التعليق على تفسير الجلالين : (( ما سمعنا بهذا فى الملة الأخرة )) أي ملة عيسى (( إن )) ما (( هذا إلا اختلاق )) كذب .
(( إن هذا إلا اختلاق ))(( إن )) يقول المؤلف: " ما " وعلى هذا فهي نافية وعلامة إن النافية أن يأتي بعدها الإثبات بـ إلا ونحوها وهنا أتى بعدها الإثبات بـ إلا (( ما هذا إلا اختلاق )) وإن تأتي في اللغة العربية على أوجه : نافية وزائدة وشرطية ومخففة من الثقيلة ، فهنا نافية وفي قولك : إن أكرمتني أكرمتك، شرطية وفي قوله تعالى : (( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا )) مخففة أو نافية ؟ نافية ، يعني إلا إذا أثبت إلا فهي نافية ، وفي قول الشاعر : " وإن مالك كانت كرام المعادي " ، "إن مالك" مخففة من الثقيلة وفي قول الشاعر : " بني غدانة ما إن أنتم ذهبوا " ... طيب قال المؤلف هنا : (( إن هذا )) هنا ما هذا المشار إليه، ما جاء به صلى الله عليه وسلم من التوحيد وقوله : (( إلا اختلاق )) أي إلا كذب ، يقال : اختلق الكلام أي افتراه و كذبه و هذا بناء مبني على قولهم فيما سبق (( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب )) والكذاب لا يأتي إلا بإيش؟ إلا بالكذب والاختلاق.
تفسير قول الله تعالى : (( أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري ... )) .
ولما أنكروا التوحيد أنكروا الرسالة أيضاً فقالوا : (( أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا )) وهذا الاستفهام للنفي لكنه أتى بصيغة الاستفهام مبالغة في نفيه كأنهم يتعجبون كيف ينزل عليه الذكر من بيننا ولم ينزل على أحد غيره ؟ وهذا كقوله تعالى : (( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )) والقريتين هما مكة والطائف ، يقولون : لو نزل هذا القرآن على رجل من الأكابر والأشراف لا على هذا الغلام الذي يعتبر من أصغر القوم فكيف ينزل عليه الذكر من بيننا .
التعليق على تفسير الجلالين : (( أءنزل )) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركه (( عليه )) على محمد صلى الله عليه وسلم (( الذكر ))القرآن (( من بيننا )) وليس بأكبرنا ولا أشرفنا ؟ أي لم ينزل عليه ؟ قال تعالى (( بل هم في شك من ذكري )) وحيي : أي القرآن ، حيث كذبوا الجائي به .
وقوله : (( أأنزل )) ذكر المؤلف فيها قراءات قال : " بتحقيق الهمزتين " ، الهمزتين هما همزة الاستفهام وهمزة الفعل والتحقيق أن تقرأها هكذا (( أأنزل عليه الذكر ))" وتسهيل الثانية " بأن تمر عليها مراً فلا يظهر أنك حذفتها ولا أنك بينتها فتقول : (( أأنزل )) لم تتبين " وإدخال ألف بينهما على الوجهين " أي وجهي التحقيق والتسهيل ، ألف بينهما أي بين الهمزتين فتقول على قراءة التحقيق (( آأنزل )) وعلى قراءة التسهيل (( أأنزل )) فالقراءة إذاً أربع : تحقيق الهمزتين بلا ألف ، تحقيق الهمزتين بألف ، تسهيل الثانية بدون ألف ، تسهيلها مع الألف ، طيب (( أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ))، (( عليه )) على محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء بهذا القرآن الذي يذكرهم به ، طيب و الذكر أي القرآن وهذا إقرار منهم بأن القرآن ذكر وإن كان يحتمل أن يكونوا قالوه على سبيل التنزل والتهكم وأنهم لا يؤمنون بأنه ذكر وأياً كان فالمقصود بذلك نفي أن يكون محمداً صلى الله عليه وسلم هو الرسول ، يقول : " وليس بأكبرنا ولا بأشرافنا " ويريدون أن يكون نزول القرآن على أكبرهم وأشرفهم ولكن الذي نتيقن أنه لو نزل على أكبرهم وأشرفهم لكذبوا أيضاً كما قال الله تعالى : (( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ )) فهم معاندون لا يريدون الحق ونعلم أنه لو نزل على غير محمدٍ صلى الله عليه وسلم لطالبوا أن يكون نزل على غيره لأنهم لم ينفوا الرسالة حقيقة من أجل شخصية محمد صلى الله عليه وسلم فإن شخصيته عندهم من أفضل الشخصيات وأقواها أمانة وأحسنها خلقاً ولكن يقولون هذا على سبيل العناد والمكابرة فهو كقولهم لما حدثوا بالبعث قالوا : (( ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين )) وهذا مكابرة منهم لأنهم لم يحدثوا بالبعث الآن يحدثون بالبعث متى ؟ يوم القيامة. فلم يأتي الموعد الذي حدد للبعث حتى يتحدوا بهذا التحدي فيقال لهم : إن الله يميتكم ثم يحييكم ثم يبعثكم إلى يوم القيامة و الرسل ما قالت لهم إنكم تبعثون الآن حتى تقولوا لهم : هاتوا آبائنا ، بل وستبعثون يوم القيامة وسيأتي آباءهم ومن سبقهم ، طيب. نقول : إن قولهم (( أؤنزل عليهم الذكر من بيننا )) قالوها على سبيل إيش ؟ المكابرة والمعاندة ، لأننا نعلم أنه لو نزل على غيرهم لقالوا شيئاً آخر ، قالوا : وليس بأكبرنا ولا أشرفنا ، أما قولهم : وليس بأكبرنا إن كانوا قالوه فهم صادقون ، فالرسول ليس بأكبرهم سنا فيهم من يكبره و أما قوله : ولا أشرافنا فهم كاذبون فإن محمداً صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ). وقال الله تبارك وتعالى : (( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )) فلم يجعل رسالته إلا في أحق الناس بها وأجدرهم بها وأولاهم بها. يقول المؤلف : " أي لم ينزل عليه " حال تفسيره للاستفهام في قولهم : (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا )) أي أن الاستفهام للنفي لكنه جاء على سبيل الاستفهام لماذا ؟ للتعجب والاستبعاد من أن ينزل عليه الذكر من بيننا. قال الله تعالى : (( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ))(( بل )) هذا إضراب لإبطال ما ادعوه من كونهم يريدون أن ينزل القرآن على أشرفهم يقول : (( هم في شك من ذكري )) فكيف يقولون لو نزل على أشرفنا لو نزل على غير محمد ؟ والشاك في الأصل لا يطلب الفرع أصلاً فإذا كانوا في شك من نزول هذا الذكر بقطع النظر عن كونهم محمداً وآله فكيف يقولون : (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا )) . وعلى هذا، فقولهم ليس مبنياً على أصل يعني أنهم لم يؤمنوا بهذا الذكر أصلاً فضلا عن أن يكون مع محمد أو غيره (( بل هم في شك من ذكري )) وحي أي القرآن حيث كذبوا الجائي فإن من كذب بمن جاء بالشيء فإنه منكر للشيء لأنه لو قال لك قائل : قدم فلان اليوم فقلت : أنت كاذب ، هل تكون مؤمناً بقدومه ؟ نعم ، لا تكون مؤمناً بقدومه ، وكيف تكون مؤمناً بقدومه وهو لم يأتك إلا من هذا الطريق الذي زعمت أن صاحبها كذاب ؟ ولهذا إذا كان هذا الذكر لم يأت إلا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أنه كاذب وأنه ليس برسول وليس له حق في الرسالة لأن فيه من هو أحق منه فكيف تقولون إنه ذكر ؟ إذاً هم في شك من هذا الذكر وهل هذا الشك حقيقة أو على سبيل العناد ؟ الظاهر والله أعلم أنه على سبيل العناد لكن منهم من يشك لقوة الدعاية المضادة فبقوة الدعاية المضادة ولا سيما إذا جاءت من الأكابر سوف يلحق العامة إيش ؟ شك من هذا القول (( بل هم في شك من ذكري )) وقوله : (( من ذكري )) أي من الذكر الذي أنزلت وهو القرآن. والشك هو التردد وعدم الجزم وقد قيل : إن الإدراك ينقسم إلى خمسة أقسام : إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً ، وإدراك الشيء على خلاف ما هو عليه ، وإدراك الشيء برجحان ، وإدراك الشيء بمرجوحية ، وإدراك الشيء على السواء، هذه خمسة أقسام. فإدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً يسمى علماً كإدراكنا أن الواحد نصف الاثنين هذا علم ، وإدراك الشيء على خلاف ما هو عليه جهل مركب، مثل أن تدرك أن غزوة بدر مثلاً السنة الثالثة فهذا نسميه جهلاً مركب ، وعدم إدراكه بالكلية هذا جهل بسيط ، وإدراك الشيء مع رجحان ظن ، و إدراكه مع المرجوحية وهم، و إدراكه مع التساوي شك فهذه ستة أقسام ، إدراكه على ما هو عليه ، وعلى خلاف ما هو عليه ، وعدم الإدراك بالكلية ، والإدراك برجحان ، والإدارك بمرجوحية ، والإدراك بالتساوي