تفسير سورة سبأ-03a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لفوائد قول الله تعالى : (( ... هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد ))
منار وهدى يهتدي به الناس ويستضيئون به لقوله (( ويهدي إلى صراط العزيز الحميد )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من ابتغى الهدى من غيره ضل لأنه إذا كان هو الذي يهدي إلى صراط العزيز الحميد فإذا ابتغيت الهدى من غيره المخالف له فإنك لا تهدى إلى صراط العزيز الحميد ولهذا لما طلب أهل البدع لما طلبوا الوصول إلى الخالق عن طريق غير القرآن ماذا حصل لهم ؟ ضلوا وتاهوا وبقوا متحيرين مضطربين طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من تمسك بهذا القرآن نال العزة والحمد أي صار عزيزاً محموداً لقوله (( إلى صراط العزيز الحميد )) ولم يقل إلى صراط الله بل قال (( إلى صراط العزيز الحميد )) إشارة إلى من تمسك بهذا القرآن فله العزة وله الحمد يحمد على فعله وقوله وتركه .
ومن فوائدها : إثبات هذين الاسمين لله عز وجل وهما العزيز الحميد وقلنا أن العزة التي اتصف الله بها سبحانه وتعالى لها ثلاثة أنواع محمد ؟
الطالب : .......
الشيخ : القدر ياللا يا محمد ترى إذا ما رجعت ما هو كذلك ، عزة الامتناع صح ، عزة القدر ، وعزة القهر وعزة الامتناع كذا طيب شرحها ؟
الطالب : ...... وأما عزة القهر كقول الله سبحانه وتعالى (( وعزني في الخطاب )) أي غلبني ، ......
الشيخ : طيب أحسنت .
طيب الحميد من أسماء الله وهو مشتق من الحميد فهل هو بمعنى اسم الفاعل أو بمعنى اسم المفعول ؟ الأخ .
العزة وإثبات الحمد لله فيه عبارة عند الناس يقول : الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه إيش تقولون في العبارة هذه ؟ ما هي مناسبة لأنك تعلن إعلانا تاماً بأنك تكره ما قضى الله ، الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أصابه أمر يسر به قال : ( الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أصابه ما يكره قال : ( الحمد لله على كل حال ) ولا يذكر شيء مكروه ولهذا ينبغي لنا أن ننبه من تكلم بهذه العبارة نقول يا أخي لا تقل هكذا ، هذا يشعر بأنك لم ترضى بقضاء الله قل الحمد لله على كل حال واضح الآن نحن نعلم أن الله رب كل شيء ويدخل في ضمن الكلاب والخنازير والحشرات وما أشبه ذلك لكن هل من اللائق إن الله رب الكلاب ورب الخنازير ورب الحشرات هذا ليس من الأدب أن تخصص كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره فهنا فرق بين التعميم وبين التخصيص ولهذا قال الرسول ( الحمد لله على كل حال ) نعم خلاص الوقت .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من ابتغى الهدى من غيره ضل لأنه إذا كان هو الذي يهدي إلى صراط العزيز الحميد فإذا ابتغيت الهدى من غيره المخالف له فإنك لا تهدى إلى صراط العزيز الحميد ولهذا لما طلب أهل البدع لما طلبوا الوصول إلى الخالق عن طريق غير القرآن ماذا حصل لهم ؟ ضلوا وتاهوا وبقوا متحيرين مضطربين طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من تمسك بهذا القرآن نال العزة والحمد أي صار عزيزاً محموداً لقوله (( إلى صراط العزيز الحميد )) ولم يقل إلى صراط الله بل قال (( إلى صراط العزيز الحميد )) إشارة إلى من تمسك بهذا القرآن فله العزة وله الحمد يحمد على فعله وقوله وتركه .
ومن فوائدها : إثبات هذين الاسمين لله عز وجل وهما العزيز الحميد وقلنا أن العزة التي اتصف الله بها سبحانه وتعالى لها ثلاثة أنواع محمد ؟
الطالب : .......
الشيخ : القدر ياللا يا محمد ترى إذا ما رجعت ما هو كذلك ، عزة الامتناع صح ، عزة القدر ، وعزة القهر وعزة الامتناع كذا طيب شرحها ؟
الطالب : ...... وأما عزة القهر كقول الله سبحانه وتعالى (( وعزني في الخطاب )) أي غلبني ، ......
