تفسير سورة الأحزاب-03b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لفوائد قول الله تعالى : (( ليسأل الصادقين عن صدقهم ))
سموا أولي العزم ومن فوائد الآية التي بعدها (( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ )) إثبات البعث منين ؟
الطالب :...
الشيخ :كيف ؟ لأن هذا السؤال ما كان في الدنيا وليس هناك إلا دنيا وأخرى فيكون من لازم ذلك ثبوت الآخرة .
ومن فوائد الآية أن السؤال ليس سؤالاً خاصاً بالمعاندين والكافرين حتى الصادق يسأل عن صدقه لقوله : (( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )) فيتفرع على هذه الفائدة وجوب الحذر ووجوب الاستعداد لهذا السؤال إذا كان الصادق يسأل ما بالك بالكاذب ، الكاذب جزاؤه (( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا )) لأن الكافرين ما يسألون سؤالاً يحاسبون عليه كمحاسبة أهل الخير طيب السؤال هنا (( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )) هل هو خاص بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو عام ؟ قلنا إنه عام لأن النبيين الذين ذكروا رسل وكل رسول لابد من مرسل إليه والرسول لاشك أنه صادق فبقي التقسيم إلى صادق وغير صادق محله المرسل إليه .
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات الجزاء
الطالب :...
الشيخ :كيف ؟ لأن هذا السؤال ما كان في الدنيا وليس هناك إلا دنيا وأخرى فيكون من لازم ذلك ثبوت الآخرة .
ومن فوائد الآية أن السؤال ليس سؤالاً خاصاً بالمعاندين والكافرين حتى الصادق يسأل عن صدقه لقوله : (( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )) فيتفرع على هذه الفائدة وجوب الحذر ووجوب الاستعداد لهذا السؤال إذا كان الصادق يسأل ما بالك بالكاذب ، الكاذب جزاؤه (( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا )) لأن الكافرين ما يسألون سؤالاً يحاسبون عليه كمحاسبة أهل الخير طيب السؤال هنا (( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )) هل هو خاص بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو عام ؟ قلنا إنه عام لأن النبيين الذين ذكروا رسل وكل رسول لابد من مرسل إليه والرسول لاشك أنه صادق فبقي التقسيم إلى صادق وغير صادق محله المرسل إليه .
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات الجزاء
فوائد قول الله تعالى : (( وأعد للكافرين عذابا أليما ))
(( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا )) .
ومن فوائدها أن النار موجودة الآن لقوله : (( وَأَعَدَّ )) بلفظ الماضي والإعداد بمعنى التهيئة والنصوص في وجود النار الآن ووجود الجنة النصوص في هذا من القرآن والسنة كثيرة فهما الآن موجودتان وهما لا تفنيان على معتقد أهل السنة وإن كان ذكر خلاف عن السلف في أبدية النار هل هي مؤبدة أم لا ؟ والصحيح أنها مؤبدة بلا شك .
الطالب : ...؟
الشيخ : العصاة يخرجون منها والا هي باقية
الطالب :هي نار واحدة
الشيخ : هي نار واحدة نعم .إذاً والدليل على ذلك قوله تعالى يخاطب الذين آمنوا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ))[آل عمران130 :131]فحذر المؤمنين من النار التي أعدت للكافرين نعم والصواب بلا شك أن النار مؤبدة وفي ذلك ثلاث آيات من كتاب الله آية في النساء وآية في الأحزاب وآية في الجن فأما آية النساء فقوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[النساء168 :169]وأما في الأحزاب ففي قوله : (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[الأحزاب :65]وأما في سورة الجن في قوله تعالى : (( إِلَّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[الجن :23]وإذا كان هؤلاء خالدين أبداً فإنه يلزم من تأبيد الخالد تأبيد المكان الذي هو فيه حتى في الجنة أيضاً يعني معناها أن هذا كائن بمشيئة الله .
الطالب :... (( أحقاباً )) ؟
الشيخ :من يقول :(( أحقاباً )) يعني دهوراً كثيراً ما يحصيها إلا الله نعم ثم إن بعضهم قال : (( لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ))[النبأ :23]يعني بالنسبة لما بعدها (( لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا ))[النبأ :24]ففي هذه الأحقاب لا يذوقون فيها بردا ًولا شراباً وفي أحقاب أخرى يتغير الحال ما فيها رد بنص صريح .
وفي الآية دليل على.
الطالب : ...؟
الشيخ : لا دعك من (( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ))
الطالب :...
الشيخ : ما تدل على التأبيد هذا أقول عندنا ثلاث آيات تكفي .