ستة أقسام . الشك أحياناً يراد به التساوي وأحياناً يطلق على الراجح والمرجوح والمساوي وهذا ما يكون في كلام الفقهاء عندما يتحدثون عن الشك في الحدث أو الشك في نجاسة الطاهر فإنهم يريدون الشك الراجح والمرجوح والمساوي يعني بمعنى أنه إذا شككت في نجاسة الماء الطاهر ولو غلب على ظنك أنه نجس فهو طاهر ، وإذا شككت هل أحدثت ولو غلب على ظنك أنك أحدثت فأنت طاهر ، وعللوا ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ينصرف حتى يسمع قولاً أو يجد ريحاً ) يعني حتى يتيقن ولا عبرة بالظن ، نعم يقول : (( بل هم في شك من ذكري)).
التعليق على تفسير الجلالين : (( بل لما )) لم (( يذوقوا عذاب )) ولو ذاقوه لصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ولا ينفعهم التصديق حينئذ .
(( بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ))(( بل )) هذه للإضراب الانتقالي لا للإبطالي (( لما يذوقوا عذاب )) قال المؤلف : " أي ((لم )) وهذا تفسير ببعض المعنى لأن لما ولم تشتركان في النفي لكنهما تختلفان فيما عداها ، لأن لم لنفي غير المتوقع ولما لنفي المتوقع القريب فإذا قلت لم يقم زيد فهذا نفي لقيامه على وجه لم يتوقع منه القيام ، وإذا قلت لما يقم زيد فهو نفي لقيامه على وجه يتوقع منه القيام عن قرب وعلى هذا فقوله : (( لما يذوقوا عذاب )) أي لم يذوقوه ولكن سيذوقونه قريباً ، قالوا : ولما تأتي على أوجه : تأتي نافية فتجزم الفعل المضارع كما تجزمه لم ، وتأتي بمعنى حين ، وتأتي شرطية ، وتأتي استثنائية، هذه أربعة أوجه . تأتي نافية كنفي لم لكنها تختلف عنها بأن منفي لم لا يتوقع ومنفيها يتوقع قريبا مثل هذه الآية وتأتي شرطية كقوله تعالى : (( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا )) ، وتأتي استثنائية كقوله تعالى : (( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ )) أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وتأتي بمعنى حين ، فتقول : قدمت البلد لما طلعت الشمس أي حين طلعت الشمس ، طيب هنا (( لما يذوقوا عذاب )) من أي الأقسام الأربعة ؟ نافية . قال : (( بل لما يذوقوا عذاب ))(( يذوقوا )) أصلها يذوقون لكن حذفت النون للجزم ، لأن لما من حروف الجزم طيب. (( بل لما يذوقوا عذاب )) ولو ذاقوه لصدقوا قوله : (( عذاب )) قد يشكل على طالب العلم وهو أن الفعل واقع عليه ومع ذلك لم ينصب أي لم يقل : بل لما يذوقوا عذاباَ ، فكيف توجيه ذلك ؟ كيف لم ينصب عذاب مع أن الفعل واقع عليه ؟ والجواب عن ذلك أن نقول : إن عذاب أصلها عذابي بالياء والمضاف إلى ياء المتكلم تقدر عليه الحركات وذلك لأنه لا بد أن يكسر من أجل مناسبة الياء فتكون الحركات مقدرة عليه وعلى هذا فنقول : (( عذاب )) مفعول يذوقوا منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة تخفيفاً منعاً من ظهورهاً اشتغال المحل بحركة مناسبة . والياء هنا حذفت للتخفيف وهذا كثير في القرآن وفي اللغة العربية أن تحذف ياء المتكلم بالتخفيف كما في قوله تعالى : (( الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ )) ، (( وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ )) ، التقدير متعالي ، ومن والي ، طيب (( بل لما يذوقوا عذاب )) العذاب ليس مطعوماً يذاق ولكن الإصابة به ذوق وذوق كل شيء بحسبه فإذا أعطيتك حلاوة وأدخلتها في فمك ومصصتها فهذا ذوق ، وإذا أعطيتك لحمة ومضغتها فهذا ذوق ، وإذا ضربتك وأحسست بالضرب فهذا ذوق، فذوق كل شيء بحسه . فالعذاب ليس ذوق العذاب كذوق الطعام والشراب بل هو ذوق مناسب له ، (( بل لما يذوقوا عذاب )) قال المؤلف : " ولو ذاقوه لصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به " ولكن هذا التصديق لا ينفعهم لأنه إذا صدق الجاحد بعد نزول العذاب به فإن ذلك لا ينفعهم قال الله تعالى : (( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا )).
