فوائد قول الله تعالى : (( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ))
ومن فوائد الآية الكريمة: النهي عن الاستخفاف مِمَّن لا يُوقِن يعني نهْيُ الإنسان على أن يحمِلَه مَن لا يُوقِن على الاستخفاف، لقوله: (( وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ )) [الروم:60] واعلم أنَّ الاستخفاف له وجهان: الوجه الأول: أن يستخِفَّك الناس على أن تقولَ ما ليس مِن شرع الله، والثاني: أن يستخفك الناس على ألا تقولَ بشرع الله، كذا؟ عندنا الآن الاستخفاف استخفاف الناس لِلإنسان يكون على وجهين: الوجه الأول أن يستخفُّوه على أن يقول في شرع الله ما ليس منه، والثاني: أن يستخفوه على أن يدعَ القول بِما كان مِن شرع الله، وكلاهما باطل، فمِن الأول أنْ يستخفك الناس أن تقول: هذا حرام. وهو ليس في شرع الله حرام، لا تشك مثلاً استياء الناس عليك بِكثرة الانتقاد وما أشبه ذلك .. تقول حرام تبَّاً لألسنتِهم هذا ما يجوز، ما دمت تعتقد أنك على حق لا يستخفِنَّك أحد أبداً، أمَّا الثاني أن يستخفوك على ترك ما هو مِن شرع الله كأنْ يقول الإنسان شيئاً واجباً ويُبَيِّنه للناس ثم لما رأى انتقادَ الناس وصياحَهم عليه تركَه، ولنَضرب لذلك مثلاً: رجل كان معتنياً غاية الاعتناء بتسوية الصفوف في الصلاة وكان حريصاً على ذلك، لأنه يرى حرص النبي عليه الصلاة والسلام على هذا الأمر حتى أنَّه غضِب لما رأى رجل بادياً صدرُه، وتوعَّد المخالِفِين بأنَّ الله يُخالِف بين قلوبِهم فصارَ يعتني بذلك ويحرص عليه وربما تقدَّم هو إلى الشخص إذا لم يفْهَم يُعَدِّلُه بيد ه بدأ الناس يثورُون عليه أنت تدفعنا أنت تخلينا واقفين هنا ساعتين .. التكبير، نعم، وصاحوا عليه ... لست بمنزول .. قال: استووا واعتدلوا. وبس، وش يصير هذا؟ هذا مِمَّن استخفه الناس على ترك؟
الطالب: شرع الله.
الشيخ : شرعِ الله على ترك شرعِ الله ، فالإنسان المؤمن يصبِر ولا يستخِفُّه الناس لا في هذا ولا في هذا، ما دام أنه يعتقد أنَّ ما هو عليه هو شرعُ الله فلا يهتَمُّ بِأحد، لو كُنَّا نُرِيد أنْ نخضَع لِلناس كان هذا أنه واحد يضرب في الطول وهذا واحد يضرب في العرض، واحد يقول حَرِّم كل شيء وواحد يقول: خَلَّك مَرِن وحَلِّل كل شيء، نعم، هذا ليس بصحيح، لأنَّ الإنسان مسئول أمام الله عز وجل مو هو بِعن هوى الناس الذي يختارون مسئول عن أي شيء؟ عن شرعِ الله، فما دُمْتَ تعتقد أنَّ هذا هو الشَّرع لو خَالَف ما كان عليه الناس أو ما اعتادوه أو قالوا له مثلاً: هذا ما هو عليه الناس مِن قبل، أو هذا دين جديد، الحمد لله أنَّه جعلني مُجدِّداً، إن كان ما أقول حقًّا فهذا من نعمةِ الله عليّ أني جَدَّدْت، وإن كان ما أقولُ باطلاً فهذا الدليل على البطلان وأنا مُسْتَعِدّ للرجوع، طيب المهم أن هذه الآية فيها عِبْرَة عظيمة (( اصبِرْ )) هذا واحد (( إن وعد الله حقّ )) اثنين (( ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )) ثلاثة كلها أشياء هي مُحتَاجٌ إليها والعالِم مُحتاجٌ إليها غايةَ الحاجة بل غاية الضرورة، ينتظر الفرَج بقولِه: (( إن وعد الله حق )) ويُؤَمِّل أن يكون النصر لَه لقوله: (( إن وعد الله حق )) ويكون ثابتاً راسخاً بحيث لا تستَخِفُّه أهواءُ الذين لا يُوقِنون، ما تُغيِّرُه الرياح نعم.
