تفسير سورة لقمان-01b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لتفسير قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم ))
وذِكْرُ البَشارة تَهَكُّمٌ بِهم (( فَبَشِّرْهُ ))، قال المؤلف: " أَعْلِمْهُ " واعلم أن البشارة إنما تكون بالخير هذا في الغالب كما قال تعالى: (( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )) [يونس:64] ما قال: لهم البشرى بكذا وكذا، فعُلِم أنَّ البشرى إذا أُطلِقَت فهي في الخير، وإن قُيِّدت بالخير صارَ ذلك تأكيداً، نعم، كما في قوله تعالى: (( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ))[البقرة:25]، وإن قُيِّدَت بالشر فهي لِلشَّرّ، فالبشرى إمَّا أن تُطْلَق أو تُقَيَّد، إذا أطلقت فهي في الخير وش مثاله؟ (( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))
الطالب: (( فَبَشّر عِباد )).
الشيخ : (( فبشر عِباد ))، وإن قُيِّدَت بالخير فهي خير ويكون ذلك تأكيداً مِثْل (( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جنَّات )) [البقرة:25] وإن قُيِّدَت بالشر فهي لِلشر لكنْ هل قِيلَت فيه على سبيل الحقيقة أو على سبيل التهكم؟ نعم، المؤلف وجماعة يرون أنَّها قِيلتْ على سبيل التهكم، لأنَّ الأصل فيها الخير فإذا قُيِّدت بالشر فهو من باب التَّهَكُّم بِه، نعم، كما في قوله تعالى: (( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ))[الدخان:49] على القول بأنَّ المُراد: العزيز الكريم في تلك الحال لا أنَّك أنت العزيز الكريم في الدنيا مِن قَبْل، ولكنْ قد يقول قائل: إنَّ البشرى إذا قُيِّدت بالشر فهي على حقيقتها وأنَّ أصل البشرى مِن البَشَرَة وهي الإعلام بِما يتغير به الوجه فإن تغيَّرَت بالسرور والانشراح فهي في الخير، وإن تغيَّرَت بالانقباض والعُبُوس فهي لِلشر، فكل ما كان مُؤَثِّراً على بَشَرَة الإنسان فهو بُشْرَى، لكن هي في الأصل في الخير، نعم، ثم قال: (( فبشره بعذاب أليم )) (أليم) بمعنى؟
الطالب: مُؤْلِم.
الشيخ : مؤلم، شوف الآن في الأول (( عذاب مُهِين )) ذو إهانة، وفي الثاني (( بعذاب أليم )) ذو إيلام، لأنَّه فَعَل أفعالاً أعظم مِن الأول، هذا الأخير مَاذا يفعل؟ إذا تُتْلَى عليه آيات الله ولَّى مستكبراً فهو أعظم مِن الذي يشتري لهوَ الحديث، فالأولُ يُصَابُ بعذاب مهين، والثاني يُصابُ بعذابٍ أليم، والموصوف واحد في الحقيقة لكنَّ أحوالَه مُتَغَيِّرَة، قال المؤلف: " وهو النضر بن الحارث كان يأتي الحِيرة "
الطالب: بن الحرث.
الشيخ : ابن الحرث، لا ابن الحارث لكن همزة الحارث ما حاطين فيها ألف، قد يُنْطَق بالألف ولا تُكْتَب، مثل (هذا) فيها أَلِف بين الهاء والذال نُطقاً فيها ألف لكن كتابةً لا، إسحاق فيها ألف نُطقاً لا كتابةً.
الطالب: ...
الشيخ : لا في القرآن ما هي موجودة طب .. واجد كثير، كما أنَّها قد تُوجد الألف ولا يُنطقُ بها مثل (أنا) (أنا قائم) هل أكتب أنآ قائم؟ لا، تقول أنَ قائم، ومثل (قالوا) فيها ألف بعد الواو للفرق بينها وبين واو العِلَّة ومع ذلك يُنطق بها ولّا لا؟ ما يُنْطَق بِها، طيب، يقول: الحارث " بن الحارث كان يأتي الحيرة يَتَّجِر فيشترى كُتُبَ أخبار الأعاجم ويُحَدِّث بها أهلَ مكة، ويقول: إنَّ مُحَمَّداً يُحَدِّثُكم أحاديثَ عادٍ وثمود وأنا أُحَدِّثُكم أحاديثَ فارِس والروم فَيَسْتَحْلُون حديثَه ويتْرُكُونَ استماعَ القرآن " المُؤْلِّف يقول رحمه الله: "وهو النضر" وتعيينُها بالنضر فقط لا شكَّ أنَّه قصور فالصواب أنَّها عامة له ولِغَيْره، وسواء بهذه الطريقة التي كان يَتَّخِذُها هو أو بِغَيْرِها كما سبق لنا في الأمثلة، فالصواب العُمُوم لكن المؤلف رحمه الله دائماً يَخُصُّ القرآن بالعموم كما مرَّ علينا كثيراً يحمل الآيات التي تتحدث عن الكفر والشِّرك يَحمِلُها على مَن؟ على أهل مكة دائماً.
الطالب: .. هذا في باب النُزُول.
الشيخ : لا، ما هو قصده هذا لو قال: نزلت في كذا. لا بأس، لكن هو يريد أن يحمِل هذا العموم على هذا الخُصُوص، والصواب أنه ليس خاصاً به، هو يدخل في هذا لكن ليس خاصًّا
الطالب: (( فَبَشّر عِباد )).
الشيخ : (( فبشر عِباد ))، وإن قُيِّدَت بالخير فهي خير ويكون ذلك تأكيداً مِثْل (( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جنَّات )) [البقرة:25] وإن قُيِّدَت بالشر فهي لِلشر لكنْ هل قِيلَت فيه على سبيل الحقيقة أو على سبيل التهكم؟ نعم، المؤلف وجماعة يرون أنَّها قِيلتْ على سبيل التهكم، لأنَّ الأصل فيها الخير فإذا قُيِّدت بالشر فهو من باب التَّهَكُّم بِه، نعم، كما في قوله تعالى: (( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ))[الدخان:49] على القول بأنَّ المُراد: العزيز الكريم في تلك الحال لا أنَّك أنت العزيز الكريم في الدنيا مِن قَبْل، ولكنْ قد يقول قائل: إنَّ البشرى إذا قُيِّدت بالشر فهي على حقيقتها وأنَّ أصل البشرى مِن البَشَرَة وهي الإعلام بِما يتغير به الوجه فإن تغيَّرَت بالسرور والانشراح فهي في الخير، وإن تغيَّرَت بالانقباض والعُبُوس فهي لِلشر، فكل ما كان مُؤَثِّراً على بَشَرَة الإنسان فهو بُشْرَى، لكن هي في الأصل في الخير، نعم، ثم قال: (( فبشره بعذاب أليم )) (أليم) بمعنى؟
الطالب: مُؤْلِم.
الشيخ : مؤلم، شوف الآن في الأول (( عذاب مُهِين )) ذو إهانة، وفي الثاني (( بعذاب أليم )) ذو إيلام، لأنَّه فَعَل أفعالاً أعظم مِن الأول، هذا الأخير مَاذا يفعل؟ إذا تُتْلَى عليه آيات الله ولَّى مستكبراً فهو أعظم مِن الذي يشتري لهوَ الحديث، فالأولُ يُصَابُ بعذاب مهين، والثاني يُصابُ بعذابٍ أليم، والموصوف واحد في الحقيقة لكنَّ أحوالَه مُتَغَيِّرَة، قال المؤلف: " وهو النضر بن الحارث كان يأتي الحِيرة "
الطالب: بن الحرث.
الشيخ : ابن الحرث، لا ابن الحارث لكن همزة الحارث ما حاطين فيها ألف، قد يُنْطَق بالألف ولا تُكْتَب، مثل (هذا) فيها أَلِف بين الهاء والذال نُطقاً فيها ألف لكن كتابةً لا، إسحاق فيها ألف نُطقاً لا كتابةً.
الطالب: ...
الشيخ : لا في القرآن ما هي موجودة طب .. واجد كثير، كما أنَّها قد تُوجد الألف ولا يُنطقُ بها مثل (أنا) (أنا قائم) هل أكتب أنآ قائم؟ لا، تقول أنَ قائم، ومثل (قالوا) فيها ألف بعد الواو للفرق بينها وبين واو العِلَّة ومع ذلك يُنطق بها ولّا لا؟ ما يُنْطَق بِها، طيب، يقول: الحارث " بن الحارث كان يأتي الحيرة يَتَّجِر فيشترى كُتُبَ أخبار الأعاجم ويُحَدِّث بها أهلَ مكة، ويقول: إنَّ مُحَمَّداً يُحَدِّثُكم أحاديثَ عادٍ وثمود وأنا أُحَدِّثُكم أحاديثَ فارِس والروم فَيَسْتَحْلُون حديثَه ويتْرُكُونَ استماعَ القرآن " المُؤْلِّف يقول رحمه الله: "وهو النضر" وتعيينُها بالنضر فقط لا شكَّ أنَّه قصور فالصواب أنَّها عامة له ولِغَيْره، وسواء بهذه الطريقة التي كان يَتَّخِذُها هو أو بِغَيْرِها كما سبق لنا في الأمثلة، فالصواب العُمُوم لكن المؤلف رحمه الله دائماً يَخُصُّ القرآن بالعموم كما مرَّ علينا كثيراً يحمل الآيات التي تتحدث عن الكفر والشِّرك يَحمِلُها على مَن؟ على أهل مكة دائماً.