أقول في الآية دليل على أن أهل النار يذوقون العذاب ويتألمون منه لقوله : (( أليما )) فيكون في هذه الفائدة رد على قول من يقول إن أهل النار يكونون جهنميين فلا يحسون بعذاب والعياذ بالله ومعنى ذلك إذا كانوا لا يحسون بعذاب انتفى العذاب ما في عذاب نعم وقد ذكر الله أن جلودهم تنضج (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ))[النساء :56]وأخبر أنها تحرق (( وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ))[الأنفال :50]فبين الله عز وجل أن جلودهم تنضج ليذوقوا العذاب ولولا أنهم يتألمون بذلك كان لو بدلوا بجلود أخرى ما ذاقوا العذاب فإن قيل كيف يصبرون المدد العظيمة وهم في الحريق وجلودهم تبدل والعياذ بالله ؟ قلنا إن الله على كل شيء قدير وأحوال الآخرة لا يمكن أن تقاس بأحوال الدنيا هذه الدنيا يحترق الجسم لكن الروح تخرج منه وتدعه ولا تحترق نعم لكن في الآخرة يبقى الجسم وإن كان يحترق وإن كان ينضج والله سبحانه وتعالى لا نهاية لقدرته ولا يمكن الإحاطة بها
وفي الآية الكريمة التحذير من الكفر لقوله : (( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ))
وفيها أيضاً التحذير من خصال الكفر لأنه وردت في النصوص أعمال وأقوال وصفها الشارع بأنها كفر فيجب الحذر .
منها ومن المؤسف أن كثيراً من طلبة العلم يبحثون مسألة هذا كفر وهذا غير كفر يبحثون على أنها مسألة نظرية فتجدهم يفرضون الخلاف مع المعتزلة والخوارج لكن لا يَشعرون ولا يُشعرون غيرهم أن مسألة كون هذا من الكفر معناها أنه يعذب على هذه الخصلة عذاب الكافرين وإن كان لا يخلد لكن يعذب بحسب ذنبه عذاب الكافرين لأنه فعل فعل الكافرين فنحن دائماً عندما نبحث هذه المسائل نبحثها من الناحية النظرية فقط هل يكفر والا ما يكفر ؟ لكن ما تجدنا نسأل الله أن يتوب عليهم ما تجدنا نشعر بأن هذا العمل عمل كفر فيستحق فاعله جزاء الكفر في هذه المسألة وهذه مسألة عظيمة جداً ينبغي لنا أن تكون على بالنا
وفيه أيضا ًبناءً على هذه القاعدة على أن الذين يعذبون في النار بقدر معاصيهم يجدون حرها وألمها وعذابها خلافاً لمن قال إنهم لا يجدون ألماً والصواب أنهم يجدون ألما نعم الذين لا يجدون ألماً هم الذين يردونها بناءً على أن الورود في قوله تعالى : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))[مريم :71]هو الدخول دون المرور على الصراط والمسألة فيها قولان للمفسرين من السلف والخلف والله أعلم .
الطالب :...؟
الشيخ : ليس إيش
الطالب :...
الشيخ :لا ، كيف ما موافق ، موافق
الطالب :...
الشيخ :ليس أكبر لأن هؤلاء الكفار أنذروا وبلغوا فأمضوا حياتهم الدنيا بمعصية الله عز وجل فتكون حياتهم الأخرى كلها تذهب عليهم هدرا ًكما ذهبت حياتهم الدنيا هدراً تذهب حياتهم الأخرى وهم أيضاً قد أنذروا ما هي مسألة مبهمة ما قيل مثلاً سنعذبك على قدر ذنبك وإذا كان لك ستون سنة نعذبك على الستين سنة وإذا كان لك عشرين سنة نعذبك على عشرين سنة ما قيل هكذا بل قيل إنك ستدخل ناراً مخلداً فيها أبداً فأقدم هو على هذا العمل الذي يعرف أنه سبب مؤكد وموصل حتماً لهذا العذاب فلم يكن في ذلك ظلم (( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ))[الأنعام :28]نعم والله أعلم .
ومن فوائدها أن النار موجودة الآن لقوله : (( وَأَعَدَّ )) بلفظ الماضي والإعداد بمعنى التهيئة والنصوص في وجود النار الآن ووجود الجنة النصوص في هذا من القرآن والسنة كثيرة فهما الآن موجودتان وهما لا تفنيان على معتقد أهل السنة وإن كان ذكر خلاف عن السلف في أبدية النار هل هي مؤبدة أم لا ؟ والصحيح أنها مؤبدة بلا شك .
الطالب : ...؟
الشيخ : العصاة يخرجون منها والا هي باقية
الطالب :هي نار واحدة
الشيخ : هي نار واحدة نعم .إذاً والدليل على ذلك قوله تعالى يخاطب الذين آمنوا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ))[آل عمران130 :131]فحذر المؤمنين من النار التي أعدت للكافرين نعم والصواب بلا شك أن النار مؤبدة وفي ذلك ثلاث آيات من كتاب الله آية في النساء وآية في الأحزاب وآية في الجن فأما آية النساء فقوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[النساء168 :169]وأما في الأحزاب ففي قوله : (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[الأحزاب :65]وأما في سورة الجن في قوله تعالى : (( إِلَّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ))[الجن :23]وإذا كان هؤلاء خالدين أبداً فإنه يلزم من تأبيد الخالد تأبيد المكان الذي هو فيه حتى في الجنة أيضاً يعني معناها أن هذا كائن بمشيئة الله .
