تفسير سورة فاطر-02b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لفوائد قول الله تعالى : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ))
.. لكن ما فيها دَلِيل على أنَّ مِن الناس مَن يدخُل النار ولا يُخَلَّدُ فيها فلا يكون مِن أصحابِها نقول: يُمْكِن فَإِنَّ الشيطان يُريدُ مِن الناس أن يبْلُغُوا الذُّرْوَة في مُخَالَفَة وإذا بلغوا ذُرْوَةً في مُخَالَفَة وكفروا حِينَئِذٍ يكُونُون مِن أصحابِ النار الذين يُخَلَّدُون فيها، أمَّا المعاصِي التي دُونَ ذلك فإنَّ أصحابَها لن .. النَّار كما دَلَّتْ عليه النصوص فلا يكونُون مِن أصحابها.
ثم قال تعالى: (( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) إلى آخره.
الطالب: .... حتى المؤمنين اللي عندهم معاصي
الشيخ : لا هنا يقول: الحِزْب، إِنَّ الحِزْب حِزْب الشَّيْطَان قد يكونُوا الآن حِزبًا له في شيء ولّا شيء، وهذا قد يكون ما نقول: لا يكون، لكن الشيطان يُرِيد مِن هذا مِن كل مَن يدعوه أن يكُون مِن أصحابِ النار
ثم قال تعالى: (( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) إلى آخره.
الطالب: .... حتى المؤمنين اللي عندهم معاصي
الشيخ : لا هنا يقول: الحِزْب، إِنَّ الحِزْب حِزْب الشَّيْطَان قد يكونُوا الآن حِزبًا له في شيء ولّا شيء، وهذا قد يكون ما نقول: لا يكون، لكن الشيطان يُرِيد مِن هذا مِن كل مَن يدعوه أن يكُون مِن أصحابِ النار
1 - تابع لفوائد قول الله تعالى : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ))
قال: (( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) في هذه الآية إثبات الثواب والعِقَاب، لقولِه: (( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )) .
ومِن فوائدها: بلاغَةُ القرآن حيث يجمعُ بين الشيء وضِدِّه وهو مصداقُ قولِه تعالى: (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ))[الزمر:23] قال ... في معنى قولِه: (( مَثَانِي )) أنه تُثَنَّى فيه المعاني، وهنا لما ذَكَرَ عذابَ الكافرين ذكَرَ ثواب المؤمنين.
ومِن فوائد الآية الكريمة: بَلَاغَة القرآن أَيْضًا مِن وجْهٍ آخَر حيثُ بَدَأَ بذِكْرِ عذابِ الكافرين، بعد أَن ذَكَر (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) فبَدَأ بما فيه التَّحْذِير بعد ما فيه التَّبْشِير، مِن آياتِ الـمُنَاسَبَة.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الكافِر عذابُه شديد يعني ليس بالعذابِ السَّهْل ......شِدَّة عذاب الكافرين ... من أين هذا التشديد؟
الطالب: ...
الشيخ : أسألك من أين؟
الطالب: مِن ناحية اتباعهم للشيطان.
الشيخ : ما نوع السبب؟ ما وجهُ شِدَّتِه؟
الطالب: وجْه شِدَّتِه؟
الشيخ : أي نعم.
الطالب: أنهم في النار، عذابٌ شديد.
الشيخ : .... شِدَّتِه، هل هو بكَيْفِيَّتِه أو بِكَمِّيَّتِه؟
الطالب: بالكمِّيَّة والكيفية.
الشيخ : بالكمية والكيفية، لأنَّه دائِم ولأنه عذابٌ لا نظِير له، أي نعم.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الأجر لا يثْبُت إلا ..... في وصفين أحدُهما الإيمان والثاني العمَل الصالح.
ومنها مِن فوائد الآية: تقسِيم الأعمال إلى صالِحٍ وفاسِد، يُؤْخَذ مِن قولِه: (( وعملوا الصالحات ))، وما هو الضابط؟ قلنا فيما سبق: أنَّ الضابط أن ما كان خالِصًا صوابًا فهو صالِح، وما كان فيه شِرْك أو بدعة فليس بصالِح.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. أجرَهم مرَّتَيْن مِن زوالِ المكروه الثابت في قوله: (( لهم مغفرة ))، وحُصُولِ المطلوب الثابت في قولِه: (( وأجرٌ كريم )).
ومِن فوائدها أيضًا: بلاغة القرآن، لأنه لما ذكَر عملًا واحدًا في الكفار ذَكَرَ جَزَاءً واحدًا، ولما ذَكَرَ وصفَيْنِ في المؤمنين ذكَر وصفَينِ في ثوابِهم، وهذا ظاهرٌ أيضًا في مِثْل سورةِ الإنسان، سورةُ الإنسان (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر )) إذا تَأَمَّلْتَها وجَدتَّ اللهَ عز وجل لم يذكر في الكافرين وعذابِهم إلا قليلًا بالنسْبَة للأبرار السَّبب (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا )) قال: للكافرين فقط ولم يقل شيء مِن أعْمَالِهم بل كانَ الجزاء مخْتَصَر: (سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا )، وذَكَر الأبرار وأطالَ في ذِكْر ما لهم مِن النعيم لأنَّه ذَكَر عِدَّةَ أعمال مِن أعمالِهم (( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ - شوف الأبرار عباد الله- (( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ - الإخلاص التام - لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ))[الإنسان:10] نعم في ترَدُّد هذه الأوصاف مِن أوصَافِهم فأطالَ في ذِكْرِ جزائِهم لَمَّا أطالَ في ذِكْرِ أعمالِهم أطال في ذكر جزائِهم بخلافِ الكافرين، وهذا بلا شَك مِن بلاغة القرآن.
ومن فوائدِ الآية الكريمة: أنَّ الأجُور تختَلف، لقوله: (( وأجْرٌ كبير )) باختلاف أي شيء؟ تختلف باختِلاف العَمل، وتختلف باختلاف العَامِل، وإذا كانت مُتَعَدِّيَة فإنها تختلف باختلاف مَن انْتَفَع بها، فمَثَل (تختلف باختلاف العمل): ( أفضَلُ الأعمَال الصلاةُ على وقْتِها )، الواجب أفضَل من المستحب، باختلاف العامل: مَرَّ علينا: (أفضَلُ الصَدَقَة ما كان عن ظَهْر غِنى ) وقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ( لا تَسُبُّوا أصحابي فوالذي نفسي بيَدِه لو أنفَق أحدُكم مثل أُحُد ذَهَبًا ما بلَغَ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيفَه ) هذا اختلاف إيش؟ باختلاف العامِل، تختلف أيضًا باختلاف المحل إذا كانَت مُتَعَدِّيَة فالصَّدَقَةُ على القَرِيب صَدَقَة وصِلَة، والصدَقة على مَن هو أَشَدُّ حاجة أفضَل مِن الصدقة عن [كذا] مَن دُونه وهكذا، فاختلاف الأعمَال يستلْزِم اختلاف الأجُور أيضًا، تختَلف أيضًا ... باختلاف الإخلاص.
الطالب: .....
الشيخ : باختلاف الإخلاص يعني أنه كلما كَانَ الإنسَان في عمَلِه أَخْلَص كان عملُه أفضَل، ولَّا لا؟ ويمكن أن نقول أيضًا: تختلف باختِلاف الاتِّبَاع، وكلما كان اتباعه أكثَر لله ...كانت أكمَل، وعلى كل حال فالاخْتِلَافَات هذه في وُجُودِها يختَلِف بها الأُجُور
ومِن فوائدها: بلاغَةُ القرآن حيث يجمعُ بين الشيء وضِدِّه وهو مصداقُ قولِه تعالى: (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ))[الزمر:23] قال ... في معنى قولِه: (( مَثَانِي )) أنه تُثَنَّى فيه المعاني، وهنا لما ذَكَرَ عذابَ الكافرين ذكَرَ ثواب المؤمنين.
ومِن فوائد الآية الكريمة: بَلَاغَة القرآن أَيْضًا مِن وجْهٍ آخَر حيثُ بَدَأَ بذِكْرِ عذابِ الكافرين، بعد أَن ذَكَر (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) فبَدَأ بما فيه التَّحْذِير بعد ما فيه التَّبْشِير، مِن آياتِ الـمُنَاسَبَة.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الكافِر عذابُه شديد يعني ليس بالعذابِ السَّهْل ......شِدَّة عذاب الكافرين ... من أين هذا التشديد؟
الطالب: ...
الشيخ : أسألك من أين؟
الطالب: مِن ناحية اتباعهم للشيطان.
الشيخ : ما نوع السبب؟ ما وجهُ شِدَّتِه؟
الطالب: وجْه شِدَّتِه؟
الشيخ : أي نعم.
الطالب: أنهم في النار، عذابٌ شديد.
