تابع لفوائد قول الله تعالى : (( الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ))
وهذا حق كلُّ عمَلٍ صالح تُوفَّقُ له فهو نعمةٌ مِن الله عليك يحتاج إلى شكر فإن شكرْتَه صارَ الشكر نعمة يحتَاج إلى شكرٍ آخر ثُم لا تستطِيع أن تثنِيَ على ربك بل تقِف تقول: سبحانَك لا أحصِي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك.
ومِن فوائد الآية الكريمة كمالُ الراحة في الجنة لقوله: (( لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب )) وكمالُ القوة والنشاط لأنَّ التعب إنما يلحَقُ البدن الضعيف، إذا قال قائل: مِن أين عرفنا الكمال؟ مِن النفي لأنَّ نفيَ النقص إثباتٌ لكمال ضدِّه، وهل يؤخذُ مِن هذه الآية الكريمة أنَّ الجنة ليس فيها نوم؟
الطالب: ...
الشيخ : اجزِمْ، يُؤخَذ؟ كيف ذلك؟
الطالب: ...
الشيخ : إعياء، طيب على كل حال أخذ نفي النوم مِن هذه الآية فيه شيء مِن الإشكال، لكن إذا أردنا أن نتوَسَّع في الاستدلال فيمكن أن نقول كما قلتم: إنَّ النوم إنما يُحْتَاجُ إليه لراحةٍ مِن تعبٍ سابق، وتجديدِ نشاط لعملٍ لاحق نعم، أليس كذلك؟ طيب، وإذا كان الإنسان في محلِّ إقامَتِه لا يمسُّه النَّصَب ولا اللغوب فإنَّه لا يحتاج إلى النوم، يَرِدُ علينا الأكل والشرب الأكل والشرب في الجنة ثابت مع أنَّه يُحْتَاجُ إليه في الدنيا لحاجَةِ البدن إلى النمُوّ وإلى العمَل، فيقال: إنَّ أكلَهم في الآخرة ليس للحاجة ولكن على سبيل التَّلَذُّذ، ولهذا يأكلون ويشربون ولا يبولُون ولا يتغَوَّطُون، إنما يخرُج ذلك رشحًا يعني عرقًا أطيَب مِن ريح المسك، ولهذا يأكلون دائما لكن في الدنيا إذا امتلأَ الإناء وُقِّف ما عاد تأكُل أكثر، على كل حال لاشكَّ أنَّهم لا ينَامُون مِن نصوصٍ أخرى، العلماء يقولون: إنَّ النوم أخو الموت وقد نفى الله عنهم الموت فإذا انتفَى الموت فإن النَّوم ينتفي أيضًا لأنَّه وفاةٌ صغرى، ثم إنَّهم لو كانوا ينامُون لأَدَّى ذلك إلى تعطُّلِ نعيمِهم وقتَ نومهم، والجنة نعيمُها دائم مستمر،
الطالب: قد يقال إن النوم ..
الشيخ : هو لذة ومتعة لِمَن احتاج إليه، لكن أنت لو حصل لك ما تنام بدون نقص ما نمت.
الطالب: كذلك الأكل.
الشيخ : ... ما في شك أنه يوفروا وقتا لكن ما هو حاصل، فالنوم ليس متعة إلا لِمَن احتاجه فقط، أما مَن لا يحتاجُه فليس ....
الطالب: ما في ادلة صريحة .. استنباطًا ... ؟
الشيخ : .. أدلة صريحة مِن السنة الرسول أخبر بأنَّهم لا ينامون .... يعتبرونها من مناقشة الفوائد.
