1 - تتمة التعليق على قوله في شرح الطجاوية : ".... قوله: " والأمن والإياس ينقلان " عن ملة الإسلام، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة ". يجب أن يكون العبد خائفا راجيا، فإن الخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط. والرجاء المحمود: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله، فهو راج لثوابه، أو رجل أذنب ذنبا ثم تاب منه إلى الله، فهو راج لمغفرته. قال الله تعالى: (( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم )) . أما إذا كان الرجل متماديا في التفريط والخطايا، يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب. قال: أبو علي الروذباري رحمه الله: الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت. وقد مدح الله أهل الخوف والرجاء بقوله: (( من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}(3) الآية. وقال: {تتجافى جنوبهم}{عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا )) ، الآية. فالرجاء يستلزم الخوف، ولولا ذلك لكان أمنا، والخوف يستلزم الرجاء، ولولا ذلك لكان قنوطا ويأسا. وكل أحد إذا خفته هربت منه، إلا الله تعالى، فإنك إذا خفته هربت إليه، فالخائف هارب من ربه إلى ربه. وقال صاحب منازل السائرين رحمه الله: الرجاء أضعف منازل المريد، وفي كلامه نظر، بل الرجاء والخوف على الوجه المذكور من أشرف منازل المريد. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء ) . وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه )، ولهذا قيل: إن العبد ينبغي أن يكون رجاؤه في مرضه أرجح من خوفه، بخلاف زمن الصحة، فإنه يكون خوفه أرجح من رجائه. وقال بعضهم: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ، وروي: ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد، ولقد أحسن محمود الوراق في قوله: لو قد رأيت الصغير من عمل ال *** خير ثوابا عجبت من كبره. أو قد رأيت الحقير من عمل الش *** ر جزاء أشفقت من حذره. ...". أستمع حفظ
2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه ". يشير الشيخ إلى الرد على الخوارج والمعتزلة في قوله بخروجه من الإيمان بارتكاب الكبيرة. وفيه تقرير لما قال أولا:" لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله ". وتقدم الكلام على هذا المعنى ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " والإيمان: هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان. وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق. والإيمان واحد، وأهله في أصله سواء، والتفاضل بينهم بالخشية والتقى، ومخالفة الهوى، وملازمة الأولى " . اختلف الناس فيما يقع عليه اسم"الإيمان"، اختلافا كثيرا: فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين -: إلى أنه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. وذهب كثير من أصحابنا إلى ما ذكره الطحاوي: أنه الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان. ومنهم من يقول: إن الإقرار باللسان ركن زائد ليس بأصلي، وإلى هذا ذهب أبو منصور الماتريدي رحمه الله، ويروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه. وذهب الكرامية إلى أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط! فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الإيمان، ولكنهم يقولون بأنهم يستحقون الوعيد الذي أوعدهم الله به! وقولهم ظاهر الفساد. وذهب الجهم بن صفوان وأبو الحسين الصالحي أحد رؤساء القدرية - إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب! وهذا القول أظهر فسادا مما قبله! فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين: فإنهم عرفوا صدق موسى وهارون، ولم يؤمنوا بهما، ولهذا قال موسى لفرعون: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) . وقال تعالى: (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين )) . وأهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ولم يكونوا مؤمنين به، بل كافرين به. معادين له، وكذلك أبو طالب عنده يكون مؤمنا، فإنه قال: ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار مسبة *** لوجدتني سمحا بذاك مبينا بل إبليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الإيمان! فإنه لم يجهل ربه، بل هو عارف به، (( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون )) . (( قال رب بما أغويتني )) . (( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) . والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى، ولا أحد أجهل منه بربه! فإنه جعله الوجود المطلق، وسلب عنه جميع صفاته، ولا جهل أكبر من هذا، فيكون كافرا بشهادته على نفسه !. وبين هذه المذاهب مذاهب أخر. بتفاصيل وقيود، أعرضت عن ذكرها اختصارا، ذكر هذه المذاهب أبو المعين النسفي في تبصرة الأدلة، وغيره ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
4 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح " ... وذهب كثير من أصحابنا إلى ما ذكره الطحاوي: أنه الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان. ومنهم من يقول: إن الإقرار باللسان ركن زائد ليس بأصلي، وإلى هذا ذهب أبو منصور الماتريدي رحمه الله، ويروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه. وذهب الكرامية إلى أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط! فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الإيمان، ولكنهم يقولون بأنهم يستحقون الوعيد الذي أوعدهم الله به! وقولهم ظاهر الفساد. وذهب الجهم بن صفوان وأبو الحسين الصالحي أحد رؤساء القدرية - إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب! وهذا القول أظهر فسادا مما قبله! فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين: فإنهم عرفوا صدق موسى وهارون، ولم يؤمنوا بهما، ولهذا قال موسى لفرعون: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) . وقال تعالى: (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين )) . وأهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ولم يكونوا مؤمنين به، بل كافرين به. معادين له، وكذلك أبو طالب عنده يكون مؤمنا، فإنه قال: ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار مسبة *** لوجدتني سمحا بذاك مبينا بل إبليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الإيمان! فإنه لم يجهل ربه، بل هو عارف به، (( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون )) . (( قال رب بما أغويتني )) . (( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) . والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى، ولا أحد أجهل منه بربه! فإنه جعله الوجود المطلق، وسلب عنه جميع صفاته، ولا جهل أكبر من هذا، فيكون كافرا بشهادته على نفسه !. وبين هذه المذاهب مذاهب أخر. بتفاصيل وقيود، أعرضت عن ذكرها اختصارا، ذكر هذه المذاهب أبو المعين النسفي في تبصرة الأدلة، وغيره ...". أستمع حفظ