شرح العقيدة الواسطية-16
الشيخ محمد أمان الجامي
العقيدة الواسطية
الحجم ( 7.55 ميغابايت )
التنزيل ( 3174 )
الإستماع ( 718 )


1 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما ما يحاولون به صرف هذه الآيات الصريحة عن ظواهرها بالتأويلات الفاسدة التي تدل على حيرتهم واضطرابهم ؛ كتفسيرهم : (( استوى )) بـ " استولى " ، أو حملهم (( على )) على معنى " إلى " ، و (( استوى )) ؛ بمعنى : " قصد " ... إلى آخر ما نقله عنهم حامل لواء التجهم والتعطيل زاهد الكوثري ؛ فكلها تشغيب بالباطل ، وتغيير في وجه الحق لا يغني عنهم في قليل ولا كثير . وليت شعري ! ماذا يريد هؤلاء المعطلة أن يقولوا ؟ ! أيريدون أن يقولوا : ليس في السماء رب يقصد ، ولا فوق العرش إله يعبد ؟ ! فأين يكون إذن ؟ ! ولعلهم يضحكون منا حين نسأل عنه بـ " أين " ! ونسوا أن أكمل الخلق وأعلمهم بربهم صلوات الله عليه وسلامه قد سأل عنه بـ ( أين ) حين قال للجارية : ( أين الله ؟ ) ، ورضي جوابها حين قالت : في السماء ... " . أستمع حفظ

2 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وقد أجاب كذلك من سأله بـ : " أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض ؟ بأنه كان في عماء ... ) الحديث . ولم يرو عنه أنه زجر السائل ، ولا قال له : إنك غلطت في السؤال . إن قصارى ما يقوله المتحذلق منهم في هذا الباب : إن الله تعالى كان ولا مكان ، ثم خلق المكان ، وهو الآن على ما كان قبل خلق المكان . فماذا يعني هذا المخرف بالمكان الذي كان الله ولم يكن ؟ ! هل يعني به تلك الأمكنة الوجودية التي هي داخل محيط العالم ؟ ! فهذه أمكنة حادثة ، ونحن لا نقول بوجود الله في شيء منها ؛ إذ لا يحصره ولا يحيط به شيء من مخلوقاته . وأما إذا أراد بها المكان العدمي الذي هو خلاء محض لا وجود فيه ؛ فهذا لا يقال : إنه لم يكن ثم خلق ؛ إذ لا يتعلق به الخلق ، فإنه أمر عدمي ، فإذا قيل : إن الله في مكان بهذا المعنى ؛ كما دلت عليه الآيات والأحاديث ؛ فأي محذور في هذا ؟ ! بل الحق أن يقال : كان الله ولم يكن شيء قبله ، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، وكان عرشه على الماء ، ثم استوى على العرش ، وثم هنا للترتيب الزماني لا لمجرد العطف ... " . أستمع حفظ

8 - تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... ففي الآية الأولى ينادي الله رسوله وكلمته عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بأنه متوفيه ورافعه إليه حين دبر اليهود قتله ، والضمير في قوله : (( إلي )) هو ضمير الرب جل شأنه ، لا يحتمل غير ذلك ، فتأويله بأن المراد : إلى محل رحمتي ، أو مكان ملائكتي . . إلخ ، لا معنى له . ومثل ذلك يقال أيضا في قوله سبحانه ردا على ما ادعاه اليهود من قتل عيسى وصلبه : (( بل رفعه الله إليه )) . وقد اختلف في المراد بالتوفي المذكور في الآية ، فحمله بعضهم على الموت ، والأكثرون على أن المراد به النوم ، ولفظ المتوفى يستعمل فيه ؛ قال تعالى : (( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار )) . ومنهم من زعم أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وأن التقدير : إني رافعك ومتوفيك ؛ أي : مميتك بعد ذلك . والحق أنه عليه السلام رفع حيا ، وأنه سينزل قرب قيام الساعة ؛ لصحة الحديث بذلك ... " . أستمع حفظ

