُقتل إذا تجسّس للعدو ولو كان مسلما يجب أن يُقتل والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اطّلع على الجاسوس الذي جسّ لقريش من هو؟ حاطب بن أبي بلتعة وعلِم به استأذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنه من أهل البدر وما يدريك أن الله اطلع إلى أهل البدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الجاسوسية مبيحة للدم لكن وُجِد مانع وهو كونه من أهل بدر وهذه العلة لا توجد في عهدنا الأن فإذا وُجِد إنسان جاسوس يكتب بأخبارنا إلى العدو أو ينقله مشافهة أو ينقله عبر الأشرطة فإنه يجب أن يُقتل حتى لو تاب لأن ذلك كالحد لدفع شرّه وردع أمثاله عن ذلك.
" أو إيواء جاسوس " هو لم يتجسّس لكن أتى من العدو جاسوس ونزل عنده فأواه وتستّر عليه فإن عهده إيش؟ ينتقض، لماذا ينتقض وهو لم يتجسّس؟ لأنه ءاوى الجاسوس فرضي بالجاسوسية وهذا ضرر بالمسلمين.
قال " أو ذَكَر الله أو رسوله أو كتابه بسوء " وينبغي أن يُلحق أو شريعته إذا ذَكَر الله بسوء فسَبّ الله (( وقالت اليهود يد الله مغلولة )) إذا قال يد الله مغلولة إذا قال إن الله فقير فإن عهده ينتقض لأنه ذكر الله بسوء إذا قال إن الله لم يعدل حيث جعل لأمة محمد كفلين من الأجر وجعل لغيرهم كفلا واحدا وهذا غير عدل فإنه ينتقض عهده، إذا قال إن الله تعالى جاهل ولا يدري فإن عهده ينتقض، المهم إذا ذكر الله بسوء أي سوء يكون كذلك إذا ذكر رسوله ورسول هنا مفرد مضاف فيعُمُّ كل رسول، لو ذكر اليهودي عيسى بن مريم بسوء فإن عهده ينتقض ولو ذكر النصراني محمدا بسوء فإن عهده ينتقض يعني سبّه فقال مثلا إنه جبان إنه جائر إن فيه كذا وكذا أو قال إنه رجل شهواني وما أشبه ذلك مما يدّعيه النصارى قاتلهم الله ولعنهم إلى يوم القيامة فإن عهده ينتقض ولا عهد له ولا كرامة كذلك لو ذكر الشريعة الإسلامية بسوء فإن عهده ينتقض لأنه ليس هذا الذي بيننا وبينه.