1 - تتمة التعليق على قوله في شرح الطحاوية : " .... وأما لفظ " الإيمان " فلا يستعمل إلا في الخبر عن الغائب، فيقال لمن قال: طلعت الشمس -: صدقناه، ولا يقال: آمنا له، فإن فيه أصل معنى الأمن، والإيمان إنما يكون في الخبر عن الغائب، فالأمر الغائب هو الذي يؤتمن عليه المخبر. ولهذا لم يأت في القرآن وغيره" لفظ " "آمن له "- إلا في هذا النوع. ولأنه لم يقابل لفظ " الإيمان " قط بالتكذيب، كما يقابل لفظ " التصديق "، وإنما يقابل بالكفر، والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق ولكن لا أتبعك، بل أعاديك وأبغضك وأخالفك - لكان كفرا أعظم، فعلم أن الإيمان ليس التصديق فقط، ولا الكفر هو التكذيب فقط. بل إذا كان الكفر يكون تكذيبا، ويكون مخالفة ومعاداة بلا تكذيب - فكذلك الإيمان، يكون تصديقا وموافقة وانقيادا، ولا يكفي مجرد التصديق، فيكون الإسلام جزء مسمى الإيمان... " . أستمع حفظ
2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... ولو سلم الترادف، فالتصديق يكون بالأفعال أيضا، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( العينان تزنيان، وزناهما النظر، والأذن تزني، وزناها السمع ) ، إلى أن قال: ( والفرج يصدق ذلك ويكذبه ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله: " ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وقر في الصدور وصدقته الأعمال " . ولو كان تصديقا فهو تصديق مخصوص، كما في الصلاة ونحوها كما تقدم، وليس هذا نقلا للفظ ولا تغييرا له، فإن الله لم يأمر بإيمان مطلق، بل بإيمان خاص، وصفه وبينه. فالتصديق الذي هو الإيمان، أدنى أحواله أن يكون نوعا من التصديق العام، فلا يكون مطابقا له في العموم والخصوص، من غير تغير للبيان ولا قلبه، بل يكون" الإيمان "في كلام الشارع مؤلفا من العام والخاص، كالإنسان الموصوف بأنه حيوان ناطق، ولأن التصديق التام القائم بالقلب مستلزم لما وجب من أعمال القلب والجوارح، فإن هذه لوازم الإيمان التام، وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم. ونقول: إن هذه لوازم تدخل في مسمى اللفظ تارة، وتخرج عنه أخرى، أو إن اللفظ باق على معناه في اللغة، ولكن الشارع زاد فيه أحكاما، أو أن يكون الشارع استعمله في معناه المجازي، فهو حقيقة شرعية، مجاز لغوي، أو أن يكون قد نقله الشارع. وهذه الأقوال لمن سلك هذا الطريق... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وقالوا : إن الرسول قد وقفنا على معاني الإيمان، وعلمنا من مراده علما ضروريا أن من قال إنه صدق ولم يتكلم بلسانه بالإيمان، مع قدرته على ذلك، ولا صلى، ولا صام. ولا أحب الله ورسوله، ولا خاف الله، بل كان مبغضا للرسول، معاديا له يقاتله - أن هذا ليس بمؤمن. كما علمنا أنه رتب الفوز والفلاح على التكلم بالشهادتين مع الإخلاص والعمل بمقتضاهما. فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( الحياء شعبة من الإيمان ) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( البذاذة من الإيمان ) . فإذا كان الإيمان أصلا له شعب متعددة، وكل شعبة منها تسمى: إيمانا، فالصلاة من الإيمان، وكذلك الزكاة والصوم والحج والأعمال الباطنة، كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه، حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق، فإنه من شعب الإيمان. وهذه الشعب، منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعا، كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعا، كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتا عظيما، منها ما يقرب من شعبة الشهادة، ومنها ما يقرب من شعبة إماطة الأذى، وكما أن شعب الإيمان إيمان، فكذا شعب الكفر كفر، فالحكم بما أنزل الله - مثلا - من شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله كفر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) . رواه مسلم. وفي لفظ: ( ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله -: فقد استكمل الإيمان ) . ومعناه - والله أعلم - أن الحب والبغض أصل حركة القلب، وبذل المال ومنعه هو كمال ذلك، فإن المال آخر المتعلقات بالنفس، والبدن متوسط بين القلب والمال، فمن كان أول أمره وآخره كله لله، كان الله إلهه في كل شيء، فلم يكن فيه شيء من الشرك، وهو إرادة غير الله وقصده ورجاؤه، فيكون مستكمل للإيمان، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على قوة الإيمان وضعفه بحسب العمل... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
4 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح " ... وكما أن شعب الإيمان إيمان، فكذا شعب الكفر كفر، فالحكم بما أنزل الله - مثلا - من شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله كفر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) . رواه مسلم. وفي لفظ: ( ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله -: فقد استكمل الإيمان ) . ومعناه - والله أعلم - أن الحب والبغض أصل حركة القلب، وبذل المال ومنعه هو كمال ذلك، فإن المال آخر المتعلقات بالنفس، والبدن متوسط بين القلب والمال، فمن كان أول أمره وآخره كله لله، كان الله إلهه في كل شيء، فلم يكن فيه شيء من الشرك، وهو إرادة غير الله وقصده ورجاؤه، فيكون مستكمل للإيمان، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على قوة الإيمان وضعفه بحسب العمل... " . أستمع حفظ