تفسير قول الله تعالى : (( أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )) .
قال الله تعالى : (( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )) نعم ، هذا كقوله تعالى : (( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )) قال بعدها : (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ )) حتى يقولوا : نجعل النبوة في فلان دون فلان وهنا لما قالوا : (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا )) قال الله تعالى : (( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ )) يعني هل هم الذين يقسمون هذه الخزائن فيجعلون الرسالة في فلان دون فلان و أم هنا بمعنى بل و همزة الاستفهام الذي يراد به النفي وعلى هذا فتقدير الكلام إيش ؟ بل عندهم خزائن رحمة ربك ، أي ليس خزائن رحمة الله عندهم حتى يقولوا: (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا )) ولماذا لم ينزل على فلان أو فلان ؟ وقلت لكم إن نظير هذه الآية قوله : (( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )) قال الله تعالى : (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ )) حتى يجعلوا القرآن ينزل على فلان دون فلان. قال : (( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )) خزائن جمع خزينة ، والخزينة مستودع الشيء يسمى خزينة ، والرحمة (( رحمة ربك )) أي ما يكون برحمته من الأرزاق الحسية والمعنوية والجواب نعم أو لا ؟ لا، ليس عندهم خزائن رحمة ربك. و قوله : (( العزيز )) قال المؤلف : " الغالب " الوهاب أي كثير الهبات وهي العطايا، أولاً قال : (( رحمة ربك )) فأضاف الربوبية إلى النبي صلى الله عليه وسلم اعتناء به وبياناً أن ما حصل له من الرسالة فهو بمقتضى ربوبية الله الخاصة له ولهذا نقول: أخص أنواع الربوبية ما كان لمن ؟ للرسل كما أن أخص العبودية عبودية الرسل ولهذا أضاف الربوبية إليه لأن أخص الربوبية ربوبية الله سبحانه وتعالى لرسله وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم فكأنه يشير إلى أن رسالة الله للرسول صلى الله عليه وسلم من رحمته به ، وقوله : (( العزيز الوهاب )) فيه مناسبة عظيمة (( العزيز )) لمقابلة هؤلاء الذين كانوا في عزة وشقاق ليبين أن عزة الله فوق عزتهم وأنفتهم وحميتهم وأنه غالب لهم وقاهر لهم ، (( الوهاب )) بالنسبة لمن ؟ بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم يعني أنه وهبه النبوة .
التعليق على تفسير الجلالين : (( أم عندهم خزآئن رحمة ربك العزيز )) الغالب (( الوهاب )) من النبوة وغيرها فيعطونها من شاؤوا .
