شرح قول المصنف: " كالبغل والحمار ودود القز وبزره والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد إلا الكلب والحشرات " حفظ
الشيخ : يقول المؤلف " كالبغل والحمار " إلى أخره، البغل هو حيوان متولّد بين الحمار والفرس وهو أن ينزو الحمار على الفرس فتلِد ما يسمّى بالبغل وفيه من طبائع الحمير ومن طبائع الخيل وحكمه أنه حرام لأنه متولد من حلال وحرام على وجه لا يتميّز فغُلِّب جانب التحريم، عرفتم هذا؟ المتولد من حلال وحرام على وجه لا يتميّز فيغلّب جانب التحريم فإذا قال قائل كيف نُغلّب جانب التحريم؟ لماذا لا نغلب جانب الحل؟ نقول لأن اجتناب الحرام واجب ولا يُمكن اجتنابه إلا باجتناب الحلال واجتناب الحلال حلال وإلا حرام؟
السائل : مباح.
سائل آخر : حرام.
الشيخ : اجتناب الحلال يا جماعة؟ مباح حلال، اجتناب الحلال حلال، أفهمتم التعليل؟ العلماء يقولون إذا اجتمع موجب التحليل والتحريم على وجه لا تمييز بينهما غُلِّب جانب التحريم، لماذا؟ لأن اجتناب الحرام كمّل؟ واجب ولا يمكن اجتنابه إلا باجتناب الحلال واجتناب الحلال حلال فأنا إذا اجتنبت الحلال لا حرج علي لكن لو فعلت الحرام فعلي الإثم لهذا غُلِّب جانب التحريم وقيل إن البغل حرام لكن يجوز بيعه لأنه مازال المسلمون يتبايعون البغال من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى عهدنا هذا، كذلك الحمار، الحمار يجوز بيعه وإلا لا؟ يجوز بيعه، الدليل؟ الإجماع، الدليل أن المسلمين مجمعون على ذلك يتبايعون الحمير من عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى يومنا هذا.
فإن قال قائل يُشكل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم ( إن الله إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه ) والبغل حرام والحمار حرام فنقول حرّم ثمنه أي ثمن ذلك المحرّم ولهذا لو اشترى شخص بغلا ليأكله حرُم وإلا حل؟
السائل : حرُم.
الشيخ : نعم، لأنه حرام عليه فلا يجوز أن يأخذ على شيء محرّم عوضا وهو يشتريه لا لأكله ولكن لركوبه وركوبه والانتفاع به حلال فلا يُعارض الحديث.
قال "ودود القز " القز نوع من الحرير من أفخر الحرير وله دود تعرفون الدود؟
السائل : نعم.
الشيخ : إيش هو؟ الدود مثل الذي يكون في التمرة، هذه الدودة بإذن الله يظهر منها هذا القز وينطوي عليها هي بنفسها تطوي على نفسها حتى إذا غمّها ماتت ويبِست ثم أخذ هذا القز لكنه بكميات كبيرة هائلة، دود القز يجوز بيعه مع أنه حشرة لكن يُنتفع به كذلك بِزر هذا الدود الذي لم يصل إلى حد أن يتولّد منه القز يجوز لأنه يُنتفع به متى؟ في الحال وإلا في المأل؟
السائل : في المآل.
الشيخ : لأنه ينتفع به في المأل فيجوز بيعه كذلك أيضا يجوز بيع الفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد، الفيل معروف يجوز بيعه لأنه يُحمل عليه الأثقال ففيه منفعة كذلك سباع البهائم التي تصلح للصيد كالنمور والفهود والأساد إن كانت تصلح وكذلك الصقور وغيرُها، كل سباع البهائم من طائر وماشي إذا كان يصلح للصيد فإنه يجوز بيعه لأنه يُباع لمنفعة مباحة فجاز كالحمار إلا واحدا قال إلا الكلب فإنه لا يجوز بيعه لأن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم ( نهى عن بيعه ) مع أن الكلب يصلح للصيد أليس قد أباح النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم اقتناءه لثلاثة أمور الحرث والماشية والصيد؟ ومع ذلك لا يجوز بيعه حتى لو باعه لهذا الغرض أي للصيد فإنه لا يجوز.
فإن قال قائل كيف مُنِع الكلب مع ما فيه من المنافع ولم تُمنع سباع البهائم التي تصلح للصيد؟ قلنا التفريق بالنص فالنبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن ثمن الكلب ) ولا يصح أن تُقاس سباع البهائم التي تصلح للصيد عليه لدخولها في عموم قوله تعالى (( وأحل الله البيع )) ولأنها أخَفُّ ضررا من الكلب إذ أن الكلب إذا ولغ في الإناء يجب أن يُغسل سبعا إحداها بالتراب وغيره من السباع لا يجب التسبيع فيه ولا التراب فظهر الفرق وامتنع القياس.
فإن قال قائل أليس قد ورد فيما رواه النسائي وغيره من استثناء كلب الصيد؟ قلنا بلى ولكن المحقّقين من أهل الحديث والفقه قالوا إن هذا الاستثناء شاذ فلا يُعوّل عليه وأيضا لو صح هذا الإستثناء لكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب من باب اللغو لأن كلبا لا يُصاد عليه ولا يُنتفع به في الحرث ولا في الماشية لا يُمكن أن يُباع، لا يُمكن فلذلك تعيّن أن يكون النهي عن ثمن الكلب إنما هو الكلب الذي إيش؟ يُنتفع به ويُباح اقتناءه، طيب، يقول إلا الكلب والحشرات، الحشرات لا يصح بيعها والعلة أنه ليس فيها نفع فبذل المال فيها إضاعة له وقد ( نهى النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم عن إضاعة المال ) وعُلِم من هذا التعليل أنه لو كان فيها نفع جاز بيعها، أفهمتم؟ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فإذا كان فيها نفع فلا بأس، قالوا ومن النفع العلق لمص الدم والديدان لإيش؟ لصيد السمك.