تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( يا حسرة على العباد )) هؤلاء ونحوهم ممن كذبوا الرسل فأهلكوا ، وهي شدة التألم ونداؤها مجاز ، أي هذا أوانك فاحضري (( ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) مسوق لبيان سببها لاشتماله على استهزائهم المؤدي إلى إهلاكهم المسبب عنه الحسرة .
" ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثلي "
إن هذا يراد به التمني وليس نداء بمعنى الطلب ، طلب الحضور لأن الليل لا يعقل فالنداء حقيقة إنما يوجه لمن يعقل إذا وجه لمن لا يعقل صار له معنى آخر على سبيل التجوز والمعنى أنه جعل غير العاقل كالعاقل كأن الحسرة شيء يأتي ويذهب تقول : يا حسرة على العباد احضري ، (( مَا يَأْتِيهِمْ )) هذا بيان لسببها ، سبب الحسرة (( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) (( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ )) (( ما )) نافية و (( من )) زائدة لوقوعها في سياق النفي وهي زائدة زائدة ، زائدة لفظاً تزيد في المعنى وهذا معنى قولنا : زائدة زائدة وليس في القرآن حرف واحد لا يفيد معنى أبداً كل ما في القرآن فإنه يشتمل على المعاني ولكن قد يكون زائداً من حيث الإعراب فقط ولهذا نعرب (( رسول )) في هذه الآية أنه فاعلاً نعربه فاعلاً ونقول : فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحرف الزائد ، (( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ )) وفائدتها التنصيص على العموم لأن رسول نكرة في سياق النفي فتعم فإذا جاءت (( من )) صارت أنص وأدل على العموم مما لو حذفت ولهذا قالوا إن فائدتها في مثل هذا السياق : " التنصيص على العموم " نعم فقول : (( من رسول )) الرسول عند عامة أهل العلم هو بشر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ويطلق الرسول على الرسول الملكي فإن الله سمى جبريل سماه رسولاً كما في قوله تعالى : (( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ))[التكوير19:20]إلى آخره ، وقوله : (( مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) يعني إلا كانوا يستهزؤن به ولكن قدم المعمول وهو (( به )) لإفادة الحصر ولمناسبة رءوس الآيات فقدم لفائدتين :
فائدة لفظية وهي مراعاة الفواصل .
وفائدة معنوية وهي الحصر .
كأنه قال : إذا أتاهم الرسول فكأنهم لا يستهزؤن بأحد سوى هذا الرسول (( إِلَّا كَانُوا بِهِ )) أي لا بغيره وهم يستهزؤن بغيره لكن لما كان هؤلاء قد أمعنوا في الاستهزاء بالرسل صاروا كأنهم لا يستهزؤن إلا بالرسل (( إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) والاستهزاء هو السخرية والهزء .
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( يا حسرة على العباد )) هؤلاء ونحوهم ممن كذبوا الرسل فأهلكوا ، وهي شدة التألم ونداؤها مجاز ، أي هذا أوانك فاحضري (( ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) مسوق لبيان سببها لاشتماله على استهزائهم المؤدي إلى إهلاكهم المسبب عنه الحسرة . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الملائكة جنود لله عز وجل لقوله : (( من جند )) .
