تفسير سورة فاطر-02a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لتفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ))
والنهي هنا مُؤَكَّدٌ بالنون (( تَغُرَّنَّكُم )) وهذا تأكِيد ثقِيل (فلا تَغُرَّكم ) أي تَخْدَعَنَّكم، وهذا مُفَرَّعٌ على ما قبلَه، لأنَّ الإنسان الذي تخدَعُه الدنيا يكُونُ إيمانُه بوعْدِ الله تعالى ضَعِيفا، {تعال هنا فيه مكان يا أخ حسين}، يكونُ إيمانُه بالله تعالى ضعِيفًا إذْ أَنَّ الدُّنيا تُلْهِيه وتَخْدَعُه حتى يَنْجَرِفَ وَرَائَها، وقولُه: (( الحياةُ الدنيا )) لاشكَّ أنّ ما فيه للآن حياة وضدُّه الموْت، وهي (دُنْيا) اسم تفضِيل مُذَكَّرَهُ
الطالب: دَنِي
الشيخ : لا.
الطالب: أدنى.
الشيخ : أَدْنَى مثل: (عُلْيَا) و(أَعْلَى)، سُمِّيَت دُنْيا لِوَجْهَين: الأول: أنها مُتَقَدِّمَة عن الآخِرَة فهي أَدْنى إلى الناس مِنَ الآخرة ولهذا سُمِّيَت الحياة الأُولى، وسُمِّيَت دنيا أيضًا مِن دُنُوِّ مَرْتَبَتِها، فهي دَانِيةٌ بمعنى قريبة لأنَّها هي الأولى، وهي دانية بمعنى دُنُوّ المرْتَبَة لأنَّ ما فيها مِنَ النَّعِيم إن قُدِّر فإنه مُنَغَّصٌ تَنْغِيصًا مُسْتَقْبَلًا أو تنغيصًا حاضِرًا: تنغِيصًا حاضِرًا لأنَّ نفس النَّعِيم الذي تنْعَمُ به في الدنيا لا بُدَّ أن يُشَابَ بِكَدَر كما قال الشاعر:
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويومٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ
وهذا لو تأمَّلْتَهُ لوَجَدتَّه كذلك، كل يوم في الأسبوع ناظِر نفسك يومٌ تكون مستانس مُنْبَسِط ومسْرُور، ويوم تغْتَمّ، ويوم يجيك أشياء خارِجِيَّة تُفَرِّحُك، ويوم آخر بالعكس، ثم لو قُدِّر أنَّ صفْوَها خَلَا مِن ذلك يعني لم يُشَب بأذى فإنَّ المستقبل ينغِّص عليك هذا الصَفَاء كما قال الشاعر:
لا طِيبَ للعَيْشِ ما دَامَتْ مُنَغَّصَةً لَـــــذَّاتُهُ بِادِّكَــــارِ الـمَــــوْتِ والْهَـــــــــرْم
فلابُدَّ مِن أحدِ أمْرَيْن إمَّا مَوْتٌ عاجِل وإمَّا هَرَمٌ مُجْهِد فالإنسان إذا كَبِر إذا قُدِّر أنَّ الله تعالى مَدَّ له في العُمُر فإنَّه يرجِع إلى حالِه الأولى (( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ))[النحل:70] يرجِع إلى حالِه الأولى يَسْقُط تَمْيِيزُه ويكون أشَدّ مِن الصَبِيّ، يعني كونُه عالَة على غيرِه أشَدّ مِن كَوْنِ الصَبِيّ عالَةً على غيرِه، لِأَنَّ الصَبِيّ ما عنده عَقْل وتَمْيِيز، وغاية مهما يَكُون يصيح نعم يُدَلَّه بِشَيْءٍ يلعَب به ويسْكُت، لكن هذا الهَرِم عنده الشَيء مِن التَّمْيِيز تَجِدُه يصرخ على أهله مثلًا يصرخ عليهم يزَعِّق عليهم ويصيح ويقول: كيف تنسون .... شابّ وأكِدّ عليكم وأجيب لكم الطَّعَام والشَّرَاب واليوم تنْسُونِ، و.. أكثر، نعم ثم هو أيضًا ثقيل، الصَبِي يقدَر الواحِد يحمِلُه على يدِه ويمشِي به يمين ويسار حتى يسكُت لكن هذا مُشكِل، لذلك إذَا تَذَكَّر الإِنسَان أنَّه إمَّا أن يموت أو يصِل إلى هذه الحال فمهما كان عيشُه فسوف يَتَنَغَّص، ولهذا نقول: هذه الحياة دنيا مَأْخُوذَة مِن أين؟ مِن دُنُوِّ الزَّمَن ودُنُوّ الـمَرْتَبَة والقَدْر.
طيب الحياة الدنيا (( فلا تَغُرَّنَّكُم الحياةُ الدنيا )) عن الإيمانِ بذلك " أي بوعْدِ الله، وما أكْثَرَ الذين غَفَلوا عن وعدِ الله، وما أكثرَ الذين اعْتَمَدُوا على الأسْبَابِ الظَّاهِرَة فَنَسُوا الأسباب التي ورائَها، كثِير مِن الناس يقول: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ ))[الحج:40] كيف إنّ الله ينصُر المسلمين وهم هذا القِلَّة على أعدائِهم الكُفَّار وهم بهذِه الكَثْرَة وبهذه القُوَّة كيف هذا يكون؟ فيعْتَمِد على الحياةِ الدنيا وعلى الأَسْبَابِ المادِّيَّة دون ما ورائَها، والوَاجِب علينا أن نُؤْمِن بوعدِ الله، فاللهُ جَعَل الوَعْد أن ينْصُر مَن يَنْصُرُهُ، (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا استَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ))[النور:55] يقول قائل: كيف إن الله يستَخْلِفْني في الأرْض وعندنا الرُّوس وعندنا الأَمْرِيكَان وعندنا الإِنجِلِيز وغيرُهم مِنَ الأُمَم القَوِيَّة الكَثِيرَة؟ اش معنى هذا؟ وش الجوَاب على ذلك؟ الجواب: (( إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )) لا تَغُرَّك الدنيا حتى في النَّصْر، أسْبَابُ النَّصْر ليسَتْ هي الـمَادَّة فقط بل هناك شَيْءٌ ورائَها وهو قُوَّةُ العَزِيز عَزَّ وجَل (( إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز )) نعم.
طيب (( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ )) في حِلْمِهِ وإِمْهَالِه (( الْغَرُورُ )) الشَّيْطَان " يعني لا يخدعْكُم أيضًا مَن وَصْفُه الخِداَع، ولهذا جاء بِوَصْف الغَرُور، و(غَرُور) فَعُول صِفَة مُشَبَّهَة لِأَنَّ غُرُورَه كان وصفًا لَازِمًا له لُزُومَ الوُجُوب، و(الغَرُور) غير (الغُرُور) بالضَمّ، (الغُرُور) بالضَمّ مَصْدَر و(الغَرور) صِفَة مُشَبَّهَة دَالَّةٌ على المعنى و.. به المعنى، فالغَرُور إذًا هو الشيطان، أي الشياطين الإِنس ولّا الجِن؟
الطالب: كلهم.
الشيخ : كلُّهم نعم، كلهم جميع مِن شياطِينِ الجِنّ مَن يَغُرّ وهو معروف هو الشَّيْطان الذي يُلْقِي في قَلْبِك ما يحتال، ومِن شياطين الإنس أيضًا مَن يَغُرّ وهم جُلَسَاء السَّوْء الذين يَأْتُون الإنسان فيدخُلُون فيه كما يدْخُل الماء في الـمَدَر أو النَّار في الفَحْم، مَا يدْرِي يدخُلون دُخول بحيث يكُون كالنّائِم أو كالـمَيِّت بين يَدَي الغاسل، فالله عز وجل حَذَّرَنا مِن هؤلاء (( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ))، طَيِّب (( بالله )) قال المؤلف: " في حِلْمِه وإِمْهَالِه " صحيح إنَّ الإنسان قد يَغْتَرّ بالله في حِلْمِه وإمْهَالِه فيقول لِنفسِه: لو كُنتِ على خَطأ لعاقبَنِي الله، وما دام الله عز وجل يرزقُني يعافيني فهذا دليل على أنِّي على حق. لكن هذا مِن الأمَاني البَاطِلة التي حَذَّر عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( الكَيِّسُ مَن دَانَ نفسَه وعَمِلَ لِمَا بعْد المَوْت، والعَاجِز مَن أتْبَعَ نفسَه هَواها، وتَمَنَّى على اللهِ الأَمَانِي ) وهذا الحديث وإن كان فيه ما فيه مِن حيث الصِّحَّة لكن معناه صحيح لاشك ، فإنَّ الكَيِّس الحازِم هو الذي يعمَل لِمَا بعْد الـمَوْت، قال: (( ولا يغرُّنَّكُم بالله الغَرور )) أي لا يخدَعَنَّكم بالله في حلْمِه وإمهالِه وغيرِ ذلك مما يتَعَلَّقُ بأفعالِه وأحكَامِه (( لا يغرُّنَّكم بالله الغرور )) أي الخادِع وهو الشيطان.
