تفسير سورة لقمان-04a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تفسير قول الله تعالى : (( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ))
قولُه: (( إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )) مُوَحِّد (( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى )) " (مَن) هذه شَرْطِيَّة جَوَابُها قولُه: (( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ ))، وَقُرِنَ الجَوَابُ بالفَاء، لأنَّه اقْتَرَنَ بـ(قَدْ) والجوَابُ يَقْتَرِنُ بالفَاء إذا كان أَحَد أُمُورٍ سِتَّة:
اسْمـِــيَّةٌ طَلَبـِـيَّــــةٌ وَبِجَـــامِــدٍ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ) وَبِالْتَنْفِيسِ
سَبْعَة، وهذا اقْتَرَنَ في جَوَابِ (قد) فوَجَبَ أَن يُقْرَنَ بِالفَاء، وقولُه: (( مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) يعني معناه: ينْقَادُ لَه تَمَامَ الانْقِيَاد بحيثُ يُسْلِمُهُ إِلَيْه وَهَذا غَايَة مَا يَكُون مِن التَذَلُّل والتَوَكُّل، (( يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) ولم يَقُل: (لله)، لأَنَّ قَولَه: (( إِلَى اللهِ )) أَبْلَغ كأنَّه أعْطَاه لله عَزَّ وَجَلَّ وبَلَغَ غَايَتَه في الوُصُول إِلَى اللهِ، وقولُه: (( وجهَه )) الـمُرَاد وَجْهَه يعنِي وَجْه قَلْبِه أو وَجْه بَدَنِه؟ الـمُرَاد وَجْه قَلْبِه يعني اتِّجَاهَه فَهو مِن الوُجْهَةِ أي: مَن يَتَّجِهْ إلى اللهِ قَصْدًا وَتَوَكُّلًا وَاعْتِمَادًا، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) الجُمْلَة هذه حَالِيَّة حَالٌ مِن فَاعِل (يُسْلِمْ) يعني والحَال أنَّه مُحْسِن والـمُرَاد بالإِحْسَان يقول المؤلف: التَّوْحِيد. ولكن الصَّوَاب خِلَافُ كلامِه، لأَنَّ التَّوحِيد مَفهُومٌ مِن قولِه: (( ومَن يُسْلِمْ وجهَه إِلى الله ))، لكنْ قولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) أي مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ الشَّرِيعَة مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ شَرِيعَتِه شَرِيعَةِ اللهِ عزَّ وجَل، فيكونُ في الآية إِشَارةٌ إلى الحُكْمَيْنِ الأسَاسِيَّيْنِ في العِبَادَة وهُمَا: الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) يعني في مَاذا؟ في اتِّبَاع الشَّرِيعة يعني مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَتِه على وَجْهِ الإِحْسَان.
(( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ )) (اسْتَمْسَك) بمعنى (تَمَسَّك) لكنَّها أتَتْ بهذه الصِّيغَة (اسْتَفْعَل)، لِلمُبَالَغَة أي لِلـمُبَالَغَة في التَمَسُّك، لأنَّ (اسْتَمْسَك) بكذا أقْوَى مِن قولِك: تَمَسَّكَ به، لأنَّهم يقولون: إنَّ زِيَادَةَ الـمَبْنَى تَدُلُّ على زِيَادَةِ الـمَعْنَى فَلَمَّا كَثُرَتْ حُرُوفُ (اسْتَمْسَك) صارَتْ أقوَى في مَعنَاها مِن (تَمَسَّكَ).
وقولُه: (( بالعُرْوَةِ الوُثْقَى )) يقول المؤلف رحمه الله: " بالعُرْوَةِ الوُثْقَى بِالطَّرَفِ الأَوْثَق الذِي لا يُخَافُ انْقِطَاعُه " العُرْوَة الإنسَان عندما يَتَمَسَّك بالحَبْل فتَارَةً يَتَمَسَّكُ به بِطَرَفِه وليس له عُرْوَة، وتَارَةً يَتَمَسَّك به بطَرَفِه وهو مَعْقُود، وتَارَةً يَتَمَسَّك بِطَرَفِه وهو مَثْنِيٌّ كالعُرْوَة أيُّهُما أَبْلَغ؟ العُرْوَة أَبْلَغ، لأن الإنسان إذا تَمَسَّكَ بِطَرَفِه ربما يَزْلِق فيَسْقُط وكذلك بِطَرَفِه مَأْخُوذًا ما يَتَمَكَّن مِثْلَما يتَمَكَّن بطَرَفِه إذا كان عُرْوَةً، و(الوُثْقَى) مُؤَنَّث (أَوْثَق) يعني العُرْوَة التي هي أَوْثَق شَيْء، نعم، ولا رَيْبَ أنَّ {يرحمك الله} مَنْ أَسْلَمَ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ فإنَّه سَيَنْجُو مِن كُلِّ مَكْرُوه ويَفُوزُ بِكُلِّ مَطْلُوب، لأن هذا هو الطَّرِيقُ الأَمْثَل الذي يُوصِل إلى الله عَزَّ وجَلّ أن تُسْلِمَ وَجْهَكَ إليه وأنْتَ مُحْسِنٌ، هل وَرَدَ مِثْلُها في القُرْآن (اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى)؟ (( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ))[البقرة:256] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : أي إصْرَارُه إذا عُقِدَ طَرَفُه. [قطع في الشريط]
(( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) لـَمَّا بَيَّنَ أنَّ الذي يُسْلِمُ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن أنَّه مُسْتَمْسِك بِالعُرْوَة الوثقى وأَنَّ الإنسان في حَال الإسْلَام إلى الله والإِحْسَان قد يَعْتَرِيه أُمُور يَشُكّ هل هُو مُسْتَمْسِك بالعُرْوَةِ الوُثْقَى ولَّا لا؟ مِثْلُ أن يتَخَلَّفّ عنْه النَّصْر في يَوْم مِن الأَيَّام ومَا أَشْبَهَ ذلك فَيَخْشَى أن يَكُونَ على غَيْر حَقّ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ عَاقِبَةَ الأُمُور إِلى الله عَاقِبَةُ الأُمُورِ إِلى الله، وهذا كقَوْلِه تعالَى: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] لأَنَّ الإنسان قد يقول: ما قِيمَةُ هذه الأشْيَاء بالنسبة لِلقَنَابِل والصَّوَارِيخ وما أشْبَهَ ذلك؟ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ العَاقِبَة لِمَنْ؟ عَاقِبَةُ الأُمُورِ للهِ فأَنت ما دُمْتَ قُمْتَ بأسْبَابِ النَّصْر التي بَيَّنَها اللهُ لك فلا يَخْدَعَنَّك ما أُعْطِيَ أَعْدَاءُ الله تعالى مِن القُوَّةِ الـمَادِّيَّة لأَن هذه القُوَّة الـمَادِّيَّة تَتَضَاءَل بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ عَز وجَل، إِذا أَرَادَ عز وجل أن يَخْسِفَ بهم جَمِيعًا الأَرْض أو يُفْسِد عليهم مُعِدَّاتِهم قال: كُنْ. فيَكُون ولهذا أَعْقَبَها بقولِه: (( ولله عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) حتَّى لا يَسْتَبْعِدَ الإنسانُ نصْرَ الله عز وجل بِسَبَبِ ما أُوتِيَ أَعْدَائُه مِن قُوَّةٍ، لِأن العَاقِبَة لله عز وجل هذه مِثْلُها أيضًا لِيُسْلِمِ الإنْسَان وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ وينْتَابُه بعض الأحيان شُكُوك وهل هو على حَقّ ولَّا على غير حَقّ وهل إنّ هذا اسْتِمْسَاك حَقِيقِي ولَّا لا؟ فبَيَّنَ الله تعالى أنَّ عاقِبَةَ الأُمُور إلى الله وأنَّك متى أسْلَمْتَ وجهَك إلى الله وأنْتَ مُحْسِن فلا بُدَّ أَنْ تَنْجُو، وقولُه: (( وإلى الله عاقبة الأمور )) (إلى) تُفِيد ايش؟ معناها؟ تُفِيدُ الغَايَة يعني غَايَةُ عَاقِبَةِ الأُمُور إلى الله لا إلى غَيرِه هو الذي يُدَبِّرُ الأُمُورَ كيف يَشَاء حتى تَصِلَ إلى ما يُرِيدُه سُبْحَانَه وتعَالى، وقوله: (( الأُمُور )) جمع أَمْر واحِدُ الأُمُور يعني الشُئُون كلّ الشُئُون الدِينِيَّة والدُنْيَوِيَّة العَامَّة والخَاصَّة كُلُّها عاقِبَتُها إلى الله، هذا قِسْمٌ مِن الناس الذي أَسْلَم وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن، الثَّانِي: الكَافِر
اسْمـِــيَّةٌ طَلَبـِـيَّــــةٌ وَبِجَـــامِــدٍ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ) وَبِالْتَنْفِيسِ
سَبْعَة، وهذا اقْتَرَنَ في جَوَابِ (قد) فوَجَبَ أَن يُقْرَنَ بِالفَاء، وقولُه: (( مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) يعني معناه: ينْقَادُ لَه تَمَامَ الانْقِيَاد بحيثُ يُسْلِمُهُ إِلَيْه وَهَذا غَايَة مَا يَكُون مِن التَذَلُّل والتَوَكُّل، (( يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) ولم يَقُل: (لله)، لأَنَّ قَولَه: (( إِلَى اللهِ )) أَبْلَغ كأنَّه أعْطَاه لله عَزَّ وَجَلَّ وبَلَغَ غَايَتَه في الوُصُول إِلَى اللهِ، وقولُه: (( وجهَه )) الـمُرَاد وَجْهَه يعنِي وَجْه قَلْبِه أو وَجْه بَدَنِه؟ الـمُرَاد وَجْه قَلْبِه يعني اتِّجَاهَه فَهو مِن الوُجْهَةِ أي: مَن يَتَّجِهْ إلى اللهِ قَصْدًا وَتَوَكُّلًا وَاعْتِمَادًا، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) الجُمْلَة هذه حَالِيَّة حَالٌ مِن فَاعِل (يُسْلِمْ) يعني والحَال أنَّه مُحْسِن والـمُرَاد بالإِحْسَان يقول المؤلف: التَّوْحِيد. ولكن الصَّوَاب خِلَافُ كلامِه، لأَنَّ التَّوحِيد مَفهُومٌ مِن قولِه: (( ومَن يُسْلِمْ وجهَه إِلى الله ))، لكنْ قولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) أي مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ الشَّرِيعَة مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ شَرِيعَتِه شَرِيعَةِ اللهِ عزَّ وجَل، فيكونُ في الآية إِشَارةٌ إلى الحُكْمَيْنِ الأسَاسِيَّيْنِ في العِبَادَة وهُمَا: الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) يعني في مَاذا؟ في اتِّبَاع الشَّرِيعة يعني مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَتِه على وَجْهِ الإِحْسَان.
(( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ )) (اسْتَمْسَك) بمعنى (تَمَسَّك) لكنَّها أتَتْ بهذه الصِّيغَة (اسْتَفْعَل)، لِلمُبَالَغَة أي لِلـمُبَالَغَة في التَمَسُّك، لأنَّ (اسْتَمْسَك) بكذا أقْوَى مِن قولِك: تَمَسَّكَ به، لأنَّهم يقولون: إنَّ زِيَادَةَ الـمَبْنَى تَدُلُّ على زِيَادَةِ الـمَعْنَى فَلَمَّا كَثُرَتْ حُرُوفُ (اسْتَمْسَك) صارَتْ أقوَى في مَعنَاها مِن (تَمَسَّكَ).