ومن فوائدها : أن الملائكة محلهم السماوات لقوله : (( من السماء )) وهذا هو الأصل لكنهم قد ينزلون إلى الأرض كما في قوله تعالى في ليلة القدر : (( تنزل الملائكة والروح فيها )) وكالملائكة الذين يحفظون بني آدم والذي يكتبون أعمالهم وما أشبه ذلك والذين يكتبون المتقدمين إلى الجمعة على أبواب المساجد .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان حقارة هؤلاء القوم المكذبين للرسل الثلاثة لقوله : (( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ )) إلى أن قال : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان عظمة الله عز وجل وذلك بذكره بصيغة الجمع (( وما أنزلنا )) (( وما كنا منزلين )) لا يقال إن هذا يفيد التعدد كما استدلت بذلك النصارى وقالوا : إن الآلهة متعددة لأن الله يقول : (( وما كنا منزلين )) وما أشبه ذلك من الآيات فيقال لهم إن هذا التعدد للتعظيم وكيف تستدلون بهذه الآية المتشابهة وتعمون عن مثل قوله تعالى : (( إن إلهكم لواحد )) ((إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ))[النساء:171] (( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ))[المائدة:73]ولكن النصارى كغيرهم من أهل الزيغ يتبعون ما تشابه من القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ومن رأى اتباع الشبهات من النصارى ومن غيرهم في نصوص الكتاب والسنة تبين له العجب العجاب وأنه يجب علينا وجوباً مؤكداً طلب العلم لدفع شبهات هؤلاء لأن هؤلاء كما تعلمون انتشروا بيننا الآن وكثروا في هذه البلاد التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) هؤلاء يبثون السموم في شبابنا وكهولنا أيضاً بل إنهم الآن كما سمعنا يرسلون النشرات ، نشرات تدعوا إلى النصرانية ويرسلون أشرطة تدعوا إلى النصرانية لأنهم بدأوا يعرفون المحلات ويعرفون العناوين ثم يرسلون إليها وعندنا من هذا يعني عدد يؤتى إلينا بنشرات وأشرطة مسجلة تدعوا إلى النصرانية هذه إذا وقعت في أيدي أناس لا يعرفون جهلاء على الأقل تركن إليها نفوسهم وإن كنت أستبعد جداً أن يتنصر أحد من المسلمين لأن دين النصارى كله ضلال الذي هم عليه الآن لكن لاشك أنه يوقع الشبهة و....والاطمئنان إلى هؤلاء لذلك أنا أرى أن اليوم يجب على شباب المسلمين أن يتسلحوا بسلاح العلم ، العلم المبني على الأثر والنظر لأن أولئك قوم يشبهون بما يدعون أنه عقل ولا يكفي الآن أن نتعلم الأثر فقط بل لابد من أثر ونظر ، الأثر إنما يكفي لمن ؟ للمؤمن الذي قال الله عنه : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ))[الأحزاب:36]لكن المكذب لا يكفيه الأثر لأنه لا يؤمن أصلاً بالأثر يحتاج إلى نظر وعقل تدحر به حجته ، المهم أن مثل هذه الآية الكريمة
(( وما أنزلنا )) (( وما كنا منزلين )) يشبه بها النصارى على أن الله سبحانه وتعالى متعدد أكثر من واحد وقد ذكرنا أنهم غفلوا بل عموا عن الآيات الواضحة الصريحة بأن الله إله واحد وأن الله كفر من زعم أن الله متعدد (( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )) طيب .
ثم قال تعالى : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ )) في هذه الآية دليل على أن الله أهلك هؤلاء القوم بصيحة واحدة لم تكرر مرة أخرى بصيحة واحدة هلكوا بها لكن لو قال قائل ما نوع هذه الصيحة ؟ هل قيلوا أهلكوا ؟ نقول إيش ؟ الله أعلم هذه الصيحة ....يحتمل أنها صرخة يحتمل أنهم أمروا بالهلاك المهم أنها صيحة واحدة فهلكوا عن آخرهم ، قلت فيها بيان .
الطالب : ....
الشيخ : بيان إيش ؟ أنهم أهلكوا طيب بصيحة واحدة .
ثانياً من فوائدها : بيان قدرة الله عز وجل وأن من عارض الله أو بارز الله مهما عظم فإن إهلاكه يسير على الله عز وجل كل شيء يكون بكلمة واحدة (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ ))[القمر:50]وعند هذا الأمر الواحد (( كلمح بالبصر )) لا يتباطأ ولا يتأخر لمح البصر أسرع ما يكون فإذا أراد الله شيئاً قال له : (( كن فيكون )) كلمح البصر سبحان الله هذا يدل على عظمة الله عز وجل وقدرته .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هؤلاء القوم الذين كذبوا الرسل الثلاثة هلكوا جميعاً لقوله : (( فإذا هم خامدون )) وهذا يدل على أن من زعم أن هذه القرية التي أرسل إليها الثلاثة من زعم أنها أنطاكيا فإن زعمه باطل لأن رسل عيسى الذين أرسلوا إلى أنطاكيا كانوا بعد موسى ولم يهلك الله تعالى أمة على سبيل العموم بعد أن نزلت التوراة هكذا قال كثير من العلماء لقوله تعالى : (( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى ))[القصص:43]قالوا : هذه الآية تدل على أن الله لن يهلك أمة على سبيل العموم بعد نزول التوراة ، وهذه الآية كما تعلمون في سورة يس (( فإذا هم خامدون )) تدل على أنهم هلكوا .
