2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله - تعالى -" القديم "، وليس هو من أسماء الله تعالى الحسنى، فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن: هو المتقدم على غيره، فيقال: هذا قديم، للعتيق، وهذا حديث، للجديد. ولم يستعمل هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره، لا فيما لم يسبقه عدم، كما قال تعالى: (( حتى عاد كالعرجون القديم )). والعرجون القديم: الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني، فإذا وجد الحديث قيل للأول: قديم، وقال تعالى: (( وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ))، أي متقدم في الزمان. وقال تعالى: (( أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون )) ، فالأقدم مبالغة في القديم، ومنه: القول القديم والجديد للشافعي رحمه الله تعالى. وقال تعالى: (( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار )) ؛ أي يتقدمهم، ويستعمل منه الفعل لازما ومتعديا، كما يقال: أخذني ما قدم وما حدث، ويقال: هذا قدم هذا وهو يقدمه. ومنه سميت القدم قدما، لأنها تقدم بقية بدن الإنسان. وأما إدخال" القديم "في أسماء الله - تعالى- فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام. وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف، منهم ابن حزم. ولا ريب أنه إذا كان مستعملا في نفس التقدم، فإن ما تقدم على الحوادث كلها فهو أحق بالتقدم من غيره. لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به، والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها، فلا يكون من الأسماء الحسنى. وجاء الشرع باسمه"الأول". وهو أحسن من"القديم"؛ لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له، بخلاف القديم. والله تعالى له الأسماء الحسنى " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... قوله: " لا يفنى ولا يبيد " إقرار بدوام بقائه سبحانه وتعالى، قال عز من قائل: (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) . والفناء والبيد متقاربان في المعنى، والجمع بينهما في الذكر للتأكيد، وهو أيضا مقرر ومؤكد لقوله: دائم بلا انتهاء ... ". أستمع حفظ
5 - مواصلة تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح " ... قوله: " لا يفنى ولا يبيد " إقرار بدوام بقائه سبحانه ..." أستمع حفظ
7 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... قوله: " ولا يكون إلا ما يريد " هذا رد لقول القدرية والمعتزلة، فإنهم زعموا أن الله أراد الإيمان من الناس كلهم والكافر أراد الكفر. وقولهم فاسد مردود، لمخالفته الكتاب والسنة والمعقول الصحيح، وهي مسألة القدر المشهورة، وسيأتي لها زيادة بيان إن شاء الله تعالى. وسموا" قدرية " لإنكارهم القدر، وكذلك تسمى الجبرية المحتجون بالقدر قدرية أيضا. والتسمية على الطائفة الأولى أغلب. وأما أهل السنة فيقولون: إن الله وإن كان يريد المعاصي قدرا - فهو لا يحبها ولا يرضاها ولا يأمر بها، بل يبغضها ويسخطها ويكرهها وينهى عنها. وهذا قول السلف قاطبة، فيقولون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ ولهذا اتفق الفقهاء على أن الحالف لو قال: والله لأفعلن كذا إن شاء الله - لم يحنث - إذا لم يفعله وإن كان واجبا أو مستحبا، ولو قال: إن أحب الله - حنث - إذا كان واجبا أو مستحبا. والمحققون من أهل السنة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة قدرية كونية خلقية، وإرادة دينية أمرية شرعية. فالإرادة الشرعية هي المتضمنة للمحبة والرضا، والكونية هي المشيئة الشاملة لجميع الموجودات " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
8 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... والمحققون من أهل السنة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة قدرية كونية خلقية، وإرادة دينية أمرية شرعية. فالإرادة الشرعية هي المتضمنة للمحبة والرضا، والكونية هي المشيئة الشاملة لجميع الموجودات . وهذا كقوله تعالى: (( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء )) . وقوله تعالى عن نوح عليه السلام: (( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم )) ، وقوله تعالى: (( ولكن الله يفعل ما يريد )) . وأما الإرادة الدينية الشرعية الأمرية، فكقوله تعالى: (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) ، وقوله تعالى: (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم )) ، وقوله تعالى: (( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ))، وقوله تعالى: (( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا )) ، وقوله تعالى: (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم )) ، وقوله تعالى: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) . فهذه الإرادة هي المذكورة في مثل قول الناس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل ما لا يريده الله، أي: لا يحبه ولا يرضاه ولا يأمر به. وأما الإرادة الكونية فهي الإرادة المذكورة في قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
9 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... والفرق ثابت بين إرادة المريد أن يفعل، وبين إرادته من غيره أن يفعل. فإذا أراد الفاعل أن يفعل فعلا فهذه الإرادة معلقة بفعله، وإذا أراد من غيره أن يفعل فعلا فهذه الإرادة لفعل الغير. وكلا النوعين معقول للناس، والأمر يستلزم الإرادة الثانية دون الأولى، فالله - تعالى - إذا أمر العباد بأمر فقد يريد إعانة المأمور على ما أمر به وقد لا يريد ذلك، وإن كان مريدا منه فعله. وتحقيق هذا مما يبين فصل النزاع في أمر الله - تعالى -: هل هو مستلزم لإرادته أم لا ؟ فهو سبحانه أمر الخلق على ألسن رسله بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم، ولكن منهم من أراد أن يخلق فعله، فأراد سبحانه أن يخلق ذلك الفعل ويجعله فاعلا له. ومنهم من لم يرد أن يخلق فعله، فجهة خلقه سبحانه لأفعال العباد وغيرها من المخلوقات، غير جهة أمره للعبد على وجه البيان لما هو مصلحة للعبد أو مفسدة، ... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
10 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية " ... وهو سبحانه - إذ أمر فرعون وأبا لهب وغيرهما بالإيمان - كان قد بين لهم ما ينفعهم وما يصلحهم إذا فعلوه، ولا يلزم إذا أمرهم أن يعينهم، بل قد يكون في خلقه لهم ذلك الفعل وإعانتهم عليه وجه مفسدة من حيث هو فعل له، فإنه يخلق ما يخلق لحكمة، ولا يلزم إذا كان الفعل المأمور به مصلحة للمأمور إذا فعله - أن يكون مصلحة للآمر إذا فعله هو أو جعل المأمور فاعلا له. فأين جهة الخلق من جهة الأمر ؟ فالواحد من الناس يأمر غيره وينهاه مريدا النصيحة ومبينا لما ينفعه، وإن كان مع ذلك لا يريد أن يعينه على ذلك الفعل، إذ ليس كل ما كان مصلحتي في أن آمر به غيري وأنصحه - يكون مصلحتي في أن أعاونه أنا عليه، بل قد تكون مصلحتي إرادة ما يضاده. فجهة أمره لغيره نصحا غير جهة فعله لنفسه، وإذا أمكن الفرق في حق المخلوقين فهو في حق الله أولى بالإمكان. أستمع حفظ