وقولُه: (( بالعُرْوَةِ الوُثْقَى )) يقول المؤلف رحمه الله: " بالعُرْوَةِ الوُثْقَى بِالطَّرَفِ الأَوْثَق الذِي لا يُخَافُ انْقِطَاعُه " العُرْوَة الإنسَان عندما يَتَمَسَّك بالحَبْل فتَارَةً يَتَمَسَّكُ به بِطَرَفِه وليس له عُرْوَة، وتَارَةً يَتَمَسَّك به بطَرَفِه وهو مَعْقُود، وتَارَةً يَتَمَسَّك بِطَرَفِه وهو مَثْنِيٌّ كالعُرْوَة أيُّهُما أَبْلَغ؟ العُرْوَة أَبْلَغ، لأن الإنسان إذا تَمَسَّكَ بِطَرَفِه ربما يَزْلِق فيَسْقُط وكذلك بِطَرَفِه مَأْخُوذًا ما يَتَمَكَّن مِثْلَما يتَمَكَّن بطَرَفِه إذا كان عُرْوَةً، و(الوُثْقَى) مُؤَنَّث (أَوْثَق) يعني العُرْوَة التي هي أَوْثَق شَيْء، نعم، ولا رَيْبَ أنَّ {يرحمك الله} مَنْ أَسْلَمَ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ فإنَّه سَيَنْجُو مِن كُلِّ مَكْرُوه ويَفُوزُ بِكُلِّ مَطْلُوب، لأن هذا هو الطَّرِيقُ الأَمْثَل الذي يُوصِل إلى الله عَزَّ وجَلّ أن تُسْلِمَ وَجْهَكَ إليه وأنْتَ مُحْسِنٌ، هل وَرَدَ مِثْلُها في القُرْآن (اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى)؟ (( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ))[البقرة:256] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : أي إصْرَارُه إذا عُقِدَ طَرَفُه. [قطع في الشريط]
(( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) لـَمَّا بَيَّنَ أنَّ الذي يُسْلِمُ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن أنَّه مُسْتَمْسِك بِالعُرْوَة الوثقى وأَنَّ الإنسان في حَال الإسْلَام إلى الله والإِحْسَان قد يَعْتَرِيه أُمُور يَشُكّ هل هُو مُسْتَمْسِك بالعُرْوَةِ الوُثْقَى ولَّا لا؟ مِثْلُ أن يتَخَلَّفّ عنْه النَّصْر في يَوْم مِن الأَيَّام ومَا أَشْبَهَ ذلك فَيَخْشَى أن يَكُونَ على غَيْر حَقّ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ عَاقِبَةَ الأُمُور إِلى الله عَاقِبَةُ الأُمُورِ إِلى الله، وهذا كقَوْلِه تعالَى: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] لأَنَّ الإنسان قد يقول: ما قِيمَةُ هذه الأشْيَاء بالنسبة لِلقَنَابِل والصَّوَارِيخ وما أشْبَهَ ذلك؟ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ العَاقِبَة لِمَنْ؟ عَاقِبَةُ الأُمُورِ للهِ فأَنت ما دُمْتَ قُمْتَ بأسْبَابِ النَّصْر التي بَيَّنَها اللهُ لك فلا يَخْدَعَنَّك ما أُعْطِيَ أَعْدَاءُ الله تعالى مِن القُوَّةِ الـمَادِّيَّة لأَن هذه القُوَّة الـمَادِّيَّة تَتَضَاءَل بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ عَز وجَل، إِذا أَرَادَ عز وجل أن يَخْسِفَ بهم جَمِيعًا الأَرْض أو يُفْسِد عليهم مُعِدَّاتِهم قال: كُنْ. فيَكُون ولهذا أَعْقَبَها بقولِه: (( ولله عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) حتَّى لا يَسْتَبْعِدَ الإنسانُ نصْرَ الله عز وجل بِسَبَبِ ما أُوتِيَ أَعْدَائُه مِن قُوَّةٍ، لِأن العَاقِبَة لله عز وجل هذه مِثْلُها أيضًا لِيُسْلِمِ الإنْسَان وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ وينْتَابُه بعض الأحيان شُكُوك وهل هو على حَقّ ولَّا على غير حَقّ وهل إنّ هذا اسْتِمْسَاك حَقِيقِي ولَّا لا؟ فبَيَّنَ الله تعالى أنَّ عاقِبَةَ الأُمُور إلى الله وأنَّك متى أسْلَمْتَ وجهَك إلى الله وأنْتَ مُحْسِن فلا بُدَّ أَنْ تَنْجُو، وقولُه: (( وإلى الله عاقبة الأمور )) (إلى) تُفِيد ايش؟ معناها؟ تُفِيدُ الغَايَة يعني غَايَةُ عَاقِبَةِ الأُمُور إلى الله لا إلى غَيرِه هو الذي يُدَبِّرُ الأُمُورَ كيف يَشَاء حتى تَصِلَ إلى ما يُرِيدُه سُبْحَانَه وتعَالى، وقوله: (( الأُمُور )) جمع أَمْر واحِدُ الأُمُور يعني الشُئُون كلّ الشُئُون الدِينِيَّة والدُنْيَوِيَّة العَامَّة والخَاصَّة كُلُّها عاقِبَتُها إلى الله، هذا قِسْمٌ مِن الناس الذي أَسْلَم وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن، الثَّانِي: الكَافِر
1 - تفسير قول الله تعالى : (( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ))
قال: (( وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ )) يا مُحَمَّدُ (( كُفْرُهُ )) لَا تَهْتَمَّ بِكُفْرِه (( إِلَيْنَا مَرِجُعُهُمْ )) " إلى آخِرِه قال: (( مَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ )) (مَنْ) هذه شَرْطِيَّةِ وفِعْل الشَّرْط (( كَفَر )) وجوابُه قولُه: (( فَلَا يَحْزُنْكَ )) وقُرِنَ بالفاءِ، لأنَّ الجُمْلَة اسْمِيَّة جملة اسْمِيَّة (فَلَا يَحْزُنْكَ)، وقوله: (( وَمَن ْكَفَرَ )) هذا عامّ مِن الأَقَارِب والأَبَاعِد لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسَّلام يحزن لِكُفْرِ الكافِرِين سواءٌ كانوا أقَارِبَ له أمْ أبَاعِد، وقوله: " (( فَلَا يَحْزُنْكَ )) يا مُحَمَّد " أَبَانَ المؤلف رحمه الله أنَّ الخطاب في قولِه (( فَلَا يَحْزُنْكَ )) لِمَن؟ لِلرسول صلى الله عليه وسلم، ويحتَمِل أن يكونَ مُوَجَّهًا للرسول عليه الصلاة والسَّلام ولِكُلِّ مَن يَصِحُّ خِطَابُه مِمَّن شَأْنُه أن يَحْزَن إذَا كَفَرَ عِبَادُ الله فيكونُ على هذا المعنى أَعَم مما قال المؤَلِّف، وقوله: (( فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ )) ما هو الحُزْن؟ الحُزْنُ هو ضِدُّ السُّرُور وإذا قِيل حُزْن وخَوْف صار الحُزْنُ على الماضِي والخَوْف لِلْمُسْتَقْبَل، نعم، وقد يُطْلَقُ الحُزْنُ على الخَوْف كما في قوله تعالى: (( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لِا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا )) يعني (لا تَحْزَنْ) أي لا تَخَفْ فإنَّ الله معنا، على أنه يحتَمِل أنَّ معنى (لا تحزن) على ما فعلْنَا مِن اللُّجُوءِ إلى هذا الغار فيكونُ على بابِه على الأَصْل، وقولُه: (( فلا يَحْزُنْك )) قال المؤلف: " لا تَهْتَمَّ بكفْرِه "، وظاهرُ كلامِه أنَّ الحُزْنَ هنا بمعنى الاهْتِمَامِ بالشَيء يعني لا يَهُمَّنَّكَ أمْرُهم، ولكنَّ الحُزْن أَخَصُّ مِن الاهْتِمَام فإِبْقَاءُ الآية على ظاهرِها وهو أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام يحْزَن إذا كَفَرَ الناس وكذلك مَن كان ناصِحًا لله ولِرسولِه يَحْزَن إذا كَفَر الناس أو قُل: إنَّ حملَها على ظاهرِها أوْلَى، وفعلًا الإنسان الناصِح يحزَن إذا كَفَر الناس يحْزَن لِأَمْرَيْن أولًّا رَحْمَةً لِهؤلاء الذين كَفَرُوا، والثاني حُزْنًا على ما فَاتَ الإسلام مِن كَثْرَةِ مُتَّبِعِيه، لأنَّ كَثْرَةَ مُتَّبِعِي الإِسْلَام عِزٌّ لِلإسلام أليس كذلك؟ وش الدَّلِيل أنَّ الكَثْرة عِزّ؟
الطالب: ....
الشيخ : وغيره مِن القرآن؟ فيه في القرآن آيَتَان تَدُلُّ على أنَّ الكَثْرَةَ عِزّ؟
الطالب: آية الأنفال
الشيخ : لا، نعم ربما .. فيه (( وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُم )) ربما .. قال شُعَيْبٌ لِقومِه: (( وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ))، وقال تعالى مُمْتَنًّا على بَنِي إسْرَائِيل: (( وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفْيرًا )) فالكَثْرَةُ عِزّ بالدليل الشَرْعِيّ والواقِعِيّ، الآن الصِّين الشُيُوعِيَّة بالنِّسْبَةِ لِلقُوَّة الصِّنَاعِيَّة مَا تُقَارَن بالرُّوس ولا بِأمْرِيكَا ومع ذلك يهَابُونها، يَهابُونَها لِمَاذا؟ لِلْكَثْرَة كما يقول القَائِل: ... نعم، وأعداءُ المسلمين الآن يُحَبِّذُون للمسلمين أن يُقَلِّلُوا النَّسْلَ فتارَةً يقولون: إذا كَثَّرْتُم النَّسْل ضَاقَ الرِّزْق كقَوْلِ الكُفَّار الذين يقْتُلُون أولادَهم خَشْيَةَ الإِمْلَاق، وتارةً يقولون: إذا كَثُرَ الأولَاد عَجَزْتُم عن تَرْبِيَتِهم. إِسَاءَةَ ظَنٍّ بالله عز وجل، وتارةً يقولون: إذا كَثُرَ الحَمْل {عليكم السلام} ضَعُفَتِ المرْأَة ولَحِقَها الضَّعْف، وهذا لا بُدَّ منه لا بُدَّ أن تَضْعَفَ المرأة كما قال تعالى: (( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ )) والحاصِل أن كَثْرَةَ الأُمَم عِزٌّ لَهَا.