الطالب: .. هذا في باب النُزُول.
الشيخ : لا، ما هو قصده هذا لو قال: نزلت في كذا. لا بأس، لكن هو يريد أن يحمِل هذا العموم على هذا الخُصُوص، والصواب أنه ليس خاصاً به، هو يدخل في هذا لكن ليس خاصًّا
1 - تابع لتفسير قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم ))
يقول: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ))[لقمان:8] وهذه طريقة القرآن إذا ذَكَر آياتِ الوعيد وصفاتِ مَن يستحِقُّون ذلك الوعيد ذَكَر بعدها آياتِ الوعْد وصفات مَن يستحق ذلك الوعد فقال: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) والإيمان محَلُّه القلب، يعني آمنوا بما يَجِب الإيمان بِه، وهو كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( أن تؤمن بالله وملائكتِه وكتبِه ورسولِه واليومِ الآخر والقدرِ خيره وشره ) (وعملوا الصالحات) يعني الأعمالَ الصالحات، والعمل الصالح ما هو؟ العمل الصالح كُلُّ ما جمع بين شرطين: الإخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهل يدخل في ذلك الترْك؟ الترك ولّا لا؟ طيب الذي لا يـ.. هل نقول أنه عَمِل؟
الطالب: ... ترك.
الشيخ : الترك في الحقيقة مُجرد الترك ليس بعمل، لكن إذا اقترَن به نِيَّة صار عملاً، لأنَّه إذا اقترنَت به النِية صار كفًّا للنفْس والكَفُّ عمل ولهذا جاء في الحديث ( من هَم بسيئة فلم يعملها كُتبت حسنةً كاملة ) لكنَّه ذكر علتان فقال: ( إنه ترَكها مِن جَرَّائِي ) أي مِن أجْلِي، وهذا هو الفصل في الخلاف هل الترك فِعْل وعَمَل أم لا؟ نقول: الترك ليس بفعل ولا عمَل إلا إذا اقترن به نية فإنّه إذا اقترن به نية صار وش صار؟
الطالب: عملاً.
الشيخ : .. صار عمل لكن ما هذا؟ صار فيه كفٌّ لِلنفس وحينئذ يكون بهذا الاعتبار عملاً، طيب.
وقوله: (( وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )) (لهم) خبر مُقَدم و(جنات النعيم) مبتدأ مؤخر والجملة مِن المبتدأ والخبر في محل رفع خبر (إنَّ)، وقوله (جنات) جَمْعُ جَنَّة، وجُمِعت باعتبار أنواعِها، نعم، وكذلك باعتبار مراتِبِها تُجْمَع، وقوله: (جنات) جمع جنة ما هي الجنة؟ الجنَّة في اللغة هي البستان الكثيرُ الأشجار في اللغة، سُمِّيت بذلك لأنها تُجِنُّ مَن كان فيها أي تستره وتُغَطِّيه فلِهذا سُمِّيَت جنة، أمَّا الجنة التي وُعِد المتقون فإنَّها الدار التي أعَدَّها الله لأوليائه فيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سَمِعَت ولا خَطَر على قلبِ بَشَر، فينبغي أن تُعَرَّف الجنة التي وُعِدَ المتقون بِهذا، ما يُقال الجنة هي الحائط الكبير البُستان، لأنَّك إذا قُلْت هذا في تعريف الجنة التي وُعِد المتقون هل تشعر بأنَّ لها مِن المقام والعظمة ما كُنتَ تَخَيَّلُه مِن قَبْل؟ لا، ولكنَّك تقول هي دار النعيم التي أعَدَّها الله لِلمُتَّقين فِيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سمِعَت ولا خَطَرَ على قلبِ بشر.
وقوله: (( جنات النعيم )) (النَعِيم) كلمة جامعة تشمل سُرورَ القلب وتَرفَ البَدَن، فالإنسان مُنَعَّمٌ فيها في ظاهرِه وباطنِه، في الدنيا ما يمكن يجتَمِع الأمرين، الغالب أن من تنعم بدنُه فإنَّ قلبَه يغتم في حُزْن وأَذى، نعم، ومِن الناس من يُجْمَعُ لَه بين الأمرين -والعياذ بالله- أما أهل الجنة فإنَّهم جَمَع الله لهم بين سُرُورِ القلب وبين ترف البدن والله أعلم، نعم.
الطالب: ...
الشيخ : لا، بَيَّنَّاهُ في ما سَبَق بيانٌ لحاله.
((لهم جنات النعيم ))
الطالب: ... ترك.
الشيخ : الترك في الحقيقة مُجرد الترك ليس بعمل، لكن إذا اقترَن به نِيَّة صار عملاً، لأنَّه إذا اقترنَت به النِية صار كفًّا للنفْس والكَفُّ عمل ولهذا جاء في الحديث ( من هَم بسيئة فلم يعملها كُتبت حسنةً كاملة ) لكنَّه ذكر علتان فقال: ( إنه ترَكها مِن جَرَّائِي ) أي مِن أجْلِي، وهذا هو الفصل في الخلاف هل الترك فِعْل وعَمَل أم لا؟ نقول: الترك ليس بفعل ولا عمَل إلا إذا اقترن به نية فإنّه إذا اقترن به نية صار وش صار؟
الطالب: عملاً.
الشيخ : .. صار عمل لكن ما هذا؟ صار فيه كفٌّ لِلنفس وحينئذ يكون بهذا الاعتبار عملاً، طيب.
وقوله: (( وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )) (لهم) خبر مُقَدم و(جنات النعيم) مبتدأ مؤخر والجملة مِن المبتدأ والخبر في محل رفع خبر (إنَّ)، وقوله (جنات) جَمْعُ جَنَّة، وجُمِعت باعتبار أنواعِها، نعم، وكذلك باعتبار مراتِبِها تُجْمَع، وقوله: (جنات) جمع جنة ما هي الجنة؟ الجنَّة في اللغة هي البستان الكثيرُ الأشجار في اللغة، سُمِّيت بذلك لأنها تُجِنُّ مَن كان فيها أي تستره وتُغَطِّيه فلِهذا سُمِّيَت جنة، أمَّا الجنة التي وُعِد المتقون فإنَّها الدار التي أعَدَّها الله لأوليائه فيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سَمِعَت ولا خَطَر على قلبِ بَشَر، فينبغي أن تُعَرَّف الجنة التي وُعِدَ المتقون بِهذا، ما يُقال الجنة هي الحائط الكبير البُستان، لأنَّك إذا قُلْت هذا في تعريف الجنة التي وُعِد المتقون هل تشعر بأنَّ لها مِن المقام والعظمة ما كُنتَ تَخَيَّلُه مِن قَبْل؟ لا، ولكنَّك تقول هي دار النعيم التي أعَدَّها الله لِلمُتَّقين فِيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سمِعَت ولا خَطَرَ على قلبِ بشر.
وقوله: (( جنات النعيم )) (النَعِيم) كلمة جامعة تشمل سُرورَ القلب وتَرفَ البَدَن، فالإنسان مُنَعَّمٌ فيها في ظاهرِه وباطنِه، في الدنيا ما يمكن يجتَمِع الأمرين، الغالب أن من تنعم بدنُه فإنَّ قلبَه يغتم في حُزْن وأَذى، نعم، ومِن الناس من يُجْمَعُ لَه بين الأمرين -والعياذ بالله- أما أهل الجنة فإنَّهم جَمَع الله لهم بين سُرُورِ القلب وبين ترف البدن والله أعلم، نعم.
الطالب: ...
الشيخ : لا، بَيَّنَّاهُ في ما سَبَق بيانٌ لحاله.
((لهم جنات النعيم ))
تفسير قول الله تعالى : (( خالدين فيها وعد الله حقا ))
((* خالدين فيها )) (خالدين فيها) حالٌ مُقَدرة، اعلم أن الحال تنقسم إلى قسمين: حال مُقَرَّرة بمعنى أن صاحبَها مُتَلَبِّسٌ بها الآن، وحالُ مُقَدَّرَة بمعنى أنَّها ستكون لصاحبها، فهنا (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )) هذا وَعْد وليس خبراً، لأنْ ما قال: يدخلون جنات النعيم بل وعَدَهم بأنَّ لهم جنات النعيم، ثم قال: (خالدين فيها) فهل هم خالدين فيها حالَ وَعدِهم بها؟ أو بعد أن يُبْعَثُوا؟ بعد أن يبعثوا، ولهذا قال: حالٌ مُقدرة " أي مُقَدَّراً خُلودُهم فيها إذا دخلوها، أما الآن فليسوا خالدين فِيها، لأنهم إلى الآن ما بَعد بُعِثوا ولا وصلوا إليها، وعليه فنقول: إنها حالٌ مقدرة، يعني لا إنَّ صاحبها مُتَلَبِّسٌ بها الآن، وقوله (خالدين) الخُلود هو المُكْث إمَّا الدائم وإمَّا الطويل يعني أنَّه قد يكون مُكْثاً دائماً وقد يكون مكثاً طويلاً فإذا أُكِّدَ بالتأبيد وقيل: (أبداً) فهو قطعاً لِلمكث الدائم، لأنَّه أُكِّد به.
