تفسير سورة سبأ-10b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع تفسير قول الله تعالى : (( وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير )) .
أحد منه وكذلك هم لم يكونوا عالمين بالكتب السابقة ولن يرسل إليهم رسول إذاً حالهم قابلة لهذين الوجهين يعني أن تنزيلها على الوجهين لا يتنافي مع حال هؤلاء المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم فالوجهان كلاهما يصدق عليهم ، فإذا كان الوجهان كلاهم يصدق عليهم فلا مانع من أن نقول : إن الآية يراد بها هذا وهذا لأن حال الذي كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام قابلة للوجهين جميعاً .
1 - تابع تفسير قول الله تعالى : (( وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير )) .
قال الله تعالى : (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا )) أي هؤلاء (( مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ )) أي عشره من القوة وطول العمر وكثرة المال هذا فيه تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام وفيه تهديد للمكذبين وفيه معنيان التسلية والتهديد ، (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) مثل من ؟ عاد ، ثمود ، فرعون ، أصحاب الأيكة كثير وهؤلاء المكذبون السابقون أشد قوة من هؤلاء وأكثر أموالاً وأولاداً ، قال الله تعالى : (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً ))[غافر:82]وأكثر أموالاً وأولاداً فالآيات في هذا تدل على أن الذين كذبوا الرسل السابقين كانوا أعظم من الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام في قوة الأجسام وكثرة الأموال وكثرة البنين ، وهل أغنى ذلك عنهم شيئاً ؟ لا لم يغني عنهم شيئاً ولهذا قال الله تعالى : ((فَكَذَّبُوا رُسُلِي )) إليهم (( فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )) إنكاري عليهم بالعقوبة والإهلاك يعني أن هؤلاء السابقين كذبوا رسل الله فماذا حصل ؟ حصل عليهم إنكار الله سبحانه وتعالى بالتعذيب والإهلاك لم يقرهم الله على تكذيبهم بل أنكر عليهم إنكاراً بالفعل ولا بالقول ؟ بالفعل أهلكهم وأبادهم وعلى هذا فيكون الاستفهام في قوله : (( فكيف كان نكير )) للتعظيم والتفخيم أي فما أعظم إنكاري عليهم لأنه إنكار أدى بهم إلى الهلاك ، أما إعراب (( فكيف كان نكير )) فيتبناه الأخ ياسر ، ولهذا قال المؤلف : " أن أنه واقع موقعهم " .
2 - تفسير قول الله تعالى : (( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ... )) .
ثم قال تعالى : (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )) شوف الإنصاف ، إنصاف الله عز وجل في مخاطبة الخلق ، (( قل )) أي يا محمد موجهاً الخطاب إلى هؤلاء المكذبين (( إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )) الجملة هذه فيها حصر وتقديرها ما أعظكم إلا بواحدة يعني ما أدعوكم دعاء واعظ ناصح لكم إلا واحدة فقط فـ(( أعظكم )) هنا متضمنة معنى أنصحكم يعني أنا أدعوكم ناصحاً لكم وواعظاً إلى هذه الخصلة (( بواحدة أَنْ تَقُومُوا )) قال : " هي أن تقوم " فعلى هذا فأن تقوم في موضع جر عطف بيان على قوله : (( بواحدة )) يعني أنه بين هذه الواحدة بقوله : (( أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ )) إلى آخره ، (( أن تقوموا )) هنا المراد بها أن تثبتوا على الشيء وليس المراد القيام ضد القعود فهو كقوله تعالى (( وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ))[النساء:127]ليس المراد أن تقوموا لليتامى يقف الواحد وهكذا (( أن تقوموا لله )) ليس المراد أن تقفوا قياماً بل أن تثبتوا وتنظروا في الأمر وقوله : ( أن تقوموا لله )) قال المؤلف : " أي لأجله " فاللام هنا للإخلاص أي أن تقوموا مخلصين لله لا مقلدين لآبائكم ولا متعصبين لآرائكم جردوا نياتكم من كل شيء إلا لله أن تقوموا لله وحده لا لي لا مراعاة لي ولا مراعاة لآبائكم ولا لحميتكم ولكن لله (( مَثْنَى )) قال المؤلف : " اثنين ، اثنين " وهل المراد حقيقة التثنية ؟ يعني أن يقوموا على اثنين ، اثنين أو المراد مجرد الزيادة على الواحدة ؟ يعني أنه مَثنى بل المراد به حقيقة الاثنين لا يراد به حقيقة الاثنين بل المراد أن تقوموا لله مجتمعين سواء كنتم اثنين أم ثلاثة أم أربعة أم خمسة أم عشرة ، نعم هذا هو الظاهر ، وقال بعض المفسرين المرد بالمثنى هنا : حقيقة الاثنين وعللوا ذلك بأن الناس إذا كثروا اضطربت آراءهم وكثر الشجار بينهم وفات المقصود لأنك الآن لو وضعت رأياً بين عشرة كم يجيئك من آراء ؟ عشرة آراء وبين اثنين يأتيك رأيان قالوا : " فالاثنين أقرب إلى الحصر وأقرب إلى تصور المسألة مما كانوا إذا أكثر من اثنين ولكن قد يقال إن هذا حقيقة لكن أحياناً يكون الثلاثة والأربعة أسد رأياً من الاثنين فقط فتحمل الآية على أن المراد بالمثنى مطلق الجمع سواء كانوا اثنين أو أكثر والمثنى قد يراد به مطلق الجمع كما في قوله (( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ ))[الملك3:4]أي كرة بعد كرة وليس المراد حقيقة الاثنين وكقول الاثنين وهو يلبي للحج أو العمرة يقول : " لبيك " يعني إجابة لك مرتين أو المراد إجابة بعد إجابة ولو كثر ؟ الأخير أي نعم والله أعلم .
فوائد قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين )) .
قال الله سبحانه وتعالى : (( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ )) إلى آخره في هذه الآية فوائد كثيرة أولا : أن الوحي آية من آيات الله عز وجل ووجه كونه آية من عدة وجوه :
أولاً : أنه أعجز البشر وغير البشر وهذا دليل على أنه من عند الله .
ثانيا : أن أحكامه عادلة مصلحة للقلوب والأبدان والأفراد والجماعات في كل زمان وفي كل مكان وهذا لا يوجد في كلام البشر ، قوانين البشر مهما عظمت فإنما تكون صالحة في نطاق محدود وتجدها كذلك مع كونها صالحة في نطاق محدود تجد فيها أمور ضارة قد تعادل المصالح اللي فيها بخلاف آيات الله .
ثالثاً : ما يشتمل عليه الوحي أو القرآن بالذات من الأخبار الصادقة التي ليس فيها ما يخالف الواقع بوجه من الوجوه سواء كانت تلك الأخبار ماضية أو حاضرة أو مستقبلة هذا الوجه كونه من آيات الله .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن آيات الله عز وجل بينات ليس فيها خفاء وعلى هذا كما يشكل على بعض أهل العلم من أحكام الله سبحانه وتعالى فليس مصدره أن الوحي خفي ولكن مصدره قصور الناظر في الوحي أو تقصيره ، قصوره بحيث لا يكون عنده علم أو لا يكون عنده فهم أو تقصيره بحيث لا يطلب على ولا يطلب فهم عرفتم وإلا فإن آيات الله بينات لا يمكن أن تحدث حادثة إلى يوم القيامة إلا وفي كتاب الله تعالى بيانها ولكن ليس كل أحد يستطيع أن يتبينها من القرآن تجد الآية الواحدة يتلوها جماعة ويتفكرون فيها يستنبط أحدهما مسائل عديدة والآخر لا يستنبط منها إلا مسألة أو مسألتين وهذا أمر ظاهر وكثيراً ما تشكل علينا المسألة ونراجع كتب العلماء من الفقهاء وغيرهم ثم عند التأمل في الكتاب والسنة نجد أنها قريبة موجودة إما داخلة في عموم لفظ أو إشارة أو إيماء أو ما أشبه ذلك طيب ، بيان الآيات إما أن يكون بذاتها وإما أن يكون عن طريق السنة يعني بيان الآيات في القرآن إما أن يكون بذاتها هي بينة واضحة وإما أن يكون عن طريق السنة تبين المجمل وتفسر المشكل وتقيد المطلق وتخصص العام وتنسخ المحكم ولا لا ؟ هذا محل خلاف بين العلماء والصحيح أنها تنسخ ذلك لأن الكل من عند الله طيب ، إذاً عرفنا معنى بينات سواء كان بذاته أو بالسنة ببيان السنة قال الله تعال : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ))[النحل:44]الرسول عليه الصلاة والسلام بين القرآن بلفظه ومعناه سواء بينه بقوله أو بفعله .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان عتو المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام حيث كانوا مع هذه الآيات البينات يدعون هذه الدعوة الباطلة وهي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد إلا أن يصدهم عما كان يعبد آباؤهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا شبهة لهؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام وإنما اعتداء بالدعاوي الباطلة لأن غاية ما عندهم أن يقولوا : هذا ما كان عليه آباؤنا ، وهذا ليس بحجة فإن الحق ما وافق الشرع سواء كان عليه الآباء أم لم يكن .