9 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله سبحانه : (( إليه يصعد الكلم الطيب )) ؛ فهو صريح أيضا في صعود أقوال العباد وأعمالهم إلى الله عز وجل ، يصعد بها الكرام الكاتبون كل يوم عقب صلاة العصر ، وعقب صلاة الفجر ؛ كما جاء في الحديث : ( فيعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم وهو أعلم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : يا ربنا ! أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون ) . وأما قوله سبحانه حكاية عن فرعون : (( يا هامان )) ... إلخ ؛ فهو دليل على أن موسى عليه السلام أخبر فرعون الطاغية بأن إلهه في السماء ، فأراد أن يتلمس الأسباب للوصول إليه تمويها على قومه ، فأمر وزيره هامان أن يبني له الصرح ، ثم عقب على ذلك بقوله : (( وإني لأظنه )) ؛ أي : موسى " كاذبا " فيما أخبر به من كون إلهه في السماء ، فمن إذا أشبه بفرعون وأقرب إليه نسبا ؛ نحن أم هؤلاء المعطلة ؟ ! إن فرعون كذب موسى في كون إلهه في السماء ، وهو نفس ما يقوله هؤلاء . قوله : (( أأمنتم )) ... إلخ ؛ هاتان الآيتان فيهما التصريح بأن الله عز وجل في السماء ، ولا يجوز حمل ذلك على أن المراد به العذاب ، أو الأمر ، أو الملك ؛ كما يفعل المعطلة ؛ لأنه قال : (( من )) ، وهي للعاقل ، وحملها على الملك إخراج اللفظ عن ظاهره بلا قرينة توجب ذلك . ولا يجوز أن يفهم من قوله : (( في السماء )) أن السماء ظرف له سبحانه ؛ بل إن أريد بالسماء هذه المعروفة ؛ ف (( في )) بمعنى على ؛ كما في قوله تعالى : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) ، وإن أريد بها جهة العلو ؛ ف (( في )) على حقيقتها ؛ فإنه سبحانه في أعلى العلو ... " . أستمع حفظ

14 - قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : (( هو الذي خلق السماوات )) . . إلخ ؛ تضمنت هذه الآية الكريمة إثبات صفة المعية له عز وجل ، وهي على نوعين : 1 - معية عامة : شاملة لجميع المخلوقات ، فهو سبحانه مع كل شيء بعلمه وقدرته وقهره وإحاطته ، لا يغيب عنه شيء ، ولا يعجزه ، وهذه المعية المذكورة في الآية . ففي هذه الآية يخبر عن نفسه سبحانه بأنه هو وحده الذي خلق السماوات والأرض يعني : أوجدهما على تقدير وترتيب سابق في مدة ستة أيام ، ثم علا بعد ذلك وارتفع على عرشه ؛ لتدبير أمور خلقه . وهو مع كونه فوق عرشه لا يغيب عنه شيء من العالمين العلوي والسفلي ؛ فهو (( يعلم ما يلج )) ؛ أي : يدخل في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء ، وما يعرج ؛ أي : يصعد (( فيها )) ، ولا شك أن من كان علمه وقدرته محيطين بجميع الأشياء ؛ فهو مع كل شيء ، ولذلك قال : (( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) . قوله : (( ما يكون من نجوى )) . . إلخ ؛ يثبت سبحانه شمول علمه وإحاطته بجميع الأشياء ، وأنه لا يخفى عليه نجوى المتناجين ، وأنه شهيد على الأشياء كلها ، مطلع عليها . وإضافة (( نجوى )) إلى ثلاثة من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والتقدير : ما يكون من ثلاثة نجوى ؛ أي : متناجين . وأما الآيات الباقية ؛ فهي في إثبات المعية الخاصة التي هي معيته لرسله تعالى وأوليائه بالنصر والتأييد والمحبة والتوفيق والإلهام ... " . أستمع حفظ