1 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وأما وصول ثواب الصدقة، ففي الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها، ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال: (نعم ) ". وفي صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال: ( نعم ) ، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها " . وأمثال ذلك كثيرة في السنة. وأما وصول ثواب الصوم، ففي الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) . وله نظائر في الصحيح. ولكن أبو حنيفة رحمه الله قال بالإطعام عن الميت دون الصيام عنه، لحديث ابن عباس المتقدم. والكلام على ذلك معروف في كتب الفروع. وأما وصول ثواب الحج، ففي صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها ؟ قال: ( حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء ) . ونظائره أيضا كثيرة. وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمة الميت، ولو كان من أجنبي، ومن غير تركته. وقد دل على ذلك حديث أبي قتادة، حيث ضمن الدينارين عن الميت، فلما قضاهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الآن بردت عليه جلدته ) . وكل ذلك جار على قواعد الشرع. وهو محض القياس، فإن الثواب حق العامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك، كما لم يمنع من هبة ماله له في حياته، وإبرائه له منه بعد وفاته. وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب القراءة ونحوها من العبادات البدنية. يوضحه: أن الصوم كف النفس عن المفطرات بالنية، وقد نص الشارع على وصول ثوابه إلى الميت، فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية ؟ ! ... " مع تعليق الشيخ . أستمع حفظ
2 - تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح : " ... والجواب عما استدلوا به من قوله تعالى: (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) قد أجاب العلماء بأجوبة: أصحها جوابان: أحدهما: أن الإنسان بسعيه وحسن عشرته اكتسب الأصدقاء، وأولد الأولاد، ونكح الأزواج، وأسدى الخير وتودد إلى الناس، فترحموا عليه، ودعوا له، وأهدوا له ثواب الطاعات، فكان ذلك أثر سعيه، بل دخول المسلم مع جملة المسلمين في عقد الإسلام من أعظم الأسباب في وصول نفع كل من المسلمين إلى صاحبه، في حياته وبعد مماته، ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم. يوضحه: أن الله تعالى جعل الإيمان سببا لانتفاع صاحبه بدعاء إخوانه من المؤمنين وسعيهم، فإذا أتى به فقد سعى في السبب الذي يوصل إليه ذلك. الثاني: - وهو أقوى منه -: أن القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه، وبين الأمرين من الفرق ما لا يخفى. فأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه، فإن شاء أن يبذله لغيره، وإن شاء أن يبقيه لنفسه. وقوله سبحانه: (( ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) - آيتان محكمتان، تقضيتان عدل الرب تعالى: فالأولى تقتضي أنه لا يعاقب أحدا بجرم غيره، ولا يؤاخذه بجريرة غيره، كما يفعله ملوك الدنيا. والثانية تقتضي أنه لا يفلح إلا بعمله، ليقطع طمعه من نجاته بعمل آبائه وسلفه ومشائخه، كما عليه أصحاب الطمع الكاذب، وهو سبحانه لم يقل: لا ينتفع إلا بما سعى. وكذلك قوله تعالى: (( لها ما كسبت )) ، وقوله: (( ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون )) . على أن سياق هذه الآية يدل على أن المنفي عقوبة العبد بعمل غيره، فإنه تعالى قال: (( فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون )) . وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله» فاستدلال ساقط، فإنه لم يقل انقطع انتفاعه، وإنما أخبر نانقطاع عمله. وأما عمل غيره فهو لعامله، فإن وهبه له وصل إليه ثواب عمل العامل، لا ثواب عمله هو، وهذا كالدين يوفيه الإنسان عن غيره، فتبرأ ذمته، لكن ليس له ما وفى به الدين... " . أستمع حفظ
3 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وأما تفريق من فرق بين العبادات المالية والبدنية - فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم الصوم عن الميت، كما تقدم، مع أن الصوم لا تجزي فيه النيابة، وكذلك حديث جابر رضي الله عنه، قال: " صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه، فقال: ( بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي ) ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحديث الكبشين اللذين قال في أحدهما: ( اللهم هذا عن أمتي جميعا ) ، وفي الآخر: ( اللهم هذا عن محمد وآل محمد ) "، رواه أحمد. والقربة في الأضحية إراقة الدم، وقد جعلها لغيره. وكذلك عبادة الحج بدنية، وليس المال ركنا فيه، وإنما هو وسيلة، ألا ترى أن المكي يجب عليه الحج إذا قدر على المشي إلى عرفات، من غير شرط المال. وهذا هو الأظهر، أعني أن الحج غير مركب من مال وبدن، بل بدني محض، كما قد نص عليه جماعة من أصحاب أبي حنيفة المتأخرين. وانظر إلى فروض الكفايات: كيف قام فيها البعض عن الباقين ؟ ولأن هذا [إهداء](1) ثواب، وليس من باب النيابة، كما أن الأجير الخاص ليس له أن يستنيب عنه، وله أن يعطي أجرته لمن شاء... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ
4 - قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت ! ! فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين، ولا رخص فيه. والاستئجار على نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف. وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار على التعليم ونحوه، مما فيه منفعة تصل إلى الغير. والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله، وهذا لم يقع عبادة خالصة، فلا يكون له من ثوابه ما يهدى إلى الموتى! ! ولهذا لم يقل أحد أنه يكتري من يصوم ويصلي ويهدي ثواب ذلك إلى الميت، لكن إذا أعطى لمن يقرأ القرآن ويعلمه ويتعلمه معونة لأهل القرآن على ذلك، كان هذا من جنس الصدقة عنه، فيجوز. وفي الاختيار: لو أوصى بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره، فالوصية باطلة، لأنه في معنى الأجرة، انتهى. وذكر الزاهدي في القنية : أنه لو وقف على من يقرأ عند قبره، فالتعيين باطل... " مع تعليق الشيخ. أستمع حفظ