تفسير سورة ص-03b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد قول الله تعالى : (( وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب )) .
ومن فوائدها : أنه مهما عظم سلطان المكذبين للرسل فإنهم أذلاء بالنسبة لسلطان الله عز وجل لقوله : (( وفرعون ذو الأوتاد )) .
ومن فوائد الآية : إثبات رسالة صالح لقوله : (( ثمود )) والمرسل إلى ثمود أخوهم صالح ، طيب .
ومن فوائدها : إثبات رسالة لوط لقوله : (( وقوم لوط )) .
و من فوائدها أيضاً : إثبات رسالة شعيب (( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ )).
ومن فوائد الآية : إثبات رسالة صالح لقوله : (( ثمود )) والمرسل إلى ثمود أخوهم صالح ، طيب .
ومن فوائدها : إثبات رسالة لوط لقوله : (( وقوم لوط )) .
و من فوائدها أيضاً : إثبات رسالة شعيب (( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ )).
1 - تتمة فوائد قول الله تعالى : (( وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب )) .
ومن فوائدها : أن جميع هؤلاء الأحزاب كذبوا الرسل لقوله : (( إن كل إلا كذب الرسل )) .
ومن فوائدها : الاعتبار بالأغلب وأن الكل قد يطلق عليه أي على الأغلب لأن قوم نوح لم يكذبوا كلهم قال الله تعالى : (( وما آمن معه إلا قليل )) وكذلك عاد قال الله تعالى : (( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا )) وكذلك لوط آمن معه من آمن من أهله كما قال تعالى : (( فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) كذلك فرعون، توافقون ؟ لا هؤلاء قومه أما فرعون فهو ما آمن إلا حين أدركه الغرق إيماناً لا ينفعه ، طيب، ثمود أيضاً آمن معه من آمن وعلى هذا فالله عز وجل قال : (( إن كل )) أي من هؤلاء (( كذب الرسل )) باعتبار إيش ؟ الأغلب .
و من فوائد الآية : أن من كذب رسولا من الرسل فهو مكذب لجميع الرسل لقوله : (( إن كل إلا كذب الرسل )) و قد ذكرنا في تفسيره أنها محتملة أن تكون عائدة لكل فرد باعتبار الجمع أو باعتبار الأفراد يعني هل من توزيع الجمل أو من توزيع الأفراد ؟ وذكرنا أن الراجح أنها من باب توزيع الجمل على الأفراد وذكرنا الدليل على ذلك ، طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن تكذيب الرسل سبب للعقوبة لقوله : (( إن كل إلا كذب الرسل فحق )) والفاء هنا إيش ؟ للسببية وهي أيضاً عاطفة تدل على الترتيب والتعقيب ففيها سببية وتعقيب وأن العقاب حل بهم وهم ما زالوا على تكذيبهم .
ثم قال تعالى : (( فحق عقاب )) يؤخذ منها فائدة وهو شدة هذه العقوبة لأن الله أضافها على نفسه وقد قال سبحانه وتعالى عن نفسه : (( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) نعم .
ومن فوائدها : الاعتبار بالأغلب وأن الكل قد يطلق عليه أي على الأغلب لأن قوم نوح لم يكذبوا كلهم قال الله تعالى : (( وما آمن معه إلا قليل )) وكذلك عاد قال الله تعالى : (( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا )) وكذلك لوط آمن معه من آمن من أهله كما قال تعالى : (( فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) كذلك فرعون، توافقون ؟ لا هؤلاء قومه أما فرعون فهو ما آمن إلا حين أدركه الغرق إيماناً لا ينفعه ، طيب، ثمود أيضاً آمن معه من آمن وعلى هذا فالله عز وجل قال : (( إن كل )) أي من هؤلاء (( كذب الرسل )) باعتبار إيش ؟ الأغلب .
و من فوائد الآية : أن من كذب رسولا من الرسل فهو مكذب لجميع الرسل لقوله : (( إن كل إلا كذب الرسل )) و قد ذكرنا في تفسيره أنها محتملة أن تكون عائدة لكل فرد باعتبار الجمع أو باعتبار الأفراد يعني هل من توزيع الجمل أو من توزيع الأفراد ؟ وذكرنا أن الراجح أنها من باب توزيع الجمل على الأفراد وذكرنا الدليل على ذلك ، طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن تكذيب الرسل سبب للعقوبة لقوله : (( إن كل إلا كذب الرسل فحق )) والفاء هنا إيش ؟ للسببية وهي أيضاً عاطفة تدل على الترتيب والتعقيب ففيها سببية وتعقيب وأن العقاب حل بهم وهم ما زالوا على تكذيبهم .
ثم قال تعالى : (( فحق عقاب )) يؤخذ منها فائدة وهو شدة هذه العقوبة لأن الله أضافها على نفسه وقد قال سبحانه وتعالى عن نفسه : (( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) نعم .
فوائد قول الله تعالى : (( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق )) .
