تفسير سورة فاطر-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
فوائد قول الله تعالى : (( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ))
يستفاد من هذه الآية الكريمة بيانُ قدرة الله عز وجل في إيلاج الليل في النهار والعكس، وذلك لأنَّ أحدًا من الخلق لا يستطيع أن يفعل ذلك مهما عظمت قوته.
ويستفاد من الآية بيان رحمتِه بعباده، لأن في هذا الإيلاج من المصالح والمنافع ما لا يحصل مع عدمه، وقد ضربنا لكم مثلًا فيما سبق في من؟
الطلاب: اللي على خط الاستواء.
الشيخ : أي نعم، الذين على خط الاستواء الذين لا يزيد عندهم النهار والليل ماذا يكون عندهم من الأمراض والفتور في الأجسام وعدم النشاط.
ومن فوائدها أيضًا نعمة الله عز وجل بتسخيره الشمس والقمر .. لعباده (( وسخر الشمس والقمر )).
ومنها أيضًا بيان هذه الآية العظيمة بل هاتين الآيتين العظيمتين من آياته وهما الشمس والقمر، والليل أيضًا والنهار قال الله تعالى: (( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ))، وظهور الآيات فيهما واضح لما فيهما من تمام الحكمة والقدرة والرحمة.
ومن فوائد الآية الكريمة أن الشمس والقمر يجريان أي يسيران ففيها رد على أرباب الهيئة الجديدة الذين يدعون أن الشمس والقمر لا يجريان على الأرض ولا يدوران عليها ونحن قلنا: إنه يجب علينا أن نتمسك بهذا الظاهر ما لم نجد دليلًا يقينيًّا يدل على أن هذا الظاهر غير مراد وحينئذٍ لنا مساغ في مخالفة هذا الظاهر.
ومن فوائد الآية الكريمة أن كل شيء مضبوط ومحكم ومُقَدَّر لأجل محدود لا يزيد عليه ولا يتأخر لقوله: (( لأجل مسَمَّى )) طيب هذا الأجل .. تسير عليه الشمس والقمر هل، يقول المؤلف إنه يوم القيامة ويمكن أنه نجعله أعم فنقول: يسيرَان إلى أجَلٍ مسمى حتى في الفلَك فمثلًا الشمس تنزِل على مدار الجدي في أيام الشتاء، ثم تتنقل منه شيئًا فشيئًا إلى أن تصل إلى مدار السرطان لا يمكن أن تتجاوز هذا ولا هذا، لأنها تسير إلى أجل معين كل يوم محدَّد مكان الطلوع وزمان الطلوع، وهذا لا شك أنه سيرٌ إلى أجل مسمى نعم.
ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا أنَّ فاعل هذه الأشياء هو الله لقوله: (( ذلكم الله ربكم ))، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك ففيه إبطالٌ لقول أهل الطبيعة الذين يقولون: إن اختلاف الليل والنهار والشمس والقمر كان بمقتضى الطبيعة طبيعة الأفلاك
ويستفاد من الآية بيان رحمتِه بعباده، لأن في هذا الإيلاج من المصالح والمنافع ما لا يحصل مع عدمه، وقد ضربنا لكم مثلًا فيما سبق في من؟
الطلاب: اللي على خط الاستواء.
الشيخ : أي نعم، الذين على خط الاستواء الذين لا يزيد عندهم النهار والليل ماذا يكون عندهم من الأمراض والفتور في الأجسام وعدم النشاط.
ومن فوائدها أيضًا نعمة الله عز وجل بتسخيره الشمس والقمر .. لعباده (( وسخر الشمس والقمر )).
ومنها أيضًا بيان هذه الآية العظيمة بل هاتين الآيتين العظيمتين من آياته وهما الشمس والقمر، والليل أيضًا والنهار قال الله تعالى: (( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ))، وظهور الآيات فيهما واضح لما فيهما من تمام الحكمة والقدرة والرحمة.
ومن فوائد الآية الكريمة أن الشمس والقمر يجريان أي يسيران ففيها رد على أرباب الهيئة الجديدة الذين يدعون أن الشمس والقمر لا يجريان على الأرض ولا يدوران عليها ونحن قلنا: إنه يجب علينا أن نتمسك بهذا الظاهر ما لم نجد دليلًا يقينيًّا يدل على أن هذا الظاهر غير مراد وحينئذٍ لنا مساغ في مخالفة هذا الظاهر.
ومن فوائد الآية الكريمة أن كل شيء مضبوط ومحكم ومُقَدَّر لأجل محدود لا يزيد عليه ولا يتأخر لقوله: (( لأجل مسَمَّى )) طيب هذا الأجل .. تسير عليه الشمس والقمر هل، يقول المؤلف إنه يوم القيامة ويمكن أنه نجعله أعم فنقول: يسيرَان إلى أجَلٍ مسمى حتى في الفلَك فمثلًا الشمس تنزِل على مدار الجدي في أيام الشتاء، ثم تتنقل منه شيئًا فشيئًا إلى أن تصل إلى مدار السرطان لا يمكن أن تتجاوز هذا ولا هذا، لأنها تسير إلى أجل معين كل يوم محدَّد مكان الطلوع وزمان الطلوع، وهذا لا شك أنه سيرٌ إلى أجل مسمى نعم.
ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا أنَّ فاعل هذه الأشياء هو الله لقوله: (( ذلكم الله ربكم ))، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك ففيه إبطالٌ لقول أهل الطبيعة الذين يقولون: إن اختلاف الليل والنهار والشمس والقمر كان بمقتضى الطبيعة طبيعة الأفلاك
1 - فوائد قول الله تعالى : (( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ))
فيُرَدُّ عليهم بقوله تعالى: (( ذلكم )) أي الفاعل لهذا (( الله ربكم )).
ومن فوائدها أيضًا عموم مُلْكِ الله لكُلِّ شيء، لقوله: (( الملك )) و)(الـ)( هنا للعموم، وضابط الـ التي للعموم أن يحِلَّ محَلَّها كل فإذا صح أن يحل محلها كل فهي للعموم، (( إنَّ الإنسان لفي خسر )) اجعل بدلَها
الطالب: إن كل إنسان لفي خسر
الشيخ : إن كل إنسان لفي خسر (( خلق الإنسان ضعيفًا )) اجعل بدلها (كل) خُلِقَ كل الإنسان ضعيفًا، فإذا كانت (الـ) يحل محلها (كل) فهي للعموم، وهنا (( له الملك )) هل يصح أن يحل محلها (كل)؟ نعم، نقول: له كُلّ ملك.
ومن فوائدها أيضًا اختصاص الله تعالى بالملك، لقوله: (( له الملك )) حيث قدَّم الخبر وحقُّه التأخير، وقد ذكرنا في أثناء التفسير الجمعَ بين هذه الآية وبين إثبات الملك لغيرِ الله وبيَّنَّا أنه لا تعارضَ بينهما، لأنَّ الملك الذي لله له شأن والملك الذي للآدميين له شأن آخر.
