تتمة تفسير قول الله تعالى : (( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه ... )) .
قال)) : ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( إلا (( أداة استثناء وما بعدها في محل نصب لأن الجملة السابقة كلام تام موجب وإذا سبق الاستثناء كلام تام موجب وجب النصب. قال ابن مالك : ما استثنت إلا مع تمام ينتصب وبعد نفي أو كان اتبعه ما اتصل
وانصب من قطع وعن تمام فيه إبدال وقع
المهم لتمام الفائدة إذا جاءت إلا بعد كلام تام موجب وجب نصب ما بعدها هذا الاستثناء ، وإذا جاءت بعد كلام تام منفي تام يعني مستكمل الفاعلة لكنه منفي جاز فيما بعدها وجهان : النصب على الاستثناء وإتباع ما بعدها لما قبلها في الإعراب ، إلا إذا كان الاستثناء منقطعاً أي أن ما بعد إلا ليس من جنس ما قبلها فيجب النصب. و إذا وقعت إلا بعد كلام منفي ناقص كانت بحسب العوامل التي قبلها إن كان العامل يقتضي رفعاً رفع ، إن كان يقتضي نصباً نصب ، إن كان يقتضي جراً جر . ونضرب لذلك أمثلة قام القوم إلا زيداً أو إلا زيد ؟ إلا زيداً بالنصب لماذا ؟ لأن الكلام تام موجب قام القوم تم الكلام ما فيه نفي موجب فتكون إلا زيداً. وإذا قلت : ما قام القوم إلا زيداً جاز في ذلك وجهان الرفع على البدل والنصب على الاستثناء فيجوز أن تقول : ما قام إلا زيدٌ ، ما قام القوم إلا زيداً ، ما قام القوم إلا بعيراً هنا يتعين النصب لأن البعير ليست من القوم ، نعم من قطع فالاستثناء منقطع فيجب النصب هنا لتعذر البدلية وعلى هذا يعني فإذا قال قائل : ما قام القوم إلا بعير قلنا : هذا خطأ لأن الاستثناء منقطع فيجب النصب. و إذا قلت : ما قام إلا زيد أو إلا زيداً ؟ زيدٌ بالرفع لماذا ؟ لأن ما قبلها ناقص منفي ، ناقص لأن الفعل لم يستكمل فاعله منفي ما قام ، فيجب أن تقول : ما قام إلا زيد طيب. ما رأيت أحداً إلا زيداً أو إلا زيدٌ أو يجوز الوجهان ؟ هذا تام منفي ما رأيت أحداً إلا زيداً يجوز الوجهان الرفع والنصب خطأ ، هذا منصوب على كل حال ويجوز الوجهان لكنه منصوب لأنك إن جعلته مستثنى فهو منصوب وإن جعلته بدلاً فهو منصوب إذاً يجوز الوجهان إعراباً أما شكلاً فلا يجوز إلا شكل واحد فهو النصب لأنك حتى إن جعلتها بدلاً ستكون منصوبة طيب. هنا )) إلا الذين آمنوا (( ينطبق على أي القواعد ما هي ؟ تام موجب كالذين إذاً في محل نصب. )) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ((آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم والعمل يطلق على القول والفعل بخلاف الفعل فإنه يطلق على فعل الجوارح والقول على قول اللسان ، وقوله ((إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( الصالحات)) هذه صفة لموصوف محذوف أي عملوا الأعمال الصالحات وجمعها باعتبار أنواع الصالحات صلاة صدقة صيام حج بر صلة أنواع كثير فلهذا جمعت ، أحياناً يقول(( عمل صالحاً))فيفرد باعتبار جنس العمل على سبيل العموم ، طيب الأعمال الصالحات قال أهل العلم : " الأعمال الصالحة ما جمعت شرطين وهما : الإخلاص لله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا صلاح مع شرك ولا صلاح مع بدعة " ، فالعمل الصالح ما جمع شرطين هما إيش ؟ الإخلاص لله ، و المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى((فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَد)) و على هذا لو سألك سائل عن رجل صلى رياءً هل عمله صالح ؟ لا ما الذي انتفي منه ؟ الإخلاص ، ولو سألك سائل عن رجل تعبد لله بما لم يشأه الله ولكنه مخلص لله بنية التقرب إليه لا يريد شيئاً من الدنيا فهل عمله صالح ؟ لا لماذا ؟ نعم لعدم المتابعة ، وقد على بطلان ما فيه الشرك آيات من القرآن متعددة و أحاديث من السنة متعددة مثل قوله صلى الله عليه و سلم عن الله تعالى في الحديث القدسي أنه قال )أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ( . و دل أيضاً على اشتراط المتابعة آيات أيضاً و أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم )من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد( أي مردود عليه .قال الله تعالى عن داود : (( وقليل ما هم )) إعرابها أن نقول : (( قليل )) خبر مقدم و (( هم )) مبتدأ مؤخر يعني وهم قليل ، و (( ما )) في قوله : (( وقليل ما )) زائدة لفظاً زائدة معنى لأن المقصود بها تأكيد القلة أي قلة قليلة من المؤمنين العاملين الصالحات ، وإذا تدبرنا الواقع وجدنا الآية منطبقة تماماً عليه فإن الله تعالى يقول يوم القيامة : (يا آدم فيقول : لبيك وسعديك فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار فيقول : يارب وما بعث النار . قال : من كل ألف تسع مائة و تسعة وتسعون) . هؤلاء كلهم في النار وواحد في الجنة إذاً القلة قليلة ولا لا ؟ قلة قليلة، واحد من الألف قليل جداً ، قال ابن القيم في النونية : " يا سلعة الرحمن ليس ينالها بالألف إلا واحد لا اثنان ". طيب إذاً نقول : إن (( الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) من بني آدم قليلون جداً يؤكد القلة قوله : (( ما )) في (( وقليل ما هم )) .
