تفسير سورة فاطر-09a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تابع لفوائد قول الله تعالى : (( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ))
الذين قالوا بالأوَّل أنَّه يُصَلَّى لكل آية تُخَوِّفُ العباد استدَلُّوا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوِّفُ الله بهما عبادَه فإذا رأيتُمُوهَما " يعني كاسِفَتَيْن " فصلُّوا وادعُوا ) إلى آخرِه قالوا: وتخويفُ العباد بالصَّواعق والزلازِل أشدُّ وقعًا في نفوسِهم مِن الكسُوف، فإذا شُرِعَتِ الصلاة للكسوف فمشروعيتها لهذا الآيات مِن باب أولى، وهذا اختِيار شيخ الإسْلَام ابن تيمية رحِمه الله، واستدلَّ بفعل ابن عباس رضي الله عنها حينما صلَّى صلاة الكسوف في زلزَلة، ولكن المذهب يقولون: إنَّه لَا تُصَلَّى صلاة الكسوف إلا للكسوف أو للزلزلَة احتجاجًا بفعلِ ابن عباس رضي الله عنهما، ولكن الصواب ما اختارَه شيخ الإسلام ابن تيمية فإنَّ هذا الذي ذهب إليه يدلُّ عليه التعليل في الحديث ( آيتان من آيات الله يخوفُ اللهُ بهما عبادَه )
1 - تابع لفوائد قول الله تعالى : (( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إنه كان حليما غفورا ))
ومِن فوائدِ الآية الكريمة إثباتُ العِلَّة والسَّبَب في أفعالِ الله عز وجل لقولِه: (( إنه كان حليمًا غفورًا ))، وإثبات العلل في أفعال الله أو في أحكامِه تدُلّ على كمالِه لا على نقصِه خلافًا للناقصين الذين زعموا أنَّ إثبات الحكمة في أفعال الله تعالى وأحكامِه تدلُّ على النقص ولهذا نَفوا الحكمة عن أفعال الله وأحكامِه يقولون: لأنَّ ذلك يقتضِى النقص وأنَّه فعلَ لغرض أو حكَم لِغرض والفاعلُ لغرض ناقِصٌ بدونِه، وعلى هذا فيكون نفي الحكمة عن أفعال الله وأحكامه مِن تنزيهِ الله تعالى عَن النقص، وفي الحقيقة أنَّ أيَّ إنسان يعتقِد أنَّ إثبات الحكمة في أفعال الله وأحكامه نقص فهو الناقِص حتى إنَّ الإنسان بمجرد ما يتَأَمَّل في المسألة يعرِف أنَّ من فعل لغيرِ حكمة فقد أتى سفهًا وإن فعلَ لحكمة فقد أتى رُشْدًا، لأن الرشيد هو الذي يفعل الشيء لِحكمة وحُسْن تصرف، والسفيه بالعكس ولهذا قال الله تعالى: (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا )) وعلى هذا ففي الآية هذه وغيرِها مِن نصوصٍ كثيرة في الكتاب والسنة والعقل الصريح ما يدُلّ على إثباتِ الحكمة لله عز وجل وأنَّ الحكمة مِن أَجَلِّ صفات الله سبحانه وتعالى، وبيانُها في أحكامِ الله وأفعالِه مِن أعظم الأمور وأظهرِها، طيب نقول في الآية إثبات الحكمة لأنَّه عَلَّل إمساكَ السموات والأرض بماذا بكونِ ذلك مقتضى حِلْمِه ومغفرَتِه.
وفي الآية أيضا من الفوائد إثباتُ هذين الاسمين لله وهما (الحليم) و(الغفور) وإثباتُ ما تضمَّنَاه مِن الصفة لأنَّ كل اسم مِن أسماءِ الله فهو متضمِّن لِصفة، ليس في أسماءِ الله اسمٌ جامدٌ أبدًا حتى اسْمُ الجلالة (الله) ليس بجامِد بل هو مُشْتَقّ مِن الألوهية وكذلك بقيَّةُ الأسماء كلُّها ليست جامِدَة بل هي مُشتقةٌ مِن معانٍ تدل عليها، والمعاني التي تدُلّ عليها أسماءُ الله قد تكون متعدِّدَة في اسم واحد كما مرَّ عليها في الدلالة أنها تكون دلالةَ مطابقة ودلالة تضَمُّن ودلالة الْتِزَام طيب
وفي الآية أيضا من الفوائد إثباتُ هذين الاسمين لله وهما (الحليم) و(الغفور) وإثباتُ ما تضمَّنَاه مِن الصفة لأنَّ كل اسم مِن أسماءِ الله فهو متضمِّن لِصفة، ليس في أسماءِ الله اسمٌ جامدٌ أبدًا حتى اسْمُ الجلالة (الله) ليس بجامِد بل هو مُشْتَقّ مِن الألوهية وكذلك بقيَّةُ الأسماء كلُّها ليست جامِدَة بل هي مُشتقةٌ مِن معانٍ تدل عليها، والمعاني التي تدُلّ عليها أسماءُ الله قد تكون متعدِّدَة في اسم واحد كما مرَّ عليها في الدلالة أنها تكون دلالةَ مطابقة ودلالة تضَمُّن ودلالة الْتِزَام طيب
تفسير قول الله تعالى : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ))
ثم قال الله سبحانه وتعالى: (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءَهم نذيرٌ ليكونٌنَّ أهدى مِن إحدى الأمم )) (أقسموا) قال المؤلف: أي كفارُ مكة " وهذا يحتمِل ما قالَه رحمه الله مِن أنَّ الضمير يعود على كفار مكة ويحتمل على أنه أعمّ وأنَّ مِن الناس مَن أقسَمُوا وهم من غيرِ كفارِ مكة، وقوله: (أقسموا بالله) أي حلفوا به، وقوله: (جهدَ أيمانهم) أي غايةَ الأيمان يعني الأيمان التي بذلوا فيها الجُهْد وهي أيمانٌ مغَلَّظَة في صيغَتِها كَمِّيَّة وكَيْفِيَّة فالأيمان المغلظة في صيغَتِها كمية وكيفية هي الأيمان التي بلغَت الجُهْد أي غايَة الطاقَة بالنسبة للمُقْسِم، والأيمان كما قال العلماء تُغَلَّظ في الكمية والكيفية والزَّمان والمكان والهيْئَة خمسة أشياء: الكمِّيَّة مثل أن أقول: والله الذي لا إله إلا هو العظِيم العَزيز الغالب وما أشبهَ ذلك مِن الأسماء التي تدُلُّ على الانتقَام فيما لو كان الإنسانُ كاذبًا، هذا تغليظ بماذا بالكمية، التغليظ بالكيفية بأن يأتي بها يعني بانفعَال شديد يدُلُّ على تأثُّرِه بالقسَم، وأمَّا في الزمان فأن تكُون بعد صلاة العصر كما قال الله تبارك وتعالى: (( تحبسونهما مِن بعد الصلاة فيقسمان بالله )) فمِن بعد صلاةِ العصر، وفي المكان بحيث يكون الإِقْسَام في مكَانٍ فاضل وأفضَل الأماكن في البلدان المساجد، قالوا: وتكون عند المحراب أو المنبر في الجوامع وعند الكعبة بعضهم قال: تحْت الميزاب، وفي الروضة في المدينة هذا في المكان، في الهيئة بأن يكون قائمًا لأنَّه يُحَلَّف وهو قائم قال العلماء: لأن العقوبة أقرَب إلى القائم مِنها إلى القاعِد فهذه خمسَة أشياء في تغلِيظ اليمين، لكن هل هؤلاء الكفَّار أقسَمُوا جَهْدَ أيمانِهم بهذه ال... الخمسة؟ الله أعلم على كل حال هم بذلوا أقصى ما يستطيعون مِن اليمين.