ومن فوائد الآية الكريمة :غلظ هؤلاء المكذبين بصوغ الأساليب أو العبارات الدالة على الحط من قدر النبي عليه الصلاة والسلام لقوله : (( مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هؤلاء المكذبين كانوا على ضلال هم وآباؤهم حيث كانوا يعبدون مالا ينفعهم ولا يضرهم لأنهم يعبدون الأشجار والأحجار نعم ويدعون أنها تنفع أو تضر إما بذاتها وإما بشفاعتها .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنهم ادعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كذب على الله لقوله : (( وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى )) وهذه الدعوى هم بأنفسهم يكذبونها لأنهم كانوا يسمون الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه الأمين ويرون أنه أعظم الناس أمانة وصدقاً فما الذي قلبه عن ذلك الوصف الذي أنتم تقرون به حتى قلتم إنه مفترٍ على الله عز وجل ؟
ومن فوائد الآية الكريمة : ألا نستغرب من يجادل بالباطل ويدعي الأقاويل الكاذبة يعني فيه أناس الآن إذا رفضوا شيئاً من الأشياء صاروا يقولون ويتقولون على هذا الذي قاله ما لم يقله فيقولون إنه كاذب إنه متناقض إنه فعل كذا ، إنه فعل كذا ، وهو بريء من ذلك فلهؤلاء سلف من أولئك الكفار .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات من أفصح الكلام وأبلغه وأبينه لقوله : (( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )) فهم لم يصفوه بالسحر إلا لأنه يأخذ بالقلوب ويجر الناس إليه جراً كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن من البيان لسحراً ) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من نسب الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر لقوله : (( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )) .
ومن فوائد الآية أيضاً : أن هؤلاء ادعوا أن الوحي سحر بعد أن وصل إليهم وعرفوه لقوله : (( لما جاءهم )) وعرفوه أنه حق حتى أن زعمائهم يتسللون لواذاً في الليل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسمعوا القرآن لأنه أخذ بمجامع قلوبهم وصاروا يحبون أن يستمعوا إليه لكن الحمية والعياذ بالله والعصبية منعتهم أن يهتدوا بهذا القرآن نعم .
أولاً : أنه أعجز البشر وغير البشر وهذا دليل على أنه من عند الله .
ثانيا : أن أحكامه عادلة مصلحة للقلوب والأبدان والأفراد والجماعات في كل زمان وفي كل مكان وهذا لا يوجد في كلام البشر ، قوانين البشر مهما عظمت فإنما تكون صالحة في نطاق محدود وتجدها كذلك مع كونها صالحة في نطاق محدود تجد فيها أمور ضارة قد تعادل المصالح اللي فيها بخلاف آيات الله .
