تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( اليوم نختم على أفواههم )) أي الكفار لقولهم (( والله ربنا ما كنا مشركين )) [ 23 : 6 ] (( وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم )) وغيرها (( بما كانوا يكسبون )) فكل عضو ينطق بما صدر منه .
(( تشهد )) لأن اليد تخبر عما فعلت والرجل تخبر عما فعل غيرها ، قالوا : لأن الأصل في المباشرة ما هي ؟ اليد ولهذا دائماً يعلق الكسب باليد فيقال : (( بما كسبت أيديكم )) أو (( بما كسبت أيدي الناس )) أو
(( بما كسبت أيديهم )) فلهذا كانت الأيدي مباشرة ، والأرجل شاهدة لأن الشاهد هو الذي يخبر عما فعل غيره ، والفاعل هو الذي يخبر عما فعل هو بنفسه هكذا قال بعض أهل العلم وهو فرق لا بأس به مع أن الإنسان قد يشهد على نفسه كقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ))[النساء:135] فإقرار الإنسان على نفسه شهادة عليها لكن الفرق الذي أشار إليه بعض العلماء ونقلناه لكم فرق لا بأس به
(( وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) كذا عندكم طيب (( بما كانوا يكسبون )) قال : (( وتشهد أرجلهم )) " وغيرها " المؤلف قال : وغيرها ، ولا يعني ذلك أنه يستدرك على القرآن لكنه ينبه على موضع آخر من القرآن ففي آية أخرى بين الله تعالى أنه تشهد عليهم الجلود (( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ))[فصلت:22] لا قبلها (( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[فصلت:20] السمع والبصر ذكروا هنا وإلا ما ذكر ؟ هنا ما ذكرت ، هنا ذكرت الأيدي والأرجل ، السمع والبصر والجلود ما ذكرت ولهذا قال المؤلف : " وغيرها " إشارة إلى أن هناك أعضاء تشهد غير الأيدي والأرجل (( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ )) السمع بما سمع يا عادل ، والبصر بما رأى والجلد بما مس ، (( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا )) [فصلت:21] ولم يقل وقالوا لأبصارهم وسمعهم لم شهدتم لأن عذاب الجلد عام يشمل الجسد كله لكن عذاب السمع والبصر خاص بالسمع والبصر ولهذا (( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا )) لأن العذاب سيكون على الجلود كما قال تعالى : (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ))[النساء:56] الحاصل هنا أنه يشهد غير الأيدي والأرجل فتكون الشهداء كم ؟ خمسة الأيدي والأرجل والسمع والبصر والجلود
يقول : (( بما كانوا يكسبون )) قوله : (( بما كانوا يكسبون )) تنازعه عاملان : الأول : (( تكلم )) والثاني : (( تشهد )) والتنازع أن يتوارد عاملان على معمول واحد مثل أن تقول : أكرمت ورأيت زيداً فإن أكرمت ورأيت عاملان على معمول واحد وهو زيد ، أما أيهما يعمل هل هو الأول ولا الثاني ؟ فالعلماء اختلفوا في ذلك يقول ابن مالك :
" وَالْثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أَهْلِ الْبَصْرَهْ وَاخْتَار عَكْسَاً غَيْرُهُمْ ذَا أسْرَهْ "
العامل الثاني هو الذي عند البصريين وعند الكوفيين الذي يعمل هو الأول طيب (( تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) ولم يقل بما كانوا يعملون لأن العمل قد لا يكون من كسب الإنسان قد يكون العمل خطأ فلا يؤاخذ به الإنسان فلا يعاقب به الإنسان فلا يكون من كسبه بل الذي يكون من الكسب هو العمل الذي يترتب عليه الثواب إيش ؟ أو والعقاب ولهذا قال الله تعالى في سورة البقرة : (( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ))[البقرة:286] ولم يقل لها عملت وعليها ما عملت فالكسب أخص من العمل لأنه لا يلزم من كل عمل أن يكون إيش ؟ كسباً قد يكون وقع عن سهو أو عن جهل فلا يؤاخذ به الإنسان وقد يكون عن غير قصد فلا يؤاخذ به الإنسان لكن مع ذلك أحياناً يطلق العمل ويراد به العمل الذي هو الكسب مثل قوله تعالى : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ))[فصلت:46] يقول : (( بما كانوا يكسبون )) فكل عضو ينطق بما صدر منه اليد تنطق بما بطشت ، والرجل بما مشت والعين بما رأت والأذن بما سمعت طيب والجلد بما مس ، في سورة النور ذكر الله أن الألسن تشهد نعم (( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[النور:24] إذاً نضيف هذا إلى الخمسة تكون ستة اللسان أيضاً يشهد عليهم لأن اللسان هو أعظم الجوارح خطراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : ( ألا أدلك على ملاك ذلك كله ) قلت : " بلى يا رسول الله فأخذ بلسان نفسه وقال : ( كف عليك هذا ) قلت يا رسول الله : " إنا لمؤاخذون بما نتكلم به " قال : ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) وكل صباح تكفر الجوارح اللسان يعني أنها تجعل الأمر منوطاً به ولهذا قال في سورة النور : (( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ )) ونص على الألسن في سورة النور لأنه ذكر فيها ما يتعلق بذلك من الأمور العظيمة كالقذف مثلاً وأعظمه قذف عائشة رضي الله عنها ولهذا ذكرت في سورة النور الألسن لأن القذف قول فقال : (( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) قال الله سبحانه وتعالى : (( بما كانوا يكسبون )) وكل عضو ينطق بما صدر منه
قال : (( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ )) لأعميناها طمساً (( فَاسْتَبَقُوا )) ابتدروا (( الصِّرَاطَ )) الطريق ذاهبين كعادتهم (( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ )) فكيف يبصرون حينئذ أي لا يبصرون ، (( وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ )) قردة وخنازير أو حجارة (( عَلَى مَكَانَتِهِمْ )) وفي قراءة (( مكاناتهم )) جمع مكانة بمعنى مكان أي في منازلهم (( فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ )) أي لم يقدروا على ذهاب ولا مجيء .
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( اليوم نختم على أفواههم )) أي الكفار لقولهم (( والله ربنا ما كنا مشركين )) [ 23 : 6 ] (( وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم )) وغيرها (( بما كانوا يكسبون )) فكل عضو ينطق بما صدر منه . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون )) .
لو جاء زيد لأكرمته امتناع لامتناع
لولا زيد لأكرمتك امتناع لوجود نعم
فإن شئت قل لولا زيد مجيء لأكرمتك عشان ننتظر عندنا مثلين ، طيب هنا (( لو نشاء )) حرف امتناع لامتناع امتنع المسخ لامتناع المشيئة ، فقوله عز وجل : (( لو نشاء لطمسنا أعينهم )) (( نشاء )) هذه جمع ، (( نشاء )) الضمير ضمير جمع يعني لو نشاء نحن وهذا من المشتبه لأن النصراني ادعى تعدد الآلهة بمثل هذا الضمير قال الله عز وجل يعبر عن نفسه بنحن ونشاء ونريد وما أشبه ذلك إذاً هو متعدد ولكننا نرد عليه بأن الجمع هنا للتعظيم وليس للتعدد لأنك عميت عينك وعميت بصيرتك عن الآيات الصريحة المحكمة الدالة على أن الله إله واحد (( إنما الله إله واحد )) ولكن كما قال الله عز وجل (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ))[آل عمران:7] إذاً الضمير(( نشاء )) وهو ضمير جمع نحن هذا للتعظيم وليس للجمع قطعاً لأن الله واحد
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو نشآء لطمسنا على أعينهم )) لأعميناهم طمسا (( فاستبقوا )) ابتدروا (( الصراط )) الطريق ذاهبين كعادتهم (( فأنى )) فكيف (( يبصرون )) حينئذ ؟ أي لا يبصرون .
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو نشآء لطمسنا على أعينهم )) لأعميناهم طمسا (( فاستبقوا )) ابتدروا (( الصراط )) الطريق ذاهبين كعادتهم (( فأنى )) فكيف (( يبصرون )) حينئذ ؟ أي لا يبصرون . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) .