1 - تتمة تفسير قول الله تعالى : (( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه ... )) . أستمع حفظ
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ... وقليل ما هم )) ما لتأكيد القلة ، فقال الملكان صاعدين في صورتيهما إلى السماء : قضى الرجل على نفسه ، فتنبه داود . قال تعالى ؟ (( وظن )) أي أيقن (( داود أنما فتناه )) أوقعناه في فتنة : أي بلية بمحبته تلك المرأة .
ثانياً : أن داود عليه الصلاة والسلام سمع كلام الخصم و لم يستمع إلى كلام الخصم الآخر لأن القرآن ليس فيه أنه سمع لكلام الخصم الآخر.
و ثالثاً : أنه حكم و قال : (( إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ )) و الحكم قبل سماع جواب الخصم فيه شيء من التسرع ما دام الخصم حاضراً . طيب لهذا علم داود عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى ابتلاه بهذه الخصومة التي جاءت و هو يتعبد في محرابه و تسوروا عليه المحراب فاستغفر ربه و خر راكعاً و أناب ، انتهى الوقت
2 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ... وقليل ما هم )) ما لتأكيد القلة ، فقال الملكان صاعدين في صورتيهما إلى السماء : قضى الرجل على نفسه ، فتنبه داود . قال تعالى ؟ (( وظن )) أي أيقن (( داود أنما فتناه )) أوقعناه في فتنة : أي بلية بمحبته تلك المرأة . أستمع حفظ
هل يثاب المسلم إذا عمل بدعة وهو لا يعلم أنها بدعة .؟
الشيخ : أي نعم لكن قد يكون غير عالم ، أحياناً يكون غير عالم يعني ما يقول : أن هذه بدعة .
الطالب : .....
الشيخ : لا ما يثاب عليه، على العمل ما يثاب قد يثاب على نيته، أما العمل ما يثاب عليه (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) نعم.
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه ... )) .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى : (( وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ )) ولكن قبل أن نبدأ الدرس نسأل عما سبق .
قال : (( قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ )) هل الجملة يا فهد مؤكدة ؟ نعم
الطالب : باللام وقد
الشيخ : فقط بس باللام وقد يعني بمؤكدين فقط، نعم.
الطالب : مؤكدة بالقسم والتقدير والله لقد ظلمك.
الشيخ : أحسنت، نعم.
الطالب : .....
الشيخ : إي مؤكدة للقسم يعني معناه وقع في جواب القسم لا بد من القسم ، طيب ثلاثة مؤكدات.
قوله : (( بسؤال نعجتك إلى نعاجه )) إلى بمعنى إيش؟
الطالب : السؤال مضمن معنى الضم
الشيخ : السؤال مضمن معنى الضم . طيب ، قوله : (( وإن كثيراً من الخلطاء )) هل هذه من كلام الله أو من كلام دواد؟
الطالب : من كلام داود.
الشيخ : والمراد بـ (( الخلطاء )) ؟
الطالب : .....
الشيخ : نعم ، في هذه الجملة احترازان من بغي الخلطاء بعضهم على بعض، الأخ في هذه الجملة احترازان من أن يحكم على جميع الخلطاء بأنهم يبغون بعضهم على بعض؟
الطالب : استثناء المؤمنين الذين عملوا الصالحات
الشيخ : نعم ، استثناء المؤمنين الذين عملوا الصالحات، هذا احتراز.
