2 - شرح قول المصنف : " ... فصل : وأما في طرق الإثبات، فمعلوم أيضًا أن المثبت لا يكفي في إثباته مجرد نفي التشبيه، إذ لو كفى في إثباته مجرد نفي التشبيه لجاز أن يوصف سبحانه وتعالى من الأعضاء والأفعال بما لا يكاد يحصى, مما هو ممتنع عليه مع نفي التشبيه، وأن يوصف بالنقائص التي لا تجوز عليه مع نفي التشبيه. كما لو وصفه مفتر عليه بالبكاء والحزن والجوع والعطش، مع نفي التشبيه. وكما لو قال المفترى: يأكل لا كأكل العباد، ويشرب لا كشربهم، ويبكي ويحزن لا كبكائهم ولاحزنهم، كما يقال: يضحك لا كضحكهم، ويفرح لا كفرحهم، ويتكلم لا ككلامهم، ولجاز أن يقال: له أعضاء كثيرة لا كأعضائهم، كما قيل: له وجه لا كوجوههم، ويدان لا كأيديهم. حتى يذكر المعدة والأمعاء والذكر، وغير ذلك مما يتعالى الله عز وجل عنه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا ... ". وفيه ذكر خطأ الاكتفاء في الإثبات بمجرد نفي التشبيه فيما يثبت . أستمع حفظ
3 - شرح قول المصنف : " ... فإنه يقال لمن نفي ذلك مع إثبات الصفات الخبرية وغيرها من الصفات: ما الفرق بين هذا وبين ما أثبته إذا نفيت التشبيه وجعلت مجرد نفي التشبيه كافيًا في الإثبات، فلا بد من إثبات فرق في نفس الأمر ... ". وفيه ذكر خطأ الاكتفاء في الإثبات بمجرد نفي التشبيه فيما يثبت . أستمع حفظ
4 - شرح قول المصنف : " ... فإن قال: العمدة في الفرق هو السمع، فما جاء به السمع أثبته دون ما لم يجئ به السمع. قيل له أولا: السمع هو خبر الصادق عما هو الأمر عليه في نفسه، فما أخبر به الصادق فهو حق من نفي أو إثبات، والخبر دليل على المخبر عنه، والدليل لا ينعكس، فلا يلزم من عدمه عدم المدلول عليه، فما لم يرد به السمع يجوز أن يكون ثابتًا في نفس الأمر، وإن لم يرد به السمع، إذا لم يكن نفاه. ومعلوم أن السمع لم ينف هذه الأمور بأسمائها الخاصة، فلابد من ذكر ما ينفيها من السمع، وإلا فلا يجوز حينئذ نفيها كما لا يجوز إثباتها. وأيضًا، فلابد في نفس الأمر من فرق بين ما يثبت له وينفى عنه، فإن الأمور المتماثلة في الجواز والوجوب والامتناع يمتنع اختصاص بعضها دون بعض بالجواز والوجوب والامتناع، فلابد من اختصاص المنفي عن المثبت بما يخصه بالنفي، ولابد من اختصاص الثابت عن المنفي بما يخصه بالثبوت. وقد يعبر عن ذلك بأن يقال: لابد من أمر يوجب نفي ما يجب نفيه عن الله تعالى، كما أنه لابد من أمر يثبت له ما هو ثابت، وإن كان السمع كافيًا كان مخبرًا عما هو الأمر عليه في نفسه، فما الفرق في نفس الأمر بين هذا وهذا؟ ". وفيه خطأ الاعتماد في النفي على عدم مجيء السمع . أستمع حفظ
6 - شرح قول المصنف : " ... فيقال: كلما نافى صفات الكمال الثابتة للّه فهو منزه عنه، فإن ثبوت أحد الضدين يستلزم نفي الآخر، فإذا علم أنه موجود واجب الوجود بنفسه، وأنه قديم واجب القدم، علم امتناع العدم والحدوث عليه، وعلم أنه غني عما سواه. فالمفتقر إلى ما سواه في بعض ما يحتاج إليه لنفسه، ليس هو موجودًا بنفسه، بل بنفسه وبذلك الآخر الذي أعطاه ما تحتاج إليه نفسه فلا يوجد إلا به. وهو سبحانه وتعالى غني عن كل ما سواه، فكل ما نافى غناه فهو منزه عنه، وهو سبحانه وتعالى قدير قوي، فكل ما نافى قدرته وقوته فهو منزه عنه، وهو سبحانه حي قيوم، فكل ما نافى حياته وقيوميته فهو منزه عنه ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه ما ضاد صفات كماله . أستمع حفظ
8 - شرح قول المصنف : " ... وبالجملة فالسمع قد أثبت له من الأسماء الحسنى وصفات الكمال ما قد ورد، فكل ما ضاد ذلك فالسمع ينفيه، كما ينفي عنه المثل والكفؤ، فإن إثبات الشيء نفي لضده، ولما يستلزم ضده، والعقل يعرف نفي ذلك كما يعرف إثبات ضده، فإثبات أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
10 - شرح قول المصنف : " ... فطرق العلم بنفي ما ينزه عنه الرب متسعة، لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم، كما فعله أهل القصور والتقصير، الذين تناقضوا في ذلك، وفرقوا بين المتماثلين، حتى إن كل من أثبت شيئًا احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبيه. وكذلك احتج القرامطة على نفي جميع الأمور، حتى نفوا النفي، فقالوا: لا يقال: لا موجود ولا ليس بموجود، ولا حي ولا ليس بحي؛ لأن ذلك تشبيه بالموجود أو المعدوم فلزمهم نفي النقيضين، وهو أظهر الأشياء امتناعًا. ثم إن هؤلاء يلزمهم من تشبيهه بالمعدومات، والممتنعات، والجمادات، أعظم مما فروا منه من التشبيه بالأحياء الكاملين، فطرق تنزيهه وتقديسه عما هو منزه عنه متسعة لا تحتاج إلى هذا ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