(( لَئن جاءهم نذيرٌ ليكونُنّ أهدَى مِن إحدَى الأمم )) هذه الجملة نقول في إعرابها كما قلنا في الجملة الأولى (ولئن زالتا إن أمسكهما) فلقد اجتمع فيها شرطٌ وقسم وحُذِفَ جواب الشرط ولهذا جاءَت اللامُ في الجواب (ليكونن)، ولو كان المحذوف جوابُ القسم لم تأتِ اللام في الجواب لأنَّ جوابَ الشرط لا يحتَاجُ إلى اللام وإنما يُرْبَط بالفاعل في محلِّه وبِحذفِها ولا يحتَاج إلى رابط إذا لم يكن مِن المواضع السبَعة المعروفة، طيب يقول الله عز وجل: (( لئن جاءهم نذِير )) بمعنى مُنْذِر وهو الرسول (( ليكونن أهدى مِن إحدى الأمم )) قوله: (ليكونن) بضم النون وهو مُشْكِل كيف ضُمَّت النون والمعروف أنَّ الفعل المضارع مع نون التوكيد يُبْنَى على الفتح كما في قوله تعالى: (( لينبذن في الحطمة )) وهنا قال: (ليكونن) والجوابُ على ذلك أنَّ نونَ التوكيد لا يُبْنَى معها الفعل إلا إذا كانت مباشرةً له لفظًا وتقديرًا، والنونُ هنا مباشِرَة للفعل لفظًا لكنها غير مباشرةٍ له تقديرًا كيف ذلك؟ لأنَّ الفعل هنا للجماعة وليس للمُفرد وأصله (يَكُونُونَنَّ) فحُذِفت النون لتوالِي الأمثَال لأنَّهم يقولون: إنَّ العرب يكرهُون أن تجْتَمِع ثلاث كلمات مِن نَوعٍ واحد بعضُها إلى بعْض فيحذِفُون أَوْلَاها بالحذْف وأولاها بالحذف على حسب قياسهم نونُ الرفع، لأنَّ حذفَها مُعتَاد ولأنَّ نونَ التوكِيد جاءَت لمعنًى لو حُذِفَت لاختَلَّ ذلك المعنى، إذا جاءت للتوكيد فلا نحذفُها لكن نحذف نون الرفع لأنَّ حذفَها معتَاد، طيب حذفْنَا نون الرفع وهي النون الأولى مِن الثلاثة لو قلنا: ليكونُونَّ حذفْنا نون الرفع بقِيَت الواو تَلِي النون، والنون حرفٌ مُشَدَّد في هذا التركيب، والحرف المشدد أولُه ساكنٌ ...؟ أوله ساكِن فحذَفْنا الواو لالتقَاء الساكنَيْن فصارَت لَيَكُونُنّ أهدَى مِن احدى الأمم حذَفْنا الواو التي بَين نُونِ الفعل، لأنَّ النون في (ليكُونُنَّ) النون اللي معنا الآن نون الفعل ولهذا ما حذَفْنَاها لأنَّها أَصِيلَة، حذفْنا الواو لالْتِقَاء الساكنين فلو قالَ قائل: طيب عندَنا الآن ثلاث نُونَات ولَمَّا تحذِفُوا واحدَة منها نقول: أولًا أنَّ هذه النونات ليسَت مُتَّصِلَة تقديرًا يعني ليس بعضُها متصلًا بالبعض الآخر مِن حيث التقدير لأنَّه .. قد فصَلَ بينهما ايش؟ الواو الذي حذفْناها لالتقَاء الساكنين، ثانيًا أنَّ النون التي بعد الواو في (ليكونن) النون الموجودة الآن نون الفعل فهي مِن بنية ِالكلمة ولا يمْكِن أن تُحْذَف، على كل حال يجِب أن نعرف الفرق بين (لَيَكُونَنَّ) وبين (لَيَكُونُنَّ)، في القرآن لَيَكُونَنَّ (( ليسجَنَنَّ ولَيَكُونًا مِن الصاغِرين )) ففَرْق بين لـ(يكونَنَّ) وبين (ليكونُنَّ) لَيكونَنَّ هذا للواحد ولهذا بُنِي الفعلُ معَها على الفتح لاتصاله بنو التوكيد لفظًا وتقديرًا، وليكونُنَّ للجماعة ولهذا لم يُبْنَ الفعل معها لأنَّ نون التوكيد لم تباشِره تقديرًا واضح؟ ولَّا في إِشْكَال بعد؟ .. بعَد كل الكلام هذا الطويل ما .. فاهمين؟
الطالب: واضح.
الشيخ : إذًا نونُ التوكيد لا يُبْنَى معها الفعل إلا إذا كانَت مباشِرَةً له لفظًا وتقديرًا في هذه الجملة (ليكونُنَّ) لم تباشِره تقديرًا ولا لفظا؟
الطالب: تقديرا.
الشيخ : تقديرًا، أمَّا لفظا فقد باشَرَتْه، وإنما قلنا لم تباشِرْه تقديرًا لأنَّه حُذِف منها واوُ الجماعة فلم تباشِرْه تقديرًا.
وقوله: (( أهدى مِن إحدى الأمم )) أهدَى هذه خبَر (يكُون) فهِي مَنصُوبة بالفتحَة المقدَّرَة على الألف منَعَ مِن ظهورِها التعذر وهو اسمُ تفضيل، وقوله: (مِن إحدَى الأُمَم) قال المؤلِّف: " اليَهود والنصارى وغيرِهم أي: أيُّ واحِدَةٍ منْها لما رَأَوْا مِن تكذيب بعضِهم بعضًا إذ قالت اليَهْود: ليست النصارى على شيء وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء " يقول: ليكونُنَّ أهدَى مِن إحدَى الأمم فأَتَوا ب(إحدى) الدالة على الإبهام لم يقولوا أهدى مِن النصارى ولا أهدى من اليهود قال: من إحدى الأمم لِماذا؟ لأنَّ الأمر الْتَبَس عليهم حيث إنَّ اليهود يقولون: ليست النصارى على شيء، والنصارى يقولون: ليست اليهود على شيء، وهؤلاء المشركون -كفار مكة- أمَّةٌ جاهلية لا يدرُون مَن الحق معه فلم يقولوا: أهدى من النصارى ولا أهدى مِن اليهود، بل قالوا: أهدى من إحداهما أهدى من أي واحدة لأنَّ الأمر عندهم التبَس، ولكن يبقى النظَر ما هو الدليل على تخصيص كلمة الأمَم بالأمَّتَين اليهودية والنصرانية، ولماذا لا يقال: إنها أعم من اليهود والنصارى لأن هناك مجوس يدينُون بعبادة النيران، ويمكن أن يوجَد أناس آخرون يدِينُون بديانَاتٍ أخرى لهذا نقول: الجواب إمَّا أن نلْتَزِم بالعموم ونقول: إنهم يقولون: أهدى من إحدى الأمم أي من أي أمة كانت كاليهود أو النصارى أو المجوس أو الوثَنِيِّين الذين يعتقدون أنهم على دين أو ما أشبه ذلك فكأنهم يقولون: أهدى من كل الأمم لكن لم يعيِّنوا لأنهم لم يدروا من هو الذي على حق، وإمَّا أن يقال خُصّ هذا الجمْع بأمَّتَين فقط لأنَّ المعروف أنَّهم على دين هم من؟ اليهود والنصارى ... هذا هو الصحِيح لكن آخر كلامه يدُل على أنَّه أراد اليهود والنصارى فقط .. اشتبه عليهم الحق فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء.
أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم قال اللهُ تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ ))
(( لَئن جاءهم نذيرٌ ليكونُنّ أهدَى مِن إحدَى الأمم )) هذه الجملة نقول في إعرابها كما قلنا في الجملة الأولى (ولئن زالتا إن أمسكهما) فلقد اجتمع فيها شرطٌ وقسم وحُذِفَ جواب الشرط ولهذا جاءَت اللامُ في الجواب (ليكونن)، ولو كان المحذوف جوابُ القسم لم تأتِ اللام في الجواب لأنَّ جوابَ الشرط لا يحتَاجُ إلى اللام وإنما يُرْبَط بالفاعل في محلِّه وبِحذفِها ولا يحتَاج إلى رابط إذا لم يكن مِن المواضع السبَعة المعروفة، طيب يقول الله عز وجل: (( لئن جاءهم نذِير )) بمعنى مُنْذِر وهو الرسول (( ليكونن أهدى مِن إحدى الأمم )) قوله: (ليكونن) بضم النون وهو مُشْكِل كيف ضُمَّت النون والمعروف أنَّ الفعل المضارع مع نون التوكيد يُبْنَى على الفتح كما في قوله تعالى: (( لينبذن في الحطمة )) وهنا قال: (ليكونن) والجوابُ على ذلك أنَّ نونَ التوكيد لا يُبْنَى معها الفعل إلا إذا كانت مباشرةً له لفظًا وتقديرًا، والنونُ هنا مباشِرَة للفعل لفظًا لكنها غير مباشرةٍ له تقديرًا كيف ذلك؟ لأنَّ الفعل هنا للجماعة وليس للمُفرد وأصله (يَكُونُونَنَّ) فحُذِفت النون لتوالِي الأمثَال لأنَّهم يقولون: إنَّ العرب يكرهُون أن تجْتَمِع ثلاث كلمات مِن نَوعٍ واحد بعضُها إلى بعْض فيحذِفُون أَوْلَاها بالحذْف وأولاها بالحذف على حسب قياسهم نونُ الرفع، لأنَّ حذفَها مُعتَاد ولأنَّ نونَ التوكِيد جاءَت لمعنًى لو حُذِفَت لاختَلَّ ذلك المعنى، إذا جاءت للتوكيد فلا نحذفُها لكن نحذف نون الرفع لأنَّ حذفَها معتَاد، طيب حذفْنَا نون الرفع وهي النون الأولى مِن الثلاثة لو قلنا: ليكونُونَّ حذفْنا نون الرفع بقِيَت الواو تَلِي النون، والنون حرفٌ مُشَدَّد في هذا التركيب، والحرف المشدد أولُه ساكنٌ ...؟ أوله ساكِن فحذَفْنا الواو لالتقَاء الساكنَيْن فصارَت لَيَكُونُنّ أهدَى مِن احدى الأمم حذَفْنا الواو التي بَين نُونِ الفعل، لأنَّ النون في (ليكُونُنَّ) النون اللي معنا الآن نون الفعل ولهذا ما حذَفْنَاها لأنَّها أَصِيلَة، حذفْنا الواو لالْتِقَاء الساكنين فلو قالَ قائل: طيب عندَنا الآن ثلاث نُونَات ولَمَّا تحذِفُوا واحدَة منها نقول: أولًا أنَّ هذه النونات ليسَت مُتَّصِلَة تقديرًا يعني ليس بعضُها متصلًا بالبعض الآخر مِن حيث التقدير لأنَّه .. قد فصَلَ بينهما ايش؟ الواو الذي حذفْناها لالتقَاء الساكنين، ثانيًا أنَّ النون التي بعد الواو في (ليكونن) النون الموجودة الآن نون الفعل فهي مِن بنية ِالكلمة ولا يمْكِن أن تُحْذَف، على كل حال يجِب أن نعرف الفرق بين (لَيَكُونَنَّ) وبين (لَيَكُونُنَّ)، في القرآن لَيَكُونَنَّ (( ليسجَنَنَّ ولَيَكُونًا مِن الصاغِرين )) ففَرْق بين لـ(يكونَنَّ) وبين (ليكونُنَّ) لَيكونَنَّ هذا للواحد ولهذا بُنِي الفعلُ معَها على الفتح لاتصاله بنو التوكيد لفظًا وتقديرًا، وليكونُنَّ للجماعة ولهذا لم يُبْنَ الفعل معها لأنَّ نون التوكيد لم تباشِره تقديرًا واضح؟ ولَّا في إِشْكَال بعد؟ .. بعَد كل الكلام هذا الطويل ما .. فاهمين؟
الطالب: واضح.
الشيخ : إذًا نونُ التوكيد لا يُبْنَى معها الفعل إلا إذا كانَت مباشِرَةً له لفظًا وتقديرًا في هذه الجملة (ليكونُنَّ) لم تباشِره تقديرًا ولا لفظا؟
الطالب: تقديرا.
الشيخ : تقديرًا، أمَّا لفظا فقد باشَرَتْه، وإنما قلنا لم تباشِرْه تقديرًا لأنَّه حُذِف منها واوُ الجماعة فلم تباشِرْه تقديرًا.