الطالب : الاحتراز الثاني أنه قال : (( وإن كثيراً )) ولم يقل : إن جميع الخلطاء.
الشيخ : أحسنت الاحتراز الثاني أنه قال : (( وإن كثيراً )) ولم يقل : إن جميع الخلطاء.
قوله : (( وقليل ما هم )) يا هداية الله إعرابها؟
الطالب : (( هم )) مبتدأ (( وقليل )) خبر مقدم، (( هم )) مبتدأ مؤخر، و (( ما )) زائدة ..... للتقليل.
الشيخ : أحسنت.
الطالب : .....
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك، طيب قوله : (( وظن داود أنما فتناه )) الأخ، (( ظن )) بمعنى أيقن وهل يأتي الظن بمعنى اليقين؟
الطالب : نعم.
الشيخ : مثاله ؟
الطالب : قوله تعالى : (( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم )) .
الشيخ : (( وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ )) نعم، لماذا قلت إن الظن في الآية الثانية من باب اليقين؟
الطالب : .....
الشيخ : لكن لو قال باعتقال : أن الظن هنا بمعنى ..... الراجحة، أو الاحتمال الراجح.
الطالب : .....
الشيخ : لا ، لا في الآية الثانية (( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم )) .
الطالب : لا يمكن هذا لأن المؤمن لا بد أن يكون موقناً بلقاء ربه .
الشيخ : ومن لم يكن عنده فليس أهلاً للمدح لأنه كافر ، طيب أحسنت .
قوله : (( أنما فتناه )) بماذا الفتنة الأخ الذي لورائك ؟ نعم أنت .
الطالب : الفتنة هنا بمعنى الاختبار.
الشيخ : لكن على كلام المؤلف (( فتناه )) بماذا حصلت الفتنة ؟
الطالب : لأن حكم قبل أن يأخذ ....
الشيخ : لا يا أخي على كلام المؤلف ؟ نعم يا خالد .
الطالب : كلام المؤلف على الفتنة البلية وبنى على كلامه القصة التي .
الشيخ : لكن ما هي البلية التي حصلت له ؟
الطالب : القصة التي هي من بني إسرائيل .
الشيخ : لا هذا مطولة ، هي كلمة واحدة .
الطالب : عندما أراد أن يتزوج المرأة الجميلة فأرسل زوجها إلى الجهاد .
الشيخ : نعم ، هداية الله .
الطالب : على كلام المؤلف امتحنه الله بمحبته لتلك المرأة الواردة القصة الإسرائيلية .
الشيخ : أحسنت ، تمام ، إذاً الفتنة محبته لهذه المرأة على ما مشى عليه المؤلف .
4 - مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه ... )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ... فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب )) .
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فاستغفر ربه وخر راكعا )) أي ساجدا (( وأناب )).
لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه
يعني أن تركع أي تذل والدهر قد رفعه أي رفع هذا الفقير إذاً الذي عين أن يكون الركوع هنا بمعنى السجود هو قوله : (( خر راكعاً )) و لكن عبر بالركوع عن السجود لإظهار أن هذا الركوع ركوع ذل لله عز وجل ، قال : (( و أناب )) أي رجع إلى الله و الإنابة الرجوع مع الخشية فهو رجع إلى الله مع خشية الله سبحانه وتعالى.
تفسير قول الله تعالى : (( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )) .
التعليق على تفسير الجلالين : (( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى )) أي زيادة خير في الدنيا (( وحسن مئاب )) مرجع في الآخرة .
إحداهما : القرب من الله .
والثانية : حسن المآب .
في هذه الآيات التي ذكرها الله عز وجل عن داود و أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكر داود بها و لكنه أتى بها على سبيل التشويق في قوله : (( وهل أتاك )) فيها عدة فوائد ، هذا مبتدى الدرس .
الطالب : (( اصبر على ما يقولون )) .
الشيخ : نرجع إذاً من قوله تعالى : (( اصبر على ما يقولون )) ففي هذه الآيات من الفوائد في قوله : (( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ )) أولاً ، نعم نأخذ الفوائد ، يمكن أن نرجع إلى أول السورة ، شوف آخر الفوائد ، ما أخذت .
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى )) أي زيادة خير في الدنيا (( وحسن مئاب )) مرجع في الآخرة . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب )) .
أولاً : اعتراف المشركين بالربوبية لقولهم : (( ربنا عجل لنا )) وهم مقرون بالربوبية و مقرون بانفراد الله تعالى بها (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )).
