تفسير سورة لقمان-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لفوائد قول الله تعالى : (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ))
وهوًى مُتَّبَعًا ودنيا مُؤْثَرَة وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِه فعليك بِخَاصِّة نَفْسِك وَدَعْ عنك أَمْرَ العَوَامّ ).
ومِن فوائِدِ الآية الكريمة تَهْدِيدُ الكافرين لِقولِه: (( إلَينَا مرجِعُهُم فنُنَبِّئُهم بِمَا عَمِلُوا )).
ومِن فوئد الآية الكَريمة أنَّ مَرْجِعَ الخلائقِ إلى اللهِ وحْدَه يُسْتَفَاد مِنْ؟
الطالب: (( إلَينَا مرجِعُهُم )).
الشيخ : اي معلوم لكن ما هي الدليل أنَّه إلى الله وحدَه؟ تقْدِيم الخَبَر الدَالّ على الحَصْر.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ الكلامِ لله، لِقولِه: (( فَنُنَبِّئُهم بما عَمِلوا )).
ومنها أنَّ كلامَه سبحانَه وتعالى بصَوْتٍ مَسْمُوع، لِقولِه (( فَنُنَبِّئُهم )) لأنَّ ما لا يُسْمَع لا يكون فيه إِنْبَاءٌ فلا إنْبَاءَ إلا بِصوتٍ مسْمُوع، وهذا الصوت ليس كأصواتِ المخلُوقين بل هو أعظم وأَجَلّ، ولهذا إذا تَكَلَّمَ اللهُ بالوَحْي صَعِق أهْلُ السماوات وارْتَجَفَتِ السماوات، ومعلومٌ أن صوتَ أحدٍ من الخَلْق لا يحصُلُ منه هذا الشيء ولكنَّ الله عزَّ وجلّ أعْظَم وأَجَلّ.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ عِلْمِ الله، لِقولِه: (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُور )).
ومِن فوائدها التخْوِيف مِن مُخَالَفَةِ الإنسَان باطِلًا، لِقولِه: (( عليم بذات الصدور )) فإيَّاك والمخَالفَةَ في البَاطِل لا تقل: إنَّنِي لَم أُظْهِر ولا أَحَدَ يعْلَم فَإِنَّه وَإِن لم يعْلَمِ الخَلْق فالله تعالى يعْلَم، مَهْما تَكْتُمِ الشَيْء فإنَّ اللهَ تعالى يعلمُه فلهذا قال: (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُور )).
ومِن فوائدِ الآية الكريمة أنه ينبغي للإِنسان مُرَاقَبَةُ اللهِ عزَّ وجل دائِمًا لِقولِه: (( عليمٌ بذات الصدور )) ولهذا جاء في الحديث ( أفضلُ الإيمان أن تَعْلَمَ أنَّ اللهَ مَعَك حيثُ ما كُنْت ) لأنَّك إذا عَلِمْتَ بذلك وأَيْقَنْتَ به أَوْجَبَ لك ذلك الـمُرَاقَبَة مُرَاقَبَةَ الله عَز وجل والرَغْبَةَ إليه وأن تكُونَ هِمَّتُكَ دائِمًا في طَلَب ما يُرْضِي الله سُبْحانَه وتعالى، إذا كان الإِنسان يُؤْمِن بهذا الأَمْر وبمرَاقَبَةِ الله عز وجل لِمَا في قلبِه فإنَّه لو همَّ بمعصيةٍ في أخفَى ما يكون في الأرْض فسيردَعُه ذلك الإِيمان عن هذه المعْصِيَة، ولهذا حِمَايَةُ الإيمَان لِمُعْتَنِقِيه أعْظَم بكثِير مِن حِمَايَةِ السُلُطَات لِمَا تُوَجِّهُ إليه أليس كذلك؟ الشَّعْبُ الـمُؤْمن ما يحتاج إلى مُرَاقَبَة السُّلُطات، لأنَّه يعلَم أنَّه مُرَاقَبٌ مِن قِبَلِ مَن؟ مِن قِبَلِ مَن يعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُن وما تُخْفِي الصُّدُور، لكن إِذا ضَعُفَ الإيمان احتَاجَ إلى قُوَّةِ السُّلْطَان، فإنْ ضَعُفَ الإِيمَان والسُّلْطَان فَسَدَتِ الأَدْيَانُ والبُلْدَان، فإذا اجْتَمَعَتِ القُوَّتَان: قُوَّةُ الإِيمَان وقُوَّةُ السُّلْطَان فهذا هو الكَمَال، وإن ضَعُفَا جَمْيعًا فهذا هو الهَلَاك، وإن ضَعُفَ أَحَدُهما دُونَ الآخَر ففيه حَيَاةٌ ومَوْت، نعم
ومِن فوائِدِ الآية الكريمة تَهْدِيدُ الكافرين لِقولِه: (( إلَينَا مرجِعُهُم فنُنَبِّئُهم بِمَا عَمِلُوا )).
ومِن فوئد الآية الكَريمة أنَّ مَرْجِعَ الخلائقِ إلى اللهِ وحْدَه يُسْتَفَاد مِنْ؟
الطالب: (( إلَينَا مرجِعُهُم )).
الشيخ : اي معلوم لكن ما هي الدليل أنَّه إلى الله وحدَه؟ تقْدِيم الخَبَر الدَالّ على الحَصْر.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ الكلامِ لله، لِقولِه: (( فَنُنَبِّئُهم بما عَمِلوا )).
ومنها أنَّ كلامَه سبحانَه وتعالى بصَوْتٍ مَسْمُوع، لِقولِه (( فَنُنَبِّئُهم )) لأنَّ ما لا يُسْمَع لا يكون فيه إِنْبَاءٌ فلا إنْبَاءَ إلا بِصوتٍ مسْمُوع، وهذا الصوت ليس كأصواتِ المخلُوقين بل هو أعظم وأَجَلّ، ولهذا إذا تَكَلَّمَ اللهُ بالوَحْي صَعِق أهْلُ السماوات وارْتَجَفَتِ السماوات، ومعلومٌ أن صوتَ أحدٍ من الخَلْق لا يحصُلُ منه هذا الشيء ولكنَّ الله عزَّ وجلّ أعْظَم وأَجَلّ.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ عِلْمِ الله، لِقولِه: (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُور )).
ومِن فوائدها التخْوِيف مِن مُخَالَفَةِ الإنسَان باطِلًا، لِقولِه: (( عليم بذات الصدور )) فإيَّاك والمخَالفَةَ في البَاطِل لا تقل: إنَّنِي لَم أُظْهِر ولا أَحَدَ يعْلَم فَإِنَّه وَإِن لم يعْلَمِ الخَلْق فالله تعالى يعْلَم، مَهْما تَكْتُمِ الشَيْء فإنَّ اللهَ تعالى يعلمُه فلهذا قال: (( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُور )).
ومِن فوائدِ الآية الكريمة أنه ينبغي للإِنسان مُرَاقَبَةُ اللهِ عزَّ وجل دائِمًا لِقولِه: (( عليمٌ بذات الصدور )) ولهذا جاء في الحديث ( أفضلُ الإيمان أن تَعْلَمَ أنَّ اللهَ مَعَك حيثُ ما كُنْت ) لأنَّك إذا عَلِمْتَ بذلك وأَيْقَنْتَ به أَوْجَبَ لك ذلك الـمُرَاقَبَة مُرَاقَبَةَ الله عَز وجل والرَغْبَةَ إليه وأن تكُونَ هِمَّتُكَ دائِمًا في طَلَب ما يُرْضِي الله سُبْحانَه وتعالى، إذا كان الإِنسان يُؤْمِن بهذا الأَمْر وبمرَاقَبَةِ الله عز وجل لِمَا في قلبِه فإنَّه لو همَّ بمعصيةٍ في أخفَى ما يكون في الأرْض فسيردَعُه ذلك الإِيمان عن هذه المعْصِيَة، ولهذا حِمَايَةُ الإيمَان لِمُعْتَنِقِيه أعْظَم بكثِير مِن حِمَايَةِ السُلُطَات لِمَا تُوَجِّهُ إليه أليس كذلك؟ الشَّعْبُ الـمُؤْمن ما يحتاج إلى مُرَاقَبَة السُّلُطات، لأنَّه يعلَم أنَّه مُرَاقَبٌ مِن قِبَلِ مَن؟ مِن قِبَلِ مَن يعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُن وما تُخْفِي الصُّدُور، لكن إِذا ضَعُفَ الإيمان احتَاجَ إلى قُوَّةِ السُّلْطَان، فإنْ ضَعُفَ الإِيمَان والسُّلْطَان فَسَدَتِ الأَدْيَانُ والبُلْدَان، فإذا اجْتَمَعَتِ القُوَّتَان: قُوَّةُ الإِيمَان وقُوَّةُ السُّلْطَان فهذا هو الكَمَال، وإن ضَعُفَا جَمْيعًا فهذا هو الهَلَاك، وإن ضَعُفَ أَحَدُهما دُونَ الآخَر ففيه حَيَاةٌ ومَوْت، نعم
1 - تابع لفوائد قول الله تعالى : (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ))
ثم قال تعالى: (( نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ))[لقمان:24] (نُمَـــتِّعُهم) معروف أنَّ الضَّمير يعُود على الكافِرين فيُستفاد مِن الآية الكريمة أنَّ الكافِرَ قد يُمَتَّعُ في الدنيا أكْثَرَ مما يُمَتَّعُ الـمُؤْمِن أليس كذلك؟ لأنه قال: (( نمتعهم )) وهذا هو الوَاقِع فإنَّ بعضَ الكُفار يكون أشَدَّ تَمَتُّعًا في الدنيا مِن الـمُؤمِنِين، ولكنَّه -كما قال الله عز وجل- (( قَلِيلًا )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ التَّمْتِيع في الدنيا قَلِيل في زَمَنِه اش بعد؟ ونَوْعِه، أمَّا زمنُه فظاهِر (( كأنَّهم يومَ يرَوْن ما يُوعَدُون لم يَلْبَثُوا إلا سَاعَةً مِن نَهَار ))، وأما نوعُه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَمَوْضِعُ سَوطِ أحدِكم في الجنة خَيْرٌ مِن الدنيا وما فيها ).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ عذابَ الكُفَّار عذابٌ غَلِيظ، لِقولِه (( ثُمَّ نضْطَرُّهم إلى عَذَابٍ غَلِيظ )).
ومنها أنَّ الكفار يُضْطَرُّون ويُلْجَئُون إلى دُخُولِ هذا العذاب، لِقولِه: (( نضْطَرُّهم ))، واعلَم أن هذا الاضْطِرَار يكونُ عند خُرُوجِ الرُّوح ويكونُ كذلك في الآخِرَة، أما عند خُرُوجِ الروح فإنه قد وَرَدَ في الحديث حديثِ البراء الطَّوِيل أنَّه إذا حضرَ الموْت إلى هؤلاءِ الكفار وبُشِّرَت روحُه بالغَضَب مِن الله سبحانه وتعالى فإنها تَتَفَرَّقُ في بدنِه تَتَشَبَّثُ فِيه حتى يَنْتَزِعُوهَا مِنها مِن البَدَن [قطع] يُنزَعُ السَّفُّود مِن الصُّوفِ الـمَبْلُول يعني بِشِدَّة، ويدُلُّ لِذلك قولُه تعالى: (( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ )) (أخرِجُوا) يدُلّ هذا الأمر على أنَّهم كانوا أَشِحَّاءِ في إِخْرَاجِهَا (( اليومَ تُجْزَونَ عَذابَ الهُونِ )) إلى آخِرِه هذا معنى قولِه (نَضْطَرُّهُم) ما يأتُون مُخْتَارِينَ مُنْقَادِين وهذا واقع .. وقالَ تعالى في الآخِرَة: (( يَومَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا )) يُدْفَعُون بعُنْف حتى يَدْخُلُوهَا -والعِيَاذُ بالله-
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ التَّمْتِيع في الدنيا قَلِيل في زَمَنِه اش بعد؟ ونَوْعِه، أمَّا زمنُه فظاهِر (( كأنَّهم يومَ يرَوْن ما يُوعَدُون لم يَلْبَثُوا إلا سَاعَةً مِن نَهَار ))، وأما نوعُه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَمَوْضِعُ سَوطِ أحدِكم في الجنة خَيْرٌ مِن الدنيا وما فيها ).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ عذابَ الكُفَّار عذابٌ غَلِيظ، لِقولِه (( ثُمَّ نضْطَرُّهم إلى عَذَابٍ غَلِيظ )).
