شرح قول المصنف : " ومنها فاسد يبطل العقد كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا آخر كسلف وقرض وبيع وإجارة وصرف ". حفظ
الشيخ : القسم الثاني من أقسام الشروط ما أشار إليه بقوله " ومنها فاسد يُبطل العقد " يعني وفاسد لا يبطل العقد مثال الفاسد الذي لا يُبطل العقد ما سيأتي إن شاء الله تعالى في كلام المؤلف، يقول " ومنها فاسد يُبطل العقد كاشتراط أحدهما على الأخر عقدا أخر كسلف وقرض وبيع وإجارة وصرف " هذا فاسد يُفسد العقد إذا شرط أحدهم على الأخر عقدا أخر كسلف يعني بذلك السلم والسلم تقديم الثمن وتأخير المثمن فيقول المشتري للبائع هذه مائة درهم بمائة صاع من البر تعطيني إياها بعد سنة هذا سلم فإذا باع أحدهما على الأخر شيئا كدار مثلا وقال بشرط أن تُسلمني مائة درهم بمائة صاع من البر فالشرط هنا فاسد مفسد للعقد، فاسد مفسد للعقد فإن قال قائل لماذا فصل هذا عما سبق؟ قلنا لأن ما سبق يكون صحيحا ويكون فاسدا إذا شرط شرطا واحدا كان الشرط صحيحا وإن جمع بين شرطين صار فاسدا أما هنا فهو فاسد من أصله ما فيه تقسيم ولذلك فصله عما سبق.
كذلك يُشترط قرض قال له بع عليّ بيتك هذا قال نعم بشرط أن تُقرضني مائة ألف يقوله من؟ البائع، البائع قد احتاج إلى مائتي ألف مثلا فقال له المشتري أنا أشتري منك هذا البيت بمائة ألف قال أبيع عليك بشرط أن تقرضني مائة ألف فهنا الشرط فاسد ومفسد للعقد فلا يصح القرض ولا يصح البيع، كذلك بيع لو اشترط عليه بيعا فطلب منه أن يبيعه سيارته قال نعم أبيعك إياها بخمسين ألفا بشرط أن تبيع عليّ سيارتك بخمسين ألفا أو بأقل أو بأكثر فهنا لا يصح البيع لا الأصل ولا المشروع "وإجارة" الإجارة يقول بعتك هذا البيت بكذا وكذا وليكن بمائة ألف بشرط أن تؤجرني بيتك، بشرط أن تؤجرني بيتك لمدة سنة فالعقد لا يصح لأنه جمع بين عقدين وكذلك أيضا إذا شرط عليه صرفا مثل أن يقول بعني بيتك بمائة ألف فيقول نعم بشرط أن تَصْرف لي هذه الدنانير بدراهم فهنا يبطل البيع والصرف، الدليل؟ الدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم نهى عن بيعتين في بيعة، نهى عن بيعتين في بيعة وقال ( من باع بيعتين في بيعة فله أوْكسهما أو الربا ) هذا هو الدليل وهذا الدليل بل وهذا الاستدلال بهذا الدليل غير صحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن بيعتين في بيعة وقال ( له أوكسهما أو الربا ) وهذا لا ينطبق على ما ذُكِر إنما ينطبق على مسألة العينة التي سبقت وهي أن يبيع شيئا بثمن مؤجّل ثم يشتريَه نقدا بأقل فهنا نقول هذه بيعتان في بيعة لأن المبيع واحد والعقد؟ لا العقد اثنان بيعتان ولهذا قال ( له أوْكسهما ) يعني أقلهما ( أو الربا ) فهنا إذا باعه بمائة مؤجلا واشتراه بثمنه نقدا فنقول إما ألا تأخذ من المشتري شيئا وهو الزائد وخذ بالأقل وهو كم؟
السائل : ثمانين.
الشيخ : الثمانون فإن أخذت الزائد فقد وقعت في الربا لأن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم قال ( له أوكسهما أو الربا ) واضح يا أخوان؟
السائل : واضح.
سائل آخر : غير واضح.
الشيخ : غير واضح، بعت هذه السيارة بمائة ألف إلى سنة هذه بيعة اشتريتها من المشتري بثمانين نقدا هذه بيعة أيهما أوْكس؟
السائل : الثمانين.
الشيخ : الثمانين، أنا أيها البائع إما أن أقتصر على الثمانين ولا أطالبه بالزائد وهو عشرون فإن طالبته بالزائد فهذا هو الربا ولهذا قال ( له أوكسهما ) بمعنى أن نقول للبائع ليس لك إلا الثمانون ولا تُطالب المشتري بشيء أو له إيش؟ الربا لأنه هذا لا شك إنه حيلة على الربا، واضح الأن وإلا غير واضح؟
السائل : واضح.