وقوله: (( لهم جنات النعيم * خالدين فيها وعد الله حقا )) عندنا الآن مصدران (وعْدَ الله) والوعْد هو مثل العهد أنَّ الواعِد يتعهَّد لِلموعود بما وعَدَه به، ويُقال: وعْدٌ ووَعِيد، فالوعد فيما يَسُرّ، والوعيد فيما يَسُوء، وقوله: (وعد الله) مصدر عامله محذوف أي: وُعِدُوا وعدَ الله أو وَعَدَهُم الله وَعْدَ الله، وأما قوله: (حقا) فهي أيضاً مصدر ولكنَّ عاملها أيضاً محذوف التقدير: يُحِقُّه حَقًّا أو حَقَّهُ حَقًّا، فعليه يكون الله تعالى أكَّد هذه الجملة الخبرية أكدَّها بمؤكِّدَين معنَويَّيْن أحدُهما أنها وعْد الله ووعْدُ الله عز وجل لا يُخْلَف، لأنَّه لا يُخلِف الميعاد لِتمام صدقِه وقُدرتِه، والإخلافُ للوعد إنما يأتي مِن أمرين: إمَّا أن يكون الواعِدُ كاذباً فليس محَلًّا للصدق، وإما أن يكونَ صادقاً لكن يعجز عن الوفاء بما وَعَد، والله عز وجل قد انتفى في حقِّه الأمران فهو مُنَزَّهٌ عن الكذب، ومُنَزَّهٌ عن العجْز، إذا كان مُنزهاً عن الكذب وعن العجز لزِم أن يكون كامل القُدْرة وحينئذ يتحقَّقُ ما وَعَدَ به، نعم، وأمَّا المؤكد الثاني فهو قوله: (حقاً) يعني يُؤكِّدُهُ تأكيداً ويُحِقُّهُ حقاً وهذا مِن زيادة التوكيد في الوعْد (( وعْد الله حقا ))
وقوله: (( لهم جنات النعيم * خالدين فيها وعد الله حقا )) عندنا الآن مصدران (وعْدَ الله) والوعْد هو مثل العهد أنَّ الواعِد يتعهَّد لِلموعود بما وعَدَه به، ويُقال: وعْدٌ ووَعِيد، فالوعد فيما يَسُرّ، والوعيد فيما يَسُوء، وقوله: (وعد الله) مصدر عامله محذوف أي: وُعِدُوا وعدَ الله أو وَعَدَهُم الله وَعْدَ الله، وأما قوله: (حقا) فهي أيضاً مصدر ولكنَّ عاملها أيضاً محذوف التقدير: يُحِقُّه حَقًّا أو حَقَّهُ حَقًّا، فعليه يكون الله تعالى أكَّد هذه الجملة الخبرية أكدَّها بمؤكِّدَين معنَويَّيْن أحدُهما أنها وعْد الله ووعْدُ الله عز وجل لا يُخْلَف، لأنَّه لا يُخلِف الميعاد لِتمام صدقِه وقُدرتِه، والإخلافُ للوعد إنما يأتي مِن أمرين: إمَّا أن يكون الواعِدُ كاذباً فليس محَلًّا للصدق، وإما أن يكونَ صادقاً لكن يعجز عن الوفاء بما وَعَد، والله عز وجل قد انتفى في حقِّه الأمران فهو مُنَزَّهٌ عن الكذب، ومُنَزَّهٌ عن العجْز، إذا كان مُنزهاً عن الكذب وعن العجز لزِم أن يكون كامل القُدْرة وحينئذ يتحقَّقُ ما وَعَدَ به، نعم، وأمَّا المؤكد الثاني فهو قوله: (حقاً) يعني يُؤكِّدُهُ تأكيداً ويُحِقُّهُ حقاً وهذا مِن زيادة التوكيد في الوعْد (( وعْد الله حقا ))
تفسير قول الله تعالى : (( وهو العزيز الحكيم ))
((وهو العزيز الحكيم )) وهو العزيز الذي لا يغلِبُه شيءٌ فيمنعُه مِن إنجاز وعْدِه ووعيدِه، الحكيم الذي لا يضَعُ شيئاً إلا في مَحَلِّه " (وهو العزيز) يقول المؤلف: إنَّه الغالب الذي لا يمنعُه شيء مِن تنفيذِ وعده ووعيده، نعم، ولكن سَبَق لنا أنَّ العزيز له ثلاثة معاني -عيسى!- العِزَّة التي وصف الله بها نفسه ثلاثة معاني مَن يعرفُها؟
الطالب: عِزة القهر وقَدر وامتناع.
الشيخ : نعم عزة القهر وعِزة القدْر وعِزة امتناع، أما عزة القهر فمعناها أنه سبحانه وتعالى هو الغالب الذي لا يُغْلَب ولهذا يُقال: فلان عزيز يعني غالب في الجهاد والقِتال قال الله تعالى: (( وينصرُك الله نصرا عزيزاً ))، الثاني عزة القدْر بمعنى أنه ذو قَدْرٍ عظيم، والثالث عِزَّة امتناع بمعنى أنَّه يمتنع عليه النقص، ومِنه قولهم: أرضٌ عَزَاز لِلأرض القوية الشديدةِ الصلْبة عزاز، ونسميها باللغة العامية
الطالب: أرض عزا.
الشيخ : عزا يعني قوية صلبة.
الطالب:.. نحن نقول: عزاز.
الشيخ : عندكم عزاز؟ إذاً هم في اللغة أقرب، فصار الآن (العزيز) نقول: العزيز المُتَّصف بالعزة، وعزتُّه سبحانه وتعالى ثلاثة أنواع: عِزَّة قدْر وعِزَّة قهْر وعِزَّة امْتِنَاع، فأما عِزَّةُ القَهْر فمعناها أنَّه سبحانه وتعالى قاهرٌ لِكل شيء لا يغلبُه شيء، وأما عزَّة القدْر فهو كماله في ذاتِه أنَّه ذو قدْرٍ عظيم، وأمَّا عزة الامتناع فهو امتناعه عن كُلِّ نقصٍ وعيب، وأما قولُه: (الحكيم) فالحكيم تقدَّم لنا أنَّه مشتق من الحُكْم والحِكْمَة، وأما الحُكْم نوعان: حُكْمٌ كونيٌّ قَدَرِي، وحُكْمٌ شرعيٌّ دينيّ، فمَا جاءت به الرسل مِن الأوامر والنواهي هذه أحكام
الطالب: شرعية.
الشيخ : شرعية دينية، ومَا يتعلق بالخلق والتكوين (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فهذا حُكْم؟
الطالب: كوني.
الشيخ : كونيّ، ثم إنَّ هذين الحُكمَيْن مقرونان بالحكمة وهي مُوافَقَةُ الصواب، وموافقة الصواب معناه: أن يَضَع كلَّ شيء في مَوضِعِه، فكل شيء مِن أحكام الله الكونية وأحكامِه الشرعية فإنَّه في غاية ما يكون مِن الصواب وفي غاية ما يكون مِن مطابقة لِمَحَلِّه، ما خلَقَ الله شيئاً سَفَهَاً ولا شَرَع شيئاً سفهاً بل كل مشروعاته فإنها حكمة وكل مخلوقاته حكمة، وتقدم لنا أنَّ الحكمة أيضاً نوعان: حِكمة غائِيَّة وحكمة صُورِيَّة، الصورية معناها أنَّ الشيء على هذه الصورة المُعَيَّنَة موافق لِلحكمة، والغائيَّة معناها أنَّ إنجاز هذا الشيء له حِكمة وغاية محمُودة، نعم، ((وهو العزيز الحكيم ))
الطالب: عِزة القهر وقَدر وامتناع.
الشيخ : نعم عزة القهر وعِزة القدْر وعِزة امتناع، أما عزة القهر فمعناها أنه سبحانه وتعالى هو الغالب الذي لا يُغْلَب ولهذا يُقال: فلان عزيز يعني غالب في الجهاد والقِتال قال الله تعالى: (( وينصرُك الله نصرا عزيزاً ))، الثاني عزة القدْر بمعنى أنه ذو قَدْرٍ عظيم، والثالث عِزَّة امتناع بمعنى أنَّه يمتنع عليه النقص، ومِنه قولهم: أرضٌ عَزَاز لِلأرض القوية الشديدةِ الصلْبة عزاز، ونسميها باللغة العامية
الطالب: أرض عزا.
الشيخ : عزا يعني قوية صلبة.
الطالب:.. نحن نقول: عزاز.