ومنها أنَّ الكفار يُضْطَرُّون ويُلْجَئُون إلى دُخُولِ هذا العذاب، لِقولِه: (( نضْطَرُّهم ))، واعلَم أن هذا الاضْطِرَار يكونُ عند خُرُوجِ الرُّوح ويكونُ كذلك في الآخِرَة، أما عند خُرُوجِ الروح فإنه قد وَرَدَ في الحديث حديثِ البراء الطَّوِيل أنَّه إذا حضرَ الموْت إلى هؤلاءِ الكفار وبُشِّرَت روحُه بالغَضَب مِن الله سبحانه وتعالى فإنها تَتَفَرَّقُ في بدنِه تَتَشَبَّثُ فِيه حتى يَنْتَزِعُوهَا مِنها مِن البَدَن [قطع] يُنزَعُ السَّفُّود مِن الصُّوفِ الـمَبْلُول يعني بِشِدَّة، ويدُلُّ لِذلك قولُه تعالى: (( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ )) (أخرِجُوا) يدُلّ هذا الأمر على أنَّهم كانوا أَشِحَّاءِ في إِخْرَاجِهَا (( اليومَ تُجْزَونَ عَذابَ الهُونِ )) إلى آخِرِه هذا معنى قولِه (نَضْطَرُّهُم) ما يأتُون مُخْتَارِينَ مُنْقَادِين وهذا واقع .. وقالَ تعالى في الآخِرَة: (( يَومَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا )) يُدْفَعُون بعُنْف حتى يَدْخُلُوهَا -والعِيَاذُ بالله-
فوائد قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ))
ثم قال عز وجل: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ )) في هذه الآية الكريمة دَلِيل على أنَّ المشركين في عَهْد الرسول عليه الصَّلاة والسلام يُقِرُّون بِرُبُوبِيَّةِ الله، لِقولِه: (( لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )).
وفيها أنَّ هذا التوحِيد لا يَنْفَع مَن أَقَرَّ به، لأن هَؤلاءِ المشركين نفعَهم؟ انتفَعُوا بهذا الإِقْرَار ولَّا لا؟
الطالب: لا.
الشيخ : لا، بل لَا بُدَّ مِن أن يُضَافَ إليه تَوحِيد الأُلُوهِيَّة والأسْمَاء والصِّفَات.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَات أنَّ خَالِقَ السَّمَاوَات والأَرض هو الله عَز وجل فإنْ قال قائلٌ: هل المخْلُوق يَخْلُق؟ نقول: لا الـمَخْلُوق لا يُمْكِن أن يخْلُق وخَلْقُ الـمَخْلُوق إنما هو تحْوِيلُ شَيْءٍ إلى شَيْء، يَجْعَلُ الخَشَبَ بَابًا، ويجْعَلُ الـمَدَرَ بَيْتًا وما أشبهَ ذلك، لكن هل يَخْلُق خَشَبَةً لِيَجْعَلَها بابًا؟ لَا، ولَا يَخْلُقُ مَدَرًا ليجعلَه بيتًا، فكُلُّ ما في الإنسان مِن مَصْنُوعَات ومُبْتَكَرَات ومُبْتَدَعَات إنَّما هو تَغْيِير وتحويلٌ مِن شيءٍ إلى شَيء، أما إِيجَاد ذَوَاتِ الأَشْيَاء فهو إلى الله عز وجل، ولهذا يتبَيَّن معنى قولِه: (( خَلَقَ السماواتِ والأرضَ )) وإلَّا فالإنسان يخلُق لكِنْ خَلْقُه ليس معناه إبْدَاعٌ وإيْجَاد إيجادٌ بعدَ عَدَم، ولكنَّه كما أقولُه وأُكَرِّرُه حتى يَتَبَيَّن لَكُم معنى قولِه: (( فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين )) فأَثْبَت أنَّ مع الله خَلْقًا لكن هذا الخَلْق لَيس خَلْقَ إِيجَادٍ ولكنَّه خَلْق تَحْوِيل وتَغْيِير في بعض الأشْيَاء حَسَب ما أعطَاه اللهُ تعالى مِن قُدْرَة عِلْمِيَّة وبَدَنِيَّة.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ أنَّ السماءَ مُتَعَدِّدَة لِقولِه: (( السَّمَاوات )) وقد بُيِّنَ في آية أُخْرى أن عَدَدَها سَبْع (( قُل مَن رَبُّ السَّمَاواتِ السَّبْعِ ورَبُّ العرْشِ العَظْيمِ * سَيَقُولُونَ للهِ )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا أنَّ اعْتِرَافَ الإنسان بالحَقّ مما يُحْمَدُ اللهُ علَيْه، لِقولِه للرَّسُول: (( قُلِ الحمدُ لله )) فإنَّه لا شَكَّ أنَّ إقرار الإنسان واعترافَه بالحَقّ إظْهَارٌ للحُجَّة وإذا ظَهَرَتِ الحُجَّة كان في ذلك مِن الثَّنَاء على الله ما هو أهْلٌ له سبحانه وتعالى.
ومِن فوائدِ الآية الكريمة أنَّ أكْثَر هؤلاء المعانِدِين والـمُشْرِكِين كانوا لا يَعْلَمُون إِمَّا لِلْجَهْل وإما لِعَدَمِ الانْتِفَاعِ بِعِلْمِهم، لِقولِه: (( بل أكثرُهم لا يعْلَمُون )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنه ينبغي تَأْكِيدُ الكلام في موْضِع التأكيد، لأنه قال: (( ولئن سألْتَهم لَيَقُولُنَّ )) فَأَكَّدَ الله عز وجل أنهم سيقولون ذلك، لِئَلَّا يقولَ قائِلٌ: هل هؤلاء يُقِرُّونَ بتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة أو لا يُقِرُّون؟ فبَيَّنَ الله أنَّهم يُقِرُّونَ به وأَكَّدَ ذَلِك، حتى لا يُقَالَ: كيف يُقِرُّون بتوحيدِ الرُّبُوبِيَّة ثم يُنْكِرُون تَوْحِيد الأُلُوهِيَّة. وإلى هُنَا انْتَهى الفوائد.
وفيها أنَّ هذا التوحِيد لا يَنْفَع مَن أَقَرَّ به، لأن هَؤلاءِ المشركين نفعَهم؟ انتفَعُوا بهذا الإِقْرَار ولَّا لا؟
الطالب: لا.
الشيخ : لا، بل لَا بُدَّ مِن أن يُضَافَ إليه تَوحِيد الأُلُوهِيَّة والأسْمَاء والصِّفَات.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَات أنَّ خَالِقَ السَّمَاوَات والأَرض هو الله عَز وجل فإنْ قال قائلٌ: هل المخْلُوق يَخْلُق؟ نقول: لا الـمَخْلُوق لا يُمْكِن أن يخْلُق وخَلْقُ الـمَخْلُوق إنما هو تحْوِيلُ شَيْءٍ إلى شَيْء، يَجْعَلُ الخَشَبَ بَابًا، ويجْعَلُ الـمَدَرَ بَيْتًا وما أشبهَ ذلك، لكن هل يَخْلُق خَشَبَةً لِيَجْعَلَها بابًا؟ لَا، ولَا يَخْلُقُ مَدَرًا ليجعلَه بيتًا، فكُلُّ ما في الإنسان مِن مَصْنُوعَات ومُبْتَكَرَات ومُبْتَدَعَات إنَّما هو تَغْيِير وتحويلٌ مِن شيءٍ إلى شَيء، أما إِيجَاد ذَوَاتِ الأَشْيَاء فهو إلى الله عز وجل، ولهذا يتبَيَّن معنى قولِه: (( خَلَقَ السماواتِ والأرضَ )) وإلَّا فالإنسان يخلُق لكِنْ خَلْقُه ليس معناه إبْدَاعٌ وإيْجَاد إيجادٌ بعدَ عَدَم، ولكنَّه كما أقولُه وأُكَرِّرُه حتى يَتَبَيَّن لَكُم معنى قولِه: (( فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين )) فأَثْبَت أنَّ مع الله خَلْقًا لكن هذا الخَلْق لَيس خَلْقَ إِيجَادٍ ولكنَّه خَلْق تَحْوِيل وتَغْيِير في بعض الأشْيَاء حَسَب ما أعطَاه اللهُ تعالى مِن قُدْرَة عِلْمِيَّة وبَدَنِيَّة.
ومِن فوائد الآية الكريمة إِثْبَاتُ أنَّ السماءَ مُتَعَدِّدَة لِقولِه: (( السَّمَاوات )) وقد بُيِّنَ في آية أُخْرى أن عَدَدَها سَبْع (( قُل مَن رَبُّ السَّمَاواتِ السَّبْعِ ورَبُّ العرْشِ العَظْيمِ * سَيَقُولُونَ للهِ )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أيضًا أنَّ اعْتِرَافَ الإنسان بالحَقّ مما يُحْمَدُ اللهُ علَيْه، لِقولِه للرَّسُول: (( قُلِ الحمدُ لله )) فإنَّه لا شَكَّ أنَّ إقرار الإنسان واعترافَه بالحَقّ إظْهَارٌ للحُجَّة وإذا ظَهَرَتِ الحُجَّة كان في ذلك مِن الثَّنَاء على الله ما هو أهْلٌ له سبحانه وتعالى.
ومِن فوائدِ الآية الكريمة أنَّ أكْثَر هؤلاء المعانِدِين والـمُشْرِكِين كانوا لا يَعْلَمُون إِمَّا لِلْجَهْل وإما لِعَدَمِ الانْتِفَاعِ بِعِلْمِهم، لِقولِه: (( بل أكثرُهم لا يعْلَمُون )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنه ينبغي تَأْكِيدُ الكلام في موْضِع التأكيد، لأنه قال: (( ولئن سألْتَهم لَيَقُولُنَّ )) فَأَكَّدَ الله عز وجل أنهم سيقولون ذلك، لِئَلَّا يقولَ قائِلٌ: هل هؤلاء يُقِرُّونَ بتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة أو لا يُقِرُّون؟ فبَيَّنَ الله أنَّهم يُقِرُّونَ به وأَكَّدَ ذَلِك، حتى لا يُقَالَ: كيف يُقِرُّون بتوحيدِ الرُّبُوبِيَّة ثم يُنْكِرُون تَوْحِيد الأُلُوهِيَّة. وإلى هُنَا انْتَهى الفوائد.
