تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( أئن ذكرتم )) وعظتم وخوفتم ؟ وجواب الشرط محذوف ، أي تطيرتم وكفرتم وهو محل الاستفهام ، والمراد به التوبيخ (( بل أنتم قوم مسرفون )) متجاوزون الحد بشرككم .
(( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ )) هذا إضراب انتقال وإلا إبطال ؟ هذا إضراب انتقال يعني انتقلوا من الإنكار عليهم بكونهم يكذبون الرسل ويتوعدونهم ويتطيرون بهم إلى وصفهم الحقيقي وهو أنهم قوم مسرفون والإضراب يكون للإبطال ويكون للانتقال فإذا قلت : جاء زيد بل عمرو فهذا إضراب إبطال وإذ قلت : زيد في شك بل هو منكر فهذا إبطال انتقال ومنه قوله تعالى : (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66]ومنه هذه الآية الكريمة (( أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون )) وقوله : (( مسرفون )) أي متجاوزون للحد ووجه التجاوز :
أولاً : أنهم كذبوا الرسل بلا بينة وبلا دليل لأنهم اعتمدوا على أي شيء ؟ على أمر ليس حجة لهم (( قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا )) وقالوا : (( وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ )) وقالوا : (( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ )) هذا إسراف مجاوز للحد .
ثانياً : أنهم تطيروا بالرسل وحقيقة الأمر أن الرسل عليهم الصلاة والسلام محل تفاؤل لأن في اتباعهم الخير
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[الأعراف:96]وهؤلاء تطيروا بالرسل وليسوا محلاً للتطير بهم .
ثالثاً : أنهم توعدوا الرسل بالعدوان عليهم إذا لم ينتهوا عن دعوتهم إلى الله تعالى وإبلاغهم رسالته لقوله :
(( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) إذاً وجه الإسراف من كم من وجه ؟
الطالب : ....
الشيخ : نعم نعم كل هذا من الإسراف ومن العدوان ، وجه ذلك أنه لا يجوز للإنسان عقلاً أن يرد شيئاً بلا بينة مع أن هؤلاء الرسل لا شك أنهم أتوا بآية تدل على صدقهم ، ( ما بعث الله رسولاً إلا أعطاه مع ما مثله يؤمن البشر هذا عدوان ) ، العدوان الثاني تطيرهم بالرسل والحقيقة أن التطير من أعمالهم هم لأن الرسل قالوا وصدقوا فيما قالوا : (( قالوا طائركم معكم )) فتطيرهم بالرسل قلب للحقيقة لأن حقيقة الأمر أن التطير من هؤلاء .
الوجه الثالث للإسراف ومجاوزة الحد : أنهم إيش ؟ توعدوا الرسل (( لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( أئن ذكرتم )) وعظتم وخوفتم ؟ وجواب الشرط محذوف ، أي تطيرتم وكفرتم وهو محل الاستفهام ، والمراد به التوبيخ (( بل أنتم قوم مسرفون )) متجاوزون الحد بشرككم . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) .
أي يتشاءموا بهم وأن الرسل بينوا أن الشؤم ملازم لهؤلاء ومعهم بسبب ذنوبهم وسبق أيضاً أن الرسل أنكروا عليهم تكذيبهم للرسل وتوعدهم إياهم بالرجم وسبق أنهم وصفوهم بأنهم قوم مسرفون أي متجاوزون للحد وأظن أخذنا الفوائد فيها ، ما أخذناها وصلنا إلى قوله : (( قالوا إنا تطيرنا بكم )) أليس كذلك ؟ طيب .
الطالب : .....
الشيخ : الفوائد ، الفوائد ، وقفنا إلى إيش في الفوائد ؟
الطالب : .....
الشيخ : ما أخذنا هذه طيب ، (( وجاء رجل )) قبلها .