ثالثاً : ما يشتمل عليه الوحي أو القرآن بالذات من الأخبار الصادقة التي ليس فيها ما يخالف الواقع بوجه من الوجوه سواء كانت تلك الأخبار ماضية أو حاضرة أو مستقبلة هذا الوجه كونه من آيات الله .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن آيات الله عز وجل بينات ليس فيها خفاء وعلى هذا كما يشكل على بعض أهل العلم من أحكام الله سبحانه وتعالى فليس مصدره أن الوحي خفي ولكن مصدره قصور الناظر في الوحي أو تقصيره ، قصوره بحيث لا يكون عنده علم أو لا يكون عنده فهم أو تقصيره بحيث لا يطلب على ولا يطلب فهم عرفتم وإلا فإن آيات الله بينات لا يمكن أن تحدث حادثة إلى يوم القيامة إلا وفي كتاب الله تعالى بيانها ولكن ليس كل أحد يستطيع أن يتبينها من القرآن تجد الآية الواحدة يتلوها جماعة ويتفكرون فيها يستنبط أحدهما مسائل عديدة والآخر لا يستنبط منها إلا مسألة أو مسألتين وهذا أمر ظاهر وكثيراً ما تشكل علينا المسألة ونراجع كتب العلماء من الفقهاء وغيرهم ثم عند التأمل في الكتاب والسنة نجد أنها قريبة موجودة إما داخلة في عموم لفظ أو إشارة أو إيماء أو ما أشبه ذلك طيب ، بيان الآيات إما أن يكون بذاتها وإما أن يكون عن طريق السنة يعني بيان الآيات في القرآن إما أن يكون بذاتها هي بينة واضحة وإما أن يكون عن طريق السنة تبين المجمل وتفسر المشكل وتقيد المطلق وتخصص العام وتنسخ المحكم ولا لا ؟ هذا محل خلاف بين العلماء والصحيح أنها تنسخ ذلك لأن الكل من عند الله طيب ، إذاً عرفنا معنى بينات سواء كان بذاته أو بالسنة ببيان السنة قال الله تعال : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ))[النحل:44]الرسول عليه الصلاة والسلام بين القرآن بلفظه ومعناه سواء بينه بقوله أو بفعله .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان عتو المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام حيث كانوا مع هذه الآيات البينات يدعون هذه الدعوة الباطلة وهي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد إلا أن يصدهم عما كان يعبد آباؤهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا شبهة لهؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام وإنما اعتداء بالدعاوي الباطلة لأن غاية ما عندهم أن يقولوا : هذا ما كان عليه آباؤنا ، وهذا ليس بحجة فإن الحق ما وافق الشرع سواء كان عليه الآباء أم لم يكن .
ومن فوائد الآية الكريمة :غلظ هؤلاء المكذبين بصوغ الأساليب أو العبارات الدالة على الحط من قدر النبي عليه الصلاة والسلام لقوله : (( مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هؤلاء المكذبين كانوا على ضلال هم وآباؤهم حيث كانوا يعبدون مالا ينفعهم ولا يضرهم لأنهم يعبدون الأشجار والأحجار نعم ويدعون أنها تنفع أو تضر إما بذاتها وإما بشفاعتها .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنهم ادعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كذب على الله لقوله : (( وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى )) وهذه الدعوى هم بأنفسهم يكذبونها لأنهم كانوا يسمون الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه الأمين ويرون أنه أعظم الناس أمانة وصدقاً فما الذي قلبه عن ذلك الوصف الذي أنتم تقرون به حتى قلتم إنه مفترٍ على الله عز وجل ؟
ومن فوائد الآية الكريمة : ألا نستغرب من يجادل بالباطل ويدعي الأقاويل الكاذبة يعني فيه أناس الآن إذا رفضوا شيئاً من الأشياء صاروا يقولون ويتقولون على هذا الذي قاله ما لم يقله فيقولون إنه كاذب إنه متناقض إنه فعل كذا ، إنه فعل كذا ، وهو بريء من ذلك فلهؤلاء سلف من أولئك الكفار .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات من أفصح الكلام وأبلغه وأبينه لقوله : (( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )) فهم لم يصفوه بالسحر إلا لأنه يأخذ بالقلوب ويجر الناس إليه جراً كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن من البيان لسحراً ) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن من نسب الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر لقوله : (( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )) .
ومن فوائد الآية أيضاً : أن هؤلاء ادعوا أن الوحي سحر بعد أن وصل إليهم وعرفوه لقوله : (( لما جاءهم )) وعرفوه أنه حق حتى أن زعمائهم يتسللون لواذاً في الليل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسمعوا القرآن لأنه أخذ بمجامع قلوبهم وصاروا يحبون أن يستمعوا إليه لكن الحمية والعياذ بالله والعصبية منعتهم أن يهتدوا بهذا القرآن نعم .
4 - فوائد قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير )) .
ثم قال الله عز وجل : (( وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ )) سنشرحها على أن المعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يعطي قريشاً بل والعرب جميعاً لم يعطهم كتباً ولم يرسل إليهم رسولاً نأخذ الفوائد على هذا المعنى فنقول :
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان منة الله سبحانه وتعالى العظمة على العرب لما بعث إليهم وهو محمد عليه الصلاة والسلام وجه ذلك أنه كانوا أمة جاهلة ليس عندهم كتب تدرس ولم يأتهم نذير يخبرهم ويعلمهم فهم أشد الناس حاجة إلى الرسول وإذا اشتد الحاجة ثم جاء ما يزيل تلك الحاجة كان هذا أعظم من النفي ففي الآية إذاً بيان عظيم منة الله عز وجل على العرب حيث بعث فيهم هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : أن العرب كانوا جاهلين من أجهل الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام من أين تؤخذ ؟ (( وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ )) ولهذا قال الله عز وجل : (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ))[آل عمران:164].