3 - فوائد قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد ))
قالَ اللهُ تعالى: (( للهِ مَا فَي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدِ )) الجُمْلَةُ هنا خَبَرِيَّة (لله ما في السماوات والأرض) وفيها حَصْر وطَرِيقُه تقْدِيمُ الخَبَر، لأنَّ تقديمَ ما حقُّه التَّأْخِير يُفِيد الحَصْر، فـ(للهِ ما في السماوَات) يعني: لا لِغيرِه بل هو لَه وَحدَه سبحانَه وتعالَى، وقولُه: (( ما في السماواتِ )) أي مَا كان فيها (( والأرْضِ )) كذلك، وأتى بـ(مَا) التي لِغيرِ العاقل، لأنه يُرَادُ بها تمليك الذَّوَات والصِّفَات، وإذا أُرِيدَ بها ملْك الذوات والصِّفات أُتِيَ بـ(ما)، لأنَّها أكثر فإنَّ كل ذَاتٍ لها صِفَة، وأيضًا ليس كُلُّ الذَّوَات عَاقِلة بل الذَّوات مِن البهائم وصِنْوَها مِن قِسْم غَير العَاقِل.
وقوله: (( لله ما في السموات )) قال المؤلف: " مُلْكًا وخَلْقًا وعَبِيدًا " مُلْكًا وخَلْقًا والـمُلْك يَشْمَل مُلْك الدَّوَابّ والتَصَرُّف في هذه الدَّوَابّ، ولهذا قال: " وعَبِيدًا " والـمُرَاد بالعُبُودِيَّة هنا: العُبُودِيَّة العَامَّة دُونَ الخَاصَّة، لأَنّ العُبُودِيّة الخَاصَّة تَخْتَصُّ بالطَّائِعِين الذِين تذلَّلوا لله سُبْحانَه وتعالَى طَاعَةً بالمعْنَى الشَّرْعي، وأما العِبَادَة العَامَّة فهي تَشْمَل كُلَّ الخَلْق، لأَنَّ جَمِيعَ الخَلْق مُتَذَلِّلٌ لله عز وجل باعتِبَارِ الخَلْق والتقْدِير، ما أَحَد يستطيع أن يُعارِضَ قَضَاءَ اللهِ وقَدَرَه لكِنَّ الكُفَّار يسْتَطِيعُون أن يُعَارِضُوا شَرْعَ الله ولهذا عارَضُوا وأنكَرُوا الشَّرْع واستَكْبرُوا عنه عنِ الحَقّ، قال: " وَعَبِيدًا فَلا يسْتَحِقُّ العِبَادَةَ فيهما غَيْرُه " في السَّماوات والأَرْض ما يستَحِقُّ العبادَةَ إلَّا الله، لأنَّه بمُقْتَضى العَقْل والفِطْرَة أَنَّ الـمَالِك الخَالِق الـمُدَبِّر يجِب أن يكُونَ هو الـمعْبُود، ولهذا يَسْتَدِلُّ اللهُ عزَّ وجَلّ على وُجُوب العِبَادَة بِمَاذَا؟ بالرُّبُوبِيَّة (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الذِّي خَلَقَكُمْ )) ومَرَّ علينا (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ))[لقمان:25] وهذا ظَاهِر أنَّ مَن له الخَلْق يجِب أن تَكُونَ لَه العِبَادَةُ وَحْدَه.
(( إِنَّ اللهَ هُو الغَنِيُّ )) عن خَلقِه (( الحَمِيد )) الـمَحْمُودُ فِي صُنْعِهِ " الجُمْلة هنا استِئْنَافِيَّة، لِبَيَان ما للهِ عَزَّ وَجَلّ مِن هذَيْنِ الاسْمَيْن وما تَضَمَّنَاه مِن الصِّفَة (إِنّ اللهَ هُو) الضمِير ضَمِيرُ فَصْل، ولِضَمِيرِ الفَصْل ثَلَاثُ فَوائِد: الفائدة الأُولى: التَّوْكِيد، الثَانِية: الحَصْر، والثَّالِثَة: التَّمْيِيزُ بَيْنَ الخَبَرِ والصِّفَة فإذا قُلت: زَيْدٌ الفَاضِلٌ فَـ(زَيْدٌ) مبتدأ والفَاعِل [يقصد الفاضِل] يحسُن أن تَكُونَ صِفَةً لِـ(زيد) وأَنَّ الخبَر لم يِأْتِ بعد وأنَّ التقْدِير: (زَيْدٌ الفَاضِلُ مَحْبُوبٌ) مَثَلًا، فإذا قُلْتَ زَيْدٌ هو الفَاضِل احْتَمَل أن يَكُون صِفَة ولَّا لا؟ لا، تَكُون خَبَرًا، ولهذا سُمِّيَ ضَمِيرَ فَصْل، (( إن الله هو الغنيُّ )) قال المؤلِف: " عن خَلْقِه " وهو كذلك: غَنِيٌّ في نفسِه غَنِيٌّ عَن غَيْرِه، غنِيٌّ في نفسِه لِكَثْرَةِ ما عندَه، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فهو لله عزَّ وجلَّ وهذا تَمَامُ الغِنَى، وغَنِيٌّ عَن خَلْقِه فَلَا يَحْتَاجُ إِلى أَحَد والدَّلِيلُ قوله تعالى: (( فِإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِين )) أَمَّا مَن سِوَاهُ فإنَّه مُفْتَقِر مُفْتَقِرٌ إلى مَن؟ إِلى الله عز وجل قبْلَ كُلِّ شَيْء، ثُمَّ إِنَّ الناس بَعْضُهُم مُفْتَقِرٌ إِلى بَعْض كما قال تعالى: (( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيَّا ))[الزخرف:32] فالنَّاس بعضُهم إلى بعضٍ في حاجَة بل في ضَرُورَة أحيانًا، والجَمِيعُ إلى الله في حَاجَةٍ وَضَرُورَة، أمَّا الربُّ عَزَّ وَجَلّ فإِنَّه في غِنًى عن غَيْرِه كما أَنَّه غَنِيٌّ بنفْسِه أيضًا إذًا غِنَاه يَتَضَمَّن شيْئَيْن الغِنَى الذَّاتِي بمعنى كَثْرَة ما يملِكُه سبحانه وتعالى إذ كُلُّ شَيْءٍ فهو مَذْكُور، الثاني: الغِنَى عَن الغَيْر بحيثُ لا يحتاجُ إلى أَحَد وغيرُه مُحتَاجٌ إليه، وقوله: (( حَمِيد )) قالَ المؤلف رحِمه الله: " الـمَحْمُودُ في صُنْعِه " فَقَصَّرَ في التفْسِير من وَجْهَيْن: أَوَّلها قال: (الحميد) بمعنى المحمود والصَّحِيح أنها بمعنى المحمُود والحَامِد، فهو سبحانه وتعالى حَامِدٌ مَن يَسْتَحِقُّ الحَمْد، وما أكثَرَ الثَّنَاء على مَن يَسْتَحِقُّون الثَّنَاء في كتابِ الله عزّ وجل، وهو كذلك محْمُود على كَمَالِ صفَاتِه وتَمَامِ إِنْعَامِه، يُحْمَدُ على أمرَيْن على كمَالِ صِفَاتِه وعلى تمَامِ إِنْعَامِه، الوجهُ الثاني مِمَّا قصَّر فيه المؤلف أنَّه قال: المحمُود في صنعِه والصَّواب أنه محمُودٌ في صُنْعِه وفي شَرْعِه أيضًا، فإِنَّ شرعَه عزَّ وجَل أَكْمَلُ الشَّرَائِع وأنْفَعُهِا لِلعِبَاد، ومَن سَنَّ للخَلْق طريقًا تسْتَقِيمُ به أمورُهم فهو أهْلٌ للحَمْد، الآن لو أنَّ أحدًا دلَّك على طريق بلدٍ في سَفْرَة واحِدَة مِن سَفَرَاتك تحمَدُه ولَّا لا؟ تحمَدُه فكَيفَ بِمَن دَلَّك على طَرِيقِ الآخِرَة في كُلِّ ما تَحْتاَجُ إليه، فالصواب أنَّ (حميد) بمعنى حامِد ومحْمُود وحَمِيد في صُنْعِه وفي شرْعِه، فصُنْعُه الذِي هو الخَلْق يُحْمَدُ عليه سبحانه وتعالى على إيجادِه وعلى إِعْدَادِه وعلى إمْدَادِه، وهو أيضًا حَمِيدٌ في شَرْعِه يُحْمَدُ علَيه لِمَا في شرْعِه مِن العَدْل والحِكْمَة والرَّحْمَة التي لا نَظِيرَ لها، وما أعْظَمَ الفَائِدة في اقْتِرَان الحَمِيد بالغِنَي، لأَنَّه -كما مَرَّ علينا- أسماءُ الله تعالى كُلُّها حُسْنَى وتَدُلُّ على مَعْنًى حَسَن، لكن قد يَدُلُّ الاسْمَان على صِفَةٍ ثَالِثَة حصَلَت بماذا؟ بِاقْتِرَانِهِمَا، فالغِنَى مع الحَمْد يَزْدَادُ كَمَالًا، لأنه قد يكونُ الغَنِيُّ غَنِيًّا ولكِنْ غِنًى لا يُحْمَدُ عليه مِثْل؟
الطالب: البخيل.
الشيخ : مثل البخيل، البَخِيلُ الغَنِيّ غَنِيّ لكِن لا يُحْمَدُ على غِنَاه، لأنَّه لا يُسْتَفَادُ مِن مَالِه، نعم، وقد حَرَمَ نفسَه مِن مَصْلَحَةِ مالِه، لكِنِ اللهُ عز وجل له الغِنَى الـمُقْتَرِن بالحَمْد لِكَمَالِ إِحْسَانِه على خَلْقِه مِن هَذا الغِنَى (( إنَّ الله هو الغَنِيُّ الحَمِيد ))
وقوله: (( لله ما في السموات )) قال المؤلف: " مُلْكًا وخَلْقًا وعَبِيدًا " مُلْكًا وخَلْقًا والـمُلْك يَشْمَل مُلْك الدَّوَابّ والتَصَرُّف في هذه الدَّوَابّ، ولهذا قال: " وعَبِيدًا " والـمُرَاد بالعُبُودِيَّة هنا: العُبُودِيَّة العَامَّة دُونَ الخَاصَّة، لأَنّ العُبُودِيّة الخَاصَّة تَخْتَصُّ بالطَّائِعِين الذِين تذلَّلوا لله سُبْحانَه وتعالَى طَاعَةً بالمعْنَى الشَّرْعي، وأما العِبَادَة العَامَّة فهي تَشْمَل كُلَّ الخَلْق، لأَنَّ جَمِيعَ الخَلْق مُتَذَلِّلٌ لله عز وجل باعتِبَارِ الخَلْق والتقْدِير، ما أَحَد يستطيع أن يُعارِضَ قَضَاءَ اللهِ وقَدَرَه لكِنَّ الكُفَّار يسْتَطِيعُون أن يُعَارِضُوا شَرْعَ الله ولهذا عارَضُوا وأنكَرُوا الشَّرْع واستَكْبرُوا عنه عنِ الحَقّ، قال: " وَعَبِيدًا فَلا يسْتَحِقُّ العِبَادَةَ فيهما غَيْرُه " في السَّماوات والأَرْض ما يستَحِقُّ العبادَةَ إلَّا الله، لأنَّه بمُقْتَضى العَقْل والفِطْرَة أَنَّ الـمَالِك الخَالِق الـمُدَبِّر يجِب أن يكُونَ هو الـمعْبُود، ولهذا يَسْتَدِلُّ اللهُ عزَّ وجَلّ على وُجُوب العِبَادَة بِمَاذَا؟ بالرُّبُوبِيَّة (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الذِّي خَلَقَكُمْ )) ومَرَّ علينا (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ))[لقمان:25] وهذا ظَاهِر أنَّ مَن له الخَلْق يجِب أن تَكُونَ لَه العِبَادَةُ وَحْدَه.