الشيخ : .... شِدَّتِه، هل هو بكَيْفِيَّتِه أو بِكَمِّيَّتِه؟
الطالب: بالكمِّيَّة والكيفية.
الشيخ : بالكمية والكيفية، لأنَّه دائِم ولأنه عذابٌ لا نظِير له، أي نعم.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الأجر لا يثْبُت إلا ..... في وصفين أحدُهما الإيمان والثاني العمَل الصالح.
ومنها مِن فوائد الآية: تقسِيم الأعمال إلى صالِحٍ وفاسِد، يُؤْخَذ مِن قولِه: (( وعملوا الصالحات ))، وما هو الضابط؟ قلنا فيما سبق: أنَّ الضابط أن ما كان خالِصًا صوابًا فهو صالِح، وما كان فيه شِرْك أو بدعة فليس بصالِح.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. أجرَهم مرَّتَيْن مِن زوالِ المكروه الثابت في قوله: (( لهم مغفرة ))، وحُصُولِ المطلوب الثابت في قولِه: (( وأجرٌ كريم )).
ومِن فوائدها أيضًا: بلاغة القرآن، لأنه لما ذكَر عملًا واحدًا في الكفار ذَكَرَ جَزَاءً واحدًا، ولما ذَكَرَ وصفَيْنِ في المؤمنين ذكَر وصفَينِ في ثوابِهم، وهذا ظاهرٌ أيضًا في مِثْل سورةِ الإنسان، سورةُ الإنسان (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر )) إذا تَأَمَّلْتَها وجَدتَّ اللهَ عز وجل لم يذكر في الكافرين وعذابِهم إلا قليلًا بالنسْبَة للأبرار السَّبب (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا )) قال: للكافرين فقط ولم يقل شيء مِن أعْمَالِهم بل كانَ الجزاء مخْتَصَر: (سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا )، وذَكَر الأبرار وأطالَ في ذِكْر ما لهم مِن النعيم لأنَّه ذَكَر عِدَّةَ أعمال مِن أعمالِهم (( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ - شوف الأبرار عباد الله- (( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ - الإخلاص التام - لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ))[الإنسان:10] نعم في ترَدُّد هذه الأوصاف مِن أوصَافِهم فأطالَ في ذِكْرِ جزائِهم لَمَّا أطالَ في ذِكْرِ أعمالِهم أطال في ذكر جزائِهم بخلافِ الكافرين، وهذا بلا شَك مِن بلاغة القرآن.
ومن فوائدِ الآية الكريمة: أنَّ الأجُور تختَلف، لقوله: (( وأجْرٌ كبير )) باختلاف أي شيء؟ تختلف باختِلاف العَمل، وتختلف باختلاف العَامِل، وإذا كانت مُتَعَدِّيَة فإنها تختلف باختلاف مَن انْتَفَع بها، فمَثَل (تختلف باختلاف العمل): ( أفضَلُ الأعمَال الصلاةُ على وقْتِها )، الواجب أفضَل من المستحب، باختلاف العامل: مَرَّ علينا: (أفضَلُ الصَدَقَة ما كان عن ظَهْر غِنى ) وقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ( لا تَسُبُّوا أصحابي فوالذي نفسي بيَدِه لو أنفَق أحدُكم مثل أُحُد ذَهَبًا ما بلَغَ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيفَه ) هذا اختلاف إيش؟ باختلاف العامِل، تختلف أيضًا باختلاف المحل إذا كانَت مُتَعَدِّيَة فالصَّدَقَةُ على القَرِيب صَدَقَة وصِلَة، والصدَقة على مَن هو أَشَدُّ حاجة أفضَل مِن الصدقة عن [كذا] مَن دُونه وهكذا، فاختلاف الأعمَال يستلْزِم اختلاف الأجُور أيضًا، تختَلف أيضًا ... باختلاف الإخلاص.
الطالب: .....
الشيخ : باختلاف الإخلاص يعني أنه كلما كَانَ الإنسَان في عمَلِه أَخْلَص كان عملُه أفضَل، ولَّا لا؟ ويمكن أن نقول أيضًا: تختلف باختِلاف الاتِّبَاع، وكلما كان اتباعه أكثَر لله ...كانت أكمَل، وعلى كل حال فالاخْتِلَافَات هذه في وُجُودِها يختَلِف بها الأُجُور
2 - فوائد قول الله تعالى : (( الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون ))
قال الله تعالى : (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )).
الطالب: ....
الشيخ : (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) فتجد أنَّ هذه الآية (( يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) أن هذه المشيئة قضاء بحكمة، فمَن اقتضَت حكمةُ الله أن يُضِلَّه أضَلَّه، وهو الذي لا يريد الخير ... (( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ))[الصف:5]، وقوله: (( ويهدي مَن يشاء )) المرادُ به هداية التوفِيق وربما نقول: هداية التوفيق والدَّلَالة، ولكن الأهم هداية التوفيق ولعل هذا هو المراد هنا، لأنَّ الذين أضلَّهم الله قد هداهم الله هِدَايَة الدلالة، ثم قال تعالى: (( وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ )) وهذا عام، ولكن الهداية قال: (( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[يونس:25]فما كُلُّ مدْعُوٍّ يهْتَدي، وقولُه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )) هذا نهيٌ عما كان ولَّا عمَّا لم يكُن؟ الظاهر أنه نهْيٌ عما كان، وأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتحَسَّر على هؤلاء المكذبين الذين كانوا يُكَذِّبُونَه، والنهي عن الشيء قد يكون نهيًا عما كان وقد يكون نهيًا عما لم يَكُن، فقولُه للنبي عليه الصلاة والسلام: (( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ))[الشعراء:214]هذا نهيٌ عمَّا؟
الطالب: لم يكن.
الشيخ : عما لم يكُن؟ ولّا عما كان؟ (( فلا تدْعُ مع الله إلها آخر فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )) عمَّا لم يكن؟ صح لأنَّ الرسول ما فعل، كذا؟ طيب، (( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ))؟
الطالب: عمَّالم يكن.
الشيخ : ولّا عمَّا كان؟
الطالب : .......
الشيخ : هل ... في نفسه .. في نفسه؟
الطالب: ...
الشيخ : يعني إذا قتلنا أنفسنا، إذًا ما قَتَلْنَا أنفسنا.
الطالب: بالنسبة .....
الشيخ : لا تقتلوا أنفسكم فالمعنى: لا يقتُلْ بعضُكم بعضًا فهذا صحيح، نهيٌ عمَّا لم يكن وعمَّا كان، لكن إذا كان نهيًا أن يقتُل الإنسان نفسه فهذا طبعًا لم يكُن، إذ لا يُمْكِن أن يقتل نفسه إلَّا وهو موجود.
الطالب: إذا انتحر ما يقتل نفسه يا شيخ؟
الشيخ : آ؟
الطالب: إذا انتحر ما قتل نفسه؟
الشيخ : إي لكن ما تقول: ولا تقتُلْ نفسك.
الطالب: في حياته؟
الشيخ : إي قبل أن يموت، أما بعد أن ... فلا يمكن، طيب إذًا فلا ..... نقول هذه نهي عما لم -سبحان الله- .. ما كان.
الطالب: ...
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتحَسَّر على فَوات .. والأدلة... (( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ علَيْه مَلَكٌ ))[هود:12]ويقول عز وجل (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ - أَيْ مُهْلِكٌ نَفْسَكَ- أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[الشعراء:3] فالرسول عليه الصلاة والسلام تَحَسَّر لِهؤلاء لِعَدَمِ إيمانِهم، طيب يقول هنا: (( فلا تَذْهَبْ نفسُك عليهم حسَرَات )) يعني لا تَذْهَب نفسُك مِن أجلِهم، نعم، كما يقال: بكيتُ عليك الدَّهْرَ. أي مِن أجلِك، فالمعنى: لا تذهب نفسُك مِن أجلهم حسَرَاتٍ، قولُه: (( حسرات )) قيل: إنَّها حال على أنها مَصْدَر أُرِيدَ به اسمُ الفاعل، أي حَاسِرَةً، والحسْرَة هي الهَمّ الشديد والغمّ على ما فَات، فكل مَن فَاتَهُ شَيْء يُحِبُّه ويطْلُبُه فاهْتَمَّ لذلك واغتَمّ يقال: تَحَسَّر، وقِيلَ: إِنَّ (( حسرات )) مصدر ... وأنه مفعول مِن أجْلِه المعنى: فلا تذْهَب نفسُك أي: تَهْلِك مِن أجْل الحَسَرَاتِ عليهِم،
قال...: " (( فلا تذهب نفسك عليهم )) على الـمُزَيَّنِ لهم (( حَسَرَاتٍ )) باغْتِمَامِك ألَّا يُؤْمنوا (( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )) فُيَجَازِيهِم عَلَيْه " في هذه الجمْلة تهديد وتسْلِيَة، تهديدٌ لهؤلاء المخالِفِين، وتسلِيَة للرسولِ عليه الصلاةُ والسلام يعني لا ... فإنَّ حسابَهم على الله وسوف يجازِيهم.