الشيخ : عندكم عزاز؟ إذاً هم في اللغة أقرب، فصار الآن (العزيز) نقول: العزيز المُتَّصف بالعزة، وعزتُّه سبحانه وتعالى ثلاثة أنواع: عِزَّة قدْر وعِزَّة قهْر وعِزَّة امْتِنَاع، فأما عِزَّةُ القَهْر فمعناها أنَّه سبحانه وتعالى قاهرٌ لِكل شيء لا يغلبُه شيء، وأما عزَّة القدْر فهو كماله في ذاتِه أنَّه ذو قدْرٍ عظيم، وأمَّا عزة الامتناع فهو امتناعه عن كُلِّ نقصٍ وعيب، وأما قولُه: (الحكيم) فالحكيم تقدَّم لنا أنَّه مشتق من الحُكْم والحِكْمَة، وأما الحُكْم نوعان: حُكْمٌ كونيٌّ قَدَرِي، وحُكْمٌ شرعيٌّ دينيّ، فمَا جاءت به الرسل مِن الأوامر والنواهي هذه أحكام
الطالب: شرعية.
الشيخ : شرعية دينية، ومَا يتعلق بالخلق والتكوين (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فهذا حُكْم؟
الطالب: كوني.
الشيخ : كونيّ، ثم إنَّ هذين الحُكمَيْن مقرونان بالحكمة وهي مُوافَقَةُ الصواب، وموافقة الصواب معناه: أن يَضَع كلَّ شيء في مَوضِعِه، فكل شيء مِن أحكام الله الكونية وأحكامِه الشرعية فإنَّه في غاية ما يكون مِن الصواب وفي غاية ما يكون مِن مطابقة لِمَحَلِّه، ما خلَقَ الله شيئاً سَفَهَاً ولا شَرَع شيئاً سفهاً بل كل مشروعاته فإنها حكمة وكل مخلوقاته حكمة، وتقدم لنا أنَّ الحكمة أيضاً نوعان: حِكمة غائِيَّة وحكمة صُورِيَّة، الصورية معناها أنَّ الشيء على هذه الصورة المُعَيَّنَة موافق لِلحكمة، والغائيَّة معناها أنَّ إنجاز هذا الشيء له حِكمة وغاية محمُودة، نعم، ((وهو العزيز الحكيم ))
تفسير قول الله تعالى : (( خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ))
(( خَلَق السماوات بغير عمد ترونها )) أي العَمَد جمع عِمَادٍ وهو الاسطوانة وهو صادق بأنْ لا عمد أصلاً " (خلق السماوات بغير عمد ترونها) (خلق السماوات) (السماوات) جمع سماء ويُطلق السماءُ على كل ما عَلَا، ويُطلق على السماوات ذاتِ الأجرام المخصوصة، وأيُّها المُراد هنا؟
الطالب: ذات الأجرام المخصوصة.
الشيخ : المراد ذات الأجرام المخصوصة، خلقها الله عزَّ وجل بِغير عَمَد، والعَمَد جمع عِمَاد ويقول: كالاسطوانة. العمود المعروف، يعني ليس لها أعمدة تَحْمِلُها، وهل المعنى أنَّ لها عَمَداً لا تُرَى؟ أو أنّ المعنى أنَّه لا عَمَدَ لها؟
الطالب: لا عمد لها.
الشيخ : فيه اختلافا تقول: إنه لا عَمَد لها، وهو عليه جرى المؤلف قال: " وهو صادقٌ بأن لا عَمَد أصلاً " بمعنى أنَّه يصلُح أن تقول: هذا ليس له عَمَدٌ تُرَى، يعني فإذا انتَفى رؤيتُها انْتَفَتْ هِي، لأنَّه لو كانت لرأيناها كما نرَى السماء، فلمَّا لم نرَها فالمعنى أنَّه لا وُجودَ لها، وقال بعضهم: نعم هي ليس لها عَمَدٌ لكنَّ الضمير في قوله: (ترونها) لا يعود على العَمَدَ إنما يعود على السماء (( خلق السماوات بغير عمد ترونها )) أي: السماوات كذلك، (ترونها) أي: السماوات كذلك لا عَمَدَ لها، وقال بعض المفسرين: إنَّ معنى قوله: (بغير عمد ترونها) أن لها عمد لكن لا تُرَى. والصواب أنه لا عَمَدَ لها، وأن الله تعالى أمسكها بقُدْرَتِه كما قال تعالى: (( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ))[الحج:65]، وهذا أبلغ في القدرة، أن لا يكون لها عَمَد أبلغ في قدرة الله عز وجل، نعم.
الطالب: احتمال يكون لها عمد بس ما نراها يعني عمد غير محسوسة.
الشيخ : إي هذا نفسه، الآن المعنى الآية لها معنيان: بغير عمد ترونها أو لا عَمَدَ لها، بغير عمد ترونها أي: لها عَمَد لكن لا تُرَى، فهِمتم؟ والمعنى الأول هو الصحيح، ولكن المعنى الأول كيف تخريجُه؟ له تخريجان أحدهما أن يكون قوله: (ترونها)(ها) تعود على السماوات يعني أنَّكم ترونها كذلك لا عمد لها فهي لا عمد لها، والقول الثاني أنّ (ها) يعود على العمد أي: بغير عمد ترونَها وهو صادقٌ بأن ليس لها عمد أصلاً، كما تقول: ليس في هذا المكان عمودٌ أراه المعنى: ما فيه عمد المعنى: ليس فيه عمود، وهذا أعنى قوله: لا عمد لها. أصَحّ وأبلغ في قدرة الله وقد قال الله تعالى: (( ويُمسِك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )).
قال: (( ترونها وألقى في الأرض رواسي )) جبالاً مُرتِفَعة " (ألقى) بمعنى وضع (في الأرض رَواسِيَ) جمع راسِيَة وهذه الرواسي هي الجبال ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( والجبالَ أرساها )) فهذه الرواسي هي الجبال فهي رواسيَ بنفسها، وهي أيضاً مُرسِيَة للأرض مُثَبِّتَة لها، وقوله: (( أن تميد بكم )) قال المؤلف: (أن) لا (تميد بكم) " فقدَّر (لا) النافية بعد (أن)، نعم، وهذا موجود فإنَّ (لا) النافية قد تُقَدَّر بعد (أن) مع حذفِها، وقد .. [أظنها (تُظهر)] بعد (أن) وهي زائدة مثل قوله تعالى: (( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء مِن فضل الله )) فهنا (لا) زائدة بعد (أن)، والتقدير: لأن يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون، وقد تُحذَف وتكون مُقدَّرَةً كما في هذه الآية (( ألا تَمِيد بكم )) لأنّهُ مِن المعلوم أنَّ الله ما ألقى هذه الرواسي لِأجل أن تميدَ بهم، وإنما ألقاها
الطالب: لئلا تميد.
الشيخ : لئلا تميد فتكون (لا هنا) عَيَّنَها السياق، وقال بعض المُعْرِبين: أنه لا تقدر (لا) بل يُقدَّر اسمٌ مناسب أي: كراهةَ أن تميدَ بكم، نعم، وقالوا: إنَّ هذا أولى، لئلا نُفسِّرَ الإثباتَ بالنفيِ لأننا إذا قلنا: التقدير: أن لا تميد بكم. فسَّرنا الإثبات بالنفي فإذا قلنا: كراهةَ أن تميد بكم فإننا نفسر الإثبات بإثباتٍ لكن على تقدير المضاف، وهذا له نظير مِثْل قوله تعالى: (( يُبَيِّن الله لكم أن تضلوا )) هل البيان سببٌ للضلال أو لِعدمه؟
الطالب: لِعدمِه.
الشيخ : إذاً المعنى: يُبَيِّن الله لكم كراهةَ أن تضلوا. على قول، أو: أنْ لا تضلوا. على قول آخر، نعم، وقوله: (( أن تميد بكم )) (تميد) يقول: " تتحرك " بِكُمْ )) فَسَّر المؤلف رحمه الله الْمَيَدَان بِالحركة، والصواب أنّ الميدان حركة خاصة وهو الاضطراب، وليس مُجرد الحركة فاللهُ ألقى في الأرض رواسي حتى لا تميد أي لا تضطرب، وذلك لأنَّ الأرض موضوعة على الماء فإنَّ جميع جوانب الأرض من كل ناحية ماء، والجسم إذا وُضِع في الماء يتحرك ويضطرب ولَّا لا؟ يتحرك ويضطرب لا شك، فإذا كان كذلك فلا بُد مِن شيء يحفظُ توازنه، وذلك الشيء هو الجبال، فجعل الله عز وجل الجبال فيها على الأرض حتى لا تضطرب بالناس، وقوله: (أن تميد بكم) يعني أن تضطرب، وعند علماء البروج يعني مِن هذه الحكم والعِلل شيءٌ كثير لأنه في بعض الأماكن تكثرُ الجبال العظيمة الطويلةُ الكبيرة، وفي بعض الأماكن تَقِلّ وهذا يرجع إلى الحكمة التي خلقها الله عز وجل وقد تَخْفَى علينا لكنها عند العلماء معروفة.
الطالب:....
الشيخ : هذا يأتي إن شاء الله في الفوائد.
الطالب: ذات الأجرام المخصوصة.