الطالب: دَنِي
الشيخ : لا.
الطالب: أدنى.
الشيخ : أَدْنَى مثل: (عُلْيَا) و(أَعْلَى)، سُمِّيَت دُنْيا لِوَجْهَين: الأول: أنها مُتَقَدِّمَة عن الآخِرَة فهي أَدْنى إلى الناس مِنَ الآخرة ولهذا سُمِّيَت الحياة الأُولى، وسُمِّيَت دنيا أيضًا مِن دُنُوِّ مَرْتَبَتِها، فهي دَانِيةٌ بمعنى قريبة لأنَّها هي الأولى، وهي دانية بمعنى دُنُوّ المرْتَبَة لأنَّ ما فيها مِنَ النَّعِيم إن قُدِّر فإنه مُنَغَّصٌ تَنْغِيصًا مُسْتَقْبَلًا أو تنغيصًا حاضِرًا: تنغِيصًا حاضِرًا لأنَّ نفس النَّعِيم الذي تنْعَمُ به في الدنيا لا بُدَّ أن يُشَابَ بِكَدَر كما قال الشاعر:
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويومٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ
وهذا لو تأمَّلْتَهُ لوَجَدتَّه كذلك، كل يوم في الأسبوع ناظِر نفسك يومٌ تكون مستانس مُنْبَسِط ومسْرُور، ويوم تغْتَمّ، ويوم يجيك أشياء خارِجِيَّة تُفَرِّحُك، ويوم آخر بالعكس، ثم لو قُدِّر أنَّ صفْوَها خَلَا مِن ذلك يعني لم يُشَب بأذى فإنَّ المستقبل ينغِّص عليك هذا الصَفَاء كما قال الشاعر:
لا طِيبَ للعَيْشِ ما دَامَتْ مُنَغَّصَةً لَـــــذَّاتُهُ بِادِّكَــــارِ الـمَــــوْتِ والْهَـــــــــرْم
فلابُدَّ مِن أحدِ أمْرَيْن إمَّا مَوْتٌ عاجِل وإمَّا هَرَمٌ مُجْهِد فالإنسان إذا كَبِر إذا قُدِّر أنَّ الله تعالى مَدَّ له في العُمُر فإنَّه يرجِع إلى حالِه الأولى (( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ))[النحل:70] يرجِع إلى حالِه الأولى يَسْقُط تَمْيِيزُه ويكون أشَدّ مِن الصَبِيّ، يعني كونُه عالَة على غيرِه أشَدّ مِن كَوْنِ الصَبِيّ عالَةً على غيرِه، لِأَنَّ الصَبِيّ ما عنده عَقْل وتَمْيِيز، وغاية مهما يَكُون يصيح نعم يُدَلَّه بِشَيْءٍ يلعَب به ويسْكُت، لكن هذا الهَرِم عنده الشَيء مِن التَّمْيِيز تَجِدُه يصرخ على أهله مثلًا يصرخ عليهم يزَعِّق عليهم ويصيح ويقول: كيف تنسون .... شابّ وأكِدّ عليكم وأجيب لكم الطَّعَام والشَّرَاب واليوم تنْسُونِ، و.. أكثر، نعم ثم هو أيضًا ثقيل، الصَبِي يقدَر الواحِد يحمِلُه على يدِه ويمشِي به يمين ويسار حتى يسكُت لكن هذا مُشكِل، لذلك إذَا تَذَكَّر الإِنسَان أنَّه إمَّا أن يموت أو يصِل إلى هذه الحال فمهما كان عيشُه فسوف يَتَنَغَّص، ولهذا نقول: هذه الحياة دنيا مَأْخُوذَة مِن أين؟ مِن دُنُوِّ الزَّمَن ودُنُوّ الـمَرْتَبَة والقَدْر.
طيب الحياة الدنيا (( فلا تَغُرَّنَّكُم الحياةُ الدنيا )) عن الإيمانِ بذلك " أي بوعْدِ الله، وما أكْثَرَ الذين غَفَلوا عن وعدِ الله، وما أكثرَ الذين اعْتَمَدُوا على الأسْبَابِ الظَّاهِرَة فَنَسُوا الأسباب التي ورائَها، كثِير مِن الناس يقول: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ ))[الحج:40] كيف إنّ الله ينصُر المسلمين وهم هذا القِلَّة على أعدائِهم الكُفَّار وهم بهذِه الكَثْرَة وبهذه القُوَّة كيف هذا يكون؟ فيعْتَمِد على الحياةِ الدنيا وعلى الأَسْبَابِ المادِّيَّة دون ما ورائَها، والوَاجِب علينا أن نُؤْمِن بوعدِ الله، فاللهُ جَعَل الوَعْد أن ينْصُر مَن يَنْصُرُهُ، (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا استَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ))[النور:55] يقول قائل: كيف إن الله يستَخْلِفْني في الأرْض وعندنا الرُّوس وعندنا الأَمْرِيكَان وعندنا الإِنجِلِيز وغيرُهم مِنَ الأُمَم القَوِيَّة الكَثِيرَة؟ اش معنى هذا؟ وش الجوَاب على ذلك؟ الجواب: (( إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )) لا تَغُرَّك الدنيا حتى في النَّصْر، أسْبَابُ النَّصْر ليسَتْ هي الـمَادَّة فقط بل هناك شَيْءٌ ورائَها وهو قُوَّةُ العَزِيز عَزَّ وجَل (( إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز )) نعم.
طيب (( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ )) في حِلْمِهِ وإِمْهَالِه (( الْغَرُورُ )) الشَّيْطَان " يعني لا يخدعْكُم أيضًا مَن وَصْفُه الخِداَع، ولهذا جاء بِوَصْف الغَرُور، و(غَرُور) فَعُول صِفَة مُشَبَّهَة لِأَنَّ غُرُورَه كان وصفًا لَازِمًا له لُزُومَ الوُجُوب، و(الغَرُور) غير (الغُرُور) بالضَمّ، (الغُرُور) بالضَمّ مَصْدَر و(الغَرور) صِفَة مُشَبَّهَة دَالَّةٌ على المعنى و.. به المعنى، فالغَرُور إذًا هو الشيطان، أي الشياطين الإِنس ولّا الجِن؟
الطالب: كلهم.