وقولُه: (( فلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُم )) جُمْلَة خَبَرِيَّة قُدِّمَ فيها الخَبْر، لإِفَادَة الحَصْر (( إِلَيْنَا )) يعني نَحْنُ إلى الله عز وجل لا إلى غَيْرِه، وقولُه: (( مَرْجِعُهُم )) مَصْدَرٌ .. أي رُجُوعُهم، فرجوعُهم إلى الله عز وجل لا إلى غيرِه، وهو الذي يحاسِبُهم على أعمالِهم ولهذا قال: (( فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )) (نُنَبِّئُهُمْ) نُخْبِرُهُمْ طيب، وإذا أُخْبِرُوا بذلك يُجَازَوْنَ عَلَيْه؟ نعم، الغَادِر لا بُدَّ أن يُجَازَى على ذَنْبِه ولكنَّه يُجَازَى بالعَدْل ولهذا كانت النَّارُ دَرَكَات بحَسَبِ جُرْمِ الكافِرين، والمنافِقُون في الدَّرْك الأسفل مِن النَّار فقوله: (نُنَبِّئُهُم) نُخْبِرُهم على سَبِيلِ التَّوبِيخ والإِهَانَة ثُمَّ نُجَازيهم بما يستَحِقُّون، قوله: (( إِلَيْنَا فَنُنَبِّئُهُمْ )) هذا ضَمِير جَمْع لكن المرادُ به؟
الطالب: التعليل.
الشيخ : التَّعْلِيل غير التَّعْلِيل لَا يَصِحّ، (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )) هذا تَكْمِيل لِل.. يعني أنَّ اللهَ عليمٌ بذات الصدور وما هي ذاتُ الصدور؟ ذاتُ الصدور هي القُلُوب، لأنها فِيهَا قال تعالى: (( وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) فمعنى ذاتُ الصدور أي صَاحِبَة الصُّدور وهي القُلُوب، وقال: (( ذات الصدور )) هنا القلوب، لأنَّ ما كان داخِلَ الصَّدْرِ محجُوبٌ عن الخَلْق لا يعلمُه إلا الله عز وجل ولِهذا قال: (( إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَات الصدور )) وفي قولِه: (( عليم بذات الصدور )) دليلٌ على أنَّ الكافر يُحَاسَب على عَمَلِ القَلْب وهو كذلك فإنَّ الكافر يُحَاسَبُ عليه، لأنه لولا أنَّه يُحَاسَب لم يكُنْ في قولِه: (( إن الله عليم بذات الصدور )) كَبِيرُ فائِدَة، نعم.
الطالب: قوله: (( فلا يحزنك كفره )) .. الشَّرْط جَوَابُ الشَّرْط الثاني أليست طلبية؟
الشيخ : ما هي طلبية، لأَن (لنا) ...، صحيح (فلا يحزنك) نوع فهي طَلَبِيَّة نعم صَح
الطالب: ....
الشيخ : وغيره مِن القرآن؟ فيه في القرآن آيَتَان تَدُلُّ على أنَّ الكَثْرَةَ عِزّ؟
الطالب: آية الأنفال
الشيخ : لا، نعم ربما .. فيه (( وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُم )) ربما .. قال شُعَيْبٌ لِقومِه: (( وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ))، وقال تعالى مُمْتَنًّا على بَنِي إسْرَائِيل: (( وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفْيرًا )) فالكَثْرَةُ عِزّ بالدليل الشَرْعِيّ والواقِعِيّ، الآن الصِّين الشُيُوعِيَّة بالنِّسْبَةِ لِلقُوَّة الصِّنَاعِيَّة مَا تُقَارَن بالرُّوس ولا بِأمْرِيكَا ومع ذلك يهَابُونها، يَهابُونَها لِمَاذا؟ لِلْكَثْرَة كما يقول القَائِل: ... نعم، وأعداءُ المسلمين الآن يُحَبِّذُون للمسلمين أن يُقَلِّلُوا النَّسْلَ فتارَةً يقولون: إذا كَثَّرْتُم النَّسْل ضَاقَ الرِّزْق كقَوْلِ الكُفَّار الذين يقْتُلُون أولادَهم خَشْيَةَ الإِمْلَاق، وتارةً يقولون: إذا كَثُرَ الأولَاد عَجَزْتُم عن تَرْبِيَتِهم. إِسَاءَةَ ظَنٍّ بالله عز وجل، وتارةً يقولون: إذا كَثُرَ الحَمْل {عليكم السلام} ضَعُفَتِ المرْأَة ولَحِقَها الضَّعْف، وهذا لا بُدَّ منه لا بُدَّ أن تَضْعَفَ المرأة كما قال تعالى: (( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ )) والحاصِل أن كَثْرَةَ الأُمَم عِزٌّ لَهَا.
وقولُه: (( فلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُم )) جُمْلَة خَبَرِيَّة قُدِّمَ فيها الخَبْر، لإِفَادَة الحَصْر (( إِلَيْنَا )) يعني نَحْنُ إلى الله عز وجل لا إلى غَيْرِه، وقولُه: (( مَرْجِعُهُم )) مَصْدَرٌ .. أي رُجُوعُهم، فرجوعُهم إلى الله عز وجل لا إلى غيرِه، وهو الذي يحاسِبُهم على أعمالِهم ولهذا قال: (( فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )) (نُنَبِّئُهُمْ) نُخْبِرُهُمْ طيب، وإذا أُخْبِرُوا بذلك يُجَازَوْنَ عَلَيْه؟ نعم، الغَادِر لا بُدَّ أن يُجَازَى على ذَنْبِه ولكنَّه يُجَازَى بالعَدْل ولهذا كانت النَّارُ دَرَكَات بحَسَبِ جُرْمِ الكافِرين، والمنافِقُون في الدَّرْك الأسفل مِن النَّار فقوله: (نُنَبِّئُهُم) نُخْبِرُهم على سَبِيلِ التَّوبِيخ والإِهَانَة ثُمَّ نُجَازيهم بما يستَحِقُّون، قوله: (( إِلَيْنَا فَنُنَبِّئُهُمْ )) هذا ضَمِير جَمْع لكن المرادُ به؟
الطالب: التعليل.
الشيخ : التَّعْلِيل غير التَّعْلِيل لَا يَصِحّ، (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )) هذا تَكْمِيل لِل.. يعني أنَّ اللهَ عليمٌ بذات الصدور وما هي ذاتُ الصدور؟ ذاتُ الصدور هي القُلُوب، لأنها فِيهَا قال تعالى: (( وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) فمعنى ذاتُ الصدور أي صَاحِبَة الصُّدور وهي القُلُوب، وقال: (( ذات الصدور )) هنا القلوب، لأنَّ ما كان داخِلَ الصَّدْرِ محجُوبٌ عن الخَلْق لا يعلمُه إلا الله عز وجل ولِهذا قال: (( إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَات الصدور )) وفي قولِه: (( عليم بذات الصدور )) دليلٌ على أنَّ الكافر يُحَاسَب على عَمَلِ القَلْب وهو كذلك فإنَّ الكافر يُحَاسَبُ عليه، لأنه لولا أنَّه يُحَاسَب لم يكُنْ في قولِه: (( إن الله عليم بذات الصدور )) كَبِيرُ فائِدَة، نعم.
الطالب: قوله: (( فلا يحزنك كفره )) .. الشَّرْط جَوَابُ الشَّرْط الثاني أليست طلبية؟
الشيخ : ما هي طلبية، لأَن (لنا) ...، صحيح (فلا يحزنك) نوع فهي طَلَبِيَّة نعم صَح
2 - تفسير قول الله تعالى : (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ))
ثم قال: (( نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ))[لقمان:24] -أعُوذُ بالله- نُمَتِّعُهم يعني نجعَلُهم يتَمَتَّعُون يأكُلون ما شَاءوا ويلْبَسُون ما شاءُوا ويرْكَبُون ما شاءوا ويسْكُنُون ما شاءوا ويَتَنَعَّمُون بِكُلِّ نَعِيمِ الدُّنْيَا ولكنَّ هذا قَلِيل وقليلٌ وقَلِيل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لَمَوضِع سَوطِ أحَدِكُم في الجنَّة خيْرٌ مِن الدُّنْيا وما فِيها ) مَوْضِع السَّوْط خيرٌ مِن الدنيا ما هي الدنيا بِمَن فيها فَقَط مِن أَوَّلِها إلى آخِرِها نعم، مِن الدنيا وما فِيها، هؤلاء -والعياذُ بالله- يُمَتَّعُون قلِيلًا وما أَقَلَّ الدنيا ومَتَاعها، كلُّ ما مضى مِن الدنيا إلى ساعَتِك الحَاضِرة كأنه لم يكُن كأنَّه أضغَاثُ أحْلَام، يُعَمَّر الإنسان فيها ما يُعَمَّر ومع ذلك يَوْمَ يرَوْنَ ما يُوعَدُون كأنْ لَمْ يلبَثوا إلا ساعةً مِن نهار، فهم يُمَتَّعُون قليلًا، والقِلَّةُ هنا باعتبار نوْعِ الـمَتَاع وباعتبارِ زَمَنِه، فنَوعُ المتاع بالنسبة لِمَا في الآخرة قليل ولَّا كثير؟
الطالب: قليل.
الشيخ : قليلٌ جدًّا وليس يُنْسَب قال ابنُ عباس : " ليسَ في الدُّنْيا مِمَّا في الآخِرَة إلَّا الأَسْمَاء " كذلك بالنسبة للزَمَن الزَّمن قَلِيل أليس كذلك؟ ما يُنْسَب إلى زَمَن الآخِرَة الأبَدِيّ، (( نُمَتِّعُهُم قَلِيلًا )) وقد بَيَّنَ الله تعالى في آيةٍ أخرى صِفَة هذا التَّمْتِيع فقال جَلَّ ذِكْرُه: (( والذين كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ ويَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ والنَّارُ مَثْوًى لَهُم )) هذا صِفَة هذا التَمَتُّع شَهْوَانِيِّين ليس لهم إلا شَهْوَة البَطْن وشَهوةُ الفَرْج كما تَفعلُ الأنعامُ تمامًا.
وقال: (( ثُمَّ نَضْطَرُّهُم إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ )) (ثم) يعني بعد هذا التمْتِيع القليل " (نضطرُهم) في الآخِرَة (إِلَى عذابٍ غليظٍ) وهو عذابُ النار لا يجِدُون عنه مَحِيصًا " نعم، (نضطرهم) يعني نُلْجِئُهُم (( فَمَن اضْطُرَّ غيْرَ باغٍ )) يعني فَمَنْ أُلْجِئ وهذا أصلُه مأخُوذٌ مِن الإِلْجَاءِ إلى الضَّرَر لأن (اضْطَرّ) أصلُها نَضْطَرّ فَلِهذا كلُّ شيء يُلْجِئُ الإنسان يُسَمَّى ضَرُورَة، لأنَّه يُلْجِئُه إلى هذا الشَيْء، وقولُه: ( نَضْطَرُّهُم إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ ) لأنهم هم لا يرِيدونه ما يُرِيدُون النَّار ولا يُرِيدُون هذا العَذَاب لكنَّهم يُجْبَرُون عليه والعِيَاذُ بالله لأنهم عَمِلُوا أسبابَه، وقولُه: " (( نضطَرُّهم )) في الآخِرَة " ما المراد بـ(الآخرة) هو ما بعْدَ يوم القيامة أو حتَّى القَبْر؟
الطالب: حتى القبر.