قوله تعالى: (( فلا تذهَبْ نفسُك عليهم حسَرَاتٍ )) {أو مِن أوَّلِه أظُن، مِن أول الآية}
الطالب: ....
الشيخ : (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) فتجد أنَّ هذه الآية (( يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) أن هذه المشيئة قضاء بحكمة، فمَن اقتضَت حكمةُ الله أن يُضِلَّه أضَلَّه، وهو الذي لا يريد الخير ... (( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ))[الصف:5]، وقوله: (( ويهدي مَن يشاء )) المرادُ به هداية التوفِيق وربما نقول: هداية التوفيق والدَّلَالة، ولكن الأهم هداية التوفيق ولعل هذا هو المراد هنا، لأنَّ الذين أضلَّهم الله قد هداهم الله هِدَايَة الدلالة، ثم قال تعالى: (( وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ )) وهذا عام، ولكن الهداية قال: (( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[يونس:25]فما كُلُّ مدْعُوٍّ يهْتَدي، وقولُه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )) هذا نهيٌ عما كان ولَّا عمَّا لم يكُن؟ الظاهر أنه نهْيٌ عما كان، وأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتحَسَّر على هؤلاء المكذبين الذين كانوا يُكَذِّبُونَه، والنهي عن الشيء قد يكون نهيًا عما كان وقد يكون نهيًا عما لم يَكُن، فقولُه للنبي عليه الصلاة والسلام: (( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ))[الشعراء:214]هذا نهيٌ عمَّا؟
الطالب: لم يكن.
الشيخ : عما لم يكُن؟ ولّا عما كان؟ (( فلا تدْعُ مع الله إلها آخر فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )) عمَّا لم يكن؟ صح لأنَّ الرسول ما فعل، كذا؟ طيب، (( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ))؟
الطالب: عمَّالم يكن.
الشيخ : ولّا عمَّا كان؟
الطالب : .......
الشيخ : هل ... في نفسه .. في نفسه؟
الطالب: ...
الشيخ : يعني إذا قتلنا أنفسنا، إذًا ما قَتَلْنَا أنفسنا.
الطالب: بالنسبة .....
الشيخ : لا تقتلوا أنفسكم فالمعنى: لا يقتُلْ بعضُكم بعضًا فهذا صحيح، نهيٌ عمَّا لم يكن وعمَّا كان، لكن إذا كان نهيًا أن يقتُل الإنسان نفسه فهذا طبعًا لم يكُن، إذ لا يُمْكِن أن يقتل نفسه إلَّا وهو موجود.
الطالب: إذا انتحر ما يقتل نفسه يا شيخ؟
الشيخ : آ؟
الطالب: إذا انتحر ما قتل نفسه؟
الشيخ : إي لكن ما تقول: ولا تقتُلْ نفسك.
الطالب: في حياته؟
الشيخ : إي قبل أن يموت، أما بعد أن ... فلا يمكن، طيب إذًا فلا ..... نقول هذه نهي عما لم -سبحان الله- .. ما كان.
الطالب: ...
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتحَسَّر على فَوات .. والأدلة... (( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ علَيْه مَلَكٌ ))[هود:12]ويقول عز وجل (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ - أَيْ مُهْلِكٌ نَفْسَكَ- أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[الشعراء:3] فالرسول عليه الصلاة والسلام تَحَسَّر لِهؤلاء لِعَدَمِ إيمانِهم، طيب يقول هنا: (( فلا تَذْهَبْ نفسُك عليهم حسَرَات )) يعني لا تَذْهَب نفسُك مِن أجلِهم، نعم، كما يقال: بكيتُ عليك الدَّهْرَ. أي مِن أجلِك، فالمعنى: لا تذهب نفسُك مِن أجلهم حسَرَاتٍ، قولُه: (( حسرات )) قيل: إنَّها حال على أنها مَصْدَر أُرِيدَ به اسمُ الفاعل، أي حَاسِرَةً، والحسْرَة هي الهَمّ الشديد والغمّ على ما فَات، فكل مَن فَاتَهُ شَيْء يُحِبُّه ويطْلُبُه فاهْتَمَّ لذلك واغتَمّ يقال: تَحَسَّر، وقِيلَ: إِنَّ (( حسرات )) مصدر ... وأنه مفعول مِن أجْلِه المعنى: فلا تذْهَب نفسُك أي: تَهْلِك مِن أجْل الحَسَرَاتِ عليهِم،
قال...: " (( فلا تذهب نفسك عليهم )) على الـمُزَيَّنِ لهم (( حَسَرَاتٍ )) باغْتِمَامِك ألَّا يُؤْمنوا (( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )) فُيَجَازِيهِم عَلَيْه " في هذه الجمْلة تهديد وتسْلِيَة، تهديدٌ لهؤلاء المخالِفِين، وتسلِيَة للرسولِ عليه الصلاةُ والسلام يعني لا ... فإنَّ حسابَهم على الله وسوف يجازِيهم.
قوله تعالى: (( فلا تذهَبْ نفسُك عليهم حسَرَاتٍ )) {أو مِن أوَّلِه أظُن، مِن أول الآية}
3 - تفسير قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون )) .
قال الله تعالى: (( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )) إلى آخِرِه: مِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ مِن الناس مَن يعْمَى قلبُه حتى يَرَى السَيِّئَة حَسَنَة، وفي مقابل ذلك يرى الحَسَن سَيِّئًا، لقولِه: (( أفمَن زين له سوء عمله فرآه حسنًا )).
ومِن فوائدها: إبهَامُ الفاعِل ليشْمَلَ كُلَّ ما يمكن أن يَقَعَ مِنه هذا الفِعْل، لقوله: (( زُيِّنَ له سوءُ عملِه ))، وقد مر علينا أنَّ الـمُزَيِّن هو الله عز وجل في الأصْل، والشياطِين في الـمُبَاشَرَة.
ومِن فوائدِها: انقِسَامُ الأعمَال إلى سَيِّءٍ وصالِح، لقوله: (( سوءُ عمله )).
ومن فوائدِها: الردُّ على الجَبْرِيَّة، لقوله: (( سوءُ عملِه )) فأضافَ العمَلَ إليه، وهم يقولون: إنَّ الأعمال لا تُضَافُ لِلإنسان، لأنَّه مُجْبَرٌ علَيها.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ مَن هَذِه حالُه لا يسْتَوِي معَ مَن ليسَ كذلك بحيْثُ يَرَى السَيِّئَ سَيِّئًا والحَسَنَ حَسَنًا، ونأخُذُها مِن أَنَّ المحْذُوف يكونُ مُقَابِلًا للمَذْكُور، لأنَّ الهمْزَة هنا لِلتَّسْوِيَة يعني: أَيَسْتَوِي هذا وهذا؟ والجواب: لا يَسْتَوِيَان.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الهِدَايَة والإضلال بيد الله، لقولِه: (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )).
ومِن فوائدها -وهي تتفَرَّع على هذه الفائِدة- : أنَّنا إذا علِمْنَا ذلك فإننا نسْأَلُ الهدايَة مِنَ الله ونسْتَعِيذُ من الضَّلَال بِمَن؟ بِالله، نستعِيذُ مِن الضَّلَال باللهِ عز وجل، لقوله: (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )).
ومن فوائدِها : إثباتُ مَشِيئَةِ اللهِ عز وجل لقولِه: (( مَن يَشَاء ))، ولكنَّه مَرَّ علينا أنَّ كُلَّ فِعْلٍ عَلَّقَهُ اللهُ بمَشِيئَتِه فإنَّه مَقْرُونٌ بالحِكْمَة، ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ))[الإنسان:30].
ومن فوائدِها: الرَدُّ على القَدَرِيَّة، لقولِه: (( يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) فإنَّ القدرية يقولون: إنَّ أفعال العبْد مِن ضَلالَةٍ أو هِدَايَة لا تَتَعَلَّقُ بها مَشِيئَةُ الله، لأنَّ مذهَبَهُم القدرِيَّة مَذْهَبُهم: أنَّ الإنسان مُسْتَقِلٌّ بعملِه ليس لله تعالى فيه تَعَلُّق إطلاقًا، حتى إنَّ غُلَاتَهم يزْعُمُون أنَّ الله لا يعلَمُ عَمَلَ العبد حتى يَقَع ويقولون: إنَّ الأمْرَ أُنُف أي: مُسْتَأْنَف أَي أَنَّ عِلْمَ الله عَزَّ وَجَلّ يحْدُث بَعْد أَن لَم يَكُن.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم - وعَزَّ مَن أَرْسَلَه - كان يحزَن حُزْنًا عَظِيمًا تكادُ تذْهَبُ نفسُه مِن شِدَّتِه، لقولِه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )) وجْهُ ذلك أنَّ الأصْلَ في النهي أن يكُونَ عمَّا وَقَع وقد يكُون عمَّا لم يقَعْ وهو كثِير أيضًا، ويدُلُّ على أنَّ هذا أمْرٌ واقِع قولُه تعالى: (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[الشعراء:3].