الشيخ : كلُّهم نعم، كلهم جميع مِن شياطِينِ الجِنّ مَن يَغُرّ وهو معروف هو الشَّيْطان الذي يُلْقِي في قَلْبِك ما يحتال، ومِن شياطين الإنس أيضًا مَن يَغُرّ وهم جُلَسَاء السَّوْء الذين يَأْتُون الإنسان فيدخُلُون فيه كما يدْخُل الماء في الـمَدَر أو النَّار في الفَحْم، مَا يدْرِي يدخُلون دُخول بحيث يكُون كالنّائِم أو كالـمَيِّت بين يَدَي الغاسل، فالله عز وجل حَذَّرَنا مِن هؤلاء (( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ))، طَيِّب (( بالله )) قال المؤلف: " في حِلْمِه وإِمْهَالِه " صحيح إنَّ الإنسان قد يَغْتَرّ بالله في حِلْمِه وإمْهَالِه فيقول لِنفسِه: لو كُنتِ على خَطأ لعاقبَنِي الله، وما دام الله عز وجل يرزقُني يعافيني فهذا دليل على أنِّي على حق. لكن هذا مِن الأمَاني البَاطِلة التي حَذَّر عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( الكَيِّسُ مَن دَانَ نفسَه وعَمِلَ لِمَا بعْد المَوْت، والعَاجِز مَن أتْبَعَ نفسَه هَواها، وتَمَنَّى على اللهِ الأَمَانِي ) وهذا الحديث وإن كان فيه ما فيه مِن حيث الصِّحَّة لكن معناه صحيح لاشك ، فإنَّ الكَيِّس الحازِم هو الذي يعمَل لِمَا بعْد الـمَوْت، قال: (( ولا يغرُّنَّكُم بالله الغَرور )) أي لا يخدَعَنَّكم بالله في حلْمِه وإمهالِه وغيرِ ذلك مما يتَعَلَّقُ بأفعالِه وأحكَامِه (( لا يغرُّنَّكم بالله الغرور )) أي الخادِع وهو الشيطان.
1 - تابع لتفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ))
((عَدُوًّا )) قولُه: " الشَّيْطَان " هذا اسْم للشَّيْطَان اللي هُو إِبْلِيس، وهو مُشْتَقٌّ مِن (شَاطَ يَشِيط) إذا غَضِب، أو مِن (شَطَنَ يَشْطُنُ) إِذَا بَعُد، والوَصْفَان ثَابِتَانِ للشَّيْطَان، لأنَّه عِنْدَه طَيْش وسُوءُ تَصَرُّف كَالغَضْبَان كالذي يَشِيط ..، وهو أيضًا شَاطِنٌ أي بعِيدٌ عن رحْمَةِ الله عز وجل فإن الله تعالى لعنَه قال: (( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ))[ص:78]، وقولُه: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ )) (( عَدُوٌّ )) هذه -كما تَرَون- مُؤَكَّدَة بـ(إِنَّ) واللام؟
الطالب: .....
الشيخ : واللام ولَّا لا؟
الطالب: ... جار ومجرور..
الشيخ : هذه جار ومجرُور ....؟ طيب (( لَكُم عَدُوٌّ )) ولم يقل: إِنَّ الشَّيْطَانَ عَدُوُّكُم، لِثُبُوت هذه العَدَاوَة (( لَكُمْ عَدُو )) ولهذا أتى بالجملة الاسمية الـمُكَوَّنَة مِن مُبْتَدَأٍ وَخَبَر، فـ(( عَدو )) مبتدأ مُؤَخَّر، و(( لكم )) خبر مُقَدَّم، تقْدِيمُ الخَبَر هنا يُفِيد الحَصْر يعني كأنه ليس عَدُوًّا إلا لكم، كأنه قال: ليس عدوًّا إلا لَكُم، ومَعْلُوم أنَّ مَن انحصَرَتْ عداوَتُه في شَخْص فإنه يَجِبُ عليه أن يحتَرِزَ مِنْه أَكثَر وأكثر، وقولُه: (( عَدُو )) على وزن فَعُول فهي صِفَة مُشَبَّهَة، والعَدُوُّ ضِدُّ الوَلِيّ، فإذا كانَ الوَلِيُّ هو النَّاصِر الـمُتَوَلِّي لأمرِك المعتَنِي به، فالعَدُو هو الخَائِن الذي لا يَهُمُّه أمرُك، فالشيطان عَدُو يقول الله عز وجل: (( فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )) لَمَّا أكَّدَ أنَّه عَدُوٌّ لنا أكَّدَ على ذَلك قال: (( فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )) والفَاء هنا يُسَمُّونَهَا فاء التفْرِيع أي فبِسَبَبِ ثُبُوتِ كَوْنِه عدُوًّا اتَّخِذُوه عَدُوًّا يعني اجْعَلُوه عدوًّا لكم بحيث تنفُرُون منه نُفُورَكم مِنَ الأعداء، فإذا قال قائل: ما الذي يدُلُّنا على عداوَتِهِ أو كيف نتَّخِذُه عَدُوًّا؟ الجواب: نَتَّخِذُه عَدُوًّا بكراهَتِه وبغْضِه وبِعَدَم الانصِيَاع لأمرِه وَوَسْوَسَتِه لأنَّه هو كما قال الله عنه: (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ))[البقرة:268] هو لا يأْمُر إلا بالفَحْشَاء والسُّوء ومعصِيَةِ اللهِ عز وجل، فإذا أحسَسْت مِن نفسِك أنك تهْوَى المعصية فاعلم أن هذا مِن إملاء إبلِيس مِن إِمْلَاء الشيطان فيجب عليك أن تَنفُر مِن هذا، لأن هذا صادِرٌ مِن عَدُوٍّ لك لا يرِيد إلا إِضْرَارَك وخُذْلَانَك ولهذا قال الله تعالى: (( إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) قال المؤلف: " فَاتِّخِذُوهُ عَدُوًّا )) بطَاعَةِ الله ولا تُطِيعُوه " يعني أطِيعوا الله ولا تُطِيعوا الشيطان، وأنتم إذا أطعْتُم الله فإنَّ هذا أعظَم سِلَاح يُغِيظ هذا الشَّيْطَان اللي هو عَدُوٌّ لكم فإذا أطعْتَ الله عز وجل فإنَّك بذلك تُغِيظُ الشيطان وتَدْحَرُه وتُذِلُّه كما أنَّك تُذِلُّ أوليائَه أيضًا وتَغِيظُهم قال الله عز وجل: (( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا )) إلى أن قال: (( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ))[الفتح:29] فهؤلاء القَوْم بصِفَتِهم المذْكُورة يَغِيظُون الكُفَّار، والكفارُّ أوْلِيَاءُ الشَّيْطَان، وإذا كانوا يَغِيظُون الكُفَّار فإنهم يَغِيظُون أيضًا الشَّيْطَان، فأعظم شيء لِإِغاظة الشيطان هو أن تَقُوم بطاعَةِ الله عز وجل، يُرْوَى أنَّ الشيطان يقول عن بني آدم: أهلكْتُهم بالذُّنُوب وأهلَكُوني بـ(لا إله إلا اللهُ) والاستغْفَار، فالتَّوحِيد وسؤال المغفرة لاشك أن يُغِيظُ الشَّيْطَان.
يقولُ الله عزَّ وجل: (( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ )) أتباعَه في الكفر (( لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) النارِ الشَّدِيدة " (( إنما يدعو )) ( إنَّمَا ) أدَاة حَصِر تُفِيد إثبَات الحُكْم لِلمَذْكُور ونفْيَه عمَّا سِوَاه يعني ما يدعُو حزبَه إلا لِهذا العَمَل بأَن يكونُوا مِن أصْحَابِ السَّعِير، واللام في قولِه: (( لِيَكُونُوا مِن أصْحَابِ السَّعِير )) اللام هذه للعَهْد يعني يدْعُو حزبَه لِلشَّرّ والفحْشَاء لِأَجل أن يكونُوا مِن أصحاب السعير، وقولُ المؤلف " (( حزبَه )) أتباعَه في الكُفْر " قد يُقال: إنَّ فيه قُصُورًا، لِأَنَّ حِزْبَ الشيطان الحِزْبَ المطْلَق لاشَك أنهم كفار، لكن من عَصَى اللهَ عز وجل ولو لم يكن كافرًا في مَعْصِيَةٍ مِن المعاصِي فله مِن حِزْبِيَّةِ الشيطان بقدْرِ ما عَصَى الله، لكن الحزْبُ المطْلَق هم الكفار قال: (( ليكونوا من أصحاب السعير )) يعني مِن أَصْحَابِ النار، والسعير هو النَّار الشَّدِيدَة وإنما يدعوهم لذلك، لأنه لَمَّا غَوِى والعِيَاذُ بالله وتَكَبَّر عن طاعَةِ الله قال: (( قَالَ رَبِّ بمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ))[كذا] (( قَالَ فبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ))[كذا] لما خُذِل -والعِيَاذُ بالله- وطُرِد وصارَ غاوِيًا حَرِصَ على أن يكون له أتْبَاع في غَيِّهِ، وهذا أمْرٌ مُشَاهَد أهل الحق يَوَدُّون أن يكونُ لهم أتبَاعٌ في الحَقّ، وأهل الباطل يَوَدُّونَ أن يكُون لهم أتبَاعٌ في البَاطِل، فالشَّيْطان والعِياذ بالله لَمَّا كان مِن أصحاب النار أحَبَّ أن يكون الناس أي بَنِي آدَم أن يكُونَ الناسُ كلُّهم مِن أَصْحَابِ النَّار، هؤلاء الذُّرِّيَّة ذُرِّيَّة آدم ولَّا لا؟ وشَقَاءُ إبليس إنما كان لِتَرْكِهِ السُّجُود لآدَم فلا جَرَم أن يُضْلِل ذُرِّيَّتَه وأن يُحَاوِل بكل ما يستطيع إغوائَهم حتى يكونوا مِن أَصْحَابِ النَّار.