طيب مِن فوائد الآية أيضًا أنَّ أهلَ الجنة لا يتعَبُون في مزاوَلة الأعمال ولا يلحقهم إعياء بعد ذلك، لقوله: (( لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب )) لكن هل هم يتعبون؟ نقول: لا يتعبون قطعًا كما في الآية لكنهم يعملُون (( عينًا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا )) يعملُون في نعيمِهم يفجِّرُون الأنهار ويجنُون الثمار إلا أنَّه بدون كَلَافَة ولا مشقة كما قال الله تعالى: (( قطوفها دانية ))
1 - تابع لفوائد قول الله تعالى : (( الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ))
(( لهم نارُ جهنَّم لا يقضَى عليهم فيموتُوا ولا يُخَفَّفُ عنهم مِن عذابِها )) (لا يُقْضَى عليهم) بالموت (فيموتوا) ويستريحوا " نعم قال الله تعالى في ذلك: ( فإنَّ له نار جهنَّم لا يمُوت فيها ولا يحيى )) لا هو ميِّت فيستريح ولا حيٌّ حياةً يتنعم فيها بل هو في شقاءٍ دائم، يتمنَّوْن الموت ولكن لا يحصُل لهم (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون )) فهنا يقول: (( لا يقضى عليهم فيموتُوا )) أي لا يُقضَى عليهم بالموت فيموتوا ويستريحون، والفاء في قولِه: (فيموتُوا) فاء السببية والفعلُ بعدها منصوب بحذف النون، والواو فاعل، لوقوعه بعد النفْي الكَائِن في قوله: (لا يقضى عليهم).
قال: (( ولا يخفف عنهم من عذابها )) طرفةَ عين " فهم في عذابٍ مستمر لا يستريحون منه لا بموت ولا بنوم ولا بتخفيف والعياذ بالله (( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ))[غافر:49] شوف الذُلّ والعياذ بالله (ادعوا ربكم) كأنهم آيِسُون أن يدعُوا الله لأنَّ الله قد قال لهم: (( اخسئُوا فيها ولا تكلمون )) فيطلبُون الوسائط (ادعوا ربكم)، ثم هذا يعني استجدَاءٌ ضعيف يُخفِّف ولم يقولوا: يمنَع فطلَبوا التخفيف يومًا ولم يقولوا: دائمًا فهنا يظهَر أثَرُ الضَّعْف عليهم والذُلّ والهوان مِن ثلاثة وجوه أولًا: أنهم طلبوا الشفعاء فلا يستطيعون أن يتكلموا، ثانيًا: طلبوا التخفيف دون المنْع النهائيّ، ثالثًا: أنهم طلبوا ذلك يومًا من الأيام لا دائمًا، ولكن هل تُجيبُهم الملائكة؟ تجيبُهم بالتوبِيخ والعياذُ بالله (( قالوا أو لم تكُ تأتيكُم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعُوا )) قال الله تعالى: (( وما دعاءُ الكافرين إلا في ضلَال )) فهنا لا يُقضَى عليهم فيموتوا ولا تُجابُ دعوتهم في ذلك ولا يُخَفَّفُ عنهم مِن عذابها ولا يومًا واحدا لأنَّهم قد أُنذِرُوا وقامَتْ عليهم الحُجَّة مِن كل وجه.