الطالب : ...
الشيخ : بني إسرائيل ، أي نعم (( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ))[البقرة:65] (( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ))[المائدة:60] فالله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ( أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار ) والأمر هين على الله سبحانه وتعالى يقول : (( كن فيكون ))
4 - تفسير قول الله تعالى : (( ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو نشآء لمسخناهم )) قردة وخنازير أو حجارة (( على مكانتهم )) وفي قراءة (( مكاناتهم )) جمع مكانة بمعنى مكان : أي في منازلهم (( فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) أي لم يقدروا على ذهاب ولا مجيء .
5 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو نشآء لمسخناهم )) قردة وخنازير أو حجارة (( على مكانتهم )) وفي قراءة (( مكاناتهم )) جمع مكانة بمعنى مكان : أي في منازلهم (( فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) أي لم يقدروا على ذهاب ولا مجيء . أستمع حفظ
قوله : (( فأنى يبصرون )) ما هو إعراب فأنى .؟
انتهينا إلى قوله تعالى : (( وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ))
فوائد قول الله تعالى : (( ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون )) .
الطالب : ...
الشيخ : على هذا ، يستفاد من هذه الآية الكريمة فوائد :
أولاً : بيان عداوة الشيطان لبني آدم حيث أضل منهم جبلاً كثيراً أي خلقاً كثيراً عظيماً .
ومنها : الحذر بل التحذير من الشيطان وإغوائه لأنه لا يمكن أن يسعى لهداية الخلق أو لهداية بني آدم وإنما يسعى لإضلالهم .
ومنها : أن من اتبع الشيطان في إغوائه وإضلاله فهو غير عاقل لقوله : (( أفلم تكونوا تعقلون )) .
ومنها : أن من ساء تصرفه صح أن ينفى عنه العقل وإن كان عاقلاً عقل إدراك لقوله هنا : (( أفلم تكونوا تعقلون )) وقد مر علينا أن العقل عقلان : عقل هو مناط التكليف وهو عقل الإدراك وعقل مناط المدح والذم وهو عقل التصرف الذي يكون به الرشد .
ومنها : توبيخ ولوم من تبع الشيطان في إضلاله لقوله : (( أفلم تكونوا تعقلون )) .
فوائد قول الله تعالى : (( هذه جهنم التي كنتم توعدون )) .
ومنها : بيان صفة النار وأنها والعياذ بالله كلها ظلمة وكلها سواد لقوله : (( جهنم )) لأنها من الجهمة أي الظلمة والسواد .
ومنها أيضاً : تقرير هؤلاء وإظهار خطئهم في تكذيبهم لقوله : (( التي كنتم توعدون )) .
ومنها من فوائد الآية : صدق وعد الله سبحانه وتعالى حيث صدق وعده بما وعد به هؤلاء المكذبين حتى شاهدوا ما وعدوا به عياناً
فوائد قول الله تعالى : (( اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون )) .
ومن فوائدها : إثبات الأسباب لقوله : (( بما كنتم تكفرون )) وإثبات الأسباب أمر معلوم بالشرع والعقل والحس ولا ينكر إثبات الأسباب إلا جاهل بحقيقة الواقع فإنه لا أحد ينكر أنك إذا رميت الزجاجة بحجر انكسرت به وإذا ألقيت الورق في النار احترق بها لا ينكر هذا إلا شخص مكابر في الواقع ومع هذا فهل الأسباب تفعل بذاتها أو تؤثر بذاتها ؟ لا بل بخلق الله سبحانه وتعالى التأثير فيها وحينئذ لا يكون لإثبات الأسباب أو لا يكون في إثبات الأسباب شيء من الشرك خلافاً أن من زعم أن إثبات تأثير الأسباب نوع من الشرك لأن وقوع هذه الأسباب إنما تؤثر بإيش ؟ بخلق الله عز وجل التأثير فيها ولهذا إذا شاء الله ألا تؤثر لم تؤثر فإن النار طبيعتها الإحراق ومع ذلك لم تحرق إبراهيم عليه الصلاة والسلام بل كانت برداً وسلاماً عليه لأن الله قال : (( كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )) .