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه ليس في العرب إلا محمد صلى الله عليه وسلم وهو كذلك وما ذكر بعض المؤرخين من أنه وجد في الجاهلية رسل منهم خالد بن سنان فهذا لا أصل له ولا صح الكلام ، لأن الله يقول : (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ))[المائدة:19]وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس بينه وبين عيسى رسول وعلى هذا فإنه لم يبعث فيهم أي في العرب رسول إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن حقيقة الرسالة هي الإنذار وكذلك البشارة ، الإنذار للمخالفين للعقوبة والبشارة للموافقين بالثواب والجزاء نعم .
وفيها أيضاً على المعنى الثاني يستفاد من الآية : أن هؤلاء الذين كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ليس لديهم مستند يستندون إليه في تكذيبه لأنهم لم يقرءوا كتباً تدل على كذبهم ولم يبعث إليهم رسول تقتضي رسالته أن محمداً صلى الله عليه وسلم كاذباً هذا على المعنى الثاني .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان منة الله سبحانه وتعالى العظمة على العرب لما بعث إليهم وهو محمد عليه الصلاة والسلام وجه ذلك أنه كانوا أمة جاهلة ليس عندهم كتب تدرس ولم يأتهم نذير يخبرهم ويعلمهم فهم أشد الناس حاجة إلى الرسول وإذا اشتد الحاجة ثم جاء ما يزيل تلك الحاجة كان هذا أعظم من النفي ففي الآية إذاً بيان عظيم منة الله عز وجل على العرب حيث بعث فيهم هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : أن العرب كانوا جاهلين من أجهل الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام من أين تؤخذ ؟ (( وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ )) ولهذا قال الله عز وجل : (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ))[آل عمران:164].
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه ليس في العرب إلا محمد صلى الله عليه وسلم وهو كذلك وما ذكر بعض المؤرخين من أنه وجد في الجاهلية رسل منهم خالد بن سنان فهذا لا أصل له ولا صح الكلام ، لأن الله يقول : (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ))[المائدة:19]وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس بينه وبين عيسى رسول وعلى هذا فإنه لم يبعث فيهم أي في العرب رسول إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن حقيقة الرسالة هي الإنذار وكذلك البشارة ، الإنذار للمخالفين للعقوبة والبشارة للموافقين بالثواب والجزاء نعم .
وفيها أيضاً على المعنى الثاني يستفاد من الآية : أن هؤلاء الذين كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ليس لديهم مستند يستندون إليه في تكذيبه لأنهم لم يقرءوا كتباً تدل على كذبهم ولم يبعث إليهم رسول تقتضي رسالته أن محمداً صلى الله عليه وسلم كاذباً هذا على المعنى الثاني .
5 - فوائد قول الله تعالى : (( وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير )) .
ثم قال الله عز وجل : (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ))[سبأ:45]في هذه الآية الكريمة : التحذير لمكذب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجهه أن الله أخبر أنه كذب السابقين مع أنهم أشد قوة وأكثر أموالاً وأولاداً من هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام .
ومن فوائدها : أن من كذب الرسل فقد حقت عليه كلمة العذاب لقوله : ((فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )) .
