2 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح : " ... ولهذا - والله أعلم - قال الشيخ رحمه الله: " وأهله في أصله سواء "، يشير إلى أن التساوي إنما هو في أصله، ولا يلزم منه التساوي من كل وجه، بل تفاوت درجات نور" لا إله إلا الله "في قلوب أهلها لا يحصيها إلا الله تعالى؛ فمن الناس من نور"لا إله إلا الله"في قلبه كالشمس، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري، وآخر كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف. ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار، بحسب ما في قلوبهم من نور الإيمان والتوحيد علما وعملا، وكلما اشتد نور هذه الكلمة وعظم أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته، بحيث إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف شهوة ولا شبهة ولا ذنبا إلا أحرقه. وهذه حال الصادق في توحيده، فسماء إيمانه قد حرس بالرجوم من كل سارق، ومن عرف هذا عرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله )، وقوله: ( لا يدخل النار من قال: لا إله إلا الله». وما جاء من هذا النوع من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة، وظنها بعضهم قبل ورود الأوامر والنواهي، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود، ونحو ذلك...." . أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... والشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين في الدرك الأسفل من النار، فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب. وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة، ويقابلها تسعة وتسعون سجلا، كل سجل منها مد البصر، فتثقل البطاقة، وتطيش السجلات، فلا يعذب صاحبها . ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار. وتأمل ما قام بقلب قاتل المائة من حقائق الإيمان، التي لم تشغله عند السياق عن السير إلى القرية، وحملته وهو في تلك الحال أن جعل ينوء بصدره وهو يعالج سكرات الموت . وتأمل ما قام بقلب البغي من الإيمان، حين نزعت موقها وسقت الكلب من الركية، فغفر لها . وهكذا العقل أيضا، فإنه يقبل التفاضل، وأهله في أصله سواء، مستوون في أنهم عقلاء غير مجانين، وبعضهم أعقل من بعض. وكذلك الإيجاب والتحريم، فيكون إيجاب دون إيجاب، وتحريم دون تحريم. هذا هو الصحيح، وإن كان بعضهم قد طرد ذلك في العقل والوجوب... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
4 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل - فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله، ولا يجب على كل أحد من الإيمان المفصل مما أخبر به الرسول ما يجب على من بلغه خبره، كما في حق النجاشي وأمثاله. وأما الزيادة بالعمل والتصديق، المستلزم لعمل القلب والجوارح -: فهو أكمل من التصديق الذي لا يستلزمه، فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل من العلم الذي لا يعمل به، فإذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس المخبر كالمعاين ) ، وموسى عليه السلام لما أخبر أن قومه عبدوا العجل لم يلق الألواح، فلما رآهم قد عبدوه ألقاها، وليس ذلك لشك موسى في خبر الله، لكن المخبر وإن جزم بصدق المخبر، فقد لا يتصور المخبر به في نفسه، كما يتصوره إذ عاينه، كما قال إبراهيم الخليل صلوات الله عليه: (( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )) . وأيضا: فمن وجب عليه الحج والزكاة مثلا، يجب عليه من الإيمان أن يعلم ما أمر به، ويؤمن بأن الله أوجب عليه ما لا يجب على غيره الإيمان به إلا مجملا، وهذا يجب عليه فيه الإيمان المفصل. وكذلك الرجل أول ما يسلم، إنما يجب عليه الإقرار المجمل، ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديها، فلم يتساو الناس فيما أمروا به من الإيمان ..." مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
5 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح . " ... وكذلك الرجل أول ما يسلم، إنما يجب عليه الإقرار المجمل، ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديها، فلم يتساو الناس فيما أمروا به من الإيمان. ولا شك أن من قام بقلبه التصديق الجازم، الذي لا يقوى على معارضته شهوة ولا شبهة - لا تقع معه معصية، ولولا ما حصل له من الشهوة والشبهة أو إحداهما لما عصى، بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصية، فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصي. ولهذا - والله أعلم - قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث. فهو حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمة الزنا. وإن بقي أصل التصديق في قلبه، ثم يعاوده. فإن المتقين كما وصفهم الله تعالى بقوله: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}(1). قال ليث عن مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه. والشهوة والغضب مبدأ السيئات، فإذا أبصر رجع. ثم قال تعالى: {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون}(2)، أي: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون. قال ابن عباس: لا الإنس تقصر عن السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم. فإذا لم يبصر يبقى قلبه في عمى، والشيطان يمده في غيه وإن كان التصديق في قلبه لم يكذب، فذلك النور والإبصار، وتلك الخشية والخوف تخرج من قلبه. وهذا كما أن الإنسان يغمض عينيه فلا يرى، وإن لم يكن أعمى، فكذلك القلب، بما يغشاه من رين الذنوب، لا يبصر الحق وإن لم يكن أعمى كعمى الكافر. وجاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إذا زنا العبد نزع منه الإيمان، فإن تاب أعيد إليه» ..". أستمع حفظ