ومنها : كمال عدل الله سبحانه وتعالى لقوله : (( اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون )) أي فلم تظلموا بل أنتم الذين فعلتم ذلك بأنفسهم .
فوائد قول الله تعالى : (( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) .
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت إذاً يكون للقيامة أحوال حال يكذبون وحالة يقرون لكن بعد أن تشهد عليه أيديهم وأرجلهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان قدرة الله سبحانه وتعالى لقوله : (( تكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم )) فإنه خلاف العادة أن تكلم الأيدي والأرجل ولكن الله على كل شيء قدير ولهذا لما ذكر الله عنهم أنهم قالوا
(( لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ))[فصلت:21] .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الإنسان يمكن أن يشهد بعضه على بعض لأن هذا الرجل الواحد تشهد عليه أعضاؤه بما عمل فهل يتفرع على هذا أن الإنسان في الدنيا يمكن أن يشهد على نفسه ؟ نعم يمكن وشهادته على نفسه هو إقراره على نفسه نعم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن العبرة في العمل بما كان فيه من كسب لا مجرد العمل لقوله : (( بما كانوا يكسبون )) وذكرنا في التفسير الفرق بين قوله : (( بما كانوا يعملون )) و (( بما كانوا يكسبون )) لأن مجرد العمل قد لا يكون كسباً كما لو صدر عن جاهل أو صدر من ساهي أو نائم أو ما أشبه ذلك .
10 - فوائد قول الله تعالى : (( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : بيان تمام قدرة الله (( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ )) هذه الأعين المبصرة لو يشاء الله لطمسها وصارت كأن لم تكن .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : ضرب المثل عن الأشياء المعقولة بالأشياء المحسوسة فإن هؤلاء لو طمست أعينهم ما استطاعوا أن يهتدوا إلى السبيل فكذلك إذا طمس الله بصيرة القلب والعياذ بالله لم يستطع الوصول إلى الحق ولم يعرف الحق .
ومن فوائد الآية الكريمة : كمال بلاغة القرآن لأن الله لو شاء لقال : ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فما استطاعوا أن يذهبوا ولا يرجعوا لكن أتى به على هذا السياق المبسط يعني أتي به توسع لأنه أبلغ في التأثير ولأنه يكون له نغمة جيدة تهفوا إليها الأسماع وتلتذ بسماعها .
ثم قال : (( وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ )) أيضاً فيها إثبات المشيئة وكمال قدرة الله عز وجل .
ومن فوائدها أيضاً : أن الله سبحانه وتعالى لو شاء لأثبتهم في مكانهم بحيث لا يستطيعون الذهاب ولا الرجوع (( فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ )) .
ثم قال : (( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ))[يس:68] وهذا مبتدأ درس اليوم
11 - فوائد قول الله تعالى : (( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون )) .
التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن نعمره )) بإطالة أجله (( ننكسه )) وفي قراءة بالتشديد من التنكيس (( في الخلق )) أي خلقه فيكون بعد قوته وشبابه ضعيفا وهرما (( أفلا يعقلون )) أن القادر على ذلك المعلوم عندهم قادر على البعث فيؤمنون ؟ وفي قراءة بالتاء .
