1 - تتمة تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة ، فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر ، وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن .فاسمه الأول : دال على قدمه وأزليته . واسمه الآخر : دال على بقائه وأبديته . واسمه الظاهر : دال على علوه وعظمته . واسمه الباطن : دال على قربه ومعيته .ثم ختمت الآية بما يفيد إحاطة علمه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة ، ومن العالم العلوي والسفلي ، ومن الواجبات والجائزات والمستحيلات ، فلا يغيب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . فالآية كلها في شأن إحاطة الرب سبحانه بجميع خلقه من كل وجه ، وأن العوالم كلها في قبضة يده كخردلة في يد العبد ، لا يفوته منها شيء ... " . أستمع حفظ
2 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وإنما أتى بين هذه الصفات بالواو مع أنها جارية على موصوف واحد ؛ لزيادة التقرير والتأكيد ؛ لأن الواو تقتضي تحقيق الوصف المتقدم وتقريره ، وحسن ذلك لمجيئها بين أوصاف متقابلة قد يسبق إلى الوهم استبعاد الاتصال بها جميعا ؛ فإن الأولية تنافي الآخرية في الظاهر ، وكذلك الظاهرية والباطنية ، فاندفع توهم الإنكار بذلك التأكيد ... " . أستمع حفظ
4 - قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وقوله سبحانه : (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقوله : (( وهو العليم الحكيم )) ، (( وهو الحكيم الخبير )) ، (( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها )) ، (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) وقوله : (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) ، وقوله : (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) ... " . أستمع حفظ
5 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : (( وتوكل )) . . إلخ ؛ هذه الجملة من الآيات ساقها المؤلف لإثبات بعض الأسماء والصفات . فالآية الأولى فيها إثبات اسمه الحي ، كما تضمنت سلب الموت الذي هو ضد الحياة عنه ، وقد قدمنا أنه سبحانه حي بحياة هي صفة له لازمة لذاته ، فلا يعرض لها موت ولا زوال أصلا ، وأن حياته أكمل حياة وأتمها ، فيستلزم ثبوتها له ثبوت كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة . وأما الآيات الباقية ؛ ففيها إثبات صفة العلم وما اشتق منها ؛ ككونه عليما ، ويعلم ، وأحاط بكل شيء علما ... إلخ . والعلم صفة لله عز وجل بها يدرك جميع المعلومات على ما هي به ، فلا يخفى عليه منها شيء ؛ كما قدمنا . وفيها إثبات اسمه الحكيم ، وهو مأخوذ من الحكمة ، ومعناه : الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب ، فلا يقع منه عبث ولا باطل ، بل كل ما يخلقه أو يأمر به فهو تابع لحكمته . وقيل : هو من فعيل بمعنى مفعل ، ومعناه : المحكم للأشياء ، من الإحكام : وهو الإتقان ، فلا يقع في خلقه تفاوت ولا فطور ، ولا يقع في تدبيره خلل أو اضطراب . وفيها كذلك إثبات اسمه الخبير ، وهو من الخبرة ؛ بمعنى كمال العلم ، ووثوقه ، والإحاطة بالأشياء على وجه التفصيل ، ووصول علمه إلى ما خفي ودق من الحسيات والمعنويات ... " . أستمع حفظ
7 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وقد ذكر سبحانه في هذه الآيات بعض ما يتعلق به علمه ؛ للدلالة على شموله وإحاطته بما لا تبلغه علوم خلقه : فذكر أنه : يعلم ما يلج ؛ أي : يدخل في الأرض من حب وبذر ومياه وحشرات ومعادن ، وما يخرج منها من زرع وأشجار وعيون جارية ومعادن نافعة كذلك ما ينزل من السماء من ثلج وأمطار وصواعق وملائكة ، وما يعرج ؛ أي : يصعد ( فيها ) كذلك من ملائكة وأعمال وطير صواف . . إلى غير ذلك مما يعلمه جل شأنه . وذكر فيها أيضا أن عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ومفاتح الغيب ؛ قيل : خزائنه ، وقيل : طرقه وأسبابه التي يتوصل بها إليه ، جمع مفتح ؛ بكسر الميم ، أو مفتاح ؛ بحذف ياء مفاعيل . وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ) ، ثم تلا قوله تعالى : (( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير )) . وقد دلت الآيتان الأخيرتان على أنه سبحانه عالم بعلم هو صفة له ، قائم بذاته ؛ خلافا للمعتزلة الذين نفوا صفاته ، فمنهم من قال : إنه عالم بذاته ، وقادر بذاته . . إلخ ، ومنهم من فسر أسماءه بمعان سلبية ، فقال : عليم ؛ معناه : لا يجهل ، وقادر ؛ معناه : لا يعجز . . إلخ ... " . أستمع حفظ
9 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ) ، ثم تلا قوله تعالى : (( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير )) . وقد دلت الآيتان الأخيرتان على أنه سبحانه عالم بعلم هو صفة له ، قائم بذاته ؛ خلافا للمعتزلة الذين نفوا صفاته ، فمنهم من قال : إنه عالم بذاته ، وقادر بذاته . . إلخ ، ومنهم من فسر أسماءه بمعان سلبية ، فقال : عليم ؛ معناه : لا يجهل ، وقادر ؛ معناه : لا يعجز . . إلخ ... " . أستمع حفظ