الشيخ : المراد ذات الأجرام المخصوصة، خلقها الله عزَّ وجل بِغير عَمَد، والعَمَد جمع عِمَاد ويقول: كالاسطوانة. العمود المعروف، يعني ليس لها أعمدة تَحْمِلُها، وهل المعنى أنَّ لها عَمَداً لا تُرَى؟ أو أنّ المعنى أنَّه لا عَمَدَ لها؟
الطالب: لا عمد لها.
الشيخ : فيه اختلافا تقول: إنه لا عَمَد لها، وهو عليه جرى المؤلف قال: " وهو صادقٌ بأن لا عَمَد أصلاً " بمعنى أنَّه يصلُح أن تقول: هذا ليس له عَمَدٌ تُرَى، يعني فإذا انتَفى رؤيتُها انْتَفَتْ هِي، لأنَّه لو كانت لرأيناها كما نرَى السماء، فلمَّا لم نرَها فالمعنى أنَّه لا وُجودَ لها، وقال بعضهم: نعم هي ليس لها عَمَدٌ لكنَّ الضمير في قوله: (ترونها) لا يعود على العَمَدَ إنما يعود على السماء (( خلق السماوات بغير عمد ترونها )) أي: السماوات كذلك، (ترونها) أي: السماوات كذلك لا عَمَدَ لها، وقال بعض المفسرين: إنَّ معنى قوله: (بغير عمد ترونها) أن لها عمد لكن لا تُرَى. والصواب أنه لا عَمَدَ لها، وأن الله تعالى أمسكها بقُدْرَتِه كما قال تعالى: (( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ))[الحج:65]، وهذا أبلغ في القدرة، أن لا يكون لها عَمَد أبلغ في قدرة الله عز وجل، نعم.
الطالب: احتمال يكون لها عمد بس ما نراها يعني عمد غير محسوسة.
الشيخ : إي هذا نفسه، الآن المعنى الآية لها معنيان: بغير عمد ترونها أو لا عَمَدَ لها، بغير عمد ترونها أي: لها عَمَد لكن لا تُرَى، فهِمتم؟ والمعنى الأول هو الصحيح، ولكن المعنى الأول كيف تخريجُه؟ له تخريجان أحدهما أن يكون قوله: (ترونها)(ها) تعود على السماوات يعني أنَّكم ترونها كذلك لا عمد لها فهي لا عمد لها، والقول الثاني أنّ (ها) يعود على العمد أي: بغير عمد ترونَها وهو صادقٌ بأن ليس لها عمد أصلاً، كما تقول: ليس في هذا المكان عمودٌ أراه المعنى: ما فيه عمد المعنى: ليس فيه عمود، وهذا أعنى قوله: لا عمد لها. أصَحّ وأبلغ في قدرة الله وقد قال الله تعالى: (( ويُمسِك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )).
قال: (( ترونها وألقى في الأرض رواسي )) جبالاً مُرتِفَعة " (ألقى) بمعنى وضع (في الأرض رَواسِيَ) جمع راسِيَة وهذه الرواسي هي الجبال ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( والجبالَ أرساها )) فهذه الرواسي هي الجبال فهي رواسيَ بنفسها، وهي أيضاً مُرسِيَة للأرض مُثَبِّتَة لها، وقوله: (( أن تميد بكم )) قال المؤلف: (أن) لا (تميد بكم) " فقدَّر (لا) النافية بعد (أن)، نعم، وهذا موجود فإنَّ (لا) النافية قد تُقَدَّر بعد (أن) مع حذفِها، وقد .. [أظنها (تُظهر)] بعد (أن) وهي زائدة مثل قوله تعالى: (( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء مِن فضل الله )) فهنا (لا) زائدة بعد (أن)، والتقدير: لأن يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون، وقد تُحذَف وتكون مُقدَّرَةً كما في هذه الآية (( ألا تَمِيد بكم )) لأنّهُ مِن المعلوم أنَّ الله ما ألقى هذه الرواسي لِأجل أن تميدَ بهم، وإنما ألقاها
الطالب: لئلا تميد.
الشيخ : لئلا تميد فتكون (لا هنا) عَيَّنَها السياق، وقال بعض المُعْرِبين: أنه لا تقدر (لا) بل يُقدَّر اسمٌ مناسب أي: كراهةَ أن تميدَ بكم، نعم، وقالوا: إنَّ هذا أولى، لئلا نُفسِّرَ الإثباتَ بالنفيِ لأننا إذا قلنا: التقدير: أن لا تميد بكم. فسَّرنا الإثبات بالنفي فإذا قلنا: كراهةَ أن تميد بكم فإننا نفسر الإثبات بإثباتٍ لكن على تقدير المضاف، وهذا له نظير مِثْل قوله تعالى: (( يُبَيِّن الله لكم أن تضلوا )) هل البيان سببٌ للضلال أو لِعدمه؟
الطالب: لِعدمِه.
الشيخ : إذاً المعنى: يُبَيِّن الله لكم كراهةَ أن تضلوا. على قول، أو: أنْ لا تضلوا. على قول آخر، نعم، وقوله: (( أن تميد بكم )) (تميد) يقول: " تتحرك " بِكُمْ )) فَسَّر المؤلف رحمه الله الْمَيَدَان بِالحركة، والصواب أنّ الميدان حركة خاصة وهو الاضطراب، وليس مُجرد الحركة فاللهُ ألقى في الأرض رواسي حتى لا تميد أي لا تضطرب، وذلك لأنَّ الأرض موضوعة على الماء فإنَّ جميع جوانب الأرض من كل ناحية ماء، والجسم إذا وُضِع في الماء يتحرك ويضطرب ولَّا لا؟ يتحرك ويضطرب لا شك، فإذا كان كذلك فلا بُد مِن شيء يحفظُ توازنه، وذلك الشيء هو الجبال، فجعل الله عز وجل الجبال فيها على الأرض حتى لا تضطرب بالناس، وقوله: (أن تميد بكم) يعني أن تضطرب، وعند علماء البروج يعني مِن هذه الحكم والعِلل شيءٌ كثير لأنه في بعض الأماكن تكثرُ الجبال العظيمة الطويلةُ الكبيرة، وفي بعض الأماكن تَقِلّ وهذا يرجع إلى الحكمة التي خلقها الله عز وجل وقد تَخْفَى علينا لكنها عند العلماء معروفة.
الطالب:....
الشيخ : هذا يأتي إن شاء الله في الفوائد.
5 - تفسير قول الله تعالى : (( خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ))
قال: (( وبث فيها من كل دابة )) (بَثَّ) بمعنى نَشَرَ ووَزَّع (فيها) أي في الأرض (مِن كل دابَّةٍ) الدَابَّة اسم فاعل أي مِن كُلِّ نفسٍ دابةٍ، فهي اسم فاعل من دَبَّ يَدُبّ إذا ضَرَبَ ونَشَر، والدابَّة يُطلَق عرفاً على ذاتِ الأربع، وتُطلَق أيضاً في عُرفٍ أخَصّ على الحمار فقط، أمَّا معناها في اللغة العربية فهي كل ما دَبَّ على الأرض سواءٌ يمشي على أربع أو على اثنين أو على أكثر أو على بطنِه أو على رجلين كُل ذلك يُسَمَّى دابة، نَشَرَ الله عز وجل في الأرض هذه الدوابّ لِحكمةٍ عظيمة، لأنَّ مِن هذه الدواب ما هو نافع وينتَفِعُ الناس به، ومنها ما هو ضار فيحترز الناس عنه، ومنها ما لا نفع فيه ولا ضرر فيعرفُه الناس بما جعل الله عز وجل فيه مِن الآيات يعرفون به كمالَ قدرةِ الله وحكمتِه ... فالأشياء الماضية ظاهرة حكمتُها؟ مثل ماذا؟ نفعُ العباد وقيامُ مصالح دينِهم ودُنيَاهُم بها مِثْل قولِه تعالى: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ )) هذا نَفْع، ومِنها ما هو ضارّ هذا الضارّ وش الفائدة مِن خلقِه؟ الفوائد مِن خلقه كثيرة مِنها بيانُ كَمالِ قدرةِ الله عز وجل حيث كان قادراً على أن يخلُقَ ما فيه منفعة ومصلَحَة، وما فيه مضرة، فالكلُّ خَلْقُ الله والكُلُّ دَابَّة والكلُّ مِن مَاء، ومع ذلك هذا نافع وهذا ضارّ، العقرب أيها أكبر هي ولّا البعير؟
الطالب: فرق كبير.