قال الله تعالى: (( ولا يخففُ عنهم مِن عذابها كذلك )) كما جَزَيْنَاهُم (( نجزي كلَّ كَفُور )) كافر، بالياء والنون المفتُوحة مع كسرِ الزاي ونصبِ (كلّ) " المؤلف رحمه الله أجمَل في بيانِ هاتين القراءتين إجمالًا مخلًّا القراءتان: (كذلك نَجزِي كل كفُور) بالنون المفتوحة والزاي المكسورة ونصب (كل)، ووجه هذه القراءة ظاهر لأنَّ (نجزي) فعل مضارع نعم، وفاعلُه مستَتِر، و(كل) مفعول به: القراءة الثانية: (كذلك يُجزَى كُلُّ كفورٍ) وصنِيع المؤلف لا يؤدِّي هذا المعنى بل ظاهرُه أنَّ (كل) منصوبَة على القراءتَيْن، وأيضًا ظاهرُه أنَّ الزاي مكسورة على القراءتَين، وأن الياء مفتوحة على القراءتَين، (نَجزِي كل كفور) عرفتم؟ والقرَاءَة (يُجزَى كلُّ كفور)، طيب نرجع الآن إلى كلمة (كذلك) (كذلك) ترِدُ كثيرًا في القرآن الكريم ويقول المعرِبُون إنَّ الكافَ مفعولٌ مطلق، وأنَّ تقدير الكلام مثلَ ذلك الجزاء نجزِي، عامل هذه المفعول المطلق ما بعدَه مِن الفعل، (كذلك نجزي الظالمين) أي: مثل ذلك الجزاء نجزي الظالمين، (كذلك نجزي كلَّ كفور) أي مثل ذلك الجزاء نجزِي كلَّ كفور، وقوله: (كلَّ كفور) قال المؤلف: كافر " يعني أنَّ صيغة المبالغة هنا لا تُرَاد بل مُطلَق الكفْر موجِبٌ لهذا الجزاء، لأنَّك لو اعتبرْتَ صيغة المبالغة بظاهِر معناها لكان لا يُجزَى هذا الجزاء إلا مَن تكرَّرَ كفرُه، ولكن لا يمنَع أن نقُول: إنَّ (كفور) هنا صفة مشبَّهَة ويكون المعنى: كلَّ مَن اتَّصَف بالكفر والله أعلم.
(( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يُقْضى عليهم فيموتوا ولا يخفَّف عنهم ))
2 - تفسير قول الله تعالى : (( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ))
3 - تفسير قول الله تعالى : (( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور ))
نأخذ الفوائد الآن ... قال الله تعالى: (( وهم يصطرخون فيها )) إلى آخرِه
فوائد قول الله تعالى : (( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ))
ومِن فوائد الآية أيضًا أنَّهم لن يدخلوا الجنة لقولِه: (( لهم نار جهنم )) فأتى بالجملة الاسمية الدالَّة على الثبوت والاستمرار.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ أهل النار يتألَّمُون منها ومِن عذابها وعقابِها لقولِه: (( لا يقضى عليهم فيموتوا )) لأنَّه لو ماتوا لاستراحُوا، فيكون في هذا ردّ على قول مَن يقول مِن المعتزلة وغيرِ هم إنَّ أهل النار تكون النار فيهم طبيعة فلا يحترقون فيها ولا يتألَّمُون منها، وهذا خلافُ ما دلَّ عليه القرآن وخلاف ما دلَّ عليه العقل، أمَّا القرآن فإن الله تعالى يقول: (( ذوقوا عذاب الحريق )) أي ذوقوا العذاب الذي يحرِقُكم، ويقول عز وجل: (( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها لِيذُوقوا العذاب )) وهذا نصّ صريح في أنَّ الجلود تحترِق ولكن تُبَدَّل لأجل أن يذوقُوا العذاب، وفيه أيضا دليل على أنها لو احترقت وبقيت محترقة فإنها لا تُحِسّ بالعذاب فيفَرَّق بينها وبين ما إذا بُدِّلت، فالصوابُ بلا شك أنَّ أهل النار يتألَّمون مِن عذابها وأنهم لا تكون النار طبيعةً لهم فلا تهمهم بعد ذلك.
ومِن فوائد الآية الكريمة حسْنُ بلاغةِ القرآن إذا ذكرَ شيئًا ذكر ما يقابله حتى تكون النفس بين هذا وهذا، فإذا ذكرَ ثناءً على أهل الخير ذكرَ ثناءً [كذا] على أهل الشر، وإذا ذكر جزاءَ أهل الخير ذكر جزاء أهل الشر.
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ هؤلاء أعني أهل النار لا يخفَّفُ عنهم من عذاب النار أبدًا لا في كيفيته ولا في نوعه ولا في زمنِه لا يخفَّف عنهم مِن عذابها.
