1 - تتمة التعليق على قول شارح الطجاوية : " ... قوله: " والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ))، وتفسيره على ما أراد الله تعالى وعلمه، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه ". المخالف في الرؤية: الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الخوارج والإمامية. وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة. وقد قال بثبوت الرؤية الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين، وأهل الحديث، وسائر طوائف أهل الكلام المنسوبون إلى السنة والجماعة. وهذه المسألة من أشرف مسائل أصول الدين وأجلها، وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتنافس المتنافسون، وحرمها الذين هم عن ربهم محجوبون، وعن بابه مردودون. وقد ذكر الشيخ رحمه الله من الأدلة قوله تعالى: (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ))، . وهي من أظهر الأدلة. وأما من أبى إلا تحريفها بما يسميه تأويلا، فتأويل نصوص المعاد والجنة والنار والحساب، أسهل من تأويلها على أرباب التأويل. ولا يشاء مبطل أن يتأول النصوص ويحرفها عن مواضعها إلا وجد إلى ذلك من السبيل ما وجده متأول هذه النصوص... ". أستمع حفظ
2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وهذا الذي أفسد الدنيا والدين. وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم. وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم، وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية. فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد! وكذا ما جرى في يوم الجمل، وصفين، ومقتل الحسين رضي الله عنه، والحرة ؟ وهل خرجت الخوارج، واعتزلت المعتزلة، ورفضت الروافض، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، إلا بالتأويل الفاسد؟ ! وإضافة النظر إلى الوجه، الذي هو محله، في هذه الآية، وتعديته بأداة إلى الصريحة في نظر العين، وإخلاء الكلام من قرينة تدل على خلافه. حقيقة موضوعة صريحة في أن الله أراد بذلك نظر العين . التي في الوجه إلى الرب جل جلاله. فإن النظر له عدة استعمالات، بحسب صلاته وتعديه بنفسه: فإن عدي بنفسه فمعناه: التوقف والانتظار، (( انظرونا نقتبس من نوركم )). وإن عدي بـ"في"فمعناه: التفكر والاعتبار، كقوله: (( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ))، وإن عدي بـ"إلى"فمعناه: المعاينة بالأبصار، كقوله تعالى: (( انظروا إلى ثمره إذا أثمر )). فكيف إذا أضيف إلى الوجه الذي هو محل البصر؟ وروى ابن مردويه بسنده إلى ابن عمر، قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: (( وجوه يومئذ ناضرة )) قال: من البهاء والحسن (( إلى ربها ناظرة ))، قال في وجه الله عز وجل ). عن الحسن قال: نظرت إلى ربها فنضرت بنوره. وقال أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما، (( إلى ربها ناظرة )) قال: تنظر إلى وجه ربها عز وجل. وقال عكرمة: (( وجوه يومئذ ناضرة )) ، قال: من النعيم، (( إلى ربها ناظرة )) ، قال: تنظر إلى ربها نظرا، ثم حكى عن ابن عباس مثله. وهذا قول كل مفسر من أهل السنة والحديث. وقال تعالى: (( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد )). قال الطبري: قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك رضي الله عنهما: هو النظر إلى وجه الله عز وجل. وقال تعالى: (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) فالحسنى: الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجهه الكريم، فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، كما روى مسلم في " صحيحه " عن صهيب، قال: ( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ))، قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة ) . ورواه غيره بأسانيد متعددة وألفاظ أخر، معناها أن الزيادة: النظر إلى وجه الله عز وجل. وكذلك فسرها الصحابة رضي الله عنهم. روى ابن جرير ذلك عن جماعة، منهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحذيفة، وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، رضي الله عنهم ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وقال تعالى: (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) . احتج الشافعي رحمه الله وغيره من الأئمة بهذه الآية على الرؤية لأهل الجنة، ذكر ذلك الطبري وغيره عن المزني عن الشافعي. وقال الحاكم: حدثنا الأصم حدثنا الربيع بن سليمان قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي، وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله عز وجل: (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) فقال الشافعي: لما أن حجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضا. وأما استدلال المعتزلة بقوله تعالى: (( قال لن تراني )) ، وبقوله تعالى:(( لا تدركه الأبصار )) . فالآيتان دليل عليهم. الآية الأولى: فالاستدلال منها على ثبوت رؤيته من وجوه: أحدها: أنه لا يظن بكليم الله ورسوله الكريم وأعلم الناس بربه في وقته - أن يسأل ما لا يجوز عليه، بل هو عندهم من أعظم المحال. الثاني: أن الله لم ينكر عليه سؤاله، ولما سأل نوح ربه نجاة ابنه أنكر سؤاله، وقال: (( إني أعظك أن تكون من الجاهلين )) . الثالث: أنه تعالى قال: (( لن تراني )) ، ولم يقل: إني لا أرى، أو لا تجوز رؤيتي، أو لست بمرئي. والفرق بين الجوابين ظاهر. ألا ترى أن من كان في كمه حجر فظنه رجل طعاما فقال: أطعمنيه، فالجواب الصحيح: أنه لا يؤكل، أما إذا كان طعاما صح أن يقال: إنك لن تأكله. وهذا يدل على أنه سبحانه مرئي، ولكن موسى لا تحتمل قواه رؤيته في هذه الدار، لضعف قوى البشر فيها عن رؤيته تعالى. يوضحه: الوجه الرابع: وهو قوله: (( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )). فأعلمه أن الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت للتجلي في هذه الدار، فكيف بالبشر الذي خلق من ضعف ؟ الخامس: أن الله سبحانه قادر على أن يجعل الجبل مستقرا، وذلك ممكن، وقد علق به الرؤية، ولو كانت محالا لكان نظير أن يقول: إن استقر الجبل فسوف آكل وأشرب وأنام. والكل عندهم سواء. السادس: قوله تعالى: (( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا )) ، فإذا جاز أن يتجلى للجبل الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب، فكيف يمتنع أن يتجلى لرسله وأوليائه في دار كرامته؟ ولكن الله تعالى أعلم موسى عليه السلام أن الجبل إذا لم يثبت لرؤيته في هذه الدار، فالبشر أضعف. السابع: أن الله كلم موسى وناداه وناجاه، ومن جاز عليه التكلم والتكليم وأن يسمع مخاطبه كلامه بغير واسطة - فرؤيته أولى بالجواز. ولهذا لا يتم إنكار رؤيته إلا بإنكار كلامه، وقد جمعوا بينهما. وأما دعواهم تأبيد النفي بـ (( لن )) وأن ذلك يدل على نفي الرؤية في الآخرة، ففاسد، فإنها لو قيدت بالتأبيد لا يدل على دوام النفي في الآخرة، فكيف إذا أطلقت ؟ قال تعالى: (( ولن يتمنوه أبدا )) ، مع قوله: (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك )) . ولأنها لو كانت للتأبيد المطلق لما جاز تحديد الفعل بعدها، وقد جاء ذلك، قال تعالى: (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي )) . فثبت أن ((لن)) لا تقتضي النفي المؤبد. قال الشيخ جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى: ومن رأى النفي بلن مؤبدا... فقوله اردد وسواه فاعضدا ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