ثم قال تعالى : (( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق )) في هذا أشد التهديد للمكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولازم ذلك إثبات رسالته صلى الله عليه وسلم، ووجهه أن الله توعد المكذبين له ولولا أن رسالته لكان الوعيد عليه هو كما قال تعالى : (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )) الله أكبر شفت الآيات، بهذه الشدة بهذا الأسلوب الشديد للرسول عليه الصلاة والسلام (( لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ )) بالقوة (( ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )) حتى لا يبقى به حياة (( الوتين )) عرق متصل بالقلب لو قطع مات الإنسان فوراً (( فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )). هذا وهو الرسول صلى الله عليه وسلم لو تقول على الله كلمة واحدة لأخذه بالله باليمين فكيف بالذين يتقولون على الله كلمات ولا يبالون أن يقولوا : قال الله وهو لم يقل ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله من ورعه لا يمكن أن يقول : هذا حرام إلا إذا كان نص على تحريمه وإلا تجده يقول : أكره هذا أو لا يعجبني أو لا يفعل أو تركه أحب إلي أو ما أشبه ذلك. ولكن ما شاء الله كان إماماً صار الناس يتداولون هذه الكلمات ويحللونها هل إذا قال : يعجبني يعني التحريم أو يعني الكراهة ؟ ثم بدأ الناس يتلقون كلامه كأنه كلام رسول يحللونه لأنه رحمه الله خاف الله واتقى الله فجعل الله لكلماته نوراً بخلاف الآن ليقولون ما شاء الله : الإسلام يحرم كذا وكذا فإذا رأيت الإسلام يحلل يمكن يوجده بعض الأحيان وهذا يقول حرم ، الإسلام يتكلم واحد معرض للخطأ باسم الإسلام أنت لو قلت : أرى أنه حرام ، قلنا : هذا رأيك وممكن تخطئ وتصيب أما أن تقول : الإسلام وقال الإسلام وفعل الإسلام نعم هذه خطيرة يا جماعة لأن أعداء المسلمين يتآخذوا مثل هذا ويقولون : هذا الإسلام وكانت تخالف الإسلام، أخذوا من هذا قدحاً في الإسلام والإسلام بريء منه. لكن بعض الناس سبحان الله العظيم يجعل لنفسه منصباً عالياً فوق مستواه. طيب، إذاً نعود إلى هذا نقول : في هذا إثبات إيش ؟ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه أن الله توعد المكذبين له ولو كانت غير رسول لكان الوعيد على من إيش ؟ عليه هو، والدليل قوله : (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ )) .
ومن فوائد هذه الآية : تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه إذا قيل له : سنهلك أعدائك سوف يتسلى ، نعم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن العذاب إذا أخذهم فإنه لن يرجع ولن يتأخر، أي لن يرجع ولن يتأخر، قال الله تعالى : (( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ))[غافر:85]. طيب، ثم قال تعالى : (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ )) هذا أخذنا هذا ، وقفنا عليه .
ومن فوائد هذه الآية : تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه إذا قيل له : سنهلك أعدائك سوف يتسلى ، نعم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن العذاب إذا أخذهم فإنه لن يرجع ولن يتأخر، أي لن يرجع ولن يتأخر، قال الله تعالى : (( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ))[غافر:85]. طيب، ثم قال تعالى : (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ )) هذا أخذنا هذا ، وقفنا عليه .
تتمة تفسير قول الله تعالى : (( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب )) .
طيب (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ )) لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوعدهم بعذاب يوم القيامة سخروا من هذا (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا )) يعني عجل لنا نصيبنا من العذاب، يقولون هذا استهزاءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وسخرية به، قال : " قالوا ذلك استهزاءً .
تفسير قول الله تعالى : (( اصبر على ما يقولون ... )) .
فقال الله تعالى : (( اصبر على ما يقولون )) ".
هم في قولهم : (( ربنا عجل لنا قطنا )) يريدون بذلك مضايقة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يضجر ويتعب نفسياً وفكرياً وربما جسمياً. ولا شك أن هذا يؤذي الداعية ، أنت لو دعوت إلى الله وقام واحد وقال : هذا الذي تتوعدنا به يالله هاته عجل لنا، تضيق بهذا ولا لا ؟ لا شك أنك تضيق. فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر لولا أن الله تعالى يصبره بالآيات (( اصبر )) (( اصبر )) ما صبر، لكن الرب عز وجل يصبره شرعاً ويعينه على ذلك قدراً ، يصبره شرعاً بالأمر (( اصبر )) (( اصبر )) ويعينه على ذلك قدراً فقد صبر النبي صلى الله عليه وسلم صبراً لا يصبره أحد (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ ))[الأحقاف:35] والعجيب أن من صبره أنه صبر حين المقدرة عليهم صبر ، صبر على العذاب الذي يكون بيده وعلى العذاب الذي يكون من عند الله ، صبر على العذاب الذي يكون بيده حين فتح مكة و وقف على باب الكعبة وقريشاً تحتها ويقول : ( يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )، في هذا الحال يستطيع أن يبطش بهم ولا لا ؟ يستطيع كلهم أذلة بين يديه لكن قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ). بل قال قبل ذلك : ( من دخل داره فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) زعيمهم كل هذا من باب العفو والتسامح مع المقدرة .
أما عفوه وتسامحه مع المقدرة بأمر يوقعه الله سبحانه وتعالى فيهم فإنه لما رجع من الطائف بعدما فعل به أهل الطائف ما فعلوا أرسل الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال وقال : " إن الله يقرئك السلام وهذا ملك الجبال يفعل ما تأمر به " فقال له ملك الجبال : " إن شئت أن أطبق الأخشبين عليهم فعلت " ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أبى قال : ( أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به ). اللهم صل وسلم عليه ، انظر إلى العفو وإلى النظر البعيد فأخرج الله ولله الحمد من أصلاب هؤلاء من عبد الله ولم يشرك به وكانوا أئمة يهدون بأمر الله. فالنبي عليه الصلاة والسلام يجد المضايقات العظيمة من قريش لكنه يصبر ، يصبر على كل أذى ولهذا قال الله له : (( اصبر على ما يقولون )) من أقول الاستهزاء والسخرية والكذب قالوا : إنه ساحر مجنون كذاب كاهن ولكنه يصبر. صبر على ما يقولون وصبر على ما يفعلون أيضاً ماذا فعلوا به ؟ أعظم شيء علمت به أنه كان ذات يوم ساجداً تحت الكعبة في آمن مكان وأعظمه حرمة وأقرب ما يكون من ربه ساجد لله وكان حوله ملأ من قريش، فقالوا : من ينتدب لنا يأتي بسلا جذور بني فلان يضعه على محمد وهو ساجد فانتدب أشقاهم وذهب وأتى بسلا الجذور ووضعه على ظهره، دم وروث وقذر ونجاسة على ظهره وهو ساجد ولكنه لم يقم من السجود حتى جاءت ابنته فاطمة وهي صغيرة فأزاحته عنه فقام صلى الله عليه وسلم. هذا لا يستطيع أن يتصور فداحة الأذى والعياذ بالله ثم لما فرغ من الصلاة دعا الله عليهم فأجاب الله دعوته وعذبهم بيده وسحبوا في قليب بدر في غزوة بدر جثثاً ممتنة خبيثة، وطرحوا في أحد الآبار هنالك ، اللهم انصر الحق أينما كان يارب العالمين ، هذا آخر .
