شرح قول المصنف: " ويشترط التراضي منهما " حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
لما ذكر المؤلف رحمه الله تعريف البيع ذكر شروط البيع وكان الأولى أن يذكر حكم البيع لأن التعريف يستلزم التصوّر، تصوّر الشيء وبعد التصوّر يكون الحكم ولهذا من الكلمات السائرة عند العلماء الحكم على الشيء فرع عن تصوّره وقال ابن القيم في "النونية" " إن البِدار برد شيء لم تحط علما به سبب إلى الحرمان " .
البيع جائز وقد سبق لنا أنه جائز بالكتاب والسنّة والإجماع وإيش؟ والنظر الصحيح لكن لا بد فيه من شروط ومن حكمة هذه الشريعة أنها جعلت للعبادات شروطا وللعقول شروطا وللتبرّعات شروطا لأن هذه الشروط هي التي تضبط ما كان شرطا فيه وإلا صارت المسألة فوضى فالشروط من ضرورات انتظام الأحكام ولهذا كان البيع له شروط والإجارة لها شروط والوقف له شروط والرهن له شروط وهلم جرا حتى تنضبط الأحكام وتنضبط العقول.
البيع له شروط سبعة فإذا قال قائل ما هو الدليل على هذا الحصر؟ فالجواب التتبّع أن العلماء تتبّعوا فوجدوا أنه لا بد من شروط يصح بها البيع وهي سبعة وربما تدور على إن شاء الله تعالى سنبيّن أنها هذه السبعة تدور على ثلاثة أمور، الظلم والغرر والربا لكن التفصيل حسب، الأول التراضي منهما أي من البائع والمشتري، يُشترط التراضي من البائع والمشتري ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين ءامنوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ )) ومعنى تجارة عن تراض أي تجارة صادرة عن تراض منكم، هذا من القرأن وفي السنّة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يُروى عنه ( إنما البيع عن تراض ) والنظر يقتضي ذلك أيضا لأننا لو لم نشترط التراضي لأصبح الناس يأكل بعضهم بعضا كل إنسان يرغب سلعة عند شخص يذهب إليه وييقول اشتريتها منك بكذا قهرا عليك وهذا يؤدي إلى الفوضى والشغب والعداوة والبغضاء فإذًا الدليل على اشتراط التراضي من الكتاب والسنّة والنظر الصحيح، فلا بد من التراضي.