11 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وهذه الآيات حجة عليهم ، فقد أخبر فيها سبحانه عن إحاطة علمه بحمل كل أنثى ووضعها من حيث المعنى والكيف ؛ كما أخبر عن عموم قدرته ، وتعلقها بكل ممكن ، وعن إحاطة علمه بجميع الأشياء . وما أحسن ما قاله الإمام عبد العزيز المكي في كتابه " الحيدة " لبشر المريسي المعتزلي وهو يناظره في مسألة العلم : " إن الله عز وجل لم يمدح في كتابه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا مؤمنا تقيا بنفي الجهل عنه ؛ ليدل على إثبات العلم له ، وإنما مدحهم بإثبات العلم لهم ، فنفى بذلك الجهل عنهم ... فمن أثبت العلم نفى الجهل ، ومن نفى الجهل لم يثبت العلم " ... " . أستمع حفظ
13 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... والدليل العقلي على علمه تعالى أنه يستحيل إيجاده الأشياء مع الجهل ؛ لأن إيجاده الأشياء بإرادته ، والإرادة تستلزم العلم بالمراد ، ولهذا قال سبحانه : (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) . ولأن المخلوقات فيها من الإحكام والإتقان وعجيب الصنعة ودقيق الخلقة ما يشهد بعلم الفاعل لها ؛ لامتناع صدور ذلك عن غير علم . ولأن من المخلوقات من هو عالم ، والعلم صفة كمال ، فلو لم يكن الله عالما ؛ لكان في المخلوقات من هو أكمل منه . وكل علم في المخلوق إنما استفاده من خالقه ، وواهب الكمال أحق به ، وفاقد الشيء لا يعطيه . وأنكرت الفلاسفة علمه تعالى بالجزئيات ، وقالوا : إنه يعلم الأشياء على وجه كلي ثابت ، وحقيقة قولهم أنه لا يعلم شيئا ؛ فإن كل ما في الخارج هو جزئي . كما أنكر الغلاة من القدرية علمه تعالى بأفعال العباد حتى يعملوها ؛ توهما منهم أن علمه بها يفضي إلى الجبر ، وقولهم معلوم البطلان بالضرورة في جميع الأديان ... " . أستمع حفظ
15 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأنكرت الفلاسفة علمه تعالى بالجزئيات ، وقالوا : إنه يعلم الأشياء على وجه كلي ثابت ، وحقيقة قولهم أنه لا يعلم شيئا ؛ فإن كل ما في الخارج هو جزئي . كما أنكر الغلاة من القدرية علمه تعالى بأفعال العباد حتى يعملوها ؛ توهما منهم أن علمه بها يفضي إلى الجبر ، وقولهم معلوم البطلان بالضرورة في جميع الأديان ... " . أستمع حفظ
16 - قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وقوله (( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين )) ... " . أستمع حفظ
17 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : (( إن الله ... )) إلخ ؛ تضمنت إثبات اسمه الرزاق ، وهو مبالغة من الرزق ، ومعناه : الذي يرزق عباده رزقا بعد رزق في إكثار وسعة . وكل ما وصل منه سبحانه من نفع إلى عباده فهو رزق ؛ مباحا كان أو غير مباح ، على معنى أنه قد جعله لهم قوتا ومعاشا ؛ قال تعالى : (( والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد )) وقال : (( وفي السماء رزقكم وما توعدون )) . إلا أن الشيء إذا كان مأذونا في تناوله ؛ فهو حلال حكما ، وإلا كان حراما ، وجميع ذلك رزق . وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني أنا الرزاق ذو القوة المتين )) . وأما قوله : (( ذو القوة )) ؛ أي : صاحب القوة ؛ فهو بمعنى اسمه القوي ؛ إلا أنه أبلغ في المعنى ، فهو يدل على أن قوته سبحانه لا تتناقص فيهن أو يفتر . وأما (( المتين )) ؛ فهو اسم له من المتانة ، وقد فسره ابن عباس بـ : " الشديد " . وتعريف الجملة الاسمية والإتيان فيها بضمير الفصل ؛ لإفادة اختصاصه سبحانه بإيصال الرزق إلى عباده ... " . أستمع حفظ
19 - قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وقوله : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) وقوله : (( إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً )) ... " . أستمع حفظ
20 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : (( ليس كمثله شيء )) ... إلخ ؛ دل إثبات صفتي السمع والبصر له سبحانه بعد نفي المثل عنه ، على أنه ليس المراد من نفي المثل نفي الصفات ؛ كما يدعي ذلك المعطلة ، ويحتجون به باطلا ، بل المراد إثبات الصفات مع نفي مماثلتها لصفات المخلوقين . قال العلامة ابن القيم رحمه الله : " قوله : (( ليس كمثله شيء )) . . إنما قصد به نفي أن يكون معه شريك أو معبود يستحق العبادة والتعظيم ؛ كما يفعله المشبهون والمشركون ، ولم يقصد به نفي صفات كماله ، وعلوه على خلقه ، وتكلمه بكتبه ، وتكلمه لرسله ، ورؤية المؤمنين له جهرة بأبصارهم كما ترى الشمس والقمر في الصحو . . ) اهـ . ومعنى السميع : المدرك لجميع الأصوات مهما خفتت ، فهو يسمع السر والنجوى بسمع هو صفة لا يماثل أسماع خلقه . ومعنى البصير : المدرك لجميع المرئيات من الأشخاص والألوان مهما لطفت أو بعدت ، فلا تؤثر على رؤيته الحواجز والأستار ، وهو من فعيل بمعنى مفعل ، وهو دال على ثبوت صفة البصر له سبحانه على الوجه الذي يليق به . روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (( إن الله كان سميعا بصيرا )) ، فوضع إبهامه على أذنه ، والتي تليها على عينيه ) . ومعنى الحديث أنه سبحانه يسمع بسمع ، ويرى بعين ، فهو حجة على بعض الأشاعرة الذين يجعلون سمعه علمه بالمسموعات ، وبصره علمه بالمبصرات ، وهو تفسير خاطئ ؛ فإن الأعمى يعلم بوجود السماء ولا يراها ، والأصم يعلم بوجود الأصوات ولا يسمعها ... " . أستمع حفظ