الطالب : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ * اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاق * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ * وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ )) .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أظن أننا لم نكمل الفوائد
الطالب : .....
الشيخ : الفوائد كملناها .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ )) الخطاب في قوله : (( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ )) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره الله أن يصبر على ما يقول له أعداءه مما يتعلق بجانب الرب عز وجل من إنكار توحيده ومما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم من وصفه بأنه كذاب وساحر ومجنون ومما يتعلق بأصحابه. كل ما يقولون مما يسوء الرسول صلى الله عليه وسلم أمره الله تعالى أن يصبر عليه وكذلك أيضاً يصبر على ما يفعلون لأن أذية المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم كانت بالقول وبالفعل جمعاً وإفراداً. والصبر حبس النفس عما لا يجوز في مقابلة البلية والمصيبة وقد قسم العلماء رحمه الله الصبر إلى ثلاثة أقسام فقالوا : صبر على أقدار الله المؤلمة وصبر عن محارم الله وصبر على طاعة الله وهذا الأخير هو أعلى أنواع الصبر لأن الصبر الأول صبر قهري ، الصبر على المصائب صبر قهري لأن المصائب لم تقع باختيارك وإنما هي بغير إرادتك فأنت أمامها إما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسلو سلو البهائم ، وصبر عن محارم الله أيضاً دون الصبر على أوامر الله وذلك أن الصبر على محارم الله ليس فيه إلا كف النفس فقط والكف أسهل من الفعل ، أما الصبر على الطاعة فهو أعلاها لأن فيه صبراً على كف النفس وعلى فعلها ، على كف النفس يكفها على ترك هذا المأمور به ، وعلى الفعل يرغمها على أن تفعل، لهذا قال أهل العلم : إن الصبر على أوامر الله أفضل من الصبر عن نواهي الله ، والصبر عن نواهي الله أفضل من الصبر على أقدار الله المؤلمة ، ومن ثم لو سألنا سائل أيهما أعلى مقاماً وأفضل صبر يوسف على الحبس أو صبره عن فعل الفاحشة في امرأة العزيز ؟ الثاني صبره على الفاحشة أعظم وأعلى مرتبة .
قال : (( اصبر على ما يقولون ))، ما يقولون فيمن ؟ في الله كيف في الرسول يا خالد ؟ في الله أولاً لأن الكلام هنا كل السورة من أولها إلى هذا في إنكار ألوهية الله أو توحيد ألوهية الله ، ما يكون في ألوهية الله وفي الرسول وفيما جاء به وفي أصحابه .
هم في قولهم : (( ربنا عجل لنا قطنا )) يريدون بذلك مضايقة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يضجر ويتعب نفسياً وفكرياً وربما جسمياً. ولا شك أن هذا يؤذي الداعية ، أنت لو دعوت إلى الله وقام واحد وقال : هذا الذي تتوعدنا به يالله هاته عجل لنا، تضيق بهذا ولا لا ؟ لا شك أنك تضيق. فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر لولا أن الله تعالى يصبره بالآيات (( اصبر )) (( اصبر )) ما صبر، لكن الرب عز وجل يصبره شرعاً ويعينه على ذلك قدراً ، يصبره شرعاً بالأمر (( اصبر )) (( اصبر )) ويعينه على ذلك قدراً فقد صبر النبي صلى الله عليه وسلم صبراً لا يصبره أحد (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ ))[الأحقاف:35] والعجيب أن من صبره أنه صبر حين المقدرة عليهم صبر ، صبر على العذاب الذي يكون بيده وعلى العذاب الذي يكون من عند الله ، صبر على العذاب الذي يكون بيده حين فتح مكة و وقف على باب الكعبة وقريشاً تحتها ويقول : ( يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )، في هذا الحال يستطيع أن يبطش بهم ولا لا ؟ يستطيع كلهم أذلة بين يديه لكن قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ). بل قال قبل ذلك : ( من دخل داره فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) زعيمهم كل هذا من باب العفو والتسامح مع المقدرة .