الشيخ : حتى القبر ولهذا قال شيْخُ الإسلام ابن تَيْمِيَّة في العقيدة الواسطية: " ومما يَدْخُل في الإِيمَان باليَوم الآخِر: كُلُّ ما أخْبَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموْت " كُلُّه مِن اليوْمِ الآخر، فَهُمْ بعد هذا الـمَتَاع يُلْجَئُون إِلى العذاب -والعِيَاذُ بالله- وقولُه: (( نضْطَرُّهم إلى عَذَابٍ )) الـ(عذاب) العُقُوبة، (غليظ) يقول المؤلف: إنه عذَابُ النَّار، وش ضِدّ الغليظ؟ ضِدُّه الرَّقِيق، وغِلَظُ عذابِ النار في كيفِيَّتِه وفي نَوْعِه -والعِيَاذ بالله- أما الكَيْفِيَّة فإنَّ الله تعالى يقول: (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُم جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ )) ويقولُ فيما يُعَذَّبُون به: (( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُم سَعِيرًا )) -والعياذُ بالله- هذا في كيفِيَّته أمَّا نوعُه فإنَّه لا يَخْطُرُ بالبَال ولا يُدْرِكُه الخَيَال، يُسْقَوْنَ ماءً حمِيمًا إذا استغَاثُوا ومَاتُوا مِن العَطَش واستغَاثُوا وطَلَبُوا الغَوْث ماذا يُغَاثُون به؟ يُغَاثُون بمَاء ٍكالـمُهْل وهو الرَّصَاص الـمُذَاب -والعياذ بالله- يَشْوِي الوُجُوه إذا أقْبَل على الوجْه شَوَى الوجْه، فإِذا نَزَل إلى الأمْعَاء سُقُوا ماءً حمِيمًا فقَطَّعَ أمْعَائَهم، وأحيانًا يُسْقَوْن مِن ماءٍ صَدِيد (( يَتَجَرَّعُهُ ولَا يَكَادُ يُسِيغُه وَيَأْتِيهِ الـمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ ومَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَاءِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ )) هذا العذاب -والعياذ بالله- بأنواعِه الشدِيدَةِ العَظِيمَة يَسْتَحِقُّ أن يُوصَفَ بأنَّه عَذَابٌ غَلِيظ ليس فِيه رِقَّة ولَا دِقَّة بل هو غَلِيظ شَدِيد، وقولُه: " لا يجِدُون عنها محِيصًا " هكذا في القرآن يعْنِي لا يَجِدُونَ مَفَرًّا (( وَرَأَى المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أنَّهُم مُوَاقِعُوهَا ولَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا )) ما فيه بل إنَّهم -والعياذ بالله- يأتُونَ إِلَيْها وِرْدًا عِطَاشًا وتُمَثَّلُ لهم كأنها سَرَاب ماء والعَطْشَان إذا رأى الـمَاء ولو كان سَرَابًا يَظُنُّه مَاءً لشدة تَلَهُّفِهِ إلى الـمَاء فيرِدُونَها على هذا الوَجْه -والعياذ بالله- ويَتَسَاقَطُونَ فيها، نعم
الطالب: قليل.
الشيخ : قليلٌ جدًّا وليس يُنْسَب قال ابنُ عباس : " ليسَ في الدُّنْيا مِمَّا في الآخِرَة إلَّا الأَسْمَاء " كذلك بالنسبة للزَمَن الزَّمن قَلِيل أليس كذلك؟ ما يُنْسَب إلى زَمَن الآخِرَة الأبَدِيّ، (( نُمَتِّعُهُم قَلِيلًا )) وقد بَيَّنَ الله تعالى في آيةٍ أخرى صِفَة هذا التَّمْتِيع فقال جَلَّ ذِكْرُه: (( والذين كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ ويَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ والنَّارُ مَثْوًى لَهُم )) هذا صِفَة هذا التَمَتُّع شَهْوَانِيِّين ليس لهم إلا شَهْوَة البَطْن وشَهوةُ الفَرْج كما تَفعلُ الأنعامُ تمامًا.
وقال: (( ثُمَّ نَضْطَرُّهُم إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ )) (ثم) يعني بعد هذا التمْتِيع القليل " (نضطرُهم) في الآخِرَة (إِلَى عذابٍ غليظٍ) وهو عذابُ النار لا يجِدُون عنه مَحِيصًا " نعم، (نضطرهم) يعني نُلْجِئُهُم (( فَمَن اضْطُرَّ غيْرَ باغٍ )) يعني فَمَنْ أُلْجِئ وهذا أصلُه مأخُوذٌ مِن الإِلْجَاءِ إلى الضَّرَر لأن (اضْطَرّ) أصلُها نَضْطَرّ فَلِهذا كلُّ شيء يُلْجِئُ الإنسان يُسَمَّى ضَرُورَة، لأنَّه يُلْجِئُه إلى هذا الشَيْء، وقولُه: ( نَضْطَرُّهُم إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ ) لأنهم هم لا يرِيدونه ما يُرِيدُون النَّار ولا يُرِيدُون هذا العَذَاب لكنَّهم يُجْبَرُون عليه والعِيَاذُ بالله لأنهم عَمِلُوا أسبابَه، وقولُه: " (( نضطَرُّهم )) في الآخِرَة " ما المراد بـ(الآخرة) هو ما بعْدَ يوم القيامة أو حتَّى القَبْر؟
الطالب: حتى القبر.
الشيخ : حتى القبر ولهذا قال شيْخُ الإسلام ابن تَيْمِيَّة في العقيدة الواسطية: " ومما يَدْخُل في الإِيمَان باليَوم الآخِر: كُلُّ ما أخْبَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموْت " كُلُّه مِن اليوْمِ الآخر، فَهُمْ بعد هذا الـمَتَاع يُلْجَئُون إِلى العذاب -والعِيَاذُ بالله- وقولُه: (( نضْطَرُّهم إلى عَذَابٍ )) الـ(عذاب) العُقُوبة، (غليظ) يقول المؤلف: إنه عذَابُ النَّار، وش ضِدّ الغليظ؟ ضِدُّه الرَّقِيق، وغِلَظُ عذابِ النار في كيفِيَّتِه وفي نَوْعِه -والعِيَاذ بالله- أما الكَيْفِيَّة فإنَّ الله تعالى يقول: (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُم جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ )) ويقولُ فيما يُعَذَّبُون به: (( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُم سَعِيرًا )) -والعياذُ بالله- هذا في كيفِيَّته أمَّا نوعُه فإنَّه لا يَخْطُرُ بالبَال ولا يُدْرِكُه الخَيَال، يُسْقَوْنَ ماءً حمِيمًا إذا استغَاثُوا ومَاتُوا مِن العَطَش واستغَاثُوا وطَلَبُوا الغَوْث ماذا يُغَاثُون به؟ يُغَاثُون بمَاء ٍكالـمُهْل وهو الرَّصَاص الـمُذَاب -والعياذ بالله- يَشْوِي الوُجُوه إذا أقْبَل على الوجْه شَوَى الوجْه، فإِذا نَزَل إلى الأمْعَاء سُقُوا ماءً حمِيمًا فقَطَّعَ أمْعَائَهم، وأحيانًا يُسْقَوْن مِن ماءٍ صَدِيد (( يَتَجَرَّعُهُ ولَا يَكَادُ يُسِيغُه وَيَأْتِيهِ الـمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ ومَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَاءِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ )) هذا العذاب -والعياذ بالله- بأنواعِه الشدِيدَةِ العَظِيمَة يَسْتَحِقُّ أن يُوصَفَ بأنَّه عَذَابٌ غَلِيظ ليس فِيه رِقَّة ولَا دِقَّة بل هو غَلِيظ شَدِيد، وقولُه: " لا يجِدُون عنها محِيصًا " هكذا في القرآن يعْنِي لا يَجِدُونَ مَفَرًّا (( وَرَأَى المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أنَّهُم مُوَاقِعُوهَا ولَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا )) ما فيه بل إنَّهم -والعياذ بالله- يأتُونَ إِلَيْها وِرْدًا عِطَاشًا وتُمَثَّلُ لهم كأنها سَرَاب ماء والعَطْشَان إذا رأى الـمَاء ولو كان سَرَابًا يَظُنُّه مَاءً لشدة تَلَهُّفِهِ إلى الـمَاء فيرِدُونَها على هذا الوَجْه -والعياذ بالله- ويَتَسَاقَطُونَ فيها، نعم
تفسير قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ))
(( وَلَئِن )) لَامُ قَسَم (( سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ )) " قولُه: (ولئن سألتهم) يقُول: لام قسم. مَقْرُون بماذا؟ بـ(إن) الشرْطِيَّة حُذِفَ جَوابُ الشرط ولَّا جَوَابُ القَسَم؟ حُذِفَ جوابُ الشرْط وبَقِي جوابُ القسَم أين الجَوَاب؟ (لَيَقُولُنَّ اللهُ) وقد مرَّ علينا قولُ ابْنِ مالك:
واحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَم جَوَابَ مَا أَخَّــــــــرْتَ فـــهو مُـــــلْتَزَم
وقولُه: (( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ )) يعني الرسول عليه الصلاة والسلام أو مَن يتَأَتَّى خِطَابُه؟ يحتَمِل هذا وهذا، نعم، (ولئن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ) هذا هو صِيغَةُ السُؤَال مَن خَلَقَ السماوات والأرض؟ خلَقَها اللَّات؟ العُزَّى؟ مَنَاة؟ هُبَل؟ مَن؟ الجواب؟
الطالب: الله.
الشيخ : (( لَيَقُولُنَّ اللهُ )) هم يعتَرِفون بأنَّ خالِقَ السماوات والأرض هو الله عز وجل، وقولُه: (لَيَقُولُنَّ) هي جوابُ القسم " حُذِفَ منه نُونُ الرَّفْعِ، لِتَوَالِي الأَمْثَالِ " ووَاوُ الضمير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْن أصلُه (لَيَقُولُونَنَّ) هذا أصلُه (لَيَقُولُونَنَّ) صح؟ لأن هذا فعل مضارع مِن الأفعال الخمسة لا بُد فيه مِن الواو والنون فنقول: لَيَقُولُونَ حُط نون التوكيد معهن (لَيَقُولُونَنَّ) اجْتَمَع عندنا الآن ثلاث نُونَات كلهن زائِدَات نعم، نضْرِب بينهم قرعة أو نَفْصِل بينهم بِحُكْم؟ نفصِل بينَهُنَّ بِحُكْم نقُول: إنْ حذَفْنا نون الرفع بقيت نُونُ التوكيد وإنْ حذفْنَا نون التوكيد بقِيَت نون الرفع فأيُّهُما؟ نَحْذِف نون الرفع، لِسَبَبَيْن السببُ الأول أنَّ نون الرفع اعْتِيدَ حذفُها فيما إذا كان الفعلُ منصُوبًا أو مجزُومًا صح ولَّا لا؟ بل إنَّها قد تُحْذَف في غيرِ حالَتَي النَّصْب والجزْم تُحْذَف للتَّخْفِيف كما في قولِ الرسول عليه الصلاة والسلام: ( والله لا تدخُلُوا الجنة حتى تُؤْمِنُوا ) ( والله لا تدخُلُوا الجنة ) لا تدْخُلوا هذي ما فِيها لا ناصِب ولا جازم حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيف وأصله؟ لا تدْخُلون الجنة فحُذِفَتَ النون للتخفيف، وتحْذَفُ النون أيضًا مع نُون الوِقَاية كثيرًا، إذًا فهْيَ أَحَقُّ بالحذف فتبقى نُون التوكيد، لأننا لو حذفْنَا نُون التوكيد فاتَ المقْصُود ونحن نريدُ أن نُؤَكِّد الفعل، وتأكِيدُ الفعل هنا -ونحن قد بحثنا في دَرس جديد في النحو- توكيد الفعل هنا واجب ولَّا غير واجِب لَيَقُولُنَّ؟
الطالب: واجب
الشيخ : واجب، لأنه مُثْبَت لِقَسَم مُسْتَقْبَل
الطالب: غير مفصول.