قال الله تعالى : (( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ )) قوله : (( ما علينا إلا البلاغ المبين )) أظن أخذنا فوائدها وبينا أن الرسل ليس عليهم إلا البلاغ المبين وأنه يجب عليهم أن يبلغوا البلاغ البين
2 - تفسير قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم )) .
ويستفاد منها أيضاً : عدوان هؤلاء المكذبين حيث توعدوا الرسل إذا لم ينتهوا عن الدعوة إلى الله بالرجم المؤدي إلى الهلاك أو بالعذاب الأليم إن لم يرجموهم وهذا فيه غاية العدوان .
3 - فوائد قول الله تعالى : (( قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون )) .
ومن فوائدها : أن الذنوب والتكذيب للرسل يكون سبباً للمحن والبلاء لقوله : (( قالوا طائركم معكم )) وهذا هو سنة الله عز وجل في جميع المكذبين للرسل أن الله تعالى يبتليهم بالعقوبات لعلهم يرجعون .
ومن فوائد الآية الكريمة : الإنكار على من ذكر فأعرض لقوله : (( أئن ذكرتم )) .
ومن فوائدها : جواز حذف ما علم بالسياق ولا يعد هذا نقصاً في الكلام وبلاغته لأن جواب الشرط هنا محذوف للدلالة عليه وربما يكون الحذف أبلغ .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هؤلاء القوم كانوا مسرفين على أنفسهم متجاوزين للحد لقوله : (( بل أنتم قوم مسرفون )) وسبق بيان معنى أو بيان وجه إسراف هؤلاء وتجاوزهم للحد .
التعليق على تفسير الجلالين : (( وجآء من أقصا المدينة رجل )) هو حبيب النجار كان قد آمن بالرسل ومنزله بأقصى البلد (( يسعى )) يشتد عدوا لما سمع بتكذيب القوم الرسل (( قال ياقوم اتبعوا المرسلين )) .
الطالب : .....
الشيخ : لا أنا عندي بالهمز (( يسعى )) يعني يشتد يركض لئلا تفوته الفرصة حين سمع بتكذيبهم قال :
(( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )) (( قال )) هذه جملة مفصولة عما قبلها أي أنها أتت بدون حرف العطف كأنها جواب عن سؤال مقدر فماذا قال حين جاء ؟ قال : (( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )) هنا (( قوم )) منادى منصوب بالنداء لأنه مضاف وقد حذفت منه ياء المتكلم وأصلها يا قومي ولكن حذفت الياء للتخفيف أو للالتقاء الساكنين لأن (( اتبعوا )) مبدوءة بهمزة وصل وهمزة الوصل ساكنة على كل حال قال الرجل : (( يا قوم اتبعوا المرسلين )) ولم يقل يا أيها السفهاء ، يا أيها الجهال بل قال : (( يا قوم )) تودداً وتعطفاً لهم ولم يقل : يا إخوتي لأنه لا إخوة بين المؤمن والكافر فهو مؤمن وهم كفار لكن (( يا قوم )) ويصح أن يقال قوم ولو كانوا كفاراً ، قال الله تعالى مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ))[الأنعام:66]قال : (( يا قوم اتبعوا المرسلين )) اتبعوهم بما دعوكم إليه من الإيمان والعمل الصالح لأن هؤلاء الرسل دعوا إلى ما دعت إليه الرسل كلهم وهو قوله تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا )) إيش بعدها ؟ (( فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:25]فهم دعوا إلى هذا إلى الإيمان والعمل الصالح (( اتبعوا المرسلين ))
5 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وجآء من أقصا المدينة رجل )) هو حبيب النجار كان قد آمن بالرسل ومنزله بأقصى البلد (( يسعى )) يشتد عدوا لما سمع بتكذيب القوم الرسل (( قال ياقوم اتبعوا المرسلين )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( اتبعوا )) تأكيد للأول (( من لا يسئلكم أجرا )) على رسالته (( وهم مهتدون )) فقيل له : أنت على دينهم ؟ . فقال : (( وما لي لآ أعبد الذي فطرني )) ؟ خلقني ، أي لا مانع لي من عبادته الموجود مقتضيها ، وأنتم كذلك (( وإليه ترجعون )) بعد الموت فيجازيكم بكفركم .