و من فوائدها : أن الإقرار بالروبية لا يخرج الإنسان من الكفر إذا كان لا يقر بتوحيد الألوهية لأن هؤلاء مقرون بالربوبية و بأن الله هو الخالق و الرازق و المنفرد بالخلق و الرزق لكنهم يشركون به في العبادة يعبدون معه غيره لم يدخلهم ذلك في الإسلام.
ومن فوائدها : بطلان ما ذهب إليه كثير من المتكلمين في تفسير التوحيد حيث قالوا في تفسير التوحيد أن تؤمن بأن الله واحد في ذاته لا قسيم له واحد في أفعاله لا شريك له واحد في صفاته لا شبيه له فإن هذا فيه إنكار الألوهية يعني لم يتعرضوا للألوهية إطلاقاً. قالوا : إن الله واحد في ذاته لا قسيم له و واحد في أفعاله لا شريك له و واحد في صفاته لا شبيه له ، هذا هو التوحيد عند عامة المتكلمين ولا شك أن هذا التوحيد لم يدخل فيه توحيد الألوهية الذي جاءت به الرسل بتحقيقه وإثباته والقتال عليه . لم يقل : واحد في ألوهيته لا يعبد غيره أسقطوا هذا نهائياً و لا شك أن هذا قول باطل في أن هذا هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل بل هذا من التوحيد الذي دعت إليه الرسل و ليس هو التوحيد كله بل فيه أيضاً إجمال في قولهم : واحد في صفاته لا شبيه له فيه إجمال ولكنه ليس هذا موضع بحثي لأنه نتكلم عن التفسير . المهم أن المشركين الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم و استباح أموالهم ودمائهم ونساءهم و ذريتهم كانوا يقرون بما يدعي المتكلمون أنه هو التوحيد .
و من فوائد الآية أيضاً : استكبار هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام حيث تحدوا الرسول صلى الله عليه و سلم هذا التحدي و قالوا : (( ربنا عجل لنا قطنا )) أي نصيبنا من العذاب و هذا غاية ما يكون من الاستكبار و العناد و من فوائد الآية الكريمة : إيمانهم بيوم الحساب، من أين تؤخذ ؟
الطالب : ....
الشيخ : نعم ممكن أن نقول هذا و يمكن أن نقول : إنهم قالوا ذلك على سبيل التهكم فيكون هذا أشد في العناد والاستكبار يعني (( قبل يوم الحساب )) الذي يزعمه محمد فيكون المراد بهذا التهكم برسول الله صلى الله عليه وسلم و بما أخبر به من يوم الحساب و هذا هو الظاهر يعني كأنهم يقولون : عجل لنا نصيبنا من العذاب قبل يوم الحساب الذي يقوله هذا الرجل .
فوائد قول الله تعالى : (( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب )) .
و من فوائد الآية الكريمة : وجوب الصبر على أذى الكفار لقوله تعالى : (( اصبر على ما يقولون )) .
و من فوائد الآية الكريمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور يؤمر و ينهى و ليس رباً آمراً ناهياً و لولا أن الله أمرنا بطاعته لكان كغيره من البشر لا تجب طاعته لكنه رسول الله أمرنا الله بطاعته (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )).
و من فوائد الآية الكريمة : أن هذا القول الصادر صادر منهم جميعاً أو من أكثرهم أو من أشرافهم و وجهائهم لقوله : (( على ما يقولون )) فأضاف القول إلى الجميع فإما أن يكون الجميع كلهم يقولون هذا و إما أن يكون الأكثر يقول بذلك فنسب إلى الجميع اعتباراً بالأكثر و إما أن يكون القائل هم الأشراف و الوجهاء و المتبوعين فيكون قول هؤلاء قولاً للجميع لأن الآخرين سوف يقلدونهم .
و من فوائد الآية الكريمة : ذكر ما يتسلى به العبد و تذكيره بذلك لقوله : (( واذكر عبدنا داود )).
و من فوائدها : فضيلة داود عليه الصلاة والسلام و أنه عبد .
و من فوائدها : أن داود قوي في عبادته لقوله : (( عبدنا داود ذا الأيد )) (( ذا الأيد )) في أي شيء ؟ في هذا الوصف الذي وصفناه به و هو العبودية .
و من فوائد الآية الكريمة : الثناء على القوي في العبادة لقوله : (( عبدنا داود ذا الأيد )) أي ذا القوة في العبادة و عليه يتنزل قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) فإن المراد بالقوة هنا القوة في الإيمان لأن القوي وصف يعود على المؤمن فيكون المراد أي القوي في هذا الوصف ، و ليس قوي البدن لأن قوة البدن قد تنفع و قد تضر بخلاف قوة الإيمان فإنها نافعة لا مضرة فيها ، نعم.