ومن فوائدها أيضًا عموم مُلْكِ الله لكُلِّ شيء، لقوله: (( الملك )) و)(الـ)( هنا للعموم، وضابط الـ التي للعموم أن يحِلَّ محَلَّها كل فإذا صح أن يحل محلها كل فهي للعموم، (( إنَّ الإنسان لفي خسر )) اجعل بدلَها
الطالب: إن كل إنسان لفي خسر
الشيخ : إن كل إنسان لفي خسر (( خلق الإنسان ضعيفًا )) اجعل بدلها (كل) خُلِقَ كل الإنسان ضعيفًا، فإذا كانت (الـ) يحل محلها (كل) فهي للعموم، وهنا (( له الملك )) هل يصح أن يحل محلها (كل)؟ نعم، نقول: له كُلّ ملك.
ومن فوائدها أيضًا اختصاص الله تعالى بالملك، لقوله: (( له الملك )) حيث قدَّم الخبر وحقُّه التأخير، وقد ذكرنا في أثناء التفسير الجمعَ بين هذه الآية وبين إثبات الملك لغيرِ الله وبيَّنَّا أنه لا تعارضَ بينهما، لأنَّ الملك الذي لله له شأن والملك الذي للآدميين له شأن آخر.
2 - فوائد قول الله تعالى : (( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ))
ومن فوائد الآية الكريمة أن ما يُدعَى من دون الله لا يجلب خيرًا لداعيه بأي وجهٍ من الوجوه، لأنَّ الله نفى عنه كل طريق يمكِن أن يصِل به الخير أو يندَفِعَ به الضرر قال: (( لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم )) هذا في انتفاء الخير وعدم إزالة الضَّرَر والشَّرّ، زِد على ذلك أنَّه يوم القيامة يكفُرُون بشرك هؤلاء وهذا ضرر أعظم.
ومن فوائد الآية الكريمة النداء الواضح على سَفَهِ هؤلاء المشركين وجهُه أنَّهم يدْعُون مَن لا يصلُح دعاءه، يدعون ما لو سمع دعائهم على الفرض والتقدير لن يستجِيبَ له قال الله تعالى: (( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم .. غافلون )) ((مَن أضل)) يعني لا أحد أضل، وقال تعالى: (( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا مَن سفِهَ نفسه )) وما ملة إبراهيم؟ استمع إليها (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين )) هذه ملة إبراهيم: التوحيد وعدم الشرك، هؤلاء سُفَهاء يدْعُون ما لا يستجِيب ولا ينفَع بل يضُرّ طيب.
ومن فوائِد الآية الكريمة أنَّ مَن تعلَّق بغَير الله خَابَ أملُه كيف ذلك؟ لأنَّ هذه الأصنام لا تنفعهم في الدنيا، ولا تنفعهم يوم القيامة إذًا خاب أملهم ولَّا لا؟ خاب أملُهم، هم يقولون: إننا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ولكن ما قرَّبُوهم .. ما زادتهم إلا بعدًا فأملهم قد خاب والعياذ بالله وخسروا الدنيا والآخرة.
طيب، قوله: (( ويوم القيامة يكفرون بشرككم )) ما نوع هذا الكفر؟ التَّبَرُّؤ فيستفاد منه أنَّ هذه الأصنام المعبودة تتبرَّأ من عابديها يوم القيامة، نعم، بل إنَّ الله عز وجل يجمع الأصنام وعابديها ويلقِيهم في جهنم (( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها )) ولكنها ليست آلهة ما تنفع، طيب فإن قلت: قد يُبتَلى داعي هذه الأصنام فَتَسْتَجِيبُ له ظاهرًا بمعنى أن يدعُوَ الصنم أن يشفيَه من المرض الفلاني فيُشفَى، أو أن يجلِب له الخير الفلاني فيجلبه، فما هو الجواب يا حسين؟
الطالب: أن هذه قد حصلت عند دعاء الصنم ..
الشيخ : يعني الدعاء ما أفاد لكن الله عز وجل جعل هذا الشيء يقع عند دعاءِه امتحانًا، امتحانًا لهؤلاء العابدين.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات البعث، لقوله: (( ويومَ القيامة يكفرون بشرككم )).
ومنها إثبات ربوبية الله سبحانه وتعالى (( ذلكم الله ربكم )).
ومنها أيضًا إثبات عِلم الله وإحاطتِه بكل شيء، لقوله: (( ولا ينبئك مثل خبير ))، هل نأخذ منها الرد على الجبرية؟ نعم من قوله: (( إن تدعوهم ... )) نعم، طيب وهل نأخذ منها أنَّ هذه الأصنام من العقلاء؟
الطالب: لا.
الشيخ : لكن ذُكِرَت على سبيل التَّنَزُّل وعلى ذكرِها بأكملِ أوصافها عندهم وهو العقل.
ومن فوائد الآية الكريمة النداء الواضح على سَفَهِ هؤلاء المشركين وجهُه أنَّهم يدْعُون مَن لا يصلُح دعاءه، يدعون ما لو سمع دعائهم على الفرض والتقدير لن يستجِيبَ له قال الله تعالى: (( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم .. غافلون )) ((مَن أضل)) يعني لا أحد أضل، وقال تعالى: (( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا مَن سفِهَ نفسه )) وما ملة إبراهيم؟ استمع إليها (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين )) هذه ملة إبراهيم: التوحيد وعدم الشرك، هؤلاء سُفَهاء يدْعُون ما لا يستجِيب ولا ينفَع بل يضُرّ طيب.
ومن فوائِد الآية الكريمة أنَّ مَن تعلَّق بغَير الله خَابَ أملُه كيف ذلك؟ لأنَّ هذه الأصنام لا تنفعهم في الدنيا، ولا تنفعهم يوم القيامة إذًا خاب أملهم ولَّا لا؟ خاب أملُهم، هم يقولون: إننا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ولكن ما قرَّبُوهم .. ما زادتهم إلا بعدًا فأملهم قد خاب والعياذ بالله وخسروا الدنيا والآخرة.
طيب، قوله: (( ويوم القيامة يكفرون بشرككم )) ما نوع هذا الكفر؟ التَّبَرُّؤ فيستفاد منه أنَّ هذه الأصنام المعبودة تتبرَّأ من عابديها يوم القيامة، نعم، بل إنَّ الله عز وجل يجمع الأصنام وعابديها ويلقِيهم في جهنم (( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها )) ولكنها ليست آلهة ما تنفع، طيب فإن قلت: قد يُبتَلى داعي هذه الأصنام فَتَسْتَجِيبُ له ظاهرًا بمعنى أن يدعُوَ الصنم أن يشفيَه من المرض الفلاني فيُشفَى، أو أن يجلِب له الخير الفلاني فيجلبه، فما هو الجواب يا حسين؟
الطالب: أن هذه قد حصلت عند دعاء الصنم ..