(( اتبعوا المرسلين مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا )) (( من )) أي الذي وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام فإنهم يدعون الناس ولا يتخذون ولا يطلبون على دعوتهم أجراً يعني أجراً من الناس ، لكنهم يؤملون أو يرجون من الله الأجر أما من الناس فلا يأخذون أجراً .
للبشر هو الدعوة فهم لا يتخذون أجراً على دعوتهم وعلى دلالتهم للخير وإنما يرجون الأجر والثواب من الله (( أجراً )) هنا محلها في الإعراب مفعول ثاني والكاف مفعول أول وهذان المفعولان من باب مفعولي ظن وأخواتها أو كفى وأخواتها ؟ كفى وأخواتها نعم (( اتبعوا المرسلين مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وهم مهتدون )) فبين هنا أن هؤلاء الرسل على هدى وليسوا على ضلال وهم لا يسألون أجراً على ما دعوا إليه وقوله : (( وهم مهتدون )) يحتمل أن تكون الواو للاستئناف وأن تكون للحال يعني لا يسألوكم أجراً مع كونهم مهتدين ويحتمل أن تكون للاستئناف وهو الأقرب لبيان حال هؤلاء الدعاة أنهم على هدى ثم قال المؤلف : " فقيل له أنت على دينهم " فقال : (( وَمَا لِيَ لا أَعْبُد الذي فطرني )) ما قدره المؤلف من أنه قيل للرجل أنت على دينهم لا يتعين بل يجوز أن يكون الرجل قال : (( وهم مهتدون وما لي لا أعبد الذي فطرني )) على أن المراد به هؤلاء القوم كأنه قال : ومالكم لا تعبدون الذي فطرني ، لكن أضافه إلى نفسه من باب التلطف في الخطاب وهذا هو الأقرب أولاً : لأن ما ذكره المؤلف لا دليل عليه والسياق لا يستلزمه وإذا كان لا دليل عليه من حيث النقل ولا دليل عليه من حيث السياق لأنه لا يستلزمه فالأصل عدمه وإلا وجوده ؟ الأصل عدمه ، ثانيا : أن ما قلناه أبلغ بالتلطف بالدعوة بدل أن يقول : ومالكم لا تعبدون الذي فطركم قال : (( ومالي )) فأضاف الأمر إلى نفسه تلفظاً
وقوله : (( ما لي )) الاستفهام هنا بمعنى الإنكار يعني أي شيء يمنعني أن أعبد الله تعالى وحده وهذا قال :
(( لا أعبد )) أي لا أتذلل للذي فطرني خلقني أي لا مانع لي من عبادته الموجود مقتضيها وأنتم كذلك قوله : (( لا أعبد )) تقدم لنا أن العبادة هي التذلل لله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه محبة وتعظيماً وأن العبادة تطلق على التعبد الذي ذكرناه وعلى المتعبد به وهي الأفعال التي يتعبد بها الإنسان أو الأقوال وعلى هذا حدها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه هي : " اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة "
وقوله (( الَّذِي فَطَرَنِي )) لم يقل لا أعبد الله ليقرن بين الحكم والتعليل وإن شئت فقل بين الحكم والدليل لأن قوله : (( الذي فطرني )) مقتضٍ لكونه هو المعبود إذ أنه هو الخالق فلزم أن يكون هو المعبود وهذا كقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ))[البقرة:21]فقال الذي خلقكم كالتعليل للأمر بعبادته وحده فكما أنه الخالق وحده فيجب أن يكون المعبود وحده ولهذا قال المؤلف : " الموجود مقتضيها " ما هو مقتضيها ؟ أنه هو الذي فطر الخلق وابتدأ خلقهم فلزم أن يكون هو المستحق للعبادة وأن يعبد ، طيب وقوله : (( الذي فطرني )) أي خلقني لأول مرة والفطر والإبداع بمعنى الإيجاد لأول مرة قال الله تعالى : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[فاطر:1]وقال : (( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[البقرة:117]فالذي فطر الخلق لأول مرة وعلى غير مثال سبق هو الله إذاً فيجب أن يكون هو إيش ؟ هو المعبود أما أن تعبد غير الله وهذا الغير لا يخلق بل هو مخلوق نعم كما قال الله عز وجل (( لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ))[النحل:20]فكيف يصح أنه بدأ هؤلاء ؟ المهم أن هذا الرجل من فقهه وحكمته وحسن دعوته أنه قرن الحكم بماذا ؟ بالدليل ، الحكم (( لا أعبد الذي فطرني )) الدليل (( الذي فطرني ) طيب قال : (( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) وهذا مما يؤيد ما قلنا من أنه يريد قومه لكن من باب التلطف في خطابهم قال : (( وما لي لا أعبد الذي فطرني )) كما تخاطب صاحبك الآن تحاوره أو تخاصمه تقول : ما لي لا أفعل كذا وكذا ، يعني إيش المانع ؟ فإذا كان لا مانع لي فهو لا مانع لك أيضاً ، قال : (( وإليه ترجعون )) بعد الموت فيجازيكم قال المؤلف : " بكفركم " ولو قال : بعملكم لكان أشمل لأنه يجازيهم بالكفر إن استمروا عليه ويجازيهم بالإسلام إن أسلموا ، فلو عبر المؤلف بقوله : فيجازيكم بعملكم لكان أولى .
6 - التعليق على تفسير الجلالين : (( اتبعوا )) تأكيد للأول (( من لا يسئلكم أجرا )) على رسالته (( وهم مهتدون )) فقيل له : أنت على دينهم ؟ . فقال : (( وما لي لآ أعبد الذي فطرني )) ؟ خلقني ، أي لا مانع لي من عبادته الموجود مقتضيها ، وأنتم كذلك (( وإليه ترجعون )) بعد الموت فيجازيكم بكفركم . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ءأتخذ )) في الهمزتين منه ما تقدم في (( أأنذرتهم )) وهو استفهام بمعنى النفي (( من دونه )) أي غيره (( ءالهة )) أصناما ؟ (( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عنى شفاعتهم )) التي زعمتموها (( شيئا ولا ينقذون )) صفة آلهة .
7 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ءأتخذ )) في الهمزتين منه ما تقدم في (( أأنذرتهم )) وهو استفهام بمعنى النفي (( من دونه )) أي غيره (( ءالهة )) أصناما ؟ (( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عنى شفاعتهم )) التي زعمتموها (( شيئا ولا ينقذون )) صفة آلهة . أستمع حفظ
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) .
الطالب : .....
الشيخ : نعم وما رأيك في من يحاول أن يسمي المبهم في كتاب الله ؟
الطالب : .....
الشيخ : فلا يصدق ولا يكذب هذا صح ، هذا حكم ذكر المبهم لكن من يحاول ويتعب نفسه في بيان المبهم ؟
الطالب : .....
الشيخ : طيب يعني محاولة معرفة الأشياء المبهمة .
8 - مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) .
الوجه الأول : أنه جاء من مكان بعيد (( وجاء من أقصى المدينة )) .
الوجه الثاني : أنه جاء يشتد يسعى فيستفاد منه أنه ينبغي للإنسان انتهاز الفرص في إنذار قومه ومناصحتهم وألا يتوانى فيقول : غداً أذهب إليهم ، أو في آخر النهار أو ما أشبه ذلك ، يعني المبادرة بالنصيحة والموعظة من هذا الرجل كما تشاهدون .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه يجوز للإنسان أن يبادر بالإنذار قبل أن يقدم له مقدمة إذا دعت الحاجة إلى ذلك لقوله : (( اتبعوا )) أمرهم من أول الأمر لم يأتِ بمقدمة تهيئهم للقبول لأن الحال تستدعي ذلك .