أما عفوه وتسامحه مع المقدرة بأمر يوقعه الله سبحانه وتعالى فيهم فإنه لما رجع من الطائف بعدما فعل به أهل الطائف ما فعلوا أرسل الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال وقال : " إن الله يقرئك السلام وهذا ملك الجبال يفعل ما تأمر به " فقال له ملك الجبال : " إن شئت أن أطبق الأخشبين عليهم فعلت " ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أبى قال : ( أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به ). اللهم صل وسلم عليه ، انظر إلى العفو وإلى النظر البعيد فأخرج الله ولله الحمد من أصلاب هؤلاء من عبد الله ولم يشرك به وكانوا أئمة يهدون بأمر الله. فالنبي عليه الصلاة والسلام يجد المضايقات العظيمة من قريش لكنه يصبر ، يصبر على كل أذى ولهذا قال الله له : (( اصبر على ما يقولون )) من أقول الاستهزاء والسخرية والكذب قالوا : إنه ساحر مجنون كذاب كاهن ولكنه يصبر. صبر على ما يقولون وصبر على ما يفعلون أيضاً ماذا فعلوا به ؟ أعظم شيء علمت به أنه كان ذات يوم ساجداً تحت الكعبة في آمن مكان وأعظمه حرمة وأقرب ما يكون من ربه ساجد لله وكان حوله ملأ من قريش، فقالوا : من ينتدب لنا يأتي بسلا جذور بني فلان يضعه على محمد وهو ساجد فانتدب أشقاهم وذهب وأتى بسلا الجذور ووضعه على ظهره، دم وروث وقذر ونجاسة على ظهره وهو ساجد ولكنه لم يقم من السجود حتى جاءت ابنته فاطمة وهي صغيرة فأزاحته عنه فقام صلى الله عليه وسلم. هذا لا يستطيع أن يتصور فداحة الأذى والعياذ بالله ثم لما فرغ من الصلاة دعا الله عليهم فأجاب الله دعوته وعذبهم بيده وسحبوا في قليب بدر في غزوة بدر جثثاً ممتنة خبيثة، وطرحوا في أحد الآبار هنالك ، اللهم انصر الحق أينما كان يارب العالمين ، هذا آخر .
الطالب : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ * اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاق * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ * وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ )) .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أظن أننا لم نكمل الفوائد
الطالب : .....
الشيخ : الفوائد كملناها .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ )) الخطاب في قوله : (( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ )) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره الله أن يصبر على ما يقول له أعداءه مما يتعلق بجانب الرب عز وجل من إنكار توحيده ومما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم من وصفه بأنه كذاب وساحر ومجنون ومما يتعلق بأصحابه. كل ما يقولون مما يسوء الرسول صلى الله عليه وسلم أمره الله تعالى أن يصبر عليه وكذلك أيضاً يصبر على ما يفعلون لأن أذية المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم كانت بالقول وبالفعل جمعاً وإفراداً. والصبر حبس النفس عما لا يجوز في مقابلة البلية والمصيبة وقد قسم العلماء رحمه الله الصبر إلى ثلاثة أقسام فقالوا : صبر على أقدار الله المؤلمة وصبر عن محارم الله وصبر على طاعة الله وهذا الأخير هو أعلى أنواع الصبر لأن الصبر الأول صبر قهري ، الصبر على المصائب صبر قهري لأن المصائب لم تقع باختيارك وإنما هي بغير إرادتك فأنت أمامها إما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسلو سلو البهائم ، وصبر عن محارم الله أيضاً دون الصبر على أوامر الله وذلك أن الصبر على محارم الله ليس فيه إلا كف النفس فقط والكف أسهل من الفعل ، أما الصبر على الطاعة فهو أعلاها لأن فيه صبراً على كف النفس وعلى فعلها ، على كف النفس يكفها على ترك هذا المأمور به ، وعلى الفعل يرغمها على أن تفعل، لهذا قال أهل العلم : إن الصبر على أوامر الله أفضل من الصبر عن نواهي الله ، والصبر عن نواهي الله أفضل من الصبر على أقدار الله المؤلمة ، ومن ثم لو سألنا سائل أيهما أعلى مقاماً وأفضل صبر يوسف على الحبس أو صبره عن فعل الفاحشة في امرأة العزيز ؟ الثاني صبره على الفاحشة أعظم وأعلى مرتبة .
قال : (( اصبر على ما يقولون ))، ما يقولون فيمن ؟ في الله كيف في الرسول يا خالد ؟ في الله أولاً لأن الكلام هنا كل السورة من أولها إلى هذا في إنكار ألوهية الله أو توحيد ألوهية الله ، ما يكون في ألوهية الله وفي الرسول وفيما جاء به وفي أصحابه .
تفسير قول الله تعالى : (( ... واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب )) .
(( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود )) أذكر يحتمل أن يكون من الذكر أي الإخبار عن حاله أي أذكر للناس قصة داود. ويحتمل أن اذكر بمعنى تذكر ، تذكر داود. وإذا كان اللفظ يحتمل معنيين لا يتنافيان فالقاعدة التفسيرية أن يحمل عليهما جميعاً لأنه كلما كان دلالة الآية أشمل وأعم كان أولى. طيب (( اذكر عبدنا داود )) (( عبدنا )) وصف الله داود بالعبودية وهذه أخص أنواع العبودية لأن العبودية إما عامة وإما خاصة وإما خاصة الخاصة فوصف الرسل بالعبودية وصف خاصة الخاصة و وصف المؤمنين بالعبودية خاصة و وصف عموم الناس بالعبودية عامة وعليه فقوله تعالى : (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا )) عامة وقوله : (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا )) خاصة، وقوله : (( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ )) هذه خاصة الخاصة . طيب، وقوله : (( داود )) هو من أنبياء بني إسرائيل وهو قبل موسى أو بعده ؟ بعده، الدليل (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا )) وفي أثناء القصة قال : (( وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ )) إذاً فهو من بني إسرائيل من بعد موسى. قال : (( داود ذا الأيد )) نسأل أصحاب الأجرومية لماذا قال : (( ذا الأيدي )) ولم يقل : (( ذو الأيدي )) ؟ أنت .
الطالب : بدل .
الشيخ : أو صفة .
الطالب : أو صفة عبدنا و الصفة تتبع الموصوف .
الشيخ : يعني (( عبدنا )) موصوف فإذا كان موصوف فالصفة تتبع الموصوف ، تكون منصوبة بالألف نيابة عن الفتحة . طيب.
الطالب : بدل .
الشيخ : أو صفة .
الطالب : أو صفة عبدنا و الصفة تتبع الموصوف .