الشيخ : طيب أحسنت .
طيب الحميد من أسماء الله وهو مشتق من الحميد فهل هو بمعنى اسم الفاعل أو بمعنى اسم المفعول ؟ الأخ .
العزة وإثبات الحمد لله فيه عبارة عند الناس يقول : الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه إيش تقولون في العبارة هذه ؟ ما هي مناسبة لأنك تعلن إعلانا تاماً بأنك تكره ما قضى الله ، الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أصابه أمر يسر به قال : ( الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أصابه ما يكره قال : ( الحمد لله على كل حال ) ولا يذكر شيء مكروه ولهذا ينبغي لنا أن ننبه من تكلم بهذه العبارة نقول يا أخي لا تقل هكذا ، هذا يشعر بأنك لم ترضى بقضاء الله قل الحمد لله على كل حال واضح الآن نحن نعلم أن الله رب كل شيء ويدخل في ضمن الكلاب والخنازير والحشرات وما أشبه ذلك لكن هل من اللائق إن الله رب الكلاب ورب الخنازير ورب الحشرات هذا ليس من الأدب أن تخصص كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره فهنا فرق بين التعميم وبين التخصيص ولهذا قال الرسول ( الحمد لله على كل حال ) نعم خلاص الوقت .
تفسير قول الله تعالى : (( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ))
(( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ )) إلى آخره أولاً : في الإعراب والمعاني البلاغية (( هل ندلكم )) المقصود بالاستفهام هنا السخرية و(( رجل )) نكر (( على رجل )) نكر للتحقير يعني أنه رجل حقير كقوله تعالى عن قوم إبراهيم (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ))[الأنبياء:36]وهذا على من كذبوا الرسل عموماً (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ )) وقوله (( أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ))[الفرقان:41]فإن هذا للتحقير وقوله (( يُنَبِّئُكُمْ )) تنصب ثلاثة مفاعيل المفعول الأول الكاف والمفعول الثاني والثالث معلق بقوله (( إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ )) يقول الله عز وجل عن الكافرين أن بعضهم يقول لبعض على جهة التعجب كما قال المؤلف بل على جهة التحقير (( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا )) أي قال بعضهم لبعض فقال بعضهم على جهة التعجب لبعض (( هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ )) هو محمد الاستفهام هنا قلت إنه للسخرية والمؤلف زاد معنى آخر وهو " التعجب " يعني ألا تتعجبون مما سندلكم عليه وقوله (( على رجل )) يقول " هو محمد " لكنهم قالوه بالتنكير على سبيل التحقير لم يذكروه باسمه لأن ذكر الشخص باسمه قد يعني تعلية منزله ولكنهم قالوه بهذا اللفظ المنكر تحقيراً له (( يُنَبِّئُكُمْ )) يخبركم أنكم (( إِذَا مُزِّقْتُمْ )) قطعتم (( كل ممزق )) بمعنى تمزيق (( إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ )) هذا المنبأ به يقول (( يُنَبِّئُكُمْ )) أي يخبركم فالنبأ بمعنى الخبر وقد يكون النبأ في الأشياء الهامة والخبر فيما هو أعم فتخبر عن الشيء الهام وعن الشيء الحقير ولكنك لا تنبأ إلا بالشيء العظيم كقوله تعالى (( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ))[النبأ1:2]وقال تعالى (( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ))[ص67:68]فالنبأ قد يستعمل في الأشياء العظيمة بخلاف الخبر فإنه يكون أعم وقوله (( إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ )) يقول " إذا قطعتم " وهذا التمزيق يعني تمزيق الأرض في لحوم البشر فإن الإنسان إذا دفن مزقته الأرض وصارت عظامه الصلبة كانت رميمة فهم يقولون إنه (( ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق )) قال المؤلف " بمعنى تمزيق " وعلى هذا فكلمة ممزق لكنها مصدر مميميٌ نعم وقوله (( إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ )) هذا هو محل النبأ وهو في محل نصب سد مسد مفعولي (( ينبئكم )) الثاني والثالث وقوله (( إذا مزقتم )) كلمة (( إذا )) هذه ظرفية فهل هي متعلقة بـ(( ينبئكم )) أو متعلقة بشيء محذوف يدل عليه السياق ؟ الأخير لأن إنباء الرسول صلى الله عليه وسلم ليس في وقت تمزيقهم ولكنه أنبأهم في الحياة الدنيا إنما تمزيقهم إذا دفنوا يعني أنكم إذا دفنتم ومزقتم تكونوا في خلق جديد وهذا الخلق الجديد هو البعث وهل البعث إعادة لما مضى أو ابتداء خلق غير الأول ؟ الصواب أنه إعادة ما مضى كما قال الله تعالى (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ))[الروم:27]ولكنه سمي خلقاً جديداً لأن الإنسان إذا بعث فإنه لا يبعث كحاله في الدنيا بل يبعث في حال أشد وأقوى لأنه سيبعث ، من الكتاب هذا فاكرين ، لا من كتاب التفسير ، لأنه إذا بعث فإنه يكون في حال أقوى إذ أنه سيبعث على أنه مؤبد لا يموت ولهذا يتحمل الناس يوم القيامة من الكرب والهم والغم مالا يتحملونه في الدنيا ، الناس مثلاً لو دنت الشمس منهم قدر ميل في الدنيا لأحرقتهم ولكنها في الآخرة تدنوا منهم ومع ذلك لا تحرقهم يقول (( إنكم لفي خلق جديد )) إذاً جديد بماذا ؟ جديد في ذاته وأجزائه أو في أوصافه ؟ في أوصافه لأن الصحيح أن الخلق هو إعادة ما مضى ....نعم
2 - تفسير قول الله تعالى : (( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( أفترى على الله كذبا أم به جنة ))
(( أفترى )) بفتح همزة الاستفهام واستغني بها عن همزة الوصل أفتر أصلها أافترى لكن همزة الوصل مع همزة الاستفهام تسقط ومنه قوله تعالى ومثالها أيضاً قوله تعالى (( أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ))[الصافات:153](( أصطفي )) بمعنى أاصطفى فسقط الهمزة لأنها وقعت بعد همزة الاستفهام وأظن سقوطها معلوماً لأن همزة الوصل تسقط في الوصل فإذا جاءت همزة الاستفهام صار الكلام متصلاً وإذا كان متصلاً سقطت همزة الوصل ، (( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ ))[المؤمنون:27]أين ذهبت همزة الوصل في (( اصنع )) ؟ سقطت لاتصال كان فإذاً (( أفترى )) سقطت لاتصال كان (( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) في ذلك يعني في قوله إنكم ستبعثون وتنشئون خلقاً جديداً هل هذا افتراء على الله ؟ سيبين الله ذلك لكن هم يقولون إن حاله دائرة بين أمرين إما رجل مفترٍ على الله (( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ )) جنون تخيل به ذلك إذاً هم والعياذ بالله قسموا حال النبي صلى الله عليه وسلم إلى حالين لا ثالث لهما وهما الافتراء على الله والثاني الجنون (( أَمْ بِهِ جِنَّةٌ )) أي جنون تخيل له ذلك به هل هناك حال ثالثة ؟ نعم هناك حال ثالثة لكن هم لا يقرون بها وهو أنه صادق عاقل ، صادق لم يفتري وعاقل ليس به جنة وهذا هو الواقع لكنهم هم والعياذ بالله أسقطوا هذا القسم الثالث لأنهم لا يقرون به ومن عجب أن هؤلاء الذين يقولون في الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الوصف أنه مفترٍ أو مجنون أو شاعر أو كاهن أو ما أشبه ذلك كانوا يسمونه قبل النبوة بالأمين ويرونه أنه من أصدق الناس وأعظمهم أمانة لكن والعياذ بالله لما جاء بما لم يوافق أهوائهم صاروا يلقبونه بهذه الألقاب وهذه الألقاب السيئة التي لقب المشركون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم موروثة لمن ؟ موروثة ورثها أعداء المؤمنين وأولياء المجرمين كما قال تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ))[المطففين29:30]فهذه الألقاب السيئة موجودة الآن كل أعداء الرسل يلقبون أولياء الرسول بمثل ما لقب به الرسل تعلمون أنه مر علينا في العقيدة أن من الناس بمن يلقب أهل السنة والجماعة بماذا ؟ بالحشوية والنوابت والغثاء والمجسمة وما أشبه ذلك كل هذا تنفيراً للناس عن سلوك مذهبهم يقول (( أم به جنة ))