ومنها أيضاً : أنه ينبغي التلطف في القول في دعوة الغير لقوله : (( يا قوم )) فإن هذا يستوجب إتباعه وقبول نصحه ، لماذا ؟ لأن للإنسان حدباً على قومه .
طيب من فوائد الآية الكريمة أيضاً : أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس أجراً على ما أتوا به من الدلالة والهداية لقوله : (( اتبعوا من لا يسألكم أجراً )) .
ومن فوائدها أيضاً : أنه ينبغي أن يقدم الوصف الموجب للقبول قبل الوصف المفضل للقبول فهنا قال :
(( اتبعوا المرسلين )) والرسالة وصف يقتضي وجوب قبول المرسل
9 - فوائد قول الله تعالى : (( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون )) .
ومن فوائدها : أنه ينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يترفع عن أخذ ما في أيدي الناس من الأموال حتى وإن أعطوه لأنه ربما تنقص ميزانيته إذا قبل ما يعطى من أجل دعوته وموعظته لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس أجراً لا بلسان الحال ولا بلسان المقال وبه نعرف قبح ما يستعمله بعض الناس وإن كان الحمد لله الآن قد قل يقوم ويعظ الناس موعظة قد تكون بليغة فإذا انتهى قال : إني أنا في حاجة وصاحب عائلة وما أشبه ذلك ، صارت الموعظة الآن للدنيا للأجر
طيب هل يستفاد من هذا أنه لا يجوز أخذ الأجر على تعليم العلم لمخالفته لطرق الرسل ؟ أو يقال لا الذي الذي يجوز الأخذ عنه الدعوة إلى الله عز وجل هذه لا يجوز أخذ الأجر عليها لوجوب الدعوة على الإنسان أما التعليم الذي يحتاج إلى معاناة وإلى تعب وإلى تفهيم خاص فهذا لا بأس به وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله )
طيب هل يفهم منه أو هل يستفاد من الآية أنه لا يجوز أخذ رصد من بيت المال للدعوة والإرشاد ؟ لا يستفاد يعني لا ولكن لاشك أن التنزه عن ذلك أولى يعني كون الإنسان يذهب يدعو إلى الله عز وجل ولا من الحكومة لاشك أن هذا أفضل وأقرب إلى الإخلاص وأشد وقعاً في نفوس الناس حتى وإن لم يعلموا أنه لم يأخذ لأن الله تعالى يلقي ذلك في قلوب الناس أي يلقي القبول من هذا الناصح أو الداعي وإن لم يعلموا أنه لا يأخذ شيئاً .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه من طريق الدعوة أن يذكر الإنسان حال الداعية بوصفه بما يوجب قبول قوله لقوله : (( وهم مهتدون )) فهنا ذكر ما يوجب قبول قولهم في أول الدعوة ، (( اتبعوا المرسلين )) وفي آخرها في قوله : (( وهم مهتدون )) طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : أنه يجب على من دعا إلى الله أن يكون على بصيرة وعلى علم لأن هذا هو وصف الرسل فهم يدعون إلى الله تعالى على هدىً منه وأما من يدعو على غير هدى فإنه قد يفسد أكثر مما يصلح لأن الذي يدعو على غير علم ربما يجعل الشيء الحرام حلالاً والحلال حراماً وهو لا يدري فيحصل بذلك فساد في الدين والعقيدة .
فوائد قول الله تعالى : (( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون )) .
ومن فوائدها : الإشارة إلى وجوب الإخلاص في العبادة لقوله : (( الذي فطرني )) فإن الله تعالى منفرد بفطر الخلق فيجب أن يفرد بالعبادة فلا يدعي أحد أن الآلهة تخلق إذاً لا يجوز أن تعطى شيئاً من العبادة التي يختص بها من هو ؟ من يخلق وهو الله .