الشيخ : ما يحتاج أني أقول أن البعير أكبر .. لكن مع ذلك العقرب مؤذِيَة ضارَّة والبعِير بالعكس، تجد البعير يأتي الطفل الصغير يقوده لِما يريد فتمشي معه، هذه حكمة، الحكمة الثانية أنَّ الإنسان يعرِفُ بذلك قدْرَ نفسِه هذا الإنسان المتَمَرِّد المستكبر يعرف قدر نفسه في هذه المخلوقات الماضية، ولهذا يقال: إن مَلِكاً جباراً كان جالسًا وحولَه مِن أهل العلم مَن حولَه فكان يقول: ما هي الحكمة مِن خلْق هذه الذبابة؟ فقال له رجل: الحكمة مِن ذلك أن يُرغِمَ الله بها أنوف الجبابرة مثلك، نعم، .. هذه الذبابة تقَع على أنف أيِّ إنسان وتذرق عليه ، هذا من الحكمة أن يعرِف الإنسان قَدْر نفسِه، وأنَّك ضعيف بالنسبة إلى قُوَّةِ الله عز وجل، البعوضة ليست بشيء ضعيفة مَهِينَة ومع ذلك تُقِضُّ مَضْجِع الإنسان حتى لا ينام فهذا مِن الحكمة، الحكمة الثالثة في خلق هذه المؤذِيات أنَّ الإنسان يذوق الألم بها والعذاب حتى يعرف أنَّ العذاب غير ملائم له فيُوجِبُ له ذلك النفور مِن معصية الله إلى طاعة الله عز وجل، الحكمة الرابعة أنَّ الإنسان ربما يحمله .. على أن يقومَ بما ينبغي أن يقومَ به مِن الأوراد والأذكار أليس كذلك؟ كثيرٌ مِن الناس قد يورِد ويقرأ ما يعصمه مِن الأذى مو هو على شان شياطين الجِنّ ولكن خوفاً مما يؤذيه حسّاً وهذا شيء مُجرَّب ومُشاهد، حكى لي بعض الناس الثقات أنَّه كان مِن عادتِه أن يقرأ آية الكرسي كل ليلة يقول: فنسيتها ذات ليلة فلُدِغْتُ بعد النوم، نعم، لُدِغ لأنَّه ليس عنده مِن الله شيءٌ حافظ، ومَن قرأها في ليلة لم يزل عليه مِن الله حافظ ولا يقربُه شيطان حتى يصبح، هذه مِن الحكم أن الله سبحانه وتعالى بَثَّ في الأرض مِن هذه الدواب المؤذية، أمَّا ما لا نفعَ فيه ولا ضرر من الدواب فإنَّ الإنسان يستَدِلُّ به على حكمة الله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى مُحيطٌ بكل شيء، تَجِد هذه الدواب على كثرة أنواعها ما تستطيع أن تحصي أنواعَها فضلاً عن أفرادِها، ما بالك قد أعطاها الله تعالى الهداية لما هو مِن مصالحها، قال موسى عليه الصلاة والسلام لَمَّا قال له فرعون: من ربكما يا موسى؟ (( قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) وأنت إذا رأيت هذه النملة الصغيرة كيف هداها الله عز وجل إلى مصلحتِها ومنفعتِها كيف تَدَّخِر القوت لها وكيف تجْلُبُه مِن بعيد وكيف تُكَسِّر أطراف الحبوب السر الذي مِنه تَنْبُت تُكَسِّرُه قبل أن تختِزِنه لماذا؟ حتى لا ينبُت، لأنَّه إذا جاءه المطر والندى فإنه ينْبُت لكن إذا كُسِّر أعلاه الذي هو السر سره الذي ينبُت مِنه فإنَّه لا ينبُت، مَن الذي ألهمَها ذلك؟ هو الله عز وجل، هي ما درست في مدارس ولا تخرَّجت مِن الثانوية ولا قرأت في كُلِّيَّة عُلوم لكنْ الله عز وجل هو الذي علَّمها ذلك، شاهدتُ أنا إذا جاء الندى حول بيوت الماء الذَرّ عندما تسقي النخلة وحولها ذَرّ ويجي الندى إلى أولادها أنا شاهدتُّها تأخذ في أولادها حاملةً لهم أولادها بِيض، نعم، ما بعد حَيَتْ إلى الآن تجد كل واحدة مِنها حاملة ولدها تخرج به عن هذا الماء، حتى لا يُصيبَه أو يُهلكَه، هذا مِن آيات الله عز وجلّ يَتَبَيَّن بِه الإنسان حكمة الله عز وجل وأنَّه واسع عليم وأنه بكل شيء مُحِيط وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة مِن هذه الأمور أشياءَ عجيبة، وذَكَرَ أنه ذُكِرَ لِشيخ الإسلام ابن تيمية أنَّ رجلاً وَضَعَ شيء من الطُعْم لِذَرَّة مِن الذرَّات فلما رأتِ الطعْم هذا ما استطاعت أن تحمِلَه كبير، فذهبت إلى أخواتها فاستصرَخَتْهم، فجاءوا .. يقول: فلما أقبلوا نَزَعَ الطُعْم جعلوا يبحثون في مكان الذرَّة التي جلبتهم وهم ما وجدوا شيئا فرجعوا، فوضعه ثانِيةً فلما وجدته الذرة ذهبت إلى أخواتها فاستصرختهم فجاءوا ولكن لما أقبلوا رفعها فلَمَّا لم يجدوا شيئا رجعوا في المرة الثالثة فعل بهم كذلك يقول: فاجتمع الذَرُّ عليها فقتلوها، .. وقال شيخ الإسلام: هذا لأن جميع النفوس مجبولة على بُغْض الكذاب الظالم، أي نعم، وهذه كذبتْ عليهم ظلمتْهم أخذتهم من بيوتهم وتعب وعناء والنتيجة لا شيء، نعم، وهذا شيءٌ عظيم إذا تأمَّل الإنسان هذه الأمور يَجِد العجب العجاب سبحان الله، نعم، (( وبث فيها مِن كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها مِن كل زوج كريم )) (أنزلنا) يقول: " فيه التفات عن الغيبة " {يَهْدِيكُم الله ويصلح بالَكم} فيه التفات مِن الغيبة إلى المتكلم (أنزلنا) وقد سبقَ لنا أن الفائدة في الالتفات تنبيه المُخاطَب أو القارئ لأنَّه إذا تغير أسلوب الكلام لا بُدَّ أن ينتبه، وهنا الفائدة الثاني في هذا: بيان القُدرَة أنَّ الأرض مُفْتَقِرَة إلى السماء (وأنزلنا مِن السماء ماء فأنبتنا فيها مِن كل زوج كريم) أنزل مِن السماء ماءً وهو المطر والمُراد بالسماء هنا العُلُو وأن المطر ليس ينزل مِن السماء الذي هي السقف المحفُوظ وإنما يَنزِل مِن العُلُوّ.
(( فأنبتْنَا فيها )) في الأرض (( مِن كل زوج كريم )) (كريم) يقول المؤلف: " (مِن كل زوج كريم) صِنْف حَسَن" (صِنْف) تفسير لِـ(زوج)، و(حَسَن) تفسير لـ(كريم) وعِندي أن الكريم هو الحَسَن وزِيادة وهو ما ينتفِع الناس به مِن هذا النبات كأنَّه رجل مِعْطَاءٌ يُعطِي ويُغدِق على الخير فهو نَبَاتٌ حَسَن ومع ذلك نافع بسبب ما فيه، والزوج يأتي بمعنى الصِنْف ومنْه قوله تعالى: (( وآخَر من شكله أزواج )) وِمِنه قوله تعالى: (( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم )) أي أصنافَهم وأشكالَهم والله أعلم .
الطالب: فرق كبير.