وقوله: (( أهدى مِن إحدى الأمم )) أهدَى هذه خبَر (يكُون) فهِي مَنصُوبة بالفتحَة المقدَّرَة على الألف منَعَ مِن ظهورِها التعذر وهو اسمُ تفضيل، وقوله: (مِن إحدَى الأُمَم) قال المؤلِّف: " اليَهود والنصارى وغيرِهم أي: أيُّ واحِدَةٍ منْها لما رَأَوْا مِن تكذيب بعضِهم بعضًا إذ قالت اليَهْود: ليست النصارى على شيء وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء " يقول: ليكونُنَّ أهدَى مِن إحدَى الأمم فأَتَوا ب(إحدى) الدالة على الإبهام لم يقولوا أهدى مِن النصارى ولا أهدى من اليهود قال: من إحدى الأمم لِماذا؟ لأنَّ الأمر الْتَبَس عليهم حيث إنَّ اليهود يقولون: ليست النصارى على شيء، والنصارى يقولون: ليست اليهود على شيء، وهؤلاء المشركون -كفار مكة- أمَّةٌ جاهلية لا يدرُون مَن الحق معه فلم يقولوا: أهدى من النصارى ولا أهدى مِن اليهود، بل قالوا: أهدى من إحداهما أهدى من أي واحدة لأنَّ الأمر عندهم التبَس، ولكن يبقى النظَر ما هو الدليل على تخصيص كلمة الأمَم بالأمَّتَين اليهودية والنصرانية، ولماذا لا يقال: إنها أعم من اليهود والنصارى لأن هناك مجوس يدينُون بعبادة النيران، ويمكن أن يوجَد أناس آخرون يدِينُون بديانَاتٍ أخرى لهذا نقول: الجواب إمَّا أن نلْتَزِم بالعموم ونقول: إنهم يقولون: أهدى من إحدى الأمم أي من أي أمة كانت كاليهود أو النصارى أو المجوس أو الوثَنِيِّين الذين يعتقدون أنهم على دين أو ما أشبه ذلك فكأنهم يقولون: أهدى من كل الأمم لكن لم يعيِّنوا لأنهم لم يدروا من هو الذي على حق، وإمَّا أن يقال خُصّ هذا الجمْع بأمَّتَين فقط لأنَّ المعروف أنَّهم على دين هم من؟ اليهود والنصارى ... هذا هو الصحِيح لكن آخر كلامه يدُل على أنَّه أراد اليهود والنصارى فقط .. اشتبه عليهم الحق فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء.
أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم قال اللهُ تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ ))
3 - تفسير قول الله تعالى : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ))
((جاءَهم نذِير )) هذا مبتدا درس اليوم قال الله تعالى: (( فلما جاءَهم نذيرٌ ما زادَهم إلا نفورًا )) هنا قال الله عز وجل: (فلما جاءهم نذير) ولم يقل فلما جاءهم الرسول ليطابِق ما قالوه حتى يكونَ أبلَغ في إلزامِهم بما قالوا لأنهم قالُوا: (لِئن جاءهم نذير ليكونن) فلما جاءهم نذير على حسَب ما فرَضُوه وما قدَّرُوه جاء الأمر كذلك فلما جاءَهم نذير كما يقولون هُم والمرادُ به محمدٌ صلى الله عليه وسلم بلا شَك لكن كما أشرْت نُكِّرَ ولم يُعَرَّف متابعةً لايش؟ لكلامهم حيث قالوا: جاءنا نذير يعني فلما جاءَهم نذير كما طلبُوا تماما وباللفظ ما زادَهم إلا نفورا (لَمَّا) هنا شرطية وفعل الشرط (جاءهم) وجوابه (ما زادهم إلا نفورا) ولَمَّا تأتي في اللغة العربية على أوجه أحدها كما هنا شرطية، والثاني أن تأتي جازمة كَـ(لم) إلَّا أن بينهما فروقًا ليس هذا موضِع ذكرها لأنَّنا لن نتكلم على النحو كقوله تعالى: (( بل لَمَّا يذوقوا عذاب )) أي لَم يذوقُوا عذابي ولكنهم حَرِيُّون بأن يذُوقوه، والثالث أن تكون بمعنى (إلَّا) كقوله تعالى: (( إن كُلُّ نفس لما عليها حافِظ )) أي إلا عليها حافِظ، والرابع أن تكون بمعنى (حين) مجرَّدَة عن الشرط مثل أن تقول: زرتك لَمَّا طلع الصبح أي حِينَ طلع الصبح، فهذه أربعة معاني لـ(لما) هنا شرطية (فلَمَّا جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا) (ما زادهم) قال المؤلف: مجيئُه " يعني أنَّهم جاءهم نذير كما طلبُوا ولكنهم ما كانوا أهدى مِن إحدى الأمم بل لم يزِدْهم إلا نفورًا عن الحق وبُعْدًا عن اتِّبَاعِه، قال: تباعُدًا عن الهدى " والعياذ بالله وهذا أمرٌ مشاهد فإن قريشًا لما بُعِثَ فيهم النبي صلى الله عليه وسلم نفَرُوا منه وآذَوْه بالقول وبالفعل ووَصَمُوه بكلِّ عيب وكانوا قبل أن يُبعث يجِلُّونَه يحترمونه ويسَمُّونَه الأمين فلَمَّا بعث لم يكن أمينًا وكأنَّه رجلٌ غيرُ الرجل الذي كانوا يعرفونه، كل هذا يُكَذِّبُ قولَهم: (لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم)
تفسير قول الله تعالى : (( استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ))
قال: (( استكبارًا في الأرض )) عن الإيمان، مفعولٌ له " يعني أن كلمة (استكبارا) مفعولٌ له أي منصُوبة على أنها مفعول له أي: ما زادهم إلا نفورًا لأجلِ الاستكبار في الأرض، وهذا أحدُ الاحتمالين في الآية الكريمة والاحتمال الثاني أنَّ (استكبارا) بدل مِن كلمة (نفورًا) أي ما زادهم إلا نفورًا هذا النفور هو الاستكبار في الأرض، وهو احتمال قويٌّ جدا أن تكون (استكبارًا) بدَلًا أو عطفَ بَيَان مِن كلمة (نفورا) إذًا ما زادهم هذا المجيء إلا البعد عن الحق والاستكبار في الأرض.
قال: (( ومَكرَ السَّيِّئ )) معطوف على (استكبارا) و(مكر) قال المؤلف: العملُ (( السيئ )) من الشرك وغيرِه " فقدَّر العمل قبل (السيئ)، ليكون السُّوء موصوفًا به العمَل، والعملُ السيئ يكونُ مكرًا هذا ما ذهبَ إليه المؤلف رحمه الله فجعل (مكر) مضافًا إلى شيء محذوف وهو (العمل) وجعل السيئ صفةً لذلك الشيء المحذوف أي: مكرَ العمل السَّيِّئ أي أنهم ما زادَهم إلا نفورًا واستكبارًا في الأرض، وأن يمكُرُوا مكرَ العمَل السيئ، والمكر هو الخدِيعة وهو التَّوَصُّل بالأسباب الخَفِيَّة إلى الإيقاعِ بالخصم، هذا المكر أن تتَوَصَّل بالأسباب الخَفِيَّة إلى الإيقاعِ بخصمك وعدُوِّك، فأمَّا التوصُّل بالأسباب الظاهرة فليس بمكْر، فإن قلت: هذا المعنى لا ينطبق على عملِ هؤلاء لأن هؤلاء يُظْهِرُون عملَهم السيئ فالجواب: أنَّ هؤلاء تارَةً يظهرونَه وتارة يخفُونَه كما في اجتماعِهم في دار النَّدْوَة ماذا يصنعون بالرسول صلى الله عليه وسلم (( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ))[الأنفال:30] وإنَّما ذَكَر المكْر دُون الشَّيْء المعلن الظاهر، لأنه أعظم قُبْحًا من الشيء المعلَن الظاهر فصارَ هؤلاء جمعُوا إلى الكذب المكر والخِداَع والعياذُ بالله، قال الله تعالى: (( ولا يحيق )) يُحِيط (( المكر السيئ إلا بأهله )) " وهو الماكِر " إلى آخره يعني أنَّ هؤلاء مكَرُوا السوء وعمِلوا السوء بصفَة علنيَّة وبصفة خفية وهل الماكِر بغيره ينجو؟ الجواب إذا كان مكرًا سيِّئًا فإنه لا ينجو بل سيحِيق به مكرُه ويُهْلِكُه ويدمِّرُه كما قال تعالى: (( وحاقَ بهم ما كانوا به يستهزئون ))، أمَّا إذا كان المكْرُ بحَق فإنه لا يحيقُ بأهله بل يحيقُ بعدوه ولا يحيق به، ذلك لأنَّ الـمَكْر بِحَق ممدُوح وليس بمذْمُوم، وقال: (( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله )) وهُنا لم يقُل: إلَّا بالماكِر بل قال: إلَّا بأهْلِه إشارَة إلى بَيَان الاستحقاق لهذه الجريمة التي وقعَتْ منه وأنَّه أهلًا لأن يحيقَ به مكرُه فكُلُّ ماكر بغير حق فإنَّه أهلٌ لأن يحيقَ به مكرُه، قال: " ووصفُ المكر بالسَّيِّئِ أصْل وإضافتُه إليه قبلُ استعمالٍ آخر قُدِّرَ فيه مُضَاف حَذَرًا مِن الإضافَةِ إلى الصِّفَة " هذا كَلَام قليلُ الفائدة مُعَقَّدُ المعنى في الواقع
الطالب: .. قيل.