ومنها : أنه من كمال الدعوة والتعليم قرن الحكم بدليله أو علته لقوله : (( الذي فطرني )) فإن هذا كالتعليل لقوله : (( ما لي لا أعبد )) ولهذا عدل عن قوله : (( ما لي لا أعبد الله )) إلى قوله : (( وما لي لا أعبد الذي فطرني )) ليكون هذا كالدليل والتعليل لوجوب إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة نظير هذه الآية قوله تعالى :
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ))[البقرة:21]ولم يقل اعبدوا الله بل قال : (( ربكم الذي خلقكم )) ليكون ذلك كالتعليل لوجوب عبادته وهذا في القرآن والسنة كثير.
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه ينبغي ذكر ما يكون به الحذر والخوف بعد أن يذكر ما يكون فيه الرغب أو الترغيب والحث لقوله : (( وإليه ترجعون )) فذكر ابتداء الخلق وانتهاءه وأنه كله إلى من ؟ إلى الله عز وجل وهنا نجد الفرق بين التعليل الأول (( وما لي لا أعبد الذي فطرني )) ولم يقل وإليه أرجع لأنه كما قلنا إنما أضاف ذلك إلى نفسه وهو يعني قومه لكن أضافه تلطفاً وتوبيخاً لهم طيب ، فكأنه يقول : أنا لا أعبد إلا الذي فطرني فلماذا تعبدون أنتم معه غيره وإليه ترجعون
فوائد قول الله تعالى : (( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون )) .
ومن فوائدها : أنه ينبغي أيضاً قرن الحكم بالتعليل لأنه قال : (( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ )) إلى آخره فهذه الآلهة لا تنفع ولا تضر ولا تدفع فهي لا تنفع من عبدها ولا تضر من عدل عنها ولا تدفع عن عابديها ضرر الغير واضح ، يقول الله عز وجل : (( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا )) فهم الآن لا يستطيعون دفع ضرر الغير وهم أي الآلهة لا ينفعون عابديهم ولا يضرون من عدل عن عبادتهم فهي قاصرة بنفسها لا تجلب نفعاً ولا ضراً ولا تدفع الضرر عن عابديها فتكون عبادتها خسراناً .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن كل معبود فهو إله لقوله : (( أأتخذ من دونه آلهة )) لكن إن كان يستحق العبادة فعبادته حق وهذا لا يكون إلا لمن لله عز وجل وإن كان لا يستحق العبادة وهو من سوى الله فعبادته باطلة وألوهيته باطلة ، (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ))[الحج:62].
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات الإرادة لله لقوله : (( إن يردن الرحمن بضر )) وإرادة الله عز وجل غير خافية عليكم أنها تنقسم إلى قسمين : إرادة كونية وإرادة شرعية ، فالإرادة الكونية : هي التي بمعنى المشيئة ويتعين فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوباً لله .
والإرادة الشرعية : هي التي بمعنى المحبة ولا يتعين فيها وقوع المراد ويتعين أن يكون محبوباً لله عز وجل ، إذا قال قائل : (( إن يردن الرحمن بضر )) الضر شر أو خير ؟ شر لاشك أن الضرر شر على الإنسان فكيف نجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك ) ؟ الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل الشر ليس منك بل قال : ( الشر ليس إليك ) والله عز وجل قد يريد الشر لكن إرادته للشر خير فالشر في مفعوله لا في فعله أنتم فاهمين الفرق ، الشر في المفعول لا في الفعل فقد يريد الله الشر أو وقوع الشر لكن لمصلحة عظيمة هذه المصلحة نفت نسبة الشر إلى الله ، ولهذا يفرق بين الشر منك والشر إليك فالله عز وجل يقع منه الشر بمعنى أن الشر يكون في مفعولاته أما أن ينسب إليه ويقال : إن الله شرير حاش وكلا فهذا مستحيل لأن فعله كله لحكمة وغاية محمودة ، وانظر مثلاًَ إلى المرض إذا أصاب الإنسان مرض فلاشك أنه شر بالنسبة للصحة .