الطالب:.......
الشيخ : هذا الأمر وإن كان بَعْض النَّاس ينفُرُون مِن تسويَةِ الصفوف.
الطالب:.....
الشيخ : هذا .. يجوز هذا يمكن واحد .. الجماعة هو اللي ... في هذا الشيء ولا .... أنها صح نُبيِّن لهم ولا ينبغي أن ... تُترك السنن عَلشان خوف أحد، لأن لا يعلم ... كل السنن اللي ما يعرفها العوام .. أو الواجبات أيضاً نتركها خوف الفتنة، فنحن نُبَيِّن، صحيح أن الشيء اللي قد يكون مبهم يُوَطَّأ له ويُمَهَّد له، نحن جرَّبنا هذه الأمور جربنا كان الناس يسفهون علينا أوَّل ما بدأنا بتسوية الصفوف والحرص عليها والعناية بها، حتى إني مرة في مصلى العيد قلت لواحد تقدم .... كان فاسد ما طلع مِن المسجد قلت ان طلعت... نعم، يعني إلى هذا الحد ما يهم نعم، لما بدأنا لا نُغَايِر بين التكبيرات نظرًا لأنهم ما ..... يا رب هذا ما نَبِيه وما فيش بعد وهذا يغرّنا ما ندري وش قائم ولّا قاعد وش لون هذا .... هذا الشيء ..... الآخرين نعم، ومع ذلك لم .. الناس .. والحمد لله صار الناس الآن ارتاحوا لهذا الشيء وصار هذا مِن مصلحتهم، ومِن أوَّل الناس يمشون على التكبير لما .. قاموا وانبسطوا قعدوا لو أنتم فاكرين أربعة ولّا خمسة ولّا عشرة الآن بدأ كل واحد منهم ينتبه لنفسِه السبب؟ يخشى أن يقوم في محل القعود ينتقده الناس أو أنه يجلس في محل القيام ينتقده الناس صار هذا فيه إثبات كونهم يحطون بالَهم معَ الصلاة مراقبة الإمام.[الشريط غير واضح تماما والتسجيل أسرع من العادي لكن الشيخ يتكلم عن مغايرة التكبيرات أي أن يغير الإمام صوته إذا سجد وإذا ركع وهكذا]
الطالب: .....
الشيخ : لا ما نجعله له مجاملة ولّا .. يعني المذهب مذهب الحنابلة مستحب أن تأتي وحدك ما في دليل لكن بس نحن ما ندري عن هذا الرجل
الطالب: .....
الشيخ : نعم قد يصلون وهذا صحيح هذا وارد، المهم نقول: الأمر في هذا واسع ما هو بحرام وكذا أمَّا لو فيه نهي لا بأس، ... والأمر في هذا واسع أوسع بالناس مِن كونه أنه يصلي بهم أربع ركعات في أول الليل ثقيلات، ومع ذلك أنا أقول: أن فعلي ما هو بِالأحسن أنا أصلى.. أظن ثلاثة عشرين أو واحد وعشرين لكن مع ذلك أرى أن الأفضل أن يُصَلي حداعشر، وأنا شكرت الإخوان بعض الشباب عندنا ... صلوا أربع ركعات طويلة في أول الليل وصلوا الباقي في آخر الليل وشكرناهم في الخطبة، لأن هذا هو الأفضل ونسأل الله يعيننا إن شاء الله على فعل ..
الطالب: استنبط من قول ابن عباس: (كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير) أن التكبيرة الأخيره تُغَيَّر .. يعني هذا استنباط ..
الشيخ : هذا المُسْتَنْبِط أجهل مِن حمارِه كنا نعرف انقضاء صلاة الرسول انقضاء فهل صلاةُ الرسول تنقضي بالتكبير ولّا بالتسليم؟
الطالب: بالتسليم.
