شرح العقيدة الواسطية-13
الشيخ محمد أمان الجامي
العقيدة الواسطية
الحجم ( 7.54 ميغابايت )
التنزيل ( 2301 )
الإستماع ( 832 )


5 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " .... وقوله : (( وهو شديد المحال )) . . إلخ ؛ تضمنت هذه الآيات إثبات صفتي المكر والكيد ، وهما من صفات الفعل الاختيارية . ولكن لا ينبغي أن يشتق له من هاتين الصفتين اسم ، فيقال : ماكر ، وكائد ؛ بل يوقف عندما ورد به النص من أنه خير الماكرين ، وأنه يكيد لأعدائه الكافرين . أما قوله سبحانه : (( وهو شديد المحال )) ؛ فمعناه : شديد الأخذ بالعقوبة ؛ كما في قوله تعالى : (( إن بطش ربك لشديد )) ، (( إن أخذه أليم شديد )) . وقال ابن عباس : " معناه : شديد الحول " ، وقال مجاهد : " شديد القوة " ، والأقوال متقاربة . وأما قوله : (( والله خير الماكرين )) ؛ فمعناه : أنفذهم وأسرعهم مكرا . وقد فسر بعض السلف مكر الله بعباده بأنه استدراجهم بالنعم من حيث لا يعلمون ، فكلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم نعمة ؛ وفي الحديث : ( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معصيته ؛ فاعلم أنما ذلك منه استدراج ) وقد نزلت هذه الآية في شأن عيسى عليه السلام حين أراد اليهود قتله ، فدخل بيتا فيه كوة ، وقد أيده الله بجبريل عليه السلام ، فرفعه إلى السماء من الكوة ، فدخل عليه يهوذا ؛ ليدلهم عليه فيقتلوه ، فألقى الله شبه عيسى على ذلك الخائن ، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى ؛ خرج إليهم وهو يقول : ما في البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى ، فذلك قوله تعالى : (( ومكروا ومكر الله )) وأما قوله تعالى : (( ومكروا مكرا )) . . إلخ ؛ فهي في شأن الرهط التسعة من قوم صالح عليه السلام حين (( تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله )) أي : ليقتلنه بياتا هو وأهله ، (( ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله )) ، فكان عاقبة هذا المكر منهم أن مكر الله بهم فدمرهم وقومهم أجمعين .... " . أستمع حفظ

7 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وقد نزلت هذه الآية في شأن عيسى عليه السلام حين أراد اليهود قتله ، فدخل بيتا فيه كوة ، وقد أيده الله بجبريل عليه السلام ، فرفعه إلى السماء من الكوة ، فدخل عليه يهوذا ؛ ليدلهم عليه فيقتلوه ، فألقى الله شبه عيسى على ذلك الخائن ، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى ؛ خرج إليهم وهو يقول : ما في البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى ، فذلك قوله تعالى : (( ومكروا ومكر الله )) وأما قوله تعالى : (( ومكروا مكرا )) . . إلخ ؛ فهي في شأن الرهط التسعة من قوم صالح عليه السلام حين (( تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله )) أي : ليقتلنه بياتا هو وأهله ، (( ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله )) ، فكان عاقبة هذا المكر منهم أن مكر الله بهم فدمرهم وقومهم أجمعين .... " . أستمع حفظ

9 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " .... قوله : (( إن تبدوا خيرا )) ... إلخ ؛ هذه الآيات تضمنت إثبات صفات العفو والقدرة والمغفرة والرحمة والعزة والتبارك والجلال والإكرام . فالعفو الذي هو اسمه تعالى ؛ معناه : المتجاوز عن عقوبة عباده إذا هم تابوا إليه وأنابوا ؛ كما قال تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات )) . ولما كان أكمل العفو هو ما كان عن قدرة تامة على الانتقام والمؤاخذة ؛ جاء هذان الاسمان الكريمان : العفو والقدير مقترنين في هذه الآية وفي غيرها . وأما القدرة ؛ فهي الصفة التي تتعلق بالممكنات إيجادا وإعداما ، فكل ما كان ووقع من الكائنات واقع بمشيئته وقدرته ؛ كما في الحديث : ( ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ) . وأما قوله تعالى : (( وليعفوا وليصفحوا )) ... الآية ؛ فقد نزلت في شأن أبي بكر رضي الله عنه حين حلف لا ينفق على مسطح بن أثاثة ، وكان ممن خاضوا في الإفك ، وكانت أم مسطح بنت خالة أبي بكر ، فلما نزلت هذه الآية قال أبو بكر : " والله إني لأحب أن يغفر الله لي "، ووصل مسطحا ... " . أستمع حفظ

13 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله تعالى : (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) ؛ فقد نزلت في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول رئيس المنافقين ، وكان في بعض الغزوات قد أقسم ليخرجن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه من المدينة ، فنزل قوله تعالى : (( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) ؛ يقصد بالأعز قبحه الله نفسه وأصحابه ، ويقصد بالأذل رسول الله ومن معه من المؤمنين ، فرد الله عز وجل عليه بقوله : (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )) . والعزة صفة أثبتها الله عز وجل لنفسه ؛ قال تعالى : (( وهو العزيز الحكيم )) وأقسم بها سبحانه ؛ كما في حديث الشفاعة : ( وعزتي وكبريائي وعظمتي ؛ لأخرجن منها من قال : لا إله إلا الله ) . وأخبر عن إبليس أنه قال : (( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) وقال : (( وكان الله قويا عزيزا )) . وفي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة : " بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب ، فجعل يحثي في ثوبه ، فناداه ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى ؛ وعزتك ، ولكن لا غنى لي عن بركتك " . وقد جاء في حديث الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان به وجع : ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) . والعزة تأتي بمعنى الغلبة والقهر ؛ من عز يعز بضم العين في المضارع يقال : عزه ؛ إذا غلبه . وتأتي بمعنى القوة والصلابة ؛ من عز يعز بفتحها ، ومنه أرض عزاز ؛ للصلبة الشديدة . وتأتي بمعنى علو القدر والامتناع عن الأعداء ؛ من : عز يعز - بكسرها - وهذه المعاني كلها ثابتة لله عز وجل ... " . أستمع حفظ

