1 - تتمة التعليق على قول شارح الطحاوية : " ... واختلفت عبارات المفسرين في" المثل الأعلى ". ووفق بين أقوالهم بعض من وفقه الله وهداه، فقال:" المثل الأعلى "يتضمن: الصفة العليا، وعلم العالمين بها، ووجودها العلمي، والخبر عنها وذكرها، وعبادة الرب - تعالى - بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه. فهاهنا أمور أربعة: ثبوت الصفات العليا لله، سبحانه وتعالى، سواء علمها العباد أو لا، وهذا معنى قول من فسرها بالصفة. الثاني: وجودها في العلم والشعور، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه، من معرفته وذكره، ومحبته وجلاله، وتعظيمه، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه والإنابة إليه، وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشركه فيه غيره أصلا، بل يختص به في قلوبهم، كما اختص به في ذاته. وهذا معنى قول من قال من المفسرين: معناه أن أهل السماوات يحبونه ويعظمونه ويعبدونه، وأهل الأرض كذلك، وإن أشرك به من أشرك، وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فأهل الأرض معظمون له، مجلون، خاضعون لعظمته، مستكينون لعزته وجبروته. قال تعالى: (( وله من في السماوات والأرض كل له قانتون )) . الثالث: ذكر صفاته والخبر عنها وتنزهها من العيوب والنقائص والتمثيل. الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده، والإخلاص له، والتوكل عليه، والإنابة إليه. وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص أقوى ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... فعبارات السلف كلها تدور على هذه المعاني الأربعة. فمن أضل ممن يعارض بين قوله تعالى: (( وله المثل الأعلى )) وبين قوله: (( ليس كمثله شيء )). ؟ ويستدل بقوله: (( ليس كمثله شيء )) على نفي الصفات ويعمى عن تمام الآية وهو قوله: (( وهو السميع البصير )) حتى أفضى هذا الضلال ببعضهم، وهو أحمد بن أبي دؤاد القاضي، إلى أن أشار على الخليفة المأمون أن يكتب على ستر الكعبة: ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم، حرف كلام الله لينفي وصفه -تعالى - بأنه السميع البصير !! كما قال الضال الآخر جهم بن صفوان: وددت أني أحك من المصحف قوله تعالى: (( ثم استوى على العرش )) فنسأل الله العظيم السميع البصير أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، بمنه وكرمه..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وفي إعراب كمثله - وجوه، أحدها: أن الكاف صلة زيدت للتأكيد، قال أوس بن حجر: ليس كمثل الفتى زهير... خلق يوازيه في الفضائل . وقال آخر: ما إن كمثلهم في الناس من بشر... وقال آخر: وقتلى كمثل جذوع النخيل... فيكون " مثله " خبر ليس واسمها شيء. وهذا وجه قوي حسن، تعرف العرب معناه في لغتها، ولا يخفى عنها إذا خوطبت به، وقد جاء عن العرب أيضا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم: وصاليات ككما يؤثفين... وقول الآخر: فأصبحت مثل كعصف مأكول... الوجه الثاني: أن الزائد (مثل) أي: ليس كهو شيء، وهذا القول بعيد، لأن مثل اسم والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم. الثالث: أنه ليس ثم زيادة أصلا، بل هذا من باب قولهم: مثلك لا يفعل كذا، أي: أنت لا تفعله، وأتى بمثل للمبالغة، وقالوا في معنى المبالغة هنا: أي: ليس كمثله مثل لو فرض المثل، فكيف ولا مثل له. وقيل غير ذلك، والأول أظهر ... " مع تعليق الشيخ . أستمع حفظ
4 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " خلق الخلق بعلمه " خلق: أي: أوجد وأنشأ وأبدع. ويأتي خلق أيضا بمعنى: قدر. والخلق: مصدر، وهو هنا بمعنى المخلوق. وقوله: (بعلمه) في محل نصب على الحال، أي: خلقهم عالما بهم، قال تعالى: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) . وقال تعالى: (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار )) . وفي ذلك رد على المعتزلة ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
5 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قال الإمام عبد العزيز المكي صاحب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وجليسه، في كتاب الحيدة، الذي حكى فيه مناظرته بشرا المريسي عند المأمون حين سأله عن علمه تعالى: فقال بشر: أقول: لا يجهل، فجعل يكرر السؤال عن صفة العلم، تقريرا له، وبشر يقول: لا يجهل، ولا يعترف له أنه عالم بعلم، فقال الإمام عبد العزيز: نفي الجهل لا يكون صفة مدح، فإن هذه الأسطوانة لا تجهل، وقد مدح الله تعالى الأنبياء والملائكة والمؤمنين بالعلم، لا بنفي الجهل. فمن أثبت العلم فقد نفى الجهل، ومن نفى الجهل لم يثبت العلم، وعلى الخلق أن يثبتوا ما أثبته الله تعالى لنفسه، وينفوا ما نفاه، ويمسكوا عما أمسك عنه ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
6 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... والدليل العقلي على علمه تعالى: أنه يستحيل إيجاده الأشياء مع الجهل، ولأن إيجاده الأشياء بإرادته، والإرادة تستلزم تصور المراد، وتصور المراد: هو العلم بالمراد، فكان الإيجاد مستلزما للإرادة، والإرادة مستلزمة للعلم، فالإيجاد مستلزم للعلم. ولأن المخلوقات فيها من الإحكام والإتقان ما يستلزم علم الفاعل لها، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم، ولأن من المخلوقات ما هو عالم، والعلم صفة كمال، ويمتنع أن لا يكون الخالق عالما. وهذا له طريقان: أحدهما: أن يقال: نحن نعلم بالضرورة أن الخالق أكمل من المخلوق، وأن الواجب أكمل من الممكن، ونعلم ضرورة أنا لو فرضنا شيئين، أحدهما عالم والآخر غير عالم - كان العالم أكمل، فلو لم يكن الخالق عالما لزم أن يكون الممكن أكمل منه، وهو ممتنع ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