الشيخ : يعني الدعاء ما أفاد لكن الله عز وجل جعل هذا الشيء يقع عند دعاءِه امتحانًا، امتحانًا لهؤلاء العابدين.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات البعث، لقوله: (( ويومَ القيامة يكفرون بشرككم )).
ومنها إثبات ربوبية الله سبحانه وتعالى (( ذلكم الله ربكم )).
ومنها أيضًا إثبات عِلم الله وإحاطتِه بكل شيء، لقوله: (( ولا ينبئك مثل خبير ))، هل نأخذ منها الرد على الجبرية؟ نعم من قوله: (( إن تدعوهم ... )) نعم، طيب وهل نأخذ منها أنَّ هذه الأصنام من العقلاء؟
الطالب: لا.
الشيخ : لكن ذُكِرَت على سبيل التَّنَزُّل وعلى ذكرِها بأكملِ أوصافها عندهم وهو العقل.
3 - فوائد قول الله تعالى : (( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ))
ثم قال الله تعالى: (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )) في كل حال (( والله هو الغني )) عن خلقه (( الحميد )) المحمود في صُنْعِه بهم " (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )) هذا النداء عام للمؤمن والكافر والبَرّ والفاجر والصغير والكبير والذكر والأنثى، الناس عمومًا، وصدَّر الله هذا الحكم بهذا الخطاب الذي هو النداء، لأجل التنبيه وبيان الاهتمام به، وفي الحقيقة أنه قد يقال: كلُّ أحد يعلم أنه فقير إلى الله لكن هل نحن عملنا بمقتضى هذا العلم؟ لا (( كلا إِنَّ الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى )) فقرَّر الله تعالى هذه الحال الثابتة التي لا ينفَكُّ عنها إنسان وهي الفقر إلى الله مِن أجل أن يعمل بمقتضى هذه الحال فيرجع إلى الله عز وجل ولا يسأل إلا الله، (( يا أيها الناس أنتم الفقراء )) الجملة هذه جملة اسمية مفيدة الحصر، لأنَّ طرفيها ايش؟ معرفتان ((أنتم)) هذا ضمير معرفة، ((الفقراء)) محلًّى بـ((الـ)) فهو معرفة، طيب، ((أنتم الفقراء)) طيب وغير الناس؟ أغنياء عن الله ولّا لا؟
الطلاب: لا.
الشيخ : لا، لكن لَمَّا كان الإنسان هو الذي قد يرَى نفسَه مستغنيًا عن الله حصَر الفَقْر فيه كأنه يقول: إن لم يكن أحدٌ فقيرًا إلى الله فأنتم فقراء ولا بد، وإذا كان الإنسان العاقل المدبر لنفسه فقيرًا إلى الله فما بالُك بالبهيمة أليست أشد فقرًا؟ بلى هي أشد فقرًا إلى الله عز وجل من الإنسان، لكنه خاطب الإنسان بذلك، لأنه هو الذي يرى أنه قد استغنى عن الله وأنه غني عن الله، بل بعضُ بني آدم عكَس القضية قال: (( إنَّ الله فقير ونحن أغنياء )) والعياذ بالله فعكَس القضية والواقع الذي تشهد به الفطرة.
قال: (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )) ((إلى)) هذه للغاية أي أنَّ فقركم منْتَهٍ إلى الله عز وجل لا يسُدُّ عوزَكم إلا الله، ثم قال: (( والله هو الغني )) أي ضد الفقر والغنِيُّ أي المستغْنِي عن غيرِه كما قال الله تعالى في سورة التغابن (( فكفَرُوا وتولوا واستغنى الله )) فالله عز وجل ذُو الغِنَى الواسع ومع ذلك فإنَّ غناه مقرُونٌ بحمدِه ولهذا قال: (( الغنِيُّ الحميد )) فهو غنِيٌّ يُحمَد على غِناه، لأنه يجودُ به على غيرِه، لكن بنو آدم قد يكون الإنسان منهم غنِيًّا ولكن ليس حميدًا، فإذا كان غنيًّا وتسلَّط بغناه على غيره وفَخَر به على الناس ولم يقُمْ بما يجب عليه صار غنِيًّا: حميدًا ولّا لا؟ غير حميد، لكن الله عز وجل غنِيٌّ حميد، وكلمة حميد يصِحُّ أن تكون بمعنى اسم الفاعل ويصح أن تكون بمعنى اسم المفعول: اسم الفاعل لأنه سبحانه وتعالى حامِد، يحمَد من عباده كل مَن يستحِقّ الحمد منهم ولهذا يثْنِي على رسلِه وأنبيائه وعباده الصالحين والثناء عليهم هو الحمد، وهو أيضًا محمود على أمرَين: على ما له مِن كمال الصفات، وعلى ما له من كمال الإنعام، فهو محمود لكمال الصفات ومحمود لكمال إنعامه، وهنا نقول: الحميد محمود لكمال غِناه وكمال جُودِه بهذا الغنى ولّا لا؟ لأنه ليس كل غني يكون محمودًا بالذي ما عنده مِن الغنى لكن الله عز وجل غنيٌّ حميد، وقوله: (( والله هو الغني الحميد )) هو مبتدأ، ايش؟
الطالب: ضمير فصل.
الشيخ : ضمير فصلٍ، وضمير الفصل له ثلاث فوائد يا ياسر! نعم له ثلاث فوائد
الطالب: الحصر والفائدة الثانية
الشيخ : وش معنى الحصر؟ اشرح لي هذي
الطالب: .... الله سبحانه وتعالى
الشيخ : ليس غيره، الله .. لا غير، كما نقول زيد هو الفاضل يعني لا غير، طيب هذا واحد. هذه فائدة الفائدة الثانية
الطالب: يفصل بين الخبر والصفة.
الشيخ : الفصل بين الخبر والصفة يعني التمييز بينهما، الثالث
الطالب: التوكيد.
الشيخ : التوكيد، إذا قلت: زيد هو القائم فهو أوكد من قولك زيدٌ قائم، ... فالفائدة إذًا فوائده ثلاث، (( والله هو الغني الحميد )).
الطلاب: لا.