(( إِنَّ اللهَ هُو الغَنِيُّ )) عن خَلقِه (( الحَمِيد )) الـمَحْمُودُ فِي صُنْعِهِ " الجُمْلة هنا استِئْنَافِيَّة، لِبَيَان ما للهِ عَزَّ وَجَلّ مِن هذَيْنِ الاسْمَيْن وما تَضَمَّنَاه مِن الصِّفَة (إِنّ اللهَ هُو) الضمِير ضَمِيرُ فَصْل، ولِضَمِيرِ الفَصْل ثَلَاثُ فَوائِد: الفائدة الأُولى: التَّوْكِيد، الثَانِية: الحَصْر، والثَّالِثَة: التَّمْيِيزُ بَيْنَ الخَبَرِ والصِّفَة فإذا قُلت: زَيْدٌ الفَاضِلٌ فَـ(زَيْدٌ) مبتدأ والفَاعِل [يقصد الفاضِل] يحسُن أن تَكُونَ صِفَةً لِـ(زيد) وأَنَّ الخبَر لم يِأْتِ بعد وأنَّ التقْدِير: (زَيْدٌ الفَاضِلُ مَحْبُوبٌ) مَثَلًا، فإذا قُلْتَ زَيْدٌ هو الفَاضِل احْتَمَل أن يَكُون صِفَة ولَّا لا؟ لا، تَكُون خَبَرًا، ولهذا سُمِّيَ ضَمِيرَ فَصْل، (( إن الله هو الغنيُّ )) قال المؤلِف: " عن خَلْقِه " وهو كذلك: غَنِيٌّ في نفسِه غَنِيٌّ عَن غَيْرِه، غنِيٌّ في نفسِه لِكَثْرَةِ ما عندَه، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فهو لله عزَّ وجلَّ وهذا تَمَامُ الغِنَى، وغَنِيٌّ عَن خَلْقِه فَلَا يَحْتَاجُ إِلى أَحَد والدَّلِيلُ قوله تعالى: (( فِإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِين )) أَمَّا مَن سِوَاهُ فإنَّه مُفْتَقِر مُفْتَقِرٌ إلى مَن؟ إِلى الله عز وجل قبْلَ كُلِّ شَيْء، ثُمَّ إِنَّ الناس بَعْضُهُم مُفْتَقِرٌ إِلى بَعْض كما قال تعالى: (( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيَّا ))[الزخرف:32] فالنَّاس بعضُهم إلى بعضٍ في حاجَة بل في ضَرُورَة أحيانًا، والجَمِيعُ إلى الله في حَاجَةٍ وَضَرُورَة، أمَّا الربُّ عَزَّ وَجَلّ فإِنَّه في غِنًى عن غَيْرِه كما أَنَّه غَنِيٌّ بنفْسِه أيضًا إذًا غِنَاه يَتَضَمَّن شيْئَيْن الغِنَى الذَّاتِي بمعنى كَثْرَة ما يملِكُه سبحانه وتعالى إذ كُلُّ شَيْءٍ فهو مَذْكُور، الثاني: الغِنَى عَن الغَيْر بحيثُ لا يحتاجُ إلى أَحَد وغيرُه مُحتَاجٌ إليه، وقوله: (( حَمِيد )) قالَ المؤلف رحِمه الله: " الـمَحْمُودُ في صُنْعِه " فَقَصَّرَ في التفْسِير من وَجْهَيْن: أَوَّلها قال: (الحميد) بمعنى المحمود والصَّحِيح أنها بمعنى المحمُود والحَامِد، فهو سبحانه وتعالى حَامِدٌ مَن يَسْتَحِقُّ الحَمْد، وما أكثَرَ الثَّنَاء على مَن يَسْتَحِقُّون الثَّنَاء في كتابِ الله عزّ وجل، وهو كذلك محْمُود على كَمَالِ صفَاتِه وتَمَامِ إِنْعَامِه، يُحْمَدُ على أمرَيْن على كمَالِ صِفَاتِه وعلى تمَامِ إِنْعَامِه، الوجهُ الثاني مِمَّا قصَّر فيه المؤلف أنَّه قال: المحمُود في صنعِه والصَّواب أنه محمُودٌ في صُنْعِه وفي شَرْعِه أيضًا، فإِنَّ شرعَه عزَّ وجَل أَكْمَلُ الشَّرَائِع وأنْفَعُهِا لِلعِبَاد، ومَن سَنَّ للخَلْق طريقًا تسْتَقِيمُ به أمورُهم فهو أهْلٌ للحَمْد، الآن لو أنَّ أحدًا دلَّك على طريق بلدٍ في سَفْرَة واحِدَة مِن سَفَرَاتك تحمَدُه ولَّا لا؟ تحمَدُه فكَيفَ بِمَن دَلَّك على طَرِيقِ الآخِرَة في كُلِّ ما تَحْتاَجُ إليه، فالصواب أنَّ (حميد) بمعنى حامِد ومحْمُود وحَمِيد في صُنْعِه وفي شرْعِه، فصُنْعُه الذِي هو الخَلْق يُحْمَدُ عليه سبحانه وتعالى على إيجادِه وعلى إِعْدَادِه وعلى إمْدَادِه، وهو أيضًا حَمِيدٌ في شَرْعِه يُحْمَدُ علَيه لِمَا في شرْعِه مِن العَدْل والحِكْمَة والرَّحْمَة التي لا نَظِيرَ لها، وما أعْظَمَ الفَائِدة في اقْتِرَان الحَمِيد بالغِنَي، لأَنَّه -كما مَرَّ علينا- أسماءُ الله تعالى كُلُّها حُسْنَى وتَدُلُّ على مَعْنًى حَسَن، لكن قد يَدُلُّ الاسْمَان على صِفَةٍ ثَالِثَة حصَلَت بماذا؟ بِاقْتِرَانِهِمَا، فالغِنَى مع الحَمْد يَزْدَادُ كَمَالًا، لأنه قد يكونُ الغَنِيُّ غَنِيًّا ولكِنْ غِنًى لا يُحْمَدُ عليه مِثْل؟
الطالب: البخيل.
الشيخ : مثل البخيل، البَخِيلُ الغَنِيّ غَنِيّ لكِن لا يُحْمَدُ على غِنَاه، لأنَّه لا يُسْتَفَادُ مِن مَالِه، نعم، وقد حَرَمَ نفسَه مِن مَصْلَحَةِ مالِه، لكِنِ اللهُ عز وجل له الغِنَى الـمُقْتَرِن بالحَمْد لِكَمَالِ إِحْسَانِه على خَلْقِه مِن هَذا الغِنَى (( إنَّ الله هو الغَنِيُّ الحَمِيد ))
تفسير قول الله تعالى : (( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ))
ثم قال عزَّ وجل: (( وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ )) قَبْل أَن، نشُوف الإِعْرَاب: (ولوْ أَنَّ مَا) نعم، (لو) هذه شَرْطِيَّة وفِعْلُ الشَّرط محْذُوف أي: ولو ثَبَتَ أنَّ ما في الأرْضِ مِن شَجَرَة إلى آخرِه، و(ما) اسْم مَوْصُول بمعنى الذي، و(في الأرضِ) جارَّ ومجرُور متعَلِق بمَحْذُوف صِلَة الـمَوْصُول يعني: وَلَوْ أَنَّ الذي اسْتَقَرّ في الأرض، و(مِن شَجَرة) جار ومجرور بَيَانٌ لـ(مَا) بَيَانٌ لـ(مَا) الاسْم الـمَوْصُول، لأن الاسْم الموْصُول مُبْهَم يحتَاجُ إلى بَيَان، فـ(مِن شَجَرة) بَيَانٌ له يعني: لو أن الذي في الأرض مِن الشَّجَر، وقولُه: (أقلامٌ) خبَرُ (أَنَّ) يعني: ولو أَنَّ الذي في الأرض مِن الأشْجَار كانَ أقلامًا -هذا المعنى- كان أقلامًا يُكْتَبُ بِهَا.
(( والبَحْرَ )) يقول: " عَطْف عَلَى اسْم (أَنَّ) " (والبحرَ)، وفي قراءةٍ (والبَحْرُ) - .. هِي (والبَحْرُ) مع أنه يقولها بالنَّصْب- لكن الـمُؤلِّف يقُول: منصُوبة والعَطْف على اسمِ (أَنَّ)، (والبحْرُ) إذا كانت بالرَّفع فهي مُبْتَدَأ قال ابنُ مالك:
وجائزٌ رَفْعُــــــك معْطُــــوفًا عَــــلى مَنْصُوبِ (إِنَّ) بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلَا
وأُلْحِقَتْ بـ(إنَّ) (لَكِـــنَّ) و(أَن)
هذا (أن)، قال: " والبَحْر عَطْفٌ على اسْمِ (إِنَّ) " فتكون بالنصب،
(( يَمَدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ )) وين الخبر؟
الطالب: ...
الشيخ : لَا (ما) هَذا جَوَاب الشَّرْط، الخَبْر محْذُوف قَدَّرَهُ المُؤَلِّفُ بِقَوْلِه: " مِدَاد " يعني: لو أنَّ ما في الأرض مِن الأشجَار أقْلَام وما فيها مِن البِحَار مِدَاد -مِدَاد يعني حِبْر يُكْتَبُ به- جوابُ الشَّرْط: (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله) " الـمُعَبَّرُ بها عن معلوماتِه " إلى آخِرِه نعم، (ما نَفِدَت كَلِمَاتُ الله)، (نَفِدَ) ايش معناه؟
الطالب: انتهى.
الشيخ : انْتَهَى وخَلَصَ، (( ما نفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) (كَلِمَاتُ) فاعل (نَفِدَتْ) الكَوْنِيَّة والشَرْعِيَّة ما تنْفَد السبَب: لِأنَّه سبحانَه وتعالى لم يزَلْ ولا يزَالُ مُتَكَلِّمًا والخَلْق لهم نِهَايَة ولَّا ما لهم نِهَايَة؟ لَا، الخَلْق مَا لهم نِهَايَة، لأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ النَّاسُ الجَنَّة أو النَّار وش يكون؟
الطالب: ...
الشيخ : فالإِذْنُ دائم سَرْمَدِيّ أبَدِيّ، نعم، فإذًا كُلُّ شيءٍ يَخْلُقُه الله فإنما يخْلُقُه بماذا؟ يخلُقُه بالكَلِمَة (كُنْ) فيكون، إذا كانت المخلوقات لا تَنْتَهِي وكذلك أيضًا أفعالُ الله عز وجل في الأَزَل ما لها نِهَاية فإنهَا لا يُمْكِن أَنْ تَنْفَد أَبَدًا حتى لو فُرِض أَنَّ البَحْر ومِن بعدِه سَبْعَةُ أَبْحُر تُمِدُّه والشَّجَر كُلُّ الشَّجَر الذي في الأَرْض أقْلَام وصَار يُكْتَبُ بِهَا فإنَّ كلماتِ الله لا تنْفَد كلماتُ الله عَزَّ وجل لا تَنْفَد ووَجْهُ ذلك وَاضِح، لأَنَّ الـمَخْلُوقَات لا تَنْفَد وكُلُّ مَخْلُوق فإنَّه يَكُون بالكَلِمَة (( إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شيئًا أن يقُولَ له كُن فَيَكُونُ ))
الطالب: ما هو ... حتى ..