وفيه أيضًا دليل على كمالِ قدرَةِ الله عز وجل حيث تبقَى هذه النار أبدَ الآبِدِين والعياذُ بالله لا تتغيَّر، والمعروف في نار الدنيا أنَّها مع طول الزمن تتغير وتنقص وتطفأ حتى لا يكونَ لها أثر، أمَّا في نار جهنم فإنها تبقى أبدَ الآبِدِين لا ينقُص عذابها ولا حرارَتُها.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ هذا الجزاء ثابِت لكل مِن اتَّصَف بالكفر يعني لا تختَصّ به قبيلة دون أخرى فلا يقال مثلًا إنَّه خاص بقريش المكذبين برسول الله صلى الله عليه وسلم أو بالقبيلة الفلانية ..، بل كلَّ كفور، حتى وإن كان من قرابةِ النبي صلى الله عليه وسلم.
ومِن فوائد الآية الكريمة إثباتُ الأسباب وربطِ مسبَّبَاتها بها لقوله: (( كذلك نجزي كل كفور )).
ومن فوائدها أنَّ أهل النار تتفاوَتُ منازلُهم وعذابُهم مِن أين يؤخذ؟ مِن قوله: (( والذين كفروا لهم نار جهنم )) (( وكذلك نجزي كل كفور )) ووجْهُ الأخذ أن كُلّ معلق على وصف فإنه يزدَاد بزيادة ذلك الوصف وينقُصُ بنقصانِه.
ثم قال: (( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا )) نخليها في الدرس القادم إن شاء الله.
إننا لم نُكَمِّل الفوائد .....
5 - فوائد قول الله تعالى : (( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ))
ومن فوائدِها أيضا إقرارُهم واعترافُهم بأنَّه لا يملك دفعَ الضر عنهم إلا الله، لتوجِيهِهم النداء إلى الله سبحانه وتعالى والاستغاثةَ به في قوله: (( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )).
ومن فوائدِها إقرارُهم بأنَّ أعمالَهم في الدنيا غيرُ صالحة لقولِهم: (( نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) وهم كما يقرون بأنَّ أعمالهم في الدنيا غير صالحة يقرُّون بأنَّهم غير عقلاء أيضًا لقولهم: (( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ))[الملك:10]، ولكن لا ينفَعُهم هذا لأنه بعد فواتِ الأوان، وانظر إلى جوابِهم: (أو لم نعمركم) إلى آخره.
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ الله عز وجل أقام على الكافرين الحجة مِن وجهين أنه عمَّرهم وقتًا يمكنهم أن يتذكروا فيه، وثانيًا أنه جاءتهم رسل فلا عذرَ لهم.
ومن فوائدها توبيخ أهل النار بمثل هذا الكلام، لأنَّ هذا الكلام قد يكون أشدَّ عليهم من العذاب لِمَا فيه من التنديم وتجديد الحزن عليهم والتمَنِّي الذي لا ينفَعهم.
ومن فوائد الآية الكريمة الردّ على الجبرِيَّة الذين يحتَجُّون بالقدَر على المعاصي يقولون: لو شاء الله ما أشركنا ولا آبائها ولا حرمنا من شيء، وجهُ الرد قوله: (( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ))[فاطر:37] ولو كانَ القدر حجَّةً لم يكفِي ما ذُكِر في الاحتجَاج عليهم.
ومن فوائد الآية الكريمة إثباتُ رحمةِ الله عز وجل وإعذارِه لخلقِه حيث أرسلَ إليهم، الرسل فإنَّ إرسال الرسل فيه رحمة وفيه أيضا إعذَار وإقامة حجة.
ومن فوائد الآية الكريمة إهانَةُ هؤلاء الذين في النار لقولِه: (( فذوقوا )) فإنَّ الأمر هنا للإهانة فيهَانُون والعياذ بالله بالعذاب والتوبيخ وغيرِها من أنواع الإهانات.