و من فوائد الآية الكريمة : فضيلة داود أيضاً من جهة أخرى و هو أنه مع قوته في العبادة رجاع إلى الله من ذنبه في قوله : (( إنه أواب )) أي رجاع إلى ربه لو أذنب فإنه يرجع إليه كما تدل عليه القصة التي ستأتي.
من فوائد الآية الكريمة أيضاً : إثبات العلل والأسباب لأن الجملة في قوله : (( إنه أواب )) تعليلية لكون داود عليه الصلاة والسلام موصوفاً بالقوة و العبودية لأنه رجاع إلى الله عز وجل و كل من كان رجاعاً فسوف يكون قوياً في عبوديته .
10 - فوائد قول الله تعالى : (( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب )) .
من فوائد هذه الآية الكريمة : بيان أن الأمور كلها بيد الله لقوله : (( إنا سخرنا الجبال )) أي ذللناها و الجبال كما نعلم خلق عظيم لا يستطيع أحد أن يؤثر فيه و لكن الله تعالى بقدرته يسخرها و يذللها .
ومن فوائدها : أن للجماد إرادة من قوله : (( يسبحن )) لأن التسبيح لابد أن يكون بإرادة و يدل لذلك أيضاً قوله تعالى : (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )) و يترتب على هذه الفائدة رد قول من يقول : إن قوله تعالى : (( جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ )) فيه مجاز حيث قالوا : إنه لا إرادة للجدار و نحن نقول : بل له إرادة لأن الله تعالى أثبت له الإرادة ، طيب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن كل شيء خاضع لأمر الله الطير التي تسبح في الهواء خاضعة لأمر الله و هذا هو ما أكده الله بقوله في سورة تبارك : (( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ )).
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الجبال والطير تسبح مع داود وترجع معه لقوله : (( كل له أواب )) أي كل لداود رجاع أي مرجع معه إذا سبح سبحت الجبال إذا سبح سبحت الطيور المجموعة إليه ، و قيل : إن (( أواب )) بمعنى الرجاع ما هو المرجع ؟ الرجاع الذي يرجع إلى داود و المعنيان متلازمان لأنه إذا كان رجاعاً يرجع إلى داود ليسبح معه فهو المرجع معه على أن في الآية قولاً آخر في مرجع الضمير في قوله : (( له أواب )) فإن من أهل العلم من قال : في قوله : (( له )) يعود إلى الله و أنهم من باب الالتفات بدل أن يقول : كل لنا أواب قال : (( كل له أواب )) و لكن هذا المعنى لا يتعين، بل المعنى الأول أظهر كما مشى عليه المؤلف رحمه الله ، نعم .
الطالب : النبي صلى الله عليه و سلم أوذي....
الشيخ : هو قال : (( اصبر على ما يقولون )) قال الله تعالى أمره أن يصبر على ما يقولون في هذه السورة تعجبهم من الألوهية و قولهم : إنه ساحر كذاب هذا قول يعني كأنه ما تعرض للأذية .....
11 - فوائد قول الله تعالى : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )) .
من فوائد هذه الآية و ما بعدها أن الله سبحانه و تعالى قوى ملك داود لما ذكرنا من التقوية المعنوية و الحسية .
و من فوائدها : أن تقوية الملك من أكبر أوصاف للملك التي يتمتع بها لأن الله تعالى من بها على داود في قوله : (( وشددنا ملكه )) .
و من فوائدها : الثناء على داود بأن الله تعالى مع تقوية ملكه آتاه الحكمة في تصرفه لقوله تعالى : (( وآتيناه الحكمة )) .
و من فوائدها أيضاً : أن الله تعالى من على داود بفصل الخطاب أي الخطاب الفصل البين الذي يفصل به بين الناس و يفصل به بين الحق و الباطل و بين الضار و النافع ، المهم أنه فصل .
و من فوائد قوله تعالى : (( وهل أتاك نبأ الخصم )) إلى آخره : أن هذه القصة عجيبة و أنها مسار للعجب و لهذا شوق الله إليها بقوله : (( وهل أتاك نبأ الخصم )) .
و من فوائدها : بلاغة القرآن حيث يأتي بمثل هذه الصيغة في الأشياء التي ينبغي للإنسان أن يتشوق إليها و يهتم بها .
و من فوائدها : أن الخصم يطلق على الواحد و المتعدي اعتبارا بالمعنى فإن الجماعة إذا كانت دعواهم واحدة صاروا كأنهم رجل واحد .
و من فوائدها : أن من أتى البيوت من غير أبوابها فإن فعله هذا سبب للخوف و الفزع .