2 - تفسير قول الله تعالى : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( الذين كفروا لهم عذاب شديد ))
ثم قال تعالى: (( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) (( الذين كفروا )) مُبتدأ خَبَرُه جُمْلَة (( لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ))، والعذَابُ العُقُوبة، وأتَى بالجملة الاسمية لِتَحَقُّق أو لِثُبُوتِ هذا العذاب واستمرارِه لِأَنَّ الكافرين مُخَلَّدُون في نارِ جهنم، و( الشَّدِيدُ ) بمعنى القَوِيّ
تفسير قول الله تعالى : (( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ))
وأما غيرُهم قال: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )) (( الذين آمنوا )) الإيمَان مَحَلُّه القَلْب أي صَدَّقُوا بما يَجِبُ الإيمانُ به مَعَ القَبُول والإذْعَان، انْتَبِه والإيمان ليس مُجَرَّد التصديق بل هُو تصْدِيقٌ مقْرُونٌ بقَبُولٍ وإِذْعَان، قَبُولٍ و.. لِما آمَنَ به، وإِذْعَانٌ يقتَضِيهِ هذا الإِيمَان، أما مُجَرَّدُ التَّصْدِيق فليس إِيمَانًا، ولو شِئْتُم لَضَرَبْنَا مثلًا بأبِي طَالِب فَإِنَّ أبا طالب كان مُصَدِّقًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولكنَّه لم يأْبَه ولم يُذْعِن فلم يَنْفَعْه هذا التصديق، فالذين آمنوا أو صَدَّقُوا بما يجِبُ الإيمانُ به تصديقًاً مُسْتَلْزِمًا لِإِيش؟ لِلْقَبُول والإِذْعان وأما قوله: (( وَعَمِلُوا الصَّالِحَات )) فلابُدَّ مِن العمل الصالح حتى يَتِمَّ الإيمان ويتحَقَّق ويَتَبَيَّن، العمَلُ الصالح قال العلماء: " هو الذي كان خالِصًا صَوَابًا "، خالِصًا لِمَن؟ لله، صَوَابًا في مُوَافَقَةِ شَرِيعَةِ الله، وهذا التَّعْرِيف يَعُمُّ هذه الكلمة وغيرُها، فما كان خالِصًا لله مُوَافِقًا لشريعته فهو صَالِح، وما لم يكن كذلك فهو فَاسِد، فلو فُقِد الإِخْلَاصُ مِن العَمَل لم يكُن صَالِحًا، ولو وُجِدَ الإخْلاص لكن لم يَكُن على وَفْق الشريعة لم يكُن صَالِحًا، وعلى هذا فالأعْمَالُ البِدْعِيَّة وإنْ أَخْلَص فيها صاحبُها ليسَتْ بِصَالِحَة، والأعمَال الشَّرْعِيَّة إذا شارَكَها الرِّيَاء وإرَاءَة الخَلْق لم تكن صالِحَةً، وقولُه: (( عَمِلُوا الصالحات )) هذه تَتَكَرَّر في القرآن كَثِيرًا، وهي - على ما النَّحْوِيُّون- مِن باب حَذْفِ المنْعُوت ووُجُود النَّعْت لِلدَّلَالة عليه، ولَّا لَا؟ لأَنه الأصل: وعمِلُوا الأعْمَال الصالِحَات.
(( لهم مَغْفِرَةٌ وأَجْرٌ كَبِيرٌ )) ففي (الذين آمنوا وعمِلوا الصالحات) ذَكَرَ عَمَلَيْن لهم وذَكَرَ لهم جَزَائَيْن، الذين كفروا ذَكَرَ عَمَلًا واحِدًا وجَزَاءً واحِدًا، (( الذين كَفَرُوا لَهُم عَذَابٌ شَدِيدٌ )) العَمَل الكفر، والجزاء العذاب الشديد، أمَّا الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحات فهذان عَمَلان، والجزاء (( لهم مغفرَة وأجْرٌ كبير )) مَغْفِرَةٌ لذنُوبِهم (( وأجرٌ كبير )) على أعمالِهم الصالِحَات، والمغفرة هي صَرْفُ الذَّنْب والتَّجَاوُزُ عنه لأنها مَأْخُوذَة مِن الـمِغْفَر وهو ما يُسْتَرُ به الرأس للوِقَاية مِن السهام وهذا لا يكُونُ إلا إذا كان قَوِيًّا يمْنَع، وليست الـمَغْفِرَة مُجَرَّد السَّتْر، لِأن مُجَرَّد السَّتْر والعُقُوبَة ليس بِمَغْفِرَة بل لابُدَّ مِن أمرين: السَّتْر وعَدَم الـمُؤَاخَذَة، وقوله: (( وأَجْرٌ )) الأَجْر الثَّوَاب الذي يُجَازَى به العامِل، حتى الأُجْرَة مثلًا إذا استأْجَرْتَ رَجُلًا يعمَلُ لك عملًا وأعطَيتَه أُجْرَة فهذا أجْر، وسَمَّى الله عز وجل الثواب أجرًا، لأنه لابُدَّ أن ينالَه العامِل فهو كَأُجْرَةِ .. والمسْتَأْجَر أو كأُجْرة الأَجِير فلابد أن ينالَه العامل وهذا كقوله تعالى: (( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا )) فسَمَّى العمَلَ للهِ قرضًا، لأَنَّ القرض يَجِبُ الإيفاء به فمِثْل هذه الآيات تَدُلُّ على أنَّ الله عز وجل أَوْجَبَ على نفسِه أن يُثِيب العَامِل، وقولُه: (( أجر كبير )) كبيرٌ في حَجْمِه أو كبيرٌ في معناه؟ أو الجميع؟ لأَنَّ الإنسان في الجَنَّة ينظُر إلى، أدْنَاهم مَنْزِلَة مَن ينظُر إلى مُلْكِهِ مَسِيرَةَ ألْفَيْ عَام، ينظر أقصَاه كَما ينْظُر أَدْنَاه، وهذا لا شَكَّ أنه كبيرٌ واسِع، وكذلك في المعنى، لأنَّه دَائِم وثَابِت، طيب قال: " هذا بَيَانُ ما لِمُوَافِقِي الشَّيْطَان ومَا لِمُخَالِفِيهِ " مُوَافِقِي الشَّيْطَان مَن هُم؟ الذين كَفَروا، ومُخَالِفُوه؟ الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحات، إذًا يجِبُ علينا أن نَتَّخِذَ الشيطانَ عَدُوًّا بالإيمان والعمل الصالح
(( لهم مَغْفِرَةٌ وأَجْرٌ كَبِيرٌ )) ففي (الذين آمنوا وعمِلوا الصالحات) ذَكَرَ عَمَلَيْن لهم وذَكَرَ لهم جَزَائَيْن، الذين كفروا ذَكَرَ عَمَلًا واحِدًا وجَزَاءً واحِدًا، (( الذين كَفَرُوا لَهُم عَذَابٌ شَدِيدٌ )) العَمَل الكفر، والجزاء العذاب الشديد، أمَّا الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحات فهذان عَمَلان، والجزاء (( لهم مغفرَة وأجْرٌ كبير )) مَغْفِرَةٌ لذنُوبِهم (( وأجرٌ كبير )) على أعمالِهم الصالِحَات، والمغفرة هي صَرْفُ الذَّنْب والتَّجَاوُزُ عنه لأنها مَأْخُوذَة مِن الـمِغْفَر وهو ما يُسْتَرُ به الرأس للوِقَاية مِن السهام وهذا لا يكُونُ إلا إذا كان قَوِيًّا يمْنَع، وليست الـمَغْفِرَة مُجَرَّد السَّتْر، لِأن مُجَرَّد السَّتْر والعُقُوبَة ليس بِمَغْفِرَة بل لابُدَّ مِن أمرين: السَّتْر وعَدَم الـمُؤَاخَذَة، وقوله: (( وأَجْرٌ )) الأَجْر الثَّوَاب الذي يُجَازَى به العامِل، حتى الأُجْرَة مثلًا إذا استأْجَرْتَ رَجُلًا يعمَلُ لك عملًا وأعطَيتَه أُجْرَة فهذا أجْر، وسَمَّى الله عز وجل الثواب أجرًا، لأنه لابُدَّ أن ينالَه العامِل فهو كَأُجْرَةِ .. والمسْتَأْجَر أو كأُجْرة الأَجِير فلابد أن ينالَه العامل وهذا كقوله تعالى: (( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا )) فسَمَّى العمَلَ للهِ قرضًا، لأَنَّ القرض يَجِبُ الإيفاء به فمِثْل هذه الآيات تَدُلُّ على أنَّ الله عز وجل أَوْجَبَ على نفسِه أن يُثِيب العَامِل، وقولُه: (( أجر كبير )) كبيرٌ في حَجْمِه أو كبيرٌ في معناه؟ أو الجميع؟ لأَنَّ الإنسان في الجَنَّة ينظُر إلى، أدْنَاهم مَنْزِلَة مَن ينظُر إلى مُلْكِهِ مَسِيرَةَ ألْفَيْ عَام، ينظر أقصَاه كَما ينْظُر أَدْنَاه، وهذا لا شَكَّ أنه كبيرٌ واسِع، وكذلك في المعنى، لأنَّه دَائِم وثَابِت، طيب قال: " هذا بَيَانُ ما لِمُوَافِقِي الشَّيْطَان ومَا لِمُخَالِفِيهِ " مُوَافِقِي الشَّيْطَان مَن هُم؟ الذين كَفَروا، ومُخَالِفُوه؟ الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحات، إذًا يجِبُ علينا أن نَتَّخِذَ الشيطانَ عَدُوًّا بالإيمان والعمل الصالح
تفسير قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ))
قال المؤلف: " وَنَزَلَ في أبي جَهْلٍ وغيرِه (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ )) " إلى آخِرِه، أبو جهل كان يُسَمَّى في الجاهِلِية أبا الحَكَم يعني أنَّه ذُو حِكْمَة وعَقْل ورَوِيَّة لكنه سُمِّي في الإسلام أبا جَهْل، لأن أعظَمَ جَهْلِه أن يَبْقَى على كُفْرِه ولا يُؤْمِن بالله، نَزَل (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )) (( أَفَمَن )) الهمزة هنا للاستفهام، والفاء حَرْفُ عطف، والمعطوف عليه مُختَلَفٌ فيه فمنهم مَن قال: إنَّه مُقَدَّرٌ بين الهمزة وحرفِ العطف ويكونُ بحسب السياق، ومنهم مَن قال: إنه مَعْطُوف إنَّ المعطُوف عليه ما سبق، فعلى الأَوَّل: نُقَدِّر المحذوف بما يُنَاسِبُ المقام فمثلًا قولُه تعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ ))[يوسف:109] التقدير: أَغَفَلُوا فلم يسيروا في الأرض، وهنا يقول: (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عمله )) نُقَدِّرُها بما يُنَاسِب فنقول في التقدير إيش: أتُدْرِكُون هذا الشيء فَمَنْ زُيِّنَ له سُوء عمَلِه، أو نقول: أَيَسْتَوِي الـمُؤْمِن والكَافِر فَمَن زُيِّن له سُوء عمله، ولكن القول الثاني في المسألة - أنَّه معطوف على ما سبق - أحسَن لماذا؟ لِأَنَّ الأصل عَدَمُ التقدير، ولأنه في بعض الأحيان يصْعُبُ على الإنسان أن يُقَدِّر المحذُوف، وعلى هذا القَول يقولون: إنَّ الفَاء تُقَدَّرُ سَابِقَةً للهمزة ... حرف العطف يُقَدَّرُ سابقًا للهمزة يكون فيه تقديم وتأخير، والتقدير على هذا فَأَمَن زُيِّن له سُوء عمله، وقوله: (( زُيِّنَ له سُوءُ عَمَلِه )) مَن الـمُزَيِّن؟ ذَكَرَ الله عز وجل أن الـمزَيِّن الشيطان، وذَكَر أنَّ الـمُزَيِّن هُو الله (( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ))[النمل:4]، وقال تعالى: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ))[النمل:24]، وفي بعض الآيات يكون الـمُزَيِّن مُبْهَمًا كما في هذه الآية، وكما في قوله: (( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ))[آل عمران:14] إلى آخرِه فالمزين الله، والمزين الشَّيطَان: فإذا قلت: كيف تجمع بين هذا وهذا؟ فالجَوَاب أنَّ المزَيِّن المباشِر هو الشيطان، أمَّا الله فهو مُزَيِّنٌ بالتقْدِير يعني هو الذي قَدَّر على الشيطان أَن يُزَيِّن لهم، ومعْلُومٌ أنَّ الله تعالى خَالِق الشيطان وما نَتَجَ مِن أَعْمَالِه فهو مُضَافٌ إلى الله كما نقول في الإنسان: أنَّه مخلوق لله وما نَتَج مِن أعماله فهو مخلوقٌ للهِ عز وجل، فيكون تَزْيِينُ الله تعالى حَسَب التقدير، يعني هو الذي قَدَّر أن يُزَيِّن الشَّيْطَان لَهُم أعمالَهم، وقولُه: (( زُيِّنَ لَه سُوءُ عَمَلِه )) (عَمَل هو مُضَاف مُفْرَدٌ مُضَاف ويَشْمَل كُلَّ الأعمال سَوَاءٌ كان الشِّرك أَو العُدْوَان على الغَيْر أو سُوءُ السُّلوك وفَسَاد الأخْلَاق أو غير ذلك المهم أنه شَامِل لِكُلِّ الأعمال، وقال المؤلف: " بالتَّمْوِيه " وش معنى (بالتَّمْوِيه)؟ أنه يُمَوِّه على الناس أنَّ هذا العمل الذي يقُوم به عَمَلٌ حَسَن، (( فَرَآهُ حَسَنًا )) (( فَرَآهُ )) أي رَأَى سُوءَ عَمَلِه حَسَنًا وهذا أشَدّ ما يكون أن يكونَ الإنسان على خَطَأ ويرى أنَّه على صَوَاب، لأَنَّ مثل هذا لا يَكَادُ يُقْلِعُ عن غَيِّه حَيْثُ أَنَّه يَعْتَبِرُه صَوَابًا، ومِن ذلك - مثلًا - أصْحَاب الحِيَل الـمُخَادِعُون فالـمُنَافِقُ مثلًا زُيِّنَ له سوءُ عملِه، لأنَّه يرَى أنَّه ذَكِي (( إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ ))[البقرة:14] وهذا مِن سُوءِ العمل، الـمُتَحَيِّلُونَ على الرِّبَا بأنواعِ الحِيَل هؤلاء أيْضًا زُيِّنَ لهم سُوءُ أعمالِهم ولهذا لا تكَاد تجِدُهم يقلِعُون على ما هم عليه لأنَّه قد زُيِّنَ ذلك في نفوسِهم فلا يُقْلِعُون عنه، المهم أنَّ هذا له أَمْثِلَة كَثِيرَة، بقي علينا أن نقُول: (( مَنْ )) مبتدأ فأين خبره؟ قال المؤلِّف رحمه الله تعالى: " (مَن) مبتدأ خبرُه (كمن هَدَاهُ الله) " بعده؟
الطالب: " لا، دل عليه "
الشيخ : طيب (( أَفَمَن زُيِّن له سوء عمله )) يعني كَمَن لم يُزَيَّن له سوءُ عمَلِهِ ورأى سُوءَ عمله سَيِّئًا لأَنَّ الذي زُيِّنَ له سوءُ عمله سيَسْتَمِر عليه والذي رآه سَيِّئًا سوف يَتَجَنَّبُه وهذا هو معنى قول المؤلف: " كمَن هداه الله " ومثلُ هذا التعبير يأتي في القرآن كثيرًا كما في قوله تعالى: (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] فالخبر محذوف أي كمَن ليسَ كذلك يقول: " لا " إيش معنى " لا "؟ يعني: ليس هذا كهذا، لأن بينهما فرْق فإنَّ مَن زُيِّنَ له سوءُ عمله سيبقى على ضلالِه ومَن لم يُزَيِّن له سوءُ عملِه فرآه سَيِّئًا فسيتجَنَّبُه ولا يقَعُ فيه، قال المؤلف: " دَلَّ عليه (( فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يشاء " دل عليه ..... طيب