الشيخ : لا، لكن لَمَّا كان الإنسان هو الذي قد يرَى نفسَه مستغنيًا عن الله حصَر الفَقْر فيه كأنه يقول: إن لم يكن أحدٌ فقيرًا إلى الله فأنتم فقراء ولا بد، وإذا كان الإنسان العاقل المدبر لنفسه فقيرًا إلى الله فما بالُك بالبهيمة أليست أشد فقرًا؟ بلى هي أشد فقرًا إلى الله عز وجل من الإنسان، لكنه خاطب الإنسان بذلك، لأنه هو الذي يرى أنه قد استغنى عن الله وأنه غني عن الله، بل بعضُ بني آدم عكَس القضية قال: (( إنَّ الله فقير ونحن أغنياء )) والعياذ بالله فعكَس القضية والواقع الذي تشهد به الفطرة.
قال: (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )) ((إلى)) هذه للغاية أي أنَّ فقركم منْتَهٍ إلى الله عز وجل لا يسُدُّ عوزَكم إلا الله، ثم قال: (( والله هو الغني )) أي ضد الفقر والغنِيُّ أي المستغْنِي عن غيرِه كما قال الله تعالى في سورة التغابن (( فكفَرُوا وتولوا واستغنى الله )) فالله عز وجل ذُو الغِنَى الواسع ومع ذلك فإنَّ غناه مقرُونٌ بحمدِه ولهذا قال: (( الغنِيُّ الحميد )) فهو غنِيٌّ يُحمَد على غِناه، لأنه يجودُ به على غيرِه، لكن بنو آدم قد يكون الإنسان منهم غنِيًّا ولكن ليس حميدًا، فإذا كان غنيًّا وتسلَّط بغناه على غيره وفَخَر به على الناس ولم يقُمْ بما يجب عليه صار غنِيًّا: حميدًا ولّا لا؟ غير حميد، لكن الله عز وجل غنِيٌّ حميد، وكلمة حميد يصِحُّ أن تكون بمعنى اسم الفاعل ويصح أن تكون بمعنى اسم المفعول: اسم الفاعل لأنه سبحانه وتعالى حامِد، يحمَد من عباده كل مَن يستحِقّ الحمد منهم ولهذا يثْنِي على رسلِه وأنبيائه وعباده الصالحين والثناء عليهم هو الحمد، وهو أيضًا محمود على أمرَين: على ما له مِن كمال الصفات، وعلى ما له من كمال الإنعام، فهو محمود لكمال الصفات ومحمود لكمال إنعامه، وهنا نقول: الحميد محمود لكمال غِناه وكمال جُودِه بهذا الغنى ولّا لا؟ لأنه ليس كل غني يكون محمودًا بالذي ما عنده مِن الغنى لكن الله عز وجل غنيٌّ حميد، وقوله: (( والله هو الغني الحميد )) هو مبتدأ، ايش؟
الطالب: ضمير فصل.
الشيخ : ضمير فصلٍ، وضمير الفصل له ثلاث فوائد يا ياسر! نعم له ثلاث فوائد
الطالب: الحصر والفائدة الثانية
الشيخ : وش معنى الحصر؟ اشرح لي هذي
الطالب: .... الله سبحانه وتعالى
الشيخ : ليس غيره، الله .. لا غير، كما نقول زيد هو الفاضل يعني لا غير، طيب هذا واحد. هذه فائدة الفائدة الثانية
الطالب: يفصل بين الخبر والصفة.
الشيخ : الفصل بين الخبر والصفة يعني التمييز بينهما، الثالث
الطالب: التوكيد.
الشيخ : التوكيد، إذا قلت: زيد هو القائم فهو أوكد من قولك زيدٌ قائم، ... فالفائدة إذًا فوائده ثلاث، (( والله هو الغني الحميد )).
4 - تفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ))
ثم قال: (( إن يشَأْ يذهبكم )) جملة شرطية فعل الشَّرْط (( يشأ يذهِبْكم )) جواب الشرط (( يذهبكم )) يعني بالإذهاب (( ويأْتِ بخلق جديد )) يأتِ غريب أن تكون مكسورة وهي فعل مضارع؟
الطالب: مجزومة.
الشيخ : مجزومة بحذف .. يأتي لكن حُذِفَت الياء، لأنها معطوفة على مجزُوم يذهِبْكم، وقوله: (( يأتِ بخلق جديد )) بدلَكم " بخَلْق أي بمخلُوق أي بمخلوق بدليل قولِه: (( ويأت )) أي بمخلوقٍ جديد فهذا مصدَرٌ أريد به اسم المفعول أي بمخلوق كقوله عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملًا ليس علينا أمرنا فهو رد )، وكقوله تعالى: (( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )) خلْق أي مخلوق، وقد يراد بالخلق المصدر كما في قوله: (( ألا له الخلق والأمْر تبارك الله رب العالمين )) لكن هنا المراد به اسم المفعول، قال تعالى: (( ويأت بخلق جديد )) أي بمخلوقٍ جديد غيركم، طيب كيف يذهبنا ويأت بخلق جديد؟ إذا أهلكنا من أين يأتي الخلق الجديد؟ يُخلَق قبل الإذهاب ولّا وش؟ طيب الآن قدَّرنا أنَّ .. ذهب من أين يجي اللي بعده؟ الله قادر على أن يأتي بخلق جديد مستقل هذا واضح، ثم هو أيضًا يمكن أن يذهب الموجودين بعد أن يأتي خلفُهم منهم، ولّا يكون نشء الصغار يعتبَرُ خلقًا جديدًا بالنسبة للكبار الذين هلكوا، وهذا كما قيل في بني إسرائيل لَمَّا امتنعوا عن دخول الأرض المقدسة وقالوا إنَّ فيها قومًا جبارين ابتلاهم الله عز وجل وقال: (( إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض )) فضاعوا ما بين مصر والشام مسيرة شهر جلسُوا فيه أربعين سنة ما اهتدوا إلى الطريق تائهين، قال بعض العلماء ولاسيما المعاصرين منهم: لأجل أن يفنَى ذلك الجيل المتغطرس الذَّليل ويأتي جيل ناشئ في الصحراء قويٌّ يريد أن يدخُل البلاد المقدسة، لأنه ناشئ في الصحراء يريد .. فعنده قوة وإرادة تؤهله إلى دخول تلك الأرض، لأن الجيل الأول المتغطرس المعاند فَنِي في هذه .. هكذا قال بعض العلماء ولا سيما المعاصرين منهم قالوا: إن الحكمة في أن الله تعالى ضربهم بهذا التيه لأجل أن يفنَوا الكبار ويستجِد الصغار فالله أعلم، إنما الله عز وجل قادر على أن يمحو الناس ويذهبهم ويأت بخلق جديد إما خلق مستقل أو من ذرية هؤلاء أو يفني من في هذا الخلق مثلًا يفني من في هذا الأرض ويأتي آخرون يحتلون الأرض ولّا لا؟ .. لها ثلاثة وجوه الآن إما خلق جديد ومستَقل، وإما ذرية القوم الذين ذهبوا، وإما قوم آخرون يأتون من بلاد أخرى ويحلُّون محل هؤلاء الذين ذهبوا، كما قال تعالى: (( وإن تتولوا يستبدِلْ قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )).