تفسير قول الله تعالى : (( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ))
قال الله تعالى مبطلاً ذلك (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) المشتملة على البعث والعذاب (( فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ )) (( في العذاب )) فيها (( والضلال البعيد )) إيش بعدها ؟ عن الحق في الدنيا قوله (( بل )) هذه للإدراك وهل هو إضراب الإبطال أو الانتقال ؟ الإبطال ، الإضراب الإبطالي معناه أن ما قبل بل باطل ، والإضراب الانتقالي معناه أن ما قبل مرحلة انتقل منها إلى المرحلة الأخرى بدون إبطال لها فهنا (( بل )) للإضراب الإبطالي يعني أن الله أبطل هذين القسمين اللذين ردد هؤلاء الكفار حال النبي صلى الله عليه وسلم بينهم يعني بل هو غير مفتر وليس به جنة ولكن هؤلاء الذين لا يؤمنون في العذاب والضلال البعيد ولا يمكن أن نتركهم ومثال الإضراب الانتقالي قوله تعالى (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66]فإن هذا انتقالي يعني أنهم أولاً بعد علمهم في الآخرة ثم شكوا فيها ثم بعد ذلك عموا عنها والعياذ بالله فهذه أحوالهم الانتقالية قال الله (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) أي لا يصدقون بها ولا يعترفون
الطالب : ......؟
الشيخ : قد تأتي أحياناً مثل (( أو يزيدون )) .
قال (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) أي لا يؤمنون بوجودها ولا يؤمنون بما يحصل فيها وقد مر علينا أن اليوم الآخر يدخل فيه كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكوم بعد الموت ، فكل ما أخبر به الرسول مما يكون بعد الموت كفتنة القبر ونعيمه وعذابه فإنها داخلة في الآخرة قال " المشتملة على البعث والعذاب "(( في العذاب )) فيها (( والضلال البعيد )) يعني الحق في الدنيا المؤلف رحمه الله قيد المطلق في الموضعين هنا قال الله (( في العذاب )) والمؤلف قال : " في الآخرة " وقال (( والضلال البعيد )) وقال : " في الدنيا " والأصح أن الآية مطلقة فهم في العذاب في الدنيا وفي الآخرة أما عذاب الآخرة فظاهر وأما عذاب الدنيا فما في قلوبهم من الحرج والضيق وما يحصل عليهم أيضاً من العذاب من الله عز وجل كما قال تعالى (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا))[العنكبوت:40]وكذلك العذاب الذي يجرى على أيدي الرسل كالعذاب الذي يحصل لهم بالهزائم فإن هذا من عذاب الدنيا أما في الآخرة فظاهر إذاً فالعذاب يشمل الدنيا والآخرة وتقييده بالآخرة فيه نظر بل إنه ينبغي لنا بل يجب علينا ألا نقيد شيئاً أطلقه الله إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع وقوله (( الضلال البعيد )) يقول : " في الدنيا " فهم في ضلال بعيد عن الحق وهم أيضاً في ضلال في الآخرة فإنهم لا يهدون إلى الصراط الذي ينجو به من عبره من النار ولكنهم يهدون إلى صراط الجحيم فيضلون عن الصراط الذي به النجاة قال الله تعالى (( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ))[الصافات22:23]وقال سبحانه وتعالى عن المؤمنين (( نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ))[التحريم:8]فدل ذلك على أن الضلال كما يكون في الدنيا يكون كذلك في الآخرة فالأولى إذاً إبقاء النص على عمومه في الدنيا وفي الآخرة .
الطالب : ......؟
الشيخ : قد تأتي أحياناً مثل (( أو يزيدون )) .