الطالب: " لا، دل عليه "
الشيخ : طيب (( أَفَمَن زُيِّن له سوء عمله )) يعني كَمَن لم يُزَيَّن له سوءُ عمَلِهِ ورأى سُوءَ عمله سَيِّئًا لأَنَّ الذي زُيِّنَ له سوءُ عمله سيَسْتَمِر عليه والذي رآه سَيِّئًا سوف يَتَجَنَّبُه وهذا هو معنى قول المؤلف: " كمَن هداه الله " ومثلُ هذا التعبير يأتي في القرآن كثيرًا كما في قوله تعالى: (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] فالخبر محذوف أي كمَن ليسَ كذلك يقول: " لا " إيش معنى " لا "؟ يعني: ليس هذا كهذا، لأن بينهما فرْق فإنَّ مَن زُيِّنَ له سوءُ عمله سيبقى على ضلالِه ومَن لم يُزَيِّن له سوءُ عملِه فرآه سَيِّئًا فسيتجَنَّبُه ولا يقَعُ فيه، قال المؤلف: " دَلَّ عليه (( فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يشاء " دل عليه ..... طيب
تفسير قول الله تعالى : (( فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ))
(( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) وعلى هذا فالفاءُ هنا ليست واقِعَةً في خبر المبْتَدَأ بل خبَرُ المبتدأ مَحْذُوف، لكنَّها عطْفٌ على ذلك الخَبر أي فَإِنَّ اللهَ يضِلُّ مَن يشاء عن الحق فلا يهتَدي إليه (( ويهدي من يشاء )) إلى الحَقّ فَيَلْتَزِمُه، وهنا يقُول: (( يُضِلُّ من يشاء )) يمُرُّ علينا كثيرًا تعلِيق الأشياء بالمشِيئَة ولكنَّنا قلنا ونقُول: إنَّ هذه المشيئة مقْرُونَة بالحكمة، فمَنِ اقْتَضَتْ حكمةُ اللهِ عز وجل أن يَضِلّ أَضَلَّه ومَنِ اقتَضَتْ حكمَتُه أن يَهْدِيَه هداه، مَن الذي تقتضي حكمةُ الله عز وجل أن يُضِلَّه؟ هو الذي أَرادَ الضلال كما قال تعالى: (( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ))[الصف:5] فإذًا إضلالُ الله تعالى لِلعبد في محلِّه وذلك بأن يكون هذا الرجل لا يريد الخير وإنَّما يريد الشَرّ واعْلَمْ أنَّ الهِدَايةَ والضلال إمَّا عَدْل وإما فَضْل، الضَّلَال عدْل لأنه جُوزِيَ بحسَب ما أرَاد، لَمَّا أرادَ الضَّلال - والعياذ بالله - وزاغَ قلبه أُزِيغ، وأمَّا الهِدَاية فإنَّها فَضْل فَضْلٌ مِن الله عز وجل يتَفَضَّلُ بها على مَن يشاءُ مِن عِبَادِه ولهذا نقول: لو قال قائل: كيف يجْعَلُ الله تعالى هذا مُهْتَدِيًا وهذا ضالًّا أليس هذا ظُلْمًا؟ فالجواب: لا، لأن مَنْع الهداية مِن هذا المقْتَضَى، الضَالّ إنَّما هو بِمُقْتَضَى عدلِه أما هِدَايَةُ المهْتَدِي فهو بفَضْلِه فنقول: إن مَنَعَكَ ما هُو لك فقد ظَلَمَك وإن منَعَك فضله فَفَضْلُ الله يؤتيه ما يشَاء ولولا أنَّك لستَ أهلًا للهداية ما منعَك اللهُ الهداية.
فوائد قول الله تعالى : (( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ))
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ )) إلى آخرِه في هذه الآية فوائد عديدة:
أوَّلًا: أهَمِّيَّةُ التَّصْدِيق بوَعد الله عز وجل وجهُ ذلك لَمَّا صَدَّرَهُ بالنِّدَاء قال: (( يا أيها الناس )).
ثانيًا: أنَّ الكفار مُخَاطَبُونَ بالفُرُوع أو بفُرُوعِ الدين وأصولِه، لِأَنَّ الخطاب هنا عَامٌّ (( يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق )).
ومِن فَوائدها: أنَّ وعدَ الله لابُدَّ أن يقَع، لأن خبرٌ مِن صادِقٍ قادِر لِقَوْلُه: (( إنَّ وعدَ اللهِ حَقٌ )) أَي صِدْقٌ في حَال الخَبَرِ عنه واقِعٌ في حَال إيقَاعِه فمن فوائدِها هنا أن ما وعدَ اللهُ به فهو حَقٌّ لابد أن يقع.
ومِن فوائدها: أنَّه يجِب على الإنسان ألَّا يغْتَرَّ بالدنيا مهما حصلَ له من زهْرَتِها ونعيمِها، لِقولِه: (( فلا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا )).
ومِن فوائدها أيضًا: أنَّ مَن .. بالدنيا فإنَّه مخدُوع، لِقولِه: (( فلا تغرنَّكم )) أي تخدَعَنَّكم لأَنَّ العَاقِل لا ينْخَدِع بها، ومنها الإِشَارة إلى وُجُوب العِنَايةِ بالآخِرَة لقولِه: (( فلا تغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا )) وإِذا نُهِينَا عنِ الحياة الدنيا فمعناها أنَّنَا نُلْزَم أو نُؤْمَر بالعِنَاية بالآخِرَة لأنها - الحقيقة - هي المنْتَهى أمَّا هذه الدنيا فإنَّ الإنسان يمُرُّها عابرًا فقط، حتى القبور التي يبْقَى فيها الإنسان مِن السنوات مالا يعلَمُه إلا الله هي مَحَلّ عُبُور قال الله تعالى: (( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ))[التكاثر1:2] سمِع أعرابي رجلًا يقرأ هذه الآية فقال: والله ما الزائر بِمُقِيم أو إنَّ الزائر لَظَاعِن،..قال: (( حتى زرتم )) والمعروف أن الزائر يبقى مُدَّة ثم يَنْصَرِف.
طيب ومِن فوائدها أيضًا: دُنُوُّ الدنيا مَرْتَبَة ودناءَتُها لقولِه: (( الدُّنيا )) فهي وإن كانَت حَيَاة لكنَّها دنيا ويَسْتَلْزِم ذلك الثنَاءَ على الآخِرة، لِأَنَّ وصف الضَرَّة بعيب يدل على وصْفِ ضَرَّتِها بكَمَال نعم، قال الله تعالى: (( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ))[الأعلى:17].
ومِن فوائد الآية الكريمة: جوَاز تَنَعُّمِ الإنسان في الدنيا على وَجْهٍ لا تَغُرُّه لقولِه: (( فلا تغُرَّنَّكم )) ولم يقل: فلا تَتَنَعَّمُوا في الدنيا بِشَيْء بل قال: (( فلا تغرنكم الحياة الدنيا )).
ومنها: عِظَمُ الخَطَر مِن كَثْرَةِ المال ويُسْرِ العَيْش لأن هؤلاء قد يشغَل الـمَرْء قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ( والله ما الفقرَ أخشَى عليكم وإنَّما أخشَى أن تُفْتَحَ عليكم الدنيا فتَنَافَسُوها كما تنافسوها فتهلكَكم كما أهلكَتْهم ).