الشيخ : واضح، طيب، إذًا البيعتان في بيعة لا تصدق إلا على مسألة العينة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) ( له أوكسهما أو الربا ) وهذا الذي ذكر المؤلف لا يصدق عليه ( أوكسهما أو الربا ) وعلى هذا فالقول الصحيح أنه إذا شرط عقدا في البيع فإن الشرط صحيح والبيع صحيح إلا في مسألتين، المسألة الأولى إذا شرط قرضا ينتفع به فهنا لا يحِل لأنه قرض جرّ نفعا فيكون ربا والمسألة الثانية أن يكون حيلة على الربا، أن يشترط بيعا أخر يكون حيلة على الربا فإنه لا يصح ويدل لذلك أن الأصل في المعاملات الحل وأنه لو جَمَع بين عقدين بلا شرط فهو جائز وإلا غير جائز؟
السائل : جائز.
الشيخ : جائز كما سبق، سبق أنه إذا جمع بين عقدين فلا بأس إذا لم يكن شرط فنقول إذا كان هذا يُباح بلا شرط فما الذي يجعله ممنوعا مع الشرط وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الشرط جائز بين المسلمين إلا شرطا أحل حراما أو حرّم حلالا ) وهذا الشرط لا يُحِل حراما ولا يُحرّم حلالا وعلى هذا فالصواب جواز ذلك إلا في مسألتين، المسألة الأولى القرض حيث جرّ نفعا للمقرض والمسألة الثانية أن يكون حيلة على الربا، مثال القرض إذا جاء الرجل ليستقرض من شخص قال أنا أقرضك لكن بشرط أن تبيع عليّ بيتك بمائة ألف وهو يساوي مائة وعشرين فهنا شرط القرض مع البيع على وجه إيش؟ ينتفع به لأنه يقول للمحتاج الذي جاء يستقرض أنا أقرضك لا مانع لكن بشرط أن تبيع عليّ بيتك بمائة ألف وهو يساوي مائة وعشرين نقول الأن البائع انتفع من قرضه، ما الذي انتفعه؟ أنه نزل له من قيمة البيت عشرون ألفا وهذا ربا فلا يصح.
المسألة الثانية أن يكون حيلة على الربا مثل أن يكون عند شخص مائة صاع بر جيد وعند الثاني مائتا صاع بر رديء فيقول يأتي صاحب البر الرديء ويقول لصاحب البر الجيد بعني إياه، قلنا كم هو؟
السائل : ... .
الشيخ : مائة صاع قال بعني مائة صاع الجيد بمائتي درهم قال لا بأس بشرط أن تبيع عليّ مائتي الصاع الرديئة بمائتي درهم، انتبهوا، هذا لا يجوز لأنه حيلة على إيش؟
السائل : الربا.
الشيخ : على أن يبيع مائة صاع جيد بمائة صاع رديئة من البر وهذا ربا إذا باع مائة صاع جيد من البر بمائتي صاع رديء من البر فهذا حرام ربا لأن البر بالبر لا بد أن يكون سواء فالصواب جواز اشتراط عقد أخر إلا في حالين، الأولى القرض إذا جرّ نفعا والثانية أن يكون حيلة على الربا وهذا هو الذي ينطبق على القواعد الشرعية وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله ومذهب الإمام مالك في المعاملات هو أقرب المذاهب إلى السنّة ولا تكاد تجِد في مذهب الإمام أحمد أو ولا تكاد تجد قولا للإمام مالك في المعاملات إلا وعن الإمام أحمد نفسه رواية تُوافق مذهب مالك لكن تعلمون أن أصحاب المذاهب كلما ازدادوا عددا جُعِل المذهب ما كان الأكثر عددا، هذا الغالب لذلك لا يمكن أن نقول إن مذهب الإمام أحمد مثلا هو تحريم هذا البيع وأنه عنه رواية واحدة بل لا بد أن يكون له رواية توافق ما يدل عليه الدليل الصحيح ومذهب مالك في هذه المسألة هو أحسن المذاهب وأقواها ولدينا قاعدة مطردة الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم دليل على التحريم، طيب.
إذًا إذا اشترط أحدهما على الأخر عقدا أخر فالمذهب بطلان العقدين والصحيح صحة العقدين إلا في حالين، الأولى إذا قرضا يجرّ نفعا والثانية إذا كان حيلة على المحرّم، هذا من الشروط الفاسدة المفسدة، نعم؟
السائل : شيخ وإذا كان يعني باع بيتا مثلا واشترط قرضا لكن لا على أساس أنه يعني ..
الشيخ : هو انتهى الوقت؟
السائل : ... .
سائل آخر : ما انتهى.
الشيخ : سبحان الله، أنا أسمع الساعة.
السائل : ما انتهى يا شيخ.
الشيخ : طيب، أجل انتظر.