طيب. (( العزيز )) يقول المؤلف : " أنه الغالب " وهذا أحد معانيها ولكنها تشتمل على معنى أكثر. فالعزيز يشمل أو يدل على ثلاثة أنواع من العزة : عزة القدر وعزة الامتناع وعزة القهر ، فعزة الامتناع معناه امتناع الله سبحانه وتعالى عن كل نقص وعيب فهو عزيز يمتنع عليه كل نقص وعيب ، وعزة القدر يعني عزة الشرف والسيادة فالسيادة المطلقة لله عز وجل والعزة المطلقة لله عز وجل (( فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا )) ، والثالث : عزة القهر وهي عزة الغلبة ، أي أنه غالب لكل أحد فعزة القهر يعني عزة الغلبة أي أنه غالب لكل أحد ، ومن أشعار الجاهلية " أين المفر والإله الطالب ، والأشرم المغلوب ليس الغالب " طيب. فإذاً يكون تفسير المؤلف رحمه الله للعزيز بالغالب تفسير لها ببعض المعاني وهو تفسير قاصر لأننا ذكرنا فيمن سبق أن كل من فسر القرآن ببعض ما يدل عليه فإن تفسيره قاصر لكن أحياناً يفسر القرآن ببعض ما دل عليه تمثيلاً لا حصراً ، خذوا بالكم ، يكون يفسر على سبيل التمثيل لا الحصر، كتفسير بعضهم قول الله تعالى : (( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )) فسر الظالم بنفسه بأنه الذي يؤخر الصلاة عن وقتها ، والمقتصد هو الذي يصليها في آخر الوقت ، والسابق بالخيرات الذي يصليها في أول الوقت ، وبعضهم فسر الظالم لنفسه بالذي لا يزكي والمقتصد بالذي يزكي ولا يتصدق والسابق بالخيرات بالذي يزكي ويتصدق فهذا التفسير نقول : لا شك أنه قاصر لكن المفسر لم يرد أنه أن المعنى منحصر في هذا وإنما أراد بذلك إيش ؟ التمثيل، يعني مثل الظالم لنفسه مثل الذي لا يزكي ، المقتصد مثل الذي لا يصلي ويتصدق ، السابق بالخيرات مثل الذي يزكي ويتصدق ، طيب (( الوهاب )) من النبوة وغيره فيعطونها من شاءوا هذا مفرع على النفي يعني هذا هل عندهم خزائن رحمة الله من النبوة وغيرها فيعطونها من شاءوا ويمنعونها من شاءوا ؟ فالجواب لا ، نعم .
في قول الله تعالى (( بل لما يذوقوا عذاب )) قال المؤلف : لو ذاقوه لصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم . والله تعالى يقول : (( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه )) .؟
الطالب : في قول الله عز وجل : (( بل لما يذوقوا عذاب )) قال : لو ذاقوها لصدقوا النبي مع أن الله عز وجل يقول : (( بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ))[الأنعام:28] وهذا بعد قوله : (( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ))[الأنعام:27]. الشيخ : نعم هذا يوم القيامة . الطالب : (( يذوقوا العذاب )) هذا في الدنيا ؟ الشيخ : إي في الدنيا . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى : (( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )).
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب * أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )).
أولاً: مناقشة فيما سبق (( أأنزل عليه )) فيها عدة قراءات كم؟ الطالب: أربع قراءات. الشيخ : نعم أذكرها ؟ الطالب: ..... الشيخ : ..... الطالب : ..... الشيخ : تصير إيش ؟ الطالب : ..... الشيخ : خطأ . الطالب : .... الشيخ : خطأ . الطالب : ...... الشيخ : تسهيل الثانية ، طيب ، الثالث ؟ الطالب : ...... الشيخ : إدخال ألف بين الهمزة الأولى والثانية مع التحقيق ، طيب الرابعة ؟ الطالب : ..... الشيخ : إدخال ألف بينهما مع تسهيل الثانية ، طيب اقرأ تحقيق الهمزتين بألف بينهما ؟ الطالب : (( آؤنزل )) . الشيخ :(( آؤنزل )) طيب بتسهيل الثانية معها ألف ؟ الطالب : (( آانزل عليهم )) . الشيخ : نعم تسهيل الثانية بدون ألف ؟ الطالب : (( أونزل )) . الشيخ : بدون ألف طيب . ما معنى قوله تعالى (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا )) سامي ؟ الطالب : ..... الشيخ : يعني وتركنا نحن مع أن فينا من هو أشرف منه ، تمام ، طيب قوله : (( بل هم في شك من ذكري )) قل يا أخ (( بل )) للإضراب الإبطالي أو الانتقالي ؟ الطالب : .... الشيخ : ما حضرت . الطالب : ..... الشيخ : طيب اضبط ، نعم . الطالب : ..... الشيخ : أي النوعين لأن فيه إضراب إبطالي يبطل ما سبق وفيه إضراب انتقالي ؟ انتقالي ، طيب ، ما وجه اتصاله بما سبق (( أؤنزل عليه الذكر من بيننا ))(( بل هم في شك في ذكري )) ؟ نعم . الطالب : الاضراب هنا إبطالي لبيان أنهم في شك لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ : طيب الأخ هنا يقول : انتقالي ، لكن ما وجه ارتباطه بما سبق سواء كان إبطالي أو انتقالي ؟ الطالب : ...... لأن غير المؤمنون سوف يكونون في شك لما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم . الشيخ : يعني أنهم في شك من الذكر سواء على محمد أو على غيره ، طيب. إذاً دعواهم هذه تحججاً فقط ، طيب ، قوله : (( لما يذوقوا عذاب ))(( لما )) محمد .... ماذا تعمل في مدخولها ؟ الطالب : ..... الشيخ : ماذا تعمل في مدخولها ؟ لا أريد معناها ، إذا دخلت على شيء فماذا تعمل فيه ؟ الطالب : (( بل لما يذوقوا عذاب )) نعم تجزم . الشيخ : تجزم ولذلك فسرها المؤلف بـ لم ، عرفت ، طيب تأتي لما في اللغة العربية على عدة أوجه ؟ منها هنا أنها للنفي ولا للجزم ؟ الطالب : للنفي . الشيخ : للنفي وللجزم ، وغير . الطالب : للشرطية . الشيخ : للشرطية مثال . الطالب : وصلت البلد لما طلعت الشمس . الشيخ : لا . الطالب : هذه بمعنى حين . الشيخ : طيب هذه بمعنى حين . الطالب : تأتي شرطية . الشيخ :(( فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ))[البقرة:89] طيب . بقي معنا ، نعم . الطالب : استثنائية . الشيخ : مثل . الطالب : (( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ )) . الشيخ : أحسنت ، طيب تقدم عشان توازي الصف... طيب قوله : (( بل لما يذوقوا عذاب )) تدل على أنهم لم يذوقوا العذاب ولكن ؟ الطالب : يعني إما أن يذوقوه في الدنيا عاجلاً . الشيخ : لا هنا تفيد النفي. لكن نفي الشيء نفياً قاطعاً أم ماذا ؟ الطالب :... نفي المتوقع عن قرب . الشيخ : أحسنت نفي المتوقع عن قرب ، فلما يذوقوا عذاب يعني ولكن سيذوقونه عن قرب ، في قوله : (( عذاب )) إشكال ..... وهي أنه قد تسلط عليها الفعل ومع ذلك هي مكسورة ؟ الطالب : ..... الشيخ : يكون الإعراب هنا على الباء مقدراً . الطالب : نعم . الشيخ : لأنها على تقدير ياء المتكلم ، قوله : (( أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )) مناسبة هذه الآية لما سبقها الأخ ؟ الطالب : استنكار التعجب يعني هل عندهم خزائن رحمة الله حتى يعطوا النبوة لمن يريدون ..... الشيخ : هل تكون بهذا ؟ طيب هل له نظير في القرآن ؟ ما نظيرها في القرآن ؟ بأن لها آية تبين أكثر . الطالب : (( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ))(( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ )) . الشيخ : نعم .
تفسير قول الله تعالى : (( أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب )) .
ثم قال الله عز وجل في بدء الدرس الجديد : (( أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا )) ، (( أم )) هنا للإضراب فهي بمعنى بل والهمزة يعني بل ألهم ملك السماوات وهذا الاستفهام للنفي، يعني ليس لهم ملك السماوات والأرض، وقوله : (( ملك السماوات )) السماوات جمع سماء، وهو في اللغة كل علا فكل ما علاك فهو السماء ، ولكن المراد به هنا السماوات المعروفة المحفوظة ، السماوات والمعروف أنها سبع سموات كما صرح الله به في عدة آيات . وقوله : (( الأرض )) فهي هذه الأرض المعروفة، وهي سبع أراضين أيضاً كما هو ظاهر القرآن في قوله تعالى : (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ )) فإن المثلية هنا في العدد لا في الحجم ولا في الكيفية، ولكنها في العدد وكما جاءت السنة في ذلك صريحاً، في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه يوم القيامة من سبع أراضين ). وقوله : (( وما بينهما )) أي ما بين السماء والأرض من المخلوقات العظيمة كالشمس والقمر والنجوم والكواكب وغيرها مما لا يعلمه إلا الله، ولكن جعل ما بين السماوات والأرض قسيماً لهما، يدل على أن ما بينهما مخلوقات عظيمة تقابل السماوات والأرض ، طيب من الذي بينهما ؟ قلنا : الشمس والقمر والنجوم والكواكب وكذلك الرياح وكذلك الغيوم إلى ما غير ذلك مما لم نعلمه ورب يعلمون من خلق وربما لا يعلمونه .