الطالب :... (( أحقاباً )) ؟
الشيخ :من يقول :(( أحقاباً )) يعني دهوراً كثيراً ما يحصيها إلا الله نعم ثم إن بعضهم قال : (( لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ))[النبأ :23]يعني بالنسبة لما بعدها (( لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا ))[النبأ :24]ففي هذه الأحقاب لا يذوقون فيها بردا ًولا شراباً وفي أحقاب أخرى يتغير الحال ما فيها رد بنص صريح .
وفي الآية دليل على.
الطالب : ...؟
الشيخ : لا دعك من (( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ))
الطالب :...
الشيخ : ما تدل على التأبيد هذا أقول عندنا ثلاث آيات تكفي .
أقول في الآية دليل على أن أهل النار يذوقون العذاب ويتألمون منه لقوله : (( أليما )) فيكون في هذه الفائدة رد على قول من يقول إن أهل النار يكونون جهنميين فلا يحسون بعذاب والعياذ بالله ومعنى ذلك إذا كانوا لا يحسون بعذاب انتفى العذاب ما في عذاب نعم وقد ذكر الله أن جلودهم تنضج (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ))[النساء :56]وأخبر أنها تحرق (( وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ))[الأنفال :50]فبين الله عز وجل أن جلودهم تنضج ليذوقوا العذاب ولولا أنهم يتألمون بذلك كان لو بدلوا بجلود أخرى ما ذاقوا العذاب فإن قيل كيف يصبرون المدد العظيمة وهم في الحريق وجلودهم تبدل والعياذ بالله ؟ قلنا إن الله على كل شيء قدير وأحوال الآخرة لا يمكن أن تقاس بأحوال الدنيا هذه الدنيا يحترق الجسم لكن الروح تخرج منه وتدعه ولا تحترق نعم لكن في الآخرة يبقى الجسم وإن كان يحترق وإن كان ينضج والله سبحانه وتعالى لا نهاية لقدرته ولا يمكن الإحاطة بها
وفي الآية الكريمة التحذير من الكفر لقوله : (( وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ))
وفيها أيضاً التحذير من خصال الكفر لأنه وردت في النصوص أعمال وأقوال وصفها الشارع بأنها كفر فيجب الحذر .
منها ومن المؤسف أن كثيراً من طلبة العلم يبحثون مسألة هذا كفر وهذا غير كفر يبحثون على أنها مسألة نظرية فتجدهم يفرضون الخلاف مع المعتزلة والخوارج لكن لا يَشعرون ولا يُشعرون غيرهم أن مسألة كون هذا من الكفر معناها أنه يعذب على هذه الخصلة عذاب الكافرين وإن كان لا يخلد لكن يعذب بحسب ذنبه عذاب الكافرين لأنه فعل فعل الكافرين فنحن دائماً عندما نبحث هذه المسائل نبحثها من الناحية النظرية فقط هل يكفر والا ما يكفر ؟ لكن ما تجدنا نسأل الله أن يتوب عليهم ما تجدنا نشعر بأن هذا العمل عمل كفر فيستحق فاعله جزاء الكفر في هذه المسألة وهذه مسألة عظيمة جداً ينبغي لنا أن تكون على بالنا
وفيه أيضا ًبناءً على هذه القاعدة على أن الذين يعذبون في النار بقدر معاصيهم يجدون حرها وألمها وعذابها خلافاً لمن قال إنهم لا يجدون ألماً والصواب أنهم يجدون ألما نعم الذين لا يجدون ألماً هم الذين يردونها بناءً على أن الورود في قوله تعالى : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))[مريم :71]هو الدخول دون المرور على الصراط والمسألة فيها قولان للمفسرين من السلف والخلف والله أعلم .
الطالب :...؟
الشيخ : ليس إيش
الطالب :...
الشيخ :لا ، كيف ما موافق ، موافق
الطالب :...
الشيخ :ليس أكبر لأن هؤلاء الكفار أنذروا وبلغوا فأمضوا حياتهم الدنيا بمعصية الله عز وجل فتكون حياتهم الأخرى كلها تذهب عليهم هدرا ًكما ذهبت حياتهم الدنيا هدراً تذهب حياتهم الأخرى وهم أيضاً قد أنذروا ما هي مسألة مبهمة ما قيل مثلاً سنعذبك على قدر ذنبك وإذا كان لك ستون سنة نعذبك على الستين سنة وإذا كان لك عشرين سنة نعذبك على عشرين سنة ما قيل هكذا بل قيل إنك ستدخل ناراً مخلداً فيها أبداً فأقدم هو على هذا العمل الذي يعرف أنه سبب مؤكد وموصل حتماً لهذا العذاب فلم يكن في ذلك ظلم (( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ))[الأنعام :28]نعم والله أعلم .
تفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) [الأحزاب :9] هنا صدر الله عز وجل هذا الأمر بالنداء المتصل في المنادى به بالإيمان فأولاً تصدير الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به لأن النداء يوجب الانتباه فلذلك إذ وجدت مثل هذا التعبير فاعلم أن الأمر هام ثم إن توجيه الخطاب والنداء إلى من اتصفوا بالإيمان يدل على أن هذا من مقتضيات الإيمان لأنه لا يوجه الخطاب لموصوف بصفة إلا أن ذلك من مقتضيات صفته فإذا قلت يا رجل افعل كذا وكذا فمعنى هذا أن المأمور به من صفات للرجال إذا قلت يا مؤمن افعل كذا وكذا فمعنى هذا أن المأمور به من صفات المؤمنين إذاً توجيه النداء إلى من اتصفوا بالإيمان يدل على ما يوجه إليهم من مقتضيات الإيمان ثم إن في وصفهم بالإيمان إغراءً لقبول ما وجه إليهم لأني إذا قلت يا مؤمن معناه أني أغريك على أن تقبل إذ أن الإيمان يقتضي أن تقبل ففيه إغراء على قبول ما أمر الله به قال ابن مسعود رضي الله عنه " إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك يعني استنى لها فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه " وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ ))[الحشر18 :19](( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) الخطاب هنا عام الخطاب يعني المخاطب عام موجه لأناس موصوفين بالإيمان هل يختص بالمؤمنين في زمن النزول أو هو عائد إلى كل المؤمنين ؟ هو شامل لكل المؤمنين إذ أن الله تعالى إذا أنعم على سلف الأمة بنعمة فهو نعمة على الأمة كلها ولهذا يذكر الله تعالى بني إسرائيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بماذا ؟ بنعم أنعم بها على بني إسرائيل في عهد موسى لأن الطائفة واحدة ولا شك أن نعمة الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه أنه نعمة عليهم وأن نصر الله له ودفاعه عنه نصر لنا ودفاع عنا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم )) (( نعمة الله )) عام لأنه مفرد مضاف سيعم والشاهد على أن المفرد المضاف يعم قوله : (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ))[إبراهيم :34]فليس المراد نعمة واحدة بل نعم كثيرة لا تحصى وقوله : (( نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )) أي إحسانه وفضله
تفسير قول الله تعالى : (( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ))
ثم قال : (( إِذْ جَاءَتْكُمْ )) هذا التقييد لا يعني تخصيص النعمة العامة في قوله : (( نِعْمَةَ اللَّهِ )) لكنه كالتمثيل لشيء من هذه النعمة (( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) (( إذ )) أي حين جاءتكم جنود وهذه النعمة خصها بالذكر لأنها نعمة عظيمة كما سيتبين من تصوير الله عز وجل لها قال : (( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) كلمة (( جنود )) نكرة لكنها يراد بها التعظيم والتكثير يعني إذ جاءتكم جنود كثيرة وهؤلاء الجنود هم الأحزاب من المشركين واليهود الذين تحزبوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وكانت هذه الغزوة... في السنة الخامسة من الهجرة في شوال على الصحيح المشهور لأنه من المعلوم أن أحد كانت في السنة الثالثة من الهجرة في شوال وكانت السنة التي تليها ميعاداً لقريش لكنهم ما حضروا ثم في السنة الثالثة وهي الخامسة صارت غزوة الأحزاب وسببها أن الأشراف من بني النضير الذين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة لاشك أن قلوبهم امتلأت حقداً على النبي صلى الله عليه وسلم وعداوة فلما رأوا انتصار قريش في أحد أرادوا أن يستغلوا هذا الأمر فذهبوا إلى قريش وحرضوهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ووعدوهم أن ينصروهم بكل ما يستطيعون وأن يتصلوا ببني قريظة الذين بقوا في المدينة يتصلوا ببني قريظة من أجل أن يساعدوهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمعت أحزابٌ عظيمة قدرت بعشرة آلاف مقاتل معهم العدة والسلاح والعتاد وحضروا إلى المدينة ولما علم بهم النبي عليه الصلاة والسلام اهتم لذلك اهتماماً عظيماً ولكن اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعني الجبن والخور والضعف ولكنه يعني الاستعداد أخذ الحذر أخذاً بتوجيهات الله عز وجل فإن الله تعالى دائماً يحذر من الأعداء ويأمر بأن نعد لهم ما استطعنا من قوة فخرج بأصحابه بثلاثة آلاف مقاتل فقط وقيل بأقل من ذلك حتى قال بعضهم إلى سبعمائة مقاتل ونزلوا عند سلع وجعلوه خلف ظهورهم وحفروا الخندق بمشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية حفروه مع ما بهم من الجهد والتعب والمشقة والجوع والبرد وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحفر معهم حتى إن التراب وارى جلدة بطنه عليه الصلاة والسلام كان يردد معهم