ومِن فوائدها: شَفَقَةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على أُمَّتِه.
ومِن فوائدِها أيضًا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يحزَن لِعدَمِ إيمانِهم أو طاعَتِهم لِمصْلَحَتِهِ هُو، ولكن لِمَصْلَحَتِهِم لقولِه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ - عليهِم - حَسَرَاتٍ )).
ومنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بَشَر يتَأَثَّرُ بما يتَأَثَّرُ به البَشَر مِن أسْبَابِ الفرح وأسْبَابِ الحُزْن وهذا أمرٌ واقع، وقد دخل النبيُّ عليه الصلاة والسلام على عائِشَة ذاتَ يَوْم مُسْتَبْشِرًا تَبْرُقُ أسَارِيرُ وَجْهِه فَسَأَلَتْهُ عن ذلك فقال: ( ألم تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيّ دخَلَ على أُسَامَة بن زَيْد وزَيْد بن حَارِثَة وهما - يعني مُتَغَطِّيَان - بِردَاءٍ قد ظهرَتْ أقدامُهما فقال: إنَّ هذه الأقدام بعضُها مِن بَعْض ) ففرِح عليه الصلاةُ والسلام حتى ظهَرَ ذلك على وجهِه، فالأعرَاض البَشَرِيَّة تطرَأُ على النبي صلى الله عليه وسلم كغيرِه مِنَ البشر مِن الفَرَح والحزن والغَمّ والاستِبْشَار والنِّسْيَان وعَدَمِ العِلْم وغيرِ ذلك، لأنَّه لا يَتَمَيَّز عن البَشَر إلا بِشَيْءٍ واحِد وهو الوَحْي قال الله عز وجل: (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )) شوف (بَشَر) تُغْنِي عن (مِثْلِكُم) لكن هذا مِن بَاب التَّأْكِيد، لئَلَّا يذْهَبَ ذاهِبٌ إلى أنَّه بشَرٌ قد خُصِّصَ بشَيْء فقال: (( بشَرٌّ مثلكم )) ثم ذَكَرَ الـمِيزَة فقال: (( يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ))[الكهف:110] وفي هذا رَدٌّ واضِح على أولئك القوم الذين يدَّعُون أنَّ للنبي صلى الله عليه وسلم تأثيرًا في الخَلْق كتأثِيرِ ربُوبِيَّة اللهِ عز وجل، لأنَّه لو كان كذلك ما ذَهَبَتْ نفسُه عليهم حَسَرَات لَهَدَاهُم وسَلِمَ مِن هذه الحَسَراتِ التي تكُونُ على نفسِه، نعم.
ومن فوائدِها: إثباتُ عِلْمِ اللهِ عز وجل بِكُلِّ ما نعمَل، لقولِه: (( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )).
ومِن فوائدها: عنايَةُ الله برسولِه صلى الله عليه وسلم في مِثْلِ هذه الجُمْلَة التي تُفِيد تسلِيَتَه وتهْوِينَ الأمْرِ عليه وأنَّه مَا مِن حسابِ هؤلاء علَيه مِن شَيء كما أنَّه ليس من حسابِه هو عليهم مِن شَيْء، نعم
ومِن فوائدها: إبهَامُ الفاعِل ليشْمَلَ كُلَّ ما يمكن أن يَقَعَ مِنه هذا الفِعْل، لقوله: (( زُيِّنَ له سوءُ عملِه ))، وقد مر علينا أنَّ الـمُزَيِّن هو الله عز وجل في الأصْل، والشياطِين في الـمُبَاشَرَة.
ومِن فوائدِها: انقِسَامُ الأعمَال إلى سَيِّءٍ وصالِح، لقوله: (( سوءُ عمله )).
ومن فوائدِها: الردُّ على الجَبْرِيَّة، لقوله: (( سوءُ عملِه )) فأضافَ العمَلَ إليه، وهم يقولون: إنَّ الأعمال لا تُضَافُ لِلإنسان، لأنَّه مُجْبَرٌ علَيها.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ مَن هَذِه حالُه لا يسْتَوِي معَ مَن ليسَ كذلك بحيْثُ يَرَى السَيِّئَ سَيِّئًا والحَسَنَ حَسَنًا، ونأخُذُها مِن أَنَّ المحْذُوف يكونُ مُقَابِلًا للمَذْكُور، لأنَّ الهمْزَة هنا لِلتَّسْوِيَة يعني: أَيَسْتَوِي هذا وهذا؟ والجواب: لا يَسْتَوِيَان.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الهِدَايَة والإضلال بيد الله، لقولِه: (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )).
ومِن فوائدها -وهي تتفَرَّع على هذه الفائِدة- : أنَّنا إذا علِمْنَا ذلك فإننا نسْأَلُ الهدايَة مِنَ الله ونسْتَعِيذُ من الضَّلَال بِمَن؟ بِالله، نستعِيذُ مِن الضَّلَال باللهِ عز وجل، لقوله: (( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )).
ومن فوائدِها : إثباتُ مَشِيئَةِ اللهِ عز وجل لقولِه: (( مَن يَشَاء ))، ولكنَّه مَرَّ علينا أنَّ كُلَّ فِعْلٍ عَلَّقَهُ اللهُ بمَشِيئَتِه فإنَّه مَقْرُونٌ بالحِكْمَة، ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ))[الإنسان:30].
ومن فوائدِها: الرَدُّ على القَدَرِيَّة، لقولِه: (( يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )) فإنَّ القدرية يقولون: إنَّ أفعال العبْد مِن ضَلالَةٍ أو هِدَايَة لا تَتَعَلَّقُ بها مَشِيئَةُ الله، لأنَّ مذهَبَهُم القدرِيَّة مَذْهَبُهم: أنَّ الإنسان مُسْتَقِلٌّ بعملِه ليس لله تعالى فيه تَعَلُّق إطلاقًا، حتى إنَّ غُلَاتَهم يزْعُمُون أنَّ الله لا يعلَمُ عَمَلَ العبد حتى يَقَع ويقولون: إنَّ الأمْرَ أُنُف أي: مُسْتَأْنَف أَي أَنَّ عِلْمَ الله عَزَّ وَجَلّ يحْدُث بَعْد أَن لَم يَكُن.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم - وعَزَّ مَن أَرْسَلَه - كان يحزَن حُزْنًا عَظِيمًا تكادُ تذْهَبُ نفسُه مِن شِدَّتِه، لقولِه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )) وجْهُ ذلك أنَّ الأصْلَ في النهي أن يكُونَ عمَّا وَقَع وقد يكُون عمَّا لم يقَعْ وهو كثِير أيضًا، ويدُلُّ على أنَّ هذا أمْرٌ واقِع قولُه تعالى: (( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[الشعراء:3].
ومِن فوائدها: شَفَقَةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على أُمَّتِه.
ومِن فوائدِها أيضًا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يحزَن لِعدَمِ إيمانِهم أو طاعَتِهم لِمصْلَحَتِهِ هُو، ولكن لِمَصْلَحَتِهِم لقولِه: (( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ - عليهِم - حَسَرَاتٍ )).
ومنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بَشَر يتَأَثَّرُ بما يتَأَثَّرُ به البَشَر مِن أسْبَابِ الفرح وأسْبَابِ الحُزْن وهذا أمرٌ واقع، وقد دخل النبيُّ عليه الصلاة والسلام على عائِشَة ذاتَ يَوْم مُسْتَبْشِرًا تَبْرُقُ أسَارِيرُ وَجْهِه فَسَأَلَتْهُ عن ذلك فقال: ( ألم تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيّ دخَلَ على أُسَامَة بن زَيْد وزَيْد بن حَارِثَة وهما - يعني مُتَغَطِّيَان - بِردَاءٍ قد ظهرَتْ أقدامُهما فقال: إنَّ هذه الأقدام بعضُها مِن بَعْض ) ففرِح عليه الصلاةُ والسلام حتى ظهَرَ ذلك على وجهِه، فالأعرَاض البَشَرِيَّة تطرَأُ على النبي صلى الله عليه وسلم كغيرِه مِنَ البشر مِن الفَرَح والحزن والغَمّ والاستِبْشَار والنِّسْيَان وعَدَمِ العِلْم وغيرِ ذلك، لأنَّه لا يَتَمَيَّز عن البَشَر إلا بِشَيْءٍ واحِد وهو الوَحْي قال الله عز وجل: (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )) شوف (بَشَر) تُغْنِي عن (مِثْلِكُم) لكن هذا مِن بَاب التَّأْكِيد، لئَلَّا يذْهَبَ ذاهِبٌ إلى أنَّه بشَرٌ قد خُصِّصَ بشَيْء فقال: (( بشَرٌّ مثلكم )) ثم ذَكَرَ الـمِيزَة فقال: (( يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ))[الكهف:110] وفي هذا رَدٌّ واضِح على أولئك القوم الذين يدَّعُون أنَّ للنبي صلى الله عليه وسلم تأثيرًا في الخَلْق كتأثِيرِ ربُوبِيَّة اللهِ عز وجل، لأنَّه لو كان كذلك ما ذَهَبَتْ نفسُه عليهم حَسَرَات لَهَدَاهُم وسَلِمَ مِن هذه الحَسَراتِ التي تكُونُ على نفسِه، نعم.