التعليق على تفسير الجلالين : (( أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما )) إن زعموا ذلك (( فليرتقوا فى الأسباب )) الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي فيخصوا به من شاؤوا . وأم في الموضعين بمعنى همزة الإنكار .
قال المؤلف : " إن زعموا ذلك " أي أن لهم ملك السماوات فهل يملكون ذلك ؟ لا يمكن (( فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ )) كأن المؤلف رحمه الله جعل قوله : (( فليرتقوا )) جواباً لشرط مقدر يعني إن زعموا أن لهم ملك السماوات والأرض فليرتقوا في الأسباب الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي فيخصوا به من شاءوا ، نعم ، قوله : (( فليرتقوا )) الفاء هذه واقعة في جواب شرط مقدر أي فإن زعموا ذلك فليرتقوا ، واللام لام الأمر وسكنت لوقوعها بعد فاء العطف لأن لام الأمر تسكن إذا وقعت بعد الفاء وثم والواو ، قال الله تعالى : (( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ )) هذه بعد ثم ، (( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ )) هذه بعد الواو، (( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ )) بعد الفاء ، بخلاف لام التعليل فإن لام التعليل تكون مكسورة ولو وقعت بعد هذه الحروف ، كما قال الله تعالى : (( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا )) ولم يقل : ولْيتمتعوا لأنها لام التعليل ، فلام التعليل تكون مكسورة دائمة ولام الأمر تكون مكسورة إلا إذا وقعت بعد الواو والفاء وثم ولهذا قال : (( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ )) فاللام هنا للأمر والظاهر أن المراد بالأمر هنا التحدي يعني إن كانوا صادقين فليرتقوا في الأسباب، فالأسباب جمع سبب وهو كل ما يوصل إلى المقصود ، وهذه الآية نظير قوله تعالى : (( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ )) ، أي بشيء يوصله إلى السماء (( ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ )) فهنا قال : (( فليرتقوا في الأسباب )) أي فليجعلوا أسباباً يرتقون بها يصلون إلى السماء ، ومعلوم أن هذا التحدي لا يمكن لهم أن يحققوه نعم ، ثم قال : " يصلوا إلى السماء فليأتوا بالوحي فيخصوا به من شاءوا " بناء على قولهم : (( أؤنزل عليهم الذكر من بيننا )) يعني كيف نصل ؟ قالوا : إذاً ارتقوا إلى السماء وأنزلوا الوحي وخصوا به من شئتم ، طيب ، ثم قال المؤلف : " وأن في الموضعين بمعنى همزة الإنكار " الإنكار الذي بمعنى النفي ، يعني ليس عندهم خزائن الله وليس لهم ملك السماوات والأرض ، بل هم خليون من هذا كله .
تفسير قول الله تعالى : (( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب )) .
ثم قال تعالى : (( جُندٌ مَا )) أي جند حقير (( هُنَالِكَ )) أي في تكذيبهم لك (( مَهْزُومٌ )) صفة جند (( مِنَ الأَحْزَابِ )) صفة جند أيضاً ، (( جند ما هنالك ))(( جند )) خبر مبتدأ محذوف ، التقدير هم جند و (( ما )) نكرة وصفة ، لأن (( ما )) لها عدة معاني ، لها عشرة معاني جمعت في قول الشاعر : محامل ما عشر إذا رمت عدها فحافظ على بيت سليم من الشعر ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها بكف ونفي زيد تعظيم مصدر أعيد البيتين: محامل ما عشر إذا رمت عدها فحافظ على بيت سليم من الشعر ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها بكف ونفي زيد تعظيم مصدر أعيد ثالثاً : محامل ما عشر إذا رمت عدها فحافظ على بيت سليم من الشعر ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها بكف ونفي زيد تعظيم مصدر من حفظهما ؟