الشيخ : إذاً عُلِم أنَّ التكبير اللي هو ايه؟ الذكر، لأن هذه رواية في نفس الحديث (كان رفعُ الصوت بالذكر حين انصراف الناس مِن المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) نعم، وفي رواية: ( ما كنا نعرف انقضاء صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلَّا بالتكبير ).
الطالب: ...يُكَبِّر...
الشيخ : الظاهر أنه هو التكبير يمكن (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) يمكن هذه (الله أكبر) رفعها الرسول أكثر من غيرها.
الطالب: .. قبلها التكبير.
الشيخ : إي نعم ... قبل التسليم لكن ما يلزم أنه .. هذا أنه يكون مباشرة ما يلزم هذا، يمكن الرسول ما يرفع صوته ... بالتكبير في أول .. أو أنه أحياناً يبتدئ بالتكبير إذا سَلَّم نعم.
الطالب: الراوي قلّب التكبير ... جعل التكبير
الشيخ : لأنه ما .. على كل حال أنه ما .. نمشي على الأدلة الواضحة ونقِف على الـمُشْتَبِه
فوائد قول الله تعالى : (( الم تلك آيات الكتاب الحكيم ))
قال الله تعالى: (( بسم الله الرحمن الرحيم * الم * تلك آيات الكتاب الحكيم )) مِن فوائد الآية الكريمة حكمة الله عز وجل في إنزال هذه الحروف الهجائية وهي (الم) وما أشبهها.
ومِن فوائدها أنَّ الله عز وجل يتكلم بِحرف وكذلك بصوت، لأن (الم) مِن كلام الله وهي حروف، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة وقد تقدَّم لنا البحث فيه مراراً وأنَّ أهل السنة والجماعة يقولون: إنَّ كلام الله عز وجل بحرف وصوت.
ومِن فوائد الآية الكريمة عُلُوُّ شأنِ هذا القرآن، لقوله: (( تلك آيات )).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ القرآن آيةٌ وعلامةٌ على مُنْزِلِه، لقوله: (( آيات الكتاب ))، وسبق لنا أنَّ الإضافة على تقدير (مِن) فهي إضافة جنسية، طيب القرآن آية على مُنْزِله جل وعلا مِن أيّ ناحية؟ مِن صِدْقِ أخباره ومُطابَقَتها لِلواقع ومِن حُسنِ قصصه وحُبِّها لِلنفوس وعدم مللِها مِنها، لأنَّه ما مِن كلام يُرَدَّد إلّا ويُمَلّ إلا القرآن، والثالث مِن حيث الأحكام حيث أنَّها أحكام عادلة نافعة للعباد في معاشهم ومعادهم ولهذا قال الله عز وجل: (( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أن القرآن مكتوب كما هو مقروء، لقوله: (( تلك آيات الكتاب )).
ومِن فوائدها الثناء على القرآن بهذا الوصف العظيم وهو (( الحكيم )).
ومِن فوائدها أيضاً أنه لا يُوجَد في القرآن خبرٌ سِيقَ عبثاً ولا حُكْمٌ أُثْبِتَ عبثاً لم؟ لِـ(( الحكيم )) لأنَّ العبث يُنافي الحكمة ولا يُمكِن أن يكون في القرآن شيء عبث لا خبراً ولا حُكْماً
فوائد قول الله تعالى : (( هدى ورحمة للمحسنين ))
ومِن فوائد الآية الكريمة الترغيب في هذا القرآن، لقوله: (( هدى ورحمة )) وكل أحد مِنَّا يطلب الهُدى والرحمة فهو هُدىً في العلم ورحمة في العمل إذ أنَّ العاملَ به ينالُ رحمة الله والمُهتدِيَ به على هُدى وبصيرة.
ومِن فوائد الآيات الكريمة أنَّ القرآن الكريم جَمَعَ الخير كلَّه فهو علم نافع وعمل صالح، لأن (علمٌ نافع) بقوله: (( هدى )) (وعمل صالح) بقوله: (( رحمة )) لأنَّ الرحمة لا تُنَال إلا بالعمل الصالح.