الشيخ : لا، (قبْل) قبل، طيِّب قال: ووصفُ المـَكْر بالسَّيِّئِ أصلٌ " فين المكر (( ولا يحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ )) يقول المؤلف: أصْلٌ " يعني جارٍ على الأصل، لأنَّ الأصلَ أنَّ الوصف ينفصِل عن الموصوف ولا يُضَاف إليه الموصوف هذا الأصل، انتبهوا! متى تقول: مررت بزيدٍ الفاضل فتجعل الصفة منفصِلة عن الموصوف تابعةً له وليس مضافًا إليها، فقول المؤلف: أصل " يعني أنه على الأصل، وَصْفُ المكر بالسيئ أصْلٌ " وش معنى أصل؟ أي جارٍ على الأصل لأنَّ الأصل أنَّ الصفة تتْبَعُ الموصوف لا أنَّ الموصوف يُضَافُ إليها أفهمتم الآن زين؟ هذا يحتاج إلى إنه يُعَلَّق عليه لأنه ستنسَون وبعدين يشكِل عليكم كلام المؤلِّف، جاء مع الأصل طيب وإضافَتُه إليه قَبْلُ استعْمَالٌ آخَر " لأنه في الجملة التي قبلَ هذه قال: ومكرَ السيئ فهنا لم يُوصَف المكرُ بالسيئ ولكن أضيفَ المكرُ إلى السيئ فقول المؤلف رحمه الله: إضافته إليه قبلُ " وش معنى (قبلُ) يعني قبل هذه الجملة ويعني بذلك قولَه: (ومكر السيئ) استعمالٌ آخر ... على الأصل ولَّا على خلاف الأصل؟ على خلاف الأصل، لأنَّ الأصل أنَّ الصفة تقعُ تبعًا للموصُوف لا أنَّ الموصوف يُضَاف إلى الصفة لكن يجوز أن يُضَاف الموصوف إلى الصفة، ولهذا دائمًا يمر بكم قول العلماء: هذا مِن باب إضافة الموصوف إلى صفتِه مثلُ قولهم: هذا مسجدُ الجامع أصلُه: هذا المسجد الجامع، لكن أُضيف إلى صفتِه وهو كثير كما أنَّ أيضًا الصفة تضَاف إلى الموصُوف أحيانًا مثل طاهِر القلْب هذه صفة مضافة إلى موصُوفِها طاهر القلب كما قال ابن مالك في الألفية:
كطاهرِ القلب جميل الظاهر
هذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف إذًا نأخذ مِن هنا أنه يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف وإضافة الموصوف إلى صفتِه وما هو الأصل من ذلك؟ الأصل مِن ذلك أن تقع الصفةُ تبعًا للموصوف على أنها نعتٌ له وتُعرب بإعرابِه، في الآية الكريمة إضافةُ الموصوف إلى الصفة ووصفُ الموصوف بالصفة أو لَا؟ في الآية الكريمة إضافة الموصوف إلى الصفة ووصف الموصوف بالصفة، صح في الآية مو بكلمة واحدة منها، طيب في أولِّها وآخرها، ءأين إضافةُ الموصوف إلى الصفة؟
الطالب: ...
الشيخ : ما هي بالثانية يا ولد!
الطالب: الأولى (مكر السيئ).
الشيخ : الأولى: (( ومكرَ السيئ )) هذا مِن باب إضافة الموصوف إلى الصفة، لو كان في غيرِ القرآن وأردْنا أن نحوِّله إلى أن تَبَع إلى أن تكون الصفة تبعًا للموصوف لقلنَا: استكبارًا في الأرض والمكرَ السيئ كذا ولَّا لا؟ لكن هنا صارَ من بابِ الإضافَة ومكر السيئ، وفيها أيضًا وصف الموصوف بالصِّفَة قولُه: (( ولا يحيقُ المكر السيئ )) أيُّهما الأصل؟ هنا بيَّن المؤلف قال: ووصف المكرِ بالسيئ أصْل لو قال بدل (أصل) لو قال: جارٍ على الأصل لكان أوضَح وهذا هو مراده، قال: وإضافته إليه قبل " إضافة الموصوف إلى الصفة ... مِن الآية؟ قوله (ومكر السيئ)، يقول: " استعمالٌ آخر " يعني جارٍ على استعمالٍ آخَر في اللغة العربية لأنَّ اللغة العربية أحيانًا تُضيف الموصوف إلى صفتِه واضحة..؟ طيب قال: " قُدِّر فيه مُضاف " حسَب شرحه هو وتفسيرِه حيث قال: " (ومكر) العمل (السيئ) " يقول: " حذرًا مِن الإضافة إلى الصفة " وهذا الذي قاله الأخير يُنازعُ فيه وذلك لأنَّه لا داعيَ إلى ذلك، لا حاجةَ إلى أن نُقَدِّر محذوفًا لأجْل أن نمنَع إضافَة الموصوف إلى الصفة، لأنَّ إضافة الموصوف إلى الصفة في اللغة العربية كثيرٌ شائع ليس هذا أمرًا محذورًا في اللغة العربية حتى نقول: نحتاج إلى تقدير ما يصححه ولهذا نقول: (مكرَ السيئ) جارٍ على أصله بمعنى أنَّه لا حاجةَ إلى أن يُقَدَّرَ فيه شيء محذوف