2 - فوائد قول الله تعالى : (( وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات عدل الله عز وجل وهو أنه لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه لقوله : (( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) فلم يعاقب الله تعالى أحدا إلا بذنب بل إنه عز وجل قد يعفو عن الذنب إذا كان دون الشرك .
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات الرسالة لقوله : (( ما يأتيهم من رسول )) وأن الرسالة عامة لكل أمة لأنه قال : (( على العباد )) ثم قال (( ما يأتيهم من رسول )) فكل العباد قد قامت عليهم الحجة (( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ ))[فاطر:24].
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الاستهزاء بالرسل كفر موجب للعقوبة لأن السياق الآن ، السياق في قوم كذبوا الرسل فأهلكوا جميعاً ثم قيل : (( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) فدل هذا على أن الاستهزاء بالأنبياء أو بالرسل كفر ويدل لهذا قوله تعالى : (( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ))[التوبة65:66]الاستهزاء بالكتب كفر ؟ نعم لقوله : (( وآياته )) الاستهزاء بشرع من الشريعة ولو بشعيرة واحدة كفر لأن الاستهزاء بالشعيرة الواحدة استهزاء بكل الشريعة كما أن الاستهزاء بالشعيرة الواحدة كفر بجميع الشريعة قال الله تعالى : (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ))[البقرة:85]وقال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ))[النساء150:151]فمن آمن بالرسالة ولكن كفر بشعيرة واحدة منها فقد كفر كفراً تاماً بالجميع ، من استهزأ بشيء من شعيرة من شرائع الرسل ولو بشيء ليس بواجب فقد كفر حتى بالشيء المندوب إذا استهزأ به فقد كفر لأنه لا يمكن الإيمان ببعض دون بعض بل من كره ما أنزل الله فقد كفر إيش الدليل ؟
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ))[محمد:9]ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر لقوله تعالى : (( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ))[البقرة:217]فالمسألة مسألة عظيمة ليست بالهينة ولهذا يجب على المرء الرضا بكل ما شرع الله فيرضى مثلاً بوجوب الصلاة وتحريم الخمر وجوب الزكاة وتحريم الربا وعلى هذا فقس يعني كل شيء يجب أن ترضى به وتقبله ثم إن عملت به أثبت وإن لم تعمل به عوقبت إذا كان واجباً أو استحققت العذاب إلا إذا كان هذا الواجب تركه كفر فإنك إذا تركته كفرت فمثلاً يجب على الإنسان أن يؤمن بتحريم الربا فمن أنكر تحريمه كفر أو لم يقبل تحريمه كفر ، إذا آمن بتحريمه وقبله ورضي بالتحريم ولكن فعل الربا يكفر وإلا لا ؟ ما يكفر يكون حكمه حكم العصاة نعم .
الطالب : .....
الشيخ : والأصل استدل بها العلماء والظاهر أنهم استدلوا بهذا وبالواقع .
الطالب : ....
الشيخ : نعم ، كيف قبل التوراة ؟ التوراة ما نزلت إلا بعد ما أنجى الله بني إسرائيل
فوائد قول الله تعالى : (( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) .
الشيخ : الاستهزاء بالصالحين إما أن يكون بأشخاصهم أو بأعمالهم ، إن كان بأعمالهم فهو استهزاء بالشريعة وإن كان بأشخاصهم فليس بكفر لكنه على خطر إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فإن من استهزأ ولو بشخصه فهو كافر نعم .