ومِنها الحث على الإحسان لقوله: (( للمحسنين )).
ومِنها أن الإحسان سببٌ لنيلِ العلم والعملِ الصالح، لأن الله جعلَه هدى ورحمة لِمَن؟ للمحسنين.
ومِنها أنه كُلَّمَا ازدادَ إحسان العبد ازدادَ علمُه وعملُه الصالح، لأنَّ الحكم إذا عُلِق على وصف ازداد بِزيادتِه ونقصَ بنقصِه كما تقدم
فوائد قول الله تعالى : (( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ))
مِن فوائدها أنَّ إقامة الصلاة مِن الإحسان، لأن جملة .. ما بعدها بيانٌ لها (( الذين يقيمون )).
ومِن فوائد الآية أنَّ الصلاة أحبُّ الأعمال إلى الله، لأن الله قدمها على إيتاء الزكاة مع أنَّ إيتاء الزكاة فيه نفع مُتَعَدٍّ للغير ولكنَّ الصلاة أحبُ إلى الله مِنها وأفضل.
ومِنها الحث على إقامة الصلاة مِن أين نأخذه؟ مِن ثناء الله على المُقِيمين لها، والثناءُ لا يكون إلا على فعل شيء مَحبُوبٍ مَرغُوبٍ إلى الله.
ومِن فوائد الآية الكريمة فضل إيتاءِ الزكاة وأنها تَلِي الصلاة في الفضيلة، نعم، لقوله: (( ويؤتون الزكاة )).
ومِن فوائد الآية الكريمة الثناء على مَن أيَقَنَ بِالآخرة، لقوله: (( وهم بالآخرة هم يوقنون )).
ومِن فوائدها إثباتُ البَعْث، نعم، (( وهم بالآخرة هم يُوقِنُون ))
فوائد قول الله تعالى : (( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ))
ومِن فوائد الآية الكريمة إظهار فضل الله عزَّ وجلّ على هؤلاء الفُضَلاء لقوله: (( مِن ربهم )).
ومِن فوائد الآية الكريمة الإشارة إلى أن رُبوبِيَّة الله عز وجل نَوعان: عامة وخاصة فالعامة لِجميع الخلق (( رب السماوات والأرض وما بينهما )) والخاصة للمؤمنين.
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ بهذه الأعمالِ الفاضلة الجليلة والاعتقاداتِ النافعة يَحصُلُ الفَلاح، لقوله: (( وأولئك هم المفلحون )).
ومِن فوائدها أنَّه لا سبيلَ إلى الفلاح إلا بذلك وَجهُه؟
الطالب: الحصر.
الشيخ : الحصر، لقوله: (( وأولئك هم المفلحون ))
تفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ))
الطالب: يبيع.
الشيخ : يبيع، و(يشتري) بمعنى يشتري؟
الطالب: يبتاع.
الشيخ : (يشتري): يبتاع، طيب زِين يبتاع، وعند الناس أنَّ الشراء هُو الاشتراء وليس كذلك قال الله تعالى: (( ومِن الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضات الله )) (يشري نفسه) يعني؟
الطالب: يبيعها.
الشيخ : بدليل قوله تعالى: (( إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم )) (اشترى أنفسَهم) فهم بائعون نعم، وأظن الوقت..
(( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ))[لقمان:6] تقدم الكلام على أوَّل الآية، وقُلنا إنَّ (مِن) للتبعيض، وأنَّ معنى الشراء الاختيار، وعُبِّرَ عنْه عنِ الاختيار بالاشتراء لِلدلالة على قُوَّة إرادته فِي ذلك، وقولُه: (( لهوَ الحديث )) أي ما يُلهِي مِنْهُ عمَّا يعنِي"، (لهو) مُضافَة إلى الحديث من بابِ إضافةِ الشيءِ إلى نوعِه، فالإضافة على تقدير (مِن) كما يُقال: ثوبُ خزٍّ ثوبُ صوفٍ خاتمُ حديد خاتمُ فضة وما أشبه ذلِك، فهي على تقدير (مِن)، وهكذا كل ما أُضيفَ الشيءُ إلى نَوْعِه فالإضافة تكون فِيه على تقدير (مِن)، إذاً (لهو الحديث) أي: لهواً مِن الحديث، واللهوُ كل ما يُلهَى بِه، والذي يُلهَى به أغلبُ ما يكون في الشيءِ الباطل، وقد يُلهَى بالخير عنِ الشر لكن أكثر ما يُطلَق اللهو في مقامِ الذمّ، وكل لهو يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا مُدَاعبة أهله وترويض فرسِه وما أشبه ذلك مما يكون به مصلحة، وإلا فإنَّ الأصل أنّ ما يُلهَى به باطل والذي يُلهَى به نَوْعان: حديث وهو القول، والثاني: فعل يعني تلهو، فالذي يُلهى به إمَّا حديثٌ وهو القول، وإمَّا حركاتٌ وهي الفعل، فالله عز وجل ذَكَر هُنا لَهْوَ الحديث فقال: (( ومِن الناس مَن يشتري لهو الحديث )) قال:" أي ما يُلهى به عما يعني " كل ما يُلهَى به عما يعني فهو مِن لهو الحديث، وعمَّا ما يعني الإنسان ولكن يلهو بالمفضول عن الفاضل فليس هذا مِن لهو الحديث، لأنَّ له فائدةً في اللهو بالمفضول لكنَّها فائدة ناقصة، ولا شك أنَّ الأقوال مَراتِب كما أنَّ الأفعال مَراتِب، فلَو تَلَهَّى الإنسان بحديث فيه فائدة عَن حديثٍ أفيدَ منه هل نقول: إن هذا لهو الحديث؟ نقول: إن هذا مِن لهو الحديث ولَّا لا؟ لا، لأنَّ فيه فائدة ليس مجرد لَهوٍ يلْهُو به الإنسان، وإذا كان فيه فائدة فإننا نقول لهذا الرجل: إن اختيارَك للمفضول عنِ الفاضل يُعتبرُ سُوءَ تَصُرُّفٍ مِنك، والذي ينبغي: أن تلهوَ بِالأفضل عن المفضول قالوا: لهو الحديث عما يعنيه.
" (( لِيَضِلَّ )) بفتح الياء وضمها " وأما الضاد فهي مكسورة على القراءتين (( لِيَضِلَّ )) أي: هو، (( لِيُضِلَّ )) أي غيرَه لِيُضِلَّ غيرَه، نعم، وفائدةُ القراءتين هُنا: اشتمالُ الآية أو اشتمال هذه الكلمة على المعنيَيْن وما هُمَا؟ الضلال بنفسه وإضلال غيره، نعم، وقوله: "(( ليُضِلَّ عن سبيل الله )) (سبيل الله) طريق الإسلام" والصواب أن يُقال: طريق الله وهو الإسلام هذا الصواب، سبيلُ الله: طريقُه المُوصِلُ إليه والذي وَضَعَه هو سبحانه وتعالى وهو الإسلام، فسُمِّيَ طريقَ الله أو سبيلَ الله، لأنه مُوصِلٌ إليه ولأنَّه سُبحانَه هو الذي وضعَه وشرعَه لعبادِه، ويُطلَقُ على سبيلِ المؤمنين كما قال تعالى: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النساء:115] ولا تنافيَ بينَ الإضافتين فهو مُضافٌ إلى الله، لأنَّه؟
الطالب: موصل إليه.
الشيخ : مُوصِلٌ إليه وهو الذي وضعَه وشرعَه، ومُضافٌ إلى المؤمنين، لأنهم هم الذين يَسلكُونَه، ومِثلُه الصراط أُضِيفَ إلى السالكين في قوله: (( صراط الذين أنعمت عليهم )) وَأُضيف إلى الله، لأنَّه الذي شرعه ووضعه لِعبادِه (( وأنَّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه )) (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله )) نعم.