قال: (( ومَكرَ السَّيِّئ )) معطوف على (استكبارا) و(مكر) قال المؤلف: العملُ (( السيئ )) من الشرك وغيرِه " فقدَّر العمل قبل (السيئ)، ليكون السُّوء موصوفًا به العمَل، والعملُ السيئ يكونُ مكرًا هذا ما ذهبَ إليه المؤلف رحمه الله فجعل (مكر) مضافًا إلى شيء محذوف وهو (العمل) وجعل السيئ صفةً لذلك الشيء المحذوف أي: مكرَ العمل السَّيِّئ أي أنهم ما زادَهم إلا نفورًا واستكبارًا في الأرض، وأن يمكُرُوا مكرَ العمَل السيئ، والمكر هو الخدِيعة وهو التَّوَصُّل بالأسباب الخَفِيَّة إلى الإيقاعِ بالخصم، هذا المكر أن تتَوَصَّل بالأسباب الخَفِيَّة إلى الإيقاعِ بخصمك وعدُوِّك، فأمَّا التوصُّل بالأسباب الظاهرة فليس بمكْر، فإن قلت: هذا المعنى لا ينطبق على عملِ هؤلاء لأن هؤلاء يُظْهِرُون عملَهم السيئ فالجواب: أنَّ هؤلاء تارَةً يظهرونَه وتارة يخفُونَه كما في اجتماعِهم في دار النَّدْوَة ماذا يصنعون بالرسول صلى الله عليه وسلم (( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ))[الأنفال:30] وإنَّما ذَكَر المكْر دُون الشَّيْء المعلن الظاهر، لأنه أعظم قُبْحًا من الشيء المعلَن الظاهر فصارَ هؤلاء جمعُوا إلى الكذب المكر والخِداَع والعياذُ بالله، قال الله تعالى: (( ولا يحيق )) يُحِيط (( المكر السيئ إلا بأهله )) " وهو الماكِر " إلى آخره يعني أنَّ هؤلاء مكَرُوا السوء وعمِلوا السوء بصفَة علنيَّة وبصفة خفية وهل الماكِر بغيره ينجو؟ الجواب إذا كان مكرًا سيِّئًا فإنه لا ينجو بل سيحِيق به مكرُه ويُهْلِكُه ويدمِّرُه كما قال تعالى: (( وحاقَ بهم ما كانوا به يستهزئون ))، أمَّا إذا كان المكْرُ بحَق فإنه لا يحيقُ بأهله بل يحيقُ بعدوه ولا يحيق به، ذلك لأنَّ الـمَكْر بِحَق ممدُوح وليس بمذْمُوم، وقال: (( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله )) وهُنا لم يقُل: إلَّا بالماكِر بل قال: إلَّا بأهْلِه إشارَة إلى بَيَان الاستحقاق لهذه الجريمة التي وقعَتْ منه وأنَّه أهلًا لأن يحيقَ به مكرُه فكُلُّ ماكر بغير حق فإنَّه أهلٌ لأن يحيقَ به مكرُه، قال: " ووصفُ المكر بالسَّيِّئِ أصْل وإضافتُه إليه قبلُ استعمالٍ آخر قُدِّرَ فيه مُضَاف حَذَرًا مِن الإضافَةِ إلى الصِّفَة " هذا كَلَام قليلُ الفائدة مُعَقَّدُ المعنى في الواقع
الطالب: .. قيل.
الشيخ : لا، (قبْل) قبل، طيِّب قال: ووصفُ المـَكْر بالسَّيِّئِ أصلٌ " فين المكر (( ولا يحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ )) يقول المؤلف: أصْلٌ " يعني جارٍ على الأصل، لأنَّ الأصلَ أنَّ الوصف ينفصِل عن الموصوف ولا يُضَاف إليه الموصوف هذا الأصل، انتبهوا! متى تقول: مررت بزيدٍ الفاضل فتجعل الصفة منفصِلة عن الموصوف تابعةً له وليس مضافًا إليها، فقول المؤلف: أصل " يعني أنه على الأصل، وَصْفُ المكر بالسيئ أصْلٌ " وش معنى أصل؟ أي جارٍ على الأصل لأنَّ الأصل أنَّ الصفة تتْبَعُ الموصوف لا أنَّ الموصوف يُضَافُ إليها أفهمتم الآن زين؟ هذا يحتاج إلى إنه يُعَلَّق عليه لأنه ستنسَون وبعدين يشكِل عليكم كلام المؤلِّف، جاء مع الأصل طيب وإضافَتُه إليه قَبْلُ استعْمَالٌ آخَر " لأنه في الجملة التي قبلَ هذه قال: ومكرَ السيئ فهنا لم يُوصَف المكرُ بالسيئ ولكن أضيفَ المكرُ إلى السيئ فقول المؤلف رحمه الله: إضافته إليه قبلُ " وش معنى (قبلُ) يعني قبل هذه الجملة ويعني بذلك قولَه: (ومكر السيئ) استعمالٌ آخر ... على الأصل ولَّا على خلاف الأصل؟ على خلاف الأصل، لأنَّ الأصل أنَّ الصفة تقعُ تبعًا للموصُوف لا أنَّ الموصوف يُضَاف إلى الصفة لكن يجوز أن يُضَاف الموصوف إلى الصفة، ولهذا دائمًا يمر بكم قول العلماء: هذا مِن باب إضافة الموصوف إلى صفتِه مثلُ قولهم: هذا مسجدُ الجامع أصلُه: هذا المسجد الجامع، لكن أُضيف إلى صفتِه وهو كثير كما أنَّ أيضًا الصفة تضَاف إلى الموصُوف أحيانًا مثل طاهِر القلْب هذه صفة مضافة إلى موصُوفِها طاهر القلب كما قال ابن مالك في الألفية:
كطاهرِ القلب جميل الظاهر
هذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف إذًا نأخذ مِن هنا أنه يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف وإضافة الموصوف إلى صفتِه وما هو الأصل من ذلك؟ الأصل مِن ذلك أن تقع الصفةُ تبعًا للموصوف على أنها نعتٌ له وتُعرب بإعرابِه، في الآية الكريمة إضافةُ الموصوف إلى الصفة ووصفُ الموصوف بالصفة أو لَا؟ في الآية الكريمة إضافة الموصوف إلى الصفة ووصف الموصوف بالصفة، صح في الآية مو بكلمة واحدة منها، طيب في أولِّها وآخرها، ءأين إضافةُ الموصوف إلى الصفة؟
الطالب: ...
الشيخ : ما هي بالثانية يا ولد!
الطالب: الأولى (مكر السيئ).