الشيخ : ذكَرَه كأصل، إذًا يَتَبَيَّنُ لنا وَجْهُ كُونُ هذه الجُمْلَةِ الخَبَرِيَّة صِدْقًا مُحْضًا وهِي صِدْقٌ لا شك كلماتُ الله فهي خبر .. لكن قد يقول قائل: كيف وش وَجْه هذا؟ نقول: هذا وجْهُهُ إِذْ أنَّ الإِنسَان قد يَسْتَعْظِم أن تكُونَ البِحَار نعم، البَحْر المحِيط ومِن وَرَائِه سَبْعَةُ أبْحُر يكُون مِدَادًا ومَا في الأرْض مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامُ يُكْتَبُ بِه ثم لا تَنْفَد كَلِمَاتُه قد يَسْتَعْظِم هذا الشيء، ولكنَّه إذا عَرَفَ كَمَالَ قُدْرَةِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ ما اسْتَعْظَمَ هذا، نعم، وقولُه: (( مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) قال: " الـمُعَبَّرُ بها عن مَعْلُومَاتِه بكَتْبِهَا بتلك الأَقْلَام بِذلك الـمِدَاد ولو بِأَكْثَرَ مِن ذلك لأنَّ معلوماتِه -تعالى- غَيْرُ مُتَنَاهِيَة " عَفَا الله عن المؤلِّف! هذا تَحْريف عَبَّر يقُول إن الـمُرَاد بالكلمات المَعْلُومَاتُ معلومات الله، يعني ما نَفِدَ ما يعلَمُه لكن هذا تحْرِيفٌ ظَاهِر لِلقُرْآن، اللهُ يقول: مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُه والكَلِمَات هي اللِّي تُكْتَب أَمَّا المعْلُومَات فقد تُكْتَب وقَد لا تُكْتَب فَهَل كُلُّ مَعْلُومَاتِك تَكْتُبُهَا؟ لكِن كَلمَاتُك إذا أَرَدتَّ أن تُعَبِّرَ عَنْها لِلْغَيْر تَنْطِق بها وتَكْتُبُهَا، فالمعنى ما نفِدَت كَلِمَاتُ الله أي كَلِمَاتُه بالحَقّ حَقِيقَةَ الـمَعْنَى فكَلِمَاتُه الحَقِيقِيَّة لو أُمْلِيَتْ عَلى أَحَدٍ وَصَارَتِ البِحَارُ مِدَادًا لها والأَشْجَارُ أقْلَامًا لها ما نَفِدَت، ووَجْهُ ذلك ظَاهِر وهذا يَدُلُّ على عَظَمِةِ الله عَزَّ وجل وكَمَالِ قُدْرَتِهِ
(( والبَحْرَ )) يقول: " عَطْف عَلَى اسْم (أَنَّ) " (والبحرَ)، وفي قراءةٍ (والبَحْرُ) - .. هِي (والبَحْرُ) مع أنه يقولها بالنَّصْب- لكن الـمُؤلِّف يقُول: منصُوبة والعَطْف على اسمِ (أَنَّ)، (والبحْرُ) إذا كانت بالرَّفع فهي مُبْتَدَأ قال ابنُ مالك:
وجائزٌ رَفْعُــــــك معْطُــــوفًا عَــــلى مَنْصُوبِ (إِنَّ) بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلَا
وأُلْحِقَتْ بـ(إنَّ) (لَكِـــنَّ) و(أَن)
هذا (أن)، قال: " والبَحْر عَطْفٌ على اسْمِ (إِنَّ) " فتكون بالنصب،
(( يَمَدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ )) وين الخبر؟
الطالب: ...
الشيخ : لَا (ما) هَذا جَوَاب الشَّرْط، الخَبْر محْذُوف قَدَّرَهُ المُؤَلِّفُ بِقَوْلِه: " مِدَاد " يعني: لو أنَّ ما في الأرض مِن الأشجَار أقْلَام وما فيها مِن البِحَار مِدَاد -مِدَاد يعني حِبْر يُكْتَبُ به- جوابُ الشَّرْط: (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله) " الـمُعَبَّرُ بها عن معلوماتِه " إلى آخِرِه نعم، (ما نَفِدَت كَلِمَاتُ الله)، (نَفِدَ) ايش معناه؟
الطالب: انتهى.
الشيخ : انْتَهَى وخَلَصَ، (( ما نفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) (كَلِمَاتُ) فاعل (نَفِدَتْ) الكَوْنِيَّة والشَرْعِيَّة ما تنْفَد السبَب: لِأنَّه سبحانَه وتعالى لم يزَلْ ولا يزَالُ مُتَكَلِّمًا والخَلْق لهم نِهَايَة ولَّا ما لهم نِهَايَة؟ لَا، الخَلْق مَا لهم نِهَايَة، لأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ النَّاسُ الجَنَّة أو النَّار وش يكون؟
الطالب: ...
الشيخ : فالإِذْنُ دائم سَرْمَدِيّ أبَدِيّ، نعم، فإذًا كُلُّ شيءٍ يَخْلُقُه الله فإنما يخْلُقُه بماذا؟ يخلُقُه بالكَلِمَة (كُنْ) فيكون، إذا كانت المخلوقات لا تَنْتَهِي وكذلك أيضًا أفعالُ الله عز وجل في الأَزَل ما لها نِهَاية فإنهَا لا يُمْكِن أَنْ تَنْفَد أَبَدًا حتى لو فُرِض أَنَّ البَحْر ومِن بعدِه سَبْعَةُ أَبْحُر تُمِدُّه والشَّجَر كُلُّ الشَّجَر الذي في الأَرْض أقْلَام وصَار يُكْتَبُ بِهَا فإنَّ كلماتِ الله لا تنْفَد كلماتُ الله عَزَّ وجل لا تَنْفَد ووَجْهُ ذلك وَاضِح، لأَنَّ الـمَخْلُوقَات لا تَنْفَد وكُلُّ مَخْلُوق فإنَّه يَكُون بالكَلِمَة (( إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شيئًا أن يقُولَ له كُن فَيَكُونُ ))
الطالب: ما هو ... حتى ..
الشيخ : ذكَرَه كأصل، إذًا يَتَبَيَّنُ لنا وَجْهُ كُونُ هذه الجُمْلَةِ الخَبَرِيَّة صِدْقًا مُحْضًا وهِي صِدْقٌ لا شك كلماتُ الله فهي خبر .. لكن قد يقول قائل: كيف وش وَجْه هذا؟ نقول: هذا وجْهُهُ إِذْ أنَّ الإِنسَان قد يَسْتَعْظِم أن تكُونَ البِحَار نعم، البَحْر المحِيط ومِن وَرَائِه سَبْعَةُ أبْحُر يكُون مِدَادًا ومَا في الأرْض مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامُ يُكْتَبُ بِه ثم لا تَنْفَد كَلِمَاتُه قد يَسْتَعْظِم هذا الشيء، ولكنَّه إذا عَرَفَ كَمَالَ قُدْرَةِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ ما اسْتَعْظَمَ هذا، نعم، وقولُه: (( مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) قال: " الـمُعَبَّرُ بها عن مَعْلُومَاتِه بكَتْبِهَا بتلك الأَقْلَام بِذلك الـمِدَاد ولو بِأَكْثَرَ مِن ذلك لأنَّ معلوماتِه -تعالى- غَيْرُ مُتَنَاهِيَة " عَفَا الله عن المؤلِّف! هذا تَحْريف عَبَّر يقُول إن الـمُرَاد بالكلمات المَعْلُومَاتُ معلومات الله، يعني ما نَفِدَ ما يعلَمُه لكن هذا تحْرِيفٌ ظَاهِر لِلقُرْآن، اللهُ يقول: مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُه والكَلِمَات هي اللِّي تُكْتَب أَمَّا المعْلُومَات فقد تُكْتَب وقَد لا تُكْتَب فَهَل كُلُّ مَعْلُومَاتِك تَكْتُبُهَا؟ لكِن كَلمَاتُك إذا أَرَدتَّ أن تُعَبِّرَ عَنْها لِلْغَيْر تَنْطِق بها وتَكْتُبُهَا، فالمعنى ما نفِدَت كَلِمَاتُ الله أي كَلِمَاتُه بالحَقّ حَقِيقَةَ الـمَعْنَى فكَلِمَاتُه الحَقِيقِيَّة لو أُمْلِيَتْ عَلى أَحَدٍ وَصَارَتِ البِحَارُ مِدَادًا لها والأَشْجَارُ أقْلَامًا لها ما نَفِدَت، ووَجْهُ ذلك ظَاهِر وهذا يَدُلُّ على عَظَمِةِ الله عَزَّ وجل وكَمَالِ قُدْرَتِهِ
5 - تفسير قول الله تعالى : (( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن الله عزيز حكيم ))
(( إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ )) لا يُعْجِزُهُ شَيْء (( حَكِيمٌ )) لا يَخْرُجُ شَيْءٌ عن عِلْمِه وحِكْمَتِه " قولُه: (( عزيز )) يقول: " لا يعْجِزُه شيء " وأحيانًا يُعَبِّر المؤلف نفسه يقول: " عزيزٌ لا يغلِبُه شيء " وذلك لأَنَّ العِزَّة -كما سبق- تنقسم إلى ثلاثَةِ أقسَام: عِزَّةُ القَدْر والثاني: عِزَّةُ القَهْرِ وهي الغَلَبَة، والثالث: عِزَّةُ الامْتِنَاع وهي أنَّه - سبحانه وتعالى- لا ينالُه شيءٌ بِسُوءٍ أبدًا مُمْتَنِع عن كُلِّ سُوء لِقُوَّتِه سبحانه وتعالى، وأما قولُه: (( حَكِيمٌ )) فهو هنا قال: " لا يَخْرُج شيءٌ عن عِلْمِه وحِكْمَتِه " ففَسَّرَ الحِكْمَةَ بالعِلْم وقد سَبَق لنا أَنَّ الحَكِيم مُشْتَقَّة مِنَ
الطالب: الحُكْم.
الشيخ : الحُكْمِ والِحكْمَة، فهو حكِيمٌ لا يخرُجُ عن مُلْكِه شَيْء وحُكْمِه، وحكيمٌ لا يخرُجُ عن حِكْمَتِه شَيْء، إذًا هو حَاكِمٌ مُحْكِم كلها تُؤْخَذ مِن كَلِمَة (حكيم)، وفي قَرْنِ العَزِيزِ بالحَكِيم فيها إثْبَاتُ صِفَةٍ ثالِثَة غيْرُ العِزَّة والحِكْمة وهي: أن عِزَّتَهُ عز وجل مَقْرُونَةٌ بالْحِكْمَة فتكُون عِزَّةً أَكْمَل وتَكُونُ حِكْمَةً أكْمَل، وذلك أنَّ العزِيزَ مِن الخَلْق قد تأخُذُهُ العِزَّةُ بالإِثْم فلا يَكُونُ حَكِيمًا في تَصَرُّفِه أليس كذلك؟
الطالب: بلى.
الشيخ : لكنِ الله عز وجل عزَّتُه مقرونةٌ بالحكمة لا يمكن أن تَخْرُجَ أفعالُه عن الحكمة التي هي مطابَقَةُ الواقع و.. مُوافَقة الصَّوَاب
الطالب: الحُكْم.