طيب ومِن فوائد الآية الكريمة: وُجُوب الحَذَر مِن الشيطان ووسَاوِسِه لقولِه: (( ولا يغرنكم بالله الغَرُور )) وسواءٌ كان الشيطانُ إنسِيًّا أو جِنِّيًا، لأَنَّ الشيطان الإنْسِيّ يغُرُّ الإنسان كما يغُرُّهُ شيطانُ الجِنّ.
ومِن فوائد الآية الكريمة: الحَذَر الشَّدِيد مِن هذا الذي يَغُرُّنَا مِن شَيَاطِين الإِنْس والجِنّ لأنَّه وصفَه بقولِه: (( الغرور )) والغَرُور كما قلنا إمَّا صِفَةٌ مُشَبَّه[كذا] وإما صِيغَة مُبَالَغَة ما قلنا إنها مَصْدَر (( الغَرُور )) نعم.
طيب
أوَّلًا: أهَمِّيَّةُ التَّصْدِيق بوَعد الله عز وجل وجهُ ذلك لَمَّا صَدَّرَهُ بالنِّدَاء قال: (( يا أيها الناس )).
ثانيًا: أنَّ الكفار مُخَاطَبُونَ بالفُرُوع أو بفُرُوعِ الدين وأصولِه، لِأَنَّ الخطاب هنا عَامٌّ (( يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق )).
ومِن فَوائدها: أنَّ وعدَ الله لابُدَّ أن يقَع، لأن خبرٌ مِن صادِقٍ قادِر لِقَوْلُه: (( إنَّ وعدَ اللهِ حَقٌ )) أَي صِدْقٌ في حَال الخَبَرِ عنه واقِعٌ في حَال إيقَاعِه فمن فوائدِها هنا أن ما وعدَ اللهُ به فهو حَقٌّ لابد أن يقع.
ومِن فوائدها: أنَّه يجِب على الإنسان ألَّا يغْتَرَّ بالدنيا مهما حصلَ له من زهْرَتِها ونعيمِها، لِقولِه: (( فلا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا )).
ومِن فوائدها أيضًا: أنَّ مَن .. بالدنيا فإنَّه مخدُوع، لِقولِه: (( فلا تغرنَّكم )) أي تخدَعَنَّكم لأَنَّ العَاقِل لا ينْخَدِع بها، ومنها الإِشَارة إلى وُجُوب العِنَايةِ بالآخِرَة لقولِه: (( فلا تغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا )) وإِذا نُهِينَا عنِ الحياة الدنيا فمعناها أنَّنَا نُلْزَم أو نُؤْمَر بالعِنَاية بالآخِرَة لأنها - الحقيقة - هي المنْتَهى أمَّا هذه الدنيا فإنَّ الإنسان يمُرُّها عابرًا فقط، حتى القبور التي يبْقَى فيها الإنسان مِن السنوات مالا يعلَمُه إلا الله هي مَحَلّ عُبُور قال الله تعالى: (( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ))[التكاثر1:2] سمِع أعرابي رجلًا يقرأ هذه الآية فقال: والله ما الزائر بِمُقِيم أو إنَّ الزائر لَظَاعِن،..قال: (( حتى زرتم )) والمعروف أن الزائر يبقى مُدَّة ثم يَنْصَرِف.
طيب ومِن فوائدها أيضًا: دُنُوُّ الدنيا مَرْتَبَة ودناءَتُها لقولِه: (( الدُّنيا )) فهي وإن كانَت حَيَاة لكنَّها دنيا ويَسْتَلْزِم ذلك الثنَاءَ على الآخِرة، لِأَنَّ وصف الضَرَّة بعيب يدل على وصْفِ ضَرَّتِها بكَمَال نعم، قال الله تعالى: (( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ))[الأعلى:17].
ومِن فوائد الآية الكريمة: جوَاز تَنَعُّمِ الإنسان في الدنيا على وَجْهٍ لا تَغُرُّه لقولِه: (( فلا تغُرَّنَّكم )) ولم يقل: فلا تَتَنَعَّمُوا في الدنيا بِشَيْء بل قال: (( فلا تغرنكم الحياة الدنيا )).
ومنها: عِظَمُ الخَطَر مِن كَثْرَةِ المال ويُسْرِ العَيْش لأن هؤلاء قد يشغَل الـمَرْء قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ( والله ما الفقرَ أخشَى عليكم وإنَّما أخشَى أن تُفْتَحَ عليكم الدنيا فتَنَافَسُوها كما تنافسوها فتهلكَكم كما أهلكَتْهم ).
طيب ومِن فوائد الآية الكريمة: وُجُوب الحَذَر مِن الشيطان ووسَاوِسِه لقولِه: (( ولا يغرنكم بالله الغَرُور )) وسواءٌ كان الشيطانُ إنسِيًّا أو جِنِّيًا، لأَنَّ الشيطان الإنْسِيّ يغُرُّ الإنسان كما يغُرُّهُ شيطانُ الجِنّ.
ومِن فوائد الآية الكريمة: الحَذَر الشَّدِيد مِن هذا الذي يَغُرُّنَا مِن شَيَاطِين الإِنْس والجِنّ لأنَّه وصفَه بقولِه: (( الغرور )) والغَرُور كما قلنا إمَّا صِفَةٌ مُشَبَّه[كذا] وإما صِيغَة مُبَالَغَة ما قلنا إنها مَصْدَر (( الغَرُور )) نعم.
طيب
7 - فوائد قول الله تعالى : (( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ))
ثم قال تعالى: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )) إلى آخِرِه.
من فوائد الآية الكريمة: إثبات الشيطان لقولِه: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
ومنها: إثباتُ عداوَتِه المؤَكَّدَة للإِنسَان لقولِه: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
ومنها: أهميةُ إيمانِنَا بذلِك، وجهُه؟
الطالب: .....
الشيخ : لا.
الطالب: .....
الشيخ : لا.
الطالب: الشيطان لكم عدو
الشيخ : إي لكن هو وش وجهُه أهَمِّيَّة عِلْمِنا بأنَّه عَدُوّ؟
الطالب: .....
الشيخ : لا ما، إنه توكيد وجهُ ذلك؟
الطالب: أنه أكَّدَه .. باللام.
الشيخ : لا لا، اللام ما هي مُؤَكَّدَة، لكن وجهُ كونهم .. أُكِّد صارَ فيه أهَمِّيَّة عِلْمِنَا بذلك.
الطالب: ... إذا أُكِّد بأنَّ الشيطان لنا عدُو فإذًا نحذر منه أكثر من ..
الشيخ : ... طيب مثْلُ ... مَرَّ علينا في البلاغَة أنَّ الخطَاب الخبَرِي هو الخِطَاب الذي يُلْقَى إلى المخاطَب بدون توكِيد، مَا مَرَّ علينا هذا؟ في البلاغة أنَّ الخطَاب الخبري هو الذي يُلْقَى إلى المخاطَب بغير تَوْكِيد، وأنَّه لا يُؤَكَّد في مَقَام الخِطَاب الخبري إلا بسَبَب، أن الخِطَاب الخبري إذا أُلْقِي إلى إِنسانٍ خالي الذهن فإنَّه لا يُؤَكَّد، لأنَّه لا داعي للتوكيد، التوكيد ليس فيه إلا زيادة كلمات لا فائدة منها، لكن إذا كان الأمر ذا أهمية فإنه يُؤَكَّد ولو كان الإنسان خَالِي الذِّهْن، عَرَفْتُم؟ فإذا كان عالِمًا بالأمر صار أيضًا توكيدُه أبلَغ، ... نحتاج إلى التوكيد أو فيها، فالآن نقول: فإن الله أكَّد هذا الكلام ولمخاطب خالي الذهن أو عَالِمٍ به من قبل يدُلُّ على أهمية الإيمان بهذا الأمر الذي عليه الشيطان، وهو أنَّه لنا عدُو، وقد قال علماء البلاغة: إن الخبر إذا أُلْقِيَ إلى عالِمٍ به مؤكَّدًا كان ذلك مِن أَجْلِ أنَّ هذا المخاطَب نُزِّلَ منْزِلَة المنْكِر لكونِه لم يَقُمْ بما يقتَضِيه هذا الخطاب ومَثَّلُوا لذلك بقولِه تعالى: (( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ))[المؤمنون:15] كلٌّ يعلم أنَّه سَيَمُوت، لكن لِماذا أكَّدَ لنا الموت ونحن نعلَمُ به ونتَأَكَّد منه؟ لِأَنَّ فعلَنا فعل المنْكِرِ لِلموت حيثُ إنَّنا لا نُصَدِّق ولا نعمل لِمَا بعد الموت، طيب إذًا نأخُذ مِن هذه الآية أهميةُ إيمانِنا بأنَّ الشيطانَ لنا عدُوّ، طيب مِن أينَ علِمْنَا ذلك؟ لأنَّه أُكِّدَ الخبر مع أنه يُنْقَل إلى إنسانٍ خالي الذهن لا يدري بِأَنَّ الشيطانَ عَدُوّ، أو إلى إنسانٍ عالمٍ به ولكنه نُزِّلَ مَنْزِلَة المنْكِر، لكونِه لم يتَّخِذِ الشيطان عدوًّا له.