الطالب: مجزومة.
الشيخ : مجزومة بحذف .. يأتي لكن حُذِفَت الياء، لأنها معطوفة على مجزُوم يذهِبْكم، وقوله: (( يأتِ بخلق جديد )) بدلَكم " بخَلْق أي بمخلُوق أي بمخلوق بدليل قولِه: (( ويأت )) أي بمخلوقٍ جديد فهذا مصدَرٌ أريد به اسم المفعول أي بمخلوق كقوله عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملًا ليس علينا أمرنا فهو رد )، وكقوله تعالى: (( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )) خلْق أي مخلوق، وقد يراد بالخلق المصدر كما في قوله: (( ألا له الخلق والأمْر تبارك الله رب العالمين )) لكن هنا المراد به اسم المفعول، قال تعالى: (( ويأت بخلق جديد )) أي بمخلوقٍ جديد غيركم، طيب كيف يذهبنا ويأت بخلق جديد؟ إذا أهلكنا من أين يأتي الخلق الجديد؟ يُخلَق قبل الإذهاب ولّا وش؟ طيب الآن قدَّرنا أنَّ .. ذهب من أين يجي اللي بعده؟ الله قادر على أن يأتي بخلق جديد مستقل هذا واضح، ثم هو أيضًا يمكن أن يذهب الموجودين بعد أن يأتي خلفُهم منهم، ولّا يكون نشء الصغار يعتبَرُ خلقًا جديدًا بالنسبة للكبار الذين هلكوا، وهذا كما قيل في بني إسرائيل لَمَّا امتنعوا عن دخول الأرض المقدسة وقالوا إنَّ فيها قومًا جبارين ابتلاهم الله عز وجل وقال: (( إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض )) فضاعوا ما بين مصر والشام مسيرة شهر جلسُوا فيه أربعين سنة ما اهتدوا إلى الطريق تائهين، قال بعض العلماء ولاسيما المعاصرين منهم: لأجل أن يفنَى ذلك الجيل المتغطرس الذَّليل ويأتي جيل ناشئ في الصحراء قويٌّ يريد أن يدخُل البلاد المقدسة، لأنه ناشئ في الصحراء يريد .. فعنده قوة وإرادة تؤهله إلى دخول تلك الأرض، لأن الجيل الأول المتغطرس المعاند فَنِي في هذه .. هكذا قال بعض العلماء ولا سيما المعاصرين منهم قالوا: إن الحكمة في أن الله تعالى ضربهم بهذا التيه لأجل أن يفنَوا الكبار ويستجِد الصغار فالله أعلم، إنما الله عز وجل قادر على أن يمحو الناس ويذهبهم ويأت بخلق جديد إما خلق مستقل أو من ذرية هؤلاء أو يفني من في هذا الخلق مثلًا يفني من في هذا الأرض ويأتي آخرون يحتلون الأرض ولّا لا؟ .. لها ثلاثة وجوه الآن إما خلق جديد ومستَقل، وإما ذرية القوم الذين ذهبوا، وإما قوم آخرون يأتون من بلاد أخرى ويحلُّون محل هؤلاء الذين ذهبوا، كما قال تعالى: (( وإن تتولوا يستبدِلْ قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )).
تفسير قول الله تعالى : (( وما ذلك على الله بعزيز ))
قوله: (( ما ذلك )) هذه ((ما)) حجازية لتمام شروط عملها، لأن اسمها (ذا) وخبرها (عزيز) لكن دخل على خبرها الباء الزائدة في الإعراب، (( وما ذلك )) أي إذهابُكم والإتيان -يا عبد الله- بخلق جديد (( وما ذلك على الله بعزيز )) ((على الله)) جار ومجرور متعلق بعزيز مقدم عليه، وقوله: (( بعزيز )) قال المؤلف: " شديد " والصواب عزيز بمعنى ممتنع، لأن عزَّ تأتي بمعنى امتنع كما مَر عليكم وتأتي بمعنى غلب وتأتي بمعنى قهر ... هنا تأتي بمعنى العزة والقهر طيب هنا (( بعزيز )) أي بممتنع والمؤلف رحمه الله قال: بشديد، لأن الشديد في حد ذاته ممتنع، لقوته وصلابته، إذا لم يكن عزيزًا على الله فهو سهل وعليه فنقول: إنّ هذه الصفة من الصفات السلبية التي نَصْفُ الله تعالى بها مع إثبات كمال ضدها فنقول: (( وما ذلك على الله بعزيز )) لكمال سهولَتِه عليه فهو أمر هيِّن عليه سبحانه وتعالى أن يذهب هؤلاء ويأتي بغيرهم قال الله تبارك وتعالى: (( وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )).
ثم قال الله عز وجل مبينًا
الطالب: الفوائد
الشيخ : طيب الفوائد (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) ...
الطالب: ... أحسن. تقف في وسط آية .... قد تقف في الوسط وسط آية (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) قد تقف في وسط الآية وإذا جاء الدرس القادم شرحت فوائد السابقة وتكون الآية هذي نصفين نقف في وسطها ثم نأتي بالفوائد ..
الشيخ : جميل هذا، .....
الطالب: أقول إذا خلى صفحات للفوائد وصفحات للشرح أحسن ....
الشيخ : والله أنا رأيي ... ثلاث آيات أربع آيات وشرحهن وبعدين خذ ما يستفاد من هذه الآيات، ممكن؟ اكتب كل الشرح ... ما يستفاد من هذه الآيات ... وينحل الإشكال.
ثم قال الله عز وجل مبينًا
الطالب: الفوائد
الشيخ : طيب الفوائد (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) ...
الطالب: ... أحسن. تقف في وسط آية .... قد تقف في الوسط وسط آية (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) قد تقف في وسط الآية وإذا جاء الدرس القادم شرحت فوائد السابقة وتكون الآية هذي نصفين نقف في وسطها ثم نأتي بالفوائد ..
الشيخ : جميل هذا، .....
الطالب: أقول إذا خلى صفحات للفوائد وصفحات للشرح أحسن ....
الشيخ : والله أنا رأيي ... ثلاث آيات أربع آيات وشرحهن وبعدين خذ ما يستفاد من هذه الآيات، ممكن؟ اكتب كل الشرح ... ما يستفاد من هذه الآيات ... وينحل الإشكال.
