1 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح : " ... إن قيل: إذا حكمتم باستحالة الإيجاد من العبد، فإذا لا فعل للعبد أصلا ؟ قيل: العبد فاعل لفعله حقيقة، وله قدرة حقيقة. قال تعالى: (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )). (( فلا تبتئس بما كانوا يفعلون )) وأمثال ذلك. وإذا ثبت كون العبد فاعلا، فأفعاله نوعان: نوع يكون منه من غير اقتران قدرته وإرادته، فيكون صفة له ولا يكون فعلا، كحركات المرتعش. ونوع يكون منه مقارنا لإيجاد قدرته واختياره، فيوصف بكونه صفة وفعلا وكسبا للعبد، كالحركات الاختيارية. والله تعالى هو الذي جعل العبد فاعلا مختارا، وهو الذي يقدر على ذلك وحده لا شريك له. ولهذا أنكر السلف الجبر، فإن الجبر لا يكون إلا من عاجز، فلا يكون إلا مع الإكراه، يقال: للأب ولاية إجبار البكر الصغيرة على النكاح، وليس له إجبار الثيب البالغ، أي: ليس له أن يزوجها مكرهة. والله تعالى لا يوصف بالإجبار بهذا الاعتبار، لأنه سبحانه خالق الإرادة والمراد قادر على أن يجعله مختارا بخلاف غيره. ولهذا جاء في ألفاظ الشارع:"الجبل"دون"الجبر"، كما قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: ( إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة ) ، فقال: أخلقين تخلقت بهما ؟ أم خلقين جبلت عليهما ؟ فقال:( بل خلقان جبلت عليهما ) فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله تعالى . والله تعالى إنما يعذب عبده على فعله الاختياري. والفرق بين العقاب على الفعل الاختياري وغير الاختياري مستقر في الفطر والعقول ...". أستمع حفظ
2 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وإذا قيل: خلق الفعل مع العقوبة عليه ظلم ! كان بمنزلة أن يقال: خلق أكل السم ثم حصول الموت به ظلم ! ! فكما أن هذا سبب للموت، فهذا سبب للعقوبة، ولا ظلم فيهما. فالحاصل: أن فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله تعالى، ومفعول لله، ليس هو نفس فعل الله. ففرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق. وإلى هذا المعنى أشار الشيخ رحمه الله بقوله:" وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد "- أثبت للعباد فعلا وكسبا، وأضاف الخلق إلى الله تعالى. والكسب: هو الفعل الذي يعود على فاعله منه نفع أو ضرر، كما قال تعالى: (( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )) ... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم. وهو تفسير" لا حول ولا قوة إلا بالله "، نقول: لا حيلة لأحد، ولا تحول لأحد، ولا حركة لأحد عن معصية الله، إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله، وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره. غلبت مشيئته المشيئات كلها، وعكست إرادته الإرادات كلها، وغلب قضاؤه الحيل كلها. يفعل ما يشاء، وهو غير ظالم أبدا. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" . فقوله:" لم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون"- قال تعالى: (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )). (( لا نكلف نفسا إلا وسعها )). وعن أبي الحسن الأشعري أن تكليف ما لا يطاق جائز عقلا، ثم تردد أصحابه أنه: هل ورد به الشرع أم لا ؟ واحتج من قال بوروده بأمر أبي لهب بالإيمان، فإنه تعالى أخبر بأنه لا يؤمن، وأنه سيصلى نارا ذات لهب، فكان مأمورا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن. وهذا تكليف بالجمع بين الضدين، وهو محال. والجواب عن هذا بالمنع: فلا نسلم بأنه مأمور [بأن يؤمن] بأنه لا يؤمن، والاستطاعة التي بها يقدر على الإيمان كانت حاصلة، فهو غير عاجز عن تحصيل الإيمان، فما كلف إلا ما يطيقه كما تقدم في تفسير الاستطاعة. ولا يلزم قوله تعالى للملائكة: {أنبئوني بأسماء هؤلاء}(3). مع عدم علمهم بذلك، ولا للمصورين يوم القيامة ( أحيوا ما خلقتم ) ، وأمثال ذلك - لأنه ليس بتكليف طلب فعل يثاب فاعله ويعاقب تاركه، بل هو خطاب تعجيز، وكذا لا يلزم دعاء المؤمنين في قوله تعالى: (( ربنا و لا تحملنا لا طاقة لنا به )).... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
4 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح : " ... واحتج من قال بوروده بأمر أبي لهب بالإيمان، فإنه تعالى أخبر بأنه لا يؤمن، وأنه سيصلى نارا ذات لهب، فكان مأمورا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن. وهذا تكليف بالجمع بين الضدين، وهو محال. والجواب عن هذا بالمنع: فلا نسلم بأنه مأمور [بأن يؤمن] بأنه لا يؤمن، والاستطاعة التي بها يقدر على الإيمان كانت حاصلة، فهو غير عاجز عن تحصيل الإيمان، فما كلف إلا ما يطيقه كما تقدم في تفسير الاستطاعة. ولا يلزم قوله تعالى للملائكة: {أنبئوني بأسماء هؤلاء}(3). مع عدم علمهم بذلك، ولا للمصورين يوم القيامة ( أحيوا ما خلقتم ) ، وأمثال ذلك - لأنه ليس بتكليف طلب فعل يثاب فاعله ويعاقب تاركه، بل هو خطاب تعجيز.... " . وكذا لا يلزم دعاء المؤمنين في قوله تعالى: (( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به )) لأن تحميل ما لا يطاق ليس تكليفا، بل يجوز أن يحمله جبلا لا يطيقه فيموت. وقال ابن الأنباري: أي لا تحملنا ما يثقل علينا أداؤه وإن كنا مطيقين له على تجشم وتحمل مكروه، قال: فخاطب العرب على حسب ما تعقل، فإن الرجل منهم يقول للرجل يبغضه: ما أطيق النظر إليه، وهو مطيق لذلك، لكنه يثقل عليه. ولا يجوز في الحكمة أن يكلفه بحمل جبل بحيث لو فعل يثاب ولو امتنع يعاقب، كما أخبر سبحانه عن نفسه أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها ...". أستمع حفظ