الشيخ : غيرُ مَفْصُول، نعم لم يُفْصَل بين لامِه وبين فعلِه فيكون توكيدُه واجبًا، طيب إذًا نُبقي النون فإذا قالت نونُ الرفع: أبقونا جَمِيعًا نصير جَمِيعًا (لَيَقُولُونَنَّ) .. ؟ نقول: ما يمكن، لأن نون الرفع زائدة ونُون التوكيد زائِدة فلا يمكن يجتمع عندنا ثلاثَة حُرُوف كلها زائدة في مكانٍ واحد نعم، عسانا نَتحَمَّل حرْف أو حرْفين إذًا نقُول لا بُد مِن حَذْف إحْدَاك وأنت يا نون الرفع أَوْلَى بالحذف امشي، تجي على الواو مع نون التوكيد الواو .. ساكِنة تقُولُوا ساكِنة ونُون التوكيد مُشَدَّدَة فالحرف الأول منها ساكِن نعم، اجْتَمَع ساكِنَان ما يُمْكِن يجتمع ساكِنان نعم، ما يمكن يجتمعا وش السبب؟ لأنَّ السكون والحَرَكة نَقِيضَان فلا يمكن يجتَمع شيء ساكِن وساكن، فإذًا لا بُدّ مِن أن نَعْمَل عمَل يفُكَّنا مِن اجتماع السَّاكِنَين ما هو العَمَل؟ العمل إن كان الحرفُ صحِيحًا اللي قَبْل السَّاكِن اش نَعْمَل فيه؟ نكْسِرُه إذا كان الحرف الذي قبل الساكن صحيحًا كسرنَاه وإن كان الحرفُ غير صحيح حرف لين فإننا نحذِفُه قال ابنُ مالك:
إِنْ سَاكِنَانِ الْتَقَيَا اكْسِرْ مَا سَبَق وإنْ يـــَـكُن لـــينًا فَحَــــذْفَه اسْتَحَقّ
فهنا الساكِن الأول الواو حَرف لين ولَّا صحيح؟
الطالب: حرف لين.
الشيخ : إذًا نحذِفُه فتلتَقِي اللام مع النون لَيَقُولُنَّ فصار عندنا الآن في هذا الفعل عندنا حَذْفَان حَذْفُ النُّون عَلِّلْ: لِتَوالِي الأَمْثَال، حَذْفُ واوِ الرفع، لِالْتِقَاء السَّاكِنَين وعلى هذا يقول المؤلف: " حُذِفَ منه نونُ الرَّفْع، لِتَوالي الأمثال وواوُ الضمير لالتقاء الساكِنَيْن " طيب مَا إعرابُ قوله: (( اللهُ )) لَيَقُولُنَّ اللهُ؟ فاعِلٌ لِفعلٍ محذوف التقدير: خَلَقَهُنَّ الله ويَدُلُّ لذلك قولُه تعالى: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ))[الزخرف:9] لَيَقُولُنَّ: خلقَهُنّ، فذكَرَ اللهُ تعالى الفِعْل، إذًا فَهنا المحْذوف ايش؟
الطالب: فعل.
الشيخ : الفعل؟ نعم، هل يَصِحّ أن نقول إنَّ المحذوف اسْم التقدير هو الله؟ يصِح لكن خِلَافُ الأَوْلى، لأَن السؤال مُعَارِض للجواب والسُؤال بلفظ الفِعْل (مَنْ خَلَق؟) فيقتضي أن يكُون الجواب كالسُّؤال بالفِعْل (خَلَقَهُنَّ) كذا؟ ....
قال الله تعالى: (( قُلِ الحَمْدُ للهِ )) (قُل) يعني إذا أَقَرُّوا واعْتَرَفُوا (قُلِ الحمدُ لله) (الحمد) مُبْتَدَأ و(لله) خَبَرُه، الحمدُ لله على ايش؟ على ظُهُورِ بيَانِ الحُجَّة وظُهُورِ الـمَحَجَّة الآن هم اعْتَرَفُوا بماذا؟ بأنهم على ضَلَالٍ في شِرْكِهم فـ(الحَمْدُ لله) هنا على بَيَان الحُجَّة وإظْهَارِهَا وأنهم خُصِمُوا بذلك، لأنَّهم إذا أقرُّوا واعترَفُوا أن خَالِقَ السماوات والأرض هو الله وأنَّ هذه الأصنام لا تَخْلُق فقد أقَرُّوا على أنفُسِهم بماذا؟ بأنَّ هذه الأصنامَ لا تَسْتحِقُّ العِبَادة ولهذا (قلِ الحمدُ لله)، كما أنَّ الحمد أيضا هنا ممكن أن نقول مع ذَلك الحمدُ لله على خَلْقِ السماوات والأرض أنه يُحْمَد على أنَّه الخَالِق عز وجل دُونَ غيرِه فيُحْمَدُ على مَا لَه مِن صِفَاتِ الكمال ومِن جَمِيلِ الأفعَال يقول: " الحمدُ لله على ظُهورِ الحُجَّةِ عليهم " (الحمدُ) تقدَّم هنا مرارًا وتَكْرارًا بأنَّه هو وصْفُ المحمودِ بالكَمَال مع الـمَحَبَّة والتَّعْظِيم، واللام في قوله: (لله) اللام لِلاسْتِحْقَاق والاخْتِصَاص، الاستحقاق، لأنه هو الـمُسْتَحِقُّ لِلحمد كما قَال النبيُ عليه الصلاة والسلام: ( أَهْلَ الثَّنَاءِ والْمَجْدِ )، ثانيًا للاختصاص، لأنَّ الذي يستَحِق ُّالحمدَ الـمُطْلَق مَنْ هو؟ هو اللهُ عز وجل نعم.
(( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )) (بل) هنا للإِضراب الانتِقَالِي وليست لِلإضْرَابِ الإِبْطَالِيّ فهو انتقَالٌ مما سبق للتَسْجِيلِ عليهم بالجَهْل التام ولِهذا قال: " (( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )) وُجوبَه عليهم يعني التوحِيد " وإنما نَفَى العِلْمَ عنهم لِمَاذا؟ لِانتفاءِ فائدتِه، والشَيْء قد يُنْفَى لِانْتِفَاء فائدتِه قال الله تعالى: (( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا - (سمعنا) يسْمَعُون بآذَانِهم- وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ )) نَفَى السمعَ عنهم، لانتفاءِ فائدتِه بالنسبةِ إليهم، فقولُه: (بل أكثرُهم لا يعلمون) نَفَى العِلْم عنهم -وإن كان هذا هم مُقِرُّونَ بأَنَّ الله هو الخالِق لكنَّهم لم ينْتَفِعُوا بهذا العِلْم، وأيُّهُما أشَدُّ قُبْحًا جاهلٌ لا يَدْرِي وعَالِـمٌ لَم يَنْتَفِعْ؟
الطالب: الأخير.
الشيخ : الأَخيرُ أشَدّ وأقْبَح، لأنَّه جاهِلٌ مُرَكَّب وذاك جاهِلٌ بَسِيط، ولِأنَّه مُعَانِد مُسْتَكْبِر وذاك ضَالّ ضَالٌّ غير مُعانِد، والجهْل الـمُرَكَّب أشَدّ قُبْحَا، والعِنَادُ عن عِلْم أشَدُّ مِن العِنَادِ عَن جَهْل، يَقُول الشَّاعر بيتين:
ومَن رَامَ العُلُومَ بِغير شَيْخٍ يَضِــلُّ عن الصِّــــــرَاطِ المسْتَقِــــــيــمِ
وتَلْتَبِسُ العُلُوم عليه حَـتى يَكُونَ أَضَلَّ مِن (تَوْمَا) الحَكِــيمِ
تَومَا جَاهِل مُرَكَّب يُسَمُّونه الحَكِيم لكن هو غَرَّهُ أنهم سمّوه الحكيم وبدأ يَفْتي في كل شيء، حتى أفْتَى بِأنه مَن تصَدَّقَ على إنسانٍ بابنَتِه فإنه يَدْخُل الجنة، قال: تَصَدَّق -البيت الثالث-:
تَصَـدَّقَ بِالبَنَاتِ على رِجَالٍ يـــُـرِيدُ بـِـــذَاك جَـــــنَّــــــاتِ النَّــــعِــــــيـــــــمِ
... أنت مُحْتَاج إلى الزَّواج شابّ ولا عندك مَهْر ولا شَيء فلو أعطاك يكون مِن الصدقة، نعم، هكذا يقولون ... الجهل يمكن يقِيس بِعَقْلِه يقول: بدَل ما أعْطِيه دراهم ويروح يَخْطب نَقْطَع الطريق يقول: هذي بِدُون دَرَاهم.
الطالب: ... مركب وبسيط
الشيخ : المرَكَّب والبَسِيط اسمعْه في البيتين الآتيين: (قالَ حمارُ الحَكِيم) تَوْمَا أمَا قال: أضَلّ مِن تَوْمَا الحَكِيم؟
قَالَ حِمَارُ الحَكِيمِ تَوْمَا لَو أَنْصَفَ الدَّهْرُ كُنْتُ أَرْكَب
لِأَنَّنِي جَـــــاهِــــلٌ بَسِيــــطٌ وَصَـــاحِـــــبِي جَـــاهِـــلٌ مُـــــرَكَّــــب
عَرَفْتَ الفَرْق الآن؟
الطالب: اي معروف.....
الشيخ : الحمار يقول: أنه جاهِل بسيط وصاحبُه اللي هو تَوْمَا جاهِل مُرَكَّب، الجاهِل هو الذي لا يَدْرِي أنَّه جَاهِل، جاهلٌ ولا يدْرِي أنه جَاهِل هذا مُرَكَّب، والبسيط هو الجَاهِل الذي يعلم أنّه جاهِل، ويَتَّضِحُ بالمثال قال لك قائلٌ: متى كانت غَزْوَةُ بَدْرٍ؟ فقلت: لا أدري. وش يُسَمَّى هذا؟
الطالب: بسيط.
الشيخ : هذا جاهل بسيط الإنسان لا يدري وعَرف أنَّه لا يدري وقال ما أدري، وقال رجلٌ لِآخَر: متى كانت غزوة بدر؟ قال الحمدُ لله الذي فَتَح على الجَاهِلِين كانَتْ غزوةُ بدرٍ في جُمادَى الآخِرَة سَنَة تِسْعٍ مِن الهجرة. وش تقول لهذا؟
الطالب: هذا جاهل مُرَكَّب.
الشيخ : الآن هو جَاهِل وهو لا يَدْري أنَّه جَاهِل نعم، ولِهذا استَفْتَحَ بِقولِه: الحمدُ لله الذي فَتَح على الجَاهِلين. فيقال: أنت ما فَتَحَ الله عليك، لأنَّك جَاهِل.
الطالب : أنا مَقْصَدي مُرَكَّب وش معناها؟
الشيخ : آا مُرَكَّبٌ مِن جَهْلَيْن جهْلِه بالواقِع وجهلِه بحالِه.
الطالب: هذا اللي أبْغَاه ....
الشيخ : الجاهِل المركب لأنه جاهلٌ بالواقِع وجاهِلٌ بالحَال، واضِح؟
الطالب: اي نعم.
واحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَم جَوَابَ مَا أَخَّــــــــرْتَ فـــهو مُـــــلْتَزَم
وقولُه: (( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ )) يعني الرسول عليه الصلاة والسلام أو مَن يتَأَتَّى خِطَابُه؟ يحتَمِل هذا وهذا، نعم، (ولئن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ) هذا هو صِيغَةُ السُؤَال مَن خَلَقَ السماوات والأرض؟ خلَقَها اللَّات؟ العُزَّى؟ مَنَاة؟ هُبَل؟ مَن؟ الجواب؟
الطالب: الله.
الشيخ : (( لَيَقُولُنَّ اللهُ )) هم يعتَرِفون بأنَّ خالِقَ السماوات والأرض هو الله عز وجل، وقولُه: (لَيَقُولُنَّ) هي جوابُ القسم " حُذِفَ منه نُونُ الرَّفْعِ، لِتَوَالِي الأَمْثَالِ " ووَاوُ الضمير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْن أصلُه (لَيَقُولُونَنَّ) هذا أصلُه (لَيَقُولُونَنَّ) صح؟ لأن هذا فعل مضارع مِن الأفعال الخمسة لا بُد فيه مِن الواو والنون فنقول: لَيَقُولُونَ حُط نون التوكيد معهن (لَيَقُولُونَنَّ) اجْتَمَع عندنا الآن ثلاث نُونَات كلهن زائِدَات نعم، نضْرِب بينهم قرعة أو نَفْصِل بينهم بِحُكْم؟ نفصِل بينَهُنَّ بِحُكْم نقُول: إنْ حذَفْنا نون الرفع بقيت نُونُ التوكيد وإنْ حذفْنَا نون التوكيد بقِيَت نون الرفع فأيُّهُما؟ نَحْذِف نون الرفع، لِسَبَبَيْن السببُ الأول أنَّ نون الرفع اعْتِيدَ حذفُها فيما إذا كان الفعلُ منصُوبًا أو مجزُومًا صح ولَّا لا؟ بل إنَّها قد تُحْذَف في غيرِ حالَتَي النَّصْب والجزْم تُحْذَف للتَّخْفِيف كما في قولِ الرسول عليه الصلاة والسلام: ( والله لا تدخُلُوا الجنة حتى تُؤْمِنُوا ) ( والله لا تدخُلُوا الجنة ) لا تدْخُلوا هذي ما فِيها لا ناصِب ولا جازم حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيف وأصله؟ لا تدْخُلون الجنة فحُذِفَتَ النون للتخفيف، وتحْذَفُ النون أيضًا مع نُون الوِقَاية كثيرًا، إذًا فهْيَ أَحَقُّ بالحذف فتبقى نُون التوكيد، لأننا لو حذفْنَا نُون التوكيد فاتَ المقْصُود ونحن نريدُ أن نُؤَكِّد الفعل، وتأكِيدُ الفعل هنا -ونحن قد بحثنا في دَرس جديد في النحو- توكيد الفعل هنا واجب ولَّا غير واجِب لَيَقُولُنَّ؟
الطالب: واجب
الشيخ : واجب، لأنه مُثْبَت لِقَسَم مُسْتَقْبَل
الطالب: غير مفصول.
الشيخ : غيرُ مَفْصُول، نعم لم يُفْصَل بين لامِه وبين فعلِه فيكون توكيدُه واجبًا، طيب إذًا نُبقي النون فإذا قالت نونُ الرفع: أبقونا جَمِيعًا نصير جَمِيعًا (لَيَقُولُونَنَّ) .. ؟ نقول: ما يمكن، لأن نون الرفع زائدة ونُون التوكيد زائِدة فلا يمكن يجتمع عندنا ثلاثَة حُرُوف كلها زائدة في مكانٍ واحد نعم، عسانا نَتحَمَّل حرْف أو حرْفين إذًا نقُول لا بُد مِن حَذْف إحْدَاك وأنت يا نون الرفع أَوْلَى بالحذف امشي، تجي على الواو مع نون التوكيد الواو .. ساكِنة تقُولُوا ساكِنة ونُون التوكيد مُشَدَّدَة فالحرف الأول منها ساكِن نعم، اجْتَمَع ساكِنَان ما يُمْكِن يجتمع ساكِنان نعم، ما يمكن يجتمعا وش السبب؟ لأنَّ السكون والحَرَكة نَقِيضَان فلا يمكن يجتَمع شيء ساكِن وساكن، فإذًا لا بُدّ مِن أن نَعْمَل عمَل يفُكَّنا مِن اجتماع السَّاكِنَين ما هو العَمَل؟ العمل إن كان الحرفُ صحِيحًا اللي قَبْل السَّاكِن اش نَعْمَل فيه؟ نكْسِرُه إذا كان الحرف الذي قبل الساكن صحيحًا كسرنَاه وإن كان الحرفُ غير صحيح حرف لين فإننا نحذِفُه قال ابنُ مالك:
إِنْ سَاكِنَانِ الْتَقَيَا اكْسِرْ مَا سَبَق وإنْ يـــَـكُن لـــينًا فَحَــــذْفَه اسْتَحَقّ
فهنا الساكِن الأول الواو حَرف لين ولَّا صحيح؟
الطالب: حرف لين.
الشيخ : إذًا نحذِفُه فتلتَقِي اللام مع النون لَيَقُولُنَّ فصار عندنا الآن في هذا الفعل عندنا حَذْفَان حَذْفُ النُّون عَلِّلْ: لِتَوالِي الأَمْثَال، حَذْفُ واوِ الرفع، لِالْتِقَاء السَّاكِنَين وعلى هذا يقول المؤلف: " حُذِفَ منه نونُ الرَّفْع، لِتَوالي الأمثال وواوُ الضمير لالتقاء الساكِنَيْن " طيب مَا إعرابُ قوله: (( اللهُ )) لَيَقُولُنَّ اللهُ؟ فاعِلٌ لِفعلٍ محذوف التقدير: خَلَقَهُنَّ الله ويَدُلُّ لذلك قولُه تعالى: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ))[الزخرف:9] لَيَقُولُنَّ: خلقَهُنّ، فذكَرَ اللهُ تعالى الفِعْل، إذًا فَهنا المحْذوف ايش؟
الطالب: فعل.
الشيخ : الفعل؟ نعم، هل يَصِحّ أن نقول إنَّ المحذوف اسْم التقدير هو الله؟ يصِح لكن خِلَافُ الأَوْلى، لأَن السؤال مُعَارِض للجواب والسُؤال بلفظ الفِعْل (مَنْ خَلَق؟) فيقتضي أن يكُون الجواب كالسُّؤال بالفِعْل (خَلَقَهُنَّ) كذا؟ ....
قال الله تعالى: (( قُلِ الحَمْدُ للهِ )) (قُل) يعني إذا أَقَرُّوا واعْتَرَفُوا (قُلِ الحمدُ لله) (الحمد) مُبْتَدَأ و(لله) خَبَرُه، الحمدُ لله على ايش؟ على ظُهُورِ بيَانِ الحُجَّة وظُهُورِ الـمَحَجَّة الآن هم اعْتَرَفُوا بماذا؟ بأنهم على ضَلَالٍ في شِرْكِهم فـ(الحَمْدُ لله) هنا على بَيَان الحُجَّة وإظْهَارِهَا وأنهم خُصِمُوا بذلك، لأنَّهم إذا أقرُّوا واعترَفُوا أن خَالِقَ السماوات والأرض هو الله وأنَّ هذه الأصنام لا تَخْلُق فقد أقَرُّوا على أنفُسِهم بماذا؟ بأنَّ هذه الأصنامَ لا تَسْتحِقُّ العِبَادة ولهذا (قلِ الحمدُ لله)، كما أنَّ الحمد أيضا هنا ممكن أن نقول مع ذَلك الحمدُ لله على خَلْقِ السماوات والأرض أنه يُحْمَد على أنَّه الخَالِق عز وجل دُونَ غيرِه فيُحْمَدُ على مَا لَه مِن صِفَاتِ الكمال ومِن جَمِيلِ الأفعَال يقول: " الحمدُ لله على ظُهورِ الحُجَّةِ عليهم " (الحمدُ) تقدَّم هنا مرارًا وتَكْرارًا بأنَّه هو وصْفُ المحمودِ بالكَمَال مع الـمَحَبَّة والتَّعْظِيم، واللام في قوله: (لله) اللام لِلاسْتِحْقَاق والاخْتِصَاص، الاستحقاق، لأنه هو الـمُسْتَحِقُّ لِلحمد كما قَال النبيُ عليه الصلاة والسلام: ( أَهْلَ الثَّنَاءِ والْمَجْدِ )، ثانيًا للاختصاص، لأنَّ الذي يستَحِق ُّالحمدَ الـمُطْلَق مَنْ هو؟ هو اللهُ عز وجل نعم.
(( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )) (بل) هنا للإِضراب الانتِقَالِي وليست لِلإضْرَابِ الإِبْطَالِيّ فهو انتقَالٌ مما سبق للتَسْجِيلِ عليهم بالجَهْل التام ولِهذا قال: " (( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )) وُجوبَه عليهم يعني التوحِيد " وإنما نَفَى العِلْمَ عنهم لِمَاذا؟ لِانتفاءِ فائدتِه، والشَيْء قد يُنْفَى لِانْتِفَاء فائدتِه قال الله تعالى: (( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا - (سمعنا) يسْمَعُون بآذَانِهم- وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ )) نَفَى السمعَ عنهم، لانتفاءِ فائدتِه بالنسبةِ إليهم، فقولُه: (بل أكثرُهم لا يعلمون) نَفَى العِلْم عنهم -وإن كان هذا هم مُقِرُّونَ بأَنَّ الله هو الخالِق لكنَّهم لم ينْتَفِعُوا بهذا العِلْم، وأيُّهُما أشَدُّ قُبْحًا جاهلٌ لا يَدْرِي وعَالِـمٌ لَم يَنْتَفِعْ؟
الطالب: الأخير.
الشيخ : الأَخيرُ أشَدّ وأقْبَح، لأنَّه جاهِلٌ مُرَكَّب وذاك جاهِلٌ بَسِيط، ولِأنَّه مُعَانِد مُسْتَكْبِر وذاك ضَالّ ضَالٌّ غير مُعانِد، والجهْل الـمُرَكَّب أشَدّ قُبْحَا، والعِنَادُ عن عِلْم أشَدُّ مِن العِنَادِ عَن جَهْل، يَقُول الشَّاعر بيتين:
ومَن رَامَ العُلُومَ بِغير شَيْخٍ يَضِــلُّ عن الصِّــــــرَاطِ المسْتَقِــــــيــمِ
وتَلْتَبِسُ العُلُوم عليه حَـتى يَكُونَ أَضَلَّ مِن (تَوْمَا) الحَكِــيمِ
تَومَا جَاهِل مُرَكَّب يُسَمُّونه الحَكِيم لكن هو غَرَّهُ أنهم سمّوه الحكيم وبدأ يَفْتي في كل شيء، حتى أفْتَى بِأنه مَن تصَدَّقَ على إنسانٍ بابنَتِه فإنه يَدْخُل الجنة، قال: تَصَدَّق -البيت الثالث-:
تَصَـدَّقَ بِالبَنَاتِ على رِجَالٍ يـــُـرِيدُ بـِـــذَاك جَـــــنَّــــــاتِ النَّــــعِــــــيـــــــمِ
... أنت مُحْتَاج إلى الزَّواج شابّ ولا عندك مَهْر ولا شَيء فلو أعطاك يكون مِن الصدقة، نعم، هكذا يقولون ... الجهل يمكن يقِيس بِعَقْلِه يقول: بدَل ما أعْطِيه دراهم ويروح يَخْطب نَقْطَع الطريق يقول: هذي بِدُون دَرَاهم.