الشيخ : الأولى: (( ومكرَ السيئ )) هذا مِن باب إضافة الموصوف إلى الصفة، لو كان في غيرِ القرآن وأردْنا أن نحوِّله إلى أن تَبَع إلى أن تكون الصفة تبعًا للموصوف لقلنَا: استكبارًا في الأرض والمكرَ السيئ كذا ولَّا لا؟ لكن هنا صارَ من بابِ الإضافَة ومكر السيئ، وفيها أيضًا وصف الموصوف بالصِّفَة قولُه: (( ولا يحيقُ المكر السيئ )) أيُّهما الأصل؟ هنا بيَّن المؤلف قال: ووصف المكرِ بالسيئ أصْل لو قال بدل (أصل) لو قال: جارٍ على الأصل لكان أوضَح وهذا هو مراده، قال: وإضافته إليه قبل " إضافة الموصوف إلى الصفة ... مِن الآية؟ قوله (ومكر السيئ)، يقول: " استعمالٌ آخر " يعني جارٍ على استعمالٍ آخَر في اللغة العربية لأنَّ اللغة العربية أحيانًا تُضيف الموصوف إلى صفتِه واضحة..؟ طيب قال: " قُدِّر فيه مُضاف " حسَب شرحه هو وتفسيرِه حيث قال: " (ومكر) العمل (السيئ) " يقول: " حذرًا مِن الإضافة إلى الصفة " وهذا الذي قاله الأخير يُنازعُ فيه وذلك لأنَّه لا داعيَ إلى ذلك، لا حاجةَ إلى أن نُقَدِّر محذوفًا لأجْل أن نمنَع إضافَة الموصوف إلى الصفة، لأنَّ إضافة الموصوف إلى الصفة في اللغة العربية كثيرٌ شائع ليس هذا أمرًا محذورًا في اللغة العربية حتى نقول: نحتاج إلى تقدير ما يصححه ولهذا نقول: (مكرَ السيئ) جارٍ على أصله بمعنى أنَّه لا حاجةَ إلى أن يُقَدَّرَ فيه شيء محذوف
5 - تفسير قول الله تعالى : (( استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله )) أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا ))
ثم قال تعالى: (( فهل ينظُرُون )) ينتظِرُون " هذا تفسير لـ(ينظرون) بمعنى ينتظِرُون، وهناك ضابط وليس قاعدة أنَّ (ينظُر) إن تعدَّت بـ(إلى) فهي بمعنى النظَر بالعين (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقَت ))، وإن تعدَّت ب(في) فهي بمعنَى النَّظَر الفكري كما في قوله: (( أو لَم ينظُروا في ملكوتِ السماوات والأرض ))، وإن تعدَّت بنفسِها فهي بمعنى الانتِظَار مثل هنا (( فهل ينظُرُون إلا سُنَّتَ الأولين )) معناها: هل ينتظرون من الانتظار وهو الترقُّب، (( فهل ينظرُون )) أي ينتظرُون يعني يَتَرَّقَبُون (( إلا سنةَ الأولين )) (سنة) بمعنى الطريقة والإضافَة هنا إلى (الأولين) مِن باب الاختصاص يعني إلَّا السنة التي جرَت للأولين، وليس المراد السنة التي فعلها الأولون، لأنَّ الأولين مفعولٌ بهم وليسوا فاعلِين، وإنما الفاعل من؟ الله عز وجل، (إلا سنة الأولين) قال المؤلف: " سنةَ الله فيهم مِن تعذيبِهم بتكذيبِهم رسلَهم " يعني ما ينتظر هؤلاء الذين كذَّبوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلَّا سنة الأولين وهي -أي سنة الأولين- التعذيب تعذيبُهم لتكذيبِ الرسل، قال: (( فلن تجدَ لسنةِ الله تبديلًا ولن تجدَ لسنةِ الله تحويلًا )) لن تجدَ لسنة الله تبديلًا برفعِها أو تحويلًا بتغييرِها إلى قومٍ آخرين، يعني أنَّ سنة الله ستقَع في أعيانِ الذين يستحِقُّونها فلن تُبَدَّل فترفَع ولن تُحَوَّلَ إلى قوم آخرين فيسْلَم مِّنها مَن استحقوها بل هي واقعةٌ على من يستحقُّها عينًا، مثالُ ذلك المشركون كذَّبوا الرسول عليه الصلاة والسلام مِن قريش، التحويل معناه أن تُحَوَّل عقوبتهم إلى بني تمِيم مثلا يُمكن هذا أو لا؟ لا يمكن، لأنَّ هذا ظلم أن يُؤاخَذَ قومٌ بجرِيرةِ آخرين هذا معنى قوله: (ولن تجد لسنة الله تحويلا)، طيب كذَّبَتْ قريش الرسول عليه الصلاة والسلام فبدلًا من أن يعاقبَهم الله نعَّمَهم يمكن هذا ولَّا لا؟ هذا معنى قولِه: (فلن تجد لسنة الله تبديلًا) فالعذاب لن يُبَدَّل بنعِيم ولن يُحَوَّل عن مستحِقِّه إلى قومٍ آخرين، وسُنَّةُ الله عز وجل لابُدَّ أن تقَع فيمن يستَحِقُّها بدون تبديلٍ لها بنعمة وبدون تحويلٍ لها إلى غيرِهم لماذا؟ لأنَّ الله عز وجل كامِلُ الحكْمة كامِلُ العدْل: كامِلُ الحكْمَة فلن يبدِّل النقْمَةَ بنعْمة على من استحَقَّها، ثانيًا: كامل العدْل لا يمكِن أن يُحَوِّل الانتقام إلى قومٍ آخَرِين لا يستحقونَه، فهذه الصفة -(لن تجِد لسنة الله تبديلًا) إلى آخره- هي مِن باب الصِّفَات السلبية لكنَّها تتضَمَّن كمالَ عدلِ الله وكمال حكمتِه ويمكن أن نقول: وتمامَ سلطانِه أيضًا بحيث لا يكرهُه أحدٌ على أن يُحَولَ النقمَة إلى آخرين أو أن يُبَدِّلَها بنعمة، طيب قال المؤلف: " أي لا يبدِّلُ بالعذاب غيرَه ولا يُحَوَّلُ -أي العذاب- إلى غيرِ مُسْتَحِقِّه
6 - تفسير قول الله تعالى : (( فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ))
نأخذ فوائد الآيات بعدَ قوله: (( وأقسموا بالله جهدَ أيمانهم )) إلى آخرِه يُستَفَاد مِن الآيتَيْن الكريمتَين عِدَّة فوائِد فَمِن ذلك أنَّ الإنسان إذا كانَ في عافِيَة أو إذَا كانَ قبْلَ أَن يَنْزِلَ به الأمر قَد يجِدُ به القوَّة على تنفيذِه فإذا نزلَ به الأمرُ تغيَّرَت حالُه، وجهُ الدلالة أنَّ هؤلاء أقسموا بالله لئن جاءهم نذِير لَيكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم النذير، نعم تغيَّرت حالهم وهذا يقعُ كثيرًا للبشر ما دام الإنسان لم يَنْزِل به الأمْر يظُنُّ أنَّه قادرٌ عليه فإذا نزل به الأمر عجِزَ عنه، ولهذا ينبغي للإنسان ألا يتعَجَّل فيحكُم على نفسه بالحال التي كان فيها سالـمًا من نزولِ الأمر به بل ينتظِر حتى ينزلَ به الأمر، كثير مِن الناس مثلًا يقول أنا استطيعُ الصبر على الحجّ مثلًا وسأَحُجّ، لكن عندما يحينُ الأمْر يجِدُ مِن نفسِه العكس، يقول: أنا أستطيع أن أقوم ثلث الليل الآخر كلَّه ولكن إذا جَدَّ الجِدّ وجدَ نفسَه عاجزًا، فالمهم أنَّه ينبغي للإنسان ألَّا يكون متسرعًا فيقيس حاله في حالِ الرخاء على حالِه في حال نُزُولِ الأمر به لأنَّ الإنسان بشر تختلف حالُه بين سلامتِه مِن الأمر وبين وقُوع الأمر فيه والله أعلم.