16 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله تعالى : (( تبارك اسم ربك )) . . فإنه من البركة بمعنى دوام الخير وكثرته . وقوله : (( ذي الجلال )) ؛ أي : صاحب الجلال والعظمة سبحانه ، الذي لا شيء أجل ولا أعظم منه . و (( والإكرام )) : الذي يكرم عما لا يليق به ، وقيل : الذي يكرم عباده الصالحين بأنواع الكرامة في الدنيا والآخرة ، والله أعلم . قوله : (( فاعبده )) ... إلخ ؛ تضمنت هذه الآيات الكريمة جملة من صفات السلوب ، وهي نفي السمي والكفء والند والولد والشريك والولي من ذل وحاجة ؛ كما تضمنت بعض صفات الإثبات ؛ من : الملك ، والحمد ، والقدرة والكبرياء ، والتبارك . أما قوله : (( هل تعلم له سميا )) ؛ فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : " قال أهل اللغة : (( هل تعلم له سميا )) ؛ أي : نظيرا استحق مثل اسمه ، ويقال : مساميا يساميه ، وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس : (( هل تعلم له سميا )) ؛ مثلا أو شبيها " . والاستفهام في الآية إنكاري ، معناه النفي ؛ أي : لا تعلم له سميا . وأما قوله : (( ولم يكن له كفوا أحد )) ؛ فالمراد بالكفء : المكافئ المساوي . فهذه الآية تنفي عنه سبحانه النظير والشبيه من كل وجه ؛ لأن (( أحد )) وقع نكرة في سياق النفي ، فيعم ، وقد تقدم الكلام على تفسير سورة الإخلاص كلها ، فليرجع إليها ... " . أستمع حفظ

20 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... تضمنت هذه الآيات الكريمة جملة من صفات السلوب ، وهي نفي السمي والكفء والند والولد والشريك والولي من ذل وحاجة ؛ كما تضمنت بعض صفات الإثبات ؛ من : الملك ، والحمد ، والقدرة والكبرياء ، والتبارك . أما قوله : (( هل تعلم له سميا )) ؛ فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : " قال أهل اللغة : (( هل تعلم له سميا )) ؛ أي : نظيرا استحق مثل اسمه ، ويقال : مساميا يساميه ، وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس : (( هل تعلم له سميا )) ؛ مثلا أو شبيها " . والاستفهام في الآية إنكاري ، معناه النفي ؛ أي : لا تعلم له سميا . وأما قوله : (( ولم يكن له كفوا أحد )) ؛ فالمراد بالكفء : المكافئ المساوي . فهذه الآية تنفي عنه سبحانه النظير والشبيه من كل وجه ؛ لأن (( أحد )) وقع نكرة في سياق النفي ، فيعم ، وقد تقدم الكلام على تفسير سورة الإخلاص كلها ، فليرجع إليها ... " . أستمع حفظ

22 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله : (( فلا تجعلوا لله أندادا )) ... إلخ .فالأنداد جمع ند ، ومعناه كما قيل : النظير المناوئ ، ويقال : ليس لله ند ولا ضد ، والمراد نفي ما يكافئه ويناوئه ، ونفي ما يضاده وينافيه . وجملة : (( وأنتم تعلمون )) وقعت حالا من الواو في (( تجعلوا )) ، والمعنى : إذا كنتم تعلمون أن الله هو وحده الذي خلقكم ورزقكم ، وأن هذه الآلهة التي جعلتموها له نظراء وأمثالا وساويتموها به في استحقاق العبادة لا تخلق شيئا ، بل هي مخلوقة ، ولا تملك لكم ضرا ولا نفعا ؛ فاتركوا عبادتها ، وأفردوه سبحانه بالعبادة والتعظيم . وأما قوله : (( ومن الناس من يتخذ )) . . إلخ ؛ فهو إخبار من الله عن المشركين بأنهم يحبون آلهتهم كحبهم لله عز وجل ؛ يعني : يجعلونها مساوية له في الحب (( والذين آمنوا أشد حبا لله )) من حب المشركين لآلهتهم ؛ لأنهم أخلصوا له الحب ، وأفردوه به ، أما حب المشركين لآلهتهم ؛ فهو موزع بينها ، ولا شك أن الحب إذا كان لجهة واحدة كان أمكن وأقوى . وقيل : المعنى : أنهم يحبون آلهتهم كحب المؤمنين لله ، والذين آمنوا أشد حبا لله من الكفار لأندادهم وأما قوله تعالى : (( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا )) ... الآية ؛ فقد تقدم الكلام في معنى الحمد ، وأنه الثناء باللسان على النعمة وغيرها ، وقلنا : إن إثبات الحمد له سبحانه متضمن لإثبات جميع الكمالات التي لا يستحق الحمد المطلق إلا من بلغ غايتها . ثم نفى سبحانه عن نفسه ما ينافي كمال الحمد من الولد والشريك والولي من الذل ؛ أي : من فقر وحاجة ، فهو سبحانه لا يوالي أحدا من خلقه من أجل ذلة وحاجة إليه ثم أمر عبده ورسوله أن يكبره تكبيرا ؛ أي : يعظمه تعظيما وينزهه عن كل صفة نقص وصفه بها أعداؤه من المشركين ... " . أستمع حفظ