الطالب: ... مركب وبسيط
الشيخ : المرَكَّب والبَسِيط اسمعْه في البيتين الآتيين: (قالَ حمارُ الحَكِيم) تَوْمَا أمَا قال: أضَلّ مِن تَوْمَا الحَكِيم؟
قَالَ حِمَارُ الحَكِيمِ تَوْمَا لَو أَنْصَفَ الدَّهْرُ كُنْتُ أَرْكَب
لِأَنَّنِي جَـــــاهِــــلٌ بَسِيــــطٌ وَصَـــاحِـــــبِي جَـــاهِـــلٌ مُـــــرَكَّــــب
عَرَفْتَ الفَرْق الآن؟
الطالب: اي معروف.....
الشيخ : الحمار يقول: أنه جاهِل بسيط وصاحبُه اللي هو تَوْمَا جاهِل مُرَكَّب، الجاهِل هو الذي لا يَدْرِي أنَّه جَاهِل، جاهلٌ ولا يدْرِي أنه جَاهِل هذا مُرَكَّب، والبسيط هو الجَاهِل الذي يعلم أنّه جاهِل، ويَتَّضِحُ بالمثال قال لك قائلٌ: متى كانت غَزْوَةُ بَدْرٍ؟ فقلت: لا أدري. وش يُسَمَّى هذا؟
الطالب: بسيط.
الشيخ : هذا جاهل بسيط الإنسان لا يدري وعَرف أنَّه لا يدري وقال ما أدري، وقال رجلٌ لِآخَر: متى كانت غزوة بدر؟ قال الحمدُ لله الذي فَتَح على الجَاهِلِين كانَتْ غزوةُ بدرٍ في جُمادَى الآخِرَة سَنَة تِسْعٍ مِن الهجرة. وش تقول لهذا؟
الطالب: هذا جاهل مُرَكَّب.
الشيخ : الآن هو جَاهِل وهو لا يَدْري أنَّه جَاهِل نعم، ولِهذا استَفْتَحَ بِقولِه: الحمدُ لله الذي فَتَح على الجَاهِلين. فيقال: أنت ما فَتَحَ الله عليك، لأنَّك جَاهِل.
الطالب : أنا مَقْصَدي مُرَكَّب وش معناها؟
الشيخ : آا مُرَكَّبٌ مِن جَهْلَيْن جهْلِه بالواقِع وجهلِه بحالِه.
الطالب: هذا اللي أبْغَاه ....
الشيخ : الجاهِل المركب لأنه جاهلٌ بالواقِع وجاهِلٌ بالحَال، واضِح؟
الطالب: اي نعم.
4 - تفسير قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ))
الشيخ : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ))[لقمان:20] يستفاد من هذه الآية ذمُّ الجَدَل بغير بُرْهان، لِقولِه: (( بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير )).
ويستفاد مِن الآية الكريمة أنَّ الجَدَل بالعِلْم والهُدَى والدَّلِيل مِن القُرآن أنَّه جدلٌ لا يُذَمُّ صاحبُه، لأَنَّه حَقّ وقد قال الله تعالى: (( وجادِلْهم بالتي هِي أحْسَن )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّه ينبغي للمُجَادِل أن يكونَ له دَلِيلٌ مِن العَقْل أو مِن النَّقْل، لِقولِه: (( بغير علْمٍ )) وهذا العِلْمُ الذاتِيّ الذي يكون بِطَرِيق العَقْل (( ولا هُدًى ولا كِتَابٍ مُنِير )) هذا العِلْم الـمُكْتَسَب الهُدَى مِن الرَّسُول والكتاب الـمُنِير القرآن
ويستفاد مِن الآية الكريمة أنَّ الجَدَل بالعِلْم والهُدَى والدَّلِيل مِن القُرآن أنَّه جدلٌ لا يُذَمُّ صاحبُه، لأَنَّه حَقّ وقد قال الله تعالى: (( وجادِلْهم بالتي هِي أحْسَن )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّه ينبغي للمُجَادِل أن يكونَ له دَلِيلٌ مِن العَقْل أو مِن النَّقْل، لِقولِه: (( بغير علْمٍ )) وهذا العِلْمُ الذاتِيّ الذي يكون بِطَرِيق العَقْل (( ولا هُدًى ولا كِتَابٍ مُنِير )) هذا العِلْم الـمُكْتَسَب الهُدَى مِن الرَّسُول والكتاب الـمُنِير القرآن
5 - فوائد قول الله تعالى : (( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ))
ثُمَّ قالَ اللهُ عز وجل: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ))[لقمان:21] يُستفاد مِن هذه الآية الكريمة بَيَان أنَّ هؤلاءِ المجادِلِين ليس عندهم سِوَى التقليد، لِقولِه: (( بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا )).
ومِن فوائد الآية الكريمة ذَمُّ مَن خالفَ الحق لِاتِّبَاع الآبَاء، لِقولِه: (( اتَّبِعوا ما أنزل الله -هذا الحَقّ- قالُوا بل نَتَّبِع )).
ومِن فوائد الآية الكريمة تحرِيمُ التقليد معَ ظُهُورِ الحُجَّة، نعم كذا؟ مِن أين يُؤْخَذ؟ (( اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قالوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا )) أيًّا كان الـمُقَلَّد إذا بَانَتِ الحُجَّة فإنَّه لا تَقْلِيد ولكن تُتَّبَعُ الحُجَّة.
ومِن فوائدها أنَّ التقْلِيدَ قد يُسَمَّى اتِّبَاعًا، لِقولِه: (( بل نَتَّبِعُ ما وَجَدْنَا عليه آبائنا )) والمعروف المشهور بين أهل العِلم أن الاتِّباَع يكونُ عن دَلِيل فيُقَال للرسول عليه الصَّلاة والسلام: اتَّبَعْنَا الرسول، والتقليد هو الذي يكون عن غيرِ دَلِيل، لكن هذه الآية تدل على أنَّه كُل مَنْ تَابَعَ أحدًا فهو مُتَّبِعٌ لَه.
ومِن فوائد الآية الكريمة بَيَان أنَّ هؤلاء المخَالِفِين كان عندهم عِلْمٌ بالحَقّ، لقولِه: (( اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ )) فيكونُ هذا أشدَّ في ذَمِّهِم.
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا ظُهُورُ العَصَبِيَّة في هَؤُلَاء، لقولِه: (( بل نتبعُ ما وجدْنَا عليه آباءَنا )) وهذا تعَصُّبٌ للآبَاء، والتَّعَصُّبُ للآبَاءِ والقَبَائِل مِن شَأْنِ أَهْلِ الجَاهِلِيَّة
ومِن فوائد الآية الكريمة ذَمُّ مَن خالفَ الحق لِاتِّبَاع الآبَاء، لِقولِه: (( اتَّبِعوا ما أنزل الله -هذا الحَقّ- قالُوا بل نَتَّبِع )).
ومِن فوائد الآية الكريمة تحرِيمُ التقليد معَ ظُهُورِ الحُجَّة، نعم كذا؟ مِن أين يُؤْخَذ؟ (( اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قالوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا )) أيًّا كان الـمُقَلَّد إذا بَانَتِ الحُجَّة فإنَّه لا تَقْلِيد ولكن تُتَّبَعُ الحُجَّة.
ومِن فوائدها أنَّ التقْلِيدَ قد يُسَمَّى اتِّبَاعًا، لِقولِه: (( بل نَتَّبِعُ ما وَجَدْنَا عليه آبائنا )) والمعروف المشهور بين أهل العِلم أن الاتِّباَع يكونُ عن دَلِيل فيُقَال للرسول عليه الصَّلاة والسلام: اتَّبَعْنَا الرسول، والتقليد هو الذي يكون عن غيرِ دَلِيل، لكن هذه الآية تدل على أنَّه كُل مَنْ تَابَعَ أحدًا فهو مُتَّبِعٌ لَه.
ومِن فوائد الآية الكريمة بَيَان أنَّ هؤلاء المخَالِفِين كان عندهم عِلْمٌ بالحَقّ، لقولِه: (( اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ )) فيكونُ هذا أشدَّ في ذَمِّهِم.
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا ظُهُورُ العَصَبِيَّة في هَؤُلَاء، لقولِه: (( بل نتبعُ ما وجدْنَا عليه آباءَنا )) وهذا تعَصُّبٌ للآبَاء، والتَّعَصُّبُ للآبَاءِ والقَبَائِل مِن شَأْنِ أَهْلِ الجَاهِلِيَّة
6 - فوائد قول الله تعالى : (( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ))
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ مُخَالَفَة الدَّلِيل لِلتَّقْلِيد مِن أوامِرِ الشَّيْطَان أو مِن إِجَابَةِ الشيطان، لِقولِه تعالى: (( أَوَلَوْ كَانَ الشيطانُ يدعُوهم إلى عذابِ السَّعيرِ )).
ومِن فوائدها أنَّ مُخَالَفَةَ مَا أنْزَلَ الله سببٌ لِدُخُولِ النَّار لِقولِه: (( يدعوهم إلى عذاب السعير )).
ومِن فوائدِها أنَّ وَسْوَسَةَ الشيطَان التي يُلْقِيها في قلْبِ بنِي آدَم مِن الدَّعْوَة، لِقولِه: (( يدعُوهم )) إذ أنَّ الشَيْطان ليس يَمْثُلُ أمامَهم ويقُول: اتَّبِعُوا كذا. ولكنَّه يُوَسْوِسُ في صُدُورِهم حتى يَتَّبِعُوا وهكذا الشَّيْطان يَأْمُر بِالشَّر.
ومِن فوائد الآية الكَرِيمة الحَذَر مِن وسَاوِسِ الشَّيْطَان، لأنَّ قَوْلَه: (( أَوَ لَو كَانَ الشَّيْطَان )) هذا لِلتَّوْبِيخ والإِنْكَار.
ومِن فوائد الآية الكَرِيمة أنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُوجِبُ العُقُوبة فهو مِن تَلْبِيَةِ طَلَبِ الشَّيْطَان كل شيءٍ يُوجِب العُقُوبة والإِثْم فاعْلَمْ أنَّه مِن تَلْبِيَةِ طَلَبِ الشَّيْطَان، لِقولِه: (( أو لو كان الشيطانُ يدعوهم إلى عذابِ السعيرِ )) فمثلًا لو أَرَاد الإنسَان أن يَسْرِق أو أن يَزْنِي أو أن يَشْرَبَ الخَمْر أو أن يَقْتُلَ نفسًا مُحَرَّمَة قلنا: هذا مِن الشيطان وتَلبِيَةٌ لِطلَبِه، لأنَّ الشيطان هو الذي يدعُو إلى عذابِ السعير، هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهَا أنَّ الشيطان له عَقْل وَإِرَادَة؟
الطالب: نعم له إرادة.
الشيخ : نعم له عَقْل وإِرَادَة وقد قال الله تعالى في سورة النساء: (( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُم ضَلَالًا بَعِيدًا )) فالشيطان له إرادة وله تَزْيِين وله تَلْبِيس ولهذا يَجِبُ الحَذَر منه غَايَةَ الحَذَر.
الطالب: ... كان يدعو مشابه الشيطان.