تفسير قول الله تعالى : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى ))
قال الله تعالى: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) لَمَّا بيَّن سبحانه وتعالى ما يؤول إليه أمر هؤلاء الكفار وهدَّد من خرج عن طاعته بأنه قادر على أن يذهبهم ويأت بخلق جديد ذكَر براءة غير الوازرين من الوازرين يعني أن شرك هؤلاء المشركين لا يؤثر على أولئك المؤمنين الموَحِّدين قال: (( ولا تزر )) قال المؤلف: " نفس (( وازرة )) آثمة " (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ((وازرة)) أفادنا المؤلف بتقدير نفس أن وازرة صفة لموصوف محذوف تقديره نفْس وقوله: ((وازرة)) أي آثمة وهل المراد آثمة بالفعل أو أنها من ذوات الوِزْر والإثم، وهو المكَلَّف البالغ العاقل يعني أنَّ من يكون أهلًا لأن يَأْثَم إذا فعل لا يتحمَّل إثم غيره ويكون الفائدة من ذكر الوازرة أنَّ الصغير مثلًا لا يتحمل إثمًا لا له ولا لغيرِه بخلاف الكبير الذي يتحَمَّل الإثم فهل يتحمل إثْمَ غيره؟ يقول الله عز وجل: (( ولا تزر وازرة )) قال المؤلف: " آثمة أي لا تحمِل " ..كلمة ((تزر)) فسرها المؤلف بقوله: " أي لا تحمل " وهذا تفسير بالمراد لا بالمعنى المطابق للفظ، لأن المعني المطابق للفظ في (( تزر )) أي تأثم، إذْ أن الوزر هو الإثم ولكن مر علينا كثيرا أنّ تفسير القرآن قد يراد به التفسير المطابق للفظ، وقد يراد به التفسير بالمعنى المراد لا المطابق للفظ، أي لا تحمِل وزر نفس أخرى، أفادنا أيضًا بقوله: " وِزْرَ نفس " صفة لموصوف محذوف تقديرُه نفس أي أنَّ زيدًا لا يحمِل إثم عمرِو وهندًا لا تحمل وِزْر فاطمة مثلًا، واضح؟ كلٌّ يحمل وزره، قال الله تعالى -مبينًا ذلك في جملة تعتبر قاعدة-: (( كلُّ نفسٍ بما كسبَت رهينة )) (( كل امرئ بما كسب رهين )) أما مَن لم يكسب شيئًا فليس عليه من إثم الآخرين شيئًا، ولا يعارِض هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَن سَنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) لأن سنّه إياه يعتبر وزرًا، لأنه هو الذي شقّ الطريق له ومهد السبل فلهذا كان عليه وزرها ووِزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، فالآية هنا لا تنافي الحديث.
تفسير قول الله تعالى : (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ))
قال: (( وإن تدْعُ مثقلةٌ إلى حملها لا يُحمَل منه شيءٌ )) " (( إن تدع )) نفس (( مثقلة )) بالوزر (( إلى حملِها )) منه أحدًا ليحمل بعضه (( لا يُحمَل منه شيء )) ... ((مثقلة)) بماذا؟ بالأوزار ((إلى حملها)) لِيُحمل عنها بعضُه ((لا يُحمَل منه شيء)) وجملة ((لا يُحمَل منه ..)) جواب الشرط، الشرط قوله: ((إن تدع)) وهو مجزومٌ بحذف الواو والضمة قبله دليل عليه، و((لا يحمل)) هذا هو جواب الشرط و((شيءٌ)) نائب فاعل يعني أنَّه كما أن الغير لا يَحْمِل على الغير وزرَه فإنه حتى وإن دُعِي واستُنجد ليحمِل أو يخفف عن الوازر شيئًا لم يمكن ذلك، في الدنيا ربما يؤخذ الإنسانُ بتبِعة غيره، في الدنيا أيضًا إذا استغاث بك إنسانٌ قد حمل شيئًا ثقيلًا هل تنجدُه ولّا لا؟ تنجدُه، لكن في الآخرة لو دعت نفس مثقلة إلى حملِها ليحمل أحد منه شيئا فإنها لا تُجاب إلى ذلك (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمَل من شيء ))، وقوله: (( شيء )) نكرة في سياق النفي فتَعُمّ القليل والكثير، وقوله: (( مثقلة )) هي أيضًا نكرة في سياق النفي فتعُم أيّ مثقلة مهما كانت هذه المثقلة فإنها إذا دعت أحدًا من الناس أن يحمِل عنها من أثقالها لا يحمَل منه شيء.
ثم قال: (( ولو كان ذا قربى )) " (( ولو كان )) المدعُوُّ (( ذا قربى )) قرابة كالأب والابن " قوله: " (( ولو كان )) المدعو " ألا يمكن أن نقول: ولو كان الداعي؟ يمكن لكن متلازمان، لأنَّ المدعو إذا كان قريبًا من الداعي كان الداعي قريبًا له لكن أيُّهما أنسب من حيث السياق (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل من شيء ولو كان ذا قربى ))؟
الطلاب: المدعو.
الشيخ : لكن هو إن تدع مثقلة .. هو الداعي، (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى )) نقول: المدعو أقرب، لأنه لو كان المراد الداعي لكان -والله أعلم- الأنسب أن نقول: ولو كانت ذا قربى لأنه قال: (( إن تدع مثقلةٌ )) ومعلوم أن ضمير المؤَنَّث ولو مجازًا يكون؟ أجيبوا! ضمير المؤَنَّث ولو كان مجازًا يكون
الطالب: مؤنّثًا
الشيخ : يكون مؤنّثًا، ولّا لا؟ قال ابن مالك:
وإنما تلزم فعلَ مضمَر *** متَّصِل أو مُفهِم ذات حِر
واضح؟ إذًا ((وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كانت ذا قربى)) صَح ولو كانت الداعية، لكن لما قال: (( ولو كان ذا قربى )) مذكر عُلِم أنَّ الفاعل غير الداعي ... وقوله: (( قربى )) أي قرابة ومنه قوله تعالى: (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) أي القرابة، وقوله تعالى: (( قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى )) فالقربى هنا بمعنى القرابة، لو أن الأب استنجد بابنه يوم القيامة أن يحمِل عنه من أوزاره أجاب؟ لا ما يُجيب بل (( يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه )) ليش؟ (( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ))، طيب (( ولو كان ذا قربى )) قال .. المؤلف رحمه الله تعالى: " وعدم الحمل في الشقين حُكْم من الله " قوله: " عدم الحمل في الشقين " أين الشقان؟ قوله: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) أي لا تحمل (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ))، وإذا كان من الله فإنه لا يمكن أحدًا أن يحمِل عن أحدٍ شيئًا ولو رضي فلو أنّ أحدًا قال لشخص: آثامُك عليَّ. يمكن يكون هكذا؟ ما يصح، لأنَّ الذي لا يُحَمِّل هو الله فالحكم من الله عز وجل، لو أن أحد استنجَدَ بأحد أن يحمِل عنه ووافق على نجدته له ذلك ولّا لا؟
الطلاب: ليس له ذلك.