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة )
ويردد أيضاً قوله ( اللهم لو لا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزل سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا )
لأن هذا الإنشاد في هذا الموطن يثير الهمم وينشط وكان يمد صوته بقوله أبينا ، المهم حصل فيها أشياء كثيرة ليس هذا موضع ذكرها لكنها تدل على محن عظيمة أصابت المسلمين وهم مع ذلك صابرون ولما نزل الأحزاب نزلوا من الشرق والغرب (( مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ))[الأحزاب :10]ثم إن الله عز وجل بحكمته امتحن المسلمين بزيادة البلاء وهو أن بني النضير اتصلوا ببني قريظة وطلبوا منهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فتلكأت بنو قريظة وقالوا " كيف ننقض العهد بيننا وبين محمد وهؤلاء الجنود التي أتيتم بها ليس هذا محل إقامتهم ولا سكناهم إن رأوا نصراً شاركونا بالغنائم وإن رأوا هزيمة ذهبوا إلى بلادهم وبقينا نحن تحت سلطة محمد " وهذا كلام معقول لكنه معقول من الناحية الدنيوية فقط وأبوا أن يشاركوهم لكن ما زالوا بهم حتى أغروهم ونقضوا العهد فازداد ذلك في مشقة المسلمين ولكن الله عز وجل قال في كتابه : (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ))[الحج :38]وإذا دافع الله تعالى عن شخص فلا تسأل عن حاله فإنه في حصن حصين بمدافعة الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول يذكر الله المؤمنين بهذه النعمة (( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) والتنكير هنا للتعظيم والكثرة يعني جنود كثيرة لكن بماذا قوبلوا ؟(( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا )) الريح سلط الله عز وجل هذه الريح الشرقية شديدة يعني جعل الله تعالى ريحاً شديدة عظيمة وباردة حتى هدمت خيامهم وأكفأت قدورهم وصارت الحجارة ترميهم كأنهم يرجمون بها رجماً يعني بدأت الريح تحمل الحجارة وتضرب بها قدورهم تضرب بها خيلهم وإبلهم وأبدانهم أيضاً وقلقوا قلقاً عظيماً ، والجنود الآخرون الملائكة تزلزل بهم وتلقي في قلوبهم الرعب ولم تقاتل لأنه ما حصل قتال لكنها زلزلتهم بيد الله عز وجل
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة )
ويردد أيضاً قوله ( اللهم لو لا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزل سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا )
لأن هذا الإنشاد في هذا الموطن يثير الهمم وينشط وكان يمد صوته بقوله أبينا ، المهم حصل فيها أشياء كثيرة ليس هذا موضع ذكرها لكنها تدل على محن عظيمة أصابت المسلمين وهم مع ذلك صابرون ولما نزل الأحزاب نزلوا من الشرق والغرب (( مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ))[الأحزاب :10]ثم إن الله عز وجل بحكمته امتحن المسلمين بزيادة البلاء وهو أن بني النضير اتصلوا ببني قريظة وطلبوا منهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فتلكأت بنو قريظة وقالوا " كيف ننقض العهد بيننا وبين محمد وهؤلاء الجنود التي أتيتم بها ليس هذا محل إقامتهم ولا سكناهم إن رأوا نصراً شاركونا بالغنائم وإن رأوا هزيمة ذهبوا إلى بلادهم وبقينا نحن تحت سلطة محمد " وهذا كلام معقول لكنه معقول من الناحية الدنيوية فقط وأبوا أن يشاركوهم لكن ما زالوا بهم حتى أغروهم ونقضوا العهد فازداد ذلك في مشقة المسلمين ولكن الله عز وجل قال في كتابه : (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ))[الحج :38]وإذا دافع الله تعالى عن شخص فلا تسأل عن حاله فإنه في حصن حصين بمدافعة الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول يذكر الله المؤمنين بهذه النعمة (( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) والتنكير هنا للتعظيم والكثرة يعني جنود كثيرة لكن بماذا قوبلوا ؟(( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا )) الريح سلط الله عز وجل هذه الريح الشرقية شديدة يعني جعل الله تعالى ريحاً شديدة عظيمة وباردة حتى هدمت خيامهم وأكفأت قدورهم وصارت الحجارة ترميهم كأنهم يرجمون بها رجماً يعني بدأت الريح تحمل الحجارة وتضرب بها قدورهم تضرب بها خيلهم وإبلهم وأبدانهم أيضاً وقلقوا قلقاً عظيماً ، والجنود الآخرون الملائكة تزلزل بهم وتلقي في قلوبهم الرعب ولم تقاتل لأنه ما حصل قتال لكنها زلزلتهم بيد الله عز وجل
فائدة : في ذكر قصة حذيفة بن اليمان في غزوة الخندق