الشيخ : يعني (( عبدنا )) موصوف فإذا كان موصوف فالصفة تتبع الموصوف ، تكون منصوبة بالألف نيابة عن الفتحة . طيب.
التعليق على تفسير الجلالين : قال تعالى : (( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد )) أي القوة في العبادة : كان يصوم يوما ويفطر يوما ويقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه (( إنه أواب )) رجاع إلى مرضاة الله .
(( ذا الأيد )) قال المؤلف : " أي القوة ". إذاً فالأيد ليس جمع يد بل هي مفرد مصدر آد، يئيد، أيداً ونظيره في التصريف باع يبيع بيعاً وكال يكيل كيلاً ، ونال لا نال ينال ليست كإياها . طيب إذاً الأيد القوة ونظيرها قوله تعالى : (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ )) أي بقوة (( ذا الأيد )) أي القوة في العبادة وينبغي أن يقال: أي القوة مطلقاً في العبادة وغير العبادة حتى في ملكه لأنه قال في هذه الآيات : (( وشددنا ملكه )) فهو ذو أيدٍ في كل ما تكون القوة فيه صفة مدح. (( ذا الأيد )) إذاً نقول : الأيد الأولى أن نجعلها عامة في كل ما تكون القوة فيه صفة مدح لأن المقام مقام مدح لداود ولهذا أمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يذكره ، (( ذا الأيد )) أي القوة في العبادة كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويقوم نصفه وينام ثلثه ويقوم ، خلاص فيها انقلاب عن المؤلف كان يصوم يوماً ويفطر يوماً صح يصوم يوماً ويفطر يوماً هكذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة عبد الله بن عمرو بن العاص وكان يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه ، هذا عكس ما جاء في الحديث ، في الحديث كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، فالعبارة فيها انقلاب عن المؤلف. كان عليه الصلاة والسلام ينام نصف الليل ليعطي نفسه حظها من الراحة وليجدد نشاطه لأن في النوم فائدتين للجسم :
الفائدة الأولى : قطع التعب السابق والاستراح منه كما قال الله تعالى : (( وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ))[النبأ:9] أي قطعاً لما حصل من المشقة والتعب واستعداد الجسم للقوة في المستقبل. ولهذا إذا نام الإنسان وهو مشتهٍ للنوم ثم قام وجد نفسه نشيطاً طيب. فكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه لأجل أن يعطي نفسه راحتها من تعب قيام الليل وهكذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل فكان لا تلفيه السحر إلا نائما عليه الصلاة والسلام يعني غالب أحيانه صلى الله عليه وسلم ينام في آخر الليل. يقول : (( إنه أواب )) الجملة استئنافية لبيان حال داود أنه قوي وأنه رجاع إلى الله سبحانه وتعالى ، رجاع إلى الله كلما حدثته نفسه بالكسل عاد فنشط، كلما حصل منه زلة عاد فتاب إلى الله عز وجل ، والأواب صيغة مبالغة من آب يؤوب واسم الفاعل آيبٌ وصيغة المبالغة أواب قال المؤلف : " رجاع إلى مرضات الله " .
الفائدة الأولى : قطع التعب السابق والاستراح منه كما قال الله تعالى : (( وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ))[النبأ:9] أي قطعاً لما حصل من المشقة والتعب واستعداد الجسم للقوة في المستقبل. ولهذا إذا نام الإنسان وهو مشتهٍ للنوم ثم قام وجد نفسه نشيطاً طيب. فكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه لأجل أن يعطي نفسه راحتها من تعب قيام الليل وهكذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل فكان لا تلفيه السحر إلا نائما عليه الصلاة والسلام يعني غالب أحيانه صلى الله عليه وسلم ينام في آخر الليل. يقول : (( إنه أواب )) الجملة استئنافية لبيان حال داود أنه قوي وأنه رجاع إلى الله سبحانه وتعالى ، رجاع إلى الله كلما حدثته نفسه بالكسل عاد فنشط، كلما حصل منه زلة عاد فتاب إلى الله عز وجل ، والأواب صيغة مبالغة من آب يؤوب واسم الفاعل آيبٌ وصيغة المبالغة أواب قال المؤلف : " رجاع إلى مرضات الله " .
7 - التعليق على تفسير الجلالين : قال تعالى : (( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد )) أي القوة في العبادة : كان يصوم يوما ويفطر يوما ويقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه (( إنه أواب )) رجاع إلى مرضاة الله . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق )) .
ثم ذكر الله تعالى ما من به عليه فقال : (( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ )) بتسبيحه. (( إنا سخرنا الجبال )) أي ذللناها والله سبحانه وتعالى يذل له كل شيء. فسخر له الجبال أي ذللها حتى تسبح بتسبيح داود وهي أي الجبال تسبح تسبيحاً مطلقاً وهذا التسخير العام وتسبح تسبيحاً خاصاً كما أمرت أن تسبح مع داود عليه الصلاة والسلام وإلا فهي تسبح تسبيحاً عاماً مطلقاً كما قال الله تعالى : (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ))[الإسراء:44] معناه يا خالد (( إن من شيء إلا يسبح بحمده )) "ان" أي ما من شيء إلا يسبح بحمده (( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )). أما التسبيح الذي سخر الله الجبال عليه مع داود فهو تسبيح خاص.
التعليق على تفسير الجلالين : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن )) بتسبيحه (( بالعشي )) وقت صلاة العشاء (( والإشراق )) وقت صلاة الضحى : وهو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوؤها .
(( إنا سخرنا الجبال )) جمع جبل وهو معروف (( معه )) أي مع داود يسبحن بتسبيحه (( بِالْعَشِيِّ )) وقت صلاة العشاء (( وَالإِشْرَاقِ )) وقت الضحى ، طيب قوله : (( يسبحن بالعشي )) الباء عنا ظرفية بمعنى في ، لكن يظهر والله أعلم أنه إذا أريد بالظرفية استيعاب الوقت أتي بدل في بالباء لأن الباء تدل على الاستيعاب والإحاطة كما في قوله تعالى : (( وليطوفوا بالبيت )) وكما قال : (( فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ))[البقرة:158] ولهذا لا بد من استيعاب البيت بالطواف واستيعاب ما بين الصفا والمروة بالسعي. إذاً الباء هنا للظرفية لكنها جاءت مكان في للدلالة على الاستيعاب يعني كل العشيء وقال المؤلف : (( العشي )) " وقت صلاة العشاء " هذا فيه نظر والصحيح أن المراد بالعشي آخر النهار، (( يسبحن بالعشي )) كما قال تعالى : (( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )) فالمراد بالعشي آخر النهار وفي حديث أبي هريرة المشهور بحديث ذي اليدين قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي يعني الظهر أو العصر ) ، (( والإشراق )) قال : " وقت الضحى " وهو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوءها ، هناك إشراق وهناك شروق ، وبينهما فرق فالشروق ظهور الشمس يقال : شرقت الشمس يعني ظهرت ، والإشراق ارتفاع الشمس حتى يصفو ضوءها وتكون بيضاء. فالإشراق معناه دخول الشمس في الإشراق يعني في الإضاءة الكاملة البيضاء والشروق إيش ؟ ظهور الشمس فإذا طلع حاجب الشمس من المشرق يقال له : شروق ، وإذا ارتفعت حتى زالت حمرتها أو صفرتها يقال : إشراق. (( يسبحن بالعشي والإشراق )) أي بعد أن ترتفع الشمس ويحسن ضوءهاً .
9 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن )) بتسبيحه (( بالعشي )) وقت صلاة العشاء (( والإشراق )) وقت صلاة الضحى : وهو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوؤها . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( و )) سخرنا (( الطير محشورة )) مجموعة إليه تسبح معه (( كل )) من الجبال والطير (( له أواب )) رجاع إلى طاعته بالتسبيح .
وسخرنا أيضاً (( الطير محشورة )) أفادنا المؤلف بقوله : (( وسخرنا الطير )) أن الطير معطوفة على الجبال ، (( وسخرنا الجبال )) يعني (( وسخرنا الطير )) وليست معطوفة على الضمير المستتر في قوله : (( يسبحن)) على أنها مفعول معها يعني قد يقول قائل : (( يسبحن والطير )) نعم كقوله : (( يا جبال أوبي معه والطير )) ، فالمؤلف رحمه الله بتقدير سخرنا أن الطير معطوفة على الجبال وقوله : (( محشورة )) منصوبة على الحال يعني و الطير حال كونها محشورة ، فإذا قال قائل : لماذا لا تجعلونها صفة للطير يا عبد المنان ؟ لماذا ؟
الطالب : .....
الشيخ : إي وهذه تابعة (( الطير )) منصوبة وهذه (( محشورة )) منصوبة .
الطالب : .....
الشيخ : إذاً لماذا ؟ إذاً تنازلت الآن من كونها واجبة أن تكون حالا إلى كونها أفضل فلماذا فضلت ؟
الطالب : .....
الشيخ : أفضل يعني ما هي بواجبة ، الأفضلية لا تدل على الوجوب ، طيب .
الطالب : ..... وهنا (( محشورة )) نكرة ، و (( الطير )) معرفة بالألف .
الشيخ : صحيح أي نعم ، الذي يمنع من أن تكون صفة لأنها لم توافق الموصوف في التعريف كذا ، طيب. (( والطير محشورة كل )) نعم يقول المؤلف : " مجموعة إليه تسبح معه " . طيب. لو قال قائل : أليست الحال صفة ؟
الطالب : نعم صفة .
الشيخ : طيب ليش ما تقولون (( محشورة )) صفة للـ (( الطير )) ؟ نقول : هي صفة في المعنى ، الحال صفة في المعنى والخبر خبر المبتدأ صفة في المعنى وما يعرف بالنعت عند النحويين صفة أيضاً لكن لا يلزم من الصفة في المعنى أن تكون صفة له في اللفظ . قال :" (( كل )) من الجبال والطير (( له أواب )) رجاع إلى طاعته بالتسبيح" ، قوله : (( كل )) له هذه منونة تنويناً يسمى تنوين العوض، كل وبعض تنوينهما تنوين العوض وذلك لأنه لا بد من إضافة ولكن قد يحذف المضاف إليه ويعوض عنه التنوين ، فمثل (( كلٌ )) التقدير بدون قطع الإضافة كلهم له أي الجبال والطير أو كلهن لانها لا تعقل ،كلهن له اواب فحذف المضاف إليه و عوض عن التنوين. قال المؤلف : " من الجبال والطير " هذه بيان للمضاف إليه يعني لها تقدير كلهن أي الجبال والطير له ، لمن ؟ لداود. (( أواب )) رجاع إلى طاعته بالبسبيح ويحتمل أن يكون رجاع بمعنى أن هذه الطيور تذهب وتتعيش ثم ترجع لأجل أن تأوب معه والسياق لا يمنعه فيكون (( كل )) من الجبال والطير أواب لداود بمعنى مطيع له و بمعنى آخر بالنسبة للطير أنها ترجع إليه بعد أن تذهب لتقوم بقوتها ثم تعود إليه (( كل له أواب )) .
الطالب : .....
الشيخ : إي وهذه تابعة (( الطير )) منصوبة وهذه (( محشورة )) منصوبة .
الطالب : .....
الشيخ : إذاً لماذا ؟ إذاً تنازلت الآن من كونها واجبة أن تكون حالا إلى كونها أفضل فلماذا فضلت ؟
الطالب : .....
الشيخ : أفضل يعني ما هي بواجبة ، الأفضلية لا تدل على الوجوب ، طيب .