ومن فوائدِها: إثباتُ عِلْمِ اللهِ عز وجل بِكُلِّ ما نعمَل، لقولِه: (( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )).
ومِن فوائدها: عنايَةُ الله برسولِه صلى الله عليه وسلم في مِثْلِ هذه الجُمْلَة التي تُفِيد تسلِيَتَه وتهْوِينَ الأمْرِ عليه وأنَّه مَا مِن حسابِ هؤلاء علَيه مِن شَيء كما أنَّه ليس من حسابِه هو عليهم مِن شَيْء، نعم
4 - فوائد قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا ))
ثُمَّ قالَ عز وجل: (( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ )) وفي قراءَةٍ (( الريح )) " (( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ )) الله وحدَه هو الذي يُرْسِل هذه الرِّيَاح دُون غيرِه فلن يستطِيعَ أحدٌ أن يُرسِلَ شَيْئًا مِن هذه الرياح، حتى الخلقُ كلهم لو اجْتَمَعُوا على أن يُرْسِلوا الرِّيح ما استطاعوا، لو اجتمعوا على أن يُهَوِّنُوا عَصْفَها ما استطاعوا، ولكنَّ بذلك بيَدِ اللهِ عز وجل، فاللهُ وحده الذي يُرْسِل الرياح، وتَأَمَّل قولَه: (( يرسل )) حيث جعلَها رسولًا أو (( أَرْسَل )) حيث جعلَها رسولًا كأنها تُبَلِّغ أو كأنَّها تفْعَل ما أُمِرَتْ به كما أَنَّ الرسول يُبَلِّغ ما أُرْسِلَ به فهي مُرْسَلَة، ولهذا ثبَت عن النبي عليه الصلاة والسلام النَهْيُ عن سَبِّ الريح، لأَنَّ سَبَّ الريح حَقِيقَةً يعُودُ إلى اللهِ عَزَّ وجل فَإِنَّه هو الذي أرسلَها فهي مُدَبَّرَة مُسَخَّرَة، وقولُه: (( الرياح )) وفي قِراءةٍ: (( الرِّيح )) والقِراءة هنا سَبْعِيَّة، والفرق بينهما أنَّ الرياح جَمْع، والريح مُفْرَد لكنَّ هذا المفرَد في معنى الجمْع، لأنَّه مُحَلًّى ب(أل) وهي للاسْتِغْرَاق فيشمَل كُلَّ الرياح سواءٌ أتَتْ مِن الشِّمَال أو الجَنُوب أو الشَّرْق أو الغَرْب، والله تعالى هو الذي أرسلَها، واعْلَم أنَّ الغالب أنَّ الرياحَ مجمُوعَةً تكونُ في الخير، والريحَ مُفْرَدة تكون في ضِدَّه، هذا الغالب ولهذا يُروى عن النبي عليه الصلاة والسلام في دعاء الريح: ( اللهم اجعلْهَا رياحًا ولا تجعلْها رِيحًا ) ولكن معَ ذلك تأتي هذه مَحَلَّ هذه ويكون هناك قرينَة، ففي قولِه تعالى: (( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ))[الذاريات:41] هذه في الشَرّ، (( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ))[يونس:22]هذه للخَيْر لأنها وُصِفَت، (( وَهْوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ))[الأعراف:57] هذه في الخير، وهنا تكون في الخير أيضًا (( يُرْسِلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا )) (( تُثِيرُ )) عطَفَ المضَارِع على الماضِي وكان مُقْتَضَى النَسَق أن يعطِفَ على الماضي ماضِيًا مثلَه فيقول: واللهُ الذي أَرسَل الرياح فأثارَتْ، لكن لِمَاذَا عَدَل عن الماضِي للمضَارِع؟ بيَّنَه المؤلِّف قال رحمه الله: " المضَارِعُ لِحِكَايَةِ الحَالِ الماضِية " يعني عَبَّر بالمضَارِع عن الماضِي حِكَايَةً للحَال حين إرسَالِها، لأنَّه أبلغُ في التَصَوُّر كأنَّها الآن أمامَك تُثِير هذه السَّحَاب، وهذا أبْلَغ في تَصَوُّرِ الإنسان، لأنَّه يسْتَحْضِرُ الحَال الماضِية كأنَّها الآن، إذ أنَّ المضارع كما نعرف جَمِيعًا يصلُح للحَال وللاستِقْبَال ولكنَّه قد يقتَرِن به ما يُعَيِّنُه للحال، ويقتَرِن به ما يعَيِّنُه للاستِقْبَال، ويقتَرنُ به ما يُعَيِّنُه للمَاضي، إنما الأصْل فيه أنه للحَاضِر والمسْتَقْبَل ولا يكونُ الماضي إلا بقَرِينة، فعليه نقول: عُدِلَ عن التعبِير بالماضِي هنا، لِحِكَاية الحَال الماضِيَة حتى كأنَّك تُشاهِدُها الآن وهي تُثِيرُ هذا السحاب، وقال المؤلِّف في معنى (( تثير )): " أي تُزْعِج " وهذا معنًى قد يُنَاقَش فيه، لأَنَّ الإزعاج أخَصّ مِن الإثارة، وإنَّما الإثارة بمعنى الإنهاض إنهَاض الشيء كما يُقَال: أثَرْتُ البعير أي أنهضتُّه حتى صارَ قائمًا بعد أن كان بارِكًا، نعم وقوله: (( تُثِير سحابًا )) كأنَّ هذا السحاب في الأصْل في الأرض ثم أثارَتْه هذه الرياح، ومعلومٌ أنَّ السَّحاب يكونُ من بُخَار البَحْر ويكونُ أحيانًا من الجَوّ الـمُتَلَبِّد بالرُّطُوبة حَسَب ما تَقْتَضِيهِ حِكْمةُ اللهِ عز وجل، وهذا أمرٌ يَرْجِع إلى مَعْرِفَةِ العلوم الطبيعية، وقولُه: (( فتثِيرُ سحابًا )) السَّحاب هو هذا الغَيْم المعرُوف .. يَنْسَحِبُ في الجو كما تُشَاهِدُونَه فلذلك سُمِّيَ سحابًا؟ لانسِحَابِه في الجو، (( فتثير سحابًا ))
تفسير قول الله تعالى : (( فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ))
(( فَسُقْنَاهُ )) فيه التفاتٌ عن الغَيْبَة " إلى التَكَلُّم، طيب وفيه أيضًا التفاتٌ من المضارع إلى الماضِي انتبه! (( أرسل الرياح فتثير سحابًا فسُقْنَاه )) عَدَلَ عن المضارع إلى الماضي، لِاختلافِ الفاعِل في الفِعْلَيْن لِأن (( تُثِير )) الفاعِلُ فيها (الرِّيَاح)، و(( سُقْنَاهَ )) الفاعل فيها (الله) إذًا يحسُن أن تكون بلفْظ الماضي عطفًا على قوله: (( أَرْسَل ))، لأنَّ المرْسِل هو الله فلما اتَّحَدَ الفاعِل في الفِعْلَين (أرسل) و(سقنا) كان الأفصح أن يكونا جميعًا بلفظ الماضي لكن فيه عدول عن الغَيْبَة في قوله: (( والله الذي أرسل )) إلى التكلم في قوله: (( فسُقْنَاه )) لماذا؟ مَرَّ علينا أن الالتفات له فائِدة دائمة وهي يا عبد الرحمن؟
الطالب: التنبيه.
الشيخ : تَرْجِمْ عنه!
طالب آخر: التنبيه؟
الشيخ : التنبيه؟ التنبيه كيف التنبيه؟ لِأَنَّ سِيَاق الكلام على نسَق واحد يقتَضي أن الذهْنَ ينْسَابُ معه ولا يتَوَقَّف، لكن إذا اخْتَلَف السياق كأنَّه يَقِف الذهن لِينظُر ما الذي حدث وحينئذ يكون في تغييره تنبيهٌ لِمَن؟ للمُخاطَب، نعم فهذا واحد، لكن هنا أيضًا فيه فائِدَة ثانية وهي بَيَانُ قُدْرَةِ الله عز وجل، (( فسقْنَاه )) أي نحنُ فأضافَهُ إلى نفسِه، لأنه أدَلُّ على القُدْرَة، فإذا اجتَمَع (( الله الذي أرسل )) ثم هو الله سبحانه وتعالى ساقَه هذا السَحاب الذي أثارَتْه الرِّيح فهو أدَلُّ على القُدْرَة مما لو جاء على نَسَقٍ واحِد (( فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ )) بالتشديد والتخفيف، نعم.