ومِن فوائد الآية الكريمة: وُجُوب البُعْد عمَّا يأمُرُ به الشيطان، لقولِه: (( فاتخذوه عدُوًّا )).
ومِن فوائدِها أيضًا: ذِكْرُ الأوصَاف الـمَذْمُومَة إذا كان المقصودُ بها نُصْحَ الـمُخَاطَب لقولِه: (( إِنَّ الشيطان لكم عَدُوًّا فاتخذوه عَدُوًّا )) لو رأيتَ شخصًا مُغْتَرًّا بآخر يحسِبُه صديقَه، وهذا الشَّخْصُ الذي اغتَرَّ بِه صاحبُه عدُوٌّ له نعلم أنَّه يُرِيدُ أن يُوقِعَ به كُلَّ سُوء فإنه يجِبُ علينا أن ننصَحَه عنه ونذْكُر معايِبَ هذا الشخص حتى لا يغتَرَّ به فنقول: .. تُصاحِبُ فُلَانًا وهو عدُوٌّ لك، نعم حتى وإن كانَت عداوَتُه لكونِه يهْدِيهِ إلى صِرَاطِ الجحِيم، أي نعم.
ومِن فوائد الآية الكريمة: بيانُ رحمةِ اللهِ تعالى بعبادِه، لأنَّ العِلْمَ بعداوةِ الشيطان غيرُ مُدْرَكٍ لهم، ولكنَّه تعالى هو الذي أخبرَنَا به ثم حَثَّنَا بل أمرَنا بمخالَفَتِه لقولِه: (( فاتَّخِذُوه عدوًّا )) .
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الشيطان له في بنِي آدَم إراداتٌ سَيِّئَة
من فوائد الآية الكريمة: إثبات الشيطان لقولِه: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
ومنها: إثباتُ عداوَتِه المؤَكَّدَة للإِنسَان لقولِه: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
ومنها: أهميةُ إيمانِنَا بذلِك، وجهُه؟
الطالب: .....
الشيخ : لا.
الطالب: .....
الشيخ : لا.
الطالب: الشيطان لكم عدو
الشيخ : إي لكن هو وش وجهُه أهَمِّيَّة عِلْمِنا بأنَّه عَدُوّ؟
الطالب: .....
الشيخ : لا ما، إنه توكيد وجهُ ذلك؟
الطالب: أنه أكَّدَه .. باللام.
الشيخ : لا لا، اللام ما هي مُؤَكَّدَة، لكن وجهُ كونهم .. أُكِّد صارَ فيه أهَمِّيَّة عِلْمِنَا بذلك.
الطالب: ... إذا أُكِّد بأنَّ الشيطان لنا عدُو فإذًا نحذر منه أكثر من ..
الشيخ : ... طيب مثْلُ ... مَرَّ علينا في البلاغَة أنَّ الخطَاب الخبَرِي هو الخِطَاب الذي يُلْقَى إلى المخاطَب بدون توكِيد، مَا مَرَّ علينا هذا؟ في البلاغة أنَّ الخطَاب الخبري هو الذي يُلْقَى إلى المخاطَب بغير تَوْكِيد، وأنَّه لا يُؤَكَّد في مَقَام الخِطَاب الخبري إلا بسَبَب، أن الخِطَاب الخبري إذا أُلْقِي إلى إِنسانٍ خالي الذهن فإنَّه لا يُؤَكَّد، لأنَّه لا داعي للتوكيد، التوكيد ليس فيه إلا زيادة كلمات لا فائدة منها، لكن إذا كان الأمر ذا أهمية فإنه يُؤَكَّد ولو كان الإنسان خَالِي الذِّهْن، عَرَفْتُم؟ فإذا كان عالِمًا بالأمر صار أيضًا توكيدُه أبلَغ، ... نحتاج إلى التوكيد أو فيها، فالآن نقول: فإن الله أكَّد هذا الكلام ولمخاطب خالي الذهن أو عَالِمٍ به من قبل يدُلُّ على أهمية الإيمان بهذا الأمر الذي عليه الشيطان، وهو أنَّه لنا عدُو، وقد قال علماء البلاغة: إن الخبر إذا أُلْقِيَ إلى عالِمٍ به مؤكَّدًا كان ذلك مِن أَجْلِ أنَّ هذا المخاطَب نُزِّلَ منْزِلَة المنْكِر لكونِه لم يَقُمْ بما يقتَضِيه هذا الخطاب ومَثَّلُوا لذلك بقولِه تعالى: (( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ))[المؤمنون:15] كلٌّ يعلم أنَّه سَيَمُوت، لكن لِماذا أكَّدَ لنا الموت ونحن نعلَمُ به ونتَأَكَّد منه؟ لِأَنَّ فعلَنا فعل المنْكِرِ لِلموت حيثُ إنَّنا لا نُصَدِّق ولا نعمل لِمَا بعد الموت، طيب إذًا نأخُذ مِن هذه الآية أهميةُ إيمانِنا بأنَّ الشيطانَ لنا عدُوّ، طيب مِن أينَ علِمْنَا ذلك؟ لأنَّه أُكِّدَ الخبر مع أنه يُنْقَل إلى إنسانٍ خالي الذهن لا يدري بِأَنَّ الشيطانَ عَدُوّ، أو إلى إنسانٍ عالمٍ به ولكنه نُزِّلَ مَنْزِلَة المنْكِر، لكونِه لم يتَّخِذِ الشيطان عدوًّا له.
ومِن فوائد الآية الكريمة: وُجُوب البُعْد عمَّا يأمُرُ به الشيطان، لقولِه: (( فاتخذوه عدُوًّا )).
ومِن فوائدِها أيضًا: ذِكْرُ الأوصَاف الـمَذْمُومَة إذا كان المقصودُ بها نُصْحَ الـمُخَاطَب لقولِه: (( إِنَّ الشيطان لكم عَدُوًّا فاتخذوه عَدُوًّا )) لو رأيتَ شخصًا مُغْتَرًّا بآخر يحسِبُه صديقَه، وهذا الشَّخْصُ الذي اغتَرَّ بِه صاحبُه عدُوٌّ له نعلم أنَّه يُرِيدُ أن يُوقِعَ به كُلَّ سُوء فإنه يجِبُ علينا أن ننصَحَه عنه ونذْكُر معايِبَ هذا الشخص حتى لا يغتَرَّ به فنقول: .. تُصاحِبُ فُلَانًا وهو عدُوٌّ لك، نعم حتى وإن كانَت عداوَتُه لكونِه يهْدِيهِ إلى صِرَاطِ الجحِيم، أي نعم.
ومِن فوائد الآية الكريمة: بيانُ رحمةِ اللهِ تعالى بعبادِه، لأنَّ العِلْمَ بعداوةِ الشيطان غيرُ مُدْرَكٍ لهم، ولكنَّه تعالى هو الذي أخبرَنَا به ثم حَثَّنَا بل أمرَنا بمخالَفَتِه لقولِه: (( فاتَّخِذُوه عدوًّا )) .
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الشيطان له في بنِي آدَم إراداتٌ سَيِّئَة
اضيفت في - 2011-05-25