الطالب : ..... وهنا (( محشورة )) نكرة ، و (( الطير )) معرفة بالألف .
الشيخ : صحيح أي نعم ، الذي يمنع من أن تكون صفة لأنها لم توافق الموصوف في التعريف كذا ، طيب. (( والطير محشورة كل )) نعم يقول المؤلف : " مجموعة إليه تسبح معه " . طيب. لو قال قائل : أليست الحال صفة ؟
الطالب : نعم صفة .
الشيخ : طيب ليش ما تقولون (( محشورة )) صفة للـ (( الطير )) ؟ نقول : هي صفة في المعنى ، الحال صفة في المعنى والخبر خبر المبتدأ صفة في المعنى وما يعرف بالنعت عند النحويين صفة أيضاً لكن لا يلزم من الصفة في المعنى أن تكون صفة له في اللفظ . قال :" (( كل )) من الجبال والطير (( له أواب )) رجاع إلى طاعته بالتسبيح" ، قوله : (( كل )) له هذه منونة تنويناً يسمى تنوين العوض، كل وبعض تنوينهما تنوين العوض وذلك لأنه لا بد من إضافة ولكن قد يحذف المضاف إليه ويعوض عنه التنوين ، فمثل (( كلٌ )) التقدير بدون قطع الإضافة كلهم له أي الجبال والطير أو كلهن لانها لا تعقل ،كلهن له اواب فحذف المضاف إليه و عوض عن التنوين. قال المؤلف : " من الجبال والطير " هذه بيان للمضاف إليه يعني لها تقدير كلهن أي الجبال والطير له ، لمن ؟ لداود. (( أواب )) رجاع إلى طاعته بالبسبيح ويحتمل أن يكون رجاع بمعنى أن هذه الطيور تذهب وتتعيش ثم ترجع لأجل أن تأوب معه والسياق لا يمنعه فيكون (( كل )) من الجبال والطير أواب لداود بمعنى مطيع له و بمعنى آخر بالنسبة للطير أنها ترجع إليه بعد أن تذهب لتقوم بقوتها ثم تعود إليه (( كل له أواب )) .
10 - التعليق على تفسير الجلالين : (( و )) سخرنا (( الطير محشورة )) مجموعة إليه تسبح معه (( كل )) من الجبال والطير (( له أواب )) رجاع إلى طاعته بالتسبيح . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وشددنا ملكه )) قويناه بالحرس والجنود ، وكان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثون ألف رجل (( وءاتيناه الحكمة )) النبوة والإصابة في الأمور (( وفصل الخطاب )) البيان الشافي في كل قصد .
قال الله تعالى : (( وشددنا ملكه )) أي " قوينا ملكه، " (( شددنا ملكه )) أي قويناه لأن الشد يأتي بمعنى التقوية قال الله تعالى : (( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا )) أي قوية بدليل قوله : (( والسماء بنيناها بأيد )) أي بقوة. فالشد هنا بمعنى القوة أي قوينا ملكه وتقوية الملك فسرها المؤلف بقوله بالحرس والجنود وهذا لا شك نوع من التقوية أن يكون لدى الملك حراس وجنود ، الحراس هم الموالون له والجنود هم التابعون له وإن لم يوالوه ولكنهم جنود له متى أمرهم ائتمروا ، أما الحراس فهم المباشرون للملك. فالله شد ملكه بالحراس والجنود هذا وجه من شد الملك ، شد ملكه بقوة السلطان لأن السلطان إذا كان ضعيفاً مهما كان عنده من الحرس والجنود فإنه ضعيف لكن إذا أعطاه الله القوة والعزيمة وعدم المبالاة بأعدائه فهذا شد للملك . يوجد ملك عنده آلاف من الجنود والحراس لكنه ضعيف يخاف من ظله ولا يحمي حدوده هذا لا شك إنه، وإن كان عنده حراس كثيرون وجنود فإنه ملكه ضعيف لأن غاية ما ينفعه الجنود به أن يكونوا مدافعين فقط ،لكن إذا قوى الله ملكه بما عنده من قوة العزيمة والجلد والصبر والتحمل وعدم المبالاة بالأعداء ، صار حينئذ عنده قوة مهاجمة ومدافعة الأمرين جميعاً ، أما من عنده الجنود فالغالب أنه يحرس لضعفه ولا أحد يشك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أقوى الناس ملكاً لكن خلافة ، ومع ذلك هل عنده جنود يحرسونه ؟ لا ليس عنده جنود يحرسونه بل هو كان يجمع الحصباء في المسجد ويضعه رداءه عليها وينام عليها ليس عنده أحد ومع ذلك فقد حماه الله عز وجل. إذاً شد الملك ليس مقتصراً على كثرة إيش ؟ الحرس والجنود بل قد يكون في الحرس والجنود ما يؤدي إلى الضعف إذا كان الإنسان لا يقوى إلا بالحرس والجنود ولا يتحرك إلا بالحرس والجنود فهذا قد يكون دليلاً على ضعفه وخوفه وعدم أمنه ، لذلك اقتصار المؤلف رحمه الله على كثرة الحرس والجنود في شد الملك لا شك أنه ضعيف جداً و أهم شيء أن يقوى ملكه بما لديه من الشخصية و قوة العزيمة وعدم المبالاة بأعدائه ، قال : (( وشددنا ملكه )) قويناه بالحرس والجنود وكان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثون ألف رجل ، هذه إسرائيلية بلا شك لم ترد عن المعصوم وبناءً على ذلك فإن كانت قريبة من التصور فإننا لا نصدقها ولا نكذبها وإن كانت بعيدة من التصور فإننا إيش ؟ نكذبها ، البعيد عن الواقع الذي لم يرد عن المعصوم يكذب لأنه ما فيه خبر ثابت فإذا لم يكن هناك خبر ثابت رجعنا إلى تحكيم العقل فهل يعقل مثلاً أن يكون داود عنده ثلاثون ألف كل ليلة يحرسون محرابه ثلاثون ألف ؟ صعب هذا ، ما أدري كل قومه ما يجيبون ثلاثون ألف ما يبلغون ثلاثين ألف على كل حال هذا خبر إسرائيلي وأقرب ما يكون عندي أنه كذب وأنه إن صح أن عنده ثلاثين ألفاً وإن صح أن يكون عنده حرساً فليكونوا خمسة عشرة وما أشبه ذلك. نعم ثم إنه سيأتينا في القصة الخصوم الذين تسوروا المحراب هل يتسورون المحراب وحوله ثلاثون ألفاً ؟ لأنه إذا كان يحرس في الليل بثلاثين ألفاً ففي النهار يمكن بعشرة آلاف فالحاصل أن مثل هذه القصص الإسرائيلية تكون عندنا على ثلاثة أوجه : ما شهد شرعنا ببطلانه فهو باطل ، وما شهد شرعنا بصدقه فهو حق بشهادة شرعنا ، وما لم يشهد شرعنا بخلافه فإننا نرجع إلى العقل إن كان قريباً فإننا لا نصدق ولا نكذب وإن كان بعيداً فإننا نكذب لأن هذا لما انتفى فيد الدليل الشرعي نرجع فيه إلى إيش ؟ الدليل العقلي فإذا كان العقلي يستبعده أبعدناه ، نعم .