الشيخ : أي نعم، ومِن فوائدِها هذا الذي قُلْت- أَنَّ مَن دَعَا إِلى ما يُوجِب العِقَاب فهو شَبِيهٌ بالشَّيَاطِين، بل لنا أن نقُول إنَّه شَيْطَان، ولِهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الذي يُمَانِع إذا مُنِعَ مِنَ المرور بين يَدَيِ الـمُصَلِّي قال: ( فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْه فإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ )، وقالَ الله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ))[الأنعام:112]
ومِن فوائدها أنَّ مُخَالَفَةَ مَا أنْزَلَ الله سببٌ لِدُخُولِ النَّار لِقولِه: (( يدعوهم إلى عذاب السعير )).
ومِن فوائدِها أنَّ وَسْوَسَةَ الشيطَان التي يُلْقِيها في قلْبِ بنِي آدَم مِن الدَّعْوَة، لِقولِه: (( يدعُوهم )) إذ أنَّ الشَيْطان ليس يَمْثُلُ أمامَهم ويقُول: اتَّبِعُوا كذا. ولكنَّه يُوَسْوِسُ في صُدُورِهم حتى يَتَّبِعُوا وهكذا الشَّيْطان يَأْمُر بِالشَّر.
ومِن فوائد الآية الكَرِيمة الحَذَر مِن وسَاوِسِ الشَّيْطَان، لأنَّ قَوْلَه: (( أَوَ لَو كَانَ الشَّيْطَان )) هذا لِلتَّوْبِيخ والإِنْكَار.
ومِن فوائد الآية الكَرِيمة أنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُوجِبُ العُقُوبة فهو مِن تَلْبِيَةِ طَلَبِ الشَّيْطَان كل شيءٍ يُوجِب العُقُوبة والإِثْم فاعْلَمْ أنَّه مِن تَلْبِيَةِ طَلَبِ الشَّيْطَان، لِقولِه: (( أو لو كان الشيطانُ يدعوهم إلى عذابِ السعيرِ )) فمثلًا لو أَرَاد الإنسَان أن يَسْرِق أو أن يَزْنِي أو أن يَشْرَبَ الخَمْر أو أن يَقْتُلَ نفسًا مُحَرَّمَة قلنا: هذا مِن الشيطان وتَلبِيَةٌ لِطلَبِه، لأنَّ الشيطان هو الذي يدعُو إلى عذابِ السعير، هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهَا أنَّ الشيطان له عَقْل وَإِرَادَة؟
الطالب: نعم له إرادة.
الشيخ : نعم له عَقْل وإِرَادَة وقد قال الله تعالى في سورة النساء: (( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُم ضَلَالًا بَعِيدًا )) فالشيطان له إرادة وله تَزْيِين وله تَلْبِيس ولهذا يَجِبُ الحَذَر منه غَايَةَ الحَذَر.
الطالب: ... كان يدعو مشابه الشيطان.
الشيخ : أي نعم، ومِن فوائدِها هذا الذي قُلْت- أَنَّ مَن دَعَا إِلى ما يُوجِب العِقَاب فهو شَبِيهٌ بالشَّيَاطِين، بل لنا أن نقُول إنَّه شَيْطَان، ولِهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الذي يُمَانِع إذا مُنِعَ مِنَ المرور بين يَدَيِ الـمُصَلِّي قال: ( فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْه فإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ )، وقالَ الله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ))[الأنعام:112]
فوائد قول الله تعالى : (( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ))
ثم قال الله عز وجل: (( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[لقمان:22] يُستَفَادُ مِن هذه الآية الكريمة الفَائِدَةُ العَظِيمَة في الإخلاص والـمُتَابعة، الإخلاصُ مِن قولِه: (( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) والـمُتَابَعَةُ مِن قَولِه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )).
ومِن فوائدِها أنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ كذلك فهو هَالِك لا مُتَمَسَّكَ له لِأنَّه رَتَّب الاسْتِمْسَاك على هَذِين: إسلامُ الوَجْهِ الله مَع الإِحْسَان وعلى هَذَا فَمَن لَـمْ يَأْتِ بِهِمَا فَلَيْسَ لَه نَجَاة.
ومِن فوائدِها أنَّ أَوْثَقَ ما يَسْتَمْسِكُ به الإِنسان لِلنَّجَاة هُو الإِخْلَاصُ والـمُتَابَعَة لأن كَلِمَة (الوُثْقَى) اسْمُ تَفْضِيل فهي مِثْلُ (أَوْثَق) في الـمُذَكَّر.
ومِنْها فَضِيلَةُ -أَظُن ذَكَرْنَا فَضِيلَة الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة ذَكَرْنَاهَا.
الطالب: ذَكَرْنا أنَّ العبادة تقُوم عليهما.
الشيخ : نعم.
ومِنْها أيضًا فَضِيلَةُ الإِحْسَان، لِقولِه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) وقد سَبَق لنا أنَّ الإِحْسَان يكونُ في عِبَادَة الله ويكون في مُعَامَلَةِ عِبَاد الله.
ومِن فَوَائِد الآيَة الكَرِيمَة أنَّ عَوَاقِبَ الأُمُور إِلى اللهِ عز وجل فهو الذي بِيَدَه مَلَكُوتُ السماوات والأرض وكم مِن إنسانٍ يُقَدِّر ولكنَّ أَمْرَ الله يَأْتِي عَلَى خِلَاف تَقْدِيرِه الدَّلِيل قولُه: (( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) نعم.
ومِن فوائِدِ الآيةِ الكريمة الإِشَارَة إلى أنَّه ينبَغِي لِمَن أسلم وجهَه لله وهو مُحْسِن أن يَصْبِر، لأنَّ العاقبةَ لَه، لا يَتَعَجَّل أو يَسْتَبْعِد الفَرَج أو يسْتَبْعِد النصر، لأنَّ الأمُور كُلّها ترجِع إلى ربِّ العِزَّة سُبْحانَه وتعالى.
ومِن فَوائِد الآيَة الكريمة أنَّه لَا أَحَدَ يَسْتَطِيع أن يُدَبِّرَ في الكَوْن مِن أين تُؤْخَذ؟ مِن تَقْدِيم الخبر الدَالّ عَلَى الحَصْر
ومِن فوائدِها أنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ كذلك فهو هَالِك لا مُتَمَسَّكَ له لِأنَّه رَتَّب الاسْتِمْسَاك على هَذِين: إسلامُ الوَجْهِ الله مَع الإِحْسَان وعلى هَذَا فَمَن لَـمْ يَأْتِ بِهِمَا فَلَيْسَ لَه نَجَاة.
ومِن فوائدِها أنَّ أَوْثَقَ ما يَسْتَمْسِكُ به الإِنسان لِلنَّجَاة هُو الإِخْلَاصُ والـمُتَابَعَة لأن كَلِمَة (الوُثْقَى) اسْمُ تَفْضِيل فهي مِثْلُ (أَوْثَق) في الـمُذَكَّر.
ومِنْها فَضِيلَةُ -أَظُن ذَكَرْنَا فَضِيلَة الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة ذَكَرْنَاهَا.
الطالب: ذَكَرْنا أنَّ العبادة تقُوم عليهما.
الشيخ : نعم.
ومِنْها أيضًا فَضِيلَةُ الإِحْسَان، لِقولِه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) وقد سَبَق لنا أنَّ الإِحْسَان يكونُ في عِبَادَة الله ويكون في مُعَامَلَةِ عِبَاد الله.
ومِن فَوَائِد الآيَة الكَرِيمَة أنَّ عَوَاقِبَ الأُمُور إِلى اللهِ عز وجل فهو الذي بِيَدَه مَلَكُوتُ السماوات والأرض وكم مِن إنسانٍ يُقَدِّر ولكنَّ أَمْرَ الله يَأْتِي عَلَى خِلَاف تَقْدِيرِه الدَّلِيل قولُه: (( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) نعم.
ومِن فوائِدِ الآيةِ الكريمة الإِشَارَة إلى أنَّه ينبَغِي لِمَن أسلم وجهَه لله وهو مُحْسِن أن يَصْبِر، لأنَّ العاقبةَ لَه، لا يَتَعَجَّل أو يَسْتَبْعِد الفَرَج أو يسْتَبْعِد النصر، لأنَّ الأمُور كُلّها ترجِع إلى ربِّ العِزَّة سُبْحانَه وتعالى.
ومِن فَوائِد الآيَة الكريمة أنَّه لَا أَحَدَ يَسْتَطِيع أن يُدَبِّرَ في الكَوْن مِن أين تُؤْخَذ؟ مِن تَقْدِيم الخبر الدَالّ عَلَى الحَصْر
8 - فوائد قول الله تعالى : (( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ))
ثُمَّ قالَ اللهُ عزّ وجل: (( وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ))[لقمان:23] يُستفاد مِن هذه الآية الكريمة أنَّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام كان يَحْزَن لِكُفْرِ مَن يَكْفُر، لِقولِه: (( فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ )) فإنْ قَالَ قَائِلٌ: هذا لَيْسَ بِصَرِيحٍ على ذَلك قُلْنَا: إِذا لَـمْ يَكُنْ صَرِيحًا فإِنَّه يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذلك مُتَوَقَّع مِن الرَّسول عليه الصلاة والسلام، إذ لو لم يكن مَوْجُودًا أو مُتَوَقَّعًا لكانَ النَّهْيُ عنه لا فائِدَةَ منه، وقد قال الله عز وجل في آيةٍ أخرى ما يَدُلّ على أنَّه كان يَحْزَن كما في قولِه تعالى: (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )) (( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ )) وما أشبه ذلك مِمَّا يدُلّ على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحْزَن لِكُفْرِهم.
ومِن فوائِد هذه الآية الـمُتَرَتِّب عَلى ما ذَكَرْنا شِدَّةُ حِرْصِ النبي صلى الله عليه وسلَّمَ على هِدَايَةِ الخَلْق لكونِه يَحْزَن لِمَن لا يُؤْمِن مَع أن عَدَم إِيمَانِه لا يَضُر ُّاللهَ ولا رَسُولَه شَيْئًا.
ومِن فوائِد الآية الكريمة أنَّه لا ينبغي للإنسان أَن يَحْزَنَ لِكُفْرِ مَن كَفَر لأنّ الأمْرَ بِيَدِ الله وكونُك تَحْزَن هذا مما يُشْغِلُك عَمَّا يَنْبَغِي أن تَقُومَ به مِن العِبَادَاتِ الخَاصَّة أَنت عليك أَن تَبْذل وتَنْصَح
ومِن فوائِد هذه الآية الـمُتَرَتِّب عَلى ما ذَكَرْنا شِدَّةُ حِرْصِ النبي صلى الله عليه وسلَّمَ على هِدَايَةِ الخَلْق لكونِه يَحْزَن لِمَن لا يُؤْمِن مَع أن عَدَم إِيمَانِه لا يَضُر ُّاللهَ ولا رَسُولَه شَيْئًا.
ومِن فوائِد الآية الكريمة أنَّه لا ينبغي للإنسان أَن يَحْزَنَ لِكُفْرِ مَن كَفَر لأنّ الأمْرَ بِيَدِ الله وكونُك تَحْزَن هذا مما يُشْغِلُك عَمَّا يَنْبَغِي أن تَقُومَ به مِن العِبَادَاتِ الخَاصَّة أَنت عليك أَن تَبْذل وتَنْصَح
اضيفت في - 2011-05-25