الفائدة الثانية بيانُ تمامِ القُدْرة لأنَّه إذا كان بِالأول للغائب ثم جاء للمتكلم صار هذا أدَلَّ على القُدْرة وأعظَم.
الطالب: ....
الشيخ : لا، هذا مِن حيثُ الالتفات مِنَ الأصْل.
يقول: (( إلى بلد مَيِّت )) " فيها قراءَتان " (( مَيّت )) و (( مَيْت )) وقد قيل إن الـمَيْت لمن ماتَ بالفعل، والميِّت لمن سيمُوت وجعلُوا على ذلك شاهدًا في قوله تعالى: (( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ))[الزمر:30] أي ستمُوت، وقوله: (( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ))[الأنعام:122] ف(ميتًا) هنا لمن قد مَات، هكذا فرق بعضُهم، والظاهر أن اللغة العربية تأتي بالوجهين على المعنَيَيْن ومنها هذه الآية (ميتًا) سيمُوت ولَّا قد مات بالفعل؟ (( إلى بلد مَيِّت ))؟ قد مَات ومع هذا جاءَت بالتَّشْدِيد.
(( إلى بَلَدٍ ميّت )) بالتشديد والتخفيف لا نَبَاتَ بها " هذا هو مَوْت البلد والمراد بالبلد هنا ليس المسْكُون مِن الأرض بل ما هو أعَمّ فيشمل المسْكُون وغير المسْكُون وتخصيصُ البلد بالمسْكُون تخصيصٌ عُرْفِي وإلا فكُلُّ الأرض بَلَد، لِانْبِلَادِهَا وتَسَطُّحِها، يقول الله عز وجل: (( إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ )) (( أحيَيْنَا به )) سُقْنَاه فأحيينا هنا الأفْعال والضمائر على نَسَقٍ واحد، وقوله: (( أحيينا به الأرض )) يقول: " مِن البَلَد " ويش معنى "مِن البلد"؟ يعني أرْضَ البَلَد هذه التي كانت مَيِّتَة أحيَاهَا الله عز وجل بِماذا أحياها؟ أحياها بالنبات ولهذا قال المؤلف: " (( بعد موتها )) يُبْسِهَا أي أنبَتْنَا به الزَّرْعَ والكَلَأ " وهذا أمْرٌ مُشَاهد تأتِي الأرض يابِسَة هامِدة عيدان تَتَكَسَّر فيُنْزِلُ الله المطَر عليها ثم تهتَزّ خَضْرَاء فيها مِن كُلِّ زوجٍ بهِيج مَنِ الذي أحيَاها؟ اللهُ عز وجل، لا يستطِيعُ الخلْق أن يُحْيُوها أبدًا مهما كان، حتى الكلأ الذي ينْبُت بالمطَر لا يُنْبِتُه الماء الجَاري كما هو مشاهد، يعني لو تسقي هذه الأرض مهما سقيتَها بالماء الجاري فإنَّ الكلَأَ الذي ينبُت مِن المطر لا ينبُتُ بِهذا الماء، إذًا فالله عز وجل هو الذي أحيَا هذه الأرض بَعْدَ موتِها أي بعد أن كانت يابِسَة هامِدة ليس فيها نَبَات أحياها اللهُ سبحانه وتعالى بِقُدْرَتِه
قال: (( كَذَلِكَ النُّشُورُ )) أيِ البَعْثُ والإحيَاء " (( كذلك )) الكاف هنا اسم بمعنى (مِثْل) وهي خَبَرٌ مُقَدَّم، و(( النشور )) مُبْتَدأ مُؤَخَّر أي النُّشُورُ مِثْلُ ذلك، ويجوز أن تقول: (( كذلك )) الكاف حرف جر ليست بمعنى (مثل) يعني ليست على ...اسم وتجعلها جَارًّا ومَجْرُورًا خَبَرًا مُقَدَّمًا، والنشور مبتدأ مُؤَخَّر، والتقدير: النُّشُور كَائِنٌ كذلك، والنُّشُور هو نَشْرُ الأموات على وَجْهِ الأرض وإحيائُهم بعد أن كانوا أمواتًا، والتشبيهُ هنا هل هو تشبيهٌ للسبب والنتيجة أو للنتيجةِ فقط؟ أي: هل المعنى أنَّ النُّشُورَ الذي يكون للأموات يكونُ بواسطة ماءٍ يُنْزِلُهُ الله عز وجل فَتَنْبُت هذه الأجسَام ثم تَحْيَا، أو أنَّ التشْبِيهَ للنتِيجَة فقط أي أنَّ إحياءَ الموتى كإحياءِ الأرض بقَطْع النظر عن السَّبْب نعم؟ الأوَّل، لأنَّه ورَدَ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ الله تعالى يُرْسِل على الأرض مَطَرًا مِن تحت العرش مطَرًا غليظًا حتى يصِل إلى الأجسام فتنْبُت في القُبُور كما تنْبَتُ الحبَّة في الأرْض، فإذا تكامَلَتِ الأجْسَام نُفِخَ في الصور فخرَجَتِ الأرواح إلى أجسامِها، وعلى هذا فيكونُ التشبيه هنا عائدًا إلى السبب والنتيجة أيضًا، هذا هو المشهُور عند أهل العلم، يقول: (( كذلك النشور )).
الطالب: التنبيه.
الشيخ : تَرْجِمْ عنه!
طالب آخر: التنبيه؟
الشيخ : التنبيه؟ التنبيه كيف التنبيه؟ لِأَنَّ سِيَاق الكلام على نسَق واحد يقتَضي أن الذهْنَ ينْسَابُ معه ولا يتَوَقَّف، لكن إذا اخْتَلَف السياق كأنَّه يَقِف الذهن لِينظُر ما الذي حدث وحينئذ يكون في تغييره تنبيهٌ لِمَن؟ للمُخاطَب، نعم فهذا واحد، لكن هنا أيضًا فيه فائِدَة ثانية وهي بَيَانُ قُدْرَةِ الله عز وجل، (( فسقْنَاه )) أي نحنُ فأضافَهُ إلى نفسِه، لأنه أدَلُّ على القُدْرَة، فإذا اجتَمَع (( الله الذي أرسل )) ثم هو الله سبحانه وتعالى ساقَه هذا السَحاب الذي أثارَتْه الرِّيح فهو أدَلُّ على القُدْرَة مما لو جاء على نَسَقٍ واحِد (( فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ )) بالتشديد والتخفيف، نعم.
الفائدة الثانية بيانُ تمامِ القُدْرة لأنَّه إذا كان بِالأول للغائب ثم جاء للمتكلم صار هذا أدَلَّ على القُدْرة وأعظَم.
الطالب: ....
الشيخ : لا، هذا مِن حيثُ الالتفات مِنَ الأصْل.
يقول: (( إلى بلد مَيِّت )) " فيها قراءَتان " (( مَيّت )) و (( مَيْت )) وقد قيل إن الـمَيْت لمن ماتَ بالفعل، والميِّت لمن سيمُوت وجعلُوا على ذلك شاهدًا في قوله تعالى: (( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ))[الزمر:30] أي ستمُوت، وقوله: (( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ))[الأنعام:122] ف(ميتًا) هنا لمن قد مَات، هكذا فرق بعضُهم، والظاهر أن اللغة العربية تأتي بالوجهين على المعنَيَيْن ومنها هذه الآية (ميتًا) سيمُوت ولَّا قد مات بالفعل؟ (( إلى بلد مَيِّت ))؟ قد مَات ومع هذا جاءَت بالتَّشْدِيد.
