شرح قول المصنف: " فلا يصح بيع آبق وشارد وطير في هواء وسمك في ماء ولا مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه " حفظ
الشيخ : وفرّع المؤلف على ذلك قوله " فلا يصح بيع ءابق وشارد " الآبق هو العبد الهارب من سيّده والشارد هو الجمل الشارد من صاحبه فبيع الآبق لا يصح سواءٌ عُلِم خبره أم لم يُعلم لأنه غير مقدور على تسليمه، البائع لا يستطيع أن يُسلّمه للمشتري حتى لو علِمنا خبره وأنه أبق إلى البلد الفلاني لأن العثور عليه يصعب لا سيما مع ضعف السلطان وعدم استتباب الأمن وعدم الضبط فإنه لا شك يصعب جدا أن ينالَه المشتري، وطيب.
وقوله " فلا يصح بيع آبق " ظاهره سواءٌ كان المشتري قادرا على ردّه أم لم يقدر وقيل إن كان قادرا على رده فإن البيع صحيح لأن الحكم يثبت بعلته ويزول بزوال العلة فإذا كان هذا الرجل يعلم مكان الآبق وهو قادر على أخذه بكل سهولة فما المانع من صحة البيع لكن بشرط ألا يغُرّ البائع يعني ألا يوهمه أنه لا يقدر على العثور عليه وذلك لأنه إذا أعلمه أنه قادر عليه فسوف يرفع السعر يعني ثمنه وإذا لم يعلم فسوف يخفض السعر فلا بد أن يُعلمه.
"ولا شارد" الشارد ما هو؟ الجمل الشارد وهذا مثال وإلا فلو أن بقرة هربت أو شاة أو ما أشبه ذلك وعُجِز عنها فهي داخلة في هذا.
" ولا طير في هواء " الطير في الهواء لا يصح بيعه مثلا أن يكون عند الإنسان حمام وليس الأن في مكانه فيبيعه صاحبه فإن بيعه لا يصح لأنه إيش؟ غير مقدور عليه وظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح بيعه ولو ألِف الرجوع حتى لو كان من عادته أي هذا الحمام أن يأتِيَ في الليل ويبيت في مكانه فإنه لا يصح بيعه وذلك لأنه وإن كان ءالف للرجوع فقد يُرمى وقد يهلك لأنه ليس بين أيدينا الأن وقيل إن ألِف الرجوع صح البيع ثم إن رجع وإلا فللمشتري الفسخ وهذا القول أصح، أنه يصح العقد عليه فإذا حضر وأراد البائع أن يقول لا، لا أسلّمك إياه أجبرناه على تسليمه إياه لأن البيع وقع صحيحا وإن لم يحضُر فإن للمشتري الفسخ لأن المشتري لم يشتري شيئا لا يُنتفع ولا يعود عليه.
قال " ولا سمك في ماء " يعني ولا بيع سمك في ماء ولو كان مرئيا فإنه لا يجوز بيعه وظاهر كلام المؤلف ولو كان، نعم، مرئيا بمكان يمكن أخذه منه لأنه أطلَق قال "سمك في ماء" ولكن الصحيح الذي مشى عليه الشارح أنه إذا كان بمرئي يسهل أخذه فإنه يجوز بيعه كالسمك الذي يكون في البرك الأن في برك بعض البساتين يكون فيها سمك لكنها في مكان محوز وهي مرئية يسهل أخذها فهذه يصح بيعها لكن سمك في بحر أو في نهر لا يصح بيعه أو في مكان ليس بحرا ولا نهرا لكن يصعب أخذه فإنه لا يصح بيعه وذلك لأن هذا السمك ربما ينغرز في الطين ولا يُقدر عليه، نعم.
" ولا مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه " لا يصح بيع مغصوب من الغاصب أو من المالك
السائل : من الغاصب.
سائل آخر : لا.
الشيخ : من المالك، يعني لو أن مالك المغصوب باعه على طرف ثالث فإنه لا يصح لأن استثنى قال "من غير غاصبه أو قادر على أخذه" فإن كان من غاصبه بأن قال المالك للغاصب اشتري مني ما غصبته فاشتراه فهذا صحيح لأن العلة وهي عاد القدرة على التسليم أي أعني علة الصحة موجودة إذ أن هذا المغصوب عنده فيصح البيع لكن بشرط ألا يمنعه إياه بدون البيع فإن منعه إياه إلا بالبيع فالبيع غير صحيح لأنه بغير رضا ومن شرط البيع الرضا يعني بأن قال الغاصب أنا لا أرده عليك وأريد أن تبيعه عليّ فالمالك باعه عليه اضطرارا لأنه يقول كما قال العامة "العَوَض ولا القطيعة" يعني ءاخذ العوض ولا يروح مالي وعِوَض مالي فإذا قال الغاصب أنا لا أعطيك إياه ولكن أريد أن تبيعه عليّ أعطيك الثمن وباعه عليه فإن البيع لا يصح، طيب.
فإن بذل غاصب ثمنا أكثر من قيمته أضعافا مضاعفة وباعه المالك عليه فهل يصح أو لا؟ لا يصح، مادام لم يرضى حتى لو أعطي أضعافا مضاعفة لأن المالك ربما لا يرضى أن يبيعه على الغاصب ولو أعطاه أضعاف أضعاف قيمته لأنه يريد أن يتشفّى منه هو يعرف المالك أنه لو أخذ هذه القيمة اشترى عشرة من جنس ما أخِذ منه لكن يريد أن يحول بين الغاصب وبين جشعه وطعمه فيقول أنا لا أبيعها أبدا فهذا نقول لا يصح البيع ولو كان بأضعاف مضاعفة.
وقول المؤلف " أو قادرٍ على أخذه " على أخذ إيش؟
السائل : من الغاصب.
الشيخ : على أخذه من الغاصب مثل أن يغصبه شخص فيبيعَه المالك على عم هذا الشخص القادر على أخذه منه أو على أبيه فإنه يصح لأن العلة أعني علة صحة البيع وهي القدرة على أخذه موجودة، طيب، فإن كان المشتري اشتراه بناءً على أنه قادر على أخذه ولكنه عجَز فيما بعد فله الفسخ لأنه تعذّر الحصول على مقصوده.
إذًا هذا الشرط مأخوذ من القرأن والسنّة والاعتبار، من القرأن يا عبد الرحمان؟ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ )) وجه الدلالة؟
السائل : ... .
الشيخ : أنه لو حصل غَبْن على أحدهما لم يكن راضيا به ومن السنّة، نعم، ءادم؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم، وهذا غرر لأنه قد يحصل وقد لا يحصل، ومن الاعتبار جمال؟
السائل : ... .
الشيخ : أن هذا سبب للعداوة والبغضاء والتنازع والخلاف لأن كل إنسان لا يريد أن يُغْبن، طيب. مثّل يا؟
أنت تبي تسأل وإلا نسأل؟
السائل : ... .