الشيخ : الحُكْمِ والِحكْمَة، فهو حكِيمٌ لا يخرُجُ عن مُلْكِه شَيْء وحُكْمِه، وحكيمٌ لا يخرُجُ عن حِكْمَتِه شَيْء، إذًا هو حَاكِمٌ مُحْكِم كلها تُؤْخَذ مِن كَلِمَة (حكيم)، وفي قَرْنِ العَزِيزِ بالحَكِيم فيها إثْبَاتُ صِفَةٍ ثالِثَة غيْرُ العِزَّة والحِكْمة وهي: أن عِزَّتَهُ عز وجل مَقْرُونَةٌ بالْحِكْمَة فتكُون عِزَّةً أَكْمَل وتَكُونُ حِكْمَةً أكْمَل، وذلك أنَّ العزِيزَ مِن الخَلْق قد تأخُذُهُ العِزَّةُ بالإِثْم فلا يَكُونُ حَكِيمًا في تَصَرُّفِه أليس كذلك؟
الطالب: بلى.
الشيخ : لكنِ الله عز وجل عزَّتُه مقرونةٌ بالحكمة لا يمكن أن تَخْرُجَ أفعالُه عن الحكمة التي هي مطابَقَةُ الواقع و.. مُوافَقة الصَّوَاب
تفسير قول الله تعالى : (( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير ))
ثم قال عز وجل مُبَيِّنًا كمالَ قدرته بعد أن ذَكَرَ عُمُومَ مُلْكِه وكمالَ كلماتِه قال: (( مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ))[لقمان:28] خَلْقًا وبَعْثًا لأَنَّه بِكلمَةِ (كن) فَيَكُون " يعني معنى الخَلْق والبَعْث ما خلقُكم جميعًا إلا كَنفْسٍ واحِدَة وما بعثُكم جميعًا إلا كنَفْسٍ واحدة، إذًا الكثْرَة لا تُعْجِزُ اللهَ عز وجل، لأن الكثرةَ عنده والقِلَّة على حدٍّ سَوَاء، الكُلُّ تتعَلَّقُ به القُدْرة وهو كُلُّه سَهْلٌ عليه لِأَنَّه يكونُ بأَيِّ كَلِمة؟ بكَلِمَةِ (كُنْ) فاللهُ عز وجل إذا خَلَقَ السماوات والأرْض لَمَّا خلَقَها هل احْتَاجَ إلى عُمَّال وعَوَامِد؟
الطالب: لا.
الشيخ : لا، بحيث نقول: إذا كان بِنَاءً واسِعًا كانَ أَشَقّ وإذا كَانَ ضَيِّقًا كان أهْوَنَ؟ لا، إنَّمَا هو بكلمة (كُنْ) وما كانَ بكلمةِ (كن) فلا فرقَ بين أن يكونَ كثيرًا أو قليلًا، ولهذا قال اللهُ عز وجل في آية أخرى: (( وما أمر الساعةِ إلا كلمحِ البَصَرِ أو هو أقرَب )) يعني بَل هو أقرَب مِن لَمْحِ البَصَر، وقال تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))[القمر:50] هذا غايَة ما يكون مِن السُّرَعَة والإِنْجَاز وقال تعالى: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ))[النازعات:13-14] كُلُّ هذا يَدُلُّ على كَمَالِ قُدْرَتِه عز وجل، فإن قال قائلٌ: إذا كَانَ الأمرُ كذلك فلماذا خَلقَ السماواتِ في سِتَّة[قطع في الشريط] كيف مَقَامَات الحِكْمة؟ لأَنَّ هذه القُدْرة أو هذا الخَلْق يحتاج إلى أشْيَاء مُقَدِّمَات وأسْبَاب يحصُل بها كَمَالُ الخلْق أليس الله قادِرًا على أن يخْلُقَ الجَنِين في بَطْنِ أمِّه بدون أن يَتَنَاوَلها رَجُل؟ بلى كما حصل في عيسى، ومع ذلك فإنَّ الله تعالى قد جعلَ لهذا أسبابًا: اتِّصَالُ الرجُلِ بالمرْأَة ثم بعد ذلك الجنِين يتطوَّر شيئًا فشيئًا حتى يصِل إلى الغَايَة ثم إذا كان قابِلًا لِأن يخرُجَ إلى الدنيا خَرَج ثم مع ذلك ينْمُو شيئًا فشيئًا ما يأتيه العَقْلُ كَامِلًا دُفْعَة واحدة ولا يأتيه النُمُوُّ دُفْعَةً واحِدَة ولكنه على وَفْقِ الحِكْمَة، فيكون هذا الجواب عمَّا يَرِدُ في الذِّهْن أو يُورَدُ على الـمَرْء لماذا يَخْلُق اللهُ السموات والأَرْض في سِتَّة أيام؟ ولماذا يخلق الجنين في بَطْنِ أُمِّهِ لمدَّة تسْعَة أشْهُر وما أشْبَهَ ذلك؟ فالجواب: أنَّ أفعَالَهُ مقْرُونَةٌ بِحِكْمَة وأنَّه سُبْحَانَه وتعالَى جَعَلَ الأسباب مَرْبُوطَة بمُسَبَّبَاتِها فلا بُدَّ مِن أن يكون هناك سَبَب ويَنْتجَ عنه مُسَبَّب ولا بُدَّ مِن أن يكون هذا السَّبَب مُطَابِقًا مُوَافِقًا حتى يَتِمَّ الخَلْقُ على التَمَام (( إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ))
الطالب: لا.
الشيخ : لا، بحيث نقول: إذا كان بِنَاءً واسِعًا كانَ أَشَقّ وإذا كَانَ ضَيِّقًا كان أهْوَنَ؟ لا، إنَّمَا هو بكلمة (كُنْ) وما كانَ بكلمةِ (كن) فلا فرقَ بين أن يكونَ كثيرًا أو قليلًا، ولهذا قال اللهُ عز وجل في آية أخرى: (( وما أمر الساعةِ إلا كلمحِ البَصَرِ أو هو أقرَب )) يعني بَل هو أقرَب مِن لَمْحِ البَصَر، وقال تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))[القمر:50] هذا غايَة ما يكون مِن السُّرَعَة والإِنْجَاز وقال تعالى: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ))[النازعات:13-14] كُلُّ هذا يَدُلُّ على كَمَالِ قُدْرَتِه عز وجل، فإن قال قائلٌ: إذا كَانَ الأمرُ كذلك فلماذا خَلقَ السماواتِ في سِتَّة[قطع في الشريط] كيف مَقَامَات الحِكْمة؟ لأَنَّ هذه القُدْرة أو هذا الخَلْق يحتاج إلى أشْيَاء مُقَدِّمَات وأسْبَاب يحصُل بها كَمَالُ الخلْق أليس الله قادِرًا على أن يخْلُقَ الجَنِين في بَطْنِ أمِّه بدون أن يَتَنَاوَلها رَجُل؟ بلى كما حصل في عيسى، ومع ذلك فإنَّ الله تعالى قد جعلَ لهذا أسبابًا: اتِّصَالُ الرجُلِ بالمرْأَة ثم بعد ذلك الجنِين يتطوَّر شيئًا فشيئًا حتى يصِل إلى الغَايَة ثم إذا كان قابِلًا لِأن يخرُجَ إلى الدنيا خَرَج ثم مع ذلك ينْمُو شيئًا فشيئًا ما يأتيه العَقْلُ كَامِلًا دُفْعَة واحدة ولا يأتيه النُمُوُّ دُفْعَةً واحِدَة ولكنه على وَفْقِ الحِكْمَة، فيكون هذا الجواب عمَّا يَرِدُ في الذِّهْن أو يُورَدُ على الـمَرْء لماذا يَخْلُق اللهُ السموات والأَرْض في سِتَّة أيام؟ ولماذا يخلق الجنين في بَطْنِ أُمِّهِ لمدَّة تسْعَة أشْهُر وما أشْبَهَ ذلك؟ فالجواب: أنَّ أفعَالَهُ مقْرُونَةٌ بِحِكْمَة وأنَّه سُبْحَانَه وتعالَى جَعَلَ الأسباب مَرْبُوطَة بمُسَبَّبَاتِها فلا بُدَّ مِن أن يكون هناك سَبَب ويَنْتجَ عنه مُسَبَّب ولا بُدَّ مِن أن يكون هذا السَّبَب مُطَابِقًا مُوَافِقًا حتى يَتِمَّ الخَلْقُ على التَمَام (( إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ))
تفسير قول الله تعالى : (( إن الله سميع بصير ))
(( إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ )) يَسْمَعُ كُلَّ مَسْمُوع (( بَصِيرٌ )) يُبْصِرُ كُلَّ مُبْصَرٍ لا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَن شَيْء " إن الله سَمِيع مُبْصَر ؟
الطالب: سَقَط (كُلَّ مُبْصِر)؟
طالب آخر: مُبْصَر إِلَى خَلْقِه؟
الشيخ : لا، كلّ مُبْصِر، وكُلّ مُبْصَر فهو خَلْق مَخْلُوق، ما ثَمَّ إلّا خَالِقٌ أو مَخْلُوق، نعم، كان ... تقول: إن الله ما يُبْصِر نفسَه؟
الطالب:....
الشيخ : لا لا، كُلّ مَا يُبْصَر يَعْنِي كُلّ مَا مِن شَأْنِه أَن يَتَعَلَّق بالبَصَر، ... أنا ما أُبْصِرُه لكِن الله عَزّ وَجَل يُبْصِره، الآن يتَفَاوَت فِيها شَيْءٌ يُبْصِرُه زَيْد ولا يُبْصِرُهُ عَمْرو، طيب (إِنَّ اللهَ سَمِيع) تَقَدَّم أَنَّ (السَّمِيع) يَنْقَسِم قِسْمين قِسْمٍ بمعنى مُجِيب، وقِسْمٌ بمعنى سَامِع يعني مُدْرِك لِلأَصْوَات، فالسَّمِيع الذي بِمَعْنَى الـمُجِيب مِثْلُ قولِ إِبْرَاهِيم (( إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )) أي مُجِيبُه، ومِن المعْلُوم أيضًا أنه لا يُجِيبُه إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْمَعَهُ سَمْعَ إِدْرَاك، ولكِن الفائِدَة مِن الدُّعَاء هي إِجَابَة الدَّاعِي أما مُجَرَّد أن يُسْمَعَ دُعَاؤُه فلا فَائِدَة له مِن ذلك حتى يُجَاب، وتَقَدَّمَ أَنَّ سَمْعَ الإِدْرَاك ينقَسِم إلى ثلاثة أقسام ما هي؟ مَا يُفِيدُ التهْدِيد، وما يُفِيد التَّأَيْيد، وما يُفِيد سَعَةَ سَمْعِ الله سُبْحانه وتعالى وإِدْرَاكَه لِكُلِّ مَسْمُوع فَمِمَّا يُفِيدُ التَّهْدِيد قولُه تعالى: (( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ))[الزخرف:80] هذا الغرَضُ منه التهديد، ومما يُفِيد التَّأْيِيد قولُه تعالى لِموسى وهارون: (( لا تَخَافَا إِنَّنِي معَكُما أسْمَعُ وأَرَى ))، ومما يفيد الشُّمُول شُمَولَ سَمْعِ الله عز وجل لِكُلِّ مَا يُسْمَع مثل قولِه تعالى: (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ))[المجادلة:1] ولهذا قالت عائشة: ( تبارَك الذي وَسِعَ سَمْعُه الأَصْوَات إِنِّي فِي طَرَفِ الحُجْرَة وإنَّه لَيَخْفَى عَلَيَّ بعْضُ حَديثِها واللهُ عز وجل مِن فَوقِ سَبْعِ سَمَاوات يَسْمَع هذا الحَدِيث والتَّحَاوُر كُلَّه لم يَفُتْه سُبْحَانَه وتعالى شَيْء ))، أمَّا قولُه: (( بَصِيرٌ )) فالبَصِير.