ومن فوائدها تَيْئِيسُ هؤلاء مِن الخلاص مِن النار لقولِه: (( فذوقوا فما للظالمين من نصير )).
ومن فوائدها أيضا بيان أنَّ الكفر ظلم لقوله: (( فما للظالمين من نصير )).
ومن فوائد الآية الكريمة الإظهار في موضِع الإضمار لقولِه: (فما للظالمين) ولم يقل فما لكم مِن نصير، فذوقوا لو أنَّ السياق جرى على ما هو عليه لقال: فما لكُم، لكنَّه قال: فما للظالمين.
ومن فوائدها التفنُّن في الأسلوب أو اختيار الوصف الذي يكون أبلَغَ في إقامة الحجة كيف ذلك؟ لأنَّه عدل عن قولِه: فما للكافِرين إلى (فما للظالمين) فإمَّا أن يكون هذا مِن باب التفنن في التعبير حتى لا يلحَقَ المخاطب سآمَة لِتكرُّر الألفاظ عليه، وإمَّا أن يكون هذا مِن باب العدول عن الوصف إلى وصفٍ أبينَ منه في إقامَةِ الحجة، والثاني أقومُ في المعنى لأنَّه لو قال: فما للكافرين لم يبيِّن أنَّهم ظلمَة بكفرهم لكن لما قال: (فما للظالمين) صارَ فيه إشارة إلى أنهم بكفرِهم كانوا ظلمَة غيرَ مظلومِين، (( وما ظلمُونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ))، ثم قال الله تبارك وتعالى
6 - فوائد قول الله تعالى : (( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) أستمع حفظ
هل يستفاد من الآية (( فما للظالمين من نصير )) كذلك على أن الكفار لا تنفع فيهم الشفاعة ؟
الشيخ : يعني امتِنَاع الشفاعة في هؤلاء؟ يمكن أن نقول فيه دليل على أنَّ الكفار لا تنفَع فيهم الشفاعة لقولِه: (( فما للظالمين من نصير )) وهذا عامّ يعني لا أحدَ يدافِع عنهم ولا يشفَع لهم
7 - هل يستفاد من الآية (( فما للظالمين من نصير )) كذلك على أن الكفار لا تنفع فيهم الشفاعة ؟ أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور ))
من فوائد هذه الآية إثباتُ عمومِ علمِ الله لقوله: (( عالم غيب السماوات والأرض )) هذا واحد، ثانيًا: إثبات علمِ الله بما في قلوبِ بني آدم وغير بني آدم لقولِه: (( إنَّه عليم بذات الصدور )).
ومِن فوائدِها التحذير مِن أن يُضْمِرَ الإنسان في قلبِه ما لا يرضاه الله ثم تُحَدِّثُه نفسه بأن هذا لا يَطَّلِع عليه إلا الله فيغْتَرّ بإمهال الله له وجهُ ذلك: (( إنه عليمٌ بذات الصدور )).
ومن فوائدها أيضًا العكس وهو أنَّ الإنسان إذا أَضمَرَ في نفسه خيًرا فإن الله يعلمه وسوف يثِيبُه عليه.
ومن فوائدها الإشارة إلى أنَّ المدار على ما في القلب لقولِه: (( عليمٌ بذات الصدور)) وذات الصدور هي القلوب لأنها الساكِنة فيها كما قال الله تعالى: (( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))
تفسير قول الله تعالى : (( هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ))
(( هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمَن كفرَ منكم فعليه كفرُه )) ولا يضُرّ غيرَه شيئا ولا يضُرُّ اللهَ شيئًا أيضًا، وهذا كقوله: (( من عمِل صالحا فلنفسه ومن أساءَ فعليها )) فكفر الإنسان على نفسِه وليس يضر غيرَه شيئًا، فإن قلت: كيف نجمع