قال (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) أي لا يؤمنون بوجودها ولا يؤمنون بما يحصل فيها وقد مر علينا أن اليوم الآخر يدخل فيه كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكوم بعد الموت ، فكل ما أخبر به الرسول مما يكون بعد الموت كفتنة القبر ونعيمه وعذابه فإنها داخلة في الآخرة قال " المشتملة على البعث والعذاب "(( في العذاب )) فيها (( والضلال البعيد )) يعني الحق في الدنيا المؤلف رحمه الله قيد المطلق في الموضعين هنا قال الله (( في العذاب )) والمؤلف قال : " في الآخرة " وقال (( والضلال البعيد )) وقال : " في الدنيا " والأصح أن الآية مطلقة فهم في العذاب في الدنيا وفي الآخرة أما عذاب الآخرة فظاهر وأما عذاب الدنيا فما في قلوبهم من الحرج والضيق وما يحصل عليهم أيضاً من العذاب من الله عز وجل كما قال تعالى (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا))[العنكبوت:40]وكذلك العذاب الذي يجرى على أيدي الرسل كالعذاب الذي يحصل لهم بالهزائم فإن هذا من عذاب الدنيا أما في الآخرة فظاهر إذاً فالعذاب يشمل الدنيا والآخرة وتقييده بالآخرة فيه نظر بل إنه ينبغي لنا بل يجب علينا ألا نقيد شيئاً أطلقه الله إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع وقوله (( الضلال البعيد )) يقول : " في الدنيا " فهم في ضلال بعيد عن الحق وهم أيضاً في ضلال في الآخرة فإنهم لا يهدون إلى الصراط الذي ينجو به من عبره من النار ولكنهم يهدون إلى صراط الجحيم فيضلون عن الصراط الذي به النجاة قال الله تعالى (( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ))[الصافات22:23]وقال سبحانه وتعالى عن المؤمنين (( نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ))[التحريم:8]فدل ذلك على أن الضلال كما يكون في الدنيا يكون كذلك في الآخرة فالأولى إذاً إبقاء النص على عمومه في الدنيا وفي الآخرة .
تفسير قول الله تعالى : (( أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ))
ثم قال الله تعالى (( أَفَلَمْ يَرَوْا )) ينظروا (( إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )) ما فوقهم وما تحتهم (( مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ )) إلى آخره الاستفهام هنا للتهديد يعني أن الله هدد هؤلاء الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله إنه سيعادون هددهم بأحد أمرين بالخسف أو إسقاط الكسف أي القطع من العذاب من فوقهم وإنما ذكر الفوق والتحت لأنه لا يمكن الفرار منهما أما اليمين والشمال والخلف والأمام فيمكن الفرار لو جاءك عدو من الخلف أمكنك أن تفر إلى الأمام ولو جاءك من الأمام أمكنك أن تفر إلى الخلف لكن إذا جاء من أسفل إلى أين تذهب ؟ تقفز ما تستطيع وإذا جاء من فوق أين تذهب ؟ لا تستطيع بهذا هددهم الله تعالى بأمرين لا يمكنهم الفرار منهما وقول المؤلف : " أفلم ينظروا " نعم فسر (( يروا )) بمعنى ينظروا والأولى أن تكون شاملة للرؤية البصرية التي بمعنى النظر والرؤية القلبية التي بمعنى العلم والتفكر يعني أن الله عز وجل يحثهم على أن يتفكروا حثاً يراد به التهديد فالرؤيا هنا شاملة رؤية النظر بالعين ورؤية القلب بالتفكر وقوله (( إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )) فسرها المؤلف أيضاً " ما فوقهم وما تحتهم " طيب ما الذي بين الأيدي ؟ على كلام المؤلف بناء على أنه لف ونشر المرتب يكون ما فوقهم هو الذي بين أيديهم وما خلفهم هو الذي تحتهم ولكن قد يقول قائل إن هذا صرف للكلام عن ظاهره بلا دليل بل نقول (( إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ )) أي ما أمامهم (( وما خلفهم )) ما وراء ظهورهم فيحتمل أن المراد بـ(( مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ )) أمامهم من الزمن ويحتمل أن يكون المراد بـ(( مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ )) أي المكان وكذلك نقول فيما خلفهم انتبه قد يكون ما بين اليد هو ما أمامك من الزمان وما خلفك ما خلفته من الزمان كما في قوله (( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ))[البقرة:255]أي (( ما بين أيديهم )) ما يستقبل (( وما خلفهم )) ما مضى وقد يكون به المكان كما تقول مررت بين يدي المصلي أي أمامه وتقول المأموم يقف خلف الإمام أي وراءه في المكان ولا في الزمان ؟ في المكان طيب هنا (( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )) نقول فيها يحتمل أن يكون المراد المكان ويحتمل أن يكون المراد الزمان والمراد أن يتفكروا في الأمر هل نجا أحد من عذاب الله ؟ انظر ما بين يديك في المكان أو ما بين يديك في الزمان وما خلفك من المكان أو الزمان هل نجا أحد من عذاب الله ؟ والجواب لا لم ينجو إذاً هم أيضاً لا ينجون من عذاب الله (( إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ )) الجملة هنا شرطية وفعل الشرط وجوابه مضارع مجزوم (( إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ )) وقوله (( أو نسقط )) معطوفة على (( نخسف )) يعني أو إن نشأ نسقط عليهم كسفاً قال المؤلف في قراءة " بسكون السين وفتحها " قطعة يعني أن فيها قراءتين سبعيتين سكون السين (( كسْفاً )) أو (( كسَفاً )) بفتح السين ويجوز القراءة فيهما جميعاً وقد سبق أن قلنا إن القراءات إذا تعددت فالأفضل أن يقرأ بهذا تارة وبهذا تارة لأنها كلها حق وكونه يلتزم بقراءة واحدة هذا فيه قصور إلا أن القراءات التي لم تتيقن أنها ثابتة لا يجوز لك أن تقرأ بها لأنه يجب أن تقرأ بما ثبت عندك قال (( كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ )) وفي قراءة في الأفعال الثلاثة بالياء أين الأفعال الثلاثة ؟ (( نشأ _ نخسف - نسقط )) بالياء فيقال (( إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم كسفاً من السماء )) والفاعل في الضمائر هنا يعود على الله عز وجل أما على قراءة النون (( إن نشأ )) فالأمر ظاهر لأن الضمير فيها ضمير متكلم لكن على قراءة الياء الضمير فيها ضمير الغائب وضمير الغائب لابد فيه من مرجع يرجع إليه إما سابق وإما لاحق فأين مرفوع الضمير (( إن يشأ )) يقال إنه معلوم من السياق كما في قوله (( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ))[النساء:28]من الذي خلقه ؟ الله فهنا يعلم كل أحد أنه لا يستطيع أحد من البشر ولا من غير البشر أن يخسف الأرض بالناس أو يسقط عليهم قطعاً من العذاب فيكون مرجع الضمير معلوماً بالسياق وقوله (( إِنَّ فِي ذَلِكَ )) المرئي (( لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ )) راجع إلى ربه تدل على قدرة الله على البعث إلى آخره يعني إن الآية تدل على البعث (( إن في ذلك )) أي فيما بين أيديهم من السماء والأرض (( لآية لكل عبد منيب )) إنا ذكرنا أن من بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض يعني يشمل كل ما سبق وكل ما مضى وكل ما أمامهم من المكان وكل ما كان خلقاً من ذلك أننا نرى الآية في السماء ينزل المطر من السماء على الأرض الهامدة اليابسة فترجع مخضرة حية أفلا يكون في ذلك دليل على إمكان إعادة الخلق ؟ الجواب بلى ولهذا قال (( إن في ذلك )) أي المنظور مما بين أيدينا وما خلفنا من السماء والأرض (( لآية )) أي علامة على قدرة الله عز وجل وعلى علمه وحكمته لكن هذه الآية ليست آية لكل أحد بل (( لكل عبد منيب )) (( عبد )) مأخوذ من العبودية وهي التذلل وقد سبق لنا أن التذلل نوعان : تذلل للأمر الشرعي وتذلل للأمر الكوني وأيهما المحمود المثاب عليه ؟ التذلل للأمر الشرعي أما التذلل للأمر الكوني فإن هذا لا طاقة للإنسان به ولا يحمد عليه كون الإنسان يذل لأمر الله الكوني من مرض أو فقر أو موت أهل أو ما أشبه ذلك هل يحمد عليه ؟ لا لأنه ليس من فعله لكن كونه يذل لأمر الله الشرعي فيقوم بشرائع الله هذا هو الذي يحمد عليه هنا المراد بالعبد ، العبد المتذلل للأمر الكوني أو الشرعي ؟ الشرعي طيب بدليل قوله (( منيب )) أي راجع إلى الله سبحانه وتعالى .
اضيفت في - 2011-05-25