(( لِيَضِلَّ عن سبيل الله بغير علم )) قوله: (( بغير علم )) هذا لا يعني أنَّ هناك لهواً يَضِلُّ به الإنسان بِعلم، فهي إذاً صفةٌ كاشفة مُبَيِّنَةٌ لِحقيقة الأمر أي: أنَّ فعلَه هذا ناشئٌ عنِ الجهل بالله عزَّ وجل وعن الجهل بشرعِه وعن الجهل بحقيقة ما خُلِقَ له، كيف تَتَلَهَّى بأمرٍ لا تستفيدُ منه هل هذا جهل ولَّا علم؟ هذا جهلٌ بما ينبغي أن تعلمَه لِتعتبرَ به، ولم يُمَثِّل المؤلف رحمه الله نعم، إي لا يذكره فيما بعد التمثيل، لكنَّ كثيراً مِن المفسرين قال: إن المراد بلهو الحديث هو الغناء، ومِمن قال بذلك ابن مسعود t وكذلك ابنُ عباس وجماعة، حتى إنَّ ابنَ مسعود يحلف ويقول: ( والله الذي لا إله إلا هو إنَّه الغناء ) والغِناء ينبت النفاق في القلب وتفسيرُ الصحابي حُجَّة حتَّى ذهب الحاكم وجماعةٌ مِن أهل العلم إلى أنَّ تفسير الصحابي له حُكْم الرفع يعني يكون كالحديث المرفوع، والصحيح أنَّ الأمر ليس كذلك لأنَّه ليس له حكم الرفع إلا أن يكون مِما لا مجالَ للاجتهاد فيه، لأنَّه مُجَرَّدُ تفسير آية بمقتضى اللغة العربية فإنَّ الصحيح أنَّ تفسِير الصحابي ليس له حكم الرفع لكِنَّه مُقَدَّمٌ على غيرِه، ثمَّ اعلمْ أنَّ المفسرين مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم قد يذكرون تفسيرَ الآية على سبيلِ المثال لا على سبيلِ الحصر فإذا قال ابن مسعود: إنَّ المراد بلهو الحديث الغناء لا يعني أنه لا يتناول غيرَه، إذ يكونُ هذا على سبيل التمثيل فقط ويَدُلُّكَ لِهذا قوله تعالى: (( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ {سَكِّر .. يا غانم اللي ما له .. } وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ))[فاطر:32] قال بعض العلماء التفسير: الظالمُ لنفسه هو الذي يُؤَخِّرُ الصلاةَ عن وقتِها، وقال آخرون: هو الذي لا يُزَكِّي، (ومنهم مقتصد) والمقتصد هو الذي يأتي بالصلاة في آخرِ وقتها، وقال آخرون: هو الذي يؤدي الزكاةَ المفروضة فقط، (ومِنهم سابق بالخيرات) قال بعضهم: هو الذي يُصلي الصلاة في أول وقتها، وقال آخرون: هو الذي يُؤَدِّي الزكاة والصدقات. هذا ايش يَدُلّ عليه؟ على أنَّ العلماء قد يُفَسِّرون الآية ببعض الأمثلة نعم، فلا ينافي أن تكون الآية مُتناولَةً لغيرِها، فتفسير ابن مسعود وابن عباس وغيرِهما لِلهو الحديث بأنَّه الغناء لا يعني أنه يمتِنع أن يُرَاد بالآية ما هو أعمّ، وعلى هذا فنقول: الآية تشمل كُل لهوِ حديثٍ لا نفعَ فيه مِن الغناء ومِنه أيضا مُطَالعة ما يُكتَب في الصحف والمجلات مِن الكلام الهراء الذي لا فائدةَ مِنه فإنَّه في الحقيقة مَضيَعَة للوقت، وإذا كان يَشُدُّ الإنسان إلى ما هو أَبْطَل صار أَشَدّ، نعم، وعلى كل حال نقول: لهو الحديث: كُلُّ حديثٍ لا فائدةَ منه سواءٌ كان ذلك يَجُرُّ إلى محرم أو لا يَجُرُّ إلى مُحَرَّم، لكن إن جَرَّ إلى محرم صارَ أعظم، فإذا قال قائل: الآية يقول الله فيها: (( لِيَضِلَّ عن سبيل الله )) أو (( لِيَضِلَّ عن سبيل الله )) وأنت قلت: إنَّ لهو الحديث كُلُّ ما لا نفعَ فيه، وما لا نفعَ فيه قد يَضِلّ وقد لا يَضِلّ. فإنَّما أقول: إنَّ الإنسان إذا عَوَّدَ نفسَه على أن يشتغل بهذا اللهو الذي لا نفعَ فيه جَرَّتْهُ إلى ما فيه مَضَرَّة، لأنَّ النفس إمَّا أن تشغلَها بالحق أو تَشْغَلك بالباطل، واللام في قوله: (( لِيَضِلَّ عن سبيل الله )) أو (( لِيُضِلّ )) هل هي لِلتعليل أو لِلعاقبة؟ الجواب: هيَ صالحة للأمرين فإن كان الإنسان يَقْصِد بِلهو الحديث أن يُضِلَّ غيرَه بِه فاللام للتعليل، وإن كان لا يقصد ذلك فاللام للعاقبة، ونريد مِن الأخ عبد الرحيم يأتِي بمثال للام العاقبة لا إشكالَ فيه؟ عندَك؟
الطالب:..(( لِيكون لهم عَدُوًّا وحَزناً ))
الشيخ : وش أولها؟
الطالب: القصص (( فالتقطه آل فرعون )).
الشيخ : (( فالتقطه آل فرعون ليكونَ لهم عَدُوًّا وحَزَناً )) فاللام هنا لا شكَّ أنها للعاقبة، لأنَّهم ما أرادوا أن يكون لهم عَدُوًّا وحزناً، نعم، إنما أرادوا العكس لكنَّ العاقبة صارتْ كذلك.
6 - تفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا )) أستمع حفظ
تفسيرهم الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) بالغناء هل هو الغناء المحرم أو كل الغناء ؟
الشيخ : لا، الغناء المحرم، أمَّا الغناء الذي ليس بِمُحَرَّم فلا يدخُل في الآية إلا إنْ شَغَلَ عمَّا هو أهمّ مِنه صار ...
الطالب: طيب اللي لا ... في الخير ولا في ..؟
الشيخ : مثل ايش؟
7 - تفسيرهم الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) بالغناء هل هو الغناء المحرم أو كل الغناء ؟ أستمع حفظ
هل تدخل في هذه الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) بعض الأشعار التي لا يستفاد منها لا في اللغة العربية ولا في الوعظة ؟
الشيخ : ترقيق قلب أو موعظة هذه الظاهر تدخل في لهوِ الحديث الذي لا ينفع ولا يضر، لكنَّه قد يَجُر إلى ما يَضُرّ، وإن لم يكن مِن ضرره إلا أنه يُلْهِي عمَّا هو أَهَمّ
8 - هل تدخل في هذه الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) بعض الأشعار التي لا يستفاد منها لا في اللغة العربية ولا في الوعظة ؟ أستمع حفظ
تتمة لتفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ))
9 - تتمة لتفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا )) أستمع حفظ
هل تدخل في هذه الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) الأناشيد إذا سمعها الإنسان تارة وتارة ولم يجعلها ديدنه ؟
الشيخ : صارت .. حتى بَعَد يحفظوها يحفظوا القرآن، بعد حتى هذا دَائِم دائم أناشيد؟
الطالب:...
الشيخ : إذاً تارةً وتارة لا تدخل في الموضوع إذا صار مثلاً أحياناً قد تخرُج تَتَمَشَّى أنت وإياهم أو أنت بنفسك يكون عندك مثلاً ضَعْف وخَوَر وكَسَل وتُريد أن تسمَع هذه الأشياء لِتُرَقِّق قلبَك هذا لا بأس به، ولكن أنا قصدي بأولئك الذين اتخذوها ديدناً لهم حتى إنَّه قيل لي: إنَّ بعض الناس يصلي وهو ينشد الأناشيد .. نعم، فالله أعلم، على كل حال المسألة الإكثار مِنه والاشتغال بها عن مواعظ القرآن والسنة هو المحذور، إي نعم.
الطالب:.....