الشيخ : ما يحتاج أني أقول أن البعير أكبر .. لكن مع ذلك العقرب مؤذِيَة ضارَّة والبعِير بالعكس، تجد البعير يأتي الطفل الصغير يقوده لِما يريد فتمشي معه، هذه حكمة، الحكمة الثانية أنَّ الإنسان يعرِفُ بذلك قدْرَ نفسِه هذا الإنسان المتَمَرِّد المستكبر يعرف قدر نفسه في هذه المخلوقات الماضية، ولهذا يقال: إن مَلِكاً جباراً كان جالسًا وحولَه مِن أهل العلم مَن حولَه فكان يقول: ما هي الحكمة مِن خلْق هذه الذبابة؟ فقال له رجل: الحكمة مِن ذلك أن يُرغِمَ الله بها أنوف الجبابرة مثلك، نعم، .. هذه الذبابة تقَع على أنف أيِّ إنسان وتذرق عليه ، هذا من الحكمة أن يعرِف الإنسان قَدْر نفسِه، وأنَّك ضعيف بالنسبة إلى قُوَّةِ الله عز وجل، البعوضة ليست بشيء ضعيفة مَهِينَة ومع ذلك تُقِضُّ مَضْجِع الإنسان حتى لا ينام فهذا مِن الحكمة، الحكمة الثالثة في خلق هذه المؤذِيات أنَّ الإنسان يذوق الألم بها والعذاب حتى يعرف أنَّ العذاب غير ملائم له فيُوجِبُ له ذلك النفور مِن معصية الله إلى طاعة الله عز وجل، الحكمة الرابعة أنَّ الإنسان ربما يحمله .. على أن يقومَ بما ينبغي أن يقومَ به مِن الأوراد والأذكار أليس كذلك؟ كثيرٌ مِن الناس قد يورِد ويقرأ ما يعصمه مِن الأذى مو هو على شان شياطين الجِنّ ولكن خوفاً مما يؤذيه حسّاً وهذا شيء مُجرَّب ومُشاهد، حكى لي بعض الناس الثقات أنَّه كان مِن عادتِه أن يقرأ آية الكرسي كل ليلة يقول: فنسيتها ذات ليلة فلُدِغْتُ بعد النوم، نعم، لُدِغ لأنَّه ليس عنده مِن الله شيءٌ حافظ، ومَن قرأها في ليلة لم يزل عليه مِن الله حافظ ولا يقربُه شيطان حتى يصبح، هذه مِن الحكم أن الله سبحانه وتعالى بَثَّ في الأرض مِن هذه الدواب المؤذية، أمَّا ما لا نفعَ فيه ولا ضرر من الدواب فإنَّ الإنسان يستَدِلُّ به على حكمة الله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى مُحيطٌ بكل شيء، تَجِد هذه الدواب على كثرة أنواعها ما تستطيع أن تحصي أنواعَها فضلاً عن أفرادِها، ما بالك قد أعطاها الله تعالى الهداية لما هو مِن مصالحها، قال موسى عليه الصلاة والسلام لَمَّا قال له فرعون: من ربكما يا موسى؟ (( قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) وأنت إذا رأيت هذه النملة الصغيرة كيف هداها الله عز وجل إلى مصلحتِها ومنفعتِها كيف تَدَّخِر القوت لها وكيف تجْلُبُه مِن بعيد وكيف تُكَسِّر أطراف الحبوب السر الذي مِنه تَنْبُت تُكَسِّرُه قبل أن تختِزِنه لماذا؟ حتى لا ينبُت، لأنَّه إذا جاءه المطر والندى فإنه ينْبُت لكن إذا كُسِّر أعلاه الذي هو السر سره الذي ينبُت مِنه فإنَّه لا ينبُت، مَن الذي ألهمَها ذلك؟ هو الله عز وجل، هي ما درست في مدارس ولا تخرَّجت مِن الثانوية ولا قرأت في كُلِّيَّة عُلوم لكنْ الله عز وجل هو الذي علَّمها ذلك، شاهدتُ أنا إذا جاء الندى حول بيوت الماء الذَرّ عندما تسقي النخلة وحولها ذَرّ ويجي الندى إلى أولادها أنا شاهدتُّها تأخذ في أولادها حاملةً لهم أولادها بِيض، نعم، ما بعد حَيَتْ إلى الآن تجد كل واحدة مِنها حاملة ولدها تخرج به عن هذا الماء، حتى لا يُصيبَه أو يُهلكَه، هذا مِن آيات الله عز وجلّ يَتَبَيَّن بِه الإنسان حكمة الله عز وجل وأنَّه واسع عليم وأنه بكل شيء مُحِيط وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة مِن هذه الأمور أشياءَ عجيبة، وذَكَرَ أنه ذُكِرَ لِشيخ الإسلام ابن تيمية أنَّ رجلاً وَضَعَ شيء من الطُعْم لِذَرَّة مِن الذرَّات فلما رأتِ الطعْم هذا ما استطاعت أن تحمِلَه كبير، فذهبت إلى أخواتها فاستصرَخَتْهم، فجاءوا .. يقول: فلما أقبلوا نَزَعَ الطُعْم جعلوا يبحثون في مكان الذرَّة التي جلبتهم وهم ما وجدوا شيئا فرجعوا، فوضعه ثانِيةً فلما وجدته الذرة ذهبت إلى أخواتها فاستصرختهم فجاءوا ولكن لما أقبلوا رفعها فلَمَّا لم يجدوا شيئا رجعوا في المرة الثالثة فعل بهم كذلك يقول: فاجتمع الذَرُّ عليها فقتلوها، .. وقال شيخ الإسلام: هذا لأن جميع النفوس مجبولة على بُغْض الكذاب الظالم، أي نعم، وهذه كذبتْ عليهم ظلمتْهم أخذتهم من بيوتهم وتعب وعناء والنتيجة لا شيء، نعم، وهذا شيءٌ عظيم إذا تأمَّل الإنسان هذه الأمور يَجِد العجب العجاب سبحان الله، نعم، (( وبث فيها مِن كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها مِن كل زوج كريم )) (أنزلنا) يقول: " فيه التفات عن الغيبة " {يَهْدِيكُم الله ويصلح بالَكم} فيه التفات مِن الغيبة إلى المتكلم (أنزلنا) وقد سبقَ لنا أن الفائدة في الالتفات تنبيه المُخاطَب أو القارئ لأنَّه إذا تغير أسلوب الكلام لا بُدَّ أن ينتبه، وهنا الفائدة الثاني في هذا: بيان القُدرَة أنَّ الأرض مُفْتَقِرَة إلى السماء (وأنزلنا مِن السماء ماء فأنبتنا فيها مِن كل زوج كريم) أنزل مِن السماء ماءً وهو المطر والمُراد بالسماء هنا العُلُو وأن المطر ليس ينزل مِن السماء الذي هي السقف المحفُوظ وإنما يَنزِل مِن العُلُوّ.
(( فأنبتْنَا فيها )) في الأرض (( مِن كل زوج كريم )) (كريم) يقول المؤلف: " (مِن كل زوج كريم) صِنْف حَسَن" (صِنْف) تفسير لِـ(زوج)، و(حَسَن) تفسير لـ(كريم) وعِندي أن الكريم هو الحَسَن وزِيادة وهو ما ينتفِع الناس به مِن هذا النبات كأنَّه رجل مِعْطَاءٌ يُعطِي ويُغدِق على الخير فهو نَبَاتٌ حَسَن ومع ذلك نافع بسبب ما فيه، والزوج يأتي بمعنى الصِنْف ومنْه قوله تعالى: (( وآخَر من شكله أزواج )) وِمِنه قوله تعالى: (( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم )) أي أصنافَهم وأشكالَهم والله أعلم .
6 - تفسير قول الله تعالى : (( وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ))
يقول: (( ومِن الناس من يشتري لهو الحديث )) إلى آخرِه يُستفاد من هذه الآية ذمُّ مَن يرْكَن إلى لَهْو الحديث وهو ما لا خير فيه، لقوله: (( ومن الناس من يشتري )) إلى آخره.
ومِن فوائدِها تحرِيم الغِناء، لِأنَّ ابن مسعود أقسَم بالذي لا إله إلا هو أنَّه الغناء، وتفسيرُ الصحابي حُجَّة حتى ذهب الحاكِم وجماعة مِن أهل العلم إلى أنَّ تفسيرَه
الطلبة: في حكم المرفوع.
الشيخ : في حُكْم المرفوع، ولا شكَّ أنَّ الغناء المُشْتَمِل على آلَةِ اللهو لا شك أنَّه حرام، لأن نفْس آلة اللهو حرام قرنَها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزِنا والخمْر والحرير فقال كما في صحيح البخاري مِن حديث أبي مالك الأشعري: ( ليكونَنَّ أقوامٌ مِن أمَّتِي يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعَازِف ) فكلمة (يستحلون) دليل على أنَّها حرام واستحلالهم لها إما باعتقادِهم أنَّها حلال وإمَّا بفعلِهم إياها فعلَ المُسْتَحِلِّ لها الذي لا يبالي، والموجود الآن
الطالب: الأمرين.