11 - شرح قول المصنف : " وقد تقدم أن ما ينفى عنه سبحانه وتعالى ينفى لتضمن النفي الإثبات، إذ مجرد النفي لا مدح فيه ولا كمال، فإن المعدوم يوصف بالنفي، والمعدوم لا يشبه الموجود، وليس هذا مدحًا له؛ لأن مشابهة الناقص في صفات النقص نقص مطلق، كما أن مماثلة المخلوق في شيء من الصفات تمثيل وتشبيه، ينزه عنه الرب تبارك وتعالى. ". وفيه أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
13 - شرح قول المصنف : " ... والنقص ضد الكمال، وذلك مثل أنه قد علم أنه حي والموت ضد ذلك، فهو منزه عنه، وكذلك النوم والسِّنَةُ ضد كمال الحياة، فإن النوم أخو الموت، وكذلك اللُّغُوب نقص في القدرة والقوة، والأكل والشرب ونحو ذلك من الأمور فيه افتقار إلى موجود غيره، كما أن الاستعانة بالغير والاعتضاد به ونحو, ذلك تتضمن الافتقار إليه والاحتياج إليه. وكل من يحتاج إلى من يحمله أو يعينه على قيام ذاته أو أفعاله فهو مفتقر إليه، ليس مستغنيًا بنفسه، فكيف من يأكل ويشرب، والآكل والشارب أجوف، والمصمت الصمد أكمل من الآكل والشارب. ولهذا كانت الملائكة صمدًا لا تأكل ولا تشرب. وقد تقدم أن كل كمال ثبت لمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أولى بتنزيهه عن ذلك، والسمع قد نفي ذلك في غير موضع، كقوله تعالى: (( الله الصمد )). والصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهذه السورة هي نسب الرحمن، أو هي الأصل في هذا الباب. وقال في حق المسيح وأمه: ((ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام )) . فجعل ذلك دليلًا على نفي الألوهية، فدل ذلك على تنزيهه عن ذلك بطريق الأولى والأحرى ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
14 - شرح قول المصنف : " ... والكبد والطحال، ونحو ذلك، هي أعضاء الأكل والشرب، فالغني المنزه عن ذلك منزه عن آلات ذلك، بخلاف اليد فإنها للعمل والفعل، وهو سبحانه وتعالى موصوف بالعمل والفعل؛ إذ ذاك من صفات الكمال، فمن يقدر أن يفعل أكمل ممن لا يقدر علي الفعل ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
16 - شرح قول المصنف : " ... وهو سبحانه منزه عن الصاحبة والولد، وعن آلات ذلك وأسبابه، وكذلك البكاء والحزن هو مستلزم للضعف والعجز، الذي ينزه الله عنه ، بخلاف الفرح والغضب فإنه من صفات الكمال، فكما يوصف بالقدرة دون العجز، وبالعلم دون الجهل، وبالحياة دون الموت، وبالسمع دون الصمم، وبالبصر دون العمى، وبالكلام دون البكم، فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن، وبالضحك دون البكاء ونحو ذلك. ". وفيه أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . أستمع حفظ
18 - شرح قول المصنف : " ... وهم أيضًا عند التحقيق لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على وفق قولهم؛ لما تقدم وهؤلاء يضلون من وجوه: منها ظنهم أن السمع بطريق الخبر, تارة وليس الأمر كذلك؛ بل القرآن بين من الدلائل العقلية التي تعلم بها المطالب الدينية ما لا يوجد مثله في كلام أئمة النظر, فتكون هذه المطالب: شرعية عقلية. ومنها ظنهم أن الرسول لا يعلم صدقه إلا بالطريق المعينة التي سلكوها, وهم مخطئون قطعًا في انحصار طريق تصديقه فيما ذكروه, فإن طرق العلم بصدق الرسول كثيرة, كما قد بسط في غير هذا الموضع ... ". وفيه ذكر بيان فساد دلائل المتكلمين وضلالهم . أستمع حفظ
19 - شرح قول المصنف : " ... ومنها ظنهم أن تلك الطريق التي سلكوها صحيحة وقد تكون باطلة. ومنها ظنهم أن ما عارضوا به السمع معلوم بالعقل, ويكونون غالطين في ذلك؛ فإنه إذا وزن بالميزان الصحيح وجد ما يعارض الكتاب والسنة من المجهولات؛ لا من المعقولات, وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع ... ". وفيه ذكر بيان فساد دلائل المتكلمين وضلالهم . أستمع حفظ
20 - شرح قول المصنف : " ... والمقصود هنا أن من صفات الله تعالى ما قد يعلم بالعقل, كما يعلم أنه عالم وأنه قادر وأنه حي؛ كما أرشد إلى ذلك قوله: (( ألا يعلم من خلق )) . وقد اتفق النظار من مثبتة الصفات على أنه يعلم بالعقل عند المحققين أنه حي عليم قدير مريد وكذلك السمع والبصر والكلام يثبت بالعقل عند المحققين, بل وكذلك الحب والرضا والغضب يمكن إثباته بالعقل, وكذلك علوه على المخلوقات ومباينته لها مما يعلم بالعقل, كما أثبتته بذلك الأئمة مثل أحمد بن حنبل وغيره, ومثل عبد العالي المكي وعبد الله بن سعيد بن كلاب ... ". وفيه ذكر أن من صفات الله ما يعلم بالعقل . أستمع حفظ