(( إلى بَلَدٍ ميّت )) بالتشديد والتخفيف لا نَبَاتَ بها " هذا هو مَوْت البلد والمراد بالبلد هنا ليس المسْكُون مِن الأرض بل ما هو أعَمّ فيشمل المسْكُون وغير المسْكُون وتخصيصُ البلد بالمسْكُون تخصيصٌ عُرْفِي وإلا فكُلُّ الأرض بَلَد، لِانْبِلَادِهَا وتَسَطُّحِها، يقول الله عز وجل: (( إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ )) (( أحيَيْنَا به )) سُقْنَاه فأحيينا هنا الأفْعال والضمائر على نَسَقٍ واحد، وقوله: (( أحيينا به الأرض )) يقول: " مِن البَلَد " ويش معنى "مِن البلد"؟ يعني أرْضَ البَلَد هذه التي كانت مَيِّتَة أحيَاهَا الله عز وجل بِماذا أحياها؟ أحياها بالنبات ولهذا قال المؤلف: " (( بعد موتها )) يُبْسِهَا أي أنبَتْنَا به الزَّرْعَ والكَلَأ " وهذا أمْرٌ مُشَاهد تأتِي الأرض يابِسَة هامِدة عيدان تَتَكَسَّر فيُنْزِلُ الله المطَر عليها ثم تهتَزّ خَضْرَاء فيها مِن كُلِّ زوجٍ بهِيج مَنِ الذي أحيَاها؟ اللهُ عز وجل، لا يستطِيعُ الخلْق أن يُحْيُوها أبدًا مهما كان، حتى الكلأ الذي ينْبُت بالمطَر لا يُنْبِتُه الماء الجَاري كما هو مشاهد، يعني لو تسقي هذه الأرض مهما سقيتَها بالماء الجاري فإنَّ الكلَأَ الذي ينبُت مِن المطر لا ينبُتُ بِهذا الماء، إذًا فالله عز وجل هو الذي أحيَا هذه الأرض بَعْدَ موتِها أي بعد أن كانت يابِسَة هامِدة ليس فيها نَبَات أحياها اللهُ سبحانه وتعالى بِقُدْرَتِه
قال: (( كَذَلِكَ النُّشُورُ )) أيِ البَعْثُ والإحيَاء " (( كذلك )) الكاف هنا اسم بمعنى (مِثْل) وهي خَبَرٌ مُقَدَّم، و(( النشور )) مُبْتَدأ مُؤَخَّر أي النُّشُورُ مِثْلُ ذلك، ويجوز أن تقول: (( كذلك )) الكاف حرف جر ليست بمعنى (مثل) يعني ليست على ...اسم وتجعلها جَارًّا ومَجْرُورًا خَبَرًا مُقَدَّمًا، والنشور مبتدأ مُؤَخَّر، والتقدير: النُّشُور كَائِنٌ كذلك، والنُّشُور هو نَشْرُ الأموات على وَجْهِ الأرض وإحيائُهم بعد أن كانوا أمواتًا، والتشبيهُ هنا هل هو تشبيهٌ للسبب والنتيجة أو للنتيجةِ فقط؟ أي: هل المعنى أنَّ النُّشُورَ الذي يكون للأموات يكونُ بواسطة ماءٍ يُنْزِلُهُ الله عز وجل فَتَنْبُت هذه الأجسَام ثم تَحْيَا، أو أنَّ التشْبِيهَ للنتِيجَة فقط أي أنَّ إحياءَ الموتى كإحياءِ الأرض بقَطْع النظر عن السَّبْب نعم؟ الأوَّل، لأنَّه ورَدَ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ الله تعالى يُرْسِل على الأرض مَطَرًا مِن تحت العرش مطَرًا غليظًا حتى يصِل إلى الأجسام فتنْبُت في القُبُور كما تنْبَتُ الحبَّة في الأرْض، فإذا تكامَلَتِ الأجْسَام نُفِخَ في الصور فخرَجَتِ الأرواح إلى أجسامِها، وعلى هذا فيكونُ التشبيه هنا عائدًا إلى السبب والنتيجة أيضًا، هذا هو المشهُور عند أهل العلم، يقول: (( كذلك النشور )).
6 - تفسير قول الله تعالى : (( فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ))
(( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ )) (( مَن )) اسمُ استِفْهَام أو شَرْطِيَّة؟
الطالب: .....
الشيخ : الدليل؟
الطالب: ......
الشيخ : ما هو بعد ..... يأتي بعد (مَن) استفهام، لكن الجَوَاب والشَّرْط فيها ظاهر يعني نقول: أيُّ إنسان يُرِيدُ العِزَّة فلله العِزَّة جميعًا (( مَن كان ))، لكنَّها عامَّة، لَأَنَّ أسْمَاء الاستفهام وأسماء الشَّرْط والأسماء الموصُولة كُلُّها تُفِيد العموم، يعني أيُّ أَحَدٍ يُرِيد العِزَّة أو يطلُبُها ويحرِصُ عليها، والعِزَّة هي الغَلَبَة والـمُنْعَة وقَهْر الأعداء (( فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) أي فَلْيَطْلُبْهَا مِنْه ما دامَتِ العِزَّة له مُلْكًا وَتَصَرُّفًا فإنَّها لا تُطْلَب إلا مِنْه كما لو قُلْت: مَن كَانَ يُرْيدُ الـمَال فالـمَالُ عند زَيْد المعنى: فليأتِ بالمال مِن زيد، هنا (( مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّة )) فليطلُبِ العِزَّةَ مِنَ الله لا من غيرِه، وهذا يُرَادُ به الرد[قطع في الشريط] يعبُدُون الأصنام نعم، لأجل أن يَتَّخِذُوا منها العِزَّة ففي هذه الآية إشارة إلى أنَّه لا عِزَّةَ لهذه الأصنام (( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ))[مريم:81] الجواب: (( كلا )) لن يكونوا لهم عِزًّا بل بالعكس سَيُذِلُّونَهُم في مَوْقِعٍ هم أحوَجُ ما يكونُ إلى العِزَّة (( سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ))[مريم:82] فأين العزة في هذه الأصنام أو في هذه الآلهة التي اتَّخذُوها من دون الله، طيب ورد في العزة في آياتٍ كثيرة من القرآن وردَتْ في آية أخرى (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ))[المنافقون:8] ولا مُنَافَاة بينها وبين هذه الآية فإن العِزَّة لله أصلًا، ولرسوله منين؟ مِن الله، وللمؤمنين مِن الله فحينئِذٍ فالعزةُ كلُّها لله كما قال الله تعالى في سورة آلِ عمران: (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[آل عمران:26] فكلُّ مَن عنده عِزَّة فإنها ليست عزةً ذاتِيَّةً له من باب نفسِه ولكنها منين؟ من الله عز وجل، وبماذا تكون العزة التي يكتسِبُها الإنسان وهي مِنَ الله؟ تكونُ بما علَّقَ اللهُ العزةَ عليه وهي الإيمان، (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )) فمتى أرادَ الإنسان العزة فليكُن مؤمنًا وكلما كان أكثر إيمانًا بالله وأقوى إيمانًا بالله كان أكثَرَ عِزَّةً وأقوى عِزَّة ولهذا قال عُمَر رضي الله عنه : " إننا قومٌّ أعزَّنا اللهُ بالإسلام فمَتى أردْنَا العزة بسِوَاه أذَلَّنا الله " وصدقَ رضي الله عنه، العرب لما كانوا عَربًا ليس عندهم إسلام ماذا كانوا؟ كانوا أَذِلَّة كانوا أَذِلَّةً فُقَرَاء يذْهُبون إلى اليمن في الشتاء ليأتوا بالسِّلَعِ منه ويذهبون إلى الشام في الصيف لِيَأْتُوا بالسِّلَع منه، فهم فُقَرَاء يأكُلُون مِن غيرهم، ولكن لما آمَنُوا صاروا هُم الأغْنِياء وصارت كنوزُ كِسْرَى وقَيْصَر تأتي إلى المدينة لِتُنْفَق عليهم مِن المدينة، نعم، إذًا نحنُ مهما أردْنا العزة لن نَسْتَعِزَّ إلا بالإسلام، لن يكونَ أعداءُ الله سببًا لِعِزِّنَا أبدًا بل إن توَلِّينَا إياهُم وموالاتَنا لهم سببٌ للذُلّ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ))[آل عمران:118] وإذا تَتَبَّعْتَ الواقع وجدتَّه شاهدًا لقول الله تعالى هذا، وأنَّ أعداءَ المسلمين لا يمكِن أبدًا أن يسْعَوْا في إِعْزَازِ المسلمين بل يسْعَوْن بكل جُهْدِهم إلى إذْلَالِ المؤمنين وخُذْلَانِ المؤمنين لكنَّهم يمْكُرون ويخادِعُون ويسْخَرُون ويَسْتَهْزِئُون لِيَنَالُوا مَآرِبَهُم ويَضْرِبُوا الناس بعضَهم ببعْض، فالحاصل أنَّه إذا كانت العزة لله فمِن أين نطلبها؟ مِن الله لا مِن غيرِه (( فلله العزة جميعًا )) (جميعًا) هذه حَالٌ مِن العِزَّة التي هي المبتدأ المؤَخَّر، وفي قولِه: (( فلله العزة )) فيها حَصْر العزة لله عز وجل، وجهُه؟
الطالب: .....
الشيخ : لا، إن قلت: تقديم الجار والمجرور غلط، تقديمُ المعمول غلط، تقدِيمُ اللام غلط، تقديم الخبر صح.
الطالب: .....