ومن فوائدها : شرف الأنبياء أو شرف الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن الله إيش ؟ أضاف رسالتهم إليه فقال : (( فَكَذَّبُوا رُسُلِي )) ومن المعلوم أن مرتبة الرسالة أعلى مراتب البشر فإن مراتب البشر أربعة : النبوة المتضمنة للرسالة ، والشهداء والصالحين ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ))[النساء:69]فأعلى المراتب النبوة ثم الصديقية ثم الشهادة ثم الصلاح خلافاً للزنادقة الذين يقولون : إن الأولياء أفضل من الأنبياء ، والأنبياء أفضل من الرسل ويقول قائلهم : مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي ، يزعمون قبحهم الله أن الأولياء أفضل من الرسل والأنبياء نعم وهو كذلك عندهم بأن أوليائهم الطاغوت ، والطاغوت يملي عليهم أنه أفضل من الرسل والأنبياء .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان حكمة الله عز وجل حيث جعل العقوبة من جنس العمل فلما كان عمل هؤلاء عظيماً وهو تكذيب رسل الله سبحانه وتعالى كان جزاؤهم عظيماً يتعجب منه (( فكيف كان نكير )) أي ما أعظمه وما أشده .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الإنكار يكون بالفعل كما يكون بالقول وجه ذلك أن إنكار الله عليهم ليس بالقول فقط بل بالفعل والأخذ بالعقوبة فهذا إنكار بالفعل ، وهذا موجود أيضاً في أعمالنا نحن عندما يخالفك صبيك في أمر من الأمور أحياناً توبخه وليشرف على هذا ألم آمرك أن تتركه وأحياناً إذا جئت ووجدته قد فعله تضربه هذا الإنكار يكون بماذا ؟ يكون بالفعل فإنكار الله عز وجل يكون بالقول ويكون بالفعل فعقوبة المجرمين هي إنكار بماذا ؟ بالفعل ، وفي هذه الآية وغيرها من الآيات التي تضيف الفعل إلى الفاعل رداً على من ؟ مثل (( فكذبوا رسلي )) (( وكذب الذين من قبلهم )) وما أشبه ذلك ردٌ على .
الطالب : ....
الشيخ : لا ما هي القدرية ، رد على الجبرية الذين يقولون : إن الفعل فعل العبد مجبر عليه ليس له فيه اختيار .
ومن فوائد الآية الكريمة : استعمال قياس الأولى من أين يؤخذ ؟ (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )) يعني إذا أخذ الله هؤلاء الأقوياء الأشداء الأكثر أموالاً وأولاداً إذا أخذهم الله تعالى بجرمهم فهؤلاء الذين من دونهم من باب أولى ولاشك أن القياس دليل صحيح ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل ولكن القياس نوعان : صحيح وفاسد ، فالفاسد دل الكتاب والسنة والعقل على عدم اعتباره ، والصحيح دل الكتاب والسنة والعقل على اعتباره ، مثال الفاسد قول إبليس مستعملاً قياس الأولى لما أمره الله أن يسجد لآدم قال : (( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ))[الأعراف:12]فكيف يكون الأخير عبداً لمن دونه ؟ ومثال قياس المثلية قولهم : (( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ))[البقرة:275]هذا قياس فاسد لأنه قياس ما حرم الله على ما أحله الله عز وجل ، المهم أن القياس قد ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل ومن أنكره فقد أنكر ما يدل عليه الكتاب والسنة ، نعم الذي ينكر منه القياس الفاسد طيب ، هل نأخذ من ذلك من هذه الآية أن تكذيب الرسل تكذيب لله ؟ نعم هو الظاهر لأنه قال في الأول : (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) ولم يذكر المكذب ثم قال : (( فَكَذَّبُوا رُسُلِي )) فدل ذلك على أن تكذيب الرسل تكذيب لله عز وجل وهو كذلك عند التأمل لأن الرسول إذا جاء وقال إنه رسول الله وأيده الله بالآيات ثم كذبته فقد كذبت الله عز وجل لأن الآيات التي يعطيها الله والرسول ما هي إلا براهين تدل على صدقه فكأن المكذب يقول : إن هذه الآيات كذب لأنه يكذب الرسول الذي أيدته .
ومن فوائدها : أن من كذب الرسل فقد حقت عليه كلمة العذاب لقوله : ((فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )) .