((وأقسموا بالله جهدَ أيمانهم )) إلى آخرِه فيها الفائِدَتان اللتان سمعْتُمُوها أنَّ الإنسان إذا كانَ في عافِية من الأمر فإنه لا ينبَغِي له أن يتعَجَّل وأن يقيسَ نفسه في نُزُولِ البلاء على حَال العافية والإنسَان قد يختَلِف.
وهو فيه أيضًا دليلٌ على عُتُوِّ هؤلاء المكذِّبِين لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم حيث كانوا قبل أن يُبْعَثَ إليهم يُقْسِمُون أغلظَ الأيمان بأنهم سيكونون أهدى من غيرهم ولكن لَمَّا جاءهم الرسول عليه الصلاة والسلام ما زادَهم مجيئُه إلا نفورًا.
وفيه الإشارة إلى أنَّه لا ينبغي للإنسان النَّذْر أي أن ينذُر الطاعة لأنَّه قد لا يُوَفَّق لِلقيام بها، هؤلاء أقسموا ولَمَّا وُجِد موجِبُ الطاعة لـم يقُوموا بطاعةِ الله، وهذا نظيرُ قوله تعالى: (( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))[النور:53] فهم أقسموا بالله أن لو أمرَهم الرسول عليه الصلاة والسلام لخرجُوا فنهاهم الله بل أمرَ نبيَّهم أن يقول لهم: لا تقسموا، ونظير ذلك (( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فلَمَّا آتاهم مِن فضلِه بَخِلُوا به ))[التوبة:75] ولهذا جاء النهيُ مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن النَّذْر وبيانُ أنه لا يأتِي بخَيْر
((وأقسموا بالله جهدَ أيمانهم )) إلى آخرِه فيها الفائِدَتان اللتان سمعْتُمُوها أنَّ الإنسان إذا كانَ في عافِية من الأمر فإنه لا ينبَغِي له أن يتعَجَّل وأن يقيسَ نفسه في نُزُولِ البلاء على حَال العافية والإنسَان قد يختَلِف.
وهو فيه أيضًا دليلٌ على عُتُوِّ هؤلاء المكذِّبِين لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم حيث كانوا قبل أن يُبْعَثَ إليهم يُقْسِمُون أغلظَ الأيمان بأنهم سيكونون أهدى من غيرهم ولكن لَمَّا جاءهم الرسول عليه الصلاة والسلام ما زادَهم مجيئُه إلا نفورًا.
وفيه الإشارة إلى أنَّه لا ينبغي للإنسان النَّذْر أي أن ينذُر الطاعة لأنَّه قد لا يُوَفَّق لِلقيام بها، هؤلاء أقسموا ولَمَّا وُجِد موجِبُ الطاعة لـم يقُوموا بطاعةِ الله، وهذا نظيرُ قوله تعالى: (( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))[النور:53] فهم أقسموا بالله أن لو أمرَهم الرسول عليه الصلاة والسلام لخرجُوا فنهاهم الله بل أمرَ نبيَّهم أن يقول لهم: لا تقسموا، ونظير ذلك (( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فلَمَّا آتاهم مِن فضلِه بَخِلُوا به ))[التوبة:75] ولهذا جاء النهيُ مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن النَّذْر وبيانُ أنه لا يأتِي بخَيْر
7 - فوائد قول الله تعالى : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا )) أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا ))
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ هؤلاء رَدُّوا الحق استكبارًا في الأرض أي يُرِيدُون الاستكبار، وهذا على وجْهِ إعرابها بأنَّها مفعولٌ لأجله أي أنَّهم ما رَدُّوا الحقّ إلا مِن أجْل أن يكون لهم الكبرياء والعُلُوُّ في الأرض.
ومِن فوائد الآية الكريمة تسْمِيَةُ أعمالِ الكافرين مكرًا لقوله: (( ومكر السيئ ))، وقد ذكرنا في التفسير أنَّ أعمال الكافرين تنقَسِم إلى قسمين: قِسْم يُجَاهِرُون به بكفرِهم ولا يأتُون به على سبيل المكر، وقسمٍ آخر يأتُون به على سبيلِ المكْر وأيُّهما أشَدّ؟ والثاني أشَدّ ولهذا ما مَكَرَ قَومٌ بأنبيائِهم إلا مَكرَ الله بهم وآخِرُهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم حيث اجتمعَ القوم بدار الندوة يتشاوَرُون ماذا يفعْلُون به فمكرَ الله بهم سبحانه وتعالى.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ مَن أراد السوء حاقَ به السوء لقولِه: (( ولا يحيقُ المكر السيئ إلا بأهله ))، ومن القواعد العامة يقولون: مَن حفرَ لأخيهِ حُفْرَة وقَعَ فيها، فالإنسان إذا أرادَ المكر -والعياذ بالله- فإنَّ مكرَه يحيقُ به.
ومِن فوائد الآية الكريمة الإشارة إلى أنَّ المكرَ يكونُ سيِّئًا ويكونُ حسنًا لقوله: (( ولا يحيقُ المكرُ السيئ إلا بأهله )) وقولِه قَبْلُ: (( ومكر السيئ )) وهو كذلك فإنَّ مكرَ الله تعالى بأعدائِه الذين يمكُرُون به مكرٌ حسَن يُثْنَى عليه به، ومكرُ أولئك
ومِن فوائد الآية الكريمة تسْمِيَةُ أعمالِ الكافرين مكرًا لقوله: (( ومكر السيئ ))، وقد ذكرنا في التفسير أنَّ أعمال الكافرين تنقَسِم إلى قسمين: قِسْم يُجَاهِرُون به بكفرِهم ولا يأتُون به على سبيل المكر، وقسمٍ آخر يأتُون به على سبيلِ المكْر وأيُّهما أشَدّ؟ والثاني أشَدّ ولهذا ما مَكَرَ قَومٌ بأنبيائِهم إلا مَكرَ الله بهم وآخِرُهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم حيث اجتمعَ القوم بدار الندوة يتشاوَرُون ماذا يفعْلُون به فمكرَ الله بهم سبحانه وتعالى.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ مَن أراد السوء حاقَ به السوء لقولِه: (( ولا يحيقُ المكر السيئ إلا بأهله ))، ومن القواعد العامة يقولون: مَن حفرَ لأخيهِ حُفْرَة وقَعَ فيها، فالإنسان إذا أرادَ المكر -والعياذ بالله- فإنَّ مكرَه يحيقُ به.
ومِن فوائد الآية الكريمة الإشارة إلى أنَّ المكرَ يكونُ سيِّئًا ويكونُ حسنًا لقوله: (( ولا يحيقُ المكرُ السيئ إلا بأهله )) وقولِه قَبْلُ: (( ومكر السيئ )) وهو كذلك فإنَّ مكرَ الله تعالى بأعدائِه الذين يمكُرُون به مكرٌ حسَن يُثْنَى عليه به، ومكرُ أولئك
اضيفت في - 2011-05-25