الشيخ : لا، لأن هذا حكمٌ من الله عز وجل، هذا الفعل في قوله: " وعدم الحمل في الشقين حكم من الله " أي فليس لأحدٍ أن يتجاوزَه يعني الحكم، ولهذا قال الله تعالى: (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) قال الله تعالى: (( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وإنهم لكاذبون ))، يعني يقولون ذلك ولكن هم ليسوا بصادقين في هذا التحمل (( وإنهم لكاذبون )) ثم قال: (( وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم )) لا بالتزامهم ولكن لأنهم هم الأسوة والقدوة فكانوا يحملون أثقالَهم وأثقال من أضلوهم.
ثم قال: (( ولو كان ذا قربى )) " (( ولو كان )) المدعُوُّ (( ذا قربى )) قرابة كالأب والابن " قوله: " (( ولو كان )) المدعو " ألا يمكن أن نقول: ولو كان الداعي؟ يمكن لكن متلازمان، لأنَّ المدعو إذا كان قريبًا من الداعي كان الداعي قريبًا له لكن أيُّهما أنسب من حيث السياق (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل من شيء ولو كان ذا قربى ))؟
الطلاب: المدعو.
الشيخ : لكن هو إن تدع مثقلة .. هو الداعي، (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى )) نقول: المدعو أقرب، لأنه لو كان المراد الداعي لكان -والله أعلم- الأنسب أن نقول: ولو كانت ذا قربى لأنه قال: (( إن تدع مثقلةٌ )) ومعلوم أن ضمير المؤَنَّث ولو مجازًا يكون؟ أجيبوا! ضمير المؤَنَّث ولو كان مجازًا يكون
الطالب: مؤنّثًا
الشيخ : يكون مؤنّثًا، ولّا لا؟ قال ابن مالك:
وإنما تلزم فعلَ مضمَر *** متَّصِل أو مُفهِم ذات حِر
واضح؟ إذًا ((وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كانت ذا قربى)) صَح ولو كانت الداعية، لكن لما قال: (( ولو كان ذا قربى )) مذكر عُلِم أنَّ الفاعل غير الداعي ... وقوله: (( قربى )) أي قرابة ومنه قوله تعالى: (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) أي القرابة، وقوله تعالى: (( قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى )) فالقربى هنا بمعنى القرابة، لو أن الأب استنجد بابنه يوم القيامة أن يحمِل عنه من أوزاره أجاب؟ لا ما يُجيب بل (( يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه )) ليش؟ (( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ))، طيب (( ولو كان ذا قربى )) قال .. المؤلف رحمه الله تعالى: " وعدم الحمل في الشقين حُكْم من الله " قوله: " عدم الحمل في الشقين " أين الشقان؟ قوله: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) أي لا تحمل (( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ))، وإذا كان من الله فإنه لا يمكن أحدًا أن يحمِل عن أحدٍ شيئًا ولو رضي فلو أنّ أحدًا قال لشخص: آثامُك عليَّ. يمكن يكون هكذا؟ ما يصح، لأنَّ الذي لا يُحَمِّل هو الله فالحكم من الله عز وجل، لو أن أحد استنجَدَ بأحد أن يحمِل عنه ووافق على نجدته له ذلك ولّا لا؟
الطلاب: ليس له ذلك.
الشيخ : لا، لأن هذا حكمٌ من الله عز وجل، هذا الفعل في قوله: " وعدم الحمل في الشقين حكم من الله " أي فليس لأحدٍ أن يتجاوزَه يعني الحكم، ولهذا قال الله تعالى: (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) قال الله تعالى: (( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وإنهم لكاذبون ))، يعني يقولون ذلك ولكن هم ليسوا بصادقين في هذا التحمل (( وإنهم لكاذبون )) ثم قال: (( وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم )) لا بالتزامهم ولكن لأنهم هم الأسوة والقدوة فكانوا يحملون أثقالَهم وأثقال من أضلوهم.
تفسير قول الله تعالى : (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير ))
قال الله تعالى: (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) ((إنما تنذر)) هذه الجملة فيها حصر طريقُه ((إنما)) والحصر يا حجاج ما هو؟
الطالب: حصر الشيء في الشيء.
الشيخ : ما معنى حصر الشيء في الشيء؟
الطالب: ((إنما)) أداة حصر.
الشيخ : .. ما معنى الحصر؟
الطالب: هو يعني أن يحصر
الشيخ : الشيء في الشيء. ما معنى حصر الشيء في الشيء؟ .. وكررت الأمر
الطالب: إثبات الحكم في الشيء..
الشيخ : إثبات الحكم في المذكور -وإن شئت فقل في المحصور فيه- ونفيه عما سواه، (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) كأن يقال: ما تنذر إلا الذين يخشون ربهم، و((تنذر)) من الإنذار وهو الإعلام المقرون بالتخويف، هذا الإنذار الإعلام المقرون بالتخويف، وإن شئت فقل: الإعلام المراد به التخويف، لأنه يقال ... يظهر من هيئة الكلام والسياق مثلًا أنه للتخويف، فمُنْذِر الجيش يقول: واصباحاه! بس فيعرف الناس أن هذا إنذار للجيش، إذًا الإنذار معناه الإعلام المرَاد به التخويف فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول الله له: (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) وقوله: (( يخشون ربهم )) الخشية هي الخوف النابع عن تعظيم المخوف والعِلم به قال الله تعالى: (( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء )) وقولنا: إنه الخوف النابع عن تعظيم المخوف ليشمل من كان خائفًا ولو كان هو قويًّا يعني معناه القوي قد يخاف منه آخرون فتكون هذه خشية، فإن خاف الضعيف من قوي فهو خوف ولهذا نقول: إن الخشية أعظَم من الخوف قال الله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء ))، وقول ..: (( الذين يخشون ربهم )) أي يخافونه خوفًا نابعًا من تعظيمهم له مع علمهم بأنه مستحق للتعظيم، وقوله: (( يخشَون ربهم بالغيب )) الغيب ضِد الشاهد والمعلوم، أي: " يخافونه وما رأَوه " فأفادنا المؤلف بالغيب أفادنا أن قوله (بالغيب) حالٌ من المفعول به أي يخشون ربهم حال كونِهم غائبًا عنهم لم يروه، انتبهوا! هذا أحد الوجهين في الآية، الوجه الثاني يخشون ربهم حال كونهم غائبين ... حال كونهم غائبين عن غيب فيكون الجار والمجرور حالًا من الفاعل، لأن مِن الناس مَن يُظهِر خشية الله أمام الناس لكنَّه إذا غاب عن الناس لم يخْشَ الله هل يُمدَح هذا على خشيته؟ لا، لأنه مرائي لكن الذي يخشى ربَّه بالغيب هذا هو الذي يُمدَح فإن قلت: هل يمكن أن تُحمَل الآية على المعنيين ويكون هؤلاء الذين مدحهم الله يخشون الله لأنهم ... يخشون الله في حال الغَيبة على الناس؟ فالجواب: نعم وهذا مِن بلاغة القرآن أن يُعبِّر بتعبيرٍ صالحٍ لمعنيين لا يتنافيان فهؤلاء القوم يخشون الله تعالى وهم لم يروه ولكنهم يخشونه كأنهم يرونه، لأنهم يخشونه في الغيب والشهادة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )، وقوله: (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) لا ينافي أنه مُنذِرٌ لجميع الناس (( إنَّا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا )) (( إن أنت إلا نذير )) وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على عموم إنذارِه لماذا؟ لأنَّ المراد بالإنذار هنا الإنذار النافع أي إنما يؤَثِّر إنذارُك للذين يخشَوْن ربهم بالغيب أما مَن لا يخشى الله بالغيب فإنه وإن أُنذِر لا ينتفِع بالإنذار ولهذا قال المؤلف رحمه الله مشيرًا إلى ذلك: " لأنهم المنتفعون بالإنذار " لأنهم أي الذين يخشَوْن ربهم بالغيب المنتفعون بالإنذار فلهذا خَصّ الإنذار بهم، إذًا الحصر هنا -حصر الإنذار في الذين يخشون ربهم بالغيب- المراد به حصر الانتفاع به أو حصر نفعه إنما يكون لمـَن .. أما مَن لا يخشى الله فإن هذا لا .. (( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءَتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم )) ...