الطالب: ...؟
الشيخ : هذا بمعنى إِدْرَاك المسْمُوع بمعنى الـمُجِيب وبمعنى الـمُدْرِك للأصوات، سَامِع لِلأَصْوَات وسَمْع الأصوات قُلْنَا ينقسم إلى ثلاثِ أَقْسَام، أما .. البصِير فالبَصِير بمعنى مُبْصِر أَي مُدْرِكٌ بَبَصَرِهِ سبحانه وتعالى، فللهِ تعالَى بَصَر يُبْصِرُ به الـمُبْصَرَات كما جاء في الحديث الصحيح: ( حِجَابُه النُّور لو كشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وجْهِه ما انتهى إليه بَصَرُه مِن خَلْقِهِ )، وقد يكونُ البَصِيرُ أيضًا دالًّا على العِلْم مثل: (( واللهُ بما تَعْمَلُون بَصِير )) أي عَلِيمٌ به، وعند الناس الآن إذا قالوا: فُلَان بَصِيرٌ بالأشياء يعني عِنْدَه عِلْمٌ بها وخِبْرَة
الطالب: سَقَط (كُلَّ مُبْصِر)؟
طالب آخر: مُبْصَر إِلَى خَلْقِه؟
الشيخ : لا، كلّ مُبْصِر، وكُلّ مُبْصَر فهو خَلْق مَخْلُوق، ما ثَمَّ إلّا خَالِقٌ أو مَخْلُوق، نعم، كان ... تقول: إن الله ما يُبْصِر نفسَه؟
الطالب:....
الشيخ : لا لا، كُلّ مَا يُبْصَر يَعْنِي كُلّ مَا مِن شَأْنِه أَن يَتَعَلَّق بالبَصَر، ... أنا ما أُبْصِرُه لكِن الله عَزّ وَجَل يُبْصِره، الآن يتَفَاوَت فِيها شَيْءٌ يُبْصِرُه زَيْد ولا يُبْصِرُهُ عَمْرو، طيب (إِنَّ اللهَ سَمِيع) تَقَدَّم أَنَّ (السَّمِيع) يَنْقَسِم قِسْمين قِسْمٍ بمعنى مُجِيب، وقِسْمٌ بمعنى سَامِع يعني مُدْرِك لِلأَصْوَات، فالسَّمِيع الذي بِمَعْنَى الـمُجِيب مِثْلُ قولِ إِبْرَاهِيم (( إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )) أي مُجِيبُه، ومِن المعْلُوم أيضًا أنه لا يُجِيبُه إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْمَعَهُ سَمْعَ إِدْرَاك، ولكِن الفائِدَة مِن الدُّعَاء هي إِجَابَة الدَّاعِي أما مُجَرَّد أن يُسْمَعَ دُعَاؤُه فلا فَائِدَة له مِن ذلك حتى يُجَاب، وتَقَدَّمَ أَنَّ سَمْعَ الإِدْرَاك ينقَسِم إلى ثلاثة أقسام ما هي؟ مَا يُفِيدُ التهْدِيد، وما يُفِيد التَّأَيْيد، وما يُفِيد سَعَةَ سَمْعِ الله سُبْحانه وتعالى وإِدْرَاكَه لِكُلِّ مَسْمُوع فَمِمَّا يُفِيدُ التَّهْدِيد قولُه تعالى: (( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ))[الزخرف:80] هذا الغرَضُ منه التهديد، ومما يُفِيد التَّأْيِيد قولُه تعالى لِموسى وهارون: (( لا تَخَافَا إِنَّنِي معَكُما أسْمَعُ وأَرَى ))، ومما يفيد الشُّمُول شُمَولَ سَمْعِ الله عز وجل لِكُلِّ مَا يُسْمَع مثل قولِه تعالى: (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ))[المجادلة:1] ولهذا قالت عائشة: ( تبارَك الذي وَسِعَ سَمْعُه الأَصْوَات إِنِّي فِي طَرَفِ الحُجْرَة وإنَّه لَيَخْفَى عَلَيَّ بعْضُ حَديثِها واللهُ عز وجل مِن فَوقِ سَبْعِ سَمَاوات يَسْمَع هذا الحَدِيث والتَّحَاوُر كُلَّه لم يَفُتْه سُبْحَانَه وتعالى شَيْء ))، أمَّا قولُه: (( بَصِيرٌ )) فالبَصِير.
الطالب: ...؟
الشيخ : هذا بمعنى إِدْرَاك المسْمُوع بمعنى الـمُجِيب وبمعنى الـمُدْرِك للأصوات، سَامِع لِلأَصْوَات وسَمْع الأصوات قُلْنَا ينقسم إلى ثلاثِ أَقْسَام، أما .. البصِير فالبَصِير بمعنى مُبْصِر أَي مُدْرِكٌ بَبَصَرِهِ سبحانه وتعالى، فللهِ تعالَى بَصَر يُبْصِرُ به الـمُبْصَرَات كما جاء في الحديث الصحيح: ( حِجَابُه النُّور لو كشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وجْهِه ما انتهى إليه بَصَرُه مِن خَلْقِهِ )، وقد يكونُ البَصِيرُ أيضًا دالًّا على العِلْم مثل: (( واللهُ بما تَعْمَلُون بَصِير )) أي عَلِيمٌ به، وعند الناس الآن إذا قالوا: فُلَان بَصِيرٌ بالأشياء يعني عِنْدَه عِلْمٌ بها وخِبْرَة
تفسير قول الله تعالى : (( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ))
ثم قال تعالى: (( أَلَمْ تَرَ أنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهَارِ ويُولِجُ النَّهَارِ فِي اللَّيلِ )) إلى آخرِه الهمْزةُ هنا للاسْتِفْهام التَّقْرِيرِيّ، فمعنى (ألم ترَ) بمَعنى (قد رَأَيت) فهو يُقَرِّرُ سبحانَه وتعالى هذه القَضِيَّة الـمُشَاهَدَة المعْلُومَة لِكُلِّ أَحَد، والخطابُ في قولِه: (ترَ) إمَّا للرسولِ عليه الصلاة والسلام أو لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ للخِطَاب، والمعنى الثاني أشْمَل وأَعَمّ فتكون شَامِلَة لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لَه لخِطَاب: ألم ترَ أيها الرائِي الـمُخَاطَب " (( أنَّ اللهَ يُولِجُ )) يُدْخِلُ (( الليلَ في النَّهَارِ ويولِجُ النَّهَارَ )) يُدْخِلُه (( فِي اللَّيل )) " وهذا الإِيلَاجُ والإِدْخَال لا يكونُ إلا بِقُدْرَةٍ عَظِيمَة، وكيف الإيلاج يُولِجُ الليل في النهار ويولِجُ النهار في الليل هل الـمُراد إِقْبَالُ الليْل وإقبَالُ النهار لأنك تَرَى الليلَ إذا أَقْبَل نعم، يدْخُل سَوَادُه في النهار يدْفَعُ النَّهَار يَطْرُدُه وترى النَّهار أيضًا إِذَا أَقْبَل يَلِجُ في اللَّيْل فيَطْرُدُه فيكونُ هذا عِبَارَةً عن تَقْرِير طُلُوعِ الفَجْر وش بَعْد؟ وإِقْبَالِ الليل، وقد أقسم الله تعالى بذلك في القرآن الكريم: (( واللَّيلِ إذْ أَدْبَرَ * والصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ )) ولا يُقْسِمُ بشيءٍ مِن الـمَخْلُوقَات إلا لِعِظَمِه، يكون معنى الإِيلَاج الإدخال بِه الإدخال اللي بالنهار أو بالعَكْس متى؟ عند كُلِّ صَبَاح وعند كُلِّ مَسَاء، طيب هذا وَجْه، أو أَنَّ المعنى يُولِجُ الليل في النهار بمعنى أنَّه يزدَادُ النهارُ مُدَّةً حتى يدْخُل في اللَّيل ويزداد الليل مُدَّة حتى يدْخُل في النهار، يعني يطُول النهار فإذا طَال أخَذ مِن الليل فمعنى الإيلاج أنه دَخَلَ عليه، ويطول الليل فإذا طَال أخَذ مِن النهار فيكُون قد دَخَلَ عليه واخْتَلَسَ منه، هذا أيضًا معنًى لِكلِمَةِ الإيلاج وكلاهُما معنًى صحِيح، ففي إقبالِ الليل وإدبارِه آيةٌ عظِيمَة مِن آياتِ الله، وفي كَونِ هذا يَزِيد وهذا يَنْقُص أيضًا آيةٌ مِن آياتِ الله عز وجل، لأَنَّ الخلْق لو اجتمعوا كُلُّهم على أن يَأْتُوا بالليلِ في النهار أو بالنهارِ في الليل ما يسْتَطِيعُون، لو اجتمَعُوا كلُّهم على أن يزِيدُوا في النَّهَار دقِيقَة واحِدة أو في الليلِ دقِيقَة وَاحِدة يستطِيعُون ولَّا لا؟ ما يستطيعون مهْمَا أُوتُوا مِن قُوَّة، إذًا فهذا دَلِيل على كَمَالِ قُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وجَل، ثم إنَّ في إيلاجِ الليل بالنهار على المعْنَي الثاني اللي بالعكس فيه دَلِيلٌ على رَحْمَةِ الله، لأَنَّ تَنَاوُب الليل والنَّهار بالزِّيادَة والنقص فيه مَصْلَحَة عَظِيمَة جِدًّا، لأَنَّ الليل إذا طَال حَصَلَ البَرْد والشِّتَاء وظَهَرَت أشْجَارُ الشِّتَاء ومَاتَتِ الحَشَرَات التي قد يكون بقائُها ضارًّا لِلإنسانِ والنَّبَات، وكذلك إذا ازْدَاد النهار ازْدَادَ الحَرّ فنَبَتَتِ الثِّمَار وزالَ البُّخَار مِنَ الأَرْض، وماتَت بذلك حَشَرَات كَثِيرَة مِن أجْلِ الحَرّ لو أنها بَقِيَتْ وتَنَامَتْ لأَضَرَّتْ بالنَّاس، فيكون هذا فِيه أيضًا دَلِيل على كَمَال الحِكْمَة والرَّحْمَة مع القُدْرَة، نعم.
قَال:(( ويولِجُ النَّهَارَ في اللَّيلِ )) نعم يقول المؤلف: " (( يُولِجُ )) يُدْخِلُ الليلَ في النهار (( ويُولِجُ النَّهَارَ )) يُدْخِلُهُ (( فِي اللَّيْل )) فيزيدُ كُلٌّ منهما بما نَقَصَ مِن الآخَر (( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ )) " أي ذَلَّلَهُمَا لِأَيِّ شَيْء؟ لِمَصَالِحِ العِبَاد والدليلُ على ذلك قولُه تعالى في الآية العامة الشاملة: (( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ))[الجاثية:13] سَخَّرَ لَكُم (لَكُمْ) شوف كلمة (لَكُم) إذًا كُلُّ مَا ذُكِرَ مِن تَسْخِيرٍ في الكَوْن فهو لِبَنِي آدَم ولهذا يُقَالُ في بعض الآثَار: ( يا ابْنَ آدَم خَلَقْتُكَ مِن أَجْلِي وخَلَقْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِن أَجْلِك ) ... (( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ويَقُول: (( هُوَ الذِّي خَلَقَ لكم ما فِي الأرْضِ جَمِيعًا )) (( وسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاواتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ )) (لَكُم) طيب (( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ )) أي ذلَّلهما لِمَصَالِحِ العباد وذَكَرَ الشَّمْسَ والقَمَر بعد ذِكْرِ اللَّيْل والنهار، لأَنَّ الشمسَ آيةُ النَّهَار والقَمَر آيةُ اللَّيْل، لِقولِه تعالَى: (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ -وَهُو القَمَر- وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ))[الإسراء:12] ولِذَلِك القَمَر مَا فِيه نُور مَمْحِيّ إِنَّما يَسْتَفِيدُ نُورَه مِن الشَّمْس كُلَّما قابلَها ازْدَادَ نُورُه فإذا تمَّتِ المقابَلَة بَيْنَه وبين الشمس في لَيَالِي الإدْبَار كَمُلَ نورُه ثم كُلَّمَا ضَعُفَتِ الـمُقَابَلَة ضَعُفَ النُّور نعم .