الشيخ : لا قد يكون الجار والمجرور غير خطأ، ما عَلَىّ المقصود ما مقصود أنا ما أَعْرِف إلا لفظَكم إنما أقضِي بنحْو ما أسمَع، لو قلت: تقديم الخبَر انتهى الإِشْكَال سواءٌ كان جار ومجرور أو غير جار ومجرور، إذًا تقديمُ الخبر يفيد الحصر، لأن لدينا قَاعِدَةً مرَّت علينا وهي: تقديم ما حقُّه التأخِير، طيب وقولُه: (( جميعًا )) يُرَاد به الأنواع يعني عموم الأنواع وعموم الأزمان وعموم الأمْكِنَة، عموم الأنواع التي هي عِزةُ القَدْر والقَهْر وش بعد؟ والامْتِناَع، الأحوال قَصْدنا الأزْمَان الدنيا والآخرة، المكَان: في مشارِقِ الأرض ومغاربِها (( لله العزة جميعًا ))، طيب قال المؤلف: " أي في الدنيا والآخرة " قال: "فلا تُنَال منه " أي فلا تُناَل العزة مِن الله " إلا بطَاعَتِه فَلْيُطِعْه " في عندكم فلْيُطِعْهُ ولَّا فَلْنُطِعْه بالنون.
الطالب: .....
الشيخ : اي فليُطِعْه أي مَن كان يريدُ العزة لأنه قال: (( من كان يريد العزة ))، طيب أفادَنا المؤلف أنَّ جواب الشرط محذُوف وهو قوله: " فليُطعْه "، ولكن الصواب أنَّ التقدير: فليطلبْها مِن الله (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) فليطلبْها منه، ويشمَل الطَّلَب بلِسَانِ الحال وبلِسَان المقال عرَفْت؟ أما على رأي المؤلف
الطالب: .....
الشيخ : الدليل؟
الطالب: ......
الشيخ : ما هو بعد ..... يأتي بعد (مَن) استفهام، لكن الجَوَاب والشَّرْط فيها ظاهر يعني نقول: أيُّ إنسان يُرِيدُ العِزَّة فلله العِزَّة جميعًا (( مَن كان ))، لكنَّها عامَّة، لَأَنَّ أسْمَاء الاستفهام وأسماء الشَّرْط والأسماء الموصُولة كُلُّها تُفِيد العموم، يعني أيُّ أَحَدٍ يُرِيد العِزَّة أو يطلُبُها ويحرِصُ عليها، والعِزَّة هي الغَلَبَة والـمُنْعَة وقَهْر الأعداء (( فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) أي فَلْيَطْلُبْهَا مِنْه ما دامَتِ العِزَّة له مُلْكًا وَتَصَرُّفًا فإنَّها لا تُطْلَب إلا مِنْه كما لو قُلْت: مَن كَانَ يُرْيدُ الـمَال فالـمَالُ عند زَيْد المعنى: فليأتِ بالمال مِن زيد، هنا (( مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّة )) فليطلُبِ العِزَّةَ مِنَ الله لا من غيرِه، وهذا يُرَادُ به الرد[قطع في الشريط] يعبُدُون الأصنام نعم، لأجل أن يَتَّخِذُوا منها العِزَّة ففي هذه الآية إشارة إلى أنَّه لا عِزَّةَ لهذه الأصنام (( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ))[مريم:81] الجواب: (( كلا )) لن يكونوا لهم عِزًّا بل بالعكس سَيُذِلُّونَهُم في مَوْقِعٍ هم أحوَجُ ما يكونُ إلى العِزَّة (( سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ))[مريم:82] فأين العزة في هذه الأصنام أو في هذه الآلهة التي اتَّخذُوها من دون الله، طيب ورد في العزة في آياتٍ كثيرة من القرآن وردَتْ في آية أخرى (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ))[المنافقون:8] ولا مُنَافَاة بينها وبين هذه الآية فإن العِزَّة لله أصلًا، ولرسوله منين؟ مِن الله، وللمؤمنين مِن الله فحينئِذٍ فالعزةُ كلُّها لله كما قال الله تعالى في سورة آلِ عمران: (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[آل عمران:26] فكلُّ مَن عنده عِزَّة فإنها ليست عزةً ذاتِيَّةً له من باب نفسِه ولكنها منين؟ من الله عز وجل، وبماذا تكون العزة التي يكتسِبُها الإنسان وهي مِنَ الله؟ تكونُ بما علَّقَ اللهُ العزةَ عليه وهي الإيمان، (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )) فمتى أرادَ الإنسان العزة فليكُن مؤمنًا وكلما كان أكثر إيمانًا بالله وأقوى إيمانًا بالله كان أكثَرَ عِزَّةً وأقوى عِزَّة ولهذا قال عُمَر رضي الله عنه : " إننا قومٌّ أعزَّنا اللهُ بالإسلام فمَتى أردْنَا العزة بسِوَاه أذَلَّنا الله " وصدقَ رضي الله عنه، العرب لما كانوا عَربًا ليس عندهم إسلام ماذا كانوا؟ كانوا أَذِلَّة كانوا أَذِلَّةً فُقَرَاء يذْهُبون إلى اليمن في الشتاء ليأتوا بالسِّلَعِ منه ويذهبون إلى الشام في الصيف لِيَأْتُوا بالسِّلَع منه، فهم فُقَرَاء يأكُلُون مِن غيرهم، ولكن لما آمَنُوا صاروا هُم الأغْنِياء وصارت كنوزُ كِسْرَى وقَيْصَر تأتي إلى المدينة لِتُنْفَق عليهم مِن المدينة، نعم، إذًا نحنُ مهما أردْنا العزة لن نَسْتَعِزَّ إلا بالإسلام، لن يكونَ أعداءُ الله سببًا لِعِزِّنَا أبدًا بل إن توَلِّينَا إياهُم وموالاتَنا لهم سببٌ للذُلّ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ))[آل عمران:118] وإذا تَتَبَّعْتَ الواقع وجدتَّه شاهدًا لقول الله تعالى هذا، وأنَّ أعداءَ المسلمين لا يمكِن أبدًا أن يسْعَوْا في إِعْزَازِ المسلمين بل يسْعَوْن بكل جُهْدِهم إلى إذْلَالِ المؤمنين وخُذْلَانِ المؤمنين لكنَّهم يمْكُرون ويخادِعُون ويسْخَرُون ويَسْتَهْزِئُون لِيَنَالُوا مَآرِبَهُم ويَضْرِبُوا الناس بعضَهم ببعْض، فالحاصل أنَّه إذا كانت العزة لله فمِن أين نطلبها؟ مِن الله لا مِن غيرِه (( فلله العزة جميعًا )) (جميعًا) هذه حَالٌ مِن العِزَّة التي هي المبتدأ المؤَخَّر، وفي قولِه: (( فلله العزة )) فيها حَصْر العزة لله عز وجل، وجهُه؟
الطالب: .....
الشيخ : لا، إن قلت: تقديم الجار والمجرور غلط، تقديمُ المعمول غلط، تقدِيمُ اللام غلط، تقديم الخبر صح.
الطالب: .....
الشيخ : لا قد يكون الجار والمجرور غير خطأ، ما عَلَىّ المقصود ما مقصود أنا ما أَعْرِف إلا لفظَكم إنما أقضِي بنحْو ما أسمَع، لو قلت: تقديم الخبَر انتهى الإِشْكَال سواءٌ كان جار ومجرور أو غير جار ومجرور، إذًا تقديمُ الخبر يفيد الحصر، لأن لدينا قَاعِدَةً مرَّت علينا وهي: تقديم ما حقُّه التأخِير، طيب وقولُه: (( جميعًا )) يُرَاد به الأنواع يعني عموم الأنواع وعموم الأزمان وعموم الأمْكِنَة، عموم الأنواع التي هي عِزةُ القَدْر والقَهْر وش بعد؟ والامْتِناَع، الأحوال قَصْدنا الأزْمَان الدنيا والآخرة، المكَان: في مشارِقِ الأرض ومغاربِها (( لله العزة جميعًا ))، طيب قال المؤلف: " أي في الدنيا والآخرة " قال: "فلا تُنَال منه " أي فلا تُناَل العزة مِن الله " إلا بطَاعَتِه فَلْيُطِعْه " في عندكم فلْيُطِعْهُ ولَّا فَلْنُطِعْه بالنون.
الطالب: .....
الشيخ : اي فليُطِعْه أي مَن كان يريدُ العزة لأنه قال: (( من كان يريد العزة ))، طيب أفادَنا المؤلف أنَّ جواب الشرط محذُوف وهو قوله: " فليُطعْه "، ولكن الصواب أنَّ التقدير: فليطلبْها مِن الله (( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) فليطلبْها منه، ويشمَل الطَّلَب بلِسَانِ الحال وبلِسَان المقال عرَفْت؟ أما على رأي المؤلف
اضيفت في - 2011-05-25