الشيخ : هو على كل حال إذا كانت معالجة، نعم، فالإنسان قد يُعالَج بالسُمّ الأَبتر، نعم، يمكن يُعالَج بالسنة، وهذا نحن الآن نراهم يُعطُون الناس حُبُوباً وجرعات تكونُ قاتِلة لكن يتَّخِذُونها لِلعلاج، فإذا لم يكن طَرِيق إلّا هذا فلا حرج، لكن أيضاً تكون معَ الحذر الشديد.
10 - هل تدخل في هذه الآية (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) الأناشيد إذا سمعها الإنسان تارة وتارة ولم يجعلها ديدنه ؟ أستمع حفظ
بعض المرات يكون ولد صغير ينشد ولحنه حسن هل يجوز منه هذا ؟
الشيخ : والله على كل حال حُسْن الصوت إنْ كانَ يُؤَدِّي إلى فساد وثَوَرَان شهوة فهذا محرم، وإن كان لا يُؤَدِّي ولكنَّه يزيدُ الإنسان استماعاً فلا بأس منه، نعم
تتمة لتفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ))
(( ويتَّخِذَها )) بالنصب عطفاً على (يَضِل) وبالرفع عطفاً على (يشتري)" قراءتان ولّا لا؟ قراءتان: (( لِيَضِلَّ عن سبيل الله ويتخذَها )) تكون عطفاً على (يضِل) أو (( ويتخذُها )) عطفاً على؟
الطالب: (( مَن يشتري )).
الشيخ : (( يشتري )) يعني: ومِن الناس مَن يتخذُها هزواً، وبينَهما فرق ولّا لا؟ بينهما فرق، لأنَّ قراءة النصب تجعل الحامل على مَن يشتري لهو الحديث الحامل له أمران: الضلال واتخاذها هزواً، وأمَّا على قراءة الرفع فإن الحامل على الشَأْن اللي هو فيه شيءٌ واحد، لكن مِن الناس أيضاً مَن يتخذ آياتِ الله هُزُواً أي مكاناً للاستهزاء يقول: (( ويتخذَها هزوا )) مَهْزُوءاً بِها " أشار المؤلف بقوله: (( مهزوءاً )) إلى أنَّ المصدر هنا بمعنى اسم المفعول، والمصدر بمعنى اسم المفعول كثيراً ما يأتي في اللغة العربية مثالُه؟
الطالب: دراسة.
الشيخ : لا، ما هو بالذي قُلت، مصدر يأتي بمعنى اسم المفعول يعني مهزوءاً واتخاذ آيات الله هُزُواً له أنواع كثيرة، مِنها أن يستهزئَ بالقرآن بِنَظْمِه وتركيبِه، ومنها أن يستهزئَ بالقرآن بِأخبارِه ويقول: أساطير الأولين، ومِنها أن يستهزئ بالقرآن بِأحكامِه، ومنها أن يستهزئَ بالسنة، ومِنها أن يستهزئَ بالرسول عليه الصلاة والسلام، ومِنها أن يستهزئ بِمَن تمسَّك بالسنة لا لشخصه ولكن لِعمله، وهو كِبِيرَة حتى إنَّ بعض أهل العلم يقول: إنَّ الإنسان إذا صَلَّى وهو مُحْدِث فهذا استهزاءٌ بآيات الله، ويقول: إنَّه إذا عَمِل مُبْطِلاً مِن مُبطِلات العبادَة فهو مُسْتَهْزئٌ بآيات الله، وعلى كل حال كُلُّ مَن أتَى أو كُلُّ مَن حَوَّلَ آياتِ الله عز وجل إلى هُزْء بالقول أو بالفعل أو بالهيئة فإنه يعتبر مُتَّخِذاً لها هُزْؤاً، والاستهزاء بآيات الله عز وجل ليس بالأمر الهين حتَّى إنَّ أهل العلم يقولون: مَن قال كفراً أو فعل كفراً ولو هازلاً فإنَّه يكفر، واستدلوا لِذلك بقوله تعالى: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ))[التوبة:66]
12 - تتمة لتفسير قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا )) أستمع حفظ