الطالب: .....
الشيخ : كلٌّ صالِح، لأن كُلّه إِيلَاج
الطالب: كيف إيلاج؟
الشيخ : لأَنَّ النَّهَار يَسْبِقُ اللَّيل أم أنَّه إذا قَدَّرْنَا أَنَّنا الآن في تَسَاوِي اللَّيْل والنَّهَار كَم اللَّيْل؟
الطالب: اثنَا عَشر.
الشيخ : والنَّهَار؟
الطالب: اثنا عشر.
الشيخ : طيب يطُول النهار فيَكُون تَلَتطَّعْشَر سَاعَة ويَكُون الَّليل
الطالب: حِدَاعْش.
الشيخ : حِدَاعْش إِذًا دَخَل النَّهَار في اللَّيل أي في زَمَنِ الليل
الطالب: يعني فَجْرًا في زمن الليل.
الشيخ : في زَمَن الليل وكذلِك بالعَكْس نَعْم " (( وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ )) مِنْهُمَا (( يَجْرِى )) فِي فَلَكِه (( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )) هُو يَوْمُ القِيَامَة " (كُلٌّ يَجْرِي) (كُلٌّ) هذا التَّنْوِين يقول النَّحْوِيُّون: إِنَّه عِوَضٌ عن مَحْذُوف عَن كَلِمَة يعني كُلُّ وَاحِد مِن الشَّمْس والقَمَر يَجْرِى إلى أَجَلٍ مُسَمَّى، العَجِيب أنه .. رُوِيَ عن ابنِ عباس رَضِىَ الله عنهما قال: ( إِنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ يَجْرِيَانِ فِي فَلَكِهما فِي النَّهَارِ وَيَجْرِيَانِ فِي فَلَكِهِمَا تَحْتَ الأَرْضِ فِي اللَّيْلِ ) وهذا يَدُلّ على أَنَّ ابْنِ عَبَّاس يَرَى أنَّ الأَرْضَ كُرَوِيَّة لأَنَّه إِذَا صَارَ يَجْرِى تَحْتَ الأَرْض فَمعنَاه أَنَّهَا كُرَوِيَّة وهِي كَذَلِك، لَأَنَّ الشَّمْس والقَمَر في اللَّيْل يَجْرِى تَحْت الأَرْض كَمَا قَالَ رضي الله عنه
الطالب: ...
الشيخ : أَرْضُنَا هَذِه أرضنَا هذه تَكُونُ تَحْت.
الطالب: الأراضين.. السِتَّة الباقية ..
الشيخ : أي نعم السِتَّة الباقية تحتنا يعني الأَرْض طَبَقَات مثل السماء طَبَقَات بَعْضُهَا فَوقَ بَعْض، أَلَمْ تَرَ إِلَى البَيْضَة فِيهَا القِشْرَ الأَعْلَى ثم القِشْرَ الثاني السِلْ الَّذِي يَلِيه البَيَاض ثم البَيَاض ثُمَّ قِشْرة رَقِيقة ثُمَّ الأَصْفَر والأَصْفَر أيضًا طَبَقَات، الأَرْض مِثْل البَيْضَة .. كذلك أيضًا السَّمَاوَات نفْس الشَيْء طَبَقَات مُكَوَّرَة.
الطالب: .... ما هي مُنْفَصِلة عن بعض
الشيخ : عاد هَذا فيه اخْتِلَاف بعْضِ العُلَمَاء يَقُولون: بينهم فَصْل وهَوَاء يعني مِثْل ما أَنَّ السَّمَاوات بينها هَوَاء وفَصْل، وبَعْضُهُم يقُول: ما بينها فَصْل
قَال:(( ويولِجُ النَّهَارَ في اللَّيلِ )) نعم يقول المؤلف: " (( يُولِجُ )) يُدْخِلُ الليلَ في النهار (( ويُولِجُ النَّهَارَ )) يُدْخِلُهُ (( فِي اللَّيْل )) فيزيدُ كُلٌّ منهما بما نَقَصَ مِن الآخَر (( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ )) " أي ذَلَّلَهُمَا لِأَيِّ شَيْء؟ لِمَصَالِحِ العِبَاد والدليلُ على ذلك قولُه تعالى في الآية العامة الشاملة: (( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ))[الجاثية:13] سَخَّرَ لَكُم (لَكُمْ) شوف كلمة (لَكُم) إذًا كُلُّ مَا ذُكِرَ مِن تَسْخِيرٍ في الكَوْن فهو لِبَنِي آدَم ولهذا يُقَالُ في بعض الآثَار: ( يا ابْنَ آدَم خَلَقْتُكَ مِن أَجْلِي وخَلَقْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِن أَجْلِك ) ... (( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ويَقُول: (( هُوَ الذِّي خَلَقَ لكم ما فِي الأرْضِ جَمِيعًا )) (( وسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاواتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ )) (لَكُم) طيب (( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ )) أي ذلَّلهما لِمَصَالِحِ العباد وذَكَرَ الشَّمْسَ والقَمَر بعد ذِكْرِ اللَّيْل والنهار، لأَنَّ الشمسَ آيةُ النَّهَار والقَمَر آيةُ اللَّيْل، لِقولِه تعالَى: (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ -وَهُو القَمَر- وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ))[الإسراء:12] ولِذَلِك القَمَر مَا فِيه نُور مَمْحِيّ إِنَّما يَسْتَفِيدُ نُورَه مِن الشَّمْس كُلَّما قابلَها ازْدَادَ نُورُه فإذا تمَّتِ المقابَلَة بَيْنَه وبين الشمس في لَيَالِي الإدْبَار كَمُلَ نورُه ثم كُلَّمَا ضَعُفَتِ الـمُقَابَلَة ضَعُفَ النُّور نعم .
الطالب: .....
الشيخ : كلٌّ صالِح، لأن كُلّه إِيلَاج
الطالب: كيف إيلاج؟
الشيخ : لأَنَّ النَّهَار يَسْبِقُ اللَّيل أم أنَّه إذا قَدَّرْنَا أَنَّنا الآن في تَسَاوِي اللَّيْل والنَّهَار كَم اللَّيْل؟
الطالب: اثنَا عَشر.
الشيخ : والنَّهَار؟
الطالب: اثنا عشر.
الشيخ : طيب يطُول النهار فيَكُون تَلَتطَّعْشَر سَاعَة ويَكُون الَّليل
الطالب: حِدَاعْش.
الشيخ : حِدَاعْش إِذًا دَخَل النَّهَار في اللَّيل أي في زَمَنِ الليل
الطالب: يعني فَجْرًا في زمن الليل.
الشيخ : في زَمَن الليل وكذلِك بالعَكْس نَعْم " (( وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ )) مِنْهُمَا (( يَجْرِى )) فِي فَلَكِه (( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )) هُو يَوْمُ القِيَامَة " (كُلٌّ يَجْرِي) (كُلٌّ) هذا التَّنْوِين يقول النَّحْوِيُّون: إِنَّه عِوَضٌ عن مَحْذُوف عَن كَلِمَة يعني كُلُّ وَاحِد مِن الشَّمْس والقَمَر يَجْرِى إلى أَجَلٍ مُسَمَّى، العَجِيب أنه .. رُوِيَ عن ابنِ عباس رَضِىَ الله عنهما قال: ( إِنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ يَجْرِيَانِ فِي فَلَكِهما فِي النَّهَارِ وَيَجْرِيَانِ فِي فَلَكِهِمَا تَحْتَ الأَرْضِ فِي اللَّيْلِ ) وهذا يَدُلّ على أَنَّ ابْنِ عَبَّاس يَرَى أنَّ الأَرْضَ كُرَوِيَّة لأَنَّه إِذَا صَارَ يَجْرِى تَحْتَ الأَرْض فَمعنَاه أَنَّهَا كُرَوِيَّة وهِي كَذَلِك، لَأَنَّ الشَّمْس والقَمَر في اللَّيْل يَجْرِى تَحْت الأَرْض كَمَا قَالَ رضي الله عنه
الطالب: ...
الشيخ : أَرْضُنَا هَذِه أرضنَا هذه تَكُونُ تَحْت.
الطالب: الأراضين.. السِتَّة الباقية ..
الشيخ : أي نعم السِتَّة الباقية تحتنا يعني الأَرْض طَبَقَات مثل السماء طَبَقَات بَعْضُهَا فَوقَ بَعْض، أَلَمْ تَرَ إِلَى البَيْضَة فِيهَا القِشْرَ الأَعْلَى ثم القِشْرَ الثاني السِلْ الَّذِي يَلِيه البَيَاض ثم البَيَاض ثُمَّ قِشْرة رَقِيقة ثُمَّ الأَصْفَر والأَصْفَر أيضًا طَبَقَات، الأَرْض مِثْل البَيْضَة .. كذلك أيضًا السَّمَاوَات نفْس الشَيْء طَبَقَات مُكَوَّرَة.
الطالب: .... ما هي مُنْفَصِلة عن بعض
الشيخ : عاد هَذا فيه اخْتِلَاف بعْضِ العُلَمَاء يَقُولون: بينهم فَصْل وهَوَاء يعني مِثْل ما أَنَّ السَّمَاوات بينها هَوَاء وفَصْل، وبَعْضُهُم يقُول: ما بينها فَصْل
9 - تفسير قول الله تعالى : (( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير )) أستمع حفظ
هل نقول أن الشمس والقمر تدور تحت الأراضين البسع كلها ؟
الطالب: ... تدور الشمس والقمر من تَحْت الاراضي كلها الأراضِين السبع.
الشيخ : الآن الأرَاضِينَ السَّبْع هي الكُتْلَة الآن كُتْلَة الأرض هذه يُسَمُّونَها الكُرَة الأَرْضِيَّة هذه مُتَضَمِّنَة السَّبْع، السَّبْع في جَوْفِها والدَّلِيل على هذا قولُه عليه الصَّلاة والسَّلام: ( مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِن الأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَه يَوْمَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَاضِينَ ) لِأنَّه إِذَا ظَلَم الأَرْض العُلْيَا اللي نَحْنُ عَلَيْهَا الآن فمَعْنَاه أنَّه اعْتَدَى على التي تَحْتَهَا والتي تَحْتَها والتي تَحْتَها إلى السَّابِعة، ولهذا....
الشيخ : الآن الأرَاضِينَ السَّبْع هي الكُتْلَة الآن كُتْلَة الأرض هذه يُسَمُّونَها الكُرَة الأَرْضِيَّة هذه مُتَضَمِّنَة السَّبْع، السَّبْع في جَوْفِها والدَّلِيل على هذا قولُه عليه الصَّلاة والسَّلام: ( مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِن الأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَه يَوْمَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَاضِينَ ) لِأنَّه إِذَا ظَلَم الأَرْض العُلْيَا اللي نَحْنُ عَلَيْهَا الآن فمَعْنَاه أنَّه اعْتَدَى على التي تَحْتَهَا والتي تَحْتَها والتي تَحْتَها إلى السَّابِعة، ولهذا....
اضيفت في - 2011-05-25