الشيخ : الأمران فإنَّ مِن الناس مَن استَحَلَّ هذه المعازف والعياذ بالله وقال: أنها حلال، ومِنهم مَن يعتقِدُ تحريمها لكنه يُخالطها فِعْل المُستحِلِّ لها بدون مبالاة نعم، ولا يَغُرَّنَّكُم ما وقع فيه الناس اليوم مِن الانهماك بِها فإنَّه أصبحَ لها تأثيرٌ عظيم على قُلوبِهم ودينِهم وسلوكِهم، وانظر إلى المُبْتَلَون بهذا الأمر -والعياذ بالله- يكون ما هَمُّهُم إلا هذا الأمر، وهُم أبْعَدُ الناس عن معرفة القرآن والسنة وما وعظ القرآن والسنة، نعم، ولهذا ذَكَر بعضُ أهل العلم أنَّه لا يجتمع حُبُّ الغناء وحُبُّ كتابِ الله عز وجل، نعم، قال ابن القيم:
حُبُّ الكتابِ وحُبُّ ألحانِ الغِنَا في قلب عَــبــدٍ ليــس يجتـَـمِــعَان
ولهذا قال هنا: (( لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) طيب الغناء بدون آلَةِ لَهْو ايش حكمه؟ إن اشتمل على محرم هو حرام وقد يصِل إلى حدِّ الشِّرك كما لو اشتمل على الغُلُوِّ في مَدْح أحد غُلُواًّ يَصِل به إلى درجة الخالق، وقد يكون مُحَرَّماً وفِسْقاً كما لو اشتَمل على تحقيق الفِسْق والمُجُون وما أشبَهَ ذلك، وقد يكون مُحَرَّماً تحريمَ الغِيبَة كما لو كان يَسُبُّ شَخْصاً مُعَيَّناً، المهم أنَّه درجات، أمَّا إذا كان مُباحاً فإنَّه لا شك أنه مِن اللهو لكنَّه إذا اسْتُعِين به على شيء مُباح فلا حرج فيه مِثْل غناء العُمَّال الذين يُغَنُّون لِأجل أن يَتَقَوُّوا على ذلك، وقد كان الصحابة رضى الله عنهم في حَفْرِ الخندق يرتجزون والرسول عليه الصلاة والسلام يُجِيبُهُم يقول:
نحن الذين بايعـــوا مُحـــَمَّـــــدا عــلى الجــهاد ما بَقِـــينَا أبَــدَا
والرسول عليه الصلاة والسلام يُجِيبُهُم ويقول:
اللهم لا خيرَ إلَّا خيرَ الآخِرة فارحم الأنصــار والمُهاجـــــرة
... الرسول عليه الصلاة والسلام ينقُل التراب ويَرْتَجِزُ بقول عبد الله بن رواحة:
اللهم لولا أنـــت ما اهتــــديــــنا ولا تصَــــدَّقْـــــنَا ولا صــــلَّـــــيْنَــا
فأنْزِلَـــــــــن سكِــــــــــينة عـــــــــليــنا وثّبِّـــــــــــتِ الأقــْـــدامَ إن لاقَيْنا
إنَّ الأُلَــــــــــــى قـــدْ بَــــــغَوْا علينا وإن أرادوا فـِـــتــْــنَــــةً أبـــَـــيْــــــنـَـــا
قال البراء بن عازب رضى الله عنه راوي الحديث: ( يَمُدُّ صوتَه بِآخِرِها ) يَمُد صوتَه، فهذا لا بأس به لِما فيه مِن الإعانَة على العمل ومِنه حِدَاءُ الإبِل فَإِنَّه كان يُحْدَى بين يدَي الرسول عليه الصلاة والسلام في الإبل، لأنَّ حِدَاء الإبل يزيدُها مَشْياً وتُسرِع فإنهم يذكرون مِن أحوالها أشياء عجيبة عندما يحدو الحادي إذا كان حَسَن الصوت .. تمشي مِن غير شرُود، نعم، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( يا أنجشة رِفقاً بِالقَوَارِير ) يعني بِالنساء، نعم، وشَبَّهَهَا بالقوارير لِأجل أن يَرْفُقَ بِها أكثَر، لأنَّ القوارِير مَع الحركة تَتَكَسَّر، فالحاصل أن نقول: إن الغناء له الأحكام اللي ذكرْت إن اقترن بآلة لهو كما هو الموجود الآن فهو حرام ولا شكَّ فِيه، لأنَّه داخل في حديث أبي مالك الأشعري الذي رواه البخاري فهو حرام لا ريبَ فيه، وإذا خَلا فهو على حَسَب ..
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ لَهْو الفعل أيضاً لا يجوز التساهُل فيه مِن أين يُؤْخذ؟ مِن قوله: (( لهو الحديث )) فإن القياس أنَّ لهو الفِعْل كذلك، لأنَّ الكُلَّ لَهْوٌ وضَياعُ وَقْت، نعم، وعلى هذا فالألعاب التي لا تَزِيد الإنسان نَشاطاً ولا قُوَّة ويضيع بها الوقت تَدْخُلُ في هَذا.
ومِن فوائدِها تحرِيم الغِناء، لِأنَّ ابن مسعود أقسَم بالذي لا إله إلا هو أنَّه الغناء، وتفسيرُ الصحابي حُجَّة حتى ذهب الحاكِم وجماعة مِن أهل العلم إلى أنَّ تفسيرَه
الطلبة: في حكم المرفوع.
الشيخ : في حُكْم المرفوع، ولا شكَّ أنَّ الغناء المُشْتَمِل على آلَةِ اللهو لا شك أنَّه حرام، لأن نفْس آلة اللهو حرام قرنَها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزِنا والخمْر والحرير فقال كما في صحيح البخاري مِن حديث أبي مالك الأشعري: ( ليكونَنَّ أقوامٌ مِن أمَّتِي يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعَازِف ) فكلمة (يستحلون) دليل على أنَّها حرام واستحلالهم لها إما باعتقادِهم أنَّها حلال وإمَّا بفعلِهم إياها فعلَ المُسْتَحِلِّ لها الذي لا يبالي، والموجود الآن
الطالب: الأمرين.
الشيخ : الأمران فإنَّ مِن الناس مَن استَحَلَّ هذه المعازف والعياذ بالله وقال: أنها حلال، ومِنهم مَن يعتقِدُ تحريمها لكنه يُخالطها فِعْل المُستحِلِّ لها بدون مبالاة نعم، ولا يَغُرَّنَّكُم ما وقع فيه الناس اليوم مِن الانهماك بِها فإنَّه أصبحَ لها تأثيرٌ عظيم على قُلوبِهم ودينِهم وسلوكِهم، وانظر إلى المُبْتَلَون بهذا الأمر -والعياذ بالله- يكون ما هَمُّهُم إلا هذا الأمر، وهُم أبْعَدُ الناس عن معرفة القرآن والسنة وما وعظ القرآن والسنة، نعم، ولهذا ذَكَر بعضُ أهل العلم أنَّه لا يجتمع حُبُّ الغناء وحُبُّ كتابِ الله عز وجل، نعم، قال ابن القيم:
حُبُّ الكتابِ وحُبُّ ألحانِ الغِنَا في قلب عَــبــدٍ ليــس يجتـَـمِــعَان
ولهذا قال هنا: (( لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) طيب الغناء بدون آلَةِ لَهْو ايش حكمه؟ إن اشتمل على محرم هو حرام وقد يصِل إلى حدِّ الشِّرك كما لو اشتمل على الغُلُوِّ في مَدْح أحد غُلُواًّ يَصِل به إلى درجة الخالق، وقد يكون مُحَرَّماً وفِسْقاً كما لو اشتَمل على تحقيق الفِسْق والمُجُون وما أشبَهَ ذلك، وقد يكون مُحَرَّماً تحريمَ الغِيبَة كما لو كان يَسُبُّ شَخْصاً مُعَيَّناً، المهم أنَّه درجات، أمَّا إذا كان مُباحاً فإنَّه لا شك أنه مِن اللهو لكنَّه إذا اسْتُعِين به على شيء مُباح فلا حرج فيه مِثْل غناء العُمَّال الذين يُغَنُّون لِأجل أن يَتَقَوُّوا على ذلك، وقد كان الصحابة رضى الله عنهم في حَفْرِ الخندق يرتجزون والرسول عليه الصلاة والسلام يُجِيبُهُم يقول:
نحن الذين بايعـــوا مُحـــَمَّـــــدا عــلى الجــهاد ما بَقِـــينَا أبَــدَا
والرسول عليه الصلاة والسلام يُجِيبُهُم ويقول:
اللهم لا خيرَ إلَّا خيرَ الآخِرة فارحم الأنصــار والمُهاجـــــرة
... الرسول عليه الصلاة والسلام ينقُل التراب ويَرْتَجِزُ بقول عبد الله بن رواحة:
اللهم لولا أنـــت ما اهتــــديــــنا ولا تصَــــدَّقْـــــنَا ولا صــــلَّـــــيْنَــا
فأنْزِلَـــــــــن سكِــــــــــينة عـــــــــليــنا وثّبِّـــــــــــتِ الأقــْـــدامَ إن لاقَيْنا
إنَّ الأُلَــــــــــــى قـــدْ بَــــــغَوْا علينا وإن أرادوا فـِـــتــْــنَــــةً أبـــَـــيْــــــنـَـــا
قال البراء بن عازب رضى الله عنه راوي الحديث: ( يَمُدُّ صوتَه بِآخِرِها ) يَمُد صوتَه، فهذا لا بأس به لِما فيه مِن الإعانَة على العمل ومِنه حِدَاءُ الإبِل فَإِنَّه كان يُحْدَى بين يدَي الرسول عليه الصلاة والسلام في الإبل، لأنَّ حِدَاء الإبل يزيدُها مَشْياً وتُسرِع فإنهم يذكرون مِن أحوالها أشياء عجيبة عندما يحدو الحادي إذا كان حَسَن الصوت .. تمشي مِن غير شرُود، نعم، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( يا أنجشة رِفقاً بِالقَوَارِير ) يعني بِالنساء، نعم، وشَبَّهَهَا بالقوارير لِأجل أن يَرْفُقَ بِها أكثَر، لأنَّ القوارِير مَع الحركة تَتَكَسَّر، فالحاصل أن نقول: إن الغناء له الأحكام اللي ذكرْت إن اقترن بآلة لهو كما هو الموجود الآن فهو حرام ولا شكَّ فِيه، لأنَّه داخل في حديث أبي مالك الأشعري الذي رواه البخاري فهو حرام لا ريبَ فيه، وإذا خَلا فهو على حَسَب ..
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ لَهْو الفعل أيضاً لا يجوز التساهُل فيه مِن أين يُؤْخذ؟ مِن قوله: (( لهو الحديث )) فإن القياس أنَّ لهو الفِعْل كذلك، لأنَّ الكُلَّ لَهْوٌ وضَياعُ وَقْت، نعم، وعلى هذا فالألعاب التي لا تَزِيد الإنسان نَشاطاً ولا قُوَّة ويضيع بها الوقت تَدْخُلُ في هَذا.
اضيفت في - 2011-05-25