ومن فوائدها : شرف الأنبياء أو شرف الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن الله إيش ؟ أضاف رسالتهم إليه فقال : (( فَكَذَّبُوا رُسُلِي )) ومن المعلوم أن مرتبة الرسالة أعلى مراتب البشر فإن مراتب البشر أربعة : النبوة المتضمنة للرسالة ، والشهداء والصالحين ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ))[النساء:69]فأعلى المراتب النبوة ثم الصديقية ثم الشهادة ثم الصلاح خلافاً للزنادقة الذين يقولون : إن الأولياء أفضل من الأنبياء ، والأنبياء أفضل من الرسل ويقول قائلهم : مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي ، يزعمون قبحهم الله أن الأولياء أفضل من الرسل والأنبياء نعم وهو كذلك عندهم بأن أوليائهم الطاغوت ، والطاغوت يملي عليهم أنه أفضل من الرسل والأنبياء .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان حكمة الله عز وجل حيث جعل العقوبة من جنس العمل فلما كان عمل هؤلاء عظيماً وهو تكذيب رسل الله سبحانه وتعالى كان جزاؤهم عظيماً يتعجب منه (( فكيف كان نكير )) أي ما أعظمه وما أشده .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الإنكار يكون بالفعل كما يكون بالقول وجه ذلك أن إنكار الله عليهم ليس بالقول فقط بل بالفعل والأخذ بالعقوبة فهذا إنكار بالفعل ، وهذا موجود أيضاً في أعمالنا نحن عندما يخالفك صبيك في أمر من الأمور أحياناً توبخه وليشرف على هذا ألم آمرك أن تتركه وأحياناً إذا جئت ووجدته قد فعله تضربه هذا الإنكار يكون بماذا ؟ يكون بالفعل فإنكار الله عز وجل يكون بالقول ويكون بالفعل فعقوبة المجرمين هي إنكار بماذا ؟ بالفعل ، وفي هذه الآية وغيرها من الآيات التي تضيف الفعل إلى الفاعل رداً على من ؟ مثل (( فكذبوا رسلي )) (( وكذب الذين من قبلهم )) وما أشبه ذلك ردٌ على .
الطالب : ....
الشيخ : لا ما هي القدرية ، رد على الجبرية الذين يقولون : إن الفعل فعل العبد مجبر عليه ليس له فيه اختيار .
ومن فوائد الآية الكريمة : استعمال قياس الأولى من أين يؤخذ ؟ (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )) يعني إذا أخذ الله هؤلاء الأقوياء الأشداء الأكثر أموالاً وأولاداً إذا أخذهم الله تعالى بجرمهم فهؤلاء الذين من دونهم من باب أولى ولاشك أن القياس دليل صحيح ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل ولكن القياس نوعان : صحيح وفاسد ، فالفاسد دل الكتاب والسنة والعقل على عدم اعتباره ، والصحيح دل الكتاب والسنة والعقل على اعتباره ، مثال الفاسد قول إبليس مستعملاً قياس الأولى لما أمره الله أن يسجد لآدم قال : (( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ))[الأعراف:12]فكيف يكون الأخير عبداً لمن دونه ؟ ومثال قياس المثلية قولهم : (( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ))[البقرة:275]هذا قياس فاسد لأنه قياس ما حرم الله على ما أحله الله عز وجل ، المهم أن القياس قد ثبت اعتباره بالكتاب والسنة والعقل ومن أنكره فقد أنكر ما يدل عليه الكتاب والسنة ، نعم الذي ينكر منه القياس الفاسد طيب ، هل نأخذ من ذلك من هذه الآية أن تكذيب الرسل تكذيب لله ؟ نعم هو الظاهر لأنه قال في الأول : (( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) ولم يذكر المكذب ثم قال : (( فَكَذَّبُوا رُسُلِي )) فدل ذلك على أن تكذيب الرسل تكذيب لله عز وجل وهو كذلك عند التأمل لأن الرسول إذا جاء وقال إنه رسول الله وأيده الله بالآيات ثم كذبته فقد كذبت الله عز وجل لأن الآيات التي يعطيها الله والرسول ما هي إلا براهين تدل على صدقه فكأن المكذب يقول : إن هذه الآيات كذب لأنه يكذب الرسول الذي أيدته .
6 - فوائد قول الله تعالى : (( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد )) .
ثم قال : (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )) مبتدى درس اليوم (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا )) .... نشرح الآن (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا )) المراد بالقيام ذكرنا أمس المراد به القيام الذي ضد القعود ؟ لا المراد به الثبات على هذا الأمر فقوموا ثابتين (( ثم تتفكروا )) تتفكروا في شأن هذا الرسول الذي جاءكم من عند الله وقال إنه رسول الله (( مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ )) هذا القول هل هو من كلام الله سبحانه وتعالى ليبطل قولهم أو أنهم يتفكرون فيه ؟ يعني كما قال الشارح : " فتعلموا ما بصاحبكم من جنة " المؤلف مشى عل أن (( ما بصاحبكم من جنة )) هو مفعول لما يقتضيه التفكر .
اضيفت في - 2011-05-25