الطالب: حصر الشيء في الشيء.
الشيخ : ما معنى حصر الشيء في الشيء؟
الطالب: ((إنما)) أداة حصر.
الشيخ : .. ما معنى الحصر؟
الطالب: هو يعني أن يحصر
الشيخ : الشيء في الشيء. ما معنى حصر الشيء في الشيء؟ .. وكررت الأمر
الطالب: إثبات الحكم في الشيء..
الشيخ : إثبات الحكم في المذكور -وإن شئت فقل في المحصور فيه- ونفيه عما سواه، (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) كأن يقال: ما تنذر إلا الذين يخشون ربهم، و((تنذر)) من الإنذار وهو الإعلام المقرون بالتخويف، هذا الإنذار الإعلام المقرون بالتخويف، وإن شئت فقل: الإعلام المراد به التخويف، لأنه يقال ... يظهر من هيئة الكلام والسياق مثلًا أنه للتخويف، فمُنْذِر الجيش يقول: واصباحاه! بس فيعرف الناس أن هذا إنذار للجيش، إذًا الإنذار معناه الإعلام المرَاد به التخويف فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول الله له: (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) وقوله: (( يخشون ربهم )) الخشية هي الخوف النابع عن تعظيم المخوف والعِلم به قال الله تعالى: (( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء )) وقولنا: إنه الخوف النابع عن تعظيم المخوف ليشمل من كان خائفًا ولو كان هو قويًّا يعني معناه القوي قد يخاف منه آخرون فتكون هذه خشية، فإن خاف الضعيف من قوي فهو خوف ولهذا نقول: إن الخشية أعظَم من الخوف قال الله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء ))، وقول ..: (( الذين يخشون ربهم )) أي يخافونه خوفًا نابعًا من تعظيمهم له مع علمهم بأنه مستحق للتعظيم، وقوله: (( يخشَون ربهم بالغيب )) الغيب ضِد الشاهد والمعلوم، أي: " يخافونه وما رأَوه " فأفادنا المؤلف بالغيب أفادنا أن قوله (بالغيب) حالٌ من المفعول به أي يخشون ربهم حال كونِهم غائبًا عنهم لم يروه، انتبهوا! هذا أحد الوجهين في الآية، الوجه الثاني يخشون ربهم حال كونهم غائبين ... حال كونهم غائبين عن غيب فيكون الجار والمجرور حالًا من الفاعل، لأن مِن الناس مَن يُظهِر خشية الله أمام الناس لكنَّه إذا غاب عن الناس لم يخْشَ الله هل يُمدَح هذا على خشيته؟ لا، لأنه مرائي لكن الذي يخشى ربَّه بالغيب هذا هو الذي يُمدَح فإن قلت: هل يمكن أن تُحمَل الآية على المعنيين ويكون هؤلاء الذين مدحهم الله يخشون الله لأنهم ... يخشون الله في حال الغَيبة على الناس؟ فالجواب: نعم وهذا مِن بلاغة القرآن أن يُعبِّر بتعبيرٍ صالحٍ لمعنيين لا يتنافيان فهؤلاء القوم يخشون الله تعالى وهم لم يروه ولكنهم يخشونه كأنهم يرونه، لأنهم يخشونه في الغيب والشهادة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )، وقوله: (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب )) لا ينافي أنه مُنذِرٌ لجميع الناس (( إنَّا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا )) (( إن أنت إلا نذير )) وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على عموم إنذارِه لماذا؟ لأنَّ المراد بالإنذار هنا الإنذار النافع أي إنما يؤَثِّر إنذارُك للذين يخشَوْن ربهم بالغيب أما مَن لا يخشى الله بالغيب فإنه وإن أُنذِر لا ينتفِع بالإنذار ولهذا قال المؤلف رحمه الله مشيرًا إلى ذلك: " لأنهم المنتفعون بالإنذار " لأنهم أي الذين يخشَوْن ربهم بالغيب المنتفعون بالإنذار فلهذا خَصّ الإنذار بهم، إذًا الحصر هنا -حصر الإنذار في الذين يخشون ربهم بالغيب- المراد به حصر الانتفاع به أو حصر نفعه إنما يكون لمـَن .. أما مَن لا يخشى الله فإن هذا لا .. (( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءَتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم )) ...
9 - تفسير قول الله تعالى : (( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير )) أستمع حفظ
مناقشة قول الله تعالى : (( وما ذلك على الله بعزيز ))
قال الله تعالى: (( وما ذلك على الله بعزيز )) ما معنى هذا، مُصَرَّف! (( وما ذلك )) المشار إليه ..
الطالب: ....
الشيخ : أحسنت، أي ممتنع، .. صح أي أنه سهل كامل السهولة قوله: (( وما ذلك على الله بعزيز )) من أي الصفات يا فهد؟
الطالب: ..الصفات السلبية
الطالب: ....
الشيخ : أحسنت، أي ممتنع، .. صح أي أنه سهل كامل السهولة قوله: (( وما ذلك على الله بعزيز )) من أي الصفات يا فهد؟
الطالب: ..الصفات السلبية
اضيفت في - 2011-05-25