(( ننكِّسه )) أو (( ننْكسه في الخلق )) يقول المؤلف في تفسيرها : " أي خلقه فيكون بعد قوته وشبابه ضعيفاً " إيش بعدها ؟ " وهرماً " نعم كلما طال الأجل
يا عمر ، ما هو هذا شأن طالب العلم خذ كتابك وطالع فيه وإلا.. ائت بالكتاب ياللا قوم
كلما طال العمر بالإنسان فإنه يرجع إلى الوراء ليس بالقوة البدنية فحسب بل في القوة البدنية والقوة العقلية والقوة الحسية فيضعف ويعود إلى أرذل العمر كما قال الله عز وجل ، والغرض من هذا التنبيه وإن كان أمراً واقعاً كلنا يعرفه الغرض من هذا أن يبادر الإنسان عمره ما دام في قوته وشبابه لأنه سيأتيه اليوم الذي لا يكون عنده القدرة البدنية ولا القدرة الفكرية ولا القدرة العقلية يكون تفكيره محدوداً كتفكير الصبي لا يفكر إلا فيما يحيط به جدران بيته ويكون عقله كذلك محدوداً لا يستطيع أن ينظر ويعقل ويفكر في الأمور ويوازن بينها ويحكم عليها كذلك أيضاً يكون حسه للأشياء محدوداً فيمر به الشيء في الصباح ولا يستطيع التعبير عنه في المساء كل هذا أمر واقع وظاهر بل من الناس من يسلب عقله نهائياً وربما يصل إلى حد يشبه الجنون يؤذي أهله بالصراخ والعويل والأناشيد وما أشبه ذلك حسب ما كان عليه حين الصغر حتى الإنسان إذا كان مثلاً جمالاً وكان ينشد الأشعار تجده إذا كبر وهرم يبدأ ينشد هذه الأشعار كل هذا أمر لابد منه ولهذا قال الشاعر : " لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم "
كل إنسان عاقل إذا تذكر أن مآله إما موت عاجل وإما هرم فإنه لا يطيب له العيش ولكن ليس معنى لا يطيب له العيش أنه يبقى ندمان في حزن لا بل يسعى ويستعد لهذه الحال التي لابد منها قال الله سبحانه وتعالى : (( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ )) لأن القادر على ذلك المعلوم عندهم قادر على البعث فيؤمنون به وفي قراءة بالتاء (( أفلا تعقلون )) وهي سبعية كما هو معروف هكذا قال المؤلف رحمه الله : " أن المراد الاستدلال بتغيير حال الإنسان إلى هذه الحال الدانية على أن الله تعالى قادر على أن يبعثكم " وهذا الذي قاله ممكن لكن أحسن منه أن يقال إن معنى قوله : (( أفلا تعقلون )) أفلا يكون لكم عقل فتبادروا أعماركم قبل أن تصلوا إلى هذه الحال ، تبادروها بماذا ؟ بالإيمان والعمل الصالح ما استطعتم حتى إذا وصلتم إلى هذه الحالة وإذا أنتم على أتم استعداد لها وغالباً أن الإنسان الذي يمضي وقته في طاعة الله سبحانه وتعالى أنه إذا هرم تجده لا يهتم إلا بالطاعات كثير من المسلمين إذا هرموا تجده يقول : أين الماء أريد أن أتوضأ أو تجده يصلي دائماً أو تجده يقرأ القرآن دائماًَ أو يذكر الله دائماً وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان يهرم على الحال التي يكون عليها وعكس ذلك سيكون بالعكس من كان في حال قوته وشبابه على غير هذا العمل الصالح سوف يكون هذيانه إذا كبر بهذا العمل السيء نعم ، قال : (( أفلا تعقلون ))
13 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن نعمره )) بإطالة أجله (( ننكسه )) وفي قراءة بالتشديد من التنكيس (( في الخلق )) أي خلقه فيكون بعد قوته وشبابه ضعيفا وهرما (( أفلا يعقلون )) أن القادر على ذلك المعلوم عندهم قادر على البعث فيؤمنون ؟ وفي قراءة بالتاء . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وما علمناه )) أي النبي (( الشعر )) رد لقولهم : إن ما أتى به من القرآن شعر (( وما ينبغي )) يسهل (( له )) الشعر (( إن هو )) ليس الذي أتى به (( إلا ذكر )) عظة (( وقرءان مبين )) مظهر للأحكام وغيرها .