4 - فوائد قول الله تعالى : (( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) . أستمع حفظ
ما حكم الاستهزاء بالصالحين .؟
الشيخ : ....هذا لو فرض أن بني إسرائيل عادوه لأنه يأتي بالعذاب لهم ما يلزم من هؤلاء ...
الطالب : ...كيف تفهم الآية ..أن من يأتي بالعذاب ...
الشيخ : أقول لا يلزم لأن هؤلاء هل هم من بني إسرائيل ؟ ما ندري لأن رجحنا أنهم ليسوا رسلاً عيسى ، ليسوا رسلاً من قبل عيسى .
الطالب : ...من بني اسرائيل من بعد
الشيخ : من بعد يعقوب ، لأن إسرائيل هو يعقوب .
(( وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )) (( إن )) هنا ياسر .
في قول الله تعالى : (( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون )) أليس جبريل هو صاحب الصيحة .؟
من فوائد هذه الآية : بيان قدرة الله عز وجل وأنه قادر على إهلاك الخلق بصيحة واحدة فقط بدون أي فعل صوت مزعج يقطع القلوب لقوله : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً )) .
ومنها : بيان ذل كل شيء لعظمته بحيث لا يكرر أو لا يعيد ما أراده لقوله : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً )) ولهذا أكدها بواحدة لبيان أنهم لن يحتاجوا إلى إعادة الصيحة مرة ثانية وهكذا جميع ما أمر الله به كوناً فإنه لا يحتاج إلى إعادة لقوله تعالى في سورة القمر : (( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هذه الصيحة أهلكتهم جميعاً لم ينج منهم أحد لقوله : (( فإذا هم خامدون )) وعلى هذا يترتب فائدة أخرى وهي أن قبض ملك الموت لأرواح بني آدم أكبر مما نتصور فإنه قد يقول قائل : كيف يأخذ هذه الأرواح وهي تموت في آن واحد ؟ نقول : إن كيف في الأمور الغيبية لا ترد لأن هذه أمور لا ندركها بحواسنا فكل أمر غيبي لا تقل به كيف ولهذا لما قيل للإمام مالك : كيف استوى ؟ قال : " الكيف غير معقول " ما يمكن أن ندركه بالعقول حتى نسأل عنه ،
6 - في قول الله تعالى : (( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون )) أليس جبريل هو صاحب الصيحة .؟ أستمع حفظ
تتمة فوائد قول الله تعالى : (( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون )) .
من فوائد هذه الآية : بيان قدرة الله عز وجل وأنه قادر على إهلاك الخلق بصيحة واحدة فقط بدون أي فعل صوت مزعج يقطع القلوب لقوله : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً )) .
ومنها : بيان ذل كل شيء لعظمته بحيث لا يكرر أو لا يعيد ما أراده لقوله : (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً )) ولهذا أكدها بواحدة لبيان أنهم لن يحتاجوا إلى إعادة الصيحة مرة ثانية وهكذا جميع ما أمر الله به كوناً فإنه لا يحتاج إلى إعادة لقوله تعالى في سورة القمر : (( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هذه الصيحة أهلكتهم جميعاً لم ينج منهم أحد لقوله : (( فإذا هم خامدون )) وعلى هذا يترتب فائدة أخرى وهي أن قبض ملك الموت لأرواح بني آدم أكبر مما نتصور فإنه قد يقول قائل : كيف يأخذ هذه الأرواح وهي تموت في آن واحد ؟ نقول : إن كيف في الأمور الغيبية لا ترد لأن هذه أمور لا ندركها بحواسنا فكل أمر غيبي لا تقل به كيف ولهذا لما قيل للإمام مالك : كيف استوى ؟ قال : " الكيف غير معقول " ما يمكن أن ندركه بالعقول حتى نسأل عنه ،
تتمة فوائد قول الله تعالى : (( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) .
ومن فوائدها : أن هؤلاء المكذبين للرسل سيجدون أعمالهم حسرات عليهم لقوله : (( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) .