وقصة حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في تلك الليلة العصيبة لما هبت الرياح طلب النبي عليه الصلاة والسلام من أصحابه أن ينتدب أحد منهم وتضمن أن يرجع سالماً وأن يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة يعني ضمن أمرين السلامة وأن يكون رفيق الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة لكن الصحابة معهم تعب عظيم وجوع شديد وبرد شديد ما قام أحد ثم ذهب عليه الصلاة والسلام يصلي حتى مضى هوي من الليل ثم رجع وقال هذا الكلام مرة أخرى فلم يقم أحد ثم رجع يصلي ثم رجع فقال هذا الكلام فلم يقم أحد فنص على حذيفة رضي الله عنه قال ( قم يا حذيفة ) يقول " فلما ذكرني لم يكن لي بد من طاعة الله ورسوله " قام رضي الله عنه وأوصاه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى القوم لينظر خبرهم وألا يحدث شيئاً أبداً يقول لما انصرفت من عند الرسول صلى الله عليه وسلم سرت كأنما أنا في حمام لا أحس بهذه الريح ولا بالبرد حتى وصلت إلى القوم فجعلت أشاهد أبا سفيان لأنه رئيس قريش أشاهده وهو يصطلي على النار من شدة البرد ويأذن بالرحيل يأمرهم بأن يرحلوا ليس لنا مقام هنا ووضع سهماً في قوسه يريد أن يرميه لأنه قريب منه لكنه رضي الله عنه تذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تحدث شيئاً ) فامتنع يقول فقال أبو سفيان " لينظر كل واحد منكم جليسه " خاف من جواسيس وعيون فأمسكت برجل إلى جنبي وقلت " من أنت " ابتدأ بها قبل أن يسأل هو فقال " أنا فلان بن فلان " ، المهم أخذ الخبر ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأنما هو في حمام لا هوى ولا برد لكن لما وصل إلى الرسول واستقر أحس بالبرد فلما أحس بالبرد وضع النبي عليه الصلاة والسلام عليه لباساً كان معه ليدفأ به ونام والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي ويتهجد يقول فلما أصبح الصبح أيقظني وقال ( يا نومان قم يا نومان )
تتمة لتفسير قول الله تعالى : (( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ))
فالحاصل أن هذه الريح كانت شديدة جدا أرقتهم حتى انصرفوا مع ما ألقت الملائكة في قلوبهم من الرعب ولهذا قال : (( رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا )) لماذا لمن نرها ؟ لأن الله تعالى حجب الملائكة عن أعين الناس لأن الملائكة تحضر مجالس الذكر والملائكة يتعاقبون في بني آدم بالليل والنهار والملائكة عن اليمين وعن الشمال قعيد ومع ذلك لا نراهم لأن الله تعالى حجبهم سيأتينا إن شاء الله تعالى في الفوائد أن في هذا دلالة بينة على ضعف بني آدم أجرام محسوسة موجودة بين أيديهم بل عن أيمانهم وعن شمائلهم ومع ذلك لا يرونهم قال الله تعالى : (( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا )) من الملائكة
تفسير قول الله تعالى : (( وكان الله بما تعملون بصيرا ))
(( وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ )) " بالتاء من حفر الخندق وبالياء من تحزيب المشركين " يعني فيها قراءتان (( بما يعملون )) و(( بما تعملون بَصِيرًا )) قوله : (( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا )) ما هذه الريح ؟ قلت لكم إنها الريح الشرقية ولهذا جاءت في الحديث ( نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ) الدبور الريح الغربية نعم يقول (( بما تعملون )) " بالتاء من حفر الخندق "ولكنها هذا التخصيص للآية لا ينبغي خذوا بالكم لماذا لا ينبغي ؟ لأننا إذا خصصنا العموم في الآية قصرنا معنى اللفظ أو قصرنا اللفظ على بعض معناه والصواب أنه (( بما تعملون )) من حفر الخندق وغيره من كل ما عملتم في هذه الغزوة (( بصير )) أي عليم أو(( بما يعملون )) يعني الجنود (( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) فالله تعالى بما يعملون بصير من التحزب على النبي صلى الله عليه وسلم والقدوم إلى بلد الرسول عليه الصلاة والسلام لأجل القضاء عليه على زعمه
تفسير قول الله تعالى : (( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ))
قال الله تعالى : (( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ منكم ))[الأحزاب :10] " من أعلى الوادي ومن أسفله من المشرق ومن المغرِب " جاءوا من المشرق ومن المغرِب جاءت قريش من الناحية الشمالية الشرقية وجاءت غطفان ويهود بني قريظة من ناحية الجنوبية الغربية فجاءوا من فوق المسلمين ومن أسفل منهم وكما قلت لكم قبل قليل إن الخندق من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية كل الشمال الآن محفوظ بالخندق هم جاءوا من فوقهم ومن أسفل منهم ليكونوا كفكي الأسد حتى يطبقوا على المدينة هذا تخطيطهم ولكن الله بما يعملون محيط
تفسير قول الله تعالى : (( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ))