قوله : (( وما علمناه الشعر وما ينبغي له )) أما (( علمنا )) فهي تعود إلى الله سبحانه وتعالى وأن ضمير الهاء فتعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قال قائل : أين مرجع الضمير لأن كل الآيات السابقة ليس فيها ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا : إن الضمير يعلم مرجعه من السياق السابق أو السياق اللاحق وهذا يشبه العهد الذهني في أل أو من الفهم بحيث يكون عنه مفهوماً عند المخاطب وهذا كالعهد إيش ؟ كالعهد الذهني ثم يعلم مرجع الضمير في قوله : (( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين )) ومعلوم أن الذي جاء بهذا الذكر والقرآن المبين هو محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : (( وما علمناه )) أي ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الشعر لأن الشعر في الواقع لو علمه الله النبي صلى الله عليه وسلم لكان في ذلك حجة للمبطلين المكذبين ولقالوا : إن هذا القرآن من جملة الشعر الذي علم إياه ولهذا لم يعلم الشعر ولم يعلم الكتابة كما قال تعالى : (( وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ))[العنكبوت:48] يقول : (( وما علمناه الشعر )) النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل شعراً أبدا وإذا قدر أن جرى على لسانه كلام موزون وزن الشعر فإنه ليس عن قصد وإرادة وإنما جاء عفواً والذي يأتي عفواً ليس مقصوداً فلا يكون معلوماً مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب )
فإن هذا رجز ولكنه ليس عن قصد فلا يكون ذلك تعليماً أما الشعر فإنه الكلام الموزون المقفى وسمي شعراً لأنه يأخذ بالشعور ولهذا تجد أن النظم يأخذ باللب أكثر مما يأخذ النثر يعني ربما تسمع خطبة بليغة جيدة جداً وتجد ما يماثلها في المعاني من نغم ولكنك ترى أن تأثير النظم أشد وأخذه بالشعور أكثر ولهذا سمي شعراً وبه نعرف أن ما يسمى الآن بالشعر المنثور ليس بشعر لأنه لا يأخذ بالمشاعر ليس بشعر وليس بنثر وإنما هو كالمنافق لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء لا يطرب إليه من يطربون إلى النثر والخطب ولا من يطربون إلى الشعر والقصائد فهو في الحقيقة ليس بشيء ولكن لكل امرئ من دهره ما تعود الذين أحدثوه يطربون له ويرون أنه أشد شاعرية من شعر امرئ القيس نعم فنحن نقول : إن الشعر هو الذي يأخذ بالمشاعر يعني يكون كلاماً موزوناً مقفى يأخذ باللب يقول : (( وما علمناه الشعر )) قال المؤلف : " رداً لقولهم إنما أتى به من القرآن شعر " والمكذبون والذين يقومون ضد أي إنسان لا بد أن يصفوا قوله بالمعائب لماذا ؟ من أجل أن ينفروا الناس عنه ولكن كما قال الله عز وجل : (( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ))[التوبة:32] قال الله سبحانه وتعالى في سورة الذاريات : (( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ))[الذاريات:52]
كل الرسل وصفوا بهذين الوصفين من أعدائهم السحر والجنون ومحمد عليه الصلاة والسلام أيضاً وصف بذلك وصفوه بأنه ساحر وشاعر ومجنون وكاهن وكذاب كل ذلك من أجل أن ينفروا الناس عنه ولكن هل حصل الأمر هل نفر الناس ؟ أبداً لأن الحق والحمد لله سيعلو مهما قوبل من صدمات فإن العاقبة له فإذا قال قائل : هذا الوصف للرسول عليه الصلاة والسلام هل يتعدى إلى أتباعه ؟ فالجواب نعم كل ما وصفت به الرسل يوصف بمثله أتباعهم ، ألم تعلموا أن المجرمين إذا رأوا المؤمنين يقولوا : إن هؤلاء لضالون يصفونهم بالضلال وفي عصرنا يصفونهم بالرجعية والتأخر وما أشبه ذلك من الكلمات التي ينفروا الناس بها عن الحق ، وأهل البدع يصفون أهل السنة والجماعة بألقاب السوء يقولون : إنهم نوابت غثاء حشو حشوية مجسمة مشبهة وما أشبه ذلك كل هذا من أجل التنفير عما هم عليه ولكن الحمد لله أن الأمر يكون ثواباً لهؤلاء الذين يصفون بهذا ... وامتحاناً لهم والصبر على ما هم عليه من الحق ثم العاقبة تكون لهم .