ومن فوائدها : أنه ما من نبي بعث أو ما من رسول أرسل إلا وجد له من يستهزأ به ومن يؤمن به أيضاً ، نعم ومن يؤمن به لكن منهم من لا يجد من يؤمن به لقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث السبعين ألفاً : ( والنبي وليس معه أحد ) فالاستهزاء حاصل لكل رسول ، كل رسول يرسل فإنه يجد من يستهزأ به ويجد من يؤمن به لكن ليس كل رسول يرسل يجد ما يؤمن به لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( والنبي وليس معه أحد ) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الاستهزاء بالرسل كفر لقوله : (( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )) وكذلك الاستهزاء بشرائع الرسل كفر وكذلك الاستهزاء بالله عز وجل كفر واختلف العلماء فيمن سب الله أو رسوله هل تقبل توبته ؟ على قولين فمنهم من قال : أنها لا تقبل توبته بل يقتل قتل المرتد فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين وفي الآخرة أمره إلى الله إن كان الله تعالى علم منه صدق التوبة فإنه لا يعذبه وإن كان الله علم منه كذبها فإنه يعذب في الآخرة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد .
والقول الثاني : صحة توبته ، صحة توبة من استهزأ بالله ورسوله وسب الله ورسوله ولكن بالنسبة لمن استهزأ بالرسول يقتل ، وأما من سب الله أو استهزأ به فإنه لا يقتل وهذا هو الصحيح أن الإنسان إذا سب الله أورسوله أو استهزأ بهما فإنه يكفر فإن تاب قبلت توبته لكنه يقتل إذا كان السب أو الاستهزاء بالرسول عليه الصلاة والسلام ولا يقتل إذا كان السب أو الاستهزاء بالله ، والفرق بينهما أن الاستهزاء بالرسول وسبه حق لآدمي وأما الاستهزاء بالله وسبه فهو حق لله وقد أخبرنا الله عز وجل أنه يقبل التوبة من جميع الذنوب وإذا قبل الله توبته انتفى عنه مقتضاها وهو القتل أما بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام فإننا لا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام عفا عن حقه فوجب علينا أن نأخذ به .
ثم قال الله تعالى : (( أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ )) هذا مبتدأ درس اليوم
8 - تتمة فوائد قول الله تعالى : (( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ألم يروا )) أي أهل مكة القائلون للنبي (( لست مرسلا )) والاستفهام للتقرير : أي علموا (( كم )) خبرية بمعنى كثيرا معمولة لما بعدها معلقة لما قبلها عن العمل ، والمعنى : إنا (( أهلكنا قبلهم )) كثيرا (( من القرون )) الأمم (( أنهم )) أي المهلكين (( إليهم )) أي المكذبين (( لا يرجعون )) أفلا يعتبرون بهم ؟ وأنهم الخ : بدل مما قبله برعاية المعنى المذكور .
الطالب:...
الشيخ : أي علموا إي أشطب على الهمزة
يقول الله عز وجل (( ألم يروا )) الرؤية هنا فسرها المؤلف برؤية العلم وذلك لأنهم لم يشاهدوا هذا بأعينهم وإنما علموه بما بلغهم من الخبر وقوله : " أي أهل مكة " الصحيح أن هذا ليس خاصاً بأهل مكة بل هو عام لكل من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم وكأن المؤلف جعله خاصاً لأهل مكة لأن الآية مكية ولكن يقال : حتى وإن كانت الآية مكية فإن المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام من أهل مكة وغيرهم فأهل الطائف كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك غيرهم كثير لأن الناس لم يدخلوا في دين الله أفواجاً إلا بعد فتح مكة طيب (( ألم يروا كَمْ أَهْلَكْنَا )) يقول : " (( كم خبرية )) بمعنى كثيراً معمولة لما بعدها معلقة لما قبلها عن العمل " طيب (( يروا )) بمعنى العلم الرؤية بمعنى العلم وإذا كانت الرؤية بمعنى العلم فإنها تنصب مفعولين (( كم )) خبرية علقتها عن العمل يعني أنها أبطلت عملها لفظاً ومحلاً لأن التعليق يبطل العمل لفظاً فقط لا محلاً والإلغاء يبطله لفظاً ومحلاً والأفعال القلبية إما أن تعمل في اللفظ والمحل وإما أن تعمل في المحل دون اللفظ وإما ألا تعمل لا في اللفظ ولا في المحل الثالث يسمى إلغاءً والثاني يسمى تعليقاً والأول يسمى إعمالاً فـ(( كم )) هنا علقت (( يروا )) عن العمل في اللفظ ولا في المحل ؟ في اللفظ أما المحل فالجملة في محل لفظ سدت مسد مفعولي (( يروا )) ثم هي لها إعراب أيضاً باعتبار ما بعدها فباعتبار ما بعدها يقول : " إنها مفعول لما بعدها " وعليه فتقدر كما قال المؤلف : " أي كثيراً " وقوله : والمعنى أنها أهلكنا قبلهم كثيراً من القرون ، الأمم وقوله سبحانه وتعالى : (( قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ )) (( من )) هذه لبيان كم تبين الإبهام الواقع في كم والقرون جمع قرن وهم الأمة المشتركة في عصر من العصور تسمى قرناً والعصر مائة سنة وعلى هذا فالقرن يكون مائة سنة ولكن قد يكون دون ذلك قد تكون أمة تبقى أقل من القرن ، يهلكها الله عز وجل قبل أن يتم لها هذا العدد من السنين لكن الضابط أن نقول : القرن هم الأمة التي اشتركت في عصرها ، ((كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ )) أي المهلكين (( إِلَيْهِمْ )) أي المكذبين (( لا يَرْجِعُونَ )) كيف ؟ (( أنهم )) أي المهلكين (( إليهم )) أي إلى المكذبين ، عندكم مكيين على كل حال أن المكيين هم على كلام المؤلف ما دام الخطاب لأهل مكة أو الكلام على أهل مكة فالمكذبون هم المكيون والذي عندنا أعم ، الذي عندنا المكذبون أعم فهؤلاء الأمة التي أهلكت هل رجعت إلى الأمم التي بعدها ؟ لا بل هي ذهبت وزالت وكأنها لم توجد ولم يبق إلا عملها فقط قال : ( لا يرجعون )) " أفلا يعتبرون بهم " (( وأنهم )) إلى آخره بدل مما قبله برعاية المعنى المذكور طيب الذي قبله قوله : (( كم أهلكنا قبلهم )) كأنه قال : ألم يروا أنهم لا يرجعون ، فهي بدل مما قبلها من حيث المعنى وقوله : من حيث المعنى لا من حيث الإعراب لأنها جملة مستقلة وليست تابعة لها في الإعراب ولكنها تابعة لها في المعنى ، الخلاصة أن الله بين في هذه الآية بياناً يقرر به هؤلاء المكذبين بأنه أهلك كثيراً من الأمم السابقة وأن هؤلاء المهلكين لا يرجعون إلى هؤلاء المكذبين لأنهم انتهوا من الدنيا ولم يبق لهم رجوع إليها حتى يستعتبوا فالواجب على هؤلاء المكذبين أن يعتبروا بهم
9 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ألم يروا )) أي أهل مكة القائلون للنبي (( لست مرسلا )) والاستفهام للتقرير : أي علموا (( كم )) خبرية بمعنى كثيرا معمولة لما بعدها معلقة لما قبلها عن العمل ، والمعنى : إنا (( أهلكنا قبلهم )) كثيرا (( من القرون )) الأمم (( أنهم )) أي المهلكين (( إليهم )) أي المكذبين (( لا يرجعون )) أفلا يعتبرون بهم ؟ وأنهم الخ : بدل مما قبله برعاية المعنى المذكور . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وإن )) نافية أو مخففة (( كل )) أي الخلائق ، مبتدأ (( لما )) بالتشديد بمعنى إلا ، أو بالتخفيف ، فاللام فارقة و ما مزيدة (( جميع )) خبر المبتدأ ، أي مجموعون (( لدينا )) عندنا في الموقف بعد بعثهم (( محضرون )) للحساب ، خبر ثان .
ثم قال : (( وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )) قال : (( إن )) " نافية أو مخففة " قوله : " نافية " واضح بمعنى ما ، مخففة بمعنى إن لكنها خففت وأو هنا ليست للتخيير بل هي للتنويع لأنها على حسب القراءات في لما (( كل )) أي كل الخلائق مبتدأ على التقديرين على أنها نافية وعلى أنها مخففة نعم على أنها نافية أو مخففة لأن المخففة كما نعلم تعمل في الجملة واسمها ضمير الشأن محذوف فكل مبتدأ على كلا الوجهين أي على إن نافية أو مخففة (( لما )) بالتشديد بمعنى إلا أو بالتخفيف فاللام فارقة وما مزيدة طيب
(( لما )) بالتشديد بمعنى إلا وعلى هذا تكون إن نافية والتقدير وما كل إلا جميع لدينا محضرون .
عوناً له على المعصية فصار يستعين بنعم الله على معصيته لم يكن شاكراً لأنه صرفها .
(( لما )) بالتشديد بمعنى إلا وعلى هذا تكون (( إن )) نافية والتقدير وما كل إلا جميع لدينا محضرون ، يقول : " وبالتخفيف " وإن كل لما فاللام فارقة بين إن النافية وإن المخففة وما مزيدة والتقدير على هذا وإن كل لجميع لديناً محضرون ، لجميع لأن ما زائدة فإذا أردنا أن نعرب هذه الآية نقول : (( إن )) نافية على قراءة إيش ؟ التشديد ولما بمعنى إلا ، الإعراب الثاني (( إن مخففة )) عل قراءة التخفيف واللام فارقة وهي للتوكيد كما هو معروف وما زائدة والتقدير على هذا وإن كل لجميع لدينا محضرون ، طيب إذاً تكون أو في كلام المؤلف تكون أو في قوله : " نافية أو مخففة " للتخيير ولا للتنويع ؟ للتنويع ، فهي على قراءة التشديد نافية وعلى قراءة التخفيف مخففة قال : (( جميع )) خبر مبتدأ أي مجموعون ، خبر المبتدأ أين المبتدأ ؟ (( كل جميع )) فإن قال قائل : كيف يكون خبراً لكل وكل تدل على الشمول ؟ فالجواب أن كلاً تدل على الشمول لكن لا يلزم من دلالتها على الشمول الاشتمال فتقول : أكرم كل القوم وقد يكون القوم متشتتين كل واحد في جانب لكن جميع تدل على الاجتماع ففيها زيادة على الشمول وهي جمع الناس فكل الناس يحضرون إلى الله عز وجل ولكن هل حضورهم متفرق أو مجتمع ؟ الجواب حضورهم مجتمع دليله الآية (( جميع )) إذاً فلا يقول قائل الآن : إن المبتدأ هو نفس الخبر لأن كلمة كل تدل على الشمول وجميع يدل على الشمول نقول لا لأن الفرق بينهما أن كل تدل على الشمول وإن كانوا متفرقين وجميع تدل على الشمول مع الاجتماع أي مجموع لدينا عندنا في الموقف بعد بعثهم ، (( محضرون )) للحساب خبر ثان لإيش ؟ (( كل )) فصار (( كل )) الآن لها خبران (( جميع )) والثانية (( محضرون )) أظن المعنى واضح ، يقول الله عز وجل في هذه الآية ما كل أحد من هؤلاء إلا محضر لدينا يوم القيامة والناس جميع .
10 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وإن )) نافية أو مخففة (( كل )) أي الخلائق ، مبتدأ (( لما )) بالتشديد بمعنى إلا ، أو بالتخفيف ، فاللام فارقة و ما مزيدة (( جميع )) خبر المبتدأ ، أي مجموعون (( لدينا )) عندنا في الموقف بعد بعثهم (( محضرون )) للحساب ، خبر ثان . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون )) .
أولا: تقرير المكذبين بما يقرون به من إهلاك من سبقهم لقوله : (( أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ ))
ثانياً أو من فوائد الآية : أنه يجب على الإنسان أن ينظر ويعتبر بحيث إذا نظر في عواقب الناس اتخذ من ذلك عبرة لأن الاستفهام هنا مع كونه للتقرير مفيد للتوبيخ لأن الواجب على من نظر في عاقبة المكذبين أن يرتدع عن الكذب .
ومن فوائد الآية أيضاً : أنه لا بعث ولا رجوع قبل يوم القيامة لقوله : (( أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ )) فلا أحد يبعث قبل يوم القيامة اللهم إلا على سبيل الآية كما ثبت في القرآن أن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام يحي الموتى بإذن الله وكما في قصة الرجل الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه وكما في قصة بني إسرائيل الذين أخذتهم الصاعقة ثم بعثهم الله بعد موته وكما في قصة الرجل الشاب الذي يقتله الدجال ثم يكلمه يخاطبه فيقوم حياً وإلا فإن الأصل أن من مات لا يرجع أبداً لقوله : (( أنهم إليهم لا يرجعون )) .
11 - فوائد قول الله تعالى : (( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وإن كل لما جميع لدينا محضرون )) .
ومن فوائدها : كمال قدرة الله عز وجل حيث يجمع هذه الخلائق جميعاً في مكان واحد لقوله : (( لما جميع لدينا )) .
ومن فوائد الآية وجوب الاستعداد لهذا اليوم لأن الله تعالى لم يخبرنا به لمجرد الإقلاع ولكنه أخبرنا به من أجل به أن نستعد له حتى نكون على أهبة لما سنحاسب عليه .
التعليق على تفسير الجلالين : (( وءاية لهم )) على البعث ، خبر مقدم (( الأرض الميتة )) بالتخفيف والتشديد (( أحييناها )) بالماء ، مبتدأ (( وأخرجنا منها حبا )) كالحنطة (( فمنه يأكلون )) .
(( الميتة )) صفة (( أحييناها )) صفة أيضاً ولهذا قال المؤلف : " مبتدأ جعله بعد قوله : (( أحييناها )) ليبين أن الميتة وأحييناها كلاهما صفة للأرض " ولكن الصحيح أن (( أحييناها )) جملة استئنافية لبيان وجه الآية في هذه الأرض لأن محط الفائدة هو ليس موت الأرض ولكن أن الله تعالى أحياها بعد موتها.
أما على رأي المؤلف فإذا جعل (( أحييناها )) صفة فإنه يشكل علينا أن هذا مخالف للقاعدة المعروفة أن الجمل بعد المعارف أحوال والجواب على ذلك أن يقال : إن الأرض هنا المراد بها الجنس فهي بمعنى النكرة ونظيرها قول الشاعر :
" ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثم قلت لا يعنيني "
وعلى اللئيم يسبني تقدير على لئيم يسبني فمضيت ثمة قلت لا يعنيني ومنه أيضاً على قول بعض المعربين :
(( كمثل الحمار يحمل أسفاراً )) على أن جملة (( يحمل )) صفة لـ(( حمار )) لأن المراد به الجنس فهو بمعنى كمثل حمار يحمل أسفاراًَ ، أما على القول الذي اخترناه فنقول : إن جملة (( أحييناها )) استئنافية لبيان وجه الآية في هذه الأرض (( وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا )) ووجه كونها آية أن هذه الأرض الميتة أشجارهاً يابسة وليس فيها ثمر فينزل الله عليها المطر فتحيا بعد الموت فالذي أحياها وقدر على إحيائها قادر على إحياء الموتى كما قال تعالى : (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[فصلت:39]وعليه فنقول : وجه الآية أن تقيس الشاهد بالغائب فالشاهد المنظور هو هذه الأرض ميتة أشجارها يابسة ينزل عليها المطر فتخضر فالذي أحياها قادر