يقول عز وجل : (( وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ )) زاغ الشيء بمعنى مال ومنه زاغت الشمس إذا مالت بالزوال طيب ومنه قوله تعالى : (( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ))[النجم :17] أي ما مال (( الأبصار )) (( ال)) هنا للعهد أي عهد هو ؟ الذهني يعني زاغت الأبصار منكم يقول المؤلف في تفسيرها " مالت عن كل شيء إلى عدوها من كل جانب " يعني الأبصار ما صار لها نظر إلا هذا العدو كل شيء غفلت عن النظر إليه إلا هذا العدو وقد فسرها بعض المفسرين (( زَاغَتِ )) بمعنى مالت عن استقرارها أي شخصت من قوة الرعب صار الإنسان لا ينظر إلا إلى هذا الذي أمامه يراقبه يخشى منه وهذا شيء مشاهد بطبيعة البشر أن الإنسان إذا خاف من شيء يتجه بصره إلى أي شيء ؟ إلى هذا الشيء إلى ناحيته وتجد البصر كما يقول العامة لا يغضي أبداً منفتح يخشى من مباغته فالأبصار زاغت (( وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ )) (( القلوب )) يعني منكم قلوبكم (( بلغت الحناجر)) جمع حنجرة وهي منتهى الحلقوم وقوله " من شدة الخوف " تعليل لقوله : (( زاغت )) و(( بلغت )) (( الحناجر)) جمع حنجرة وهي منتهى الحلقوم يعني من هنا وهل هذا حقيقة (( بلغت القلوب الحناجر )) قال بعضهم إنها حقيقة وأن الخائف اذا اشتد خوفه انتفخت رئته فإذا انتفخت ضيقت على القلب وخرج ارتفع ولهذا يقال في الجبان أو في الخائف انتفخ سحره يعني رئته والأصل حمل الشيء على حقيقته ويجوز أن يكون هذا تصويراً عن شدة الرعب يعنى حتى إنها من شدة الرعب زالت القلوب عن أماكنها فلا تتنفس طبيعيا ًولا تنبض طبيعياً لأنها زالت عن أماكنها ثم قال : (( وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا )) " المختلفة بالنصر واليأس " هذا اختلاف نصر ويأس (( تظنون )) أي أنتم بالله ((الظُّنُونَا )) بالألف للإطلاق " والظنون هذه جمع ظن والمصدر لا يجمع إلا إذا كان أنواعاً أما إذا كان نوع واحد لا يمكن جمعه وإن كثر لكن إذا كان أنواعاً صح جمعه فهنا جمع الظن وهو مصدر لتنوعه يعني الظنون تدور في أفهامهم أو في أفكارهم مختلفة طولا ًوعرضاً هل سيزول هؤلاء الأحزاب هل سيقضون علينا هل سننتصر ؟ يعن تعرفون مقام الخوف ماذا يحدث للإنسان من الظنون والتفكيرات القريبة والبعيدة ، منهم من ظن اليأس أو أيس قال ما بعد هذا شيء ومنهم من ظن النصر كيف وأن النصر مع أن المقام حالك جداً ؟ لأنه يؤمن بأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع اليسر يسراً ويقولون نحن على حق فإذا كنا على حق وصبرنا فإن النصر ايش ؟ مضمون فلذلك يظن النصر ومنهم أصحاب المادة والظواهر الحسية يظنون ايش ؟ الهلاك وييأسون من النصر لأنهم ليس لديهم رصيد من الإيمان يعتمدون عليه ولاشك أن في الذين خرجوا لهذا أن فيهم منافقين كما سيظهر في القصة المهم أن الله قال : (( تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا )) وأطلق ذلك وأتى به بالجمع لأجل أن يذهب الإنسان في تصور هذا الظن كل مذهب ظنون كثيرة مختلفة متضاربة نعم
الطالب:...
الشيخ : إلا بلى كيف ولهذا جاءت الظنون بالجمع
الطالب:...
الشيخ : إلا بلى كيف ولهذا جاءت الظنون بالجمع
9 - تفسير قول الله تعالى : (( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ))
قال : (( هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ )) (( هُنَالِكَ )) هذه اسم إشارة إلى المكان وإلا إلى الزمان ؟ إلى المكان أو الزمان أو إليهما جميعاً (( هُنَالِكَ )) تصلح للزمان وللمكان لكن الأصل أنها للمكان وتأتي للزمان قال الله تعالى : (( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ))[غافر :85]أي في ذلك الزمن خسر الكافرون فـ(( هنالك )) هنا صالحة للزمان والمكان واللام للبعد والكاف للخطاب (( هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ )) اختبروا والذي ابتلاهم من ؟ الله عز وجل اختبرهم بم حصل لهم من هذا الضيق العظيم الذي لا يمكن أن نعبر عنه بالنطق ولا يمكن أن نحس به إلا من وقع فيه نحن هنا نعجز عن تصور تلك الحالة ونعجز عن تصويرها لكن الذي وقع فيها يدري عنها يقول : (( هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ )) يقول اختبروا ليتبين المخلص من غيره (( وَزُلْزِلُوا )) حركوا (( زِلْزَالًا شَدِيدًا )) من شدة الفزع نعم ابتلاء عظيم وزلزال عظيم ابتلوا به هذا الزلزال أصابهم ليس زلزال الأرض لكن زلزال النفوس ، النفوس تزلزلت وحصل عليها شيء عظيم لأنه اجتمع في هذه الغزوة اجتماع الأحزاب من العرب ونقض بني قريظة والجوع والتعب والإعياء والبرد كم ؟ خمسة أشياء ...التعب والإعياء واحد منها يكفي في زلزلة النفس فكيف إذا اجتمعت ؟ الأمور صعبة كان الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك المكان كان يعصب على بطنه الحجر من الجوع نعم فكيف تتصور الحال ؟ ما يمكن الإنسان أن يعبر عنها في الواقع ولهذا قال : ((زُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا )) قويا ًعظيماً زلزل نفوسهم لتجمع هذه الابتلاءات عليهم رضي الله عنهم ولهذا بزغ النفاق وتكلم المنافقون ورأوا أن في هذا فرصة للكلام لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يعدهم النصر حتى في تلك الغزوة يعدهم النصر وقصة الصخرة التي عجزوا عنها وتكسرت الفؤوس وتعبوا حتى جاءوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا " يا رسول الله أنت خططت لنا " لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خط لهم الخندق مكان الخندق خطه بقدمه فمن حكمة الله عز وجل أنه صار الخط على هذه الصخرة التي عجزوا عنها لكن لشدة امتثالهم رضي الله عنهم ما قالوا نعطفه يميناً أو يساراً لكنهم جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبروه فنزل من عريشه الذي كان قد بني له على تل هنالك ليشرف على القوم نزل وأخذ المعول فضربها ضربة يقول ابن إسحاق لما ضربها ضربة أضاءت إضاءة عظيمة كأنما نحن في نهار واندك منها اندك ثم ضربها وكبر عليها عليه الصلاة والسلام
الطالب: بالليل
الشيخ : وكان بالليل ، فكبر ثم ضربها الثانية فأضاءت وكبر تكبيرة الفتح تكبيرة عظيمة ثم ضربها الثالثة وكبر وقالوا" يا رسول الله لماذا صنعت هذا " قال ( رأيت في التكبيرة الأولى قصور الروم وفي الثانية قصور كسرى وفي الثالثة قصور صنعاء اليمن وأنها ستفتح ) وهذه تكون بشارة للمؤمنين وإلا لا ؟ بشارة وتقوية لكن المنافقون والعياذ بالله الذين لا يثقون بوعد الله ورسوله قالوا كيف هذا ؟ الإنسان منا ما يستطيع أن يذهب إلى الغائط يقضي حاجته كيف نملك قصور كسرى وقيصر وتبع هذا ما هو صحيح
الطالب: بالليل
الشيخ : وكان بالليل ، فكبر ثم ضربها الثانية فأضاءت وكبر تكبيرة الفتح تكبيرة عظيمة ثم ضربها الثالثة وكبر وقالوا" يا رسول الله لماذا صنعت هذا " قال ( رأيت في التكبيرة الأولى قصور الروم وفي الثانية قصور كسرى وفي الثالثة قصور صنعاء اليمن وأنها ستفتح ) وهذه تكون بشارة للمؤمنين وإلا لا ؟ بشارة وتقوية لكن المنافقون والعياذ بالله الذين لا يثقون بوعد الله ورسوله قالوا كيف هذا ؟ الإنسان منا ما يستطيع أن يذهب إلى الغائط يقضي حاجته كيف نملك قصور كسرى وقيصر وتبع هذا ما هو صحيح
تفسير قول الله تعالى : (( وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ))
ولهذا يقول : (( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )) ضعف اعتقاد (( مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) بالنصر (( إِلَّا غُرُورًا ))[الأحزاب :12] أعوذ بالله كيف ينطق البشر بمثل هذا الكلام ؟ لكن والعياذ بالله ما دامت قلوبهم منطوية على الكفر أو على الشك لأن الذين في قلوبهم مرض عندهم شك ضعف اعتقاد والمنافقون أبطنوا الكفر قالوا : (( مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا )) سبحان الله العظيم الله ورسوله يعدكم غروراً ويكذب عليكم ويخدعكم هذا لا يمكن بل ما وعد الله ورسوله إلا حقاً ولكن لا يمكن أن تجني العسل إلا بعد ذوق شوك النحل لابد من تعب ولابد من صبر مصابرة لأنه لولا هذا ما عرف الصادق من الكاذب ولا عرف المؤمن من الكافر فلابد من ابتلاء ولهذا بالمناسبة طلبة العلم قد يواجهون بعض المصاعب في الدعوة إلى الله عز وجل قد يواجهون ذلك حتى في أنفسهم ولكن عليهم أن يصبروا وأن يتحملوا في الدعوة إلى الله لأنهم ليسوا يدعون إلى سبيل فلان وفلان من سبل الطاغوت لكن يدعون إلى سبيل الله التي توصلهم وتوصل عباد الله إلى الله عز وجل فعليهم أن يصبروا ليس بمجرد أن يقال لهم أنت مطوع أنت متشدد أنت فيك كذا وكذا ينحسر ويدع هذا ما صحيح لابد أن يصبر ويصابر ويعمل بالحكمة وليس بالعنف ولكل شيء مر علينا كثيراً لكل شيء من الحالات منزلته والحاصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد وعد أصحابه بالنصر فآمن بذلك المؤمنون وتكلم المنافقون والذين في قلوبهم مرض بهذا الكلام (( مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا )) وكذبوا والله ما وعدهم الله ورسوله إلا الحق والصدق وقد صار والحمد لله فإن هذه الأمة ولله الحمد بما خلفه لها رسوله صلى الله عليه وسلم من العلم والهدى وبما قام به الخلفاء رضي الله تعالى عنهم فتحوا قصور قيصر وكسرى واليمن وأنفقت كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله وجيء بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة جيء به في خلافة عمر رضي الله عنه فتحقق ما وعد الله ورسوله وإن كان النبي عليه الصلاة والسلام توفي قبل أن يحصل لكن هو في الحقيقة هو الذي فتح هذا لأن .
اضيفت في - 2011-05-25