يقول : (( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )) (( آتيناه )) أعطيناه وهنا فرق بين (( آتيناه )) وأتيناه ، (( آتيناه )) بمعنى أعطيناه وتنصب مفعولين من باب كسا وأتيناه بمعنى جئناه وتنصب مفعولاً واحداً ، (( قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) إيش ؟ جئنا طائعين ، (( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ )) جئناك بالحق أما آتينا بالمد فهي بمعنى أعطى وتنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر. قال : (( آتيناه الحكمة )) هنا نصبت مفعولين : المفعول الأول : الهاء والثاني : الحكمة. وما هي الحكمة قال المؤلف : " النبوة والإصابة في الأمور ". النبوة لأن النبوة حكمة بلا شك كل نبي فإنه مؤتاً للحكمة قال الله تعالى : (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )). الإصابة في الأمور أيضاً حكمة كون الإنسان يوفق للإصابة في الأمور مثل أن يكون ذا رأي سديد فإن هذا لا شك أنه حكمة ولهذا يقال : فلان حكيم زمان أي بإصابته في الأمور وقوله : (( وفصل الخطاب )) قال :" البيان الشافي في كل قصد" ، (( فصل الخطاب )) هل المعنى أنه يفصل الخطاب الصادر من غيره بمعنى أنه يفصل بين الخصوم ما تخاطبوا فيه ؟ كما يدل عليه قوله : (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )) لأن المتخاصمين كل منهما يدلي بإيش ؟ بحجة يتكلم ويقول ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تختصمون إليً ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي وإنما أقضي بنحو ما أسمع ). إذاً (( فصل الخطاب )) يعني فصل الخطاب الحاصل من غيره يعني يفصل في خطاب الناس أو (( فصل الخطاب )) يعني خطابه هو يعني أن خطابه كان فصلاً أي ذا بيان وفصاحة ، نقول : المعنيان محتملان. فالآية تحتمل هذا وهذا وهما لا يتنافيان فيجب أن تكون الآية محمولة إيش ؟ عليها ، حتى إن بعضهم قال : إن فصل الخطاب هو قوله : أما بعد.
يقول : (( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )) (( آتيناه )) أعطيناه وهنا فرق بين (( آتيناه )) وأتيناه ، (( آتيناه )) بمعنى أعطيناه وتنصب مفعولين من باب كسا وأتيناه بمعنى جئناه وتنصب مفعولاً واحداً ، (( قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) إيش ؟ جئنا طائعين ، (( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ )) جئناك بالحق أما آتينا بالمد فهي بمعنى أعطى وتنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر. قال : (( آتيناه الحكمة )) هنا نصبت مفعولين : المفعول الأول : الهاء والثاني : الحكمة. وما هي الحكمة قال المؤلف : " النبوة والإصابة في الأمور ". النبوة لأن النبوة حكمة بلا شك كل نبي فإنه مؤتاً للحكمة قال الله تعالى : (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )). الإصابة في الأمور أيضاً حكمة كون الإنسان يوفق للإصابة في الأمور مثل أن يكون ذا رأي سديد فإن هذا لا شك أنه حكمة ولهذا يقال : فلان حكيم زمان أي بإصابته في الأمور وقوله : (( وفصل الخطاب )) قال :" البيان الشافي في كل قصد" ، (( فصل الخطاب )) هل المعنى أنه يفصل الخطاب الصادر من غيره بمعنى أنه يفصل بين الخصوم ما تخاطبوا فيه ؟ كما يدل عليه قوله : (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )) لأن المتخاصمين كل منهما يدلي بإيش ؟ بحجة يتكلم ويقول ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تختصمون إليً ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي وإنما أقضي بنحو ما أسمع ). إذاً (( فصل الخطاب )) يعني فصل الخطاب الحاصل من غيره يعني يفصل في خطاب الناس أو (( فصل الخطاب )) يعني خطابه هو يعني أن خطابه كان فصلاً أي ذا بيان وفصاحة ، نقول : المعنيان محتملان. فالآية تحتمل هذا وهذا وهما لا يتنافيان فيجب أن تكون الآية محمولة إيش ؟ عليها ، حتى إن بعضهم قال : إن فصل الخطاب